تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٥

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٥

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٦

التأنيث

علامة التأنيث «تاء» أو «ألف»

وفي أسام قدّروا «التا» ك : «الكتف»

ويعرف التقدير : بالضّمير

ونحوه ك : «الرّدّ في التصغير»

أصل الاسم أن يكون مذكّرا. والتأنيث فرع عن التذكير ، ولكون التذكير هو الأصل استغنى الاسم المذكر عن علامة تدلّ على التذكير ، ولكون التأنيث فرعا عن التذكير افتقر إلى علامة تدلّ عليه وهي : «التاء» و «الألف المقصورة» أو «الممدودة» (١).

و «التاء» أكثر في الاستعمال من الألف ولذلك قدّرت في بعض الأسماء ك : «عين وكتف». ويستدلّ على تأنيث ما لا علامة فيه ظاهرة من الأسماء المؤنثة بعود الضمير إليه مؤنثا نحو : «الكتف نهشتها ، والعين كحلتها» (٢) وبما أشبه ذلك : كوصفه بالمؤنث نحو «أكلت كتفا مشويّة» ، وكرد التاء إليه في التصغير (٣) ك : «كتيفة ويديّة».

__________________

(١) هذا في الأسماء المعربة ، أما في المبنيّ فيدلّ على التأنيث بغير التاء والألف كالكسرة في أنت ، والنّون في هنّ.

(٢) الكتف والعين بالرفع : مبتدأ ، والجملتان بعدهما في محل رفع خبران لهما ، وبالنصب : مفعول به لفعل محذوف وجوبا يفسره المذكور ، وجملة : نهشتها ، كحلتها : تفسيرية لا محل لها من الإعراب.

(٣) لأن التصغير يردّ الأشياء إلى أصولها.

٦١

ما يستوى فيه المذكر والمؤنث :

ولا تلي فارقة : «فعولا»

أصلا ، ولا : «المفعال والمفعيلا» (١)

كذاك «مفعل» ، وما تليه

«تا» الفرق من ذي فشذوذ فيه

ومن : «فعيل ك : قتيل» إن تبع

موصوفه غالبا «التا» تمتنع

قد سبق أنّ هذه التاء إنما زيدت في الأسماء لتمييز المؤنث عن المذكر ، وأكثر ما يكون ذلك في الصفات ك : «قائم وقائمة ، وقاعد وقاعدة» ، ويقلّ ذلك في الأسماء التي ليست بصفات ك : «رجل ورجلة ، وإنسان وإنسانة ، وامرىء وامرأة».

وأشار بقوله : «ولا تلي فارقة فعولا ... الأبيات» إلى أنّ من الصفات ما لا تلحقه هذه التاء ، وهو ما كان من الصفات على «فعول» وكان بمعنى «فاعل» وإليه أشار بقوله : «أصلا» ، واحترز بذلك من الذي بمعنى «مفعول» ، وإنما جعل الأوّل «أصلا» لأنه أكثر من الثاني ، وذلك نحو : شكور وصبور» بمعنى «شاكر وصابر» ، فيقال للمذكر والمؤنث «صبور وشكور» بلا تاء نحو : : «هذا رجل شكور وامرأة صبور».

فإذا كان «فعول» بمعنى «مفعول» فقد تلحقه التاء في التأنيث نحو : «ركوبة» بمعنى «مركوبة». وكذلك لا تلحق التاء وصفا على «مفعال» كامرأة «مهذار». وهي الكثيرة الهذر وهو الهذيان ـ ، أو على «مفعيل» كامرأة «معطير» ـ من عطرت المرأة : إذا استعملت الطيب ـ ، أو على «مفعل» ك : «مغشم» ـ وهو الذي لا يثنيه شيء عما يريده ويهواه من شجاعته ـ.

__________________

(١) تلي : فعل مضارع ، وفاعله : هي يعود إلى تاء التأنيث ، فارقة : أي فارقة بين المذكر والمؤنث.

٦٢

وما لحقته التاء من هذه الصفات للفرق بين المذكر والمؤنث فشاذ لا يقاس عليه نحو : : «عدو وعدوة ، وميقان (١) وميقانة ، ومسكين ومسكينة».

وأمّا «فعيل» فإما أن يكون بمعنى «فاعل» أو بمعنى «مفعول» ، فإن كان بمعنى «فاعل» لحقته التاء في التأنيث نحو : «رجل كريم ، وامرأة كريمة» ، وقد حذفت منه قليلا ، قال الله تعالى : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)(٢). وقال الله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٣) وإن كان بمعنى «مفعول» ـ وإليه أشار بقوله : «كقتيل» ـ فإما أن يستعمل استعمال الأسماء أو لا ، فإن استعمل استعمال الأسماء ـ أي : لم يتبع موصوفه ـ لحقته التاء نحو : «هذه ذبيحة ، ونطيحة ، وأكيلة ، أي : مذبوحة ، ومنطوحة ، ومأكولة السبع» (٤). وإن لم يستعمل استعمال الأسماء أي بأن يتبع موصوفه ، حذفت منه التاء غالبا نحو : «مررت بامرأة جريح ، وبعين كحيل» أي : مجروحة ومكحولة ، وقد تلحقه التاء قليلا نحو : «خصلة ذميمة» أي : مذمومة ، و «فعلة حميدة» أي : محمودة.

__________________

(١) ميقان : من اليقين : أي لا يسمع شيئا إلا أيقنه وتحقق منه.

(٢) من قوله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ، قالَ : مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ).

يس (٧٨)

(٣) من قوله تعالى : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ، وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً ، إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)

الأعراف (٥٥)

والشاهد في الآيتين الكريمتين استعمال «فعيل : رميم ، قريب» بمعنى فاعل دون أن تلحقها التاء وذلك قليل ، وقيل : إنهما بمعنى : مفعول أي مرمومة ومقربة فهي ليست من القليل.

(٤) إن استعمل استعمال الأسماء فلم يتبع موصوفه لحقته التاء تمييزا للمذكر من المؤنث ، أما إن تبع موصوفه ، فالموصوف يحدد نوعه فلا حاجة للتاء.

٦٣

أوزان ألف التأنيث المقصورة :

وألف التأنيث : ذات قصر

وذات مدّ نحو : أنثى الغرّ (١)

والاشتهار في مباني الأولى

يبديه وزن : «أربى والطّولى (٢)

ومرطى» ووزن «فعلى» جمعا

أو مصدرا ، أو صفة ك : «شبعى» (٣)

وك : «حبارى ، سمّهى ، سبطرى

ذكرى ، وحثّيثى مع الكفرّى»

كذاك «خلّيطى» مع «الشّقّارى»

واعز لغير هذه استندارا

قد سبق أن ألف التأنيث على ضربين : أحدهما المقصورة ك : «حبلى وسكرى» ، والثاني الممدودة ك : «حمراء وغرّاء» ، ولكل منهما أوزارن تعرف بها.

فأما المقصورة فلها أوزان مشهورة وأوزان نادرة. فمن المشهورة : «فعلى» نحو «أربى» للداهية و «شعبى» لموضع.

ومنها «فعلى» اسما ك : «بهمى» لنبت ، أو صفة ك : «حبلى والطّولى» ، أو مصدرا : ك : «رجعى».

__________________

(١) أي ألف التأنيث الممدودة التي في الاسم المؤنث من الغرّ وهو «الغراء». وألف التأنيث قلبت همزة لاجتماعها مع الألف الزائدة قبلها ولكيلا تحذف تخلصا من التقاء الساكنين.

(٢) الاشتهار : مبتدأ ، يبديه وزن : الجملة في محل رفع خبر المبتدأ ، وأراد بالأولى : ألف التأنيث المقصورة ، والطّولى : مؤنث أطول أفعل التفضيل.

(٣) شبعى : مؤنث شبعان وقد أتى مثالا للصفة.

٦٤

ومنها : «فعلى» اسما ك : «بردى» لنهر بدمشق ، أو مصدرا ك : «مرطى» لضرب من العدو ، أو صفة ك : «حيدى» يقال : حمار حيدى أي : يحيد عن ظله لنشاطه ، قال الجوهريّ : «ولم يجئ في نعوت المذكر شيء على فعلى غيره».

ومنها : «فعلى» جمعا ك : «صرعى» جمع صريع ، أو مصدرا ك : «دعوى» ، أو صفة ك : «شبعى ، وكسلى».

ومنها : «فعالى» ك : «حبارى» لطائر ، ويقع على الذكر والأنثى.

ومنها : «فعّلى» ك : «سمّهى» للباطل.

ومنها : «فعلىّ» ك : «سبطرى» لضرب من المشي.

ومنها : «فعلى» مصدرا ك : «ذكرى» ، أو جمعا ك : «ظربى» جمع ظربان (١) وهي دويبة كالهرة منتنة الريح ، تزعم العرب أنها تفسو في ثوب أحدهم إذا صادها ، فلا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب. وك : «حجلى» جمع حجل ، وليس في الجموع ما هو على وزن «فعلى» غيرهما.

ومنها : «فعيّلى» ك : «حثّيثى» بمعى الحث.

ومنها : «فعلىّ» نحو «كفرّى» لوعاء الطلع.

ومنها : «فعيّلى» نحو «خليّطى» للاختلاط ، ويقال : «وقعوا في خليّطي أي : اختلط عليهم أمرهم».

ومنها : «فعّالى» نحو «شقّارى» لنبت.

__________________

(١) الظربان : بفتح فكسر ، أو بكسر وسكون ، ويسمونه : مفرّق الإبل لنفارها من نتن رائحته.

٦٥

أوزان ألف التأنيث الممدودة :

لمدّها : «فعلاء ، أفعلاء»

مثلّث العين و «فعللاء»

ثمّ : «فعالا ، فعللا ، فاعولا

وفاعلاء ، فعليا ، مفعولا»

ومطلق العين : «فعالا» وكذا

مطلق فاء «فعلاء» أخذا

لألف التأنيث الممدودة أوزان كثيرة نبه المصنف على بعضها :

فمنها : «فعلاء» اسما ك : «صحراء» أو صفة مذكرها على «أفعل» ك : «حمراء» ، وعلى غير «أفعل» ك : «ديمة هطلاء» (١) ، ولا يقال : «سحاب أهطل» بل «سحاب هطل» (٢) ، وكقولهم : «فرس أو ناقة روغاء» أي : حديدة القياد ، ولا يوصف به المذكر منهما ، فلا يقال : «جمل أروغ» وك : «امرأة حسناء» ولا يقال : «رجل أحسن».

والهطل : تتابع المطر والدمع وسيلانه ، يقال : هطلت السماء تهطل هطلا وهطلانا وتهطالا.

ومنها : «أفعلاء» ـ مثلث العين ـ نحو قولهم لليوم الرابع من أيام الأسبوع : «أربعاء» بضم الباء وفتحها وكسرها.

ومنها : «فعللاء» نحو : «عقرباء» لأنثى العقارب.

ومنها : «فعللاء» نحو : «قصاصاء» للقصاص.

ومنها : «فعللاء» ك : «قرفصاء».

ومنها : «فاعولاء» ك : «عاشوراء».

ومنها : «فاعلاء» ك : «قاصعاء» جحر من جحرة اليربوع (٣).

__________________

(١) الديمة : سحابة ممطرة دون برق أو رعد.

(٢) بفتح الهاء وكسر الطّاء.

(٣) الجحر (بضم الجيم وفتح الحاء) : مكان يحفره الهوام والسباع لتأوى إليه وجمعه : أجحار وأجحرة ، وجحرة بوزن عنبة.

٦٦

ومنها : «فعلياء» نحو : «كبرياء» وهي العظمة.

ومنها : «مفعولاء» نحو : «مشيوخاء» جمع شيخ.

ومنها : «فعالاء» ـ مطلق العين ، أي : مضمومها ومفتوحها ومكسورها ـ نحو : «دبوقاء» للعذرة ، و «براساء» لغة في البرنساء وهم الناس ، قال ابن السّكّيت : يقال : ما أدري أيّ البرنساء هو ، أي : أيّ الناس هو. و «كثيراء».

ومنها : «فعلاء» ـ مطلق الفاء ، أي : مضمومها ومفتوحها ومكسورها ـ نحو : «خيلاء» للتكبر ، و «جنفاء» اسم مكان ، و «سيراء» لبرد فيه خطوط صفر.

٦٧

أسئلة

١ ـ لم افتقر الاسم المؤنث إلى علامة تميزه دون المذكر؟ مثل لما تقول.

٢ ـ ما علامتا التأنيث في الأسماء؟ وأيتهما أكثر استعمالا؟ مثّل.

٣ ـ بم يستدل على تأنيث الأسماء المؤنثة التي لا علامة فيها ظاهرة؟ وضح ذلك مع التمثيل ...

٤ ـ قال ابن مالك : ـ

ولا تل فارقة (فعولا)

أصلا ولا (المفعال والمفعيلا)

اشرح البيت بالتفصيل ... مبينا متى تلحق التاء صيغة (فعول)؟

ومتى لا تلحق؟ ولماذا؟.

٥ ـ متى تلحق التاء صيغة (فعيل)؟ ومتى لا تلحق؟ ولماذا؟

وازن بين صيغتي (فعول) و (فعيل) في لحاق التاء وعدمها مع ذكر الأمثلة.

٦ ـ لماذا تركت التاء في كلمة (قريب) من قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)؟ هات أوزانا من عندك على غرارها ...

٧ ـ اذكر صيغا أخرى يستوي فيها المذكر والمؤنث غير (فعيل) ، و (فعول) مع التمثيل ...

٨ ـ اكتب ميزان الكلمات الآتية وبين معناها ... (حثّيثى. كفرّى ـ مشيوخاء ـ قصاصاء ـ براساء).

٩ ـ هات كلمات على الأوزان التالية وضعها في جمل : ـ «فعلى ـ فعلى ـ فعلياء ـ فعللاء»

٦٨

تمرينات

١ ـ بيّن القياسي والشاذ من الأسماء المؤنثة التالية مع ذكر السبب. «صبور ـ بغىّ ـ حنون ـ ملولة ـ عدوة ـ قتيل ـ جديدة ـ مسكينة ـ رميم».

٢ ـ ضع كلمتين على (فعلى) في جملتين من عندك تكون إحداهما جمعا ـ والأخرى صفة.

٣ ـ هات ثلاث كلمات على وزن (فعلى) إحداهما اسم والثانية مصدر والثالثة صفة وضعها في جمل مفيدة.

٤ ـ مثّل لما يأتي في جمل تامة :

(ا) كلمة على وزن (فعيل) لا تصحبها تاء التأنيث ـ وأخرى تصحبها

(ب) كلمة على وزن (فعول) لا تصحبها التاء وأخرى تصحبها.

(ج) كلمة على وزن (فعلى) تكون مصدرا.

٥ ـ ضع كلمتى (جريح وقتيل) في جمل من عندك بحيث تصحبها تاء التأنيث في بعضها وتترك في الباقي مع ذكر السبب.

٦ ـ هات كلمات على الأوزن التالية في جمل تامة : (فعللاء ـ فعالى ، أفعلاء).

٧ ـ هات كلمتين على وزن (فعول) واحدة تلزمها التاء والأخرى لا تلحقها مع ذكر السبب.

٦٩

٨ ـ قال امرؤ القيس :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللّوى بين الدخول فحومل

(ا) أعرب ما تحته خط.

(ب) عيّن من البيت اسما مؤنثا واذكر وزنه وعلامة تأنيثه ونوعه.

(ج) لماذا لم تلحق التاء كلمة (حبيب) في البيت؟ مع أنه على وزن (فعيل)؟

٧٠

المقصور والممدود

١ ـ الاسم المقصور القياسي :

إذا اسم استوجب من قبل الطرف

فتحا ، وكان ذا نظير ك : «الأسف» (١)

فلنظيره المعلّ الآخر

ثبوت قصر بقياس ظاهر (٢)

ك : «فعل ، وفعل» في جمع ما

ك : «فعلة ، وفعلة» نحو : «الدّمى»

لمقصور : هو الاسم الذي حرف إعرابه ألف لازمة. فخرج بالاسم : الفعل نحو : «يرضى» ، وبحرف إعرابه : المبنيّ نحو : «إذا» ، وبلازمة : المثنى نحو : «الزيدان» ، فإن ألفه تنقلب ياء في الجرّ والنصب.

والمقصور على قسمين : (ا) قياسي. (ب) وسماعي (٣).

فالقياسيّ : كل اسم معتل له نظير من الصحيح ملتزم فتح ما قبل آخره ، وذلك كمصدر الفعل اللازم الذي على وزن «فعل» فإنه يكون «فعلا»

__________________

(١) اسم : فاعل لفعل محذوف والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها ، جملة استوجب مع الفاعل المستتر : تفسيرية لا محل لها من الإعراب ، كان : فعل ماض ناقص ، واسمه : هو ، ذا : خبر كان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة.

(٢) فلنظيره : الفاء : واقعة في جواب إذا ، لنظير : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ ثبوت ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، والجملة : جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.

(٣) القياسي : وظيفة النحويين ، والسماعي : وظيفة اللغويين.

٧١

ـ بفتح الفاء والعين ـ نحو : «أسف أسفا» ، فإذا كان معتلا وجب قصره نحو «جوي جوى» (١) لأن نظيره (٢) من الصحيح الآخر ملتزم فتح ما قبل آخره. ونحو «فعل» في جمع «فعلة» ـ بكسر الفاء ـ و «فعل» في جمع «فعلة» ـ بضم الفاء ـ نحو : «مرى جمع مرية (٣) ، ومدى جمع مدية» فإن نظيرهما من الصحيح : «قرب وقرب جمع قربة وقربة» ، لأن جمع «فعلة» ـ بكسر الفاء ـ يكون على «فعل» ـ بكسر الأوّل وفتح الثاني ـ ، وجمع «فعلة» ـ بضم الفاء ـ يكون على «فعل» ـ بضم الأول وفتح الثاني ـ ، والدّمى : جمع دمية ، وهي الصورة من العاج ونحوه.

٢ ـ الاسم الممدود القياسي :

وما استحقّ قبل آخر ألف

فالمدّ في نظيره حتما عرف (٤)

كمصدر الفعل الذي قد بدئا

بهمز وصل ك : «ارعوى» وك : «ارتأى»

لما فرغ من المقصور ، شرع في الممدود وهو : الاسم الذي في آخره همزة تلي ألفا زائدة نحو : «حمراء ، وكساء ، ورداء». فخرج بالاسم : الفعل نحو : «يشاء» ، ، وبقوله : «تلي ألفا زائدة» : ما كان في آخره همزة تلي ألفا غير زائدة : ك : «ماء ، وآء» جمع آءة ، وهو شجر.

والممدود أيضا كما لمقصور : (ا) قياسي. (ب) وسماعيّ

__________________

(١) جوى جوى بوزن فرح فرحا : أصابته حرقة من حزن أو عشق.

(٢) المقصود بالنظير : المناظر له في وزنه ونوعه كالمصدرية والاسمية والوصفية.

(٣) المرية : الجدال. والمدية : السكين.

(٤) قوله : وما استحق : أي من الصحيح.

٧٢

فالقياسيّ : كلّ معتل له نظير من الصحيح الآخر ، ملتزم زيادة ألف قبل آخره ، وذلك كمصدر ما أوّله همزة وصل نحو : «ارعوى ارعواء ، وارتأى ارتئاء ، واستقصى استقصاء ، فإن نظيرها من الصحيح : «انطلق انطلاقا ، واقتدر اقتدارا ، واستخرج استخراجا» ، وكذا مصدر كل فعل معتل يكون على وزن «أفعل» نحو : «أعطى إعطاء» فإن نظيره من الصحيح : «أكرم إكراما».

المقصور والممدود السماعيان :

والعادم النظير ذا قصر وذا

مدّ بنقل : ك : «الحجا» وك : «الحذا» (١)

هذا هو القسم الثاني : وهو : المقصور السماعي والممدود السماعيّ ، وضابطهما : أنّ ما ليس له نظير اطّرد فتح ما قبل آخره فقصره موقوف على السماع ، وما ليس له نظير اطّرد زيادة ألف قبل آخره فمده مقصور على السماع.

فمن المقصور السماعي : «الفتى» واحد الفتيان ، و «الحجا» العقل ، و «الثّرى» التراب ، و «السّنا» الضوء.

ومن الممدود السماعي : «الفتاء» حداثة السنّ ، و «السّناء» الشرف ، و «الثراء» كثرة المال ، و «الحذاء» النعل.

قصر الممدود ومد المقصور :

وقصر ذي المدّ اضطرارا مجمع

عليه ، والعكس بخلف يقع

لا خلاف بين البصريين والكوفيين في جواز قصر الممدود للضرورة (٢)

__________________

(١) العادم : مبتدأ وخبره متعلق الجار والمجرور بنقل والتقدير : والعادم النظير مأخوذ بنقل ، ذا : حال من ضمير الخبر منصوب بالألف ...

(٢) لأنه رجوع إلى الأصل الذي هو القصر كقوله : لا بد من صنعا وإن طال السفر.

٧٣

واختلف في جواز مدّ المقصور ، فذهب البصريّون إلى المنع ، وذهب الكوفيّون إلى الجواز ، واستدلوا بقوله :

١٤٨ ـ يا لك من تمر ومن شيشاء

ينشب في المسعل واللهاء (١)

فمدّ «اللهاء» للضرورة وهو مقصور.

كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا

تثنية المقصور :

آخر مقصور تثنّى اجعله «يا»

إن كان عن ثلاثة مرتقيا

كذا الذي اليا أصله ، نحو «الفتى»

والجامد الذي أميل ك : «متى»

في غير ذا تقلب واوا الألف

وأولها ما كان قبل قد ألف

__________________

(١) نسب البيت لأبي المقدام الراجز ، وقيل : لأعرابي من أهل البادية. والششاء : التمر الذي لم يشتد نواه وهو من أردأ التمر ، ينشب : يعلق ، المسعل : مكان السعال ، واللها : جمع لهاة كحصى وحصاة : قطعة من اللحم في أقصى سقف الفم المعنى : عجبا لهذا التمر الرديء الذي ينشب في الحلق فلا يسيغه الإنسان.

الإعراب : يا أداة : نداء وتعجب ، لك : اللام : حرف جر ، والكاف : منادى متعجب منه مبني على الفتح في محل جر باللام ، متعلق بفعل التعجب المحذوف ، أو بيا المتضمنة معنى الفعل ، من : حرف جر متعلق بما تعلق به الأول ، تمر : مجرور بمن ، وفيه إعرابات أخرى. ومن شيشاء : الواو : عاطفة ، من شيشاء : جار ومجرور متعلق بما تعلق به الأول ، ينشب : فعل مضارع مرفوع ، والفاعل هو ، في المسعل : جار ومجرور متعلق بينشب ، واللهاء : معطوف على المسعل بالواو ، والجملة في محل جر صفة لشيشاء.

الشاهد فيه : قوله : «واللهاء» فقد مد المقصور للضرورة وأصله (اللها) بالقصر.

٧٤

الاسم المتمكن (١) إن كان صحيح الآخر ، أو كان منقوصا لحقته علامة التثنية من غير تغيير (٢) ، فتقول في : «رجل ، وجارية ، وقاض : رجلان ، وجاريتان ، وقاضيان». وإن كان مقصورا فلا بد من تغييره على ما نذكره الآن. وإن كان ممدودا فسيأتي حكمه.

فإن كانت ألف المقصور رابعة فصاعدا قلبت «ياء» (٣) ، فتقول في : «ملهى : ملهيان» وفي : «مستقصى : مستقصيان».

وإن كانت ثالثة (٤) : فإن كانت بدلا من الياء ك : «فتى ، ورحى» قلبت أيضا «ياء» فتقول : «فتيان ، ورحيان» ، وكذا إذا كانت ثالثة مجهولة الأصل وأميلت ، فتقول في «متى» علما «متيان» (٥).

وإن كانت ثالثة بدلا من واو ك : «عصا ، وقفا» قلبت واوا فتقول : «عصوان ، وقفوان» ، وكذا إن كانت ثالثة مجهولة الأصل ولم تمل ك : «إلى» علما فتقول : «إلوان».

فالحاصل أن ألف المقصور تقلب ياء في ثلاثة مواضع :

الأوّل : إذا كانت رابعة فصاعدا.

الثاني : إذا كانت ثالثة بدلا من ياء.

الثالث : إذا كانت ثالثة مجهولة الأصل وأميلت.

__________________

(١) المتمكن أي : المعرب.

(٢) وكذلك إذا نزل منزلة الصحيح ، وهو ما انتهى بياء أو واو قبلهما ساكن نحو : ظبي ودلو ، وإن كانت ياء المنقوص محذوفة ردت إليه في التثنية.

(٣) سواء أكان أصلها واوا كملهى ، أو ياء كمسعى : مسعيان.

(٤) ألف الثلاثي المقصور المعرب لا بد لها من أصل واوىّ أو يائي ، فهي لا تكون أصلية وإنما منقلبة دائما.

(٥) لأن الإمالة إنحاء الألف إلى الياء فردت اليها في التثنية.

٧٥

وتقلب واوا في موضعين :

الأوّل : إذا كانت ثالثة بدلا من الواو.

الثاني : إذا كانت ثالثة مجهولة الأضل ولم تمل.

وأشار بقوله : «وأولها ما كان قبل قد ألف» إلى أنه إذا عمل هذا العمل المذكور في المقصور ـ أعني قلب الألف ياء أو واوا ـ لحقتها علامة التثنية التي سبق ذكرها أوّل الكتاب ، وهي الألف والنون المكسورة رفعا ، والياء المفتوح ما قبلها والنون المكسورة جرا ونصبا.

تثنية الممدود :

وما ك : «صحراء» بواو ثنّيا

ونحو «علباء ، كساء وحيا» (١)

بواو او همز ، وغير ما ذكر

صحّح ، وما شذّ على نقل قصر (٢)

لما فرغ من الكلام على كيفية تثنية المقصور ، شرع في ذكر كيفية تثنية الممدود.

والممدود : إما أن تكون همزته بدلا من ألف التأنيث ، أو للإلحاق ، أو بدلا من أصل ، أو أصلا.

__________________

(١) ما : اسم موصول في محل رفع مبتدأ ، كصحراء : الكاف : حرف جر متعلق بمحذوف صلة الموصول ، صحراء : اسم مجرور بالكاف بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة ، وجملة : ثنيا مع نائب الفاعل المستتر : في محل رفع خبر المبتدأ ، نحو : مبتدأ ، وخبره : متعلق الجار والمجرور : بواو في البيت الثاني.

(٢) غير : مفعول به مقدم لصحح ، ما : اسم موصول في محل جر بالإضافة ، وجملة : ذكر : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، ما : اسم موصول مبتدأ وخبره جملة قصر على نقل ، وجملة شذ ، صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

٧٦

فإن كانت بدلا من ألف التأنيث فالمشهور قلبها واوا ، فتقول في : «صحراء وحمراء : صحراوان وحمراوان».

وإن كانت للإلحاق ك : «علباء» (١) ، أو بدلا من أصل نحو «كساء ، وحياء» جاز فيها وجهان :

أحدهما : قلبها واوا ، فتقول : «علباوان ، وكساوان ، وحياوان».

والثاني : إبقاء الهمزة من غير تغيير فتقول : «علباءان ، وكساءان ، وحياءان».

والقلب في الملحقة أولى من إبقاء الهمزة (٢) ، وإبقاء الهمزة المبدلة من أصل أولى من قلبها واوا (٣).

وإن كانت الهمزة الممدودة أصلا وجب إبقاؤها ، فتقول في «قرّاء ، ووضّاء (٤) : قرّاءان ووضاءان».

وأشار بقوله : «وما شذّ على نقل قصر» إلى أنّ ما جاء من تثنية المقصور أو الممدود على خلاف ما ذكر ، اقتصر فيه على السماع كقولهم في : «الخوزلي : الخوزلان» (٥) والقياس : «الخوزليان» ، وقولهم في «حمراء : حمرايان» والقياس : «حمراوان».

__________________

(١) علباء (بكسر العين) : عصبة العنق ، وأصلها : علباي بزيادة الياء لإلحاقها بوزن قرطاس.

(٢) ترجح قلبها لشبهها بهمزة حمراء وصحراء في أنها بدل عن حرف زائد.

(٣) ترجح إبقاؤها على حالها لأنها منقلبة عن حرف أصلي هو لام الكلمة فأشبهت الأصلية.

(٤) قراء ، ووضّاء بوزن رمّان والقراء : الناسك المتعبّد ، والوضاء : المضيء الوجه.

(٥) الخوزلي : ضرب من المشي فيه تبختر وتثاقل.

٧٧

جمع المقصور والممدود تصحيحا :

واحذف من المقصور في جمع على

حدّ المثنّى ما به تكمّلا

والفتح أبق مشعرا بما حذف

وإن جمعته بتاء وألف

فالألف اقلب قلبها في التّثنيه

وتاء ذي التا ألزمنّ تنحيه

إذا جمع صحيح الآخر على حدّ المثنى ـ وهو الجمع بالواو والنون (١) لحقته العلامة من غير تغيير ، فتقول في : «زيد : زيدون».

وإن جمع المنقوص هذا الجمع حذفت ياؤه ، وضمّ ما قبل الواو ، وكسر ما قبل الياء ، فتقول في «قاض : قاضون (٢) ـ رفعا ـ وقاضين ـ جرا ونصبا».

وإن جمع الممدود هذا الجمع عومل معاملته في التثنية ، فإن كانت الهمزة بدلا من أصل ، أو للإلحاق جاز فيه وجهان : إبقاء الهمزة : وإبدالها واوا ، فيقال في : «كساء» علما : «كساؤون وكساوون» ، وكذلك : «علباء». وإن كانت الهمزة أصلية وجب إبقاؤها فتقول في «قرّاء : قرّاؤون».

وأمّا المقصور ـ وهو الذي ذكره المصنف ـ فتحذف ألفه إذا جمع بالواو والنون ، وتبقى الفتحة دالة عليها ، فتقول في «مصطفى : مصطفون

__________________

(١) وسلامة صورة مفرده وحذف نونه للإضافة.

(٢) لم يبق الكسر ليدلّ على الياء المحذوفة لثقله ، ولئلا يلزم قلب الواو ياء لوقوعها بعد كسرة والأصل : قاضيون ، استثقلت الضمة على الياء فحذفت ثم حذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين وضمت الضاد لمناسبة الواو.

٧٨

رفعا ـ ومصطفين (١) ـ جرا ونصبا ـ» بفتح الفاء مع الواو والياء.

وإن جمع بألف وتاء قلبت ألفه كما تقلب في التثنية ، فتقول في «حبلى : حبليات» (٢) ، وفي «فتى ، وعصا» علما لمؤنث : «فتيات وعصوات» (٣).

وإن كان بعد ألف المقصور تاء وجب حينئذ حذفها ، فتقول في : «فتاة : فتيات» وفي : «قناة : قنوات» (٤).

* * *

حركة العين في جمع المؤنث السالم :

والسالم العين الثلاثي اسما أنل

إتباع عين فاءه بما شكل (٥)

إن ساكن العين مؤنّثا بدا

مختتما بالتاء أو مجرّدا (٦)

__________________

(١) أصله مصطفوون ومصطفوين ، فالواو الأولى لام الكلمة والواو الثانية والياء علامة الإعراب في الجمع ، وقد تحركت الواو فيهما بعد فتحة فقلبت ألفا : مصطفاون ، مصطفاين ، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة دليلا عليا.

(٢) قلبت ياء لأنها رابعة.

(٣) ردت إلى أصلها لأنها ثالثة.

(٤) أي تحذف التاء ثم تجري عليه بعد الحذف ما يستحقه من التغيير لو كانت الألف التي قبل التاء آخرا في أصل الوضع.

(٥) السالم : مفعول أوّل مقدم لفعل : أنل ، الثلاثي : نعت له ، اسما : حال منه ، إتباع : مفعول أنل الثاني ، فاءه : فاء : مفعول به لإتباع ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، أي : أعط الاسم الثلاثي السالم العين إتباع عينه لفائه في حركة الفاء المشكولة بها.

(٦) ساكن ، مؤنثا ، مختتما : أحوال من فاعل بدا الذي هو فعل الشرط ، وجواب الشرط محذوف دلت عليه جملة «أنل ...» السابقة.

٧٩

وسكّن التالي غير الفتح أو

خفّفه بالفتح فكلّا قد رووا (١)

ذا جمع الاسم الثلاثي ، الصحيح العين (٢) ، الساكنها ، المؤنث ، المختوم بالتاء أو المجرد عنها ، بألف وتاء ، أتبعت عينه فاءه في الحركة مطلقا (٣) ، فتقول في دعد : «دعدات» وفي جفنة : «جفنات» وفي جمل ـ وبسرة : «جملات وبسرات» (٤) بضم الفاء والعين ، وفي هند وكسرة : «هندات وكسرات» بكسر الفاء والعين.

ويجوز في العين بعد الضمة والكسرة التسكين والفتح فتقول : «جملات وجملات ، وبسرات وبسرات ، وهندات ، وهندات ، وكسرات ، وكسرات» ، ولا يجوز ذلك بعد الفتحة ، بل يجب الإتباع.

واحترز بالثلاثي من غيره ك : «جعفر» ـ علم مؤنث ـ ، وبالاسم عن الصفة ك : «ضخمة» ، وبالصحيح العين من معتلها ك : «جوزة» ، وبالساكن العين من محركها ك : «شجرة» ، فإنّه لا إتباع في هذه كلها (٥) ،

__________________

(١) التالي : أي العين التالي ، غير : مفعول به للتالي ، كلا : مفعول به مقدم ، رووا : فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والواو : فاعل.

(٢) أي الذي سلمت عينه من العلة ومن التضعيف كحجة وجنة (بتثليث الفاء فيهما).

(٣) الإتباع واجب في مفتوح الفاء ، وجائز غير واجب في مكسور الفاء أو مضمومها.

(٤) جفنة كقصعة وزنا ومعنى ، و «جمل» : اسم امرأة ، والبسرة جمعها بسر وهو التمر الذي تغير لونه ولم ينضج.

(٥) وكذلك إن كانت العين مضعفة كجنّات وحجّات فلو حرّك انفك إدغامه وفاتت فائدة الإدغام في التخفيف.

٨٠