أصول علم الرجال بين النظريّة والتطبيق

محمد علي صالح المعلّم

أصول علم الرجال بين النظريّة والتطبيق

المؤلف:

محمد علي صالح المعلّم


المحقق: محمد علي صالح المعلّم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: المؤلّف
المطبعة: نمونه
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٦

على كتب الحديث ، ومن البعيد عدم عثورهما عليه ، والشيخ والنجاشي وإن ذكرا أنّ مصنّفه من أصحاب الكتب إلّا أنّهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه ، ومع ذلك فإن تتبّعه وتتبّع كتب الاصول يعطيان أنّه ليس جاريا على منوالها فإنّ أكثره بخلافها ، وإنّما تطابق روايته في الأكثر رواية العامّة ...» (١)

والكتاب محلّ خلاف ، فلابدّ من التحقيق في المقام ، فيقع البحث في جهات ثلاث :

الاولى : في الطريق إلى الكتاب.

الثانية : في المؤلّف ومن بعده.

الثالثة : في مضمون الكتاب ، وما اشتمل عليه من الروايات.

أما الجهة الاولى : فالطرق إلى الكتاب على نحو عامّ بحيث يشمل جميع روايات الكتاب خمسة :

١ ـ طريق النجاشي والشيخ ، فإنّ طريقهما واحد (٢) ، وهو : أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي محمد سهل بن أحمد بن سهل الديباجي ، عن أبي علي محمد بن محمد الأشعث بن محمد الكوفي ، عن موسى بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن جدّه موسى بن جعفر.

٢ ـ طريق أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري (٣) ، وهو : عن أبي علي محمد بن محمد بن الأشعث ، بلا واسطة.

٣ ـ ما ورد في إجازة العلامة لبني زهرة (٤) : وهو السيد ضياء الدين فضل

__________________

(١) جواهر الكلام ج ٢١ كتاب الامر بالمعروف ص ٣٩٨ الطبعة السابعة.

(٢) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ١١٠ والفهرست الطبعة الثانية ص ٣٤.

(٣) رجال الشيخ الطبعة الاولى ص ٥٠١.

(٤) البحار ج ١٠٧ ص ١٣٢ المطبعة الاسلامية.

٣٢١

الله ، عن شيخه عبد الرحيم ، عن أبي شجاع صابر بن الحسين بن فضل بن مالك ، عن أبي الحسن علي بن جعفر بن حمّاد بن واثق الصيّاد بالبحرين ، عن أبي علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي.

٤ ـ ما في نسخة المحدّث النوري (١) ، وهو : اخبرنا القاضي أمين القضاة أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد قراءة عليه ، وأنا حاضر أسمع قيل له : حدّثكم والدكم أبو الحسن علي بن محمد بن محمد والشيخ أبو نعيم محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف الجمازي ، قالا : أخبرنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن المظفّر العطّار ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عثمان المعروف بابن السقّا ، قال : أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي من كتابه في سنة ٣١٤ أربع عشرة وثلاثمائة ، قال : حدّثني أبو الحسن بن إسماعيل ... الخ

٥ ـ طريق صاحب البحار (٢) ، وهو : عن الحافظ الشيخ محمد بن محمد الجرزي الشافعي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله المقدسي ، عن سليمان بن حمزة المقدسي ، عن محمود بن إبراهيم ، عن محمد بن أبي بكر المديني ، عن يحيى بن عبد الوهّاب ، عن عبد الرحمن بن محمد ، عن أحمد بن محمد الهروي ، عن أبي أحمد ، عن عبد الله بن أحمد بن عدي.

وقال وأخبرني أيضا : أحمد بن محمد الشيرازي ، عن علي بن أحمد المقدسي عن عمر بن معمر ، عن محمد بن عبد الباقي ، عن أحمد بن علي الحافظ ، عن الحسن الحسيني الاسترابادي ، عن عبد الله بن أحمد بن عدي ، عن

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٩٣ الطبعة القديمة.

(٢) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٩٣ الطبعة القديمة.

٣٢٢

محمد بن محمد بن الأشعث ، عن موسى بن إسماعيل ... الخ (١).

هذه هي الطرق الخمسة ، فالأوّل منها ينتهي إلى سهل الديباجي ، والثاني إلى هارون بن موسى ، والثالث إلى علي بن جعفر بن حمّاد ، والرابع إلى عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عثمان المعروف بابن السقّا ، والخامس إلى عبد الله بن أحمد بن عدي ، وهي طرق عامّة شاملة لجميع روايات الكتاب ، وهناك طرق ثلاثة اخرى لا تشمل جميع روايات الكتاب ، بل خاصّة برواية أو روايتين ، أحدها ما في كتاب فلاح السائل (٢) ، وينتهي إلى أبي الفضّل (المفضّل) محمد بن عبد الله الشيباني ، عن محمد بن محمد بن الأشعث ، وهو خاصّ بحديث واحد ، والآخران ما في التهذيب (٣) والاستبصار (٤) ، وينتهيان إلى ابن هلال والقرشي ، وهو خاصّ بروايتين في التهذيب ، وبرواية واحدة في الاستبصار ، وهذه الطرق الثلاثة لا تنفع في المقام.

وأمّا حكم الطرق الخمسة فاثنان منها معتبران :

الأوّل : طريق التلعكبري ، وقد مرّ أنّ للشيخ طريقا إليه ، فإنّه شيخه.

الثاني : طريق الديباجي ، فهذا الطريق لا بأس به ، كما هو صريح النجاشي (٥) ، وابن الغضائري ، وإن ضعّفه ، وقال بأنّه يضع الحديث ، ولكن استثنى روايته للأشعثيّات وقال : لا بأس بما روى من الأشعثيّات وما يجري مجراهما ممّا رواه غيره (٦) ، والشيخ لم يتعرّض للديباجي بمدح ولا ذمّ.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٩٢ الطبعة القديمة.

(٢) فلاح السائل الفصل الثلاثون ص ٢٨٧.

(٣) تهذيب الاحكام ج ٦ باب فضل زيارة النبي (ص) ج ١ ص ٢ وباب البينات ح ٧١٠ ص ٢٦٥ الطبعة الثالثة.

(٤) الاستبصار ج ٣ باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا يجوز ج ٧٨ ص ٢٤ الطبعة الرابعة.

(٥) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٤١٩.

(٦) البحار ج ١ ص ٣٦ المطبعة الاسلامية.

٣٢٣

وأمّا الطريق الثالث : وهو الواقع في إجازة بني زهرة ، فهو مشتمل على أبي شجاع والصيّاد بالبحرين ، وكلاهما غير معروفين ، فلا يمكن الحكم باعتبار الطريق.

وأمّا الطريق الرابع ، وهو ما ذكره المحدّث النوري ، فهو طريق وجاده لا قراءة أو سماع ، فإنّ نسخة الكتاب جيء بها من الهند ، مع عدة كتب أخرى ، كما صرح بذلك وسيأتي ذكرها فلا يمكن التعويل على هذا الطريق.

وأمّا الطريق الخامس وهو طريق صاحب البحار ، فينقسم الى طريقين ينتهيان إلى واحد وكلاهما عامّيان ولم يثبت اعتبارهما.

والحاصل أنّ الكتاب معتبر بالطريقين الأوّل والثاني.

وأمّا الجهة الثانية : ففي المؤلّف ومن بعده إلى أن ينتهي إلى الامام عليه‌السلام والمؤلّف هو محمد بن محمد بن الأشعث ، ثقة كما ذكره النجاشي (١).

وأمّا إسماعيل فالظاهر أنّه من الأجلّاء ، وذلك :

أوّلا : أنّ الامام عليه‌السلام أدخله في وصيّته وصدقته ، كما روى في الكافي بسند صحيح (٢).

ثانيا : أنّ الكشّي (٣) أورد رواية مضمونها أنّه لما توفّي صفّوان بن يحيى امره الامام أبو جعفر الثاني عليه‌السلام بالصلاة عليه ، وهو من أعمام الامام الجواد عليه‌السلام.

ثالثا : إنّ الشيخ المفيد ذكر انّه من أولاد الامام موسى بن جعفر ، ولكلّ واحد من أولاده عليه‌السلام فضل ومنقبة مشهورة (٤).

وبناء على ذلك يعدّ إسماعيل حسنا بل ثقة.

وأمّا موسى حفيد الامام عليه‌السلام ، فلم ترد فيه عبارة صريحة تدلّ على توثيقه

__________________

(١) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٩٥.

(٢) الكافي ج ٧ باب ٣٥ الحديث ٨ ص ٦٢ دار التعارف للمطبوعات.

(٣) رجال الكشي ج ٢ ص ٧٩٢ مؤسسة آل البيت (ع).

(٤) الارشاد ج ٢ باب ذكر عدد اولاده وطرف من أخبارهم ص ٢٤٦ الطبعة الاولى المحققة.

٣٢٤

ومدحه ، ولكن يمكن استظهار وثاقته بما ذكره ابن الغضائري من أنّ سهل بن أحمد الديباجي ممّن يضع الحديث ، ولا بأس بما رواه من الأشعثيّات وما يجري مجراها ممّا لا ينفرد به ، حيث أنّ ابن الغضائري ممّن عرف بالقدح في الرجال ورميهم بالضعف ، والوضع ومع ذلك يقول : لا بأس بما في الأشعثيّات ، وفيه دلالة على ثبوت وثاقة موسى عنده فإنّه لم يذكر طريقا آخر غير طريق موسى بن إسماعيل ، فنفي البأس عن الكتاب من ابن الغضائري توثيق ضمني لرواته ، ولا أقل من اعتبار نفس الأشعثيّات ، هذا من جهة.

ومن جهة اخرى ذكر ابن طاووس في فلاح السائل انّه رأى وروى كتاب رواية الابناء عن الآباء تأليف محمد بن محمد بن الاشعث (١).

وقال في الإقبال في تعظيم شهر رمضان : وقد رأيت ورويت من كتاب الجعفريّات وهي ألف حديث بإسناد واحد عظيم الشأن إلى مولانا موسى بن جعفر عليه‌السلام (٢) ، وبناء على اعتبار توثيقّات ابن طاووس فهذا التعبير منه يعدّ توثيقا لموسى بن إسماعيل.

والنتيجة أنّ سند الكتاب معتبر.

وأمّا الجهة الثالثة : ففي مضمون الكتاب والكلام فيه من ناحيتين :

الأولى : أنّ هذا الكتاب الواصل إلى المحدّث النوري هل هو المقصود بالجعفريّات الذي هو محلّ الكلام؟

الثانية : انّ مناقشات صاحب الجواهر هل هي واردة أم لا؟

أمّا الناحية الثانية : فقد ظهر الجواب عن أكثرها من خلال البحث في الجهتين السابقتين.

__________________

(١) فلاح السائل ـ الفصل الثاني والعشرون ص ٢١٤.

(٢) اقبال الاعمال ص ٣ الطبعة القديمة.

٣٢٥

وأما الناحية الاولى ـ وهي المهمة في المقام ـ ، فقد ذكر المحدّث النوري انّ الكتاب قد جيء به مع كتب اخرى من الهند (١) ، ولم يقم قرائن دالة على أنّ

__________________

(١) والذي يظهر كلامه قدس‌سره ، أنّ عنده ثلاث مجموعات من الكتب والاصول ، وهي :

أ ـ المجموعة الاولى : وقد وصلت اليه من بلاد الهند ، وتشتمل على : ١ ـ كتاب الجعفريات. ٢ ـ كتاب قرب الاسناد. ٣ ـ مسائل علي بن جعفر عليه‌السلام. ٤ ـ كتاب سليم. وهي في مجلد واحد.

ب ـ المجموعة الثانية : وهي منقولة عن نسخة عتيقة ، بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي سنة ٣٧٤ ه‍ وهو نقلها عن خط الشيخ الجليل محمد بن الحسن القمي ، وتشتمل على : ١ كتاب درست. ٢ ـ أصل زيد الزراد. ٣ ـ كتاب أبي سعيد عباد العصفري. ٤ ـ كتاب عاصم بن حميد. ٥ ـ أصل زيد النرسي. ٦ ـ كتاب جعفر بن محمد بن شريح. ٧ ـ كتاب محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي. ٨ ـ كتاب عبد الملك بن حكيم. ٩ ـ كتاب مثنى بن الوليد الحناط. ١٠ ـ كتاب خلاد السدي. ١١ ـ كتاب حسين بن عثمان. ١٢ ـ كتاب عبد الله ابن يحيى الكاهلي. ١٣ ـ كتاب سلام بن ابي عمرة. ١٤ ـ نوادر علي بن اسباط.

والظاهر أن هذه المجموعة غير النسخ التي كانت عند العلامة المجلسي قدس‌سره ، ونقلها في البحار.

ج ـ المجموعة الثالثة : وهي بخط الشيخ الجليل محمد بن علي الجبائي ، وهو نقلها عن خط الشهيد قدس‌سره ، وفيها : أوراق أخرج فيها أحاديث مختصرة من الأصول التي كانت عنده ، وتشتمل هذه المجموعة على : ١ ـ كتاب الصلاة للحسين بن سعيد. ٢ ـ كتاب اسحاق بن عمار. ٣ ـ كتاب معاذ بن ثابت. ٤ ـ كتاب علي بن اسماعيل الميثمي. ٥ ـ كتاب معاوية بن حكيم. ٦ ـ كتاب ابراهيم بن محمد الاشعري. ٧ ـ كتاب فضل بن محمد الاشعري. ٨ ـ ما اختصره من كتاب الجعفريات ، ويقرب من ثلث الكتاب. ٩ ـ ما اختاره الشهيد قدس‌سره من كتاب العلاء ، وهو نقلها عن خط الشيخ الجليل أبي عبد الله محمد بن ادريس وفي آخره سقط بمقدار سطر ونصف.

وهذه المجموعة : سميت بمجاميع الشهيد الاول ، وذكر المحدث النوري قدس‌سره في أوخر الفائدة الثالثة : أنها ثلاث مجلدات ... مشتملة على رسائل مستقلة في الاحاديث والعلوم الأدبية والاشعار والاخبار المستخرجة من الأصول والحكايات والنوادر ، وقد ذكر في كثير من المواضع : تاريخ كتابتها ، وكتابة الشهيد ففي أحدها : نجز لاحدى وعشرين مضت من شهر الله رجب الاصم سنة أحدى وستين وثمانمائة ، بكرك نوح (ع) ، بقلم العبد الفقير

٣٢٦

هذا الكتاب هو نفس الكتاب المعني ، وذلك لأنّه ذكر طريقا في أوّل الكتاب وقلنا عنه : إنّه طريق وجادة لا عن قراءة أو سماع ، فمن أين حصل العلم للمحدّث النوري أنّ الكتاب هو المقصود؟ والمستفاد من كلماته أنّه اعتمد على قرائن اطمأنّ بها إلى أنّ الكتاب هو الجعفريّات ، والقرائن هي :

١ ـ أن بحوزته مجموعة شريفة بخطّ جدّ الشيخ البهائي (شمس الدين) نقلها عن خطّ الشهيد ، قال : والشهيد ينقلها بنفس السند عن محمد بن محمد بن الأشعث ... الخ (١).

وهذه المجموعة تعدل ثلث الجعفريّات الموجودة ، وذكر أنّه أنقص بعض الروايات لأنّ النسخة الواصلة ناقصة من أوّلها وآخرها ، فما كتبه يساوي الثلث ، وبضميمة أنّ للشهيد طريقا معتبرا إلى العلّامة (٢) وان لابن شهراشوب والراوندي ، والشيخ ، طرقا معتبرة ، إلى نفس الجعفريّات (٣) ، فلا إشكال من هذه الناحية ، غير أنّ الطريق من بعد الشهيد غير معلوم ، إلى أن وصلت النسخة إلى المحدّث النوري فيكون الكتاب مقطوع الطريق ، نعم المجموعة المنقولة عن خطّ الشهيد تعدّ قرينة على أنّ الكتاب هو الجعفريّات.

٢ ـ ذكر صاحب البحار أنّ كتاب النوادر للراوندي ينتهي طريقه إلى

__________________

ـ محمد بن علي بن حسن بن محمد بن صالح الجبعي اللويزاني ... من نسخة بخط الشيخ شمس الدين محمد بن مكي كتبها بالحلة سنة ست وسبعين وسبعمائة ، وهو نقل من نسخة بخط محمد بن محمد بن علي الحمداني القزويني رحمه‌الله ، وتاريخها سنة ثلاث عشر وستماءة.

لاحظ مستدرك الوسائل ج ٣ الصفحات ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، ٢٩٨ ، ٢٩٤ ، ٣٠٧ ، ٣٧٢ ، ٣٧٤ الطبعة القديمة.

(١) مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٢٩٤ الطبع القديم.

(٢) البحار ج ١٧ ص ١٩٥ المطبعة الاسلامية.

(٣) رجال الشيخ الطبعة الاولى ص ٥٠١.

٣٢٧

محمد بن محمد بن الأشعث ، وقال : إنّ أكثر روايات النوادر مأخوذة عن الجعفريّات (١) ، وبتطبيق روايات النوادر على ما جاء في الجعفريّات يكشف عن أنّ الكتاب هو نفس الجعفريّات.

٣ ـ إنّ الشهيد في كتابيه البيان والذكرى نقل أربع روايات عن الجعفريّات ، وهكذا في كتاب نكت الارشاد ، وهي موجودة في نفس الكتاب بعين اللفظ والسند (٢).

٤ ـ نقل الشيخ الصدوق في التوحيد (٣) موردا واحدا عن الجعفريّات ، وفي الأمالي موارد متعددة (٤) ، وهي بعينها موجودة في الكتاب سندا ومتنا.

فهذه القرائن تفيد أنّ الكتاب هو نفس كتاب الجعفريّات فيكون من الكتب المعتبرة ، ولذا كان محلّ اعتماد من العلماء.

وأمّا ما ذكره صاحب الجواهر ، من أنّ روايات الكتاب مطابقة لروايات العامة ، فهو صحيح في الجملة فإنّ بعض روايات الكتاب مطابقة لروايات العامة ، كما أن بعضها موافق لروايات الكافي ، وغيره من كتب الخاصة ، فعدّ الكتاب عامّيا بمطابقة بعض رواياته لما عند العامّة لا وجه له ، وموافقته لبعضها لا ضير فيه.

والخلاصّة : انّه اذا حصل الاطمئنان بالقرائن المذكورة ، كان الكتاب كسائر الكتب المعتبرة التي تعدّ من مدارك الأحكام ، ويستند إليه كما يستند إلى غيره ، كما فعله المحدّث النوري وغيره.

ومع عدم حصول الاطمئنان ، فالمقدار المنقول في كتب الشهيد ، وفي

__________________

(١) البحار ج ١ ص ٣٦ المطبعة الاسلامية.

(٢) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٩٤ الطبعة القديمة.

(٣) التوحيد ص ٢٨ ح ٢٩ الطبعة الرابعة.

(٤) أمالي الصدوق ـ المجلس الحادي والسبعون ح ٦ ، ٧ ، ٨ ص ٣٧٦ الطبعة الخامسة.

٣٢٨

التوحيد والأمالي للصدوق ، ونوادر الراوندي ، محلّ اعتماد إذا كان طريق العلّامة المجلسي إلى كتاب النوادر صحيحا ، وإلّا استثني ما في النوادر.

وأمّا الاعتماد على جميع روايات الكتاب كما هو مدّعى المحدّث النوري فمرجعه إلى الاطمئنان بكون الكتاب الواصل هو نفس الجعفريّات.

الكتاب الثاني : كتاب درست بن أبي منصور

والكلام فيه من جهات ثلاث :

الاولى : في الطريق إلى الكتاب.

والثانية : في المؤلّف.

والثالثة : في مضمون الكتاب.

امّا الجهة الاولى : فالمحدّث النوري ذكر أنّ هذا الكتاب وغيره من الكتب وصلت إلى العلّامة المجلسي (١) صاحب البحار ، وانّ العلّامة المجلسي قال انّ هذه الكتب موجودة عنده ، مصحّحة بخطّ الشيخ منصور بن الحسن (الحسين) الآبي ، وقد نقلها عن الشيخ محمد بن الحسن القمّي ، وكانت كتابتها سنة ٣٧٤ ه‍ ، وذكر أيضا أنّ هذه المجموعة بخطّ الشيخ هارون بن موسى التلعكبري ، ومنه تنتهي إلى درست بن أبي منصور بسند صحيح (٢).

فأوّل نسخة عرفت هي نسخة العلّامة المجلسي ، وقد وصلت إلى الحرّ العاملي ، وعليها خطّ المجلسي (٣) ، كما أنّ المحدّث النوري شهد على ذلك

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٩٦ الطبعة القديمة.

(٢) البحار ج ١ ص ٤٣ المطبعة الاسلامية.

(٣) الاصول الستة عشر ص ١٧٠ مطبعة الحيدري.

٣٢٩

وانّها من خطّ منصور بن الحسن (الحسين) (١) ، وذكره الشيخ منتجب الدين ووصفه بالعلم والفضل (٢) والفقه وهو ينقلها عن خطّ الشيخ محمد بن الحسن القمّي ، وهو شيخ جليل وقيل عنه : إنّه نظير ابن الوليد (٣) ، وهو من الأجلّاء والثقاة ، وينقل ذلك عن التلعكبري (٤) ، وهو من بعده ممّن وقع في السند ثقات أيضا ، فإن للنجاشي طريقين معتبرين إلى درست بن أبي منصور (٥) ، وطريق الشيخ وإن كان ضعيفا (٦) ، إلّا أنّه يمكن أن يصحّح عن طريق النجاشي من جهتين :

١ ـ من جهة الحسين بن عبيد الله فإنّه شيخهما (٧) ، ويرويان جميع رواياته.

٢ ـ من جهة ابن أبي عمير الراوي عن درست ، فإنّ الشيخ أيضا يروي جميع كتبه ورواياته بطريق صحيح (٨).

ومن مجموع ذلك لا يبعد أن يكون الطريق إلى الكتاب صحيحا لإمكان حصول الاطمئنان به.

وأمّا الجهة الثانية : فالمؤلّف لم يصرّح بتوثيقه ، كما أنّه لم يقدح فيه بشيء إلّا أنّه يمكن استظهار وثاقته بامور :

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٩٦ الطبعة القديمة.

(٢) البحار ج ١٠٥ ص ٢٦٨ الطبعة الاسلامية.

(٣) معجم رجال الحديث ج ١٦ ص ٢٨٠ الطبعة الخامسة.

(٤) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٩٦ الطبعة القديمة.

(٥) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٣٧٣.

(٦) الفهرست الطبعة الثانية ص ٩٤.

(٧) رجال الشيخ الطبعة الاولى ص ٤٧٠ ورجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ١٩٠.

(٨) الفهرست الطبعة الثانية ص ١٦٩.

٣٣٠

الأوّل : إنّ علي بن الحسن الطاطري قد روى عنه (١) ، وقد ذكر الشيخ في الفهرست انّ روايات الطاطري عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم (٢) ، فيمكن الحكم بوثاقة جميع مشايخه ، ومنهم درست (٣) ، فإنّ النجاشي ذكر أنّ الطاطري يروي عن عمّه ، عن درست ، وفي التهذيب وغيره ـ من كتب الشيخ ـ يروي عنه بلا واسطة (٤) ، فيكون درست من مشايخ الطاطري فيحكم بوثاقته ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ ما ورد في وثاقة مشايخ الطاطري مختصّ بمن ورد في كتبه لا مطلقا ، وفي الفقه دون غيره ، فيتوقف الحكم بوثاقة درست على ثبوت رواية الطاطري عنه في كتبه الفقهيّة ، وسيأتي في محله الكلام عن ذلك.

الثاني : رواية ابن أبي عمير عنه (٥) ، وهو لا يروي إلّا عن ثقة ـ كما سيأتي ـ (٦).

الثالث : انّه لم يستثن من كتاب نوادر الحكمة ، وقد استظهرنا وثاقة من وقع في المستثنى منه ـ كما مرّ ـ.

الرابع : وقوعه في إسناد تفسير علي بن إبراهيم القمّي (٧) ، فيكون مشمولا بالتوثيق العامّ.

الخامس : قال الشيخ في العدّة «ولأجل ما قلناه عملت الطائفة ... بما رواه

__________________

(١) الفهرست الطبعة الثانية ص ٩٥.

(٢) ن. ص ص ١١٨.

(٣) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٣٧٣.

(٤) تهذيب الاحكام ج ٥ باب ما يجب على المحرم اجتنابه الحديث ٦ ص ٢٧٠ دار التعارف للمطبوعات.

(٥) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٣٧٣.

(٦) ص ٢٧٥ من هذا الكتاب.

(٧) تفسير القمي ج ٢ ص ٤٢٧ الطبعة الاولى المحققة.

٣٣١

بنو فضال ، وبنو سماعة والطاطريّون (١) ـ أي لأجل انّهم ثقاة ـ فيمكن القول بشموله لجميع رواياتهم ، وقد روى الطاطريّون كتاب درست بن أبي منصور ، ولكن يمكن أن يقال على هذا الوجه : إنّ الطاطريين وإن كانوا ثقاة إلا أنهم مخالفون للحق ، وإنما عملت الطائفة برواياتهم لكونهم ثقاة ، فحالهم حال بني سماعة وبني فضّال ، والظاهر أنّ المراد رواياتهم أنفسهم ولا يشمل كلّ رواية يروونها وإن كانت مرسلة ، أو عن غير ثقة ، فلا يمكن الاطمئنان بهذا الوجه ، وفي ما تقدّم من الوجوه كفاية لاستظهار وثاقة درست.

وأمّا الجهة الثالثة : فالكتاب ليس فيه ما يخالف المذهب ، بل صرّح صاحب الوسائل بأنّه لم ير فيه شيئا منكرا إلّا موردين (٢) ويمكن حملهما على التقيّة مع موافقتهما لما في الكافي.

وبناء على ذلك فالكتاب معتبر من جهاته الثلاث.

الكتاب الثالث والرابع : كتاب زيد النرسي ، وكتاب زيد الزرّاد

ويجري في هذين الكتابين ما تقدّم في كتاب درست من جهة الطريق إلى الشيخ ، وأمّا الطريق من الشيخ إلى زيد النرسي فهو معتبر (٣) ، وكذلك من النجاشي إليه (٤).

وأمّا الطريق إلى زيد الزرّاد فهو وإن لم يكن موجودا للشيخ ، إلّا أنّه يمكن تصحيحه عن طريق النجاشي (٥) ، أو بواسطة ابن أبي عمير الواقع في طريق

__________________

(١) عدة الاصول ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٣٨١.

(٢) الاصول الستة عشر ـ الطبعة الحيدرية ص ١٧٠.

(٣) الفهرست الطبعة الثانية ص ٩٧.

(٤) رجال النجاشي الطبعة الاولى المحققة ص ٣٩٥.

(٥) ن. ص ص ٣٩٦.

٣٣٢

الكتاب (١) ، فإنّ للشيخ طريقا إلى جميع روايات ابن أبي عمير (٢) ، هذا من جهة الطريق إلى الكتابين.

وأما الكلام بالنسبة إلى المؤلّفين ، فالنرسي واقع في إسناد تفسير علي بن إبراهيم القمّي (٣) ، الا أنه جاء في التفسير بالباء لا بالنون والظاهر ان هذا تصحيف والصحيح النرسي ، مضافا إلى رواية ابن عمير عنه ، فيمكن استظهار وثاقته.

وأمّا الزرّاد فيمكن توثيقه من جهة رواية ابن عمير عنه (٤) ، فإن عدّ ذلك توثيقا ـ كما هو المختار ـ فهو ، وإلّا يبقى زيد الزرّاد من دون توثيق.

وأمّا الكلام بالنسبة إلى الكتابين ، فقد نقل الشيخ الصدوق (٥) عن شيخه ابن الوليد ، انّ الكتابين موضوعان وضعهما محمد بن موسى الهمداني ، ولكن هذه الدعوى غير صحيحة ، فإنّ ابن الغضائري مع ما عرف عنه من القدح في الرجال والكتب ، قد خطّأ ابن الوليد في دعواه ، وذكر أنه رأى كتب زيد مسموعة من محمد بن أبي عمير (٦) ، وبناء عليه فدعوى ابن الوليد غير تامّة.

والمتحصّل انّ الكتابين معتبران ...

الكتاب الخامس : كتاب أبي سعيد عبّاد العصفري

أمّا من جهة الطريق فالكلام فيه كما مرّ ، إذ ينتهي إلى التلعكبري ، وهو يروي عن محمد بن همام ، عن محمد بن أحمد بن خاقان النهدي ، عن محمد

__________________

(١) الفهرست الطبعة الثانية ص ٩٧.

(٢) ن. ص ص ١٦٩.

(٣) تفسير القمي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٦٠.

(٤) معجم رجال الحديث ج ٨ ص ٣٧٩ الطبعة الخامسة.

(٥) الفهرست الطبعة الثانية ص ٩٧.

(٦) معجم رجال الحديث ج ٨ ص ٣٧٩ الطبعة الخامسة.

٣٣٣

بن علي أبي سمينة ، عن عبّاد العصفري (١) ، وطريق النجاشي والشيخ ينتهي إلى هذا الطريق (٢) ، والكلام في من وقع بعد التلعكبري ، أمّا محمد بن همام فهو من الأجلّاء (٣) ، وأمّا محمد بن أحمد بن خاقان ، فهو وإن قال النجاشي عنه : إنّه مضطرب الحديث (٤) ، إلّا أنّ الكشّي صرّح بوثاقته (٥) ، وأمّا أبو سمينة فهو مشهور بالضعف والكذب ، وقد نفاه أحمد بن محمد بن عيسى من قم ، كما ذكر ذلك النجاشي ، والكشّي (٦) ، فالطريق إلى الكتاب ضعيف.

وأمّا من جهة المؤلّف : فالشيخ ، والنجاشي ، وإن تعرّضا له (٧) إلّا أنّهما لم يذكرا في حقّه مدحا أو ذمّا. إلّا أنّه يمكن توثيقه من جهة اخرى ، وهي وقوع عبّاد بن يعقوب في إسناد تفسير القمّي (٨) ، وهو متّحد مع العصفري على ما صرّح به النجاشي (٩) فيحكم بوثاقته وإن كان متعدّدا كما هو ظاهر عنونة الشيخ لكل منهما مستقّلا فيكون بلا توثيق.

وأمّا من جهة الكتاب ، فهو يشتمل على تسعة عشر رواية ، كلّها في فضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، وليس فيه شيء من روايات الأحكام.

والمتحصّل انّ الكتاب غير معتبر.

__________________

(١) الاصول الستة عشر الطبعة الحيدرية ص ١٥.

(٢) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ١٤٣ والفهرست الطبعة الثانية ص ١٤٦.

(٣) الفهرست الطبعة الثانية ص ١٦٧.

(٤) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٣١.

(٥) رجال الكشي ج ٢ ص ٨١٢ مؤسسة آل البيت (ع).

(٦) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢١٧ ورجال الكشي ج ٢ ص ٨٢٣ مؤسسة آل البيت (ع).

(٧) الفهرست الطبعة الثانية ص ١٤٥ ورجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ١٤٢.

(٨) تفسير القمي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٨٤.

(٩) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ١٤٢.

٣٣٤

الكتاب السادس : كتاب عاصم بن حميد

والكلام فيه من جهة الطريق إلى التعلكبري هو ما تقدّم ، ومنه إلى صاحب الكتاب ، فالمذكور فيه طريقان ينتهيان إلى مساور وسلمة (١) ، عن عاصم ، وللشيخ طريقان إلى عاصم بن حميد ، ينتهي الأوّل منهما إلى محمد بن عبد الحميد ، وسندي بن محمد ، والثاني إلى عبد الرحمن بن أبي نجران (٢) ، وللنجاشي طريق ينتهي إلى محمد بن عبد الحميد (٣) ، فتكون الطرق للكتاب خمسة : أمّا الطريقان الموجودان في الكتاب فضعيفان لعدم الدليل على اعتبارهما ، وأمّا الطريق الأوّل للشيخ فيمكن تصحيحه بواسطة حميد بن زياد ، وسلمة ، فإنّ للشيخ طريقا معتبرا إلى جميع رواياتهما وكتبهما (٤) ، وبناء على هذا فالطريق إلى الكتاب معتبر من جهة الشيخ.

وأمّا المؤلف فهو من الأجلّاء ، ثقة (٥) ، عين ، صدوق ، مضافا إلى وقوعه في إسناد تفسير القمّي (٦).

وأمّا نفس الكتاب فهو يشتمل على ثمان وتسعين رواية في فضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، وبعض الأحكام ، وليس فيه شيء منكر.

والحاصل أنّ الكتاب معتبر.

الكتاب السابع : كتاب جعفر بن محمد الحضرمي

والكلام في الطريق إلى التلعكبري كما تقدّم ، وأمّا من التلعكبري إلى

__________________

(١) الاصول الستة عشر ـ الطبعة الحيدرية ـ ص ٢١.

(٢) الفهرست الطبعة الثانية ص ١٤٦.

(٣) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ١٥٨.

(٤) الفهرست الطبعة الثانية ص ٨٥ وص ١٠٥.

(٥) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ١٥٨.

(٦) تفسير القمي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٩٧.

٣٣٥

المؤلّف ، فالموجود في الكتاب : عن محمد بن همام ، عن حميد بن زياد الدهقان ، عن أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي ، عن محمد بن المثنّى بن القاسم الحضرمي ، عن جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي (١) ، وقد ورد في الكتاب أحمد بن زياد مكان أحمد بن زيد ، وما أثبتناه هو الصحيح بدلالة ما في آخر الكتاب ، والكتابين اللذين بعده ، وأحمد بن زيد لم يرد فيه مدح ولا ذمّ.

وأمّا محمد بن المثنّى بن القاسم ، فقد وثّقه النجاشي (٢) ، وعلى هذا فالطريق غير معتبر ، وللشيخ طريق هو عين ما في الكتاب إلّا في شخص واحد هو محمد بن اميّة (٣) ، مكان محمد بن المثنّى ، وقد ذكر السيّد الاستاذ أنّ الطريق ضعيف (٤) بشخصين : أحمد بن زيد ومحمد بن اميّة ، والظاهر أنّ هذا اشتباه وقع في فهرست الشيخ ، فإنّ محمد بن اميّة لا وجود له في كتب الرجال ، والصحيح هو محمد بن المثنّى ، وعلى كلّ تقدير فالطريق إلى الكتاب ضعيف.

وأمّا المؤلّف فهو جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ، وهو وإن ذكر في كتب الرجال (٥) إلّا أنّه لم يتعرّض له بمدح ولا ذمّ ، فيحكم بجهالته ، ثم إنّه يروي عن حميد (٦) بن شعيب ، عن جابر بن يزيد وحميد بن شعيب وإن لم يرد فيه توثيق إلّا أنّه وقع في أسناد تفسير القمّي (٧) ، فيحكم بوثاقته ، وأمّا جابر فهو وإن اختلف فيه إلّا أنّ الظاهر انّه من الأجلّاء ، وسيأتي الحديث

__________________

(١) الاصول الستة عشر الطبعة الحيدرية ص ٦٠.

(٢) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٧٩.

(٣) الفهرست الطبعة الثانية ص ٦٨.

(٤) معجم رجال الحديث ج ٥ الطبعة الخامسة ص ٨٢.

(٥) الفهرست الطبعة الثانية ص ٦٨.

(٦) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٣٢٣.

(٧) تفسير القمي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٤٣.

٣٣٦

عنه (١).

وأمّا الكتاب فهو يشتمل على مائة وأربعة وعشرين رواية ، وليس فيها منكر إلّا روايتين ، ففي الاولى منهما : أنّ الله تبارك وتعالى ينزل في الثلث الباقي من الليل الى سماء الدنيا ... الخ (٢) ، ويمكن توجيهها بأنّ فيها سقطا أو تقديرا.

وفي الثانية : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع ذات يوم يديه حتى رؤي بياض ابطيه فقال : اللهمّ إنّي لا أحلّ لك مسكرا ... الخ (٣) وهو مورد للشبهة.

وأمّا بقيّة الروايات فهي في الفضائل ، والآداب والسنن ، وبعض الأحكام ، وكيف كان فالكتاب غير معتبر لضعف الطريق ، وجهالة حال المؤلّف.

ثم إنّ الذي يظهر من النجاشي (٤) أنّ لحميد بن شعيب كتابا يرويه جعفر بن محمد الحضرمي عنه ، عن جابر ، فالروايات الموجودة في هذا الكتاب عن حميد منقولة عن كتابه ، ولحميد كتابان (٥) أحدهما يرويه عبد الله بن جبلة ، وطريقه صحيح ، والآخر هو هذا ، وهو غير معتبر.

الكتاب الثامن : كتاب محمد بن المثنّى بن القاسم الحضرمي

والطريق إلى التلعكبري هو كما تقدّم ، وأمّا منه إلى المؤلّف فالموجود في الكتاب : عن محمد بن همام ، عن حميد بن زياد الدهقان ، عن أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي ، عن محمد بن المثنّى بن القاسم الحضرمي (٦) ، وفي طريق

__________________

(١) ص ٣٥٣ من هذا الكتاب.

(٢) الاصول الستة عشر مطبعة الحيدري ص ٦٩.

(٣) ن. ص ص ٧٠.

(٤) رجال النجاشي ج ١ الطبعة الاولى المحققة ص ٣٢٣.

(٥) ن. ص ص ٣٢٣.

(٦) الاصول الستة عشر مطبعة الحيدري ص ٨٣.

٣٣٧

النجاشي : حميد بن زياد ، عن أحمد بن زيد (١) ، وقد مرّ أنّ أحمد بن زيد لم يرد فيه توثيق فيكون موردا للاشكال ، إلّا أنّ أكثر هذه الروايات مرويّة عن ذريح المحاربي (٢) ، وهو من الأجلّاء (٣) ، وله كتاب يرويه عدّة من الأصحاب ، منهم ابن (٤) أبي عمير ، فيمكن أن يكون لذريح طرق متعدّدة فلا يختصّ الطريق بالموجود في الكتاب ، وعليه يمكن تصحيح الكتاب عن طريق ذريح ، فإن وجدت هذه الروايات في كتابه كان الكتاب معتبرا من هذه الجهة.

وأمّا المؤلف وهو محمد بن المثنّى فقد وثّقه النجاشي (٥) ، ووقع في إسناد تفسير القمّي (٦) ، وهو يروي عن جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ، وقد تقدّم انّه لم يرد فيه توثيق.

وأمّا الكتاب فهو يشتمل على تسع وأربعين رواية واردة في ولاية أهل البيت عليهم‌السلام ، والنتيجة انّ الكتاب غير معتبر إلّا عن طريق ذريح المحاربي.

الكتاب التاسع : كتاب جعفر بن محمد القرشي

والطريق إلى التلعكبري هو السند المتقدم ، وأمّا من التلعكبري إلى المؤلّف هو نفس ما في كتاب محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ، والإشكال فيه من جهة أحمد بن زيد.

__________________

(١) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٧٩.

(٢) الاصول الستة عشر مطبعة الحيدري.

(٣) الفهرست الطبعة الثانية ص ٩٥.

(٤) ن. ص ص ٩٥.

(٥) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٢٧٩.

(٦) تفسير القمي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ١١٢ ومعجم رجال الحديث ج ١٨ ص ١٩٢ الطبعة الخامسة.

٣٣٨

وأمّا المؤلّف : وهو جعفر بن محمد القرشي ، فغير مذكور في الكتب ، والظاهر أنّ فيه تقديما وتأخيرا ، والصحيح محمد بن جعفر القرشي الرزّاز ، وهو من مشايخ ابن قولويه (١) ، والكليني ، فيكون ثقة ، والشاهد على ذلك أنّ الحديث الثالث من الكتاب هكذا : ابن همام ، عن حميد بن زياد ومحمد بن جعفر الرزّاز القرشي ، عن يحيى بن زكريّا اللؤلؤي ، إلى آخر السند (٢).

كما أنّه في آخر الحديث يقول : وجدت هذا الحديث من كتاب رفعه إليّ محمد بن جعفر القرشي.

وأمّا الكتاب : فهو يشتمل على أربع روايات ، ذكر في واحدة منها عن محمد بن جعفر ، ولم يذكر في الثلاث الاخرى.

والرواية الاولى وردت في الدعاء وهي ضعيفة بأحمد بن زيد وعلي بن عبد الله بن سعيد (سعد) ، والثانية وردت في بيت شعر في فقد النبي ، وهو ضعيفة بأحمد بن زيد ، والثالثة في فضيلة لعلي عليه‌السلام ، وهي ضعيفة بأبي سمينه ، كما أنّها مرسلة. والرابعة في ذكر الحيوانات والطيور ، وهي مرسلة ، فتحصّل انّ الكتاب غير معتبر.

الكتاب العاشر : كتاب عبد الملك بن حكيم

والكلام في الطريق إلى التلعكبري هو ما تقدّم ، وأما من التلعكبري إلى المؤلف فالموجود في الكتاب : عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، عن علي بن حسن بن علي بن فضال ، عن جعفر بن محمد بن حكيم ،

__________________

(١) كامل الزيارات طبع النجف الاشرف باب ١٠ الحديث ١١.

(٢) الاصول الستة عشر مطبعة الحيدري ص ٩٦.

٣٣٩

عن عمّه عبد الملك بن حكيم (١) ، وللشيخ والنجاشي طريقان ، فيهما : جعفر بن محمد بن حكيم (٢) ، ولم يرد فيه توثيق ، فالطرق إلى الكتاب ضعيفة.

نعم يمكن تصحيحه بقول النجاشي : «له كتاب يرويه جماعة (٣)» فيفهم أنّ جعفرا لا يختصّ بنقل الكتاب عن عبد الملك ، فإنّ لابن عقدة وابن فضّال وغيرهما طرقا اخرى ، وإن لم يتعرّض لها الشيخ والنجاشي ، وبناء عليه يمكن اعتبار الطريق من هذه الجهة.

وأمّا المؤلّف فهو ثقة ، عين ، كما صرّح بذلك النجاشي (٤) ، وهو يروي عن سيف التمّار ، عن أبي حمزة الثمالي في مورد ، وعن بشير النبّال في موردين ، وعن حباب ابن أبي حباب الكلبي ، عن أبيه في مورد ، وعن عمّار الساباطي في مورد ، وعن الكميت بن زيد في مورد آخر.

وأمّا مضمون الكتاب فهو يشتمل على ستّ روايات ، الاولى في أحوال سلمان المحمدي ، والثانية في فتن العرب ، والثالثة والرابعة في فضل أهل البيت عليهم‌السلام ، والخامسة في الكميت وسؤاله عن الشيخين ، والسادسة في النبي داود وعجبه بعبادته ، وليس فيها أحكام ، ولا تشتمل على ما ينكر.

والحاصل أنّ الكتاب يمكن اعتباره.

الكتاب الحادي عشر : كتاب المثنّى بن الوليد الحنّاط

والطريق إلى التلعكبري هو ما تقدّم ذكره ، وأمّا من التلعكبري إلى المثنّى

__________________

(١) ن. ص ص ٩٨.

(٢) الفهرست الطبعة الثانية ص ١٣٦ ورجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٥٣.

(٣) رجال النجاشي ج ٢ الطبعة الاولى المحققة ص ٥٢.

(٤) ن. ص ص ٥٣.

٣٤٠