الحدائق الناضرة - ج ٥

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الحدائق الناضرة - ج ٥

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: محمّد تقي الإيرواني
الموضوع : الفقه
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

بالسند المتقدم عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان من السنة ان تأخذ من الشارب حتى يبلغ الإطار». بيان : قيل الإطار ككتاب ما يفصل بين الشفة وبين شعرات الشارب. وقال في مجمع البحرين : في الحديث «من السنة ان تأخذ الشارب حتى يبلغ الإطار». وهو ككتاب طرف الشفة الأعلى الذي يحول بين منابت الشعر والشفة وكل شي‌ء أحاط بشي‌ء فهو اطار له. انتهى. وعن عبد الله بن عثمان (٢) «انه رأى أبا عبد الله (عليه‌السلام) احفى شاربه حتى ألزقه بالعسيب». بيان : العسيب منبت الشعر. وعن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه أبي الحسن (عليه‌السلام) (٣) قال : «سألته عن قص الشارب أمن السنة هو؟ قال نعم». وعن ابن فضال عن من ذكره عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «ذكرنا الأخذ من الشارب فقال نشرة وهو من السنة». أقول : النشرة لغة رقية يعالج بها المجنون والمريض والمراد هنا أنها عوذة من الشيطان. وروى في الفقيه مرسلا (٥) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام». قال (٦) «وقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) أخذ الشعر من الأنف يحسن الوجه».

بيان : يستنبط من هذه الاخبار فوائد (الأولى) ان الأفضل المندوب اليه هو اعفاء اللحية إلى حد القبضة المذكورة وما زاد عليها فالأفضل جزه وإحفاء الشارب وجزه حتى يبلغ به أصول الشعر وهذا لا خلاف فيه ولا إشكال.

(الثانية) ـ الظاهر ـ كما استظهره جملة من الأصحاب كما عرفت ـ تحريم حلق اللحية لخبر المسخ المروي عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) فإنه لا يقع الا على ارتكاب أمر محرم بالغ في التحريم ، واما الاستدلال بآية «وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ» (٧)

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ٦٦ من آداب الحمام.

(٥) رواه في الوسائل في الباب ٣٣ من صلاة الجمعة.

(٦) الوسائل في الباب ٦٨ من آداب الحمام.

(٧) سورة النساء ، الآية ١١٩.

٥٦١

ففيه انه قد ورد عنهم (عليهم‌السلام) ان المراد دين الله فيشكل الاستدلال بها على ذلك وان كان ظاهر اللفظ يساعده.

(الثالثة) ـ انه هل يجوز حلق الشارب؟ استظهر بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين ذلك قال للأوامر المطلقة الشاملة له وان كان الأحوط العدم لانه لم ينقل عن النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) حلقه ولا الرخصة في حلقه. انتهى. أقول ما استند اليه في القول بالجواز من الأوامر المطلقة لا يخلو من اشكال لأن الأوامر الواردة في الاخبار منها ما هو بلفظ الأخذ ومنها ما هو بلفظ الجز ومنها ما هو بلفظ القص وقضية حمل مطلقها على مقيدها هو العمل بالجز وهو الظاهر ويؤيده ما ذكره أخيرا في وجه الاحوطية ، وبالجملة فإن دليل الجواز غير ظاهر بل ربما دخل تحت آية «فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ» التي استدلوا بها على تحريم حلق اللحية بناء على ظاهر اللفظ.

(الرابعة) ـ انه هل أفضلية القبضة في اللحية بالنسبة الى ما زاد خاصة بمعنى انه لا يتجاوز القبضة أو يكون كذلك أيضا بالنسبة الى ما نقص عنها بمعنى انه يستجب له ان يعفيها ويتركها حتى تبلغ القبضة أيضا؟ لم أقف على كلام لأحد من أصحابنا في ذلك إلا ان ظاهر الأخبار الأول. والله العالم.

(فصل) روى ثقة الإسلام في الكافي عن سفيان بن السمط (١) قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) الثوب النقي يكبت العدو والدهن يذهب بالبؤس والمشط للرأس يذهب بالوباء قال قلت وما الوباء؟ قال الحمى ، والمشط للحية يشد الأضراس». وروى في الفقيه مرسلا (٢) قال : «قال الصادق (عليه‌السلام) مشط الرأس يذهب بالوباء ومشط اللحية يشد الأضراس». وقال في الفقيه ايضا (٣) : «قال الصادق (عليه‌السلام)

__________________

(١) ج ٢ ص ٢١٦ وفي الوسائل بعضه في الباب ٦٩ و ١٠٢ من آداب الحمام وفي الباب ٦ من أحكام الملابس.

(٢) رواه في الوسائل في الباب ٧٣ من آداب الحمام.

(٣) رواه في الوسائل في الباب ٧٠ من آداب الحمام.

٥٦٢

المشط يذهب بالوباء وهو الحمى». وفي رواية البرقي «يذهب بالونا وهو الضعف قال الله تعالى (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) (١) أي لا تضعفا» وروى في الكافي عن عمار النوفلي عن أبيه (٢) قال : «سمعت أبا الحسن (عليه‌السلام) يقول المشط يذهب بالوباء وكان لأبي عبد الله (عليه‌السلام) مشط في المسجد يتمشط به إذا فرغ من صلاته». وعن عبد الله بن المغيرة عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (٣) «في قوله تعالى «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (٤) قال من ذلك التمشط عند كل صلاة». وروى في الفقيه مرسلا (٥) قال : «سئل أبو الحسن الرضا (عليه‌السلام) عن قول الله. الحديث». وروى في الكافي عن عنبسة بن سعيد رفع الحديث إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٦) قال : «كثرة تسريح الرأس يذهب بالوباء ويجلب الرزق ويزيد في الجماع». وعن يونس عن من أخبره عن ابي الحسن (عليه‌السلام) ـ ورواه في الفقيه عن ابي الحسن موسى (عليه‌السلام) ـ (٧) قال : «إذا سرحت رأسك ولحيتك فأمر المشط على صدرك فإنه يذهب بالهم والوباء». وروى في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه (٨) قال : «كثرة التمشط تقلل البلغم». وعن إسماعيل بن جابر عن ابي عبد الله ـ ورواه في الفقيه مرسلا عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) ـ (٩) قال : «من سرح لحيته سبعين مرة وعدها مرة مرة لم يقربه الشيطان أربعين يوما».

ويستحب بالعاج لما رواه في الكافي عن الحسين بن عاصم عن أبيه (١٠) قال :

__________________

(١) سورة طه ، الآية ٤٤.

(٢ و ٣ و ٥) رواه في الوسائل في الباب ٧١ من آداب الحمام.

(٤) سورة الأعراف ، الآية ٣١.

(٦) رواه في الوسائل في الباب ٦٩ من آداب الحمام.

(٧) رواه في الوسائل في الباب ٧٥ من آداب الحمام.

(٨) رواه في الوسائل في الباب ٧٠ من آداب الحمام والرواية في كتب الحديث عن البرقي عن أبيه.

(٩) رواه في الوسائل في الباب ٧٦ من آداب الحمام.

(١٠) رواه في الوسائل في الباب ٧٢ من آداب الحمام.

٥٦٣

«دخلت على ابي إبراهيم (عليه‌السلام) وفي يده مشط عاج يتمشط به فقلت له جعلت فداك ان عندنا بالعراق من يزعم انه لا يحل التمشط بالعاج؟ فقال ولم فقد كان لأبي منها مشط أو مشطان ، ثم قال تمشطوا بالعاج فان العاج يذهب بالوباء». بيان : قال في كتاب مجمع البحرين : العاج عظم أنياب الفيل وعن الليث لا يسمى غير عظم الناب عاجا ، ثم قال وروى انه كان لفاطمة (عليها‌السلام) سوار من عاج. انتهى. وعن موسى بن بكر (١) قال : «رأيت أبا الحسن (عليه‌السلام) يتمشط بمشط عاج واشتريته له». وعن عبد الله بن سليمان (٢) قال : «سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن العاج فقال لا بأس به وان لي منه لمشطا». وعن القاسم بن الوليد (٣) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن عظام الفيل مداهنها وأمشاطها؟ قال لا بأس به». وروى في كتاب الخصال عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) «في قول الله عزوجل : «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (٥) قال المشط يجلب الرزق ويحسن الشعر وينجز الحاجة ويزيد في ماء الصلب ويقطع البلغم وكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يسرح تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول انه يزيد في الذهن ويقطع البلغم». وروى العياشي في تفسيره عن ابى بصير (٦) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن قوله تعالى : «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (٧) قال هو التمشط عند كل صلاة فريضة ونافلة».

ويكره التمشط من قيام لما رواه الصدوق في الخصال بسنده عن ثابت بن أبي صفية الثمالي عن ثور بن سعيد بن علاقة عن أبيه عن علي (عليه‌السلام) (٨) قال في حديث

__________________

(١ و ٢ و ٣) رواه في الوسائل في الباب ٧٢ من آداب الحمام.

(٤ و ٦) رواه في الوسائل في الباب ٧١ من آداب الحمام.

(٥ و ٧) سورة الأعراف ، الآية ٢٩.

(٨) رواه في الوسائل في الباب ٧٤ من آداب الحمام.

٥٦٤

«والتمشط من قيام يورث الفقر». وما رواه الحسن بن الفضل الطبرسي في كتاب مكارم الأخلاق عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (١) قال : «من امتشط قائما ركبه الدين». وعن ابى الحسن موسى (عليه‌السلام) (٢) قال : «لا تمتشط من قيام فإنه يورث الضعف في القلب وامتشط جالسا فإنه يقوي القلب ويمخخ الجلد».

ويستحب قراءة إنا أنزلناه وسورة والعاديات ، قال السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب الأمان من الاخطار : روى انه يبدأ من تحت ويقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر ، قال وفي رواية يسرح لحيته من تحت الى فوق أربعين مرة ويقرأ إنا أنزلناه ومن فوق الى تحت سبع مرات ويقرأ والعاديات ويقول اللهم سرح عني الهم والغموم والوحشة في الصدر. وفي كتاب الفقيه الرضوي (٣) قال : (عليه‌السلام): «إذا أردت أن تمشط لحيتك فخذ المشط بيدك اليمنى وقل بسم الله وضع المشط على أم رأسك ثم تسرح مقدم رأسك وقل اللهم حسن شعري وبشرى وطيب عيشي وافرق عني السوء ، ثم تسرح مؤخر رأسك وقل اللهم لا تردني على عقبي واصرف عني كيد الشيطان ولا تمكنه مني ، ثم تسرح حاجبيك وقل اللهم زيني بزينة أهل التقوى ، ثم تسرح لحيتك من فوق وقل اللهم اسرح عني الغموم والهموم ووسوسة الصدور ، ثم أمر المشط على صدغك». بيان : الظاهر ان الأمر بتسريح مقدم الرأس ومؤخره مبني على ما تقدم من توفير شعر الرأس لما يدل عليه لفظ الدعاء في تلك الحال واما بناء على ما قدمناه من استحباب الحلق فلا ، واما الأمر بتسريح اللحية من فوق فظاهره ان وظيفة الاستحباب ذلك ويؤيده انه قال في موضع آخر بعد هذا الكلام بعد ان نقل عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) انه قال : «ادهنوا غبا واكتحلوا وترا وامشطوا مرسلا» قال : «فسئل عن معناها فقال (عليه‌السلام) ادهنوا يوم ويوم لا واكتحلوا وترا وامشطوا مرسلا قال من فوق لا من تحت». انتهى. وهو بظاهره مناف

__________________

(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٧٤ من آداب الحمام.

(٣) ص ٥٤.

٥٦٥

لما تقدم في حديثي الخصال والأمان من الاخطار من أكثرية التسريح من تحت على التسريح من فوق ولعل هذا الخبر محمول على الآكد. والله العالم.

(فصل) ـ روى ثقة الإسلام في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفي أو أدرد». بيان : قد تقدم معنى الحفاء بالحاء المهملة والفاء وهو مبالغة في الاستقصاء ، والدرد هو سقوط الأسنان يقال درد دردا من باب تعب سقطت أسنانه وبقيت أصولها فهو أدرد والأنثى درداء مثل احمر وحمراء وبه كنى أبو الدرداء ، والمراد هنا حتى خفت ذهاب أسناني من كثرة السواك ، واستظهر جملة من المحدثين ان الترديد من بعض الرواة. وعن جميل بن دراج في الصحيح أو الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أوصاني جبرئيل بالسواك حتى خفت على أسناني». وعن إسحاق بن عمار في الموثق (٣) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) من أخلاق الأنبياء السواك». وعن إسحاق بن عمار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «السواك من سنن المرسلين».

وعن مهزم الأسدي (٥) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول في السواك عشر خصال : مطهرة للفم ومرضاة للرب ومفرحة للملائكة وهو من السنة ويشد اللثة ويجلو البصر ويذهب بالبلغم ويذهب بالحفر» ورواه البرقي في المحاسن. ، بيان : قيل الحفر بثر في أصول الأسنان أو تقشير فيها أو صفرة تعلوها والخصلتان الباقيتان اما مطويتان في مقام التفصيل أو ساقطتان من قلم النساخ. وعن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٦) قال «في السواك اثنتي عشرة خصلة ، هو من السنة ومطهرة للفم ومجلاة للبصر ويرضي الرب ويذهب بالغم ويزيد في الحفظ ويبيض الأسنان ويضاعف الحسنات ويذهب بالبلغم ويشد اللثة ويشهي الطعام وتفرح به الملائكة». ورواه البرقي

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦) رواه في الوسائل في الباب ١ من أبواب السواك.

٥٦٦

في المحاسن والصدوق ولكنه خالف في الترتيب.

وعن حنان عن أبيه عن ابى جعفر (عليه‌السلام) (١) قال : «شكت الكعبة الى الله عزوجل ما تلقى من أنفاس المشركين فأوحى الله إليها ان قرى يا كعبة فإني مبدلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجر فلما بعث الله محمدا (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أوحى اليه مع جبرئيل بالسواك والخلال».

وعن المعلى بن خنيس (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليه‌السلام) عن السواك بعد الوضوء فقال الاستياك قبل ان يتوضأ. قلت أرأيت ان نسي حتى يتوضأ؟ قال يستاك ثم يتمضمض ثلاث مرات».

قال في الكافي (٣) : وروى ان السنة في السواك وقت السحر. وروى في الكافي أيضا عن ابي بكر بن ابي سمال (٤) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) إذا قمت بالليل فاستك فان الملك يأتيك فيضع فاه على فيك وليس من حرف تتلوه وتنطق به إلا صعد به الى السماء فليكن فوك طيب الريح».

وروى في الفقيه مرسلا (٥) قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) «ان أفواهكم طرق القرآن فطهروها بالسواك». وروى البرقي في المحاسن عن إسماعيل بن ابان الخياط عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٦) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) نظفوا طريق القرآن قيل يا رسول الله وما طريق القرآن؟ قال أفواهكم قيل بماذا؟ قال بالسواك».

وعن علي بن الحكم عن عيسى بن عبد الله رفعه (٧) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أفواهكم طريق من طرق ربكم فأحبها الى الله أطيبها ريحا

__________________

(١) رواه في الوسائل في الباب ٨ من أبواب السواك.

(٢) رواه في الوسائل في الباب ٤ من أبواب السواك.

(٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ٦ من أبواب السواك.

(٥ و ٦ و ٧) رواه في الوسائل في الباب ٧ من أبواب السواك.

٥٦٧

فطيبوها بما قدرتم عليه».

وروى في الكافي عن معاوية بن عمار في الصحيح (١) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول كان في وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعلي (عليه‌السلام) ان قال يا علي أوصيك في نفسك بخصال احفظها عني ثم قال اللهم أعنه ، وعد جملة من الخصال الى ان قال وعليك بالسواك عند كل صلاة». وعن محمد بن مروان عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٢) في وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لأمير المؤمنين (عليه‌السلام) «عليك بالسواك لكل صلاة». وعن القداح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) ـ ورواه في الفقيه مرسلا عن ابي عبد الله ـ قال : «ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك». قال : وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة». بيان : اي أوجبت ذلك عليهم «لأن الأمر حقيقة في الوجوب كما عرفت ، وفي الفقيه (٤) «عند وضوء كل صلاة». وروى في الكافي عن ابن بكير عن من ذكره عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٥) ـ ورواه في الفقيه مرسلا عن ابي جعفر ـ «في السواك قال لا تدعه في كل ثلاث ولو ان تمره مرة».

وعن الحلبي في الصحيح أو الحسن عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٦) «ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوئه وسواكه فيوضع عند رأسه مخمرا فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي اربع ركعات ثم يرقد ويقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي ثم قال (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ) (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)».

وروى البرقي في المحاسن عن إسحاق بن عمار (٧) قال :

__________________

(١) رواه في الوسائل في الباب ٣ من أبواب السواك.

(٢ و ٣) رواه في الوسائل في الباب ٥ من أبواب السواك.

(٤) ج ١ ص ٣٤.

(٥) رواه في الوسائل في الباب ٢ من أبواب السواك.

(٦ و ٧) رواه في الوسائل في الباب ٦ من أبواب السواك.

٥٦٨

«قال أبو عبد الله اني لأحب للرجل إذا قام بالليل ان يستاك وان يشم الطيب فان الملك يأتي الرجل إذا قام بالليل حتى يضع فاه على فيه فما خرج من القرآن من شي‌ء دخل في جوف ذلك الملك».

بيان : قد دلت اخبار هذا الفصل على استحباب السواك في حد ذاته استحبابا مؤكدا ويتأكد زيادة على ذلك للوضوء وللصلاة ولقراءة القرآن وفي السحر خصوصا مع الإتيان بصلاة الليل.

ويكره في مواضع : منها ـ الحمام والخلاء فقد روى الصدوق في الفقيه في حديث المناهي المذكور في آخره (١) قال : «ونهى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عن السواك في الحمام». قال وروي : «ان السواك في الحمام يورث وباء الأسنان». وروى في كتاب العلل في الموثق عن ابن ابي يعفور عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) في حديث قال : «وإياك والسواك في الحمام فإنه يورث وباء الأسنان». وقد تقدم في آداب الخلوة ما يدل على انه يورث البخر في الخلاء.

(فصل) في استحباب قص الأظفار روى ثقة الإسلام في الكافي عن عبد الله بن ميمون القداح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «احتبس الوحي عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقيل له احتبس الوحي عنك فقال وكيف لا يحتبس وأنتم لا تقلمون أظفاركم ولا تنقون رواجبكم». بيان : قال في النهاية : فيه «ألا تنقون رواجبكم» هي ما بين عقد الأصابع من داخل واحدها راجبة والبراجم العقد المتسنمة (٤) في ظاهر الأصابع. وقال في القاموس. والرواجب مفاصل أصول الأصابع أو بواطن مفاصلها أو هي قصب الأصابع أو مفاصلها أو ظهور السلاميات أو ما بين البراجم من السلاميات أو المفاصل التي تلي الأنامل واحدتها راجبة. وعن القاسم عن جده (٥) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) تقليم الأظفار

__________________

(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ١١ من أبواب السواك.

(٣ و ٥) رواه في الوسائل في الباب ٨٠ من آداب الحمام.

(٤) في النهاية (المتشنجة).

٥٦٩

يمنع الداء الأعظم ويدر الرزق».

وعن هشام بن سالم في الصحيح أو الحسن عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «تقليم الأظفار يوم الجمعة يؤمن من الجذام والبرص والعمى وان لم تحتج فحكها حكا». ورواه في الفقيه عن هشام بن سالم (٢) وزاد على الثلاثة المذكورة «الجنون». ثم قال وفي خبر آخر «وان لم تحتج فأمر عليها السكين أو المقراض». وروى في الكافي والتهذيب في الصحيح عن حفص بن البختري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «أخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام». وعن عبد الله بن هلال (٤) قال : «قال لي أبو عبد الله (عليه‌السلام) خذ من شاربك وأظفارك في كل جمعة فان لم يكن فيها شي‌ء فحكها لا يصيبك جنون ولا جذام ولا برص». وروى في الكافي عن ابن بكير في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «تقليم الأظفار وأخذ الشارب في كل جمعة أمان من البرص والجنون». وعن أبي حمزة عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٦) قال : «انما قصوا الأظفار لأنها مقيل الشيطان ومنه يكون النسيان». وعن حذيفة بن منصور عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٧) قال : «ان أستر وأخفى ما يسلط الشيطان من ابن آدم ان صار يسكن تحت الأظافير». وعن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٨) قال : «قلت له ما ثواب من أخذ من شاربه وقلم أظفاره في كل جمعة؟ قال لا يزال مطهرا إلى الجمعة الأخرى». ورواه الصدوق مرسلا (٩) قال : قال الحسين ابن ابي العلاء للصادق (عليه‌السلام). الحديث. وروى المشايخ الثلاثة عن عبد الرحيم القصير (١٠) قال : «قال أبو جعفر (عليه‌السلام) من أخذ من شاربه وأظفاره كل جمعة وقال حين يأخذ بسم الله وبالله وعلى سنة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لم تسقط

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٨ و ٩) رواه في الوسائل في الباب ٣٣ من صلاة الجمعة.

(٦ و ٧) رواه في الوسائل في الباب ٨٠ من آداب الحمام.

(١٠) رواه في الوسائل في الباب ٣٥ من صلاة الجمعة.

٥٧٠

منه قلامة ولا جزازة إلا كتب الله له بها عتق نسمة ولا يمرض إلا مرضه الذي يموت فيه». بيان : في الفقيه «على سنة محمد وآل محمد» وروى في الكافي عن ابي كهمس (١) قال : «قال رجل لعبد الله بن الحسن علمني شيئا في الرزق فقال الزم مصلاك إذا صليت الفجر الى طلوع الشمس فإنه أنجح في طلب الرزق من ان تضرب في الأرض. فأخبرت بذلك أبا عبد الله (عليه‌السلام) فقال ألا أعلمك في الرزق ما هو أنفع من ذلك؟ قال قلت بلى. قال خذ من شاربك وأظفارك في كل جمعة». وعن علي بن عقبة عن أبيه (٢) قال : «أتيت عبد الله بن الحسن فقلت علمني دعاء في الرزق فقال : قل اللهم تول امري ولا تول امري غيرك. فعرضته على ابي عبد الله (عليه‌السلام) فقال ألا ادلك على ما هو أنفع من هذا في الرزق؟ تقص من أظفارك وشاربك في كل جمعة ولو بحكها». وعن خلف (٣) قال : «رآني أبو الحسن (عليه‌السلام) بخراسان وانا اشتكي عيني فقال ادلك على شي‌ء ان فعلته لم تشتك عينك؟ قلت بلى فقال خذ من أظفارك في كل خميس قال ففعلت فما اشتكيت عيني إلى يوم أخبرتك». وروى في الفقيه مرسلا (٤) قال : قال أبو جعفر (عليه‌السلام) «من أخذ من أظفاره كل يوم خميس لم يرمد ولده». وقال فيه ايضا : وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) «من قلم أظفاره يوم السبت ويوم الخميس وأخذ من شاربه عوفي من وجع الضرس ووجع العين». وعن عبد الله بن الفضل عن أبيه وعمه جميعا عن ابي جعفر (عليه‌السلام) (٥) قال : «من أخذ أظفاره كل خميس لم ترمد عينه».

وروى في الكافي والفقيه مسندا في الأول ومرسلا في الثاني (٦) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) للرجال قصوا أظفاركم وللنساء اتركن فإنه أزين لكن»

__________________

(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٣٣ من صلاة الجمعة.

(٣ و ٤ و ٥) رواه في الوسائل في الباب ٣٤ من صلاة الجمعة.

(٦) رواه في الوسائل في الباب ٨١ من آداب الحمام.

٥٧١

وفي الفقيه «اتركن من أظفاركن فإنه أزين لكن». بيان : يعني لا يبالغن في قصها كما يبالغ الرجال بل يتركن شيئا منها كما يستفاد من لفظة «من» التبعيضية.

وروى في الكافي في الصحيح أو الحسن عن ابن ابي عمير رفعه (١) «في قص الأظافير تبدأ بخنصرك الأيسر ثم تختم باليمين». وقال في الفقيه (٢) وروى «ان من يقلم أظفاره يوم الجمعة يبدأ بخنصره من اليد اليسرى ويختم بخنصره من اليد اليمنى». بيان : قال في الوافي : لعل السر في ذلك تحصيل التيامن في كل إصبع إصبع وذلك لان الوضع الطبيعي لليدين ان يكون ظهرهما الى فوق وبطنهما الى تحت.

وروى في الفقيه مرسلا (٣) قال : قال الصادق (عليه‌السلام) «من قلم أظفاره يوم الجمعة لم تسعف أنامله». بيان : في بعض النسخ «تشعث أنامله» والمعنى واحد وهو تفرق الجلد حول الأظفار فينفصل منه اجزاء صغار ، وقد تقدم ذكر الخلاف بين الأصحاب في حكم هذه الاجزاء بعد الانفصال طهارة ونجاسة واما قبل الانفصال فلا ريب في طهارتها.

وروى في الفقيه عن موسى بن بكر (٤) «انه قال للصادق (عليه‌السلام) ان أصحابنا يقولون إنما أخذ الشارب والأظفار يوم الجمعة فقال سبحان الله خذها إن شئت في يوم الجمعة وان شئت في سائر الأيام». بيان : ظاهر السؤال حصر أخذها في يوم الجمعة ولعله توهم الوجوب في هذا اليوم بخصوصه فأجاب (عليه‌السلام) بجواز أخذها في سائر الأيام وإلا فحصر الاستحباب أو تأكده في اليوم المذكور لا شك فيه ، أو يحمل الخبر على ما إذا طالت فإنه لا ينتظر بها اليوم المذكور ، وكيف كان فالظاهر ان ما ورد من أخذها يوم الخميس ويترك واحد ليوم الجمعة أو السبت فهي رخص لا تنافي التوظيف

__________________

(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٨٣ من آداب الحمام.

(٣) رواه في الوسائل في الباب ٣٣ من صلاة الجمعة.

(٤) رواه في الوسائل في الباب ٨٠ من آداب الحمام.

٥٧٢

والاستحباب في ذلك اليوم لما عرفت من الأمور المرتبة عليه فيه بخصوصه.

وروى في الفقيه مرسلا (١) قال : قال الصادق (عليه‌السلام) «يدفن الرجل شعره وأظفاره إذا أخذ منها وهي سنة». وقال وروى : «ان من السنة دفن الشعر والظفر والدم». وروى في الكافي عن ابي كهمس عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) «في قول الله تعالى (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) (٣)؟ قال دفن الشعر والظفر». بيان : قال في الوافي : الكفات بالكسر الموضع يكفت فيه الشي‌ء أي يضم ويجمع والأرض كفات لنا. انتهى. أقول : لعل ذكر الشعر والظفر للتنبيه على انهما مما يكفتان في الأرض أي يضمان فيها كما يضم فيها الإنسان بعد الموت.

(فصل) في استحباب الكحل روى ثقة الإسلام في الكافي عن سليمان الفراء عن رجل عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يكتحل بالإثمد إذا آوى الى فراشه وترا وترا». وعن زرارة في الصحيح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٥) قال : «الكحل بالليل ينفع العين وهو بالنهار زينة». وعن الفضل بن إسماعيل الهاشمي عن أبيه وعمه (٦) قالا «قال أبو جعفر (عليه‌السلام) الاكتحال بالإثمد يطيب النكهة ويشد أشفار العين». وعن حماد بن عيسى في الموثق عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٧) قال : «الكحل يعذب الفم». وعن خلف بن حماد عن من ذكره عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٨) قال : «الكحل ينبت الشعر ويحد البصر ويعين على طول السجود». وعن علي بن عقبة عن رجل عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٩)

__________________

(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٧٧ من آداب الحمام.

(٣) سورة المرسلات ، الآية ٢٥ و ٢٦.

(٤ و ٦ و ٩) رواه في الوسائل في الباب ٥٥ من آداب الحمام.

(٥) رواه في الوسائل في الباب ٥٧ من آداب الحمام.

(٧ و ٨) رواه في الوسائل في الباب ٥٤ من آداب الحمام.

٥٧٣

قال : «الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر في الجفن ويذهب بالدمعة». وعن ابن فضال عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (١) قال : «الكحل يزيد في المباضعة». بيان : المباضعة المجامعة. وعن حماد بن عثمان عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «الكحل ينبت الشعر ويجفف الدمعة ويعذب الريق ويجلو البصر». وعن الحسين ابن الحسن بن عاصم عن أبيه عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «من نام على إثمد غير ممسك أمن من الماء الأسود أبدا ما دام ينام عليه». وعن ابن القداح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) من اكتحل فليوتر ومن فعل فقد أحسن ومن لم يفعل فلا بأس». وروى الصدوق مرسلا (٥) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) اكتحلوا وترا واستاكوا عرضا». وعن زرارة في الصحيح عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٦) قال : «ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يكتحل قبل ان ينام أربعا في اليمنى وثلاثا في اليسرى». وعن الحسن بن الجهم (٧) قال : «أراني أبو الحسن (عليه‌السلام) ميلا من حديد ومكحلة من عظام فقال هذا كان لأبي (عليه‌السلام) فاكتحل به». وروى الحسين بن بسطام في كتاب طب الأئمة عن ابى صالح الأحول عن الرضا (عليه‌السلام) (٨) قال : «من اصابه ضعف في بصره فليكتحل سبعة مراود عند منامه من الإثمد». وعن جابر عن خداش عن عبد الله بن ميمون عن الصادق (عليه‌السلام) (٩) قال : «كان للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مكحلة يكتحل منها في كل ليلة ثلاثة مراود في كل عين عند منامه». وروى الحسن بن الفضل

__________________

(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٥٤ من آداب الحمام.

(٣) رواه في الوسائل في الباب ٥٥ من آداب الحمام.

(٤ و ٥) رواه في الوسائل في الباب ٥٦ من آداب الحمام.

(٦ و ٨ و ٩) رواه في الوسائل في الباب ٥٧ من آداب الحمام.

(٧) رواه في الوسائل في الباب ٥٨ من آداب الحمام.

٥٧٤

الطبرسي في كتاب مكارم الأخلاق (١) قال : «كان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى ثنتين ، وقال من شاء اكتحل ثلاثا في كل عين ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج ، وربما اكتحل وهو صائم وكانت له مكحلة يكتحل منها في الليل وكان كحله الإثمد». وفي كتاب الفقه الرضوي (٢) قال : «إذا أردت أن تكتحل فخذ الميل بيدك اليمنى واضربه بالمكحلة وقل بسم الله وإذا جعلت الميل في عينك فقل اللهم نور بصري واجعل فيه نورا أبصر به حقك واهدني إلى طريق الحق وأرشدني إلى سبيل الرشاد اللهم نور علي دنياي وآخرتي». وقال في موضع آخر «روى عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) انه قال ادهنوا غبا واكتحلوا وترا».

بيان : هنا فوائد (الأولى) ان الكحل المستحب وهو الذي ذكرت له هذه الخواص هو الإثمد وهو بكسر الهمزة حجر معروف يؤتى به الآن من مكة المشرفة يجلب إليها ثم يؤتى به منها ، قال في مجمع البحرين : والإثمد بكسر الهمزة والميم حجر يكتحل به ويقال انه معرب ومعادنه بالمشرق ، ومنه الحديث «اكتحلوا بالإثمد». وعن بعض الفقهاء الإثمد هو الأصفهاني ولم يتحقق. انتهى.

(الثانية) ـ المستفاد من هذه الاخبار باعتبار ضم بعضها الى بعض ان الأفضل في الاكتحال ان يكون وترا في كل من العينين أو فيهما معا بان يكون ثلاثة ثلاثة في كل واحدة أو خمسة أو سبعة فيهما معا بان تكون الزيادة في العين اليمنى.

(الثالثة) ـ ما دلت عليه صحيحة زرارة التي هي الثانية من الروايات المتقدمة من ان الكحل ينفع بالليل وزينة بالنهار مما يدفع ما توهمه بعض المتعسفين وربما سرى الوهم منه الى بعض الفضلاء ايضا ـ من إيجاب غسل الكحل من العين وقت الوضوء أو عدم الاكتحال لذلك لانه يكون حائلا عن وصول ماء الوضوء الى ما تحته أو يكون الماء به مضافا يخرج عن الإطلاق ، وليت شعري كيف خفي هذا المعنى الذي اهتدى إليه هذا القائل على

__________________

(١) رواه في الوسائل في الباب ٥٧ من آداب الحمام.

(٢) ص ٥٤.

٥٧٥

النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وأهل بيته الذين يكتحلون ويأمرون به في هذه الاخبار التي سمعت؟ أرأيت انه كان يجب غسله لما ذكره هؤلاء ويغفلون (عليهم‌السلام) عن الأمر بذلك وتنبيه الناس عليه؟ وكيف يكون زينة بالنهار وهو يجب غسله إذا انتبه وتوضأ لصلاة الصبح؟ ما هذه إلا وساوس شيطانية وخيالات وهمية ولقد كنت لا اعتنى بهذا القائل حتى وقفت في كلام بعض الفضلاء المعاصرين في رسالة له في الصلاة على مثل ذلك فزاد تعجبي ، ولعل الفاضل المشار اليه لم يقف على الصحيحة المذكورة.

(الرابعة) ـ يستفاد من رواية الحسن بن الجهم المتقدمة استحباب كون الميل من حديد.

(فصل) في استحباب الطيب روى ثقة الإسلام (عطر الله مرقده) في الكافي عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابى الحسن الرضا (عليه‌السلام) (١) قال : «الطيب من أخلاق الأنبياء». وعن زيد الشحام عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «العطر من سنن المرسلين». وعن العباس بن موسى (٣) قال «سمعت ابى (عليه‌السلام) يقول العطر من سنن المرسلين». وعن ابى بصير عن ابى عبد الله (عليه‌السلام) (٤) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) الطيب في الشارب من أخلاق النبيين وكرامة للكاتبين». وعن ابن رئاب (٥) قال : «كنت عند ابى عبد الله (عليه‌السلام) وانا مع بصير فسمعت أبا عبد الله يقول قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ان الريح الطيبة تشد القلب وتزيد في الجماع». وعن ابى بصير (٦) قال : «قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) الطيب يشد القلب». وروى الشيخان في الكافي والفقيه عن معمر بن خلاد عن ابى الحسن الرضا (عليه‌السلام) (٧) قال :

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٥ و ٦) رواه في الوسائل في الباب ٨٩ من آداب الحمام.

(٤) رواه في الوسائل في الباب ٩٠ من آداب الحمام.

(٧) رواه في الوسائل في الباب ٣٧ من صلاة الجمعة.

٥٧٦

«لا ينبغي للرجل ان يدع الطيب في كل يوم فان لم يقدر عليه فيوم ويوم لا فان لم يقدر ففي كل جمعة ولا يدع». وزاد في الفقيه (١) «وكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) إذا كان يوم الجمعة ولم يصب طيبا دعا بثوب مصبوغ بزعفران فرش عليه الماء ثم مسح بيده ثم مسح به وجهه». وروى في الكافي عن علي رفعه الى ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٢) قال : «من تطيب أول النهار لم يزل عقله معه الى الليل». قال : وقال أبو عبد الله (عليه‌السلام) «صلاة متطيب أفضل من سبعين صلاة بغير طيب». وعن إسحاق الطويل العطار عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٣) قال : «كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ينفق في الطيب أكثر مما ينفق في الطعام». وعن زكريا المؤمن رفعه (٤) قال : «ما أنفقت في الطيب فليس بسرف». وعن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (عليه‌السلام) (٥) «ان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان لا يرد الطيب والحلواء». وعن القداح عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٦) قال : «اتي أمير المؤمنين (عليه‌السلام) بدهن وقد كان ادهن فادهن وقال انا لا نرد الطيب». وعن سماعة عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (٧) قال : «سألته عن الرجل يرد الطيب؟ قال لا ينبغي له ان يرد الكرامة». وعن الحسن بن الجهم (٨) قال : «دخلت على ابي الحسن (عليه‌السلام) فاخرج الي مخزنة فيها مسك فقال خذ من هذا فأخذت منه شيئا فتمسحت به فقال أصلح واجعل في لبتك منه قال فأخذت منه قليلا فجعلته في لبتي فقال لي أصلح فأخذت منه ايضا فمكث في يدي منه شي‌ء صالح فقال لي اجعل في لبتك ففعلت ، ثم قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) لا يأبى الكرامة إلا حمار. قال قلت ما معنى ذلك؟

__________________

(١) ج ١ ص ٢٧٤.

(٢) رواه في الوسائل في الباب ٩٠ من آداب الحمام.

(٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ٩٢ من آداب الحمام.

(٥ و ٦ و ٧) رواه في الوسائل في الباب ٩٤ من آداب الحمام.

(٨) رواه في الوسائل في الباب ٩٤ و ٩٥ من آداب الحمام.

٥٧٧

قال الطيب والوسادة ، وعد أشياء. الحديث». بيان : قال في الوافي : أصلح يعني خذ منه قدرا صالحا معتدا به ، واللبة المنحر ، وشيئا صالحا اي زمانا يعتد به. وعن أبي البختري عن ابي عبد الله (عليه‌السلام) (١) «ان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفارقه». بيان : الوبيص بالصاد المهملة البريق واللمعان والمفرق محل فرق الشعر من الرأس. وعن نوح بن شعيب عن بعض أصحابنا عن ابي الحسن (عليه‌السلام) (٢) قال : «كان يرى وبيص المسك في مفرق رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله)». والاخبار في الباب أكثر من ان يأتي عليها الكتاب.

وعلى اخبار المسك تمسك اعنة الأقلام ويقطع الكلام ليكون ختامه مسكا تيمنا بما ذكره الملك العلام واسأل الله سبحانه بمزيد فضله وبركة أهل البيت (عليهم‌السلام) ان يكون هذا الكتاب وسيلة لديه ولديهم صلوات الله عليهم أجمعين في يوم القيامة وان يوفقني لإكماله والفوز بسعادة الاختتام ، وهو المجلد الثاني (٣) من كتاب الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ويتلوه ان شاء الله تعالى في المجلد الثالث كتاب الصلاة ، وقد وقع الفراغ من تحريره في الأرض المقدسة التي هي على التقوى مؤسسة أرض كربلاء المعلى في جوار سيد الشهداء وامام السعداء صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه النجباء بتاريخ اليوم السادس والعشرين من شهر جمادى الثانية من السنة الثامنة والسبعين بعد المائة والالف من الهجرة المحمدية على مهاجرها وآله أفضل الصلاة والتحية ، وكتبه مؤلفه بيمينه الداثرة أعطاه الله تعالى كتابه بها في الآخرة فقير ربه الكريم يوسف بن احمد بن إبراهيم البحراني عفى عنهم بمنه حامدا مصليا مسلما مستغفرا.

__________________

(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٩٥ من آداب الحمام.

(٣) هذا بحسب ترتيب المصنف (قدس‌سره) حيث جعل كتاب الطهارة مجلدين الأول ينتهي بانتهاء فصل غسل الجنابة والثاني ينتهي بانتهاء كتاب الطهارة ، وقد جعلناه في هذه الطبعة خمسة اجزاء وبانتهاء هذا الجزء (الخامس) ينتهى كتاب الطهارة ويتلوه الجزء السادس في مقدمات الصلاة ، والحمد لله أولا وآخرا.

٥٧٨

فهرس الجزء الخامس

من الكتاب الحدائق الناضرة

عنوان

صفحة

عنوان

صفحة

نجاسة البول والغائط من الانسان

٢

الرطوبة الخارجة غير البول والغائط والمني والدم

٣٨

نجاسة البول والغائط مما لا يؤكل لحمه غير الانسان

٥

دم ذي النفس السائلة

٣٩

رجيع الطير الذي لا يؤكل لحمه

٦

الدم المسفوح

٤٤

رجيع ما لا نفس له

١٣

الدم المتخلف في اللحم بعد الذبح من حيوان مأكول اللحم

٤٥

بول الخفاش

١٤

الدم المتخلف في الحيوان غير مأكول اللحم

٤٥

بول الرضيع

١٧

الدم غير المسفوح والمتخلف

٤٦

خرء الدجاج غير الجلال

١٩

دم السمك

٤٧

أبوال الدواب الثلاث وأرواثها

٢٠

دم غير السمك مما لا نفس له

٥٠

أدلة المصنف على نجاسة أبوال الدواب الثلاث

٢١

حكم العلقة

٥١

أدلة المشهور على طهارة أبوال الدواب الثلاث وأرواثها والجواب عنها

٢٣

تردد الدم بين الطاهر والنجس

٥٢

نجاسة مني الانسان

٣١

ميتة ذي النفس السائلة

٥٣

مني غير الانسان مما له نفس سائلة

٣٢

ميتة غير الآدمي من ذي النفس السائلة

٥٤

مني غير ذي النفس السائلة

٣٣

الروايات الدالة على نجاسة الميتة من ذي النفس غير الانسان

٥٥

الاخبار الموهمة طهارة مني الانسان

٣٤

حكم جلد الميتة

٦١

حكم المذي

٣٦

٥٧٩

عنوان

صفحة

عنوان

صفحة

ميتة الآدمي

٦٥

الاخبار التي استدل بها على طهارة الخمر

١٠٣

الأقوال في نجاسة ميتة الآدمي

٦٦

علاج التعارض بين الطائفتين من الاخبار

١٠٦

مذهب المحدث الكاشاني في المقام

٦٧

هل يلحق غير الخمر من المسكرات بها في النجاسة؟

١١١

ميتة ما لا نفس له سائلة

٦٩

الفقاع حكمه حكم الخمر

١١٧

ميتة ذي النفس البحري

٧٠

هل حرمة الفقاع تتبع الاسم؟

١١٩

القطعة مما له نفس سائلة

٧٢

الفقاع قسمان

١٢٠

الأجزاء الصغيرة المنفصلة من بدن الانسان

٧٥

هل يلحق العصير التي العنبي في النجاسة؟

١٢١

ما لا تحله الحياة من الميتة

٧٧

الكلام في حل عصير التمر والزبيب

١٢٤

نقاش مع المحقق الخوانساري في المقام

٨٠

العصير اسم لما يؤخذ من العنب

١٢٥

هل يفرق في طهارة الصوف ونحوه من الميتة بين الجز والقلع؟

٨٢

النبيذ اسم لما يؤخذ من التمر

١٣٢

هل يفرق في طهارة المستثنيات من الميتة بين ما يؤكل وغيره؟

٨٤

لا يحرم من النبيذ غير المسكر

١٣٧

تعريف الإنفحة

٨٦

أقسام العصير العنبي والنبيذ

١٣٩

البيضة من الدجاجة الميتة

٩٠

ماء التمر إذا غلى ولم يذهب ثلثاه

١٤١

اللبن في ضرع الشاة الميتة

٩٢

ماء الزبيب إذا غلى ولم يذهب ثلثاه

١٥٢

فأرة السمك

٩٥

ماء الحصرم إذا غلى ولم يذهب ثلثاه

١٥٩

الجبن المشتبه

٩٧

من النجاسات الكافر

١٦٢

المشهور نجاسة الخمر

٩٨

الاستدلال على نجاسة الكافر بالآية

١٦٤

الاخبار التي استدل بها على نجاسة الخمر

٩٩

وجوه النقد في الاستدلال بالآية وأجوبتها.

١٦٥

٥٨٠