كتاب العين - ج ١

الخليل بن أحمد الفراهيدي

كتاب العين - ج ١

المؤلف:

الخليل بن أحمد الفراهيدي


المحقق: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور ابراهيم السامرّائي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة دار الهجرة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٦

أما ما كان يردّ به على اللّيث ، ويزعم أنه مصحف أو أنه غير معروف فأكثره مزاعم يبطلها مراجعة نصوص العين. وقد وضح لدينا في كثير من الأحيان أنّ الازهري كان لا يتواني عن النيل من العين أو نسبة التخليط إليه ولو باطلا.

فقد جاء في التهذيب في ترجمة (سعد) : «وخلّط اللّيث في تفسير السعدان. فجعل الحلمة ثمر السّعدان ، وجعل حسكا كالقطب ، وهذا كلّه غلط. القطب : شوك غير السعدان يشبه الحسك والسعدان مستدير شوكه في وجهه. وأما الحلمة فهي شجرة أخرى وليست من السعدان في شيء» (١)

وإنه لمن الواضح أنّ الأزهريّ بهذا حاول أن يوهم من حوله بصحة تقويمه الليث حين جعله من غير الاثبات وممن ألفوا كتبا أودعوها الصحيح والسقيم وحشوها بالمصحف إلى اخر ما تحامل به عليه.

غير أن ما نسبه إلى اللّيث هنا لم يقله اللّيث ، وحقيقة ما جاء في العين مما اتفقت عليه النّسخ هو قوله : «والسّعدان نبات له شوك كحسك القطب ، غير أنه غليظ مفرطح كالفلكة ، ونباته سمّي الحلمة وهو من أفضل المراعي ... ويقال : الحلمة نبت حسن غير السعدان» (٢) فأين هذا مما زعمه الأزهريّ.

تأبى بدّرتها إذا مّا استكرهت

إلّا الحميم فإنه يتبصّع

بالصاد ، أي : يسيل قليلا قليلا ، فقال : ابن دريد «أخذ هذا من كتاب ابن المظفّر فمرّ على التصحيف الذي صحّفه» (٣).

لم يكن الخليل مصحفا ، ولا الليث كما يحلو للأزهريّ ذلك ، فقد عرض في العين في ترجمة (بصع) لكلتا الرواتين ، يتبصع بالصاد المهملة ، ويبضع بالضاد المهملة ولكن الأزهري أخفي هذا ليضفي على زعمه شيئا من الوجاهة.

__________________

(١) التهذيب ٢ / ٧٣.

(٢) العين ، ترجمة (سعد) في باب العين والسين والدال معهما.

(٣) التهذيب ٢ / ٥٣.

٢١

ومن ذلك ما جاء في ترجمة (عصم) : «والأعصم : الوعل ، وعصمته بياض شبه زمعة الشاة في رجل الوعل في موضع الزمعة من الشاء». (١)

قال الأزهريّ : «الذي قاله الليث في نعت الوعل أنه شبه الزّمعة تكون في الشاء محال». (٢). وتغافل عما ورد في الترجمة نفسها من قوله : «قال أبو ليلى : هي عصمة في إحدى يديه من فوق الرسغ إلى نصف كراعه» ثم أردفه بشاهد من قول الأعشى :

فأرتك كفّا في الخضا

ب معصما ملء الجباره

وذكره الرأيين يسدّ باب التحامل في وجه الأزهريّ.

وأعجب من هذا كله فعلته في ترجمة (سمع) فقد زعم أنّ الليث قال : «تقول العرب : سمعت أذني زيدا يفعل كذا ، أي : أبصرته بعيني يفعل ذاك» ، فعقب عليه بقوله :

«قلت : لا أدري من أين جاء الليث بهذا الحرف ، وليس من مذاهب العرب أن يقول الرجل : سمعت أذني بعني ابصرت عيني ، وهو عندي كلام فاسد ، ولا آمن أن يكون ممّا ولّده أهل البدع والأهواء ، وكأنه من كلام الجهمية» (٣).

وجاء ابن منظور على عادته فنقل ذلك عنه من دون تحفّظ.

إذا استطاع الأزهريّ أن يثير الدخان حول «العين» ويكدر الهواء من حوله حينا من الدهر فلن يستطيع دخانه أن يثبت أبدا فسيتبدّد أمام الواقع الناصع ، والحقيقة المجلّوة ، وقد أتيح لكتاب «العين» أن يبقي ، وأن يستعصي على ما أراد له الأزهريّ وأمثاله ، وأن تتداوله أقلام النسّاخ على تعاقب العصور شاهدا على جحود أبناء العربية لكتابها الأول كتاب «العين».

وهذا هو النص الذي شوّهه الأزهريّ ، أو جاءه مشوّها ولم يتحرّ فيه الصواب ، وهو مما اتفقت فيه نسخ العين الموجودة.

__________________

(١) انظر مادة «زمع» في ، التهذيب.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) انظر مادة «سمع» في «التهذيب».

٢٢

قال الخليل في ترجمة (سمع) : «وتقول : سمعت أذني زيدا يقول كذا وكذا ، أي : سمعته ، كما تقول : أبصرت عيني زيدا يفعل كذا وكذا ، أي : أبصرت بعيني زيدا» (١).

فأين هذا مما خلّط فيه الأزهريّ وحرّف وصحف ، وهو كلام سليم لا غبار عليه ، غير أن ما فعله الأزهريّ هنا لقليل من كثير مما تعرّض له العين من الأزهريّ ومن حذا حذوه ، وهو قليل من كثير مما ورّط الأزهريّ نفسه فيه من تحامل على الخليل ، والغضّ من شأن عمله اللغوي الكبير من وراء حجاب سماه الليث أو ابن المظفّر.

على أنّ كثيرا مما كان ينسبه الأزهريّ إلى اللّيث كان ابن فارس ينسبه إلى الخليل ، ومن ذلك أنّ الأزهريّ قال : «وقال الليث : العسن : نجع العلف والرّعي في الدّوابّ» (٢)

وقال ابن فارس : «قال الخليل : العسن : نجوع العلف والرّعي في الدّوابّ» (٣).

وإنّ كلّ ما كان ينسبه الأزهريّ الى اللّيث كان أبو عليّ القالي ينسبه في «بارعه» إلى الخليل.

من ذلك :

(١) ما جاء في التهذيب في ترجمة (ضغط) : «قال اللّيث» : «الضّغط عصر شيء إلى شيء ، والضّغاط : تضاغط النّاس في الزحام ونحو ذلك» (٤)

فقد جاء في البارع قوله : «وقال الخليل : الضّغط : عصر شيء إلى شيء ، والضغاط : تضاغط الناس في الزحام ونحوه» (٥)

__________________

(١) العين ، باب العين والسين والميم معهما ؛ (سمع).

(٢) التهذيب ٢ / ١٠١.

(٣) المقاييس ٤ / ٣١٦.

(٤) التهذيب ٨ / ٣.

(٥) البارع ص ٢٥٧.

٢٣

(٢) وما جاء في التهذيب في ترجمة (غضن) ، قال : وقال الليث : الغضن والغضون : مكاسر الجلد في الجبين (١).

وجاء في البارع : «وقال الخليل : الغضن والغضون مكاسر جلد الجبين» (٢)

(٣) وما جاء في التهذيب في ترجمة (غضف) : «قال الليث : الغضف : شجر بالهند كهيئة النخل سواء من أسفله إلى أعلاه [له] سعف أخضر مغشّ عليه. ونواه مقشّر بدون لحاء» (٣).

فقد جاء في البارع هكذا : «وقال الخليل : الغضف بفتح الغين والضاد شجر بالهند كهيئة النخل سواء من أسفله إلى أعلاه [له] سعف مغشّ عليه ، ونواه مقشّر بدون لحاء» (٤) وكان الدكتور عبد الله درويش قد فطن لهذا حين قال : «نرى أنّ الأزهريّ في تهذيبه ، حينما لم تسعفه الأمور بما يرى به الخليل ، كما فعل بابن دريد وغيره رأى أن يتحاشي أن يترجم للخليل حتى لا يتعرض لذكر العين تحت اسمه بالمرة [كذا] وعند ما نرى في مقدمته ذكر الخليل فإنما كان ذلك عرضا عند الكلام على اخرين كتلاميذه مثلا. وترى قبل أن نعرض للسبب الرئيسي لتجنّب الأزهري ذكر الخليل أن نذكر أنّ تعصب الأزهريّ لم يكن فقط ضدّ [كذا] كتاب العين أو ابن دريد الذي رأى أنّ العين تأليف الخليل بل تعدّاه هذا إلى كل من ألف في المعاجم من قبله» (٥)

__________________

(١) التهذيب ٨ / ١٠.

(٢) البارع ص ٢٥٥.

(٣) التهذيب ٨ / ٩٧.

(٤) البارع ص ٢٦٠

(٥) المعاجم العربية ص ٥٦.

٢٤

وهكذا كانت الحال مع أبي عليّ القالي الذي أشاع نفي نسبة العين إلى الخليل في ربوع الأندلس التي رحل إليها ، ولقّن تلاميذه تلك الأفعولة التي افتعلها ذهن أبي حاتم السّجستانيّ ، وحبّه لنفسه وتعصّبه على كل ما ليس بصريّا ، وما لم يصل إليه علمه وراح تلميذه أبو بكر الزبيديّ يردد ما تلقّاه عنه في غير وعي.

وإذا أنكر عليه من في الأندلس من الدارسين حملته على كتاب العين ونفي نسبته إلى الخليل والطعن عليه بالتخليط والخلل والفساد أخذ يدّري حملات الدارسين عليه بالثناء على الخليل «أوحد العصر وقريع الدهر ، وجهبذ الأمّة ، وأستاذ أهل الفطنة ، الذي لم ير نظيره ، ولا عرف في الدنيا عديله». (١)

ولكنّه ما زال ينفي أن يكون العين كتاب الخليل مرددا مزاعم أبي حاتم الّجستانيّ في نفيه نسبته إلى الخليل ، محتجا بحجته ، زاعما. أنّ فيه من الخطأ «ما لا يذهب على من شدا شيئا من النّحو ، أو طالع بابا من الاشتقاق والتصريف» (٢).

ولكنّه لم يعزّز زعمه بذكر أمثلة التخليط والخلل والفساد ، حتى إنّ السيوطيّ بعد أن اقتبس من كتابه المسمى باستدراك الغلط الواقع في كتاب العين قال : «وقد طالعته إلى اخره فرأيت وجه التخطئة فما خطّىء فيه غالبه من جهة التصريف والاشتقاق كذكر حرف مزيد في مادة أصلية ، أو مادة ثلاثية في مادة رباعية ، ونحو ذلك. وبعضه ادّعى فيه التصحيف ، وأما أنه يخطّأ في لفظة من حيث اللغة بأن يقال : هذه اللّفظة كذب ، أو لا تعرف فمعاد الله لم يقع ذلك» (٣)

وإذا كان الأمر كما قال السيوطيّ لم يكن يقتضي كل تلك الضجة ولا كلّ ذلك التشهير ، وكان من الإنصاف لكتاب العين أن يحمل ما زعموا من تخليط وخلل وفساد على أنه من عبث الوراقين وجهل النسّاخ ، وكان يسيرا. لو حسنت النيّة ، أن يقوّم الكتاب ،

__________________

(١) المزهر ١ / ٨٠

(٢) المزهر ١ / ٨٦.

(٣) المزهر ١ / ٨٦.

٢٥

ويصحح ما فيه من خطأ ، وينبه على ما فيه من تصحيف لم يسلم منه كتاب في ذلك الزمان.

ولكنّ الزبيديّ لم يفعل شيئا من ذلك ، بل عمد ، استجابة لأمر المستنصر بالله الى «اختصار الكتاب المعروف بكتاب العين المنسوب إلى الخليل بن أحمد الفراهيديّ بأن يؤخذ عنه عبونه ، ويلخّص لفظه ويحذف حشوه ، ويسقط فضول الكلام المتكررة فيه ، لتقر بذلك فائدته ، ويسهل حفظه ، ويخفّ على الطالب جمعه» (١).

لقد أراد أبو بكر الزبيديّ باختصاره العين أن يحسن إليه فأساء إليه إذ حذف منه «شواهد القرآن والحديث وصحيح أشعار العرب» (٢) ، وتركه جسما بلا روح.

وأبو بكر الزّبيديّ تلميذ أبي عليّ القالي ، وعنه تلقّى الدعوة إلى التشهير بكتاب العين ورميه بالتخليط ، والخلل والفساد ، فقد ارتحل القالي إلى ربوع الأندلس وحمل معه السّجستاني ، وأشاعه في تلك الربوع ، وألف معجما بناه على كتاب العين ، لكنّه سماه بالبارع غمزا لكتاب العين ، وإيهاما بفضله عليه ، كما فعل الأزهريّ في المشرق حين سمّى كتابه بتهذيب اللّغة لذلك.

على أن أبا عليّ بتأثير شيخه ابي بكر بن دريد ، وبالتزامه مقابلة نسخ العين بأمر من الحكم المستنصر بالله لم ير مناصا من الاعتراف بواقع الأمر ، وبتصحيح نسبة الكتاب إلى الخليل ، ولذلك حين صنف (البارع) نسب كل ما فيه إلى الخليل ، ولم ينسب شيئا فيه إلى اللّيث ، كما دأب الأزهري عليه ، وقد مر بنا أمثلة ذلك.

وقد أتيح لدارس محدث عني بتحقيق نص من البارع أن يوازن بين ما رواه عن الخليل في هذا الجزء وهو معظمه وما جاء في نسختي كتاب العين اللتين وقف عليهما «فإذا بالكتابين [يعني البارع والعين] متطابقان حذو القذّة بالقذّة» (٣).

وينتهي هذا الدرس إلى أن يقول : «بهذا يكون البارع أقدم نسخة وصلت إلينا من

__________________

(١) الورقة (ء (من مختصر العين (نسخة مدريد).

(٢) المزهر ١ / ٨٨.

(٣) البارع تحقيق الدكتور هاشم الطعان ص ٦٦.

٢٦

كتاب العين». ولو كان من همّ هذا الدارس أن يوازن بين ما نقله من العين وما في نسخ العين لعرف أن «تهذيب اللغة» نسخة قديمة أخرى لكتاب العين زيد عليها نقول عن أعلام اخرين فعل القالي في البارع.

ومن المستغرب أن تجوز هذه الأفعولة على الدارسين المحدثين فيستمسك بها للطعن في نسبة «العين» إلى الخليل بدون تثّبت ولا تحقيق.

وبعد الوقوف على أهم نسخ العين الموجودة ومقابلتها بما في التهذيب والبارع والمقاييس والمحكم ، وبما حكته أمّات المعجمات هنا وهناك تراثا نصل إلى نقطتين مهمتين :

الأولى : أن كتاب «العين» بتأسيسه وبحشوه ، وببيانه وتفسيره واستشهاده ، إنما هو كتاب الخليل ، لأنه بعمله وعقله أشبه.

الثانية : أن كتاب العين بالرغم مما قيل فيه ، ومما مني به من جحود وتحامل وتشهير ، وبالرغم مما فعل به تقادم الزمن وعبث الورّاقين ... كان مصدر إلهام اللّغويين الذين احتذوه ، ونهجوا نهجه ، بل كان المادة الأساس لمعجماتهم وارائهم في اللغة وفقهها ، كان مصدر إلهام اللّغويين الذين احتذوه ، ونهجوا نهجه ، بل كان المادة الأساس لمعجماتهم وارائهم في اللغة وفقهها ، وكان نقلة عظيمة نقلت التأليف المعجميّ من طور السذاجة إلى طور النضج والاكتمال.

وإذا كان أحمد بن فارس اللّغويّ والجوهري وغيرهما قد اختطوا لمعجماتهم رسما جديدا ، وبنوها على أسس جديدة فقد كان ذلك ، بلا ريب ، من تأثير العين وتوجيهه.

٢٧

طريقة الكشف عن الكلمات في «العين»

عرفنا قبل قليل أنّ كل حرف من الحروف الصحاح يحتوي ستة أبواب ، هي : باب الثنائيّ ، وباب الثلاثي الصحيح ، وباب الثلاثيّ المعتلّ ، وباب اللفيف ، وباب الرباعي ، وباب الخماسيّ.

باب الثنائيّ من كل حرف يحتوى الكلمات الثنائية التي تبدأ بذلك الحرف.

وباب الثلاثي الصحيح يحتوى الكلمات الثلاثية التي تبدأ بذلك الحرف.

وكذلك سائر الأبواب.

ومثال الثنائي من حرف العين : عق وعك إلى عمّ ، وكل كلمة منها تمثّل مجموعة على حدة ، وفي كل مجموعة من الثنائي وجهان أو تقليبان ، ففي مجموعة (عق) : عقّ وقعّ ، وفي مجموعة (عمّ) : عم ومع. ولا يترجم لمجموعة (عكّ) إلّا بعد الانتهاء من مجموعة (عق) التي قبلها.

ومثال الثلاثي من حرف العين : عقر وعقم ، وكل ثلاثيّ يمثّل مجموعة على حدة تحتوى ستة أوجه أو تقليبات ، فمجموعة (عقر) هي : عقر ، عرق ، قرع ، قعر ، زعق ، رقع. وقد تكون المجموعة كلها مستعملة وقد يكون بعضها مستعملا وبعضها مهملا. ولا يثبت من المجموعة إلّا المستعمل.

ومثال الرّباعيّ من حرف العين : عقرب وعلقم ، وكل رباعي يمثل مجموعة تحتوي أربعة وعشرين وجها أو تقليبا ، أكثر هل مهمل.

ومثال الخماسيّ من حرف العين : قرعبل ، وكلّ خماسيّ يمثل مجموعة يندرج فيها عشرون ومئة وجه أو تقليب ، ولا يستعمل منه إلّا القليل القليل.

والذي جعل (قرعبل) من الخماسّ من حرف العين هو أن العين أحد أصولها.

وهكذا سائر الحروف الصحاح إلى الميم الذي هو آخرها.

٢٨

وينبغي لمن يريد الوقوف على ترجمة كلمة في كتاب العين :

(١) أن يعرف ترتيب حروف الهجاء الذي قام عليه تأليف كتاب العين ، وحروف الهجاء في كتاب العين مرتبة على النحو الآتي :

ع ح ه خ غ ـ ق ك ـ ج ش ض ـ ص س ز ـ ط د ت ـ ظ ذ ث ـ ر ل ن ـ ف ب م ـ وا يء.

ولا بد قبل أن نحاول الكشف عن كلمة أن نعرف هذا الترتيب معرفة تامّة ، لنستطيع أن نحدّد موقع أيّ باب من أبواب الكتاب ، وأبوابه ، بناء على هذا الترتيب ، هي : باب العين ثم باب الحاء ، ثم باب الهاء إلى باب الميم.

(٢) وأن نجرّد الكلمة من الزوائد ، فكلمة (لمعان) نجدها في باب الثلاثيّ من حرف العين أي : في باب العين واللّام والميم معهما وتكون الكلمة حينئذ لمع ولا اعتبار للألف والنّون ، لأنهما زائدان على أصل البناء ، وكلمة (لمع) هي في مجموعة (علم).

(وكلمة تعاطف) نجدها في باب الثلاثي من حرف العين وفي باب العين والطاء والفاء معهما. أي : عطف ، بعد تجريدها من الزائدتين التاء والألف.

وكلمة (قرعبلانة) نجدها في باب الخماسيّ من حرف العين ، وفي باب العين والقاف والراء واللام والباء ، بعد تجريدها من الألف والنون والهاء ، لأنّهن زوائد.

(٣) وأن نردّ المعلّ إلى أصله في الكلمة المعتلّة التي فيها إعلال ، فكلمة (عطية) بعد تجريدها من الزائد وهو الياء والهاء ، وبعد إعادة المعلّ إلى أصله ، في باب الثلاثي المعتل من حرف العين ، وفي باب العين والطاء والواو ومعهما ، أي : عطو ، وكانت الواو معلّة بسبب سكون الياء قبلها. ومثلها كلمة (ميعاد) ، نجدها في (وعد) في باب العين والدال والواو معهما ، وكانت الواو قد أعلت بكسر ما قبلها.

(٤) وإذا لم يكن في الكلمة (عين) كان الاعتبار للحرف الأسبق في ترتيب الحروف ، فكلمة (لهج) مثلا نجدها في باب الثلاثي من حرف الهاء ، وفي باب الهاء والجيم

٢٩

واللام معهما ، لأن الهاء في ترتيب الحروف أسبق من الجيم ، والجيم أسبق من اللام.

وكلمة (فرط) نجدها في باب الثلاثي الصحيح من حرف الطاء ، وفي باب الطاء والراء والفاء معهما ، لأن الطاء أسبق من الراء والراء أسبق من الفاء.

وكلمة (سلق) نجد في باب الثلاثي من حرف القاف ، وفي باب القاف والسين واللام معهما ، لأنّ القاف أسبق من السين ، والسين أسبق من اللام.

وكلمة (ميقات) مثلا نجدها في باب الثلاثي المعتلّ من حرف القاف ، وفي باب القاف والتاء والواو معهما ، والكلمة بعد تجريدها من الزيادة ، وإعادة المعلّ إلى أصله تكون (وقت).

(٥) وكلمة (وأي) نجدها في اخر باب من أبواب الكتاب ، أعني باب الأحرف المعتلّة ، لأنها تتألف من الواو والهمزة والياء وكلهن من أحرف العلّة.

٣٠

وصف نسخ كتاب العين

اعتمدنا في التحقيق على المخطوطات التي استطعنا الحصول عليها ، وهي ثلاث مخطوطات :

ا ـ نسخة السيد حسن الصدر المرموز لها بالحرف (ص).

ولدينا منها مصورة وهي مكتوبة بخط نسخيّ واضح ، وفيها من الضبط بالشكل ، وتاريخ كتابتها هو سنة أربع وخمسين وألف من الهجرة ١٠٥٤ هجري.

وتقع في ٤٣٢ لوحة ، وفي كل صفحة ثلاثة وعشرون سطرا وفي كل سطر نحو ثماني عشرة كلمة.

وقد جعلناها الأصل ، لأنها أقدم النّسخ الثلاث وأقلّهنّ خطأ أو تصحيفا.

واللوحة الأولى من هذه النسخة كتب في أعلاها وعند الزاوية اليمني بخط مغاير لخط النسخة :

كتاب العين في اللغة للخليل

ابن أحمد رحمه‌الله

وكتب تحت ذلك بخط الرقعة :

من كتب مكتبة الإمام المغفور له

آية الله السيد حسن الصدر

في الكاظمية.

وفي ثلث الصفحة من اسفل سطر ونصف بلغة فارسية كتب اسم الكتاب واسم المؤلف و...... وتحت ذلك حروف الهجاء مرتبة على المخارج ، كما رتبها الخليل.

وختمت الصفحة الأخيرة من المخطوطة بهذه العبارة : (فلو تكلفت من الآية اشتقاقا على قياس علامة معلمة لقلت : إية مأياه قد أيّيت فاعلم إن شاء الله. هذا اخر كتاب

٣١

اللغة الموسوم بالعين ، وقد وقع الفراغ من كتابته سنة أربع وخمسين بعد الألف وكاتبه الضعيف ابراهيم الأصفهاني.

ب ـ نسخة طهران المرموز لها بالحرف (ط)

تقع في خمسين ومئتي ورقة ، في الصفحة منها تسعة وعشرون سطرا وفي كل سطر نحو ثلاث وعشرين كلمة في (المعدّل). وتاريخ نسخها هو سنة سبع وثمانين وألف من الهجرة ١٠٨٧ هج ، وهي مكتوبة بخط نسخيّ جميل ، وقد ضبطت بعض كلماته ببعض الضبط ، واسم كاتبها كما دوّن في المخطوطة : ابن محمد يوسف مرتضى قلى افشار وهو ناسخ لا يفرق بين المذكر والمؤنث ، ولذلك كثر الخلط والخطأ من هذه الناحية كما كثر فيها التصحيف.

ولدينا منها مصورة كتب على اللوحة الأولى منها ، وهي ليست من لوحات الكتاب:اسم الجهة التي تقتني هذه المخطوطة وهي مكتبة مجلس الأمة الإيراني ، واسم الكتاب واسم المؤلف ورقم الكتاب.

أما الصفحة الأولى من الكتاب فكان فيها ما يأتي :

(بسم الله الرحمن الرحيم وبحمد الله نبتدىء

بالله نستهدي وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل هذا ما ألفه الخليل ابن أحمد البصري رحمه‌الله عليه من حروف ا ب ت ث (بياض) ما تكلمت مدار كلام العرب وألفاظهم ولا يخرج منها عنه شيء ...).

وأما الصفحة الأخيرة فقد جاء فيها :

(فلو تكلفت من الآية اشتقاقا على قيلس علامة معلمة لقلت اية مأياة قد اييت فاعلم إن شاء الله تمت حروف المعتلّة بحمد الله ومنه ، اخر كتاب اللغة الموسوم بالعين عن الخليل بن أحمد رحمة الله عليه).

وبعد هذا سطران في الصلاة على النبيّ وذكر صفاته. وختمت الصفحة بهذه العبارة :

٣٢

(تمّت كتاب لغة الموسوم بالعين بعون الله تعالى ومنّه في يوم الثلثا عشرين من شهر ذى حجة الحرام من شهور سنة سبعة وثمانين بعد الألف من الهجرة النبوية المصطفوية على يد الضعيف النحيف المحتاج إلى رحمة الله الملك الغفار ابن محمد يوسف مرتضي قلى افشار عفي عنهما وغفر ذنوبهما وستر عيوبهما).

ج ـ نسخة مكتبة المتحف المرموز لها بالحرف (س)

وهي مكتوبة بخط فارسي واضح وليس فيها أثر لضبط بالشكل ، وفيها زيادة أحيانا وفيها تصحيف إلّا أنه أقلّ مما في (ط) وليس فيها ما في (ط) من خلط بين المذكر والمؤنث لأن الناسخ عربيّ صليبة.

ولدينا منها مصورة تقع في أربع مئة لوحة ولوحة ، وهي مقسومة نصفين متعادلين تقريبا ، يقع النصف الأول في ثلاث ومئتي لوحة ، والنصف الثاني في ثمان وتسعين ومئة لوحة. وفي الصفحة منها خمسة وعشرون سطرا ، وفي كل سطر نحو خمس عشرة كلمة في (المعدّل).

وقد ثبت في اللوحة الأولى فهرس النصف الأول وأوّله خطبة الكتاب واخره باب الخماسيّ من حروف الغين. وفي الصفحة الأولى من الكتاب هذه العبارة :

(هذا كتاب العين في اللغة العربية)

للخليل بن أحمد الفراهيدي

بسم الله الرحمن الرحيم

بالله نستهدي وعليه نتوكّل فهو حسبنا ونعم الوكيل هذا ما ألفه الخليل ابن أحمد البصريّ من حروف ا ب ت ث مما تكلمت به العرب في مدار كلامهم وألفاظهم فلا يخرج منها عنه شيء).

وختم النصف الأول بباب الخماسيّ من حرف الغين وزيادات من الرباعيّ واخر عبارة من هذا الباب : («المتلغذم : الشديد الأكل» تمّ حرف الغين).

٣٣

وكتب الناسخ بعد هذا : (وقد انجز النصف الأول من كتاب العين بقلم الجاني ذى المساوى محمد بن الشيخ طاهر السماوي في النجف في اليوم الخامس عشر من محرم الحرام من سنة ألف وثلاثمائة وأربع وخمسين من الهجرة على نسخة سقيمة بالتحريف فصحّحت هذه النسخة إلّا ما قل بمراجعة كتب اللّغة ، وفرغت حامدا مصليا مستغفرا).

وبدىء النصف الثاني بأول باب القاف ، وختم بهذه العبارة : (وقد نجز النصف الثاني من الكتاب المسميّ بالعين المنسوب إلى الخليل بن أحمد بقلم أقل العباد ذي المساوي محمد بن الشيخ طاهر المعروف بالسماوي في النجف في اليوم التاسع والعشرين من صفر الخير سنة ألف وثلاثمئة وخمسين من الهجرة على نسخة كثيرة التحريف والتصحيف قاسيت فيها عرق القربة ، وصحّحت فيها حسب الجهد حامدا الله مصليا على رسوله واله مسلّما).

٣٤

٣٥
٣٦

٣٧
٣٨

٣٩
٤٠