تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٥

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٥

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٦

على حرف واحد ، أو على حرفين أحدهما زائد (١) فالأول كقولك في «ع وق» : «عه وقه». والثاني كقولك في «لم يع ولم يق» : «لم يعه ولم يقه».

الوقف بهاء السكت على ما الاستفهامية المجرورة

وما في الاستفهام إن جرّت حذف

ألفها ، وأولها الها إن تقف (٢)

وليس حتما في سوى ما انخفضا

باسم ، كقولك : «اقتضاء م اقتضى» (٣)

إذا دخل على «ما» الاستفهامية جار وجب حذف ألفها (٤) ، نحو «عمّ تسأل؟» «وبم جئت؟» و «اقتضاء م اقتضى زيد؟» وإذا وقف عليها بعد دخول الجار ؛ فإما أن يكون الجار لها حرفا ، أو اسما ؛ فإن كان حرفا جاز إلحاق هاء السكت ، نحو «عمّه» و «فيمه» وإن كان اسما

__________________

(١) أي فتجب فيه الهاء لبقائه على أصل واحد. هذا ما قاله ابن مالك ، وقد ردّ عليه ابن هشام في أوضح المسالك بقوله : «وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على نحو «ولم أك» «ومن تق» بترك الهاء ، انتهى كلامه. لأن القراءة الصحيحة وإن كانت سنة متبعة لا تخالف العربية ولا تأتي على ما تمنعه.

(٢) ما. مبتدأ. في الاستفهام : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «ما» وجملتا الشرط «إن جرت حذف ألفها» خبر ما.

(٣) اسم ليس ضمير المصدر المأخوذ من قوله «أولها الها» في البيت السابق التقدير «وليس إيلاؤها الهاء حتما».

(٤) إنما وجب حذف ألف «ما» الاستفهامية ـ هنا ـ للتفريق بينها وبين ما الشرطية والموصولة ، وشرط الحذف أن لا تركب مع «ذا» فإن ركبت امتنع الحذف نحو «لماذا تلومني؟» لأن «ما» في هذا التركيب أصبحت جزءا من كلمة لا كلمة تامة.

١٦١

وجب إلحاقها ، نحو «اقتضاء مه» و «مجيء مه؟» (١).

ووصل ذي الهاء أجز بكلّ ما

حرّك تحريك بناء لزما (٢)

ووصلها بغير تحريك بنا

أديم شذّ ، في المدام استحسنا (٣)

يجوز الوقف بهاء السكت على كل متحرك بحركة بناء ، لازمة ، لا تشبه حركة إعراب (٤) ، كقولك في «كيف» : «كيفه» ولا يوقف بها على ما

__________________

(١) إذا جرها حرف جار الوقف عليها بدون الهاء لأن الحرف كالجزء منها فكأنها على الحرفين ، وجاز إلحاقها الهاء وإن كان إثبات الهاء أكثر استعمالا وأجود قياسا لتكون الهاء عوضا عن ألفها المحذوفة. وإذا جرّها اسم وجب إلحاقها الهاء لأن المضاف مستقل بمعناه فهي معه في تقدير الانفصال منه ، وقد بقيت على حرف واحد لا يمكن الوقف عليه.

(٢) وصل : مفعول به مقدم للفعل «أجز» وهو مضاف. ذي الهاء : ذي مضاف إليه وهو اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة الهاء : بدل من ذي أو عطف بيان وبدل المجرور مثله مجرور. أجز : فعل أمر مبني على السكون ، فاعله ضمير المخاطب مستتر وجوبا تقديره أنت. لزما : فعل ماض مبني على الفتح ، والألف للإطلاق ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا يعود إلى بناء ، وجملة «لزم» في محل جر صفة «بناء» تقدير البيت : «أجز وصل هذه الهاء ـ هاء السكت ـ بكل ما حرّك تحريك بناء لازم».

(٣) وصلها : مبتدأ مرفوع مضاف إلى ضمير هاء السكت. أديم. فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو» يعود إلى «بناء» وجملة «أديم» في محل جر صفة لبناء. شذ : فعل ماض مبني على الفتح فاعله ضمير مستتر فيه جوازا يعود إلى «وصلها» تقديره هو وجملة «شذ» في محل رفع خبر المبتدأ «وصلها» وجملة «استحسن» معطوفة بعاطف مقدر على جملة «شذ» فهي في محل رفع.

(٤) وذلك كياء المتكلم ، وكهي وهو فيمن فتحهنّ ، وفي التنزيل «ما هيه» و «ماليه» و «سلطانيه» وقال الشاعر : فما إن يقال له من هوه ، كما ذكر ابن هشام في أوضح المسالك.

١٦٢

حركته إعرابية ، نحو «جاء زيد» ولا على ما حركته مشبهة للحركة الإعرابية كحركة الفعل الماضي ، ولا على ما حركته البنائية غير لازمة ، نحو «قبل» و «بعد» والمنادى المفرد نحو : «يا زيد ، ويا رجل» واسم لا التي لنفي الجنس ، نحو «لا رجل» وشذّ وصلها بما حركته البنائية غير لازمة كقولهم في «من عل» : «من عله» (١) واستحسن إلحاقها بما حركته دائمة لازمة.

إعطاء الوصل حكم الوقف

وربّما أعطي لفظ الوصل ما

للوقف نثرا ، وفشا منتظما (٢)

قد يعطى الوصل حكم الوقف ، وذلك كثير في النظم ، قليل في النثر ، ومنه في النثر قوله تعالى : (لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ)(٣) ومن النظم قوله :

__________________

(١) هذا من قول الشاعر :

يا ربّ يوم لي لا أظلله

أرمض من تحت وأضحى من عله

(٢) ربما : رب : حرف تقليل وجرّ شبيه بالزائد ، ما : زائدة كافة لرب عن العمل. نثرا : حال من لفظ النثر. بتأويله ب «منتثرا أو منثورا» وفشا : الواو عاطفة. فشا. فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف ، وفاعله ضمير مستتر مصدر مأخوذ من «أعطى لفظ الوصل ما للوقف» وتقديره وفشا إعطاء الوصل ما للوقف منتظما. منتظما : حال من ضمير فشا منصوب.

(٣) من الآية ٢٥٩ من سورة البقرة منها «أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ ...».

والاستشهاد بقوله تعالى : «يتسنّه» مبني على اعتبار الفعل مشتقا من «السنة» واحدة السنين وأن لامها واو ، فيكون أصل الفعل «يتسنّو» قلبت الواو ألفا وحذفت للجازم فلحقته الهاء وقفا وأجري الوصل مجراه. أما على قول الحجازيين : إن لام السنة هاء فإن «يتسنّه» مجزوم بسكون الهاء ولا شاهد فيه لأن الهاء لام الكلمة وليست زائدة.

١٦٣

١٤٦ ـ مثل الحريق وافق القصبّا (١).

فضعّف الباء ، وهي موصولة بحرف الإطلاق وهو الألف.

__________________

(١) قائله : رؤبة بن العجاج ، الحريق : النار أو لهبها ، القصب : كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا.

والشاهد : شطر بيت من الرجز وقبله «وقد خشيت أن أرى جدبا».

المعنى : إني أخاف أن أبصر الجدب يعم الأرض وينتشر فيها كانتشار النار إذا صادفت القصب.

الإعراب : مثل : خبر لمبتدأ محذوف يدل عليه الكلام السابق تقديره «هو» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الحريق : مضاف إليه مجرور بالكسرة. وافق : فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو» يعود إلى الحريق. القصبا مفعول به منصوب بالفتحة. وجملة «وافق القصبا» في محل نصب حال من الحريق.

الشاهد : في قوله : «القصبّا» حيث ضعّف الباء مع وصلها بألف الإطلاق والتضعيف لا يكون إلا في الوقف فيكون قد أعطى الوصل حكم الوقف وهو كثير في النظم.

١٦٤

أسئلة ومناقشات

١ ـ اشرح مع التمثيل كيفيّة الوقف على الاسم المفتوح الآخر والمضموم والمكسور مع التمثيل.

٢ ـ كيف تقف على هاء الضمير؟ وتاء التأنيث؟ وضّح بالمثال.

٣ ـ كيف تقف على الاسم المنقوص منونا وغير منون. مثل لما تقول.

٤ ـ اذكر كيفية الوقف على آخر الاسم المقصور؟ ومثل لما تقول.

٥ ـ ما معنى الوقف بالنقل؟ وما شروطه؟ مثل لذلك.

٦ ـ ما شروط الوقف بالتضعيف. وضح الفرق بين الروم والإشمام مع التمثيل.

٧ ـ اشرح المواضع التي يطرد فيها الوقف بهاء السكت. ومتى تجب؟ وضح بالأمثلة.

٨ ـ اشرح قول ابن مالك :

ونقل فتح من سوى المهموز لا

يراه بصري وكوف نقلا

واذكر ما ينطوى عليه من قاعدة .. وما فيه من خلاف مع التمثيل.

١٦٥

تمرينات

١ ـ بم يستشهد بالآتي في باب الوقف؟

قال تعالى : «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً (١) ـ ما أَغْنى (٢) عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ـ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٣) ـ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ (٤) مِنْ والٍ».

وقال الشاعر :

والله أنجاني بكفى مسلمت

من بعد ما وبعد ما وبعدمت

كانت نفوس القوم عند الغلصمت

وكادت الحرّة أن تدعى أمت

عجبت والدهر كثيرا عجبه

من عنزيّ سبّني لم أضربه

تجاوزت هندا رغبة عن قتاله

إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره

٢ ـ أعرب ما تحته خط وبين حكم الوقف وسببه في آخر الأبيات الآتية وهي لعبد الله بن قيس الرقيّات :

بكر العواذل في الصّبا

ح يلمنني وألومهنه

ويقلن شيب قد علا

ك ـ وقد كبرت فقلت إنّه

__________________

(١) آية ٢٤ سورة الشورى.

(٢) آيتا ٢٨ ، ٢٩ سورة الحاقة.

(٣) آية ٧ سورة الرعد.

(٤) آية ١١ سورة الرعد.

١٦٦

لا بد من شيب فدع

ن ولا تطلنّ ملامكنّه

٣ ـ قف على الكلمات الآتية :

(هندات ـ حمزة ـ لم يق ـ فاطمة ـ رقيه ـ بنت).

٤ ـ بيّن طريقة الوقف على ما تحته خط مما يأتي معللا ذلك :

(أ) إذا منحك الله أذنا صاغية ، وقلبا واعيا ، ولسانا ذاكرا فأنت من المخلصين.

(ب) الواجب أديته ـ وفرحت بأدائه ـ والرذيلة اجتنبتها ـ وسعدت بتركها.

٥ ـ كيف تقف على الأسماء الأخيرة في العبارات الآتية : ـ

(أ) ما أفسد القلب القاسي!

(ب) تدور الدوائر على الباغي.

(ج) أمعن القوم في السّرى.

(د) إنّ القوان لا تعلّم الخمرة.

(ه) تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.

(و) ربّ أخ لك لم تلده أمك.

٦ ـ مثل (لما) الاستفهامية المجرورة وقد لحقت بها هاء السكت عند الوقف في ثلاثة أمثلة تامة من عندك.

٧ ـ قال المتنبي :

إن هذا الشعر في الناس ملك

سار فهو الأرض والدنيا فلك

عدل الرحمن فيه بيننا

فقضى باللفظ لي والدّرّ لك

اشرح البيتين .. وبيّن كيف تقف على الكلمتين الأخيرتين من البيتين؟

ثم أعرب ما تحته خط ..

١٦٧

الإمالة (١)

إمالة الألف المتطرفة

الألف المبدل من «يا» في طرف

أمل ، كذا الواقع منه اليا خلف (٢)

دون مزيد ، أو شذوذ ، ولما

تليه ها التأنيث ما الهاعد ما

الإمالة : عبارة عن أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة ، وبالألف نحو الياء.

وتمال الألف إذا كانت طرفا : بدلا من ياء ، أو صائرة إلى الياء ، دون زيادة أو شذوذ ، فالأول كألف «رمى ومرمى» (٣) والثاني كألف

__________________

(١) الغرض الأصلي منها تناسب الأصوات وتقاربها لأن النطق بالياء والكسرة مستعل منحدر ، وبالفتحة والألف متصعّد مستعل وبالإمالة تصير من نمط واحد في التسفّل والانحدار. وحكمها الجواز فكل ممال يجوز ترك إمالته ، وأصحابها تميم ومن جاورهم وأما الحجازيون فلا يميلون إلا في مواضع قليلة ، وأسبابها ترجع إلى الياء والكسرة الظاهرين أو المقدّرين.

(٢) الألف : مفعول به مقدم للفعل «أمل» في طرف : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الألف. كذا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. الواقع مبتدأ مؤخر مرفوع. منه : جار ومجرور متعلق بخلف. الياء : فاعل لاسم الفاعل «الواقع» قصر للضرورة مرفوع بالضمة. خلف : حال من الياء منصوب ، وقف عليه بالسكون.

(٣) ألف «رمى ومرمى» بدل من ياء لأنهما من «الرّمى» تحركت فيهما الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.

١٦٨

«ملهى» (١) فإنها تصير ياء في التثنية نحو «ملهيان».

واحترز بقوله : «دون مزيد أو شذوذ» مما يصير ياء بسبب زيادة ياء التصغير ، نحو «قفيّ» (٢) أو في لغة شاذّة كقول هذيل في «قفا» إذا أضيف إلى ياء المتكلم «قفيّ».

وأشار بقوله : «ولما تليه ها التأنيث ما الها عدما» إلى أن الألف التي وجد فيها سبب الإمالة تمال ، وإن وليها هاء التأنيث كفتاة (٣).

إمالة الألف الواقعة بدلا من عين الفعل

وهكذا بدل عين الفعل إن

يؤل إلى «فلت» كماضي «خف ودن» (٤)

أي : كما تمال المتطرفة كما سبق ، تمال الألف الواقعة بدلا من عين فعل يصير عند إسناده إلى تاء الضمير على وزن «فلت» بكسر الفاء : سواء كانت العين ووا كخاف أو ياء كباع ودان ، فيجوز إمالتها كقولك «خفت ، ودنت ، وبعت» ، فإن كان الفعل يصير عند إسناده إلى التاء على وزن «فلت» ـ بضمّ الفاء ـ امتنعت الإمالة ، نحو قال ، وجال ، فلا تملها كقولك : «قلت ، وجلت».

__________________

(١) ألف «ملهى» بدل من واو لأنه من «اللهو».

(٢) أصله «قفيو» اجتمعت الياء والواو والأول منهما ساكن فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء.

(٣) الألف فيها بدل من ياء لأن جمع فتى فتيان وفتيه ، والفعل منه فتي.

(٤) هكذا : الهاء للتنبيه. كذا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. بدل : مبتدأ مؤخر ، أي «الألف المبدلة من عين الفعل ... مثل الألف المبدلة من ياء في طرف».

١٦٩

إمالة الألف الواقعة بعد الياء

كذاك تالي الياء ، والفصل اغتفر

بحرف أو مع ها ك «جيبها أدر» (١)

كذاك تمال الألف الواقعة بعد الياء (٢) : متصلة بها نحو «بيان» أو منفصلة بحرف نحو «يسار» أو بحرفين أحدهما هاء نحو «أدرجيبها» فإن لم يكن أحدهما هاء امتنعت الإمالة لبعد الألف عن الياء ، نحو «بيننا» والله أعلم.

إمالة الألف الواقعة قبل كسرة أو بعد كسرة

كذاك ما يليه كسر ، أو يلي

تالي كسر أو سكون قد ولي (٣)

كسرا ، وفصل الها كلا فصل يعدّ

ف «درهماك» من يمله لم يصدّ

أي : كذلك تمال الألف إذا وليتها كسرة ، نحو «عالم» أو وقعت بعد حرف يلي كسرة (٤) نحو «كتاب» أو بعد حرفين وليا كسرة أوّلهما ساكن ، نحو «شملال» (٥) أو كلاهما متحرك ولكن أحدهما

__________________

(١) كذاك : كذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، الكاف حرف خطاب. تالي : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء وهو مضاف للياء. والمعنى «الألف التالية ياء تمال كإمالة الألف السابقة ...».

(٢) وكذلك تمال الألف الواقعة قبل الياء متصلة بها نحو «بايعته» أو مفصولة بحرف فقط نحو «شاهين».

(٣) أي : الألف التي يليها كسر أو تلي هي حرفا تلا كسرا كالسابق في جواز الإمالة والضمير في «يليه» و «يلي» راجع لما الموصولة وأما ضمير «ولي» في آخر البيت فيعود للسكون وجملة «قد ولي» في محل جر صفة «سكون».

(٤) لا يمكن أن تلي الألف نفسها كسرة لأنها تطلب فتح ما قبلها أبدا.

(٥) شملال : الناقة الخفيفة.

١٧٠

هاء ، نحو «يريد أن يضربها» ، وكذلك يمال ما فصل فيه الهاء بين الحرفين اللذين وقعا بعد الكسرة أولهما ساكن نحو «هذان درهماك» والله أعلم.

موانع الإمالة :

وحرف الاستعلا يكفّ مظهرا

من كسر أو يا ، وكذا تكفّ را (١)

إن كان ما يكفّ بعد متّصل

أو بعد حرف أو بحرفين فصل (٢)

كذا إذا قدّم ما لم ينكسر

أو يسكن اثر الكسر كالمطواع مر

حروف الاستعلاء سبعة ، وهي ، الخاء ، والصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والغين ، والقاف ، وكل واحد منها يمنع الإمالة إذا كان سببها كسرة ظاهرة ، أو ياء موجودة ، ووقع بعد الألف متصلا بها ك «ساخط وحاصل» أو مفصولا بحرف ك «نافخ وناعق» أو حرفين ك «مناشيط ومواثيق».

__________________

(١) في قوله : «يكف مظهرا من كسر أو يا» حذف مضاف وموصوف والتقدير «حرف الاستعلاء يكف تأثير سبب مظهر من أسباب الإمالة مثل الكسر والياء» حرف : مبتدأ مرفوع وهو مضاف للاستعلاء. يكف : مضارع مرفوع فاعله ضمير حرف الاستعلاء. وجملة «يكف» في محل رفع خبر المبتدأ. مظهرا : مفعول به منصوب. من كسر : جار ومجرور بيان لمظهرا ، أو يا : أو عاطفة يا معطوف على كسر وكذا : الواو عاطفة. كذا : جار ومجرور متعلق بتكف. تكف : مضارع مرفوع بالضمة. را : فاعل تكف مرفوع ـ قصر للضرورة.

(٢) ما : اسم موصول في محل رفع اسم كان. يكف مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر يعود إلى الموصول تقديره هو والجملة صلة الموصول. بعد : ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق بمحذوف حال من اسم الموصول. متصل : خبر كان منصوب وسكن للوقف في لغة ربيعة ـ لأن حقه «متصلا» في لغة الجمهور تقدير الشطر «إن كان الذي يكف الإمالة متصلا بالألف بعدها».

١٧١

وحكم حرف الاستعلاء في منع الإمالة يعطى للراء (١) التي هي غير مكسورة ـ وهي المضمومة ، نحو «هذا عذار» والمفتوحة ، نحو «هذان عذاران» بخلاف المكسورة على ما سيأتي ، إن شاء الله تعالى.

وأشار بقوله : «كذا إذا قدّم ـ البيت» إلى أن حرف الاستعلاء المتقدّم يكف سبب الإمالة ما لم يكن مكسورا أو ساكنا إثر كسرة ؛ فلا يمال نحو «صالح ، وظالم. وقاتل» (٢) ويمال نحو : «طلاب وغلاب ، وإصلاح» (٣).

مانعة الموانع

وكف مستعل ورا ينكفّ

بكسر را كغارما لا أجفو (٤)

يعني أنه إذا اجتمع حرف الاستعلاء ، أو الراء التي ليست مكسورة ،

__________________

(١) لأن الراء حرف تكرير فأشبهت الحروف المستعلية في استعلاء النطق بها إلى الحنك فمنعت إمالة الألف للمناسبة.

(٢) امتنعت إمالة الألف فيها لتقدم حرف الاستعلاء في كل منها وهو غير مكسور ولا ساكن بعد كسر ، بل هو مفتوح في الجميع فسبب الإمالة فيها وهو الكسرة بعد الألف قد امتنع بحرف الاستعلاء.

(٣) تمال هذه الكلمات مع وجود حروف الاستعلاء لأن حرف الاستعلاء جاء مكسورا في طلاب وغلاب وساكنا بعد كسر في إصلاح.

(٤) كف : مبتدأ مرفوع وهو مضاف. مستعمل : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الياء المحذوفة. ورا : الواو عاطفة. را : قصر للضرورة معطوف على مستعل ومجرور مثله. ينكف : مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «كفّ» والجملة خبر المبتدأ «كفّ» بكسر : جار ومجرور متعلق بينكف وهو مضاف. را : مضاف إليه قصر للضرورة. معنى البيت : أن موانع الإمالة وهي حروف الاستعلاء والراء غير المكسورة تمنع ويبطل عملها بالراء المكسورة ، فالراء المكسورة هي مانعة الموانع. فألف «غارم» تمال رغم وجود حرف الاستعلاء قبلها بسبب وقوع الراء المكسورة بعدها ، فقد أبطلت عمل حرف الاستعلاء ورجعت الإمالة.

١٧٢

مع المكسورة غلبتها المكسورة وأميلت الألف لأجلها فيمال نحو (وَعَلى أَبْصارِهِمْ)(١)(دارُ الْقَرارِ)(٢). وفهم منه جواز إمالة نحو «حمارك» (٣) لأنه إذا كانت الألف تمال لأجل الراء المكسورة مع وجود المقتضي لترك الإمالة ـ وهو حرف الاستعلاء ، أو الراء التي ليست مكسورة ـ فإمالتها مع عدم المقتضي لتركها أولى وأحرى.

ولا تمل لسبب لم يتّصل

والكفّ قد يوجبه ما ينفصل

إذا انفصل سبب الإمالة لم يؤثّر ، بخلاف سبب المنع ، فإنه قد يؤثّر منفصلا ، فلا يمال «أتى قاسم» (٤) بخلاف «أتى أحمد».

الإمالة لأجل التناسب

وقد أمالوا لتناسب بلا

داع سواه كعمادا ، وتلا

قد تمال الألف الخالية من سبب الإمالة ، لمناسبة ألف قبلها (٥) ،

__________________

(١) من الآية ٧ من سورة البقرة : «خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ».

(٢) من الآية ٣٩ من سورة المؤمن أو غافر : «يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ».

(٣) من الآية ٢٥٩ من سورة البقرة ، «وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ».

(٤) اعترض ابن هشام على هذا المثال لأن سبب الإمالة فيه خفي وهو انقلاب ألف أتى عن الياء فلا يؤثر فيه المانع ولو مع اتصاله والمثال الجيّد «كتاب قاسم» تمتنع إمالة الألف بسبب الكسرة قبلها لوقوع حرف الاستعلاء وهو القاف بعدها مع انفصاله.

(٥) الأولى أن يقول : «لمجاورة ألف ممالة» لتشمل المتقدمة في «عمادا» والمتأخرة في «يتامى» فإن ألفه الأولى أميلت لمناسبة الثانية الراجعة إلى الياء في التثنية ، ولأن ألف «تلا» من قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها* وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها* وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها* وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) ـ ألف «تلا» هذه لم تمل إلا لمناسبة ما بعدها وهو «جلاها ويغشاها» لانقلابهما عن الياء لا لما قبلهما وهو «ضحاها» لأن أصل الألف فيه واو.

١٧٣

مشتملة على سبب الإمالة ، كإمالة الألف الثانية من نحو «عمادا» لمناسبة الألف الممالة قبلها ، وكإمالة ألف «تلا» (١) كذلك.

ولا تمل ما لم ينل تمكّنا

دون سماع غير «ها» وغير «نا»

الإمالة من خواصّ الأسماء المتمكنة ، فلا يمال غير المتكمن إلا سماعا ، إلا «ها» (٢) و «نا» فإنهما يمالان قياسا مطردا ، نحو «يريد أن يضربها» و «مرّ بنا».

إمالة الفتحة

والفتح قبل كسر راء في طرف

أمل ك «للايسر مل تكف الكلف» (٣)

كذا الذي تليه «ها» التأنيث في

وقف إذا ما كان غير ألف (٤)

__________________

(١) من الآية ٢ من سورة الشمس مع ما قبلها وما بعدها ، والآيات مذكورة : في حاشية الصفحة السابقة.

(٢) «ها» المقصودة هي ضمير الغائبة لا التي للتنبيه.

(٣) الفتح : مفعول به مقدم للفعل «أمل» منصوب. قبل : ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف حال من الفتح وهو مضاف. كسر مضاف إليه مجرور وهو مضاف راء : مضاف إليه مجرور. في طرف : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة ل «راء» أمل : فعل أمر مبني على السكون فاعله ضمير المخاطب مستتر وجوبا ، تقديره أنت.

(٤) كذا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. الذي : اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر ـ والذي عائد على الفتح المذكور في البيت السابق ـ تليه : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء. والهاء مفعوله : ها : فاعل تلي مرفوع بالضمة وقصر للضرورة وهو مضاف للتأنيث. في وقف : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «الذي» تقدير كلامه : «الفتح الدي تليه هاء التأنيث يمال في الوقف كإمالة الفتح قبل الراء المكسورة في طرف».

١٧٤

أي : تمال الفتحة قبل الراء المكسورة : وصلا ، ووقفا ، نحو «بشرر» و «للأيسر مل».

وكذلك يمال ما وليه هاء التأنيث (١) من نحو «قيّمه» (٢) و «نعمه» (٣).

__________________

(١) أي الفتح الذي وليه هاء التأنيث ، وإمالته مقيدة وخاصة بالوقف. أما ما قبله وهو الفتح قبل الراء المكسورة فإمالته عامة في الوصل والوقف.

(٢) الآية ٣ من سورة البينة وهي «فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ».

(٣) من الآية ٨ من سورة الحجرات : «فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ».

١٧٥

أسئلة ومناقشات

١ ـ عرّف الإمالة ... ووضح الغرض منها وحكمها وفيم تكون؟

٢ ـ بيّن شروط إمالة الألف المتطرفة مع التمثيل.

٣ ـ اذكر إمالة الألف بسبب الياء ـ وبسبب الكسرة مع الأمثلة.

٤ ـ متى تمال الفتحة؟ وما شرط إمالتها قبل الراء. مثل لما تقول.

٥ ـ وضّح منع الإمالة الحاصل من حروف الاستعلاء. مع التمثيل.

٦ ـ اذكر ثلاثة من أسباب الإمالة ... واذكر ثلاثة من موانعها ، ومثل لما تقول.

٧ ـ اشرح قول ابن مالك :

ولا تمل لسبب لم يتصل

والكف قد يوجبه ما ينفصل

مع التمثيل لما تذكر ...

١٧٦

تمرينات

١ ـ بيّن ما تجوز إمالته وما لا تجوز مع ذكر السبب والمانع فيما يأتي :

قال تعالى : «إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا (١) ـ يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي (٢) الصَّدَقاتِ ـ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى (٣) اللهِ» ـ إن من البيان لسحرا ـ أنعم بجوار الصالحين ـ وبمن ينأون عن الإضرار بالناس ويأخذونهم بالأيسر في كل شيء ـ بارك الله فيمن باع واشترى برفق وابتعد عن الضرر ونأى عن المساومة ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

٢ ـ ما حكم إمالة نحو : «باع ـ دان ـ خاف ـ قال ـ جال»؟ ولماذا؟.

٣ ـ هل تمال ألف نحو (بان ـ يسار ـ أدرجيبها ـ بيننا) ولماذا؟

٤ ـ ما حكم إمالة ألف (عالم ـ مصطفى ـ كتاب ـ شملال ـ هذان درهماك) ولماذا؟

٥ ـ لماذا لا يمال نحو : (ساخط ـ حاصل ـ نافخ ـ ناعق ـ مواثيق)؟

ونحو : (هذا عذار ، وهذان عذاران ، صالح ، ظالم ، قاتل)؟

٦ ـ لماذا يمال نحو : (طلاب ـ غلاب ـ إصلاح)؟

__________________

(١) آية ٧٠ سورة البقرة.

(٢) آية ٣٧٦ سورة البقرة.

(٣) آية ٧٣ سورة آل عمران.

١٧٧

٧ ـ قال البارودي : ـ

علىّ طلاب العزّ من مستقره

ولا ذنب لي إن حاربتني المقادو

اشرح البيت السابق وبين حكم إمالة (طلاب ـ مقادر ـ مقادير)؟

والله أعلم.

* * *

١٧٨

الإبدال والإعلال

أحرف الابدال «هدأت موطيا»

فأبدل الهمزة من واو ويا

آخرا اثر ألف زيد ، وفي

فاعل ما أعلّ عينا ذا اقتفي

* * *

حروف الابدال :

هذا الباب عقده المصنف لبيان الحروف التي تبدل من غيرها إبدالا شائعا وهي تسعة أحرف جمعها المصنف رحمه‌الله تعالى في قوله «هدأت موطيا» ، ومعنى «هدأت» سكنت ، و «موطيا» اسم فاعل من «أوطأت الرّحل» إذا جعلته وطيئا ، لكنه خفّف همزته بإبدالها ياء لانفتاحها وكسر ما قبلها.

وأما غير هذه الحروف فإبدالها من غيرها شاذ ، أو قليل ، فلم يتعرض المصنف له ، وذلك كقولهم في اضطجع : «الطجع» وفي أصيلان : «أصيلال» (١).

__________________

(١) وقولهم في «أبو عليّ» «أبو علجّ» «وفي «العشي» «العشج» وتسمى هذه اللغة عجعجة قضاعة.

١٧٩

قلب الواو والياء همزة :

١ ـ فتبدل الهمزة من كل واو أو ياء ، تطرفتا ، ووقعتا بعد ألف زائدة ، نحو «دعاء ، وبناء» والأصل دعاو وبناي ، فإن كانت الألف التي قبل الياء أو الواو غير زائدة لم تبدل ، نحو «آية وراية» (١) وكذلك إن لم تتطرف الياء أو الواو ك «تباين ، وتعاون» (٢).

٢ ـ وأشار بقوله : «وفي فاعل ما أعلّ عينا ذا اقتفي» إلى أن الهمزة تبدل من الياء والواو قياسا متبعا إذا وقعت كل منهما عين اسم فاعل وأعلّت في فعله ، نحو «قائل ، وبائع» وأصلهما قاول وبايع ، ولكن أعلّوا حملا على الفعل ، فكما قالوا : قال ، وباع «فقلبوا العين ألفا قالوا : «قائل ، وبائع» فقلبوا عين اسم الفاعل همزة ، فإن لم تعلّ العين في الفعل صحت في اسم الفاعل ، نحو «عور فهو عاور» ، و «عين فهو عاين» (٣).

والمدّ زيد ثالثا في الواحد

همزا يرى في مثل كالقلائد

* * *

٣ ـ تبدل الهمزة ـ أيضا ـ مما ولي ألف الجمع الذي على مثال مفاعل إن كان مدّة مزيدة في الواحد ، نحو «قلادة وقلائد ، وصحيفة وصحائف ، وعجوز وعجائز» (٤) ، فلو كان غير مدّة لم تبدل ،

__________________

(١) أصل «آية وراية» عند الخليل «أيية وريية» قلبت الياء الأولى ألفا على غير قياس ،

(٢) وكذلك إن تطرفت الواو والياء ولم يسبقها ألف مثل «دلو» ، وظي».

(٣) لأن عين الفعل لما صحت في «عين ، وعور» خوف الإلباس بعان ، وعار صحت في اسم الفاعل تبعا للفعل.

(٤) أصلها «قلااد» و «صحايف» و «عجاوز» وقعت الألف والياء والواو زائدة في مفرد مؤنث بعد ألف مفاعل فقلبت إلى همزة فأصبحت قلائد وصحائف وعجائز.

١٨٠