تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٥

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٥

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٦

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسّلام على المعلم الأمين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. وبعد فهذه بحوث الصرف لشرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ، تم جمعها في جزء مستقل لتكون مرجعا ميسّرا لطالبيه.

فمن المعلوم لدارسي الألفية أن ابن مالك رحمه‌الله ـ عمد إلى إدخال بعض بحوث الصرف في أثناء بحوث النحو ، فجعل أبنية المصادر وأبنية أسماء الفاعلين والمفعولين والصفة المشبهة بين عمل اسم الفاعل والمفعول وعمل الصفة المشبهة ، كأنما يريد بذلك أن يربط الصيغ بعملها ...

غير أن هذا وإن بدا متّشحا ببعض التصنيف المنطقي غير أنه يبقى بحثا في الصرف الخالص ، إذ يتناول صوغ هذه الأبنية وأوزانها وقواعد ذلك ...

كما جعل بحث توكيد الأفعال بالنون بين الممنوع من الصرف وأسماء الأفعال والأصوات بلا حجة منطقية واضحة ... وجعل بحث التصريف ـ وهو أول ما ينبغي تقديمه للمتعلم بوصفه يعرّف بأوّليات علم التصريف ـ أواخر بحوث الصرف ، وهو أمر لا يمكن الدفاع عنه.

وما فعلناه في هذا الجزء ـ من هذه الناحية ـ هو نقل بحوث الصرف إلى أماكنها المناسبة ، وتقديم بحث التصريف ليكون فاتحتها ... مع الإشارة إلى أن هذا الجزء الخاص بالصرف ، قد نال من العناية والمزايا ما نالته بحوث النحو في الأجزاء الأربعة السابقة ؛ من تقديم البحث على شكل

٣

مقاطع متكاملة ، تشير إليها عناوين موضّحة ، وإغناء الحواشي باعتدال واف لتوضيح الغامض ، وتخريج الشواهد وإعرابها ، مع الإسهام في إنارة الغوامض بإلقاء الضوء على بعض الخلافات النحوية ... ثم تذييل كل بحث بما يحقق الانتقاع به ؛ من الأسئلة الدقيقة الشاملة ، والنصوص المختارة للتدريبات المعينة على الإتقان والتثبيت ..

سائلا المولى سبحانه أن يكون في هذا العمل تمام النفع ، وحسن القبول.

إنه تعالى ولي المتقين

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

التصريف

حرف وشبهه من الصرف بري

وما سواهما بتصريف حري

* * *

التصريف عبارة عن : علم يبحث فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية (١) ، وما لحروفها من أصالة وزيادة ، وصحة وإعلال ، وشبه ذلك (٢).

ولا يتعلق إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال (٣) ، فأما الحروف وشبهها (٤) فلا تعلّق لعلم الصرف بها.

* * *

__________________

(١) بنية الكلمة أي صيغتها وما يطرأ عليها من تغيير وهي مفردة ، أما تغيير أواخر الكلمة وهي مركبة مع غيرها فهو من بحث علم النحو.

(٢) قيل : كالإخفاء والإدغام والإظهار.

(٣) الأفعال المتصرفة والصرف فيها بطريق الأصالة لكثرة ما يطرأ عليها من تغيير وظهور الاشتقاق فيها بخلاف الأسماء.

(٤) أي الأسماء المبنية والأفعال الجامدة كعسى وليس ونعم فإنها تشبه الحرف في الجمود.

٥

وليس أدنى من ثلاثي يرى

قابل تصريف سوى ما غيّرا (١)

* * *

يعني أنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين ، إلا إن كان محذوفا منه ، فأقلّ ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة والأفعال ثلاثة أحرف ، ثم قد يعرض لبعضها نقص ك «يد» و «قل» و «م الله» (٢) و «ق زيدا».

* * *

ومنتهى اسم خمس ان تجرّدا

وإن يزد فيه فما سبعا عدا

* * *

الاسم قسمان : مزيد فيه ، ومجرد عن الزيادة.

فالمزيد فيه هو : ما بعض حروفه ساقط وضعا ، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف نحو «احرنجام ، واشهيباب» (٣).

__________________

(١) ليس : فعل ناقص ، أدنى : اسم ليس ، من ثلاثي : جار ومجرور متعلق بأدنى ، يرى : فعل مضارع مبني للمجهول ، نائب فاعله هو وهو المفعول الأول والجملة مضاف ، تصريف : مضاف إليه ، سوى : اسم منصوب على الاستثناء بفتحة مقدرة على الألف وهو مضاف ، ما اسم موصول مضاف إليه ، غيّر : فعل ماض مبني للمجهول ، ونائب فاعله هو والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

(٢) عند من يجعله مختصرا من «أيمن الله» في القسم.

(٣) احرنجام : مصدر احر نجمت الإبل إذا اجتمعت ومجرده «حرجم» زيدت فيه الألفان والنون ، واشهيباب : مصدر اشهابّ الفرس أي فيه شهبة وشهب وهو بياض يصحبه سواد خلاله. ومجرده شهب ثلاثي زيدت فيه الألفان والياء وإحدى الباءين.

٦

والمجرد عن الزيادة هو : ما بعض حروفه ليس ساقطا في أصل الوضع ، وهو : إما ثلاثي كفلس ، أو رباعي كجعفر ، وإما خماسي ـ وهو غايته ـ كسفرجل.

* * *

وغير آخر الثلاثي افتح وضمّ

واكسر وزد تسكين ثانيه تعمّ

* * *

العبرة في وزن الكلمة بما عدا الحرف الأخير منها ، وحينئذ فالاسم الثلاثي : إما أن يكون مضموم الأول ، أو مكسوره ، أو مفتوحه ، وعلى كل من هذه التقادير : إما أن يكون مضموم الثاني ، أو مكسوره ، أو مفتوحه ، أو ساكنه.

فتخرج من هذا اثنا عشر بناء حاصلة من ضرب ثلاثة في أربعة ، وذلك نحو «قفل وعنق ، ودئل ، وصرد» (١) ، ونحو «علم ، وحبك (٢) ، وإبل ، وعنب» ، ونحو «فلس ، وفرس ، وعضد ، وكبد».

* * *

وفعل اهمل والعكس يقل

لقصدهم تخصيص فعل بفعل

__________________

(١) دئل : دويبة كابن عرس سميت به قبيلة من كنانة منها أبو الأسود الدؤلي.

صرد : طائر أبقع ـ فيه بقع من سواد وبياض ـ أبيض البطن.

(٢) حبك لغة في حبك يقال : «للريح في الماء والرمل حبك» أي طرائق الواحد حبيكة وحباك وتطلق على طرائق النجوم كقوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ).

٧

يعنى أن من الأبنية الاثنى عشر بناءين أحدهما مهمل والآخر قليل.

فالأول : ما كان على وزن فعل ـ بكسر الأول وضم الثاني ـ وهذا بناء من المصنف على عدم إثبات «حبك».

والثاني : ما كان على وزن فعل ـ بضم الأول وكسر الثاني ـ ك «دئل» ، وإنما قل ذلك في الأسماء ؛ لأنهم قصدوا تخصيص هذا الوزن بفعل ما لم يسمّ فاعله ، ك «ضرب ، وقتل».

* * *

وافتح وضمّ واكسر الثاني من

فعل ثلاثي وزد نحو ضمن

ومنتهاه أربع إن جرّدا

وإن يزد فيه فما ستا عدا

* * *

الفعل ينقسم إلى مجرد ، وإلى مزيد فيه كما انقسم الاسم إلى ذلك ، وأكثر ما يكون عليه المجرد أربعة أحرف ، وأكثر ما ينتهي في الزيادة إلى ستة.

وللثلاثىّ المجرد أربعة أوزان (١) : ثلاثة لفعل الفاعل ، وواحد لفعل المفعول.

فالتي لفعل الفاعل : فعل (٢) ـ بفتح العين ك «ضرب» ، وفعل (٣)

__________________

(١) هذا مذهب الكوفيين والمبرد من أن صيغة المبني للمجهول أصل ، وأما مذهب البصريين فإن صيغة المبني للمجهول فرع عن صيغة المبني للمعلوم وهو الأظهر ، ولذلك فليس للثلاثي المجرد إلا ثلاثة أوزان أصول.

(٢) وقياس مضارعه أن يكون مضموم العين نحو «نصر ينصر» أو مكسور العين نحو «ضرب بضرب» أو مفتوح العين نحو «منع يمنع» ويعين الضم في واويّ العين أو اللام مثل «قال يقول» و «دعا يدعو» ويتعين الكسر في يائي أحدهما مثل «باع يبيع» ورمى يرمي».

(٣) وقياس مضارعه أن يكون مفتوح العين نحو «شرب يشرب» وجاء الكسر في ألفاظ قليلة مثل «ورث يرث» ، ومق يمق».

٨

بكسرها ـ ك «شرب» وفعل (١) ـ بضمها ـ ك «شرف» والذي لفعل المفعول : فعل ـ بضم الفاء وكسر العين ـ ك «ضمن).

ولا تكون الفاء في المبنى للفاعل إلا مفتوحة ، ولهذا قال المصنف «وافتح وضمّ واكسر الثاني» فجعل الثاني مثلّثا ، وسكت عن الأول ، فعلم أنه يكون على حالة واحدة ، وتلك الحالة هي الفتح (٢).

وللرّباعي المجرد ثلاثة أوزان : واحد لفعل الفاعل ، ك : «دحرج» ، وواحد لفعل المفعول ك «دحرج» وواحد لفعل الأمر ك «دحرج».

أما المزيد فيه ، فإن كان ثلاثيا صار بالزيادة على أربعة أحرف ، ك «ضارب» ، أو على خمسة ، ك «انطلق» ، أو على ستة ، ك «استخرج» وإن كان رباعيا صار بالزيادة على خمسة ، ك «تدحرج» ، أو على ستة ، ك «احرنجم».

* * *

لاسم مجرّد رباع فعلل

وفعلل وفعلل وفعلل

ومع فعلّ فعلل وإن علا

فمع فعلّل حوى فعلللا

كذا فعلّل وفعللّ وما

غاير للزيّد أو النّقص انتمى

* * *

الاسم الرباعي المجرد له ستة أوزان :

الأول : فعلل ـ بفتح أوله وثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو «جعفر» (٣)

__________________

(١) ولا يكون مضارعه إلا مضموم العين ، نحو «ظرف يظرف».

(٢) وسكت عن لام الفعل لأنها مفتوحة دائما لبناء الفعل الماضي على الفتح.

(٣) الجعفر : النهر الصغير.

٩

الثاني : فعلل ـ بكسر أوله وثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو «زبرج» (١).

الثالث : فعلل ـ بكسر أوله ، وسكون ثانية ، وفتح ثالثة ـ نحو «درهم» ، و «هجرع» (٢).

الرابع : فعللّ ـ بضم أوله وثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو «برثن» (٣).

الخامس : فعلّ ـ بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، وسكون ثالثه ـ نحو «هزبر» (٤).

السادس : فعلل ـ بضم أوله ، وفتح ثالثه ، وسكون ثانيه ـ نحو «جخدب» (٥) وأشار بقوله : «فإن علا ـ إلخ» إلى أبنية الخماسي وهي أربعة :

الأول : فعلّل ـ بفتح أوله وثانيه ، وسكون ثالثه ، وفتح رابعه ـ نحو «سفرجل» (٦).

الثاني : فعللل ـ بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح ثالثه ، وكسر رابعه ـ نحو «جحمرش» (٧).

الثالث : فعلّل ـ بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وسكون ثالثه ، وكسر رابعه ـ نحو «قذعمل» (٨).

__________________

(١) الزبرج : السحاب الرقيق أو الأحمر ، وهو من أسماء الذهب.

(٢) الهجرع : الطويل الممشوق أو الطويل الأعرج.

(٣) البرئن : بثاء مثلثة ـ واحد البراثن وهي من السباع والطير كالأصابع من الإنسان والمخلب : ظفر البرثن.

(٤) الهزبر : الأسد القوي.

(٥) الجخدب : الجراد الأخضر الطويل الرجلين وقيل ذكر الجراد.

(٦) السفرجل : فاكهة من فصيلة التفاح ولكن حجمه أكبر.

(٧) الجحمرش : العجوز المسنة ، والعظيمة من الأفاعي.

(٨) القذعمل : هو الضخم من الإبل ، والقذعملة من النساء القصيرة.

١٠

الرابع : فعللّ ـ بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح ثالثه ، وسكون رابعه ـ نحو «قرطعب» (١)».

وأشار بقوله : «وما غاير ـ إلخ» إلى أنه إذا جاء شيء على خلاف ما ذكر ، فهو إما ناقص ، وإما مزيد فيه ، فالأول ك «يد ودم» (٢) ، والثاني ك «استخراج واقتدار».

* * *

والحرف إن يلزم فأصل ، والذي

لا يلزم الزائد مثل تا احتذي

* * *

الحرف الذي يلزم تصاريف الكلمة هو الحرف الأصليّ ، والذي يسقط في بعض تصاريف الكلمة هو الزائد نحو «ضارب ، ومضروب».

* * *

بضمن فعل قابل الأصول في

وزن ، وزائد بلفظه اكتفي

وضاعف اللام إذا أصل بقي

كراء جعفر وقاف فستق (٣)

__________________

(١) القرطعب : هو الشيء الحقير.

(٢) أصل يد ، يدي ، ودم ، دمو.

(٣) وضاعف : فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، اللام : مفعول به. إذا ظرف متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه وهو متعلق بجواب محذوف التقدير : إذا بقي أصل فضاعف اللام أصل : فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور تقديره : بقي أصل والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها. بقي : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل هو والجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب كراء جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف تقديره وذلك كائن راء مضاف وجعفر : مضاف إليه ، وقاف : معطوف على راء وهو مضاف فستق : مضاف إليه.

١١

إذا أريد وزن الكلمة قوبلت أصولها بالفاء والعين واللام ، فيقابل أولها بالفاء ، وثانيها بالعين ، وثالثها باللام ، فإن بقي بعد هذه الثلاثة أصل عبّر عنه باللام.

فإن قيل : ما وزن ضرب؟ فقل : فعل ، وما وزن زيد؟ فقل : فعل ، وما وزن جعفر؟ فقل : فعلل ، وما وزن فستق؟ فقل : فعلل ، وتكرّر اللام على حسب الأصول.

وإن كان في الكلمة زائد عبّر عنه بلفظه ، فإذا قيل : ما وزن ضارب؟

فقل : فاعل ، وما وزن جوهر؟ فقل : فوعل ، وما وزن مستخرج؟

فقل : مستفعل.

هذا إذا لم يكن الزائد ضعف حرف أصلي ، فإن كان ضعفه عبر عنه بما عبّر به عن ذلك الأصلي ، وهو المراد بقوله :

وإن يك الزائد ضعف أصل

فاجعل له في الوزن ما للأصل (١)

* * *

فتقول في وزن اغدودن (٢) : افعوعل ، فتعبّر عن الدال الثانية بالعين كما عبرت بها عن الدال الأولى ؛ لأن الثانية ضعفها ، وتقول في وزن قتّل : فعّل ، ووزن كرّم : فعّل فتعبر عن الثاني بما عبرت به عن

__________________

(١) وإن : حرف شرط جازم ، يك : فعل مضارع ناقص فعل الشرط مجزوم بالسكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف الزائد ، اسم يك : ضعف : خبرها منصوب ، ضعف مضاف ، أصل : مضاف إليه ، فاجعل : الفاء واقعة في جواب الشرط ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت والجملة في محل جزم جواب الشرط. له ، في الوزن : جار ومجرور متعلقان بمفعول ثان لا جعل ، ما : اسم موصول مفعول به أول لا جعل للأصل : جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول.

(٢) اغدودن الشعر إذا طال ، والنبت إذا اخضر حتى يضرب للسواد.

١٢

الأول ، ولا يجوز أن تعبر عن هذا الزائد بلفظه (١) ، فلا تقول في وزن اغدودن : افعودل ، ولا في وزن قتّل : فعتل ، ولا في وزن كرّم فعول.

واحكم بتأصيل حروف سمسم

ونحوه ، والخلف في كلملم

* * *

المراد بسمسم الرباعي الذي تكررت فاؤه وعينه ، ولم يكن أحد المكررين صالحا للسقوط ، فهذا النوع يحكم على حروفه كلها بأنها أصول ، فإذا صلح أحد المكررين للسقوط ففي الحكم عليه بالزيادة خلاف ـ وذلك نحو «لملم» أمر من لملم ، و «كفكف» أمر من كفكف فاللام الثانية والكاف الثانية صالحان للسقوط ، بدليل صحة لمّ وكفّ ، فاختلف الناس في ذلك ، فقيل (٢) : هما مادتان ، وليس كفكف من كفّ ولا لملم من لمّ ، فلا تكون اللام والكاف زائدتين ، وقيل (٣) : اللام زائدة وكذا الكاف ، وقيل (٤) : هما بدلان من حرف مضاعف ، والأصل لمّم ، وكفّف ، ثم أبدل من أحد المضاعفين لام في لملم ، وكاف في كفكف.

__________________

(١) والخلاصة أن الزائد مطلقا يعبر عنه بلفظه إلا المبدل من تاء الافتعال فيعبر عنه بأصله وهو التاء فوزن اصطبر افتعل ولا ينطق بالطاء ومثله ازدهر فوزنه افتعل ، إلا المكرر فإنه يكرر ما يقابله في الميزان كما ذكر في الأمثلة.

(٢) هذا مذهب البصريين إلا الزجاج ، لأن الكاف واللام من كفكف ولملم ليستا زائدتين بل هما أصليتان فوزنهما فعلل.

(٣) ومذهب الزجاج أن اللام الثانية والكاف زائدة فوزنهما فعفل بتكرير الفاء.

(٤) وهذا مذهب الكوفيين وهو أن الحرف الثالث زائد مبدل من حرف مماثل للثاني فقولك كفكف ولملم أصله كفّف ولمّم فاستثقل ثلاثة أمثال فأبدل من أحدهما حرف يماثل فاء الكلمة فأصبحت كفكف ولملم فوزنهما فعّل.

١٣

فألف أكثر من أصلين

صاحب ـ زائد بغير مين (١)

* * *

إذا صحبت الألف ثلاثة أحرف أصول حكم بزيادتها (٢) ، نحو «ضارب ، وغضبى» ، فإن صحبت أصلين فقط فليست زائدة ، بل هي إما أصل ك «إلى» (٣) وإما بدل من أصل ك «قال وباع».

واليا كذا والواو إن لم يقعا

كما هما في يؤيؤ ووعوعا

* * *

أي : كذلك إذا صحبت الياء أو الواو ثلاثة أحرف أصول ، فإنه يحكم بزيادتهما إلا في الثنائي المكرر.

فالأول : كصيرف (٤) ، ويعمل (٥) ، وجوهر ، وعجوز.

__________________

(١) فألف : مبتدأ ، أكثر : مفعول به مقدم لصاحب. من أصلين : جار ومجرور وعلامة جر أصلين الياء لأنه مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد والجار والمجرور متعلق بأكثر. صاحب : فعل ماض وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى ألف والجملة في محل رفع صفة لألف. زائد : خبر المبتدأ مرفوع ، بغير : جار ومجرور متعلق بزائد ، غير مضاف ، ومين : مضاف إليه.

(٢) أما في المبنيات والحروف فلا يحكم بزيادتها مع أكثر من أصلين كمهما وحتى ولا بإبدالها من غيرها على الأقل كمتى وإلى بل تكون أصلية غير منقلبة وكذلك في الأسماء الأعجمية كإبراهيم لأن زيادة الحرف أو أصالته إنما تعرف بالاشتقاق.

(٣) إلىّ بوزن رضى «النعمة» وهو واحد الآلاء.

(٤) الصيرف : المحتال المتصرف في الأمور ؛ لأن الصّرف : الحيلة ومنه قولهم : «إنه ليتصرف في الأمور» أو الصيرف : هو الصرّاف والصيرفيّ ، يقال : صرفت الدراهم بالدنانير ، وقوم صيارفة.

(٥) يعمل : الجمل القوي الجيد السير ، والناقة يعملة.

١٤

والثاني : كيؤيؤ ، ـ لطائر ذي مخلب ـ ووعوعة ـ مصدر وعوع إذا صوّت.

فالياء والواو في الأول زائدتان وفي الثاني أصليتان.

* * *

وهكذا همز وميم سبقا

ثلاثة تأصيلها تحقّقا

* * *

أي : كذلك يحكم على الهمزة والميم بالزيادة إذا تقدّمتا على ثلاثة أحرف أصول ، كأحمد ومكرم ، فإن سبقا أصلين حكم بأصالتهما كإبل ومهد.

* * *

كذاك همز آخر بعد ألف

أكثر من حرفين لفظها ردف

* * *

أي : كذلك يحكم على الهمزة بالزيادة إذا وقعت آخرا بعد ألف تقدّمها أكثر من حرفين نحو «حمراء» ، وعاشوراء ، وقاصعاء» (١).

فإن تقدم الألف حرفان فالهمزة غير زائدة ، نحو «كساء ، ورداء» ، فالهمزة في الأول بدل من واو ، وفي الثاني بدل من ياء ، وكذلك إذا تقدم على الألف حرف واحد ، كماء ، وداء.

* * *

والنون في الآخر كالهمز ، وفي

نحو «غضنفر» أصالة كفي

* * *

النون إذا وقعت آخرا بعد ألف ، تقدّمها أكثر من حرفين (٢) ، حكم

__________________

(١) قاصعاء : جحر اليربوع.

(٢) أي أكثر من حرفين أصليين ليخرج نحو «مهوان» فإن نونه أصلية ؛ لأنه من الهوان مع أن قبلها أكثر من حرفين ؛ لأن بعضهما زائد وهو الميم.

١٥

عليها بالزيادة ، كما حكم على الهمزة حين وقعت كذلك ، وذلك نحو «زعفران ، وسكران».

فإن لم يسبقها ثلاثة فهي أصلية ، نحو «مكان ، وزمان».

ويحكم أيضا على النون بالزيادة إذا وقعت بعد حرفين (١) ، وبعدها حرفان ك «غضنفر» (٢).

* * *

والتاء في التأنيث والمضارعة

ونحو الاستفعال والمطاوعه

* * *

تزاد التاء إذا كانت للتأنيث (٣) ، كقائمة ، وللمضارعة ، نحو «أنت تفعل» ، أو مع السين في الاستفعال وفروعه ، نحو «استخراج ومستخرج واستخرج» أو مطاوعة فعّل نحو «علّمته فتعلّم» ، أو فعلل كتدحرج.

والهاء وقفا ك : «لمه» ولم تره

واللام في الإشارة المشتهره

* * *

تزاد الهاء في الوقف ، نحو «لمه ولم تره» (٤) وقد سبق في باب

__________________

(١) أما الواقعة أولا نحو «نهشل» للذئب ، أو ثانيا نحو «قنطار» فإنها أصلية.

(٢) الغضنفر : الأسد. كما أن النون تزاد في أول المضارع والمطاوع نحو «انكسر» وباب «الافعنلال» مثل الاحرنجام.

(٣) سواء أكانت في مفرد كقائمة أو جمع مؤنث سالم كقائمات.

(٤) لمه : جار ومجرور ، اللام حرف جر : م اسم استفهام مبني على السكون المقدر على الألف المحذوفة للتخفيف ، والهاء للسكت أو الوقف ، حرف لا محل له من الإعراب لم يره : لم حرف نفي وجزم وقلب يره : ير فعل مضارع مجزوم يلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره وهو الألف ، والفاعل أنت والهاء للسكت أو للوقف حرف لا محل له من الإعراب.

١٦

الوقف بيان ما تزاد فيه ، وهو «ما» الاستفهامية المجرورة ، والفعل المحذوف اللام للوقف ، نحو «ره» (١) ، أو المجزوم نحو «لم تره» وكل مبني على حركة نحو «كيفه» إلّا ما قطع عن الإضافة كقبل ، وبعد ، واسم «لا» التي لنفي الجنس نحو «لا رجل» والمنادى نحو «يا زيد» والفعل الماضي نحو «ضرب» واطّرد أيضا زيادة اللام في أسماء الإشارة ، نحو «ذلك ، وتلك ، وهنالك» (٢).

* * *

وامنع زيادة بلا قيد ثبت

إن لم تبيّن حجّة كحظلت (٣)

* * *

إذا وقع شيء من حروف الزيادة العشرة التي يجمعها قولك :

__________________

(١) (ره) ر فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت والهاء للسكت.

(٢) ويقال فيها : اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

(٣) وامنع : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت زيادة : مفعول به منصوب. بلا قيد : الباء حرف جر ولا نافية وقيد : مجرور بالباء والجار والمجرور متعلق بزيادة. ثبت : فعل ماض والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو والجملة في محل جر صفة لقيد. إن لم تبّن : إن حرف شرط جازم ، لم حرف نفي وجزم وقلب تبين : مضارع مجزوم بلم في محل جزم فعل الشرط ، حجة : فاعل مرفوع كحظلت : الكاف حرف جر : حظلت : قصد لفظه مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف التقدير وذلك كائن كحظلت وجواب الشرط محذوف دل عليه الكلام السابق.

١٧

«سألتمونيها» (١) خاليا عما قيّدت به زيادته فاحكم بأصالته ، إلا إن قام على زيادته حجة بينه : كسقوط همزة «شمأل» في قولهم : «شملت الريح شمولا» إذا هبت شمالا ، وكسقوط نون «حنظل» في قولهم : «حظلت الإبل» إذا آذاها أكل الحنظل ، وكسقوط تاء «ملكوت» في «الملك».

__________________

(١) وقد جمعها ابن مالك في بيت أربع مرات :

هناء وتسليم ، تلا أنس يومه

نهاية مسؤول ، أمان وتسهيل

١٨

فصل في زيادة همزة الوصل

للوصل همز سابق لا يثبت

إلا إذا ابتدي به ك : «استثبتوا»

* * *

لا يبتدأ بساكن ، كما لا يوقف على متحرّك ، فإذا كان أول الكلمة ساكنا وجب الإتيان بهمزة متحركة توصلا للنطق بالساكن ، وتسمى هذه الهمزة همزة وصل (١) ، وشأنها أنها تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج ، نحو «استثبتوا» أمر للجماعة بالاستثبات.

* * *

وهو لفعل ماض احتوى على

أكثر من أربعة نحو «انجلى»

والأمر والمصدر منه وكذا

أمر الثلاثي ك «اخش وامض وانفذا»

* * *

لما كان الفعل أصلا في التصريف اختصّ بكثرة مجيء أوله ساكنا ، فأحتاج إلى همزة الوصل ، فكلّ فعل ماض احتوى على أكثر من أربعة (٢)

__________________

(١) سميت بذلك لوصل ما بعدها بما قبلها عند سقوطها ، قال البصريون : لوصول المتكلم بها إلى النطق بالساكن ، وسماها الخليل : سلّم اللسان :

(٢) إن بعض الخماسي لا تتصل به همزة الوصل وهو المبدوء بالتاء مثل : تعلم ، تقاتل تدحرج :

١٩

أحرف يجب الإتيان في أوله بهمزة الوصل ، نحو «استخرج وانطلق» ، وكذلك الأمر منه ، نحو «استخرج ، وانطلق» ، والمصدر نحو «استخراج وانطلاق» ، وكذلك تجب الهمزة في أمر الثلاثي (١) ، نحو «اخش ، وامض وانفذ» من خشي ومضى ونفذ.

وفي اسم است ابن ابنم سمع

واثنين وامريء وتأنيث تبع

وايمن ، همز أل كذا ، ويبدل

مدا في الاستفهام أو يسهّل

* * *

لم تحفظ همزة الوصل في الأسماء التي ليست مصادر لفعل زائد ، على أربعة إلا في عشرة أسماء : اسم (٢) ، واست (٣) ، وابن (٤) ، وابنم (٥) واثنين ، وامرئ ، وامرأة ، وابنة ، واثنتين ، وايمن ـ في القسم.

__________________

(١) أي الذي يسكن ثاني مضارعه لفظا ، فإن تحرك ثاني مضارعه لفظا لم يحتج إلى الهمزة لأن الأمر هو المضارع بعد أن يحذف منه حرف المضارعة مثل «قم ، عده ، ردّ» : ويستثنى من أمر الثلاثي «خذ ، وكل ، ومر» فإنها يسكّن ثاني مضارعها لفظا كيأخذ ، ويأكل ، ويأمر ، مع أن الأكثر فيها الاستغناء عن همزة الوصل بحذف فائها الساكنة والأصل «أأخذ» حذفت الثانية لكثرة الاستعمال فحذفت الأولى للاستغناء عنها.

(٢) اسم : أصله عند البصريين «سمو» من السمو وهو العلو حذفت لامه تخفيفا وسكن أوله وعوض عنها همزة وصل ، قيل : أصله «وسم» من السمة وهي العلامة حذفت الواو وعوض عنها الهمزة.

(٣) است : أصله سته يقال سته ستها إذا كبرت عجيزته ثم سموا العجيزة بالمصدر ، ونقصوه بعد التسمية فحذفوا العين تارة وقالوا «سه» واللام أخرى وقالوا «ست» وتظهر حركات الإعراب على الهاء والتاء ، ثم سكنوا سين «ست» واجتلبوا همزة الوصل كأنها عوض عن اللام فقالوا : «است».

(٤) ابن : أصله : بنو : حذفت الواو وعوض عنها بالهمزة.

(٥) ابنم : هو ابن بزيادة الميم للتوكيد والمبالغة.

٢٠