شرح كتاب سيبويه - ج ٣

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان

شرح كتاب سيبويه - ج ٣

المؤلف:

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان


المحقق: أحمد حسن مهدلي و علي سيّد علي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5251-0

الصفحات: ٥٠٤

فإنما هو : " حين حين" و" لا" بمنزلة" ما" إذا ألغيت.

واعلم أنه قبيح أن تقول : " مررت برجل لا فارس" حتى تقول : لا فارس ولا شجاع ، ومثل ذلك : هذا زيد لا فارسا ، لا يحسن حتى تقول : لا فارسا ولا شجاعا ؛ وذلك أنه جواب لمن قال أو لمن يجعله ممن قال : أبرجل شجاع مررت أم بفارس؟ ولقوله : أفارس زيدا أم شجاع؟

وقد يجوز على ضعفه في الشعر ، قال رجل من بني سلول :

وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا

حياتك لا نفع وموتك فاجع (١)

فكذلك هذه الصفات وما جعلته خبرا للأسماء نحو : زيد لا فارس ولا شجاع.

واعلم أن" لا" في الاستفهام تعمل فيما بعدها كما تعمل فيه إذا كانت في الخبر ، فمن ذلك قوله وهو حسان بن ثابت الأنصاري.

ألا طعان ولا فرسان عادية

إلا تجشّؤكم عند التنانير (٢)

وقال : في مثل : " ألا قماص بالعير؟ "

ومن قال لا غلام ولا جارية. قال : ألا غلام؟ وألا جارية؟

واعلم أن" لا" إذا كانت مع ألف الاستفهام ودخل فيها معنى التمني عملت فيما بعدها فنصبته.

ولا يحسن لها أن تعمل في هذا الموضع إلا فيما تعمل فيه في الخبر. وتسقط النون والتنوين في التمني كما سقطا في الخبر ، فمن ذلك : ألا غلام لي؟ وألا ماء باردا؟

ومن قال : لا ماء بارد. قال : ألا ماء بارد؟ ومن ذلك : ألا أبا لي؟ وألا غلام لي؟

وتقول : ألا غلامين وجاريتين لك كما تقول : لا غلامين وجاريتين لك.

وتقول ألا ماء ولبنا؟ كما قلت : لا غلام وجارية لك تجريها مجرى" لا" ناصبة في جميع ما ذكرت لك.

وسألت الخليل عن قوله :

ألا رجلا جزاه الله خيرا

يدلّ على محصّلة تبيت (٣)

__________________

(١) البيت في ابن يعيش ٢ / ١١٢ ، والأشموني ٢ / ١٨.

(٢) البيت في ديوانه ٢١٥ ، والمغني ١ / ٦٨.

(٣) قائل البيت عمرو بن قعاص ، انظر : نوادر أبي زيد ٥٦ ، وابن يعيش ٧ / ٥ ، و ٩ / ٨٠ ، الأشموني ٢ / ١٦.

٤١

ويروى : محصلة ، فزعم أنه ليس على التمني ولكنه بمنزلة قول الرجل : فهلا خيرا من ذلك.

كأنه قال : ألا تروني رجلا جزاه الله خيرا؟ وأما يونس فزعم أنه نوّن مضطرا وزعم أن قوله :

لا نسب اليوم ولا خلّة (١)

على الاضطرار.

وأما غيره فوجهه على ما ذكرت لك ، والذي قال : مذهب ، ولا يجوز الرفع في هذا الموضع لأنه ليس بجواب لقوله : أذا عندك أم ذا؟ وليس في ذا الموضع مغني ليس".

وتقول : " ألا ماء وعسلا باردا حلوا" لا يكون في الصفة إلا التنوين ؛ لأنك فصلت بين الاسم والصفة حين جعلت البرد للماء والحلاوة للعسل.

ومن قال : " لا غلام أفضل منك" لم يقل في : ألا غلام أفضل منك إلا بالنصب ؛ لأنه دخل فيه معنى التمني وصار مستغنيا عن الخبر كاستغناء : اللهم غلاما ومعناه : " اللهم هب لي غلاما".

قال أبو سعيد : ذكر سيبويه في أول هذا الباب أشياء دخلت عليها" لا" ولم تعمل فيها ولم يلزمها التكرير.

واعتمد على أن الأشياء التي دخلت عليها" لا" في هذا الباب مبنية على أفعال مضمرة وقد نصبتها. وأن الفعل إذا دخلت عليه" لا" لم يلزم تكرير" لا" بها وللسائل أن يسأل عن السبب الذي من أجله لم يلزم التكرير في الفعل كما لزم في الاسم.

قال أبو العباس : " الأفعال وقعت موقع الأسماء النكرات التي تنصبها" لا" وتبنى معها ؛ لأن الأفعال في مواضع النكرات ، فلذلك لم تحتج إلى تكرير" لا" ولم يجز أن تبني مع" لا" لأنها ليست أسماء.

ولو قدرتها تقدير" لا رجل في الدار ولا غلام" لقلت : لا يقوم زيد ولا يقعد.

وصارت جوابا لقوله : أيقوم زيد أم يقعد؟ "

والذي احتج به أبو العباس لا يصح على موضع أصحابنا لأنهم يقولون : عوامل

__________________

(١) صدر بيت سبق تخريجه.

٤٢

الأسماء لا تدخل على الأفعال.

والصحيح عندي : أن" لا" الواقعة على الفعل لا يلزمها التكرير ؛ لأنها جواب يمين واليمين قد تقع على فعل واحد مجحود ، فلا يجب فيها تكرير" لا" ويمينك واقعة على شيء واحد.

ووجه آخر أيضا : وهو أن لا أفعل .. نقيض : " لأفعلن" كقولك : والله لأضربن زيدا نقيضه : لا أضرب زيدا.

فمن حيث لم يجب ضم فعل آخر إلى : لأضربن ، لم يجب ضم فعل آخر إلى : لا أضرب.

وأيضا فإن الفعل قد ينفى" بلم" و" لن" ولا يلزمهما تكرير قولك : لم يقم زيد ولن يخرج أخوك ولا يلزمها تكرير و" لا" مثلهما في أنها تنفي الفعل وإن كانت تختص بجواب التمني.

فما كان من ذلك منصوبا فعلى إضمار فعل قد وقع عليه فنصبه ، وما كان منه على جهة الخبر فدخول" لا" فيه كدخولها في اليمين كقولك ولا كرامة ولا مسرة ، كأنه قال : لا أكرمك كرامة ولا أسرك مسرة.

وما كان منه دعاء فهو نقيض فعل الدعاء الذي يحتاج إلى تكرير ، كقولك" لا شللا ولا سقيا ولا رعيا". لأن" لا" دخلت على : شللا وسقيا ورعيا الذي هو دعاء.

وما كان من ذلك مرفوعا وفيه معنى الدعاء فهو بهذه المنزلة ؛ لأن أصله الفعل ولا يلزمك فيه تثنية" لا" ولا تكريرها كقوله :

" لا سلام على عمرو" لأن معناه : لا سلم الله على عمرو ولا بك السوء ، وسلام مبتدأ وعلى خبره وجاز الابتداء بنكرة ؛ لأن معناه معنى فعل يدعى به.

وقوله : " لا بك السوء"" السوء" مبتدأ و" بك" خبره وأصله" بك السوء" ودخلت عليه" لا" لقلب معناه في الدعاء.

وقيل فيه وجه آخر : وهو أن يكون" بك" في صلة خبر محذوف ، كأنه قال بك السوء واقع ، وإنما جاء : سلام عليكم و (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)(١) وما جرى مجراه على لفظ الخبر كما جاء : غفر الله لك ولعن الله فلانا بلفظ الخبر ومعناه معنى الدعاء.

__________________

(١) سورة هود ، من الآية ٧٣.

٤٣

وقوله : ولو قبح دخولها هاهنا لقبح في الاسم ؛ يعني لو قبح دخول" لا" في قولك : لا أكرمك ولا أسرك لقبح في قولك : ولا كرامة ولا مسرة ؛ لأن هذا الاسم يعمل فيه الفعل كما قبح : لا ضربا. إذا أردت : لا اضرب يعني : دخول" لا" على فعل الأمر لا يجوز ؛ لأن صيغة الأمر تجري مجرى الإيجاب. وصيغة النهي تجري مجرى الجحد.

ألا ترى أنا لو أدخلنا لام الأمر لم يجز أن تدخل معها" لا" التي للنهي ولا" لا" التي للجحد في الخبر. لا تقول : لا ليقم زيد ؛ لأنك تصير آمرا ناهيا بحرف النفي ، ودخول حرف الأمر كما لا تكون جاحدا الشيء معترفا به ، و" لا" التي للخبر لا يصلح دخولها على الأمر فتكون آمرا مخبرا وهذا لا يجوز.

وإنما تدخل" لا" التي في الخبر على فعل هو خبر ؛ لأن الجحد والإيجاب هما خبران كقولك : أكرمك ولا أكرمك وأسرك ولا أسرك.

وقولهم : لا سواء إنما يتكلم به المتكلم عند ادعاء مدع لاثنين جرى ذكرهما أن أحدهما مثل الآخر ؛ أي هما سواء فيقول المنكر لمن قال : لا سواء أي هما لا سواء. أو هذان لا سواء ، فهذان مبتدأ" وسواء" خبره ، ودخلت" لا" لمعنى الجحد واستجازوا حذف المبتدإ لأنهم جعلوا" لا" كافية من المبتدإ لكثرة الكلام عند رد بعضهم على بعض ادعاء التساوي في الشيئين.

وشبهه بجعل" ها" عوضا عن واو القسم في : (لا ها الله ذا) وعوض" ها" من الواو أوكد ؛ لأن المبتدأ المحذوف يجوز أن يؤتى به فيقال : هذان لا سواء ، ولا يجوز أن يؤتى بالواو مع" ها" لأنهم قد غيروا لفظ الكلام في الأصل وترتيبه ؛ لأن أصله لا والله هذا ما أقسم به ، ثم قدموا" ها" وفصلوا بين حرفي التنبيه والإشارة : " ها" و" ذا" ولو لم تدخل" لا" لم تقل : سواء وأنت تعني : هما سواء.

وقولهم : لا نولك أن تفعل كذا هذا هو من التناول للشيء ، وهم يريدون به الاختيار ، فإذا قالوا : قولك أن تفعل كذا وكذا فمعناه : ينبغي لك أن تفعل كذا ، والاختيار لك أن تفعل.

" ولا نولك أن تفعل" معناه : لا ينبغي لك أن تفعل ، وقد يوقع" قولك" على جميع فعله.

ألا ترى أن الأخذ قد يستعمل في جميع الأفعال حتى يقال : فلان لا يأخذ ولا يترك إلا بأمر فلان.

ويستعمل في موضع ضد الترك ولهذا صار : نولك بمعنى فعلك ؛ لأن التناول بمعنى

٤٤

الأخذ.

وقولك" أخذته بلا ذنب" وغضبت من لا شيء" لا" بمعنى" غير" واستعملت في معنى" غير" لما بينهما من الاشتراك في الجحد ؛ لأن" غيرا" مسلوب عنها ما أضيفت إليه.

فإذا قلت : مررت بغير صالح ، فغير هو الذي مررت به و" صالح" لم تمرر به وقد سلب من (غير) الصلاح الذي هو لما أضيف إليها.

فإذا قلت : أخذته بلا ذنب وغضبت من لا شيء فمعناه : أخذته بغير ذنب وغضبت من غير شيء" فغير" مخفوض بحرف الخفض الذي دخل. فإذا جعلت مكان" غير"" لا" ف" لا" حرف لا يقع عليه حرف الخفض ، فوقع حرف الخفض على ما بعد" لا".

وعلى هذا : " ما كان إلا كلا شيء" أي : إلا كغير شيء وحين غير مال.

ومعنى قوله : أخذته بغير ذنب : لا يراد به : أخذته بشيء هو غير ذنب ، وكذلك جئت بغير شيء لا يراد به : جئت بشيء هو غير شيء. وإنما يراد به : جئت خاليا من شيء معك. وهذا معنى قوله : رائقا لأن الرائق : الخالي واشتقاقه من راق الشراب أي صفا ، كأنه جاء ولم يعبق به شيء سوى نفسه.

وقوله : " حين لا حين محن"" حين" منصوب" بلا" كقوله : لا مثل زيد ولا غلام رجل ، وخبره محذوف وهي جملة. وحين الأولى مضاف إليها كما تضاف أسماء الزمان إلى الجمل وتقديره : لا حين محن لنا و" لنا" هو الخبر.

وأما : " حين لا حين" فحين الأولى مضاف إلى الثاني و" لا" فيها فصلت بين الخافض والمخفوض كفصلها في : " جئت بلا شيء" و" غضبت من لا شيء" كأنه قال : حين لا حين فيه لهو ولعب. أو نحو ذلك من الإضمار ، وهو قبل دخول" لا" تقديره : حين حين فيه لهو ولعب.

وقوله : حياتك لا نفع ، فهو عند سيبويه ضعيف ؛ لأنه لم يكرر على ما تقدم من حكم تكريرها وتثنيتها.

قال أبو العباس محمد بن يزيد : لا أرى بأسا أن تقول : لا رجل في الدار ، وتجعله جواب قوله : هل رجل في الدار ، وجائز أن يكون لرجل واحد وجائز أن يكون في موضع جميع كما كان في" هل" كذلك.

ألا ترى أن قوله : لا رجل في الدار لا يكون إلا في موضع جميع ؛ لأنه جواب : هل من رجل في الدار؟ وقوله :

٤٥

حياتك لا نفع .. من ذلك على غير ضرورة.

وأما البيت المنسوب إلى حسان بن ثابت في الكتاب الذي أوله :

ألا طعان ولا فرسان عادية (١)

فذكر الجرمي أن البيت لعصام الزماني.

وقال أبو سعيد : في قولهم" ألا قماص بالعير" يضرب مثلا للرجل العيي الذي لا حراك به.

وإذا دخلت الألف قبل" لا" فلها مذهبان :

أحدهما : أن تكون استفهاما أو عرضا.

والآخر : أن تكون تمنيا.

فإذا كان استفهاما كان لفظ ما بعد" إلا" وما يكون عطفا عليه أو صفة له أو خبرا له على ما كان عليه من قبل دخولها من الرفع والنصب والإضافة إلى اللام في التثنية وفي" لا أبا لك" ونحوه.

وإن كان تمنيا فعلى مذهب سيبويه لا يجوز فيه الرفع على الصفة ولا على العطف للذي يقول : لا غلام أفضل منك ؛ لأنه يدخله معنى التمني ويصير مستغنيا كما استغنى اللهم غلاما ، ومعناه معنى المفعول.

وعلى قول المازني أن الحروف الداخلة على" لا" لا تغير حكم اللفظ فيما بعد" لا" ولها خبر مظهر أو مضمر كما كان لفظها قبل دخول الألف والجملة يراد بها التمني كما يراد بالاستفهام التقرير.

ألا ترى أنك تدخل في الاستفهام الذي يراد به التقرير الباء الزائدة التي لا تزاد إلا في الجحد ، ألا تسمع إلى قوله تعالى :

(أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى)(٢).

فأدخل الباء وإنما دخلت الباء أولا على خبر ليس قبل دخول ألف الاستفهام على ما يجوز في الجحد من دخول الباء الزائدة ، فدخلت ألف الاستفهام وأريد بالكلام كله التقرير.

وأما ما يلي" لا" فلا خلاف بينهم أن اللفظ على ما كان عليه قبل" لا" من النصب

__________________

(١) صدر بيت سبق تخريجه

(٢) سورة القيامة ، من الآية : ٤٠.

٤٦

وبناء الاسم مع" لا".

وقوله : ألا ماء وعسلا باردا حلوا فتقديره : ألا ماء باردا وعسلا حلوا. ولم يجز بناء" ماء" مع باردا لفصل" عسل" بينهما ، فوجب التنوين في" باردا" من أجل ذلك.

هذا باب الاستثناء

" فحرف الاستثناء" إلا" وما جاء من الأسماء فيه معنى" إلا" وما جاء من الأفعال فيه معنى" إلا" فلا يكون" وليس" وما عدا" وخلا" وما فيه ذلك من المعنى من حروف الإضافة وليس باسم" فحاشا"" وخلا" في بعض اللغات.

وسأبين لك أحوال هذه الحروف إن شاء الله الأول فالأول".

قال أبو سعيد : هذه الحروف متصلة في الأبواب التي تأتي. وأنا أفسّر كل واحد منها في موضعه إن شاء الله تعالى.

هذا باب ما يكون استثناء" بإلا"

اعلم أن" إلا" يكون الاسم بعدها على وجهين : ـ

فأحد الوجهين : ألا تغير الاسم عن الحال التي كان عليها قبل أن تلحق وكذلك" إلا" ولكنها تجيء لمعنى. كما تجيء" لا" لمعنى.

والوجه الآخر : أن يكون فيه الاسم بعدها خارجا مما دخل فيه ما قبله عاملا فيه ما قبله من الكلام. كما تعمل" عشرون" فيما بعدها إذا قلت : " عشرون درهما".

فأما الوجه الذي يكون فيه الاسم بمنزلته قبل أن تلحق" إلا" فهو أن تدخل الاسم في شيء تنفي عنه ما سواه. وذلك قولك : ما أتاني إلا زيد. وما لقيت إلا زيدا. وما مررت إلا بزيد. تجري الاسم مجراه إذا قلت ما أتاني زيد. وما لقيت زيدا. وما مررت بزيد. ولكنك أدخلت" إلا لتوجب الأفعال لهذه الأسماء ولتنفى ما سواها. فصارت هذه الأسماء مستثناة. فليس في هذه الأسماء في هذا الموضع وجه سوى أن تكون على حالها قبل أن تلحق" إلا". لأنها بعد" إلا" محمولة على ما يجر ويرفع وينصب كما كانت محمولة عليه قبل أن تلحق" إلا" ولم تشغل عنها قبل أن تلحق" إلا" الفعل بغيرها".

قال أبو سعيد : " إلا" أم حروف الاستثناء. والاستثناء : هو إخراج الشيء مما دخل فيه هو وغيره بلفظ شامل لهما. أو إدخال فيما خرج عنه هو وغيره بلفظ شامل لهما.

وقسم سيبويه الاسم الذي بعد" إلا" على وجهين :

٤٧

أحدهما : أن لا يتغيّر عما كان عليه قبل دخولها.

والآخر : يتغير عما كان عليه قبل دخولها.

وأفرد هذا الباب بالاسم الذي تدخل عليه" إلا" فلا تغيره عما كان عليه. وذلك كل ما كان فيه ما قبل" إلا" محتاجا إلى ما بعده. وذلك قولك : ما أتاني إلا زيد. وما لقيت إلا زيدا ، وما مررت إلا بزيد ، ثم جعل أبوابا يختلف فيها حكم الأسماء بعدها. وستقف على واحد واحد منها إن شاء الله.

قال أبو سعيد : وقد سمي هذا الباب استثناء ولم يذكر المستثنى منه. ولقائل أن يقول كيف جاز أن يستثني الشيء من لا شيء؟

فيقال له : هذا. وإن حذف واعتمد لفظ ما قبل حرف الاستثناء على الاسم الذي بعده في العمل فلا يخرجه ذلك من معنى الاستثناء. كما أن الفعل إذا حذف فاعله وبني للمفعول فرفع به وقيل : ضرب زيد. وقتل عمرو. لم يخرجه ذلك من أن يكن مفعولا. لأنه قد أحاط العلم أن فعلا وقع به من فاعل ثم حذف الفاعل واحتيج إلى بناء الفعل للمفعول فرفع به ... وكذلك لما حضر حرف الاستثناء الذي يدل على ما بعده يثبت له ما ينفى عن كل ما سواه لأنه لما قيل : " ما قام إلا زيد". فعلم أن القيام أثبت لزيد وحده ونفي عن غيره ، وكان ذكر ما نفي عنه القيام وتركه في المعنى سواء.

بقي تصحيح اللفظ عند حذفه : وتصحيح اللفظ : ألا يعرى الفعل من فاعل. وليس في الكلام فاعل سوى ما بعد" إلا" فجعل فاعله.

فإن قال قائل : إذا كان الغرض إثبات الفعل لما بعد" إلا" فكأنه يكفي من ذلك أن يؤتى بفعل وفاعل فيقال : قام زيد وذهب عمرو ولا يؤتى بحرف الاستثناء؟

قيل له : في ذكر الاستثناء فائدتان :

أحدهما : إثبات الفعل لما بعد" إلا".

والأخرى : نفيه عمن سواه.

لأن قولك : قام زيد" وذهب عمرو" ليس فيه دلالة على أن" غير" زيد" لم يقم وغير عمرو لم يذهب. والله أعلم.

هذا باب ما يكون المستثنى فيه بدلا مما نفي عنه ما أدخل فيه

" وذلك قولك : ما أتاني أحد إلا زيد ، وما مررت بأحد إلا عمرو ، وما رأيت أحدا إلا عمرا. جعلت المستثنى بدلا من الأول فكأنك قلت : ما مررت إلا بزيد. وما

٤٨

لقيت إلا زيدا ، كما أنك إذا قلت : مررت برجل زيد. فكأنك قلت : مررت بزيد.

فهذا وجه الكلام. أن تجعل المستثنى بدلا من الذي قبله ؛ لأنك تدخله فيما أخرجت منه الأول ، ومن ذلك قولك : " ما أتاني القوم إلا عمرو" وما فيها القوم إلا زيد. وليس فيها القوم إلا أخوك. وما مررت بالقوم إلا أخيك ، فالقوم هاهنا بمنزلة أحد.

ومن قال : ما أتاني القوم إلا أباك. لأنه بمنزلة قوله أتاني القوم إلا أباك. فإنه ينبغي له أن يقول : " ما فعلوه إلا قليلا منهم" وحدثني يونس : أن أبا عمرو كان يقول : الوجه : ما أتاني القوم إلا عبد الله. ولو كان هذا بمنزلة" أتاني القوم" لما جاز أن تقول ما أتاني أحد ، كما أنه لا يجوز أن تقول أتاني أحد ، ولكن المستثنى في ذا الموضع مبدل من الاسم الأول ، ولو كان من قبل الجماعة لما قلت : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ)(١) ولكان ينبغي له أن يقول : ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيد ؛ لأنه ذكر واحدا.

ومن ذلك أيضا : " ما منهم أحد اتخذت عنده يدا إلا زيد" وما منهم خير إلا زيد ، إذا كان زيد هو الخبر.

وتقول : ما مررت بأحد يقول ذاك إلا عبد الله ، وما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا.

هذا هو وجه الكلام. وإن حملته على الإضمار الذي في الفعل فقلت : " ما رأيت أحدا يقول ذلك إلا زيد" فعربي. قال عدي بن زيد :

في ليلة لا نرى بها أحدا

يحكي علينا إلا كواكبها (٢)

وكذلك : " ما أظن أحدا يقول ذلك إلا زيدا. وإن رفعت فجائز حسن. وكذا : ما علمت أحدا يقول ذاك إلا زيدا ، وإن شئت رفعت.

وإنما اختير النصب هاهنا لأنهم أرادوا أن يجعلوا المستثنى بمنزلة المبدل منه ، وأن لا يكون بدلا إلا من منفي ، والمبدل منه منصوب منفي ومضمره مرفوع. فأرادوا أن يجعلوا المستثنى بدلا منه ؛ لأنه هو المنفي وهذا وصف أو خبر.

__________________

(١) سورة النور ، من الآية ٦.

(٢) البيت في ديوانه ١٩٤ ، والخزانة ٢ / ١٢ ، وفيه نسب إلى أحيحة بن الجلاح الأنصاري.

٤٩

وقد تكلموا بالآخر ؛ لأن معناه النفي ، إذا كان وصفا لمنفي ، كما قالوا قد عرفت زيدا أبو من هو؟ لما ذكرت لك ؛ لأن معناه معنى المستفهم عنه.

وقد يجوز ما أظن أحدا فيها إلا زيدا. ولا أحد منهم اتخذت عنده يدا إلا زيد على قوله : " إلا كواكبها".

وتقول : ما ضربت أحدا يقول ذاك إلا زيد ، لا يكون في ذا إلا النصب ؛ وذلك لأنك أردت في هذا الموضع أن تخبر بموقوع فعلك. ولم ترد أن تخبر أنه ليس يقول ذاك إلا زيد. ولكنك أخبرت أنك ضربت ممن يقول ذاك زيدا.

والمعنى في الأول : أنك أردت أنه ليس يقول ذاك إلا زيدا ، ولكنك قلت : رأيت أو ظننت أو نحوهما لتجعل ذاك فيما رأيت وفيما ظننت. ولو جعلت رأيت رؤية العين كان بمنزلة ضربت.

قال الخليل : ألا ترى أنك تقول : " ما رأيته يقول ذاك إلا زيد ، وما أظنه يقوله إلا عمرو" فهذا يدلك على أنك إنما انتحيت على القوم ولم ترد أن تجعل عبد الله موضع فعل كضربت وقتلت ، ولكنه فعل بمنزلة" ليس" يجيء لمعنى ، وإنما يدل على ما في علمك.

وتقول : " أقل رجل يقول ذاك إلا زيد" لأنه صار في معنى : ما أحد فيها إلا زيد.

وتقول : " قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد" فليس زيد بدلا من الرجل في أقل ... ولكن قلّ رجل في موضع" أقل رجل" ومعناه كمعناه. وأقل رجل : مبتدأ مبني عليه. والمستثنى بدل منه. لأنك تدخله في شيء يخرج منه من سواه.

وكذلك : أقل من يقول ذلك وقلّ من يقول ذلك ، إذا جعلت" من" بمنزلة رجل.

حدثنا بذلك يونس عن العرب أنهم يجعلونه نكرة كما قال :

ربما تكره النفوس من الأم

ر له فرجة كحلّ العقال (١)

ويروى : تجزع النفوس فجعل" ما" نكرة".

قال أبو سعيد : الذي جعله سيبويه بدلا في أول هذا الكتاب من قوله : ما أتاني أحد إلا زيد. وما مررت بأحد إلا عمرو ، جعله الكسائي والفراء عطفا.

__________________

(١) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ٥٠ ، ومعجم الأدباء ١ / ١٨٦ ، ومعجم الشعراء ٧٢.

٥٠

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب : فكيف يكون بدلا والأول منفي وما بعد" إلا" موجب؟

فالجواب عما قاله أحمد بن يحيى : أنه بدل منه في عمل العامل فيه وذاك أنا إذا قلنا :

ما أتاني أحد. فالرافع" لأحد" هو" أتاني" أيضا فكل واحد من" أحد" و" زيد" يرتفع ب" أتاني" إذا فرد به.

فإذا ذكرناهما جميعا فلا بد من أن يكون الأول منهما يرتفع بالفعل ؛ لأنه يتصل به. ويكون الثاني تابعا له. كما يتبعه إذا قلنا : جاءني أخوك زيد. لا يقال : زيد فاعل ؛ لأن أخوك باتصاله بالفعل صار فاعلا ، وزيد بدل منه ، وأما اختلافهما في النفي والإيجاب فلا يخرجهما عن البدل ؛ لأن مذهب البدل في ذلك أن تقدر الأول في تقدير ما لم يذكر. والثاني في موضعه الذي رتب فيه.

فإن كان الفعل الذي ارتفع به الأول إذا لم يذكر الأول عمل في الثاني في موضعه الذي رتب فيه علمنا متى ذكر أن الثاني بدل منه ؛ لأن الفاعل لا يكون أكثر من واحد.

وقد يقع في العطف والصفة ما يكون الأول موجبا والثاني منفيّا.

فأما العطف : فجاءني زيد لا عمرو. ومررت بزيد لا عمرو ، فالأول موجب والثاني منفيّا ،واختلفا في النفي والإيجاب لدخول"لا"بينهما وأحدهما معطوف على الآخر.

وتقول في الصفة : " مررت برجل لا كريم ولا لبيب"" فكريم" خفض لأنه صفة لرجل وأحدهما موجب والآخر منفي ، وقد يجوز النصب فيما يختار فيه البدل. كقولك : ما أتاني أحد إلا زيدا : وما مررت بأحد إلا زيدا".

وإنما اختير البدل ؛ لأن البدل والاستثناء في المعنى واحد. وفي البدل فضل موافقة ما قبل" إلا" لما بعدها في اللفظ ، ويقويه أيضا : إجماع القراء والمصاحف على : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)(١) إلا أهل الشام ومصحفهم. فإنهم قرأوا : " إلا قليلا منهم" وكذلك هو في مصحفهم وقرأ القراء (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ)(٢).

وحكى سيبويه عمن لم يسمعه من النحويين : أن المنفي إذا جاز في لفظه الإيجاب لم يجز فيه البدل ، ولم يكن غير النصب كقولك : ما أتاني القوم إلا أباك ؛ لأنه بمنزلة : " أتاني القوم لا أباك".

__________________

(١) سورة النساء ، من الآية ٦٦.

(٢) سورة النور ، من الآية ٦.

٥١

والقول الذي ذهب إليه سيبويه هو الصحيح وشاهده القرآن والقياس.

فأما القرآن فقوله عزوجل : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) [النساء : ٦٦] فرفع. وفعلوه يقع في الإيجاب ، وأما القياس : فإنه قد أحاط العلم أنا إذا قلنا : " ما أتاني أحد" فقد دخل فيه القوم وغيرهم. فإنما ذكرنا في بعض ما اشتمل عليه أحد مما يستثنى بعضه.

وقد احتج عليهم سيبويه ببعض ما ذكرناه. وبأن قال : كان ينبغي لمن قال ذلك أن يقول : " ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيد".

والصواب : نصب زيد." ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا". لأنك لما قلت : ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك ، صار الكلام موجبا لما استثني من المنفي. وكأنه قال : كلهم قالوا ذاك. فاستثنى" زيدا" من شيء موجب في الحكم فنصب. وإنما ذكر هذا لأنه ألزم القائل بما ذكر من جواز" ما أتاني أحد إلا زيد" ومنع : " ما أتاني القوم إلا زيدا" بأن قال : إن كان وجوب النصب لأن الذي قبل" إلا" جمع فقد قال تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) [النور : ٦] فرفع بعد الجمع.

وإن كان جواز الرفع والبدل لأن الذي قبل" إلا" واحد فينبغي أن يجيزوا الرفع في قولهم : ما أتاني أحد إلا قال ذاك إلا زيد" والواجب فيه النصب.

وإنما ألجأهم سيبويه إلى أن يقولوا : إن الذي يوجب البدل أن يكون ما قبل" إلا" منفيّا فقط ، جمعا كان أو واحدا.

وذكر سيبويه في النفي ما يكون له اسم ظاهر واسم مكني متعلقان بعاملين مختلفين. فيجوز البدل من أي الاسمين شئت ، ولم يجز في بعضه البدل إلا من أحد الاسمين دون الآخر.

فأما الذي يجوز فيه البدل من أي الاسمين شئت فهو الذي كل واحد من عاملي الاسمين مجحود في المعنى.

وأما الذي لا يكون البدل إلا من أحد الاسمين فهو الذي عامل أحد الاسمين مجحود وعامل الآخر غير مجحود ، فتبدل من الاسم الذي عامله مجحود دون الآخر.

فمما يبدل من الاسمين فيه قوله : ما منهم أحد اتخذت عنده يدا إلا زيد" ويجوز خفض" زيد" فرفعه على أن تبدل من" أحد" وخفضه على أن تبدله من الهاء في عنده ؛ لأن المعنى : ما اتخذت عند أحد يدا إلا زيد.

وكذلك : كل مبتدإ دخل عليه حرف الجحد ثم وقع على ضميره شيء من خبره كان لك أن تبدل منه أو من ضميره كقولك : " ما أحد منهم ضربته إلا زيد وإلا زيدا" وما

٥٢

أحد منهم مررت به إلا زيد وإلا زيدا" لأن المرور في المعنى مجحود ومعناه : ما مررت بأحد منهم إلا زيد".

وتقول : " ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا" على البدل من" أحد" وهو أجود. ويجوز الرفع على البدل من الضمير الذي في" يقول".

و" رأيت" بمعنى : علمت. وإنما دخل على مبتدإ وخبر وما كان من أفعال الظن والعلم الذي يقع على مفعولين ، فالمعتمد بالنفي والإثبات هو المفعول الثاني. فصار كأنه قال ما يقول ذاك أحد فيما رأيت إلا زيد" وأحد" بمنزلة الضمير الذي في" يقول" حين قلت" ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيد" وقوله :

في ليلة لا نرى بها أحدا

يحكي علينا إلا كواكبها (١)

الشاهد فيه : أنه أبدل" كواكبها" من الضمير في" يحكي" لأن أحدا كأنه مبتدأ وإن وقعت عليه الرؤية وهي رؤية القلب ، وكأنه قال : لا يحكي علينا أحد إلا كواكبها.

وقد عرفتك أن ما وقع على ضمير الاسم المبتدإ المجحود وخبره. بمنزلة المجحود. وما وقع على المبتدإ والخبر من أفعال الظن والعلم لا يخرجه عن ذلك الحكم.

والاختيار أن يكون البدل من الاسم الأول الذي وقع عليه حرف النفي ؛ لأن البدل منه محمول على اللفظ. والآخر محمول على المعنى. والحمل على اللفظ هو الظاهر من الكلام.

ومن ذلك : ما أظن أحدا فيها إلا زيدا ، هو الأجود ؛ لأنه بدل من اللفظ. ويجوز : إلا زيد بالرفع بدل من الضمير في" فيها" ؛ لأن معناه : استقر". وفي" استقر" ضمير فاعل. والبدل منه هو المقصود بالنفي. وهو ضمير" أحد" الذي وقع عليه الظن. وأحد في معنى مبتدإ ؛ لأن الظن قد يلغى.

ومما قوى سيبويه به البدل من الاسمين في أفعال الظن والعلم في النفي أنك تقول ما رأيته يقول ذاك إلا زيد ، وما أظنه يقوله إلا عمرو.

وذلك أن الهاء ضمير الأمر والشأن. ورأيت بمعنى علمت ، والاعتماد على ما بعد رأيته وأظنه فكأنه قال : ما يقول ذاك زيد. فهذا يدل على جواز البدل من الضمير الذي في" يقول" من قوله : " ما ظننت أحدا يقول ذاك إلا زيد".

وأما ما لا يبدل إلا من اسم واحد وقع عليه لفظ النفي فقولك : ما ضربت أحدا

__________________

(١) البيت سبق تخريجه.

٥٣

يقول ذاك إلا زيدا ، لا يكون فيه إلا النصب ؛ لأن الضرب هو المنفي في المعنى والقول ليس بمنفي ... ألا ترى أنك تقول : " ما أوذي أحدا يوحد الله تعالى" وقد علم أنه لم يقصد إلى نفي من يوحد الله. وإنما نفي أداة لهم ، فلم يجز البدل إلا من" أحد" لأنه هو الذي وقع به الفعل المنفي وهو الأذى.

وقوله : " أقل رجل يقول ذاك إلا زيد" لا يصح البدل من لفظه ؛ لأنا إن أبدلنا" زيدا" من" أقل رجل" لطرحناه في التقدير فبقي : " يقول ذاك إلا زيد" وهذا لا يصح ولكنا نرده إلى معناه ونفصّله بما يصح معه البدل." وأقل" ينصرف على معنيين.

أحدهما : النفي العام.

والآخر : ضد الكثرة.

فإذا أريد النفي العام جعل تقديره : ما رجل يقول ذاك إلا زيد. كما تقول : " ما أحد يقول ذاك غلا زيد".

وإن أريد به ضد الكثرة فتقديره : " ما يقول ذاك كثير إلا زيد" ومعناهما يؤول إلى شيء واحد ؛ لأنه إذا أبدل زيدا في الاستثناء فقد أبطل الذي قبله ، فكأنه يقول : " ما يقول ذاك إلا زيد ، ألا ترى أنه إذا قال : " ما أتاني القوم إلا زيد" فكأنه قال : ما أتاني أحد منهم إلا زيد.

وقوله وكذلك" أقل من"" وقلّ من" إذا جعلت من نكرة بمنزلة" رجل" فإن" من" إذا كانت بمنزلة" رجل" لزمته الصفة ، فإذا قلت : أقل من يقول ذاك ، صار يقول ذاك" صفة لمن" ويبقى" أقل" بلا خبر. وإذا قلت : أقل رجل يقول ذاك" فرجل" غير محتاج إلى صفة." ويقول ذاك" خبر" أقل". و" زيد" بدل من" أقل" كما ذكرنا.

وأقل من يقول ذاك ، لم يتم به الكلام ، وتمامه في قولك : " إلا زيد" فيصير بمنزلة" ما أخوك إلا زيد".

وأما" قول من يقول ذاك" فهذا كلام تام ؛ لأنه فعل وفاعل.

فإن قال قائل : لم أبدلت العرب من المنفي ولم تبدل من الموجب فيقال : أتاني القوم إلا زيد؟

قيل له : لأن المنفي يصح حذف الاسم المبدل منه قبل" إلا" ولا يصح ذلك في الموجب. لا يقال : أتاني إلا زيد. وإنما جاز : ما أتاني إلا زيد .. ولم يجز" أتاني إلا زيد" لأن النفي الذي قبل إلا قد وقع على ما لا يجوز إثباته من الأشياء المتضادة. ولا يجوز إثبات ما يتضاد.

٥٤

فإذا قلنا : " ما أتاني إلا زيد" فكأنك قلت : ما أتاني رجل وحده ولا رجلان مجتمعون ولا متفرقون ، فإذا ثبتنا على هذا الحد فقلنا أتاني إلا زيد. فقد أوجبت إتيان الناس كلهم على هذه الأحوال المتضادة ، وذلك لا يجوز ولا يقصد.

وبذلك على الفرق بينهما : أنك تقول : " ما زيد إلا قائم" فتنفي عنه القعود والاضطجاع. ولا تقول : زيد إلا قائم ، فتوجب له حال إلا القيام. وهذا محال لاجتماع القعود والاصطجاع فيما توجبه له. فتأمل ذلك إن شاء الله تعالى.

هذا باب ما حمل على موضع العامل في الاسم والاسم لا

على ما عمل في الاسم

ولكن الاسم وما عمل فيه في موضع اسم مرفوع أو منصوب

وذلك قولك : ما أتاني من أحد إلا زيد و" ما رأيت من أحد إلا زيدا" فإنما منعك أن تحمل الكلام على من أنه خلف أن تقول : " ما أتاني إلا من زيد".

فلما كان كذلك حمله على الموضع فجعله بدلا منه ، فكأنك قلت : ما أتاني أحد إلا فلانا ؛ لأن معنى" ما أتاني أحد" و" ما أتاني من أحد" واحد. ولكن من دخلت هاهنا توكيدا كما تدخل الباء في قولك : كفى بالشيب والإسلام وفي : " ما أنت بفاعل" و" لست بفاعل".

ومثل ذاك : " ما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به" من قبل أن" بشيء" في موضع رفع في لغة بني تميم.

فلما قبح أن تحمله على الباء صار كأنه بدل من اسم مرفوع وبشيء في لغة أهل الحجاز في موضع منصوب ، ولكنك إذا قلت : ما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به ، استوت اللغتان وصارت" ما" على أقيس اللغتين. لأنك إذا قلت : ما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به فكأنك قلت : ما أنت إلا شيء لا يعبأ به.

وتقول : لست بشيء إلا شيئا لا يعبأ به كأنك قلت : لست إلا شيئا لا يعبأ به. والباء هاهنا بمنزلتها فيما قال الشاعر :

يا بني لبيني لستما بيد

إلا يدا ليست لها عضد (١)

__________________

(١) البيت لأوس بن حجر ، والرواية في ديوانه ص ٤ : أبني لبيني. وانظر : ابن يعيش ٢ / ٩٠ ، والمقتضب ٤ / ٤٢١.

٥٥

ومما أجري على الموضع لا على ما عمل في الاسم : لا أحد فيها إلا عبد الله ، ف" لا أحد" في موضع اسم مبتدإ وهي هاهنا بمنزلة" من أحد" في : " ما أتاني ...".

ألا ترى أنك تقول : ما أتاني من أحد لا عبد الله ولا زيد ، من قبل أنه خلف أن تحمل المعرفة على" من" في ذا الموضع ، كما تقول : لا أحد فيها لا زيد ولا عمرو ؛ لأن المعرفة لا تحمل على" لا". وذلك أن هذا الكلام جواب لقوله : هل من أحد أو هل أتاك من أحد.

وتقول : لا أحد رأيته إلا زيد ، إذا بنيت" رأيته" على الأول كأنك قلت : لا أحد مرئيّ. وإن جعلت" رأيته" صفة فكذلك كأنك قلت : لا أحد مرئيّا. وتقول : ما فيها إلا زيد. وما علمت أن فيها إلا زيدا ، فإن قلبته فجعلته بلا" أن" و" ما" في لغة أهل الحجاز قبح ولم يجز ؛ لأنهما ليستا بفعلين. فيحتمل قلبهما. كما لم يجز فيهما التقديم والتأخير. ولم يجز ما أنت إلا ذاهبا ولكنه لما طال الكلام قوي واحتمل ذلك كأشياء تجوز في الكلام إذا طال وتزداد حسنا. وسترى ذلك إن شاء الله ، ومنها ما قد مضى.

وتقول : " إن أحدا لا يقول ذاك" وهو ضعيف خبيث ؛ لأن" أحدا" لا يستعمل في الواجب. وإنما نفيت بعد ما أوجبت ، ولكنه قد احتمل حيث كان معناه النفي كما جاز في كلامهم" قد عرفت زيد أبو من هو" حيث كان معناه : أبو من زيد.

فمن أجاز هذا قال : " إن أحدا لا يقول ذاك إلا زيدا" كما أنه يقول على الجواب : " رأيت أحدا لا يقول ذاك إلا زيد". يصير هذا بمنزلة : ما أعلم أن أحدا يقول ذاك. كما صار هذا بمنزلة : ما رأيت ... حيث دخله معنى النفي.

وإن شئت قلت : إلا زيد ، فحملته على" يقول" كما جاز :

يحكي علينا إلا كواكبها (١)

كقولك : لا أحد فيها إلا زيد. وأقل رجل رأيته إلا عمرو ؛ لأن هذا الموضع إنما ابتدئ مع معنى النفي ، وهذا موضع إيجاب ، وإنما جيء بالنفي بعد ذلك في الخبر فجاز الاستثناء أن يكون بدلا من الابتداء حين وقع منفيّا. ولا يجوز أن يكون الاستثناء أولا لو لم تقل : أقل رجل ولا : قلّ رجل ؛ لأن الاستثناء لا بد له هاهنا من النفي ويجوز أن يحمل على إنّ هنا. حيث صارت" أحد" كأنها منفية".

__________________

(١) عجز بيت سبق تخريجه.

٥٦

قال أبو سعيد : ما كان من الحروف يخص بالجحد فلا يجوز دخوله على الموجب ولا تعليق الموجب به.

فإذا قلت : ما أتاني من أحد إلا زيد لم يجز خفض زيد ؛ لأن خفضه بمن ، ولا يجوز دخول" من" هذه على الموجب ولا تعليق الموجب بها. وإنما دخلت في النفي على نكرة لنقله من معنى الواحد إلى معنى الجنس.

ولو كانت" من" التي تدخل على المنفي والموجب لجاز خفض ما بعد" إلا" بها. كقولك ما أخذت من أحد إلا زيد. لأن" من" إذا كانت في صلة الأخذ دخلت على المنفي والموجب.

ومثل الأول : " ما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به" لأن هذه الباء لا تدخل إلا على منفي لتأكيد الجحد ، ولا يجوز : " ما أنت بشيء إلا شيء" لأن ما بعد" إلا" موجب إذا كان قبله جحد.

فإذا كانت الباء في صلة شيء يستوي فيه المنفي والموجب جاز حمل ما بعد" إلا" عليها كقولك : ما مررت بأحد إلا زيد ، وإذا لم يجز حمله على الخافض فيما ذكرنا حمل على موضعه ، ولو لم يكن الخافض. تقول : " ما أتاني من أحد إلا زيد" و" ما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به". لأن" من" لو لم تدخل لقلت : ما أتاني أحد إلا زيد. وكذلك : ما أنت شيئا إلا شيء لا يعبأ به. وتقول : وما كان زيد بغلام إلا غلاما صالحا.

ولو حذفت الاسم المستثنى منه من الأول لقلت : " ما أتاني إلا زيد" و" ما أنت إلا شيء لا يعبأ به" و" لست إلا شيئا لا يعبأ به". وما كان زيد إلا غلاما صالحا.

وقال الكوفيون : يجوز فيما بعد" إلا" الخفض في النكرة ولا يجوز في المعرفة. فأجازوا : ما أتاني من أحد إلا رجل ، وما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به. ولم يجيزوا : إلا زيد. ولم يجيزوا : ما أنت بشيء إلا الشيء التافه.

والحجة عليهم ما ذكرناه من أن حروف الخفض في هذين الموضعين إنما دخلت من أجل النفي ، فإنه لا يتعلق بالموجب وما بعد إلا موجب.

وقد أقروا بأن المعرفة بعد" إلا" في ذلك لا تخفض وما أقروا به من ذلك حجة عليهم ، فبما أنكروا إذ لا فرق بينهما.

وكذلك قوله : " لا إله إلا الله". و" لا أحد فيها إلا زيد" لا يجوز حمل ما بعد" إلا" على النصب الذي توجبه" لا" النافية. لأن" لا" إنما تعمل في منفي وما بعد" إلا" موجب وليس بصفة له ولا عطف عليه فيتبعه في لفظه.

٥٧

ويجوز أن تقول : لا أحد فيها إلا زيدا ؛ لأن الكلام قبل" إلا" تام لو اقتصر عليه.

وقوله : ما علمت أن فيها إلا زيدا : إنما جاز ذلك لأنك تقول : ما علمت أن فيها زيدا. بمعنى واحد. فمن حيث جاز : ما علمت فيها إلا زيدا" جاز ما علمت أن فيها إلا زيدا. لأن" أن" للتوكيد والناصب لزيد في" ما علمت فيها إلا زيدا" علمت. و" في ما علمت أن فيها إلا زيدا" أن.

ولو قلت : ما علمت أن إلا زيدا فيها ، لم يجز. وذلك أن الاستثناء لا يجوز أن يكون في أول الكلام ، لا تقول : إلا زيدا قام القوم.

وكذلك لا يجوز الاستثناء بعد حرف يدخل على جملة ولا يلي الحرف" إلا".

وقد فرع النحويون على ذلك مسائل ، فقالوا :

كيف إلا زيدا إخوتك. جيد.

وأين إلا زيدا إخوتك. جيد.

ومن إلا زيدا إخوتك. جيد.

ولو قلت : " هل إلا زيدا عندك أحد. و" ما إلا زيدا عندك أحد : كان خطأ.

والفرق بينهما : أن" أين" و" كيف" و" من" أخبار ينعقد الكلام بها. و" هل" و" ما" لا ينعقد بهما شيء ، وإسقاطهما لا يبطل الكلام.

ولو قلت : هل عندك إلا زيدا أحد. وما عندك إلا زيدا أحد. جاز لأن" عندك" خبر." فإن" بمنزلة" هل" و" ما" لا يجوز أن يليها حرف الاستثناء.

وقوله : إن أحدا لا يقول ذاك إلا زيدا" هو كلام قبيح. كان القياس فيه أن لا يجوز لأن" إنّ" للإيجاب و" أحد" لغير الإيجاب. ولكنهم أجازوه للنفي الذي بعده لما كان معنى الكلام يؤول إلى المنفي.

ومثله : " قد عرفت زيد أبو من هو" أبطل عمل" عرفت" في" زيد" وليس قبله حرف استفهام للاستفهام الذي بعده.

وكذلك وقع" أحد" في موضع إيجاب للجحد الذي أتى بعده في قولك : إن أحد لا يقول ذاك ، فيصير كأنك قلت : ما أحد يقول ذاك.

فإذا نصبت" زيدا" بعد" إلا" فنصبه محمول على" إن" لأنها لما عملت في" أحد" صارت كأنها حرف جحد بعده فعل مجحود ، نحو : ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا.

ويجوز رفعه حملا على الضمير الذي في" يقول ذاك" كما جاز الرفع في قولك : ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا وإلا زيد".

٥٨

وقوله : " يصير هذا". يعني : يصير : إن أحدا لا يقول هذا ، ما أعلم أن أحد يقول ذاك". كما صار هذا ، يعني : كما صار : رأيت .. حيث دخله معنى النفي.

وقوله : فليس هذا في القوة كقولك : لا أحد إلا زيد" وأقل رجل رأيته إلا عمرو" يعني ليس قولك" إن أحد لا يقول ذاك" في القوة كقولك : " لا أحد" و" أقل رجل" ؛ لأن هذا الموضع إنما ابتديء به مع معنى النفي ـ يعني : لا أحد وأقل رجل ، ابتديء بالنفي ـ وهذا موضع إيجاب ، يعني : إن أحدا لا يقول ذلك.

وقوله : " فجاز الاستثناء أن يكون بدلا من الابتداء" ، يعني : فجاز في" لا أحد إلا زيدا" وأقل رجل رأيته إلا عمرو ، والبدل من الابتداء. لأن" لا أحد" في موضع اسم مبتدإ. وقوله : " لا يجوز أن يكون الاستثناء أولا لو لم تقل : أقل رجل. و" لا رجل" يعني لا تقول : " إلا زيد أقل رجل رأيته". ولا تقول" إلا زيدا لا رجل في الدار". لأنه لا بد له من أن يتقدمه نفي فيجوز من أجله البدل. والكلام المتقدم : " لا أحد إلا زيد" وأعاده هنا. " ولا رجل" وهو يعني المثال الذي قدمه في لا أحد إلا زيد و" أقل رجل رأيته إلا عمرو" والمعنى واحد.

وقوله : وجاز أن تحمل على" أن"" هنا" يعني في قوله : إن أحدا لا يقول ذاك إلا زيدا" و" ما علمت أن أحدا يقول ذاك إلا زيدا" تحمل" زيدا" في النصب على" أن" في النصب وتجعل" إن" و" أن" بمنزلة فعل منفي نصب زيدا بعد" إلا" كقولك : ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا".

والله أعلم.

هذا باب النصب فيما يكون مستثنى مبدلا

حدثنا يونس وعيسى بذلك جميعا. أن بعض العرب الموثوق بعربيته يقول : ما مررت بأحد إلا زيدا. وما أتاني أحد إلا زيدا.

وعلى هذا : " ما رأيت أحدا إلا زيدا" فتنصب زيدا على غير" رأيت" وذلك أنك لم تجعل الآخر بدلا من الأول ولكنك جعلته منقطعا فيما عمل في الأول.

والدليل على ذلك : أنه يجيء على معنى" ولكن زيدا" ولا أعني زيدا ، وعمل فيه ما قبله كما عمل" العشرين" في الدرهم" إذا قلت : عشرون درهما.

ومثله في الانقطاع من أوله : إن لفلان (والله) مالا إلا أنه شقي فإنه لا يكون أبدا على : " إن لفلان" وهو في موضع نصب وجاء على معنى : ولكنه شقي".

٥٩

قال أبو سعيد : اختلف النحويون في الناصب للمستثنى في قولنا : أتاني القوم إلا زيدا ، فأما ما قاله سيبويه في أبواب من الاستثناء أنه يعمل فيه ما قبله من الكلام كما تعمل" عشرون" فيما بعدها إذا قلت" عشرون درهما". وقد قال في هذا الباب : " وعلى هذا ما رأيت أحدا إلا زيدا. تنصب" زيدا" على غير رأيت ، وبعده : والدليل على ذلك أنه يجئ على معنى ولكن زيدا ولا أعني زيدا. وكذلك في آخر هذا الباب : " إن لفلان مالا إلا أنه شقي" فإنه لا يكون أبدا على : إن لفلان. وهو في موضع نصب وجاء على معنى" ولكنه شقي". وقد كشف سيبويه ذلك بأبين مما تقدم. وهو قوله في باب" غير" : " ولو جاز أن تقول أتاني القوم زيدا تريد الاستثناء ولا تذكر" إلا" لما كان نصبا.".

قال أبو سعيد : والذي يوجبه القياس والنظر الصحيح أن تنصب زيدا بالفعل الذي قبل" إلا". وذلك : أن الفعل ينصب كل ما تعلق به بعد ارتفاع الفاعل به. على اختلاف وجوه المنصوبات به وكل منصوب به. فمن ذلك المفعول الصحيح كقولك : " ضربت زيدا ، والمصدر ، والظرف من الزمان والمكان ، والحال. وكذلك تنصب المفعولات التي حذفت منها حروف الجر فوصل إليها الفعل. والاسم الذي ينتصب بعده على التمييز كقولك : " تفقأت شحما". وتملأت غيظا" و" اشتعل الرأس شيبا".

ومنها : ما تنصب ما بعدها بتوسط حرف بينهما كقولهم : ما صنعت وأباك ، و" استوى الماء والخشبة".

فلما كان" أتاني" قد ارتفع به فاعله وهم : " القوم" وكان ما بعد" إلا" متعلقا به انتصب.

وتعلقه به : أن أتاني ذكر بعده" القوم" المرتفعون به. وذكر بعد" إلا" الاسم المنصوب ، ليعلم اختلاف حال تعلقهما به.

وكقولك : رأيت زيدا لا عمرا ، قد تعلق حال" زيد" و" عمرو" برأيت على اختلاف أحوالهما في التعلق به.

وكان أبو العباس المبرد والزجاج يذهبان إلى أن المنصوب في الاستثناء ينتصب بتقدير : " استثنى" ويجعلان" إلا" نائبة عن" أستثني" وكأنه قال : أتاني القوم أستثني زيدا ، وهذا غير صحيح لأنا نقول : أتاني القوم غير زيد فننصب غير ، ولا يجوز أن نقول : استثنى غير زيد ، وليس قبل" غير" حرف تقيمه مقام الناصب له وإنما قبله فعل وفاعل ولا بد له إذا كان منصوبا من ناصب. فالفعل هو الناصب ، وناصب" غير" هو الناصب لما بعد" إلا".

٦٠