اللباب في علل البناء والإعراب

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]

اللباب في علل البناء والإعراب

المؤلف:

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦١

مسألة : وتدغم لام المعرفة في حروف الفم وهي ثلاثة عشر حرفا وهي : التّاء والثّاء والدّال والذّال والرّاء والزّاي والسّين والشّين والصّاد والضّاد والطّاء والظّاء والنّون.

وعلّة ذلك : كونها مقاربة لهذه الحروف ، فإنّ جميعها من حروف طرف اللسان إلا الضّاد والشّين فإنّهما يبعدان عن طرفه إلّا أنّ الشين فيها تفشّ وانتشار يقربّها من اللّام والصّاد من حافة اللسان فيها انبساط يكاد يقرب من اللّام واختصّ ذلك بلام المعرفة لكثرة الاستعمال.

فأمّا لام (هل وبل) فيجوز إظهارها وهو الأقوى ، وقد أدغموها في التّاء والثّاء والرّاء والزّاي والشّين والصّاد والضّاد والطّاء والظّاء والنّون إلّا أنّ إدغامها في الرّاء حسن وفيما عداها ضعيف ، وذلك نحو : (هل ترى) (هل ثوّب) و (هل رأيت) وكذلك الباقي.

مسألة : تدغم الطّاء في الدّال ويبقى إطباق الطّاء نحو : اضبط دلامة وبعض العرب يذهب الإطباق وهو ضعيف.

وتدغم الدال فيها قيّد طرفة ويبقى الإطباق أيضا.

وتدغم الطّاء في التّاء مع بقاء الإطباق نحو : انقط توأما والتّاء فيها تدغم نحو : أفلت طرفة.

مسألة : تدغم التّاء في الدّال والدّال فيها نحو : انعت دلامة وقيد تلك والإظهار في هذا كلّه مستثقل.

مسألة : الصّاد والسّين والزّاي يدغم بعضها في بعض لتقاربها كقولك : لم تفحص سالما ويبقى إطباق الصّاد وتقول خلّص زيدا واحبس صابرا واحفز صابرا واحفز سالما والإدغام في هذا كلّه قويّ.

مسألة : الظّاء والذّال والثّاء يدغم بعضها في بعض كقولك : احفظ ذلك واحفظ ثابتا وابعث ظالما وابعث ذلك.

مسألة : إدغام مخرج في مخرج يقاربه جائز كإدغام الظّاء والثّاء والصّاد والسّين والزّاي وكذلك إدغام الطّاء والتّاء والدّال فيهنّ ولا تدغم الصّاد والسّين والزّاي في الحروف الستة لئلا يذهب الصفير الذي فيهنّ وتدغم الطّاء والثّاء والذّال والظّاء والدّال والتّاء في الضّاد ،

٥٤١

نحو : احفظ ضابطا وكذلك الباقي وتدغم الضّاد فيهنّ ولا تدغم الضّاد في الصّاد وأختيها لاستطالتها.

مسألة : من حكم الحرف النّاقص أن يدغم في الزّائد ولا يدغم الزّائد في الناقص كالسّين لا تدغم في الجيم وتدغم الجيم فيها كقولك : احبس جامعا هذا لا يدغم واخرج سالما هذا يدغم.

مسألة : إذا سكّنت الصّاد وبعدها دال فمن العرب من يخرجها على أصلها وهو أولى ، ومنهم من يقرّبها من الزّاي ؛ لأنه لمّا لم يكن إدغام الصّاد في الدّال قرّبها منها ليحصل التشاكل ، ومنهم من يجعلها زايا خالصة وهو قليل ، وذلك نحو : يصدر ، والمصدر والقصد فإن تحرّكت الصّاد لم يغيّرها ؛ لأن الحركة كالحاجز.

وأمّا الصّراط فالأصل فيه السّين ؛ لأنه من سرطت الشيء ، وإنّما أبدلت صادا لتجانس الطاء ، ومنهم من يجعلها زايا ، ومنهم من يجعلها بينهما والسّين مع الدّال كالصّاد معها نحو يرذل ثوبه.

وأمّا الشّين قبل الدال فتضارع بها الزّاي نحو : رجل أشدق ولا تجعل زايا خالصة ، وقد قالوا : اجدّمعوا واجدرؤوا في اجتمعوا واجترؤوا.

مسألة : من العرب من يقول في بني العنبر بلعنبر ، وفي بني الحارث بلحارث ، فيحذف النون والياء ووجه ذلك أنّ النون تدغم في اللام ولكن لمّا حالت الياء بينهما لم يمكن الإدغام فخففوا بالحذف.

وقد قالوا : (علماء) يريدون على الماء ولا يجوز ذلك في غير اللام ، فلا تقول في (بني النجار) بنجار ؛ لأن النون مشددة بسبب إدغام لام المعرفة فيها فلم تحذف النون لئلا يجتمع إعلالان بخلاف بلعنبر ؛ فإنه ليس فيه إلا إعلال واحد.

٥٤٢

باب الخطّ

اعلم أنّ الحاجة الى ذكر هذا الباب : أنّ الكتّاب اصطلحوا على كتابة حروف ليست في اللفظ وحذف ما هو في اللفظ وعلى قطع ما يمكن وصله ووصل ما يمكن قطعه ، فهذه أربعة أقسام ينشعب منها أكثر من ذلك ، وقد ذهب جماعة من أهل اللغة الى كتاب الكلمة على لفظها إلّا في خطّ المصحف فإنّهم اتّبعوا في ذلك ما وجدوه في الإمام والعمل على الأوّل (١).

__________________

(١) الخط تصوير اللفظ بحروف هجائه التي ينطق بها ، وذلك بأن يطابق المكتوب المنطوق به من الحروف.

والأصل في كل كلمة أن تكتب بصورة لفظها ، بتقدير الإبتداء بها والوقف عليها. وهذا أصل معتبر بالكتابة.

ومن أجل ذلك كتبوا همزات الوصل في درج الكلام ، وإن لم ينطق بها ، لأنه إذا ابتديء بالكلمات ، التي هي أولها ، نطق بهمزاتها ، مثل جاء الحقّ ، وسافر ابنك» ، فإنك ، إن قدّمت وأخرت ، فقلت «الحقّ جاء ، ابنك سافر» ، نطقت بالهمزة إلّا إذا سبقت «أل» لام الجرّ او لام الإبتداء ، فتحذف همزتها ، مثل «للرّجل ، للمرأة ، للرّجل أقوى من المرأة ، وللمرأة أرقّ عاطفة منه».

وكتبوا هاء السكت في نحو «ره زيدا ، وقه نفسك» ، لأنك في الوقف تقول «ره وقه».

وكتبوا ألف «أنا» ، مع أنها لا تلفظ في درج الكلام ، لأنها إذا وقف عليها ، وقف عليها بالألف. ومن ذلك قوله تعالى (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي ،) لأن اصله «لكن أنا».

وكتبوا تاء التأنيث ، التي يوقف عليها بالهاء ، هاء كرحمة وفاطمة ، وكتبوا التي يوقف عليها بالتاء ، تاء كأخت وبنت ورحمات وفاطمات. ومن وقف على الأول بالتاء المبسوطة ، كتبها بالتاء كرحمت وفاطمت ومن وقف على الأخرى بالهاء ، كتبها بالهاء كرحماه وفاطماه.

وكتبوا المنوّن المنصوب بالألف ، لأنه يوقف عليه بها ، مثل «رأيت خالدا».

وكتبوا «إذا» ، ونون التوكيد الخفيفة كاكتبا ، بالألف ، لأنه يوقف عليها. ومن وقف عليهما بالنون ، كتبهما بالنون ، مثل «إذن واكتبنّ» كتب كلّ ما كتب اعتبارا بحال الوقف.

وكتبوا المنقوص ، الذي حذفت ياؤه للتنوين كقاض ونحوه ، بغير ياء ، لأنه يوقف عليه بها. ومن وقف على الأوّل بالياء ، أثبتها في الخط كقاضي ومن وقف على الثاني بحذفها ، حذفها من الخط كالقاض. والأول أفصح.

كما مرّ في باب الوقف.

وكتبوا ما لا يمكن الوقف عليه ، من الكلمات ، متصلا بما بعده ، وما لا يمكن الابتداء به ، متصلا بما قبله فالأول كحروف الجرّ الموضوعة على حرف مواحد ، مثل «لخالد ، وبالقلم. والثاني كالضمائر المتّصلة ، مثل «منكم ، وأكرمتكم».

أما الحروف التي تقع في الحشو (أي ما بين الابتداء والوقف) فترسم كما تلفظ ، لا يغيّر من ذلك شيء ، إلا ما كان من أمر بعض الأحرف ، في بعض كلمات محصورة ، قد خالف رسمها لفظها.

٥٤٣

فصل في القسم الأول

وهو على ضربين : إبدال وزيادة.

فالإبدال كجعل الألف ياء في الخط وهذا له شرطان :

أحدهما : أن تكون الكلمة ثلاثية آخرها ألف فلا تخلو تلك الكلمة من أن تكون مبهمة أو معربة فالمبهم مثل هذا ، وإذا والمعربة مثل العصا والرحى هذا في الأسماء فأمّا الأفعال الثلاثية نحو : رمى وغزا.

والثاني : أن تكون الألف مبدلة والضّابط فيه أنّ الألف إذا انقلبت عن واو كتبت ألفا وإن كانت منقلبة عن ياء كتبت ياء وإنما فرقوا بينهما لينبّهوا على أصل الحرف وجملة ما يستدلّ به ههنا على أصل الألف عشرة أشياء.

أحدها : التثنية ، فإن انقلبت الألف فيها واوا كتبت بالألف ، وإن انقلبت ياء كتبت بالياء فالأول نحو العصا تكتب بالألف ؛ لأنها عن واو لقولك : عصوان ، والثاني نحو : الفتى والهدى تكتب ياء كقولك : فتيان وهديان ، وأمّا الرحى فالأكثر في اللغة رحيان بالياء فعلى هذا تكتب الرحى بالياء ، ومنهم من يقول رحوان فيكتبها بالألف.

والثاني : من الأدلّة الجمع بالألف والتاء نحو : القنا والحصى فالقنا من الواو لقولهم :

قنوات فتكتب بالألف والحصى جمعه حصيات فتكتب بالياء.

والدليل الثالث : ما كانت عينه واوا وآخره ألف نحو الطّوى والشّوى يكتب بالياء لكثرة ما جاء من ذلك ولامه ياء ومن ههنا كتب الهوى المقصور بالياء وكذلك هو في الفعل نحو : طوي وشوي وهوي.

والدليل الرابع : ظهور الياء والواو في المستقبل نحو يرمي ويغزو ف (رمى) تكتب بالياء لكون الألف منقلبة عنها وغزا بالألف ؛ لأنها من الواو والدّليل الخامس : المصدر كقولك : الغزو والرّمي فمن ههنا تكتب غزا بالألف ورمى بالياء.

والدليل السّادس : أن تكون فاء الكلمة واوا ولامها معتلّة فلا تكون ألفها إلّا عن ياء فعلى هذا تكتب وفى ووعى بالياء.

٥٤٤

والدليل السّابع : الفعلة نحو الغزوة والرّمية.

والدّليل الثّامن : أن تعود اللّام إذا أضفت الفعل إلى نفسك ياء أو واوا وقبلها فتحة نحو : غزوت ورميت فأمّا شقيت ورضيت فلا يدلّ ذلك على أنّ الأصل الياء لأجل الكسرة.

والدليل التّاسع : إمالة الألف متى حسنت فيها كتبت ياء نحو : الهدى والتّقية من ههنا كتبت متى وبلى بالياء.

والدليل العاشر : أن تنقلب مع المضمر ياء نحو إلى وعلى ولدي كقولك : عليه وإليه ولديه ، فأمّا كلا إذا أضيفت إلى المظهر كتبت ألفا عند الأكثرين ؛ لأنه يقول هي بدل من الواو ، ومنهم من يكتبها ياء ويقول هي من الياء ، فإن أضفت إلى مضمر كانت في الرفع بالألف ؛ لأنها دليل الرفع ، وأمّا كلتا فتكتب بالياء إذا أضيفت إلى مظهر لكون الألف رابعة.

فصل : فإن كانت الكلمة أربعة أحرف فصاعدا وآخرها ألف كتبت جميع ذلك بالباء ؛ لأنّه إذا ردّ فعله إلى نفسك كان بالياء نحو : تغازى وتعاطى ، لقولك : تغازيت وتعاطيت وكذلك في التثنية ، نحو : المولى والأعلى لقولك موليان وأعليان ، وقد استثنى من ذلك ما قبل ألفه ياء نحو العليا والدّنيا ، فإنّه كتب بالألف لئلا تتوالى ياءان إلا أنّهم كتبوا يحيى اسم رجل وريّى اسم امرأة بياءين فأمّا يحيا ويعيا فعلين فيكتبان بالألف على قياس الباب.

فصل : فإن أضيف المقصور إلى مضمر يكتب بالألف ثلاثيا كان أو زائدا عليه نحو : عصاه وهداك وإحداها وأخراهنّ ، ومنهم من يكتبها بالياء على ما كانت عليه قبل الضمير.

فصل في الهمزة

إذا كانت الهمزة أولا كتبت على القياس إلا أنهم كتبوا (يا أوخيّ) بالواو لانضمامها وليفرّقوا بين المصغّر والمكبّر في قولك : يا أخي.

وإن كانت وسطا ساكنة كتبت ألفا نحو : رأس وبأس ، وإن كانت قبلها ضمّة كتبت واوا نحو : (البؤس واللؤم) وإن كان قبلها كسرة كتبت ياء نحو : (البئر والذئب).

وإن كانت طرفا ساكنة دبّرها ما قبلها أيضا فتكتب بعد الكسرة ياء نحو : لم يخطئ وبعد الفتحة ألفا ، نحو : اقرأ وبعد الضمّة واوا نحو : لم يوضؤ.

٥٤٥

فصل : فإن كانت الهمزة متحركة قبلها ساكن نحو : الخبء والجزء ، فالأكثرون يحذفون الهمزة ؛ لأن تخفيفها أن تلقى حركتها على ما قبلها وتحذف والخط على التخفيف ، ومنهم من يكتبها ألفا إذا انفتحت وياء إذا انكسرت وواوا إذا انضمّت فإن أضيفت إلى المضمر ففيه هذان الوجهان نحو : هذا خبؤك وقرأت جزأك فتكتب المضمومة واوا والمفتوحة ألفا والمكسورة ياء ، ومنهم من يحذفها فإن كانت وسطا مضمومة وقبلها فتحة أو ضمّة كتبت واوا نحو : جؤن وياء إن كانت قبلها كسرة نحو : مير وفيما عدا ذلك تدبّرها حركتها فتكتب المكسورة ياء نحو : سئم ، والمفتوحة ألفا نحو : سأل ، وفي هذا الباب مواضع قد ذكرناها في تخفيف الهمز فتكتب على مذهب التخفيف.

فصل في الممدود

الممدود : إذا لم يضف كتب في الخط بألف واحدة نحو : الكساء والدّعاء وتجعل للهمزة علامة للخطّ ، ومنهم من يكتبه ألفين ، فإن أضيف إلى مضمر كتبت المفتوحة ألفا والمضمومة واوا والمكسورة ياء ، نحو : هذا كساؤه ورأيت كساءه ومررت بكسائه.

فصل : إذا كان قبل الهمزة واو زائدة نحو : مقروءة كتبتها بواو واحدة ؛ لأن تخفيفها كذلك وإن كان قبلها ياء زائدة كتبتها ياء واحدة نحو : خطيئة ، فإن كانت الواو بعدها نحو مسؤول ففيه وجهان :

أحدهما : تكتبه بواو واحدة. والثاني بواوين.

فصل : فإن كانت الواو ضميرا نحو : (يستهزئون) أو علامة رفع نحو : (مستهزؤون) كتبت بواو واحدة ، ومنهم من يكتب المكسورة ياء وتقع الواو بعدها وهو ضعيف.

فصل : فإن كان المدود منصوبا منوّنا نحو قوله تعالى : (إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) [البقرة : ١٧١] فالاختيار أن يكتب بألفين ؛ لأن الثانية بدل التنوين يوقف عليها بالألف كذلك الخط.

وكذلك تكتب برآءات بألفين الأولى قبل الهمزة للمدّ ، والتي بعد الهمزة للجمع ولا تكتب الهمزة ألفا لئلا تجتمع ثلاث ألفات وتكتب وجدت ملحاء بألف واحدة.

٥٤٦

فصل في الضّرب الثاني : وهو الزّيادة.

اعلم أنّهم يزيدون في الخطّ حروفا للفرق ، وكان ذلك يحتاج إليه قبل حدوث الشّكل والنقط ثم استمرّ أكثرهم عليه ، ومنهم من يقول يزاد للتوكيد.

فمما زيد للفرق كتابتهم (عمرا) بالواو في الرفع والجرّ إذا لم يضف ليفرّق بينه وبين عمر.

ومن ذلك كتابتهم (كفروا) وردوا بالألف لئلا تشتبه واو الجمع بواو العطف ثم طردوا ذلك في جميع واوات الجمع ، ومنهم من لا يكتبها البتة.

ومن ذلك زيادتهم الألف في (مائة) لئلا تلتبس ب (منه).

ومن ذلك (الربوا) تكتب بالواو لئلا تشتبه ب (الزنا).

ومن ذلك (الصلوة ، والزكوة ، والحيوة) تكتب بالواو إذا لم تضف ولا يقاس عليه اتباعا للمصحف.

فصل في القسم الثاني : وهو الحذف.

وهو كثير من ذلك (بسم الله) تكتب بغير ألف لكثرة الاستعمال ، فإن قلت : لاسم الله بركة ، أو باسم ربّك أثبت الألف.

ومن ذلك : (الرحمن) تكتب بلا ألف تخفيفا مع أمن اللّبس.

ومن ذلك : (الحرث والقسم) علمين يكتبان بغير ألف لكثرة الاستعمال ، فإن لم يكن فيهما ألف ولام أو كانا صفتين كتبا بالألف وكذا صالح ومالك وخالد تكتب أعلاما بغير ألف ، وإن لم يكن فيهما ألف ولام وتكتب بالألف صفات.

ومن ذلك : (إبرهيم ، وإسمعيل ، وهرون ، وسليمن ، ومعوية ، وسفين ، ومرون) فتكتب ذلك كلّه بغير الألف لاشتهارها وربّما كتبوا بعض ذلك بالألف ، فأمّا : (إسرافيل ، وميكائيل ، وإلياس) فتكتب بالألف ؛ لأنها لم تشتهر وأما : (السموات ، والصالحات) فتكتب بألف وبغير ألف.

فصل : وأمّا ألف (ابن) فتثبت في الخطّ في كل موضع إلا إذا كان ابن صفة مفردا واقعا بين علمين أو كنيتين على ما هو شرط فتح ما قبله في النداء ؛ فإنّه يكتب بغير ألف فعلى هذا تكتبه بالألف إذا كان مثنّى أو كان خبرا لمبتدأ.

٥٤٧

وتكتب (ابنة) تأنيث ابن بالألف في كلّ حال.

فصل : وتكتب (فيم جئت) و (علام فعلت) و (حتّام تقول ذاك) و (ممّ خلق كلّ ذلك) بغير ألف على اللفظ.

فصل في اللّام

إذا دخلت لام التعريف على لام أخرى نحو : اللّيل واللّحم كتبت بلامين إلا التي والذي والذين في الجمع ، فإنها تكتب بلام واحدة وكذلك اللّتان واللّاتي ، ومنهم من يكتب هذه التثنية والجمع بلامين وأما اللذان في التثنية فبلامين ، وإذا أدخلت لام الخبر على لام الأصل نحو للّوم وللّيل كتبت بلامين ، وإن دخلت اللام المفتوحة أو المكسورة على لام المعرفة وبعدها لام نحو : (لله وللّحم) كتبت بلامين لئلا تجتمع ثلاث لامات ، وإن أدخلت اللام المفتوحة أو المكسورة على لام المعرفة لم تثبت ألفها في الخط كقولك : للرجل خير من المرأة ، وللرجل أفضل ، ولله أفرح بتوبة عبده ، بغير ألف بين اللامين.

٥٤٨

باب الموصول والمقطوع

وفيه فصول (١) :

أحدها : في النون ، اعلم أنّ النون الساكنة إذا لقيها ميم من كلمة أخرى حذفت النّون في الخطّ من أجل الإدغام في اللفظ.

__________________

(١) قد وصولا ، في بعض المواضع ، ما حقّه أن يكتب منفصلا ، كأنهم اعتبروا الكلمتين كلمة واحدة. وإليك تلك المواضع

١ ـ وصلوا «ما» الإسميّة بكلمة «سيّ» مثل «أحبّ أصدقائي ، ولا سيّما زهير» ، وبكلمة «نعم» إذا كسرت عينها ، مثل «نعما يعظكم به» ، فإن سكنت عينها ، وجب الفصل ، مثل «نعم ما تفعل».

٢ ـ ووصلوا «ما» الحرفية الزائدة أيّا كان نوعها ، بما قبلها ، مثل «طالما نصحت لك ، (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أتيت لكنما أسامة لم يأت. (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ.)(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا.)(أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ.) فلا عدوان عليّ. أينما تجلس إجلس. إما تجتهد تنجح. (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ.) اجتهد كيما تنجح».

٣ ـ وصلوا «ما» المصدرية بكلمة «مثل» مثل «اعتصم بالحق مثلما اعتصم به سلفك الصالح» ، وبكلمة «ريث» ، مثل «انتظرني ريثنما آتيك» ، وبكلمة «حين» مثل «جئت حينما طلعت الشمس» ، وبكلمة «كل» مثل (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ.) كلما زرتني أكرمتك». «وما» بعد كلّ» مصدرية ظرفية.

٤ ـ وصلوا «من» استفهامية كانت ، أو موصوليّة ، أو موصوفية ، أو شرطيّة ، بمن وعن الجارّتين فالاستفهاميّة مثل «ممن أنت تشكو؟» والموصوليّة مثل «خذ العلم عمّن تثق به». والموصوفيّة مثل «عجبت ممّن محب لك يؤذيك» ، أي من رجل محبّ لك. والشرطيّة مثل ممّن تبتعد ابتعد ، وعمّن ترض أرض» ، أي من تبتعد عنه أنت أبتعد عنه أنا ، ومن ترض عنه أرض عنه. وصلوا (من) الإستفهاميّة بفي الجارّة ، مثل «فيمن ترغب أن يكون معك؟. فيمن ترى الخير؟».

٥ ـ وصلوا «لا» بكلمة «أن» الناصبة للمضارع ، مثل (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) ويجب ألا تدع لليأس سبيلا إلى نفسك». ولا فرق بين أن تسبقها لام التعليل الجارّة وألا تسبقها ، كما رأيت.

هذا مذهب الجمهور. وذهب أبو حيّان ومن تابعه إلى وجوب الفصل قال وهو الصحيح ، لأنه الأصل ، مثل «يجب أن لا تهمل».

فإن لم تكن «أن» ناصبة للمضارع ، وجب الفصل ، كأن تكون مخففة من «أن» المشددة ، مثل «أشهد أن لا إله إلا الله» أي أنه ، أن تكون تفسيرية ، مثل «قل له أن تخف».

٦ ـ وصلوا «لا» بكلمة «إن» الشرطية الجازمة ، مثل (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ)(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ.)

٧ ـ منهم من يصل «لا» بكلمة «كي» ، مثل «لكيلا يكون عليك حرج ، ومنهم من يوجب الفصل.

والأمران جائزان. وقد جاء الوصل والفصل في القرآن الكريم ، وقد وصلت في المصحف في أربعة مواضع ، منها (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) ومن الفصل قوله تعالى (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) وقوله (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ.)

٥٤٩

كقولك : (سل عمّ شئت) و (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) [النبأ : ١] و (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) [المؤمنون : ٤٠] ومن ذلك : (مِمَّ خُلِقَ) [الطارق : ٥] ، (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) [التوبة : ١٠١] سواء أكانت استفهاما أو خبرا ، وقد فعل بعض ذلك في المصحف وهو شيء بليغ.

فصل في : (إن وأن)

إذا لقيتها لا كتبتها بغير نون إذا كانت عاملة في الفعل الذي بعدها كقولك : أريد ألا تذهب وفي الشرط إلّا تذهب أذهب ، وإن لم تكن عاملة كتبته بالنون كقوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ) [الحديد : ٢٩] ؛ لأن التقدير أنّهم لا يقدرون ؛ لأن بينهما فاصلا مقدّرا ومثله علمت أن لا خير فيه ، فأمّا لئلا فتكتب بغير نون إذا لم يكن هناك اسم مقدّر وبالنون إذا كان.

٥٥٠

فصل في الميم

إذا لقيت ميم أم ميما من كلمة أخرى كتبت ذلك بميم واحدة كقوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) [الزمر : ٩] (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا) [الصافات : ١١].

فصل : إذا كانت فيمن استفهاما وصلتها وإن كانت خبرا قطعتها كقولك : فيمن رغبت ورغبت في من رغبت ومثله ما في الموضعين.

وتكتب (كي لا) و (لكي لا) مقطوعة.

وتكتب (هلا) بلام واحدة موصولا.

وتكتب (بل لا) بلامين مقطوعا.

وتكتب (أينما) إذا كانت ما فيه كافة أو زائدة موصولا كقوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] ، وإن كانت ما بمعنى الذي كتبت مقطوعة كقوله تعالى : (إِنَّ ما تُوعَدُونَ) [الأنعام : ١٣٤] وتكتب كلّما أتيتك أكرمتني موصولا.

فإن كانت (ما) بمعنى الذي فصلت كقولك : كلّ ما تأتيه حسن. وهذا حكم إنّما وأيّما.

وتكتب (حيثما) موصولة وهو المختار ، وقد فصلها بعضهم.

وفي (نعمّا ، وبئسما) الوجهان.

٥٥١
٥٥٢

فهرس

مقدمة التحقيق.................................................................. ٥

مقدمة في علم اللغة............................................................... ٦

مباحث إعرابية متفرقة........................................................... ٢٤

ترجمة العكبري................................................................. ٢٩

وصف النسخة الخطية........................................................... ٣٩

مقدمة المصنف................................................................. ٤٣

باب بيان النحو وأصل وضعه.................................................... ٤٤

باب القول في الكلام........................................................... ٤٤

باب أقسام الكلم............................................................... ٤٦

باب الإعراب والبناء............................................................ ٥٣

باب البناء..................................................................... ٦١

باب المعرب والمبنيّ.............................................................. ٦١

باب الاسم الصحيح............................................................ ٦٤

باب الاسم المعتلّ............................................................... ٦٩

باب الأسماء الستة.............................................................. ٧٤

باب التثنية والجمع.............................................................. ٧٨

باب الجمع.................................................................... ٨٨

٥٥٣

باب جمع التأنيث............................................................... ٩١

باب ذكر الأسماء المرفوعة........................................................ ٩٦

باب الفاعل.................................................................. ١١٢

باب ما لم يسمّ فاعله.......................................................... ١١٨

باب كان وأخواتها............................................................. ١٢٢

باب (ما).................................................................... ١٢٩

باب نعم وبئس............................................................... ١٣٣

باب حبّذا................................................................... ١٣٨

باب عسى................................................................... ١٤٠

باب التّعجّب................................................................ ١٤٣

باب إنّ وأخواتها.............................................................. ١٤٨

باب الفرق بين إن المفتوحة والمكسورة............................................ ١٦٠

باب (لا).................................................................... ١٦٣

باب ظن وأخواتها............................................................. ١٧٦

باب ما يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين............................................... ١٨٢

باب المصدر.................................................................. ١٨٥

باب المفعول به............................................................... ١٨٩

باب المفعول فيه.............................................................. ١٩١

باب المفعول له............................................................... ١٩٤

٥٥٤

باب المفعول معه.............................................................. ١٩٥

باب الحال................................................................... ١٩٧

باب التمييز.................................................................. ٢٠٤

باب الاستثناء................................................................ ٢٠٨

باب (كم)................................................................... ٢١٤

باب العدد................................................................... ٢١٨

باب النداء................................................................... ٢٢٢

باب الندبة................................................................... ٢٣٢

باب الترخيم................................................................. ٢٣٤

باب حروف الجرّ............................................................. ٢٣٨

باب (مذ ، ومنذ)............................................................. ٢٥١

باب القسم.................................................................. ٢٥٤

باب (حتّى).................................................................. ٢٥٨

باب الإضافة................................................................. ٢٦١

باب التوكيد.................................................................. ٢٦٥

باب النعت.................................................................. ٢٧٠

باب عطف البيان............................................................. ٢٧٢

باب البدل................................................................... ٢٧٣

باب عطف النسق............................................................ ٢٧٦

٥٥٥

باب عمل اسم الفاعل......................................................... ٢٨٨

باب الصفة المشبّهة باسم الفاعل................................................ ٢٩١

باب ما يعمل من المصادر عمل الفعل........................................... ٢٩٥

باب أسماء الفعل.............................................................. ٢٩٨

باب ما ينتصب على التحذير.................................................. ٣٠٢

باب ما ينتصب بفعل محذوف.................................................. ٣٠٣

باب ما يشغل عنه الفعل بضميره................................................ ٣٠٤

باب المعرفة والنكرة............................................................ ٣٠٦

باب ما لا ينصرف............................................................ ٣٢٠

باب مسائل المنع من الصرف................................................... ٣٢٣

باب الأفعال................................................................. ٣٣١

باب نواصب الفعل............................................................ ٣٤٠

باب الجوازم.................................................................. ٣٤٨

باب النّونين.................................................................. ٣٥٧

باب الإعراب والبناء........................................................... ٣٦١

باب (حيث)................................................................. ٣٦٣

باب (قبل ، وبعد)............................................................ ٣٦٥

باب (قط)................................................................... ٣٦٧

باب ما يجوز في ضرورة الشعر................................................... ٣٧٢

٥٥٦

باب الموصول والصّلة.......................................................... ٣٨٠

باب الاستفهام............................................................... ٣٨٨

باب الحكاية................................................................. ٣٩٠

باب الخطاب................................................................. ٣٩٣

باب النّسب................................................................. ٣٩٤

باب التصغير................................................................. ٤٠٠

فصل في تصغير الأسماء المبهمة.................................................. ٤٠٥

باب جمع التكسير............................................................ ٤٠٨

باب ألفات القطع وألفات الوصل............................................... ٤١٤

باب الوقف.................................................................. ٤١٧

كتاب التصريف.............................................................. ٤٢٤

فصل في أبنية الأسماء الأصول.................................................. ٤٢٥

باب حدّ التصريف وفائدته..................................................... ٤٢٧

باب زيادة حروف المدّ ، وهي : الواو والياء والألف................................ ٤٣١

فصل في زيادة الهمزة........................................................... ٤٣٣

باب زيادة الميم............................................................... ٤٤٠

باب زيادة النون.............................................................. ٤٤٣

باب زيادة التّاء............................................................... ٤٤٦

فصل في تاء التأنيث.......................................................... ٤٤٧

٥٥٧

باب زيادة الهاء............................................................... ٤٤٨

باب زيادة السين.............................................................. ٤٥٠

باب زيادة اللّام............................................................... ٤٥١

فصل في الإلحاق.............................................................. ٤٥١

باب البدل................................................................... ٤٥٣

فصل في حروف البدل........................................................ ٤٥٣

فصل في إبدال الهمزة.......................................................... ٤٥٤

فصل في إبدال الهمزة من الواو.................................................. ٤٥٦

فصل في إبدال الهمزة من العين.................................................. ٤٥٩

ذكر إبدال الألف............................................................. ٤٦٠

إبدال الألف من الهمزة........................................................ ٤٦٣

إبدال الألف من التّنوين والنّون................................................. ٤٦٥

إبدال الياء................................................................... ٤٦٦

فصل في إبدالها من الهمزة...................................................... ٤٦٦

إبدال الياء من الألف......................................................... ٤٦٦

فصل في إبدال الياء من الرّاء.................................................... ٤٦٧

فصل في إبدال الياء من النون................................................... ٤٦٨

فصل في إبدال الواو........................................................... ٤٧٢

فصل في إبدال الميم........................................................... ٤٧٢

٥٥٨

فصل في إبدال النّون.......................................................... ٤٧٤

إبدال التاء من الياء........................................................... ٤٧٧

إبدال الهاء من الياء............................................................ ٤٧٨

إبدال الهاء من الهمزة........................................................... ٤٧٨

إبدال الهاء من الألف.......................................................... ٤٧٩

فصل في إبدال الطّاء من التّاء................................................... ٤٧٩

فصل في إبدال الدّال.......................................................... ٤٨٠

فصل في إبدال اللّام........................................................... ٤٨٢

باب الحذف................................................................. ٤٨٣

فصل في حذف الهمزة......................................................... ٤٨٦

باب ما حذف على خلاف القياس............................................. ٤٨٨

فصل في حذف الألف........................................................ ٤٩١

فصل في حذف الواو.......................................................... ٤٩٢

فصل في حذف الياء.......................................................... ٤٩٣

فصل في حذف الهاء.......................................................... ٤٩٤

فصل في حذف الحاء.......................................................... ٤٩٥

باب أبنية الأفعال............................................................. ٤٩٦

فصل في الفعل المضاعف...................................................... ٤٩٩

باب يجمع مسائل تنعطف على الأصول المتقدّمة.................................. ٥٠٢

٥٥٩

باب ما يمتحن فيه من الأبنية................................................... ٥١٣

مسألة في الهمز............................................................... ٥١٤

باب ما يعرف به المقصور من الممدود............................................ ٥١٧

باب الهمز................................................................... ٥٢١

فصل في اجتماع الهمزتين في كلمة واحدة......................................... ٥٤٢

باب الإمالة.................................................................. ٥٢٦

فصل في موانع الإمالة......................................................... ٥٢٧

باب مخارج الحروف وعددها وصفاتها............................................ ٥٣٠

فصل في عدد المخارج......................................................... ٥٣٢

فصل في صفات الحروف وأجناسها.............................................. ٥٣٣

فصل فيما يجتمع لكل حرف من الصّفات....................................... ٥٣٥

باب الإدغام................................................................. ٥٣٧

فصل في إدغام الحروف المتقاربة................................................. ٥٣٩

باب الخطّ................................................................... ٥٤٣

فصل في القسم الأول......................................................... ٥٤٤

فصل في الهمزة................................................................ ٥٤٥

فصل في الممدود.............................................................. ٥٤٦

فصل في الضّرب الثاني : وهو الزّيادة............................................. ٥٤٧

فصل في القسم الثاني : وهو الحذف............................................. ٥٤٧

٥٦٠