اللباب في علل البناء والإعراب

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]

اللباب في علل البناء والإعراب

المؤلف:

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦١

باب الإضافة

الإضافة في اللغة : الإسناد ، قال امرؤ القيس : [الطويل]

فلمّا دخلناه أضفنا ظهورنا

إلى كلّ حاريّ جديد مشطّب

أي : أسندناها ، وبهذا المعنى في هذا الباب ؛ لأن الاسم الأوّل ملتصق بالثاني ومعتمد عليه كاعتماد المستند بما يستند إليه (١).

فصل : وإنما حذف التنوين من الأوّل لوجهين :

أحدهما : أنّ التنوين تدلّ على انتهاء الاسم ، والإضافة يدلّ على احتياج الأوّل إلى الثاني فلم يجتمعا.

والثاني : أنّ التنوين في الأصل يدلّ على التنكير والإضافة تخصّص فلم يجتمعا.

فصل : وأمّا جرّ الثاني بالأوّل فلأنّ الإضافة تقدّر بحرف الجرّ ، ولكنّه حذف ليحصل التخصيص أو التعريف فناب الاسم عن الحرف فعمل عمله كما يعمل الاسم عمل الفعل في مواضع ، وليس في الإضافة تقدير حرف على جهة التضّمن إذ لو كان كذلك لأوجب البناء.

فصل : والإضافة تكون بمعنى : (اللام) وبمعنى : (من) نحو : غلام زيد وأثواب خزّ ، ويتبيّن الفرق بينهما بأشياء : منها أنّ التي بمعنى : (اللام) يكون الثاني فيها غير الأوّل في المعنى ، والتي بمعنى : (من) يكون الأوّل فيها بعض الثاني.

ومنها أنّ التي بمعنى : (اللام) لا يصحّ فيها أن يوصف الأوّل بالثاني ، والتي بمعنى :

(من) يصحّ فيها ذلك.

ومنها أنّ التي بمعنى : (اللام) لا يصحّ فيها أن ينتصب الثاني على التمييز للأوّل ، والتي بمعنى : (من) يصحّ فيها ذلك كقولك : هذا باب حديدا.

فإن قيل : (يد زيد) من أيّ الإضافتين؟

__________________

(١) الإضافة نسبة بين اسمين ، على تقدير حرف الجر ، توجب جرّ الثاني أبدا ، نحو «هذا كتاب التلميذ. لبست خاتم فضّة. لا يقبل صيام النهار ولا قيام اللّيل إلا من المخلصين».

ويسمّى الأوّل مضافا ، والثاني مضافا إليه. فالمضاف والمضاف إليه اسمان بينهما حرف جرّ مقدّر.

وعامل الجرّ في المضاف إليه هو المضاف ، لا حرف الجرّ المقدّر بينهما على الصحيح.

٢٦١

قيل : من التي بمعنى اللام ؛ لأن العلامات التي ذكرناها في اللام توجد فيها دون الأخرى.

فإن قيل : ف (كلّ القوم) من أيّهما؟

قيل : من اللام لمّا تقدّم ، ألا ترى أنّ (كلّا) عبارة عن مجموع أجزاء الشيء المضاف إليه والمجزّأ غير الأجزاء ؛ ولذلك لا تقول : القوم كلّ ، ولا الكلّ قوم.

فصل : والإضافة المحضة تعرّف إذا كان الثاني معرفة كقولك : غلام زيد ، وصاحب الرجل فيتعدّى التعريف من الثاني إلى الأوّل لتخصّصه به.

وأمّا غير المحضة فهي على ضربين :

١ ـ أحدهما : لا يحصل منها تعريف ، وذلك في ثلاثة مواضع :

أ ـ أحدها : إضافة (مثل) ونظائره كقولك : زيد مثل عمرو ؛ لأن (مثلا) يقدّر فيها التنوين إذ كانت المماثلة بين الشيئين لا تقع من وجه مخصوص ، وكذلك (غير) ؛ لأن المثلين من وجه غيران من وجه آخر ، وكذلك الغيران مثلان من وجه آخر فإن وقعا بين متماثلين من كلّ وجه أو متغايرين من كلّ وجه تعرّفا كقولك : الحركة غير السكون.

ب ـ والثاني : أسماء الفاعلين والمفعولين العاملة عمل الفعل ؛ لأن التنوين فيها مقدّر مراد وحذف تخفيفا وانجرّ الثاني لوجود لفظ الإضافة كقولك : زيد ضارب عمرو غدا.

ج ـ والثالث : الصفة المشبهة (١) باسم الفاعل نحو : حسن الوجه ؛ لأن التنوين فيها مراد أيضا ، والتقدير : مررت برجل حسن وجهه.

٢ ـ والضرب الثاني : يحصل فيه التعريف ، وذلك في موضعين ؛ أحدهما : إضافة (أفعل) كقولك : زيد أفضل القوم. ف (أفضل) معرفة عند الأكثرين ، و (أفعل) هذه تستعمل على ثلاثة أوجه :

__________________

(١) الصفة المشهبة بإسم الفاعل هي صفة تؤخذ من الفعل اللازم ، للدّلالة على معنى قائم بالموصوف بها على وجه الثّبوت ، لا على وجه الحدوث كحسن وكريم وصعب وأسود وأكحل.

ولا زمان لها لأنها تدلّ على صفات ثابتة. والذي يتطلّب الزمان إنما هو الصفات العارضة.

(وإنما كانت مشبهة باسم الفاعل ، لأنها تثنى وتجمع وتذكر وتؤنث ، ولأنها يجوز أن تنصب المعرفة بعدها على التشبه بالمفعول به. فهي من هذه الجهة مشبهة باسم الفاعل المتعدي الى واحد).

٢٦٢

أ ـ أحدها : ب (من) كقولك : زيد أفضل من عمرو ، وهذه نكرة.

ب ـ والثاني : الألف واللام كقولك : زيد الأفضل.

ج ـ والثالث : الإضافة.

فصل : و (أفعل) هذه تضاف إلى ما هي بعض له ؛ ولذلك لا تقول : زيد أشدّ الحجارة ، ولا أفضل الحمير ؛ لأنه ليس منهما ، ومن ههنا إذا قلت : زيد أفره عبد ، فجررت كان زيدا عبدا ، والتقدير : زيدا أفره العبيد ، وإنّ قلت : زيد أفره عبدا ، فنصبت لم يكن زيد عبدا ، والمعنى : عبيده أفره من عبيد غيره.

ومن المسألة المشهورة : (أفضل إخوته) لا يجوز ؛ لأن إضافة أفضل إليهم توجب أنّ يكون واحدا منهم وإضافتهم إليه تدلّ على أنّه غيرهم ؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه فيتنافيان ؛ ولذلك لو قيل : (من إخوته) لم تعدّه منهم ، ولو قيل : (زيد أفضل الإخوة) جاز ؛ لأنه واحد منهم ؛ ولذلك تعدّه منهم.

فصل : وأمّا الضرب الثاني : فهو إضافة الشيء إلى ما يصحّ أن يكون صفة له ك (صلاة الأولى ، ومسجد الجامع ، وجانب الغربيّ) فيجعلونه على غير محض ؛ لأن الأصل أن تقول : (الصلاة الأوّلين والمسجد الجامع) ولكن لمّا أضيف تؤول على حذف موصوف تقديره : (صلاة الساعة الأوّلى ، ومسجد المكان الجامع) ومن هذا الوجه لم يكن محضا إلا أن التعريف يحصل به.

مسألة : لا تجوز إضافة الشيء إلى نفسه ، وإن اختلف اللفظان وأجاز الكوفيّون ذلك إذا اختلف اللفظان.

وحجّة الأوّلين : أن الغرض بالإضافة التخصيص والشيء لا يخصص نفسه ، ولو كان كذلك لكان كلّ شيء مخصّصا ، واحتجّ الآخرون بإضافة الشيء إلى صفته كنحو ما ذكرنا ومنه : (دار الآخرة) و (حبل الوريد) و (حبّ الحصيد) والثاني هو الأوّل.

والجواب : أنّ جميع ما ذكروه متأوّل على غير ظاهره ، وذلك أنّ التقدير دار الساعة الآخرة ، وقد سماها الله تعالى : (ساعة) في نحو قوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) [الروم : ١٢] ، وأمّا (حبل الوريد) فعلى ذلك أيضا ، والتقدير : حبل الشراب الوريد والدم الوريد ، أي الوارد فيه ،

٢٦٣

وفعيل بمعنى فاعل كثير ، وأمّا (حبّ الحصيد) قتقديره : حبّ الزرع الحصيد ؛ لأن الذي يحصد هو الزرع لا الحبّ.

مسألة : تجوز إضافة الزمان إلى الفعل كقوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة : ١١٩] ولا تجوز إضافة غير الزمان إليه ؛ لأن بين الزمان والفعل مناسبة إذ كان الفعل يدلّ على الزمان فكأنّك أضفت زمانا عامّا إلى خاص فتخصص (١) ؛ لأن الفعل يدلّ على زمان ماض أو مستقبل والذي يضاف إليه لم يكن ماضيا بلفظه ولا مستقبلا كاليوم والساعة.

فأمّا : (أمس) و (غد) فلا يضاف إلى الفعل ؛ لأنه مخصوص كتخصيص زمن الفعل وإن شئت قلت : الفعل هنا في تقدير المصدر فلذلك أضيف إليه إلا أنّ المصدر لا يدلّ على الحدث والفعل يدلّ عليه.

__________________

(١) أسماء الزمان ، المضافة إلى الجمل ، يجوز بناؤها ، ويجوز إعرابها. ويرجّح بناء ما أضيف منها إلى جملة صدرها مبنيّ ، كقول الشاعر

على حين عاتبت المشيب على الصّبا

فقلت ألّما تصح؟ والشّيب وازع

وقول غيره

لأجتذبن منهنّ قلبي تحلّما

على حين يستصبين كلّ حليم

وإن كانت مصدّرة فالرّاجح والأولى إعراب الظرف ، كقوله تعالى (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ.) وقد يبنى ، ومنه قراءة نافع (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ ،) ببناء «يوم» على الفتح. ومن هذا الباب قول الشاعر

ألم تعلمي ، يا عمرك الله ، أنني

كريم على حين الكرام قليل

٢٦٤

باب التوكيد

التوكيد (١) : تمكين المعنى في النفس ويقال : توكيد وتأكيد ووكّد وأكّد وبالواو جاء القرآن : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) [النحل : ٩١] ولفظه على ضربين :

أحدهما : إعادة الأوّل بعينه ويكون ذلك في الأسماء والأفعال والحروف والجمل.

والثاني : غير لفظ الأوّل ولكن في معناه.

فصل : والغرض من ذكره إزالة الاتساع ، وذلك أنّ الاسم قد ينسب إليه الخبر ويراد به غيره مجازا كقولك : جاءني زيد ؛ فإنه قد يراد جاءني غلامه أو كتابه ، ومنه عمر السلطان دارا أو حفر نهرا ، أي : أصحابه بأمره ؛ فإذا قلت : جاء زيد نفسه كان هو الجائي حقيقة ، وقد يذكر العامّ ويراد به الخاص كقوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) [آل عمران : ١٧٣] والمراد بعضهم ؛ فإذا قلت : (قال الناس كلهم) لم يحتمل بعضهم.

فصل : ويؤكد الواحد بلفظين : (نفسه) و (عينه) وهما عبارتان عن حقيقة ويوكد الاثنان ب (كلا) و (كلتا) والجمع ب (كلّهم) و (أجمع) و (أجمعين) و (جمعاء) و (جمع) ؛ لأن هذه الألفاظ موضوعة لحصر أجزاء الشيء والإحاطة بها فما لا يتجزأ لا تدخل عليه لعدم معناها فيه ألا ترى أنّك لو قلت كتب زيد كلّه أو أجمع لم يكن له معنى كما يكون في قولهم : كتب القوم كلّهم.

فصل : ولا تؤكّد النكرات وأجازه الكوفيّون.

وحجّة الأوّلين من وجهين :

أحدهما : أنّ التوكيد كالوصف وألفاظه معارف والنكرة لا توصف بالمعرفة.

والثاني : أنّ النكرة لا تثبت لها في النفس عين تحتمل الحقيقة والمجاز فيفرق بالتوكيد بينهما بخلاف المعرفة ، ألا ترى أنّك لو قلت : جاءني رجل لم يحتمل أن تفسّره بكتاب رجل ؛ لأن المجاز في هذا الاستعمال لا يغلب حتّى يدفع بالتوكيد بخلاف لفظة : (القوم) فإنّه يغلب استعمالها في الأكثر ؛ فإذا أردت الجميع أكّدت لرفع المجاز الغالب ، ومثل ذلك الاستثناء فإنّه دخل الكلام ليرفع حمل لفظ العموم على الاستغراق ؛ لأنه يستعمل فيه غالبا.

__________________

(١) التّوكيد (أو التأكيد) تكرير يراد به تثبيت أمر المكرّر في نفس السامع ، نحو «جاء عليّ نفسه» ، ونحو «جاء عليّ عليّ».

٢٦٥

احتّج الآخرون بإنّ ذلك قد جاء في الشعر فمن ذلك قول : [الرجز]

أرمي عليها وهي فرع أجمع

وهي ثلاث أذرع وأصبع

وقال الآخر : [الرجز]

إذا القعود كرّ فيها حفدا

يوما جديدا كلّه مطرّدا

وقال آخر : [الرجز]

قد صرّت البكرة يوما أجمعا

والجواب عن هذه الأبيات من وجهين :

أحدهما : أنّ التوكيد فيها للمعرفة لا للنكرة فقوله أجمع توكيد ل (هي) ولكنّه اضطر ففصل بالخبر بين المؤكد والمؤكد كما في الصفة ، وقيل : في (فرع) ضميرّ والتوكيد له وهذا بعيد ، وأمّا قوله : (جديدا كلّه) فهو مرفوع على أنّه تأكيد للضمير في (جديد).

والوجه الثاني : أنّ هذه الأبيات شاذةّ فيها اضطرار فلا تجعل أصلا.

فصل : وإنما لم ينصرف (جمع) ؛ لأن فيه العدل والتعريف فالعدل عن (جمع) ؛ لأن واحده : (أجمع) و (جمعاء) فينبغي أن يكون على (جمع) مثل : (حمر) ، ولكنّه فتحت ميمّه وصير ك (عمر). وقال أبو عليّ : هو معدول عن (جماعى) مثل صحراء وصحارى ، ولو كان عن جمع مثل : حمر لما جاز فيه أجمعون ، ولكان يؤكد به المذكر والمؤنّث كما يوصف بحمر المذكر والمؤنّث.

وأمّا التعريف فبوضعه توكيدا للمعرفة صار كالأعلام ، وليس فيه أداة للتعريف ، وأمّا (جمعاء) فلألفي التأنيث.

فصل : وأمّا (أكتع) و (أبصع) وما تصرّف منهما فلا تستعمل في التوكيد إلا تبعا ل (أجمع) فإنّ جاء شيء على غير ذلك في الشعر فضرورة (١).

__________________

(١) خالف في عامة المبرد وقال إنما هي بمعنى أكثرهم (وبعد كل أكّدوا بأجمعا جمعاء أجمعين ثمّ جمعا) فقالوا جاء الجيش كله أجمع ، والقبيلة كلها جمعاء ، والزيدون كلهم أجمعون ، والهندات كلهن جمع (ودون كل قد يجيء أجمع جمعاء أجمعون ثمّ جمع) المذكورات نحو : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (الحجر : ٣٩) ، (لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) (الحجر : ٤٣) ، وهو قليل بالنسبة لما سبق ، وقد يتبع أجمع وأخواته بأكتع وكتعاء وأكتعين وكتع ، وقد يتبع أكتع وأخواته بأبصع وبصعاء وأبصعين وبصع ، فيقال جاء الجيش كله أجمع أكتع أبصع ، والقبيلة كلها

٢٦٦

مسألة : وأمّا (كلا وكلتا) فاسمان مفردان مقصوران ، وقال الكوفيّون : هما مثنّيان لفظا ومعنى.

وحجّة الأوّلين من وجوه :

أحدها : أنّهما بالألف في الأحوال الثلاث إذا إضيفا إلى الظاهر ، وليس المثنى كذلك.

والثاني : أنّه لا ينطق بالواحد منهما فلا يقال في الواحد : (كل) بخلاف المثنى.

والثالث : أنّهما يضافان إلى المثنّى ، ولو كانا مثنّيين للزم أن يضاف الشيء إلى نفسه وهو باطل ، ألا ترى أنّك لا تقول : مررت بهما أثنيهما ، كما لا تقول : مررت به واحده.

فإن قيل : فكيف يقال : (مررت بهم خمستهم) فيضاف الجمع إلى الجمع؟

قيل : إنّما أجازوا ذلك ؛ لأن ضمير الجمع يحتمل العدد القليل والكثير فلا يلزمه من إضافة الخمسة ونحوها إضافة الشيء إلى نفسه.

والرابع : أنّ الضمير يرجع إليه بلفظ الإفراد كقوله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) [الكهف : ٣٣] ، ولو كان مثنّى في اللفظ لم يجز ذلك كما لا يجوز الرجلان قام.

واحتّج الآخرون بالسماع والقياس ، أمّا السماع فقول الشاعر : [الرجز]

في كلتا رجليها سلامى واحده

كلتاهما مقرونة بزائده

وأما القياس فمن وجهين :

أحدهما : أنّ الضمير يعود إليه بلفظ التثنية في بعض المواضع كقول الشاعر : [البسيط]

كلاهما حين جدّ الجري بينهما

قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي

والثاني : أنّهما في الجرّ والنصب بالياء ، وفي الرفع بالألف إذا أضيفا إلى مضمر.

والجواب : أنّ الشعر لا يعرف قائلة على أنّه محمول على الضرورة ، وقد جاز حذف شطر الكلمة في الضرورة كقول لبيد : [الكامل]

__________________

جمعاء كتعاء بصعاء ، والقوم كلهم أجمعون أكتعون أبصعون ، والهندات كلهن جمع كتع بصع. وزاد الكوفيون بعد أبصع وأخواته أبتع وبتعاء وأبتعين وبتع. قال الشارح ولا يجوز أن يتعدى هذا الترتيب. وشذ قول بعضهم أجمع أبصع. وأشذ منه قول الأخر : جمع بتع. وربما أكد بأكتع وأكتعين غير مسبوقين بأجمع وأجمعين.

٢٦٧

درس المنا بمتالع فأبان (١) ...

أراد (المنازل). وقال العجّاج :

قواطنا مكّة من ورق الحمي (٢)

أراد (الحمام) وهذا لا يقاس عليه ولا يثبت به أصل.

وأمّا عود الضمير المثّنى إليه فعلى المعنى والإفراد على اللفظ وهذا مثل : (كلّ) و (من) فإنّ الضمير يعود إلى لفظهما تارة كقوله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٩٥] و (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) [البقرة : ١١٢] وتارة يجمع حملا على المعنى كقوله تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧] و (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) [الأنبياء : ٨٢] (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس : ٤٢].

وأمّا جعلها بالياء في الجر والنصب فلم يكن لما قالوا إذ لو كان كذلك لاستمرّ مع المضمّر والمظهر كما في كلّ مثنّى ، وإنّما قلبت الألف ياء مع المضمر لوجهين :

أحدهما : أنّ (كلا وكلتا) يشبهان : (على وإلى ولدى) في أنّها لا تستعمل واحده بل لا بد من دخولها على الاسم وأنّ آخره ألف كآخر هما وكما تجعل الألف في (على) ياء مع المضمر كذلك : (كلا) واختص ذلك بالنصب والجر ، كما أن (على) يكون موضعها نصبا بحقّ الأصل.

والثاني : أنّ (كلا) أذا أضيفت إلى المضمر لم تكن إلا تابعة للمثنّى فجعل لفظها كلفظ ما تتبعه استحسانا.

فصل : وألفا (كلا وكلتا) من واو عند قوم ، وياء عند آخرين. وتا : (كلتا) بدلّ من أحد الحرفين ، وألفها للتأنيث ، ونذكر ذلك في التصريف أن شاء الله.

فصل : وأقوى ألفاظ التوكيد في الجمع : (كلّهم) ؛ لأنها قد تكون أصلا يليه العامل كقولك : جاءني كل القوم وتكون مبتدأ كقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)

__________________

(١) البيت كاملا :

درس المنا بمتالع فأبان

وتقادمت بالحبس فالسوبان

(٢) البيت كاملا :

ورب هذا البلد المحرم

قواطنا مكة من ورق الحمى

٢٦٨

[العنكبوت : ٥٧] ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) [آل عمران : ١٥٤] فيمن رفع ومن نصب جعله توكيدا.

وأمّا : (أجمع) وما تصرّف منها فلا تكون إلا تابعة ؛ فإذا اجتمعت : (كلّ) و (أجمع) في التوكيد قدّمت : (كلّ) عليها لشبهها بالمتبوع.

فصل : ولا يعطف بعض ألفاظ التوكيد على بعض ؛ لأن معنى الجميع واحد بخلاف الصفة فإنّ الصفة تدلّ على معنى زائد على الموصوف.

فصل : وإذا جمعت بين لفظي توكيد كان الثاني مفيدا زيادة التوكيد فقط كقوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) [الحجر : ٣٠] وقال الزجاج : الفائدة في (أجمعون) بعد (كلّ) الدلالة على أنّ سجود الملائكة وقع في حال واحدة ، وفي هذا نظر.

٢٦٩

باب النعت

النعت والوصف (١) بمعّنى ، فأمّا (الصفة) فهي عند النحويّين بمنزلة الوصف ، وأصلها : (وصفة) فحذفت واوها كما حذفت في : (عدة وزنة) ، وأمّا المتكلمون فيقرقون بين الوصف والصفة ، فالوصف لفظ الواصف كقولك : ظريف وعالم. والصفة هي المعنى العامّ الموصوف.

فصل : والغرض من الوصف الفرق بين مشتركين في الاسم أو المدح أو الذم أو التعظيم ، فقطع الاشتراك كقولك : مررت بزيد الظريف ، أي : أنّ ثمّ جماعة كل منهم اسمه زيد والمختص بالظرف منهم واحد ؛ ولذلك لم يوصف المضمر إذ لا اشتراك فيه لعوده إلى الظاهر والمدح والتعظيم يقعان في صفات الله عزوجل والذم كقولك : مررت بزيد الخبيث الفاسق ، فإنّك لا تقصد تمييزه عن غيره ، بل تقصد إعلام السامع بما فيه من الأوصاف المذمومة.

فصل : وإنّما لزم أن تكون الصفة بالمشتق أو الجاري مجراه ؛ لأن الفرق إنّما يحصل بأمر عارض يوجد في أحد الشيئين أو الأشياء دون باقيها وهذا إنّما يكون في المشتقات مثل الحلية نحو : الأسود والأزرق ، والغريزة مثل : العقل والحسن ، والفعل نحو : القيام والإكرام ، أو الصناعة نحو : البزّاز والعطّار ، والنسب نحو : بصريّ وهاشميّ.

وأمّا الجاري مجرى المشتقّ فمثل : مررت برجل ابي عشرة وبحيّة ذراع طولها / كأنّك قلت : مررت برجل كثير الأولاد وبحيّة مذروعة.

فصل : ولا بد في الصفة من ضمير يعود على الموصوف ؛ لأن ذلك من ضرورة كونه مشتقا أن يعمل في فاعل مضمر أو مظهر ، فالمضمر هو الموصوف في المعنى والمظهر لا بد أن

__________________

(١) النّعت (ويسمّى الصّفة أيضا) هو ما يذكر بعد اسم ليبيّن بعض أحواله أو أحوال ما يتعلّق به. فالأوّل نحو «جاء التلميذ المجتهد» ، والثاني نحو «جاء الرجل المجتهد غلامه».

(فالصفة في المثال الأول بينت حال الموصوف نفسه. وفي المثال الثاني لم تبين حال الموصوف ، وهو الرجل ، وإنما بينت ما يتعلق به ، وهو الغلام). وفائدة النّعت التّفرقة بين المشتركين في الاسم.

ثمّ إن كان الموصوف معرفة ففائدة النّعت التّوضيح. وإن كان نكرة ففائدته التّخصيص.

(فان قلت «جاء عليّ المجتهد» فقد أوضحت من هو الجائي من بين المشتركين في هذا الاسم. وإن قلت «صاحب رجلا عاقلا» ، فقد خصصت هذا الرجل من بين المشاركين له في صفة الرجولية).

٢٧٠

يصحبه ضمير الموصوف ليصير من سببه به كقولك : مررت برجل قائم زيد عنده ، فلو لا الهاء لكان الكلام أجنبيا من الاوّل ولم يكن صفة له.

فصل : وإنّما كانت الصفة كالموصوف في التعريف والتنكير والإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث والإعراب ؛ لأن الصفة هي الموصوف في المعنى ، ومحال أن يكون الشيء الواحد معرفة ونكرة ومفردا وأكثر في حال واحدة.

فصل : فأمّا قولهم : ثوب أسمال وبرمة أعشار ، فإنّما جاز لمّا كان الثوب يجمع رقاعا ، وكأن كل ناحية منه سمل والبرمة مجتمعة من أكسار فصار التقدير : ذات أكسار.

فصل : والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف ؛ لأنها هي هو في المعنى ؛ ولذلك جاز أن يحذف الموصوف ويولى العامل الصفة فتقول : (مررت بالظريف) ولا تكرر العامل معها فلا تقول : مررت بزيد بالظريف.

وقال الأخفش : العامل فيها معنويّ وهو كونها تابعة ، وهذا إن به أنّها تابعة للموصوف في الحقيقة فذلك لا يقتضي العمل ، وإن أراد أنّها تابعة له في الإعراب فليس ذلك بيانا للعامل وهو مذهب الجميع ، وإنّما الخلاف في العامل في هذا التابع ما هو ؛ لأن التبعية معنى واحد والشيء الواحد لا يعمل أعمالا مختلفة في معمول واحد.

فصل : وإذا اختلف العامل في الأسماء لم تنعت بنعت واحد كقولك : جاء زيد ورأيت عمرا الظريفين ، فلا يجوز نصب الصفة ولا رفعها ؛ لأنها لفظ واحد مثنى ، فلو رفعت أو نصبت لتبعت أحد الاسمين وعمل فيها عامله ، فينقطع تبعا للآخر والتثنية تأبى ذلك ؛ لأنها تدل على أنّ الصفة تابعة لهما.

فصل : فإن كان الإعراب واحدا والعامل مختلف فالحكم كذلك ؛ لأن العاملين لا يعملان عملا واحدا في معمول واحد كان العاملان بمعنى واحد كقولك : ذهب زيد وانطلق عمرو ، فالحكم كذلك عند بعض البصريّين ؛ لأن العامل لفظ ، وقد خالف لفظ الثاني لفظ الأوّل ، والمعنى لا يعمل هنا حتى يؤثّر اتّفاقهما في المعنى.

٢٧١

فصل : إذا تكّررت النعوت جاز حمل الجميع على الموصوف وهو الظاهر ، وجاز نصبها بإضمار أعني ورفعها على إضمار (هو) ، ودل هذا الإضمار على زيادة المدح والذّم ؛ لأنه يصير بذلك جملة مستقلة.

فصل : ويجوز عطف بعض الصفات على بعض تنبيها على زيادة المدح والذم كقولك : مررت بزيد الكريم والعاقل ، ف (الواو) تدلّ على أنّه المعروف بذلك.

باب عطف البيان

وهو أن تجري الأسماء الجامدة مجرى المشتقة في الإيضاح إذا كان الثاني أعرف من الاوّل كقولك : مررت بزيد أبي عبد الله ، إذا كان بالكنية أعر ، ف وبأبي عبد الله زيد إذا كان الاسم أعرف ، وليس هو ههنا ببدل ؛ لأنه كالموصوف في التعريف والتنكير وجميع ما ذكرناه في الصفة ، وليس البدل كذلك (١).

وفي بعض المواضع يجوز أن يكون عطف بيان وأن يكون بدلا ، وفي بعضها يتعين أحدهما كقولك : جاءني زيد أبو محمد يحتملها ، وفي قولك : يا أيّها الرجل زيد ، يتعين أن يكون عطف بيان ، وفي قولك : يا أخانا زيدا إن نصبت كان بيانا ، وإن أردت البدل ضممت : (زيدا) ؛ لأن حرف النداء يقدر عوده مع البدل.

__________________

(١) عطف البيان هو تابع جامد ، يشبه النّعت في كونه يكشف عن المراد كما يكشف النّعت. وينزّل من المتبوع منزلة الكلمة الموضّحة لكلمة غريبة قبلها ، كقول الراجز «أقسم بالله أبو حفص عمر».

(فعمر عطف بيان على«أبو حفص» ، ذكر لتوضيحه والكشف عن المراد به ، وهو تفسير له وبيان ، وأراد به سيدنا عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه).

وفائدته إيضاح متبوعه ، إن كان المتبوع معرفة ، كالمثال السابق ، وتخصيصه إن كان نكرة ، نحو «اشتريت حليّا سوارا». ومنه قوله تعالى (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ).

ويجب أن يطابق متبوعه في الإعراب والإفراد والتّثنية والجمع والتّذكير والتأنيث والتعريف والتنكير.

ومن عطف البيان ما يقع بعد «أي وأن» التّفسيريتين. غير أنّ «أي» تفسّر بها المفردات والجمل ، و «أن» لا يفسّر بها إلا الجمل المشتملة على معنى القول دون أحرفه. تقول «رأيت ليثا ، أي أسدا» و «أشرت إليه ، أي اذهب». وتقول «كتبت إليه ، أن عجّل بالحضور.

٢٧٢

باب البدل

الغرض من البدل هو الغرض من الصفة ، وقد ذكر ، والفرق بين البدل والصفة : أنّ الصفة بالمشتقّ والبدل بغير المشتقّ ، وأنّ الصفة كالموصوف في التعريف والتنكير وغيرهما ، والبدل يجوز أن يخالف المبدل منه في التعريف والتنكير والإظهار والإضمار ، وأنّ البدل يكون ببعض من كلّ ، وبمعنى يشتمل عليه الأوّل والصفة بخلافه ، والفرق بين البدل وعطف البيان قد تقدّم (١).

فصل : وبدل الشيء في اللغة ما قام مقامه وهو على هذا المعنى في اصطلاح النحويّين ، ألا ترى أنّك لو حذفت الأوّل واقتصرت على الثاني لأغناك عنه ؛ ولذلك قال بعضهم : عبرة البدل ما صلح لحذف الأوّل وإقامة الثاني مقامه. وقال بعض النحويّين : لا يصحّ هذا الحدّ والدليل عليه قول الشاعر : [الكامل]

فكأنّه لهق السراة كأنّه

ما حاجبيه معيّن بسواد

لو حذفت الهاء هنا فقلت : كأنّ حاجبيه معيّن لم يستقم ؛ لأن المبتدأ مثنّى والخبر مفرد واستدلّوا أيضا بقولك : زيد ضربت أباه عمرا ، ف (عمرو) بدل من (أباه) ، فلو حذفته فقلت : زيد ضربت عمرا لم يجز لخلوّ الجملة من ضمير يعود على المبتدأ ، وهذا الاستدلال ضعيف جدّا ، أمّا البيت فوجه جوازه أنّه أفرد الخبر عن المثتّى وهو يريد التثنية كما قال الآخر : [الهزج]

لمن زحلوقة زلّ

به العينان تنهلّ

__________________

(١) البدل هو التّابع المقصود بالحكم بلا واسطة بينه وبين متبوعه نحو «واضع النحو الإمام عليّ».

(فعليّ تابع للامام في إعرابه. وهو المقصود بحكم نسبة وضع النحو اليه. والإمام انما ذكر توطئة وتمهيدا له ، ليستفاد بمجموعهما فضل توكيد وبيان ، لا يكون في ذرك أحدهما دون الآخر. فالإمام غير مقصود بالذات ، لأنك لو حذفته لاستقلّ «عليّ» بالذكر منفردا ، فلو قلت «واضع النحو عليّ» ، كان كلاما مستقلا. ولا واسطة بين التابع والمتبوع.

أما ان كان التابع مقصود بالحكم ، بواسطة حرف من أحرف العطف ، فلا يكون بدلا بل هو معطوف ، نحو «جاء علي وخالد» وقد خرج عن هذا التعريف النعت والتوكيد أيضا ، لأنهما غير مقصودين بالذات وانما المقصود هو المنعوت والمؤكد).

٢٧٣

وكقول الآخر (١) : [الكامل]

وكأنّ في العينين حبّ قرنفل

أو سنبلا كحلت به فانهلّت

وأمّا المسألة فالمانع ثمّ الإضمار وهو عارض.

فصل : وتبدل المعرفة من المعرفة ومن النكرة ، والنكرة من المعرفة ، إلا أنّك إذا أبدلت النكرة من المعرفة فلا بدّ من صفة النكرة كقوله تعالى : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ١٥ ـ ١٦] ؛ لأن المعرفة أبين من النكرة ؛ فإذا لم تصف النكرة انتقض غرض البدل ، وإذا وصفتها حصل بالصفة بيان لم يكن بالمعرفة.

فصل : وكلّ الأسماء يصلح أنّ يبدل منها إلا ضمير المتكلم والمخاطب ؛ لأنّهما في غاية الوضوح كقولك : مررت بي بزيد وبك عمرو ، وأجازه قوم والذي جاء منه في بدل الاشتمال والبعض ، فالاشتمال كقول الشاعر (٢) : [الوافر]

ذريني إنّ أمرك لن يطاعا

وما ألفيتني حلمي مضاعا

ف (حلمي) بدل من : (الياء) ومن البعض قول : [الرجز]

أوعدني بالسجن والأداهم

رجلي ورجلي شثنة المناسم

ف (رجلي) بدل من الياء.

فصل : ولا يحتاج في بدل الكل إلى ضمير يعود على الأوّل ؛ لأن الثاني هو الأوّل ، ويحتاج إليه في بدل البعض والاشتمال ؛ لأن الثاني مخالف للأوّل ، فيرتبط به بضميره كالجملة في خبر المبتدأ ويجوز حذفه إذا كان معلوما كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧] أي منهم.

__________________

(١) البيت من شعر علباء بن أرقم.

(٢) البيت من شعر الشاعر الجاهلي عدي بن زيد العبادي. ويقول في هذه القصيدة :

ذريني ، إنّ أمرك لن يطاعا

وما ألفيتني أمري مضاعا

ألا تلك الثّعالب قد تعاوت

عليّ ، وحالفت عرجا ضياعا

فإن لم تندموا فثكلت عمرا

وهاجرت المروّق والسّماعا

ولا ملكت يداي عنان طرف

ولا أبصرت من شمس شعاعا

وخطّة ماجد كلّفت نفسي

إذا ضاقوا رحبت بها ذراعا

٢٧٤

فصل : وشرط بدل الاشتمال أن يكون الأوّل مشتملا على الثاني ، والثاني قائم به كقولك : يعجبني زيد عقله ، وعرفت أخاك خبره ، وحقّه التقديم أي : يعجبني عقل زيد ، ولكن لمّا كان يكتسب من عقله وصف الحسن والإعجاب جاز أن يؤخر ويجعل بدلا منه ؛ فإن لم يكن كذلك لم يجز كقولك : يعجبني زيد أبوه ؛ لأن (زيدا) لا يشتمل على الأب بل كلّ واحد منهما منفصل عن الآخر ويتضح بقولك : (مات زيد أخوه) فإنه ليس من الاشتمال بل من الغلط.

فصل : وحقّ بدل الغلط أن يستعمل ب (بل) ؛ لأنها موضوعة للإضراب عن الأوّل ولكن جاز حذفها لوضوح معناها.

فصل : والعامل في البدل غير العامل في المبدل منه ، وذلك العامل هو تقدير الإعادة ، أي : إعادة العامل الأوّل فقولك : مررت بزيد أخيك ، تقديره : بزيد بأخيك ، وقال قوم : العامل فيه عامل الأوّل.

وحجّة الأوّلين من وجهين :

أحدهما : أنّ العامل قد ظهر في كثير من الكلام فمن ذلك قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) [الأعراف : ٧٥] فأعاد (اللام) مع البدل وقال تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ) [إبراهيم : ١] فأبدل الصراط من النور وأعاد (إلى) وقال تعالى : (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) [الروم : ٣١ ـ ٣٢] فأعاد (من) وهو كثير في القرآن والشعر.

والوجه الثاني : أنّ البدل كالمبدل منه في جميع أحكامه بحيث لو ابتدئ به لم يقدّر هناك محذوف بخلاف الصفة وما أجري مجراها ، وفلمّا لم يكن تبعا في الحقيقة لم يكن تبعا في العمل فلذلك قدّر له عامل أغنى عن تقدّم ذكره.

واحتّج الآخرون بأنّه لو كان له عامل يخصّه للزم إظهاره إذ ليس هناك شيء ينوب عنه.

والجواب : أنّ تقدم العامل وكون الثاني هو الأوّل أغنى عن لزوم تكرّر العامل ، وليس كذلك الصفة ألا ترى أنّ المعطوف لمّا كان غير الأوّل احتاج إلى ما ينوب عن العامل فجيء بالحروف.

٢٧٥

باب عطف النسق

العطف : ليّ الشيء والالتفات إليه ، يقال : عطفت العود إذا ثنيته ، وعطفت على الفارس التفت إليه ، وهو بهذا المعنى في النحو ؛ لأنّ الثاني ملويّ على الأوّل ومثني إليه ؛ ولذلك قدّرت التثنية بالعطف والعطف بالتثنية (١).

فصل : ولا بدّ في عطف النسق من حرف يربط الثاني بالأوّل إذ كانا غيرين.

فصل : وقد وضعت له حروف تشرك بين الشيئين في العامل فمنها ما لا يفيد سوى التشريك ومنها ما يفيده مع غيره.

فصل : و (الواو) أصل حروف العطف ؛ لأنها لا تدل إلا على الاشتراك عند المحقّقين فأمّا : (الفاء) وغيرها فتدل على الاشتراك وشيء آخر فهي كالمركّب والواو كالمفرد والمفرد أصل للمرّكب وسابق عليه.

فصل : (الواو) لا تدلّ على الترتيب عند الجمهور ، وقالت شرذمة : تدلّ عليه.

وحجّة الأوّلين السماع والقياس فمن السماع قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) [البقرة : ٥٨] وقال في آية اخرى : (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) [الأعراف : ١٦١] والقصة واحدة ، وقال لبيد : [الكامل]

أغلي السباء بكلّ أدكن عاتق

أو جونة قدحت وفضّ ختامها

ف (الجونة) الدنّ ، و (قدحت) غرفت ، و (فضّ الختام) يكون قبل الغرف ، وهو كثير في القرآن والشعر ، وأمّا القياس فهو أنّ الواو تقع في موضع يمتنع فيه الترتيب وتمتنع من موضع يجب فيه الترتيب.

__________________

(١) عطف النسق وهو بالواو لمطلق الجمع وبالفاء للجمع والترتيب والمهلة والتعقيب وبثم للجمع والترتيب والمهلة وبحتى للجمع والغاية وبأم المتصلة وهي المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة يطلب بها وبأم التعيين وهي في غير ذلك منقطعة مختصة بالجمل ، ومرادفة لبل وقد تضمن مع ذلك معنى الهمزة وبأو بعد الطلب للتخيير أو الإباحة وبعد الخبر للشك أو التشكيك أو التقسيم وببل بعد النفي أو النهي لتقرير متلوها وإثبات نقيضه لتاليها كلكن وبعد الإثبات والأمر لنفي حكم ما قبلها لما بعدها وبلا للنفي ولا يعطف غالبا على ضمير رفع متصل ولا يؤكد بالنفس أو بالعين إلا بعد توكيده بمنفصل أو بعد فاصل ما ولا على ضمير خفض إلا بإعادة الخافض.

٢٧٦

فمن الأول قولك : المال بين زيد وعمرو ، ولو قلت : (فعمرو) لم بجز ؛ لأن (بينا) يقتضي أكثر من واحد ، ومن ذلك سواء زيد وعمرو سيّان زيد وعمرو ، و (الفاء) هنا لا تجوز لأنّ التساوي لا يكون في الواحد ، ومن ذلك اختصم زيد وعمرو ، والفاء لا تصلح هنا ومن ذلك أنّ العطف بالواو نظير التثنية ، والتثنية لا تفيد سوى الاجتماع.

ومن الثاني : أنّ (الواو) لا تستعمل في جواب الشرط لما كان مرتّبا على الشرط والفاء تستعمل فيه ، وأمّا الآخرون فتمسكّوا بشبه لا دلالة فيها على الترتيب من جهة الواو فأضربنا عن ذكرها لوضوح الجواب عنها.

فصل (١) : (الواو) تقع على وجوه :

أحدها : العطف المطلق.

والثاني : (واو الحال) كقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) [آل عمران : ١٥٤].

والثالث : أن تكون بمعنى (مع).

والرابع : أن تكون للقسم.

والخامس : أن تضمر بعدها (رب).

والسادس : أن تكون بمعنى (الباء) كقولك : بعت الشاء شاة ودرهم ، أي : بدرهم.

فصل : ولا تزاد (الواو) عند أكثر البصريّين لوجهين :

أحدهما : أنّ الحروف وضعت للاقتصار أو عوضا عن ذكر الجمل : (كالهمزة) فإنها بدل عن (استفهم) أو (أسأل) و (ما) بدل عن (أنفي) فزيادتها تنقض هذا الغرض.

والثاني : أنّ الحروف وضعت للمعاني فذكرها دون معناها يوجب اللبس وخلوّها عن المعنى وهو خلاف الأصل.

__________________

(١) معنى كون الواو لمطلق الجمع أنها لا تقتضي ترتيبا ولا عكسه ولا معية بل هي صالحة بوضعها لذلك كله فمثال استعمالها في مقام الترتيب قوله تعالى (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) ومثال استعمالها في عكس الترتيب ، نحو (وَعِيسى وَأَيُّوبَ)(كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ)(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) ومثال استعمالها في المصاحبة نحو (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) ونحو (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ) ونحو (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ)

٢٧٧

واحّتج الآخرون بقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] ف (الواو) زائدة والفعل جواب : (إذا) ؛ ولذلك لم تكن في الموضع الأول وقال الشاعر (١) : [الكامل]

حتى إذا قملت بطونكم

ورأيتم أبناءكم شبّوا

وقلبتم ظهر المجنّ لنا

إنّ اللئيم العاجز الخبّ

والجواب : أن جواب (إذا) في هذه المواضع محذوف ، فالتقدير في الآية حتّى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها عرفوا صحّة وما وعدوا وعاينوه ، وقد دلّ عليه قوله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) [الزمر : ٧٤] والتقدير في البيت حتى إذا فعلتم هذه الأشياء عرف غدركم وفجوركم ولؤمكم.

وحذف الجواب كثير في القرآن والشعر فمنه قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) [النور : ١٠] ، وفي هذه السورة : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) [النور : ٢٠] والتقدير لهلكتم وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) [الرعد : ٣١] أي : لكان هذا القرآن ، وحذف الجواب أبلغ في هذا المعنى من ذكره ولأنّ الموعودّ أو المتوعد إذا لم يذكر له جواب ذهب وهمه إلى أبلغ غايات الثواب والعقاب فيكون أبلغ في الطاعة والانزجار.

فصل : ومعنى الفاء ربط ما بعدها في بما قبلها فالعاطفة تربط بين المعطوف والمعطوف عليه فيما نسب إلى الأوّل إلا أنّها تدل على أنّ الثاني بعد الأوّل بلا مهلة ، وإذا وقعت جوابا علّقت ما بعدها بما في قبلها ، ومن هنا قال الفقهاء : تدلّ (الفاء) على أنّ ما قبلها سببّ لما بعدها ومعتبر فيه.

__________________

(١) الأبيات من شعر الأسود بن يعفر النهشلي : (٢٣ ق. ه / ٦٠٠ م) وهو الأسود بن يعفر النهشلي الدارمي التميمي ، أبو نهشل.

شاعر جاهلي ، من سادات تميم ، من أهل العراق ، كان فصيحا جوادا ، نادم النعمان ببن المنذر ، ولما أسن كفّ بصره ويقال له : أعشى بني نهشل.

٢٧٨

فصل : ولا تكون (الفاء) زائدة لما ذكرنا في (الواو) ، وقال الأخفش : قد زيدت في مواضع منها قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) [الجمعة : ٨] ؛ لأن الفاء (١) تكون في خبر الذي غير زائدة والخبر هنا للموت ، وليس فيه معنى الشرط ، ومنه قول الشاعر (٢) : [الكامل]

لا تجزعي أن منفسا أهلكته

وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي

فالفاء الأولى زاائدة ، وقيل : الثانية.

فصل : و (ثّم) (٣) كالفاء في التشريك والتريب إلا أنّها تدلّ على المهلة إذ كانت أكثر حروفا من الفاء ، وقد جاءت لترتيب الأخبار لا لترتيب المخبر عنه كقوله تعالى : (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) [يونس : ٤٦] وقال : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود : ٣] وتقول : زيد عالم كريم ثّم هو شجاع.

فصل : وأمّا (أو) فتشرك في الإعراب ولها معان :

أحدها : الشكّ في الخبر كقولك : قام زيد أو عمرو ، والمعنى أحدهما ؛ ولذلك تقول : فقال كذا أو كذا ، ولا تقول فقالهما.

والثاني : أن تكون لتفصيل ما أبهم كقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١] أي : قالت اليهود لن يدخل الجنّة من إلا من كان هودا وقالت

__________________

(١) الفاء تكون للترتيب والتعقيب. ؛ فإذا قلت «جاء عليّ فسعيد». فالمعنى أنّ عليّا جاء أوّل ، وسعيدا جاء بعده بلا مهلة بين مجيئهما.

(٢) البيت من شعر النمر بن تولب : (١٤ ه‍ / ٦٣٥ م) وهو النمر بن تولب بن زهير بن أقيش ، ينتهي نسبه إلى عوف بن وائل بن قيس بن عبد مناة.

شاعر جاهلي أدرك الإسلام وهو كبير فأسلم وعد من الصحابة وروى حديثا عن الرسول وكان له ولد يدعى ربيعة ، وأخ يدعى الحرث بن تولب (سيد معظّم في قومه) ، ونشأ بين قومه في بلاد نجد ثم نزلوا ما بين اليمامة وهجر.

توفي في آخر خلافة أبو بكر الصديق. وما عرف له في المدح إلا قصيدة واحدة مدح فيها الرسول وكذلك كان هجاؤه نادرا وكان شعره صادقا وألفاظه سهلة جميلة.

(٣) ثمّ تكون للتّرتيب والتّراخي. ؛ فإذا قلت «جاء عليّ ثمّ سعيد» ، فالمعنى أن «عليّا» جاء أول ، وسعيدا جاء بعده ، وكان بين مجيئهما مهلة.

٢٧٩

النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى ، وكذلك قوله تعالى : (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١٣٥] ، ومنه قول القائل : كنت بالبصرة آكل السمك أو التمر أو اللحم ، أي : في أزمنه متفرقة ولم يرد الشك.

والثالث : أن تكون للتخيير كقوله : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [المائدة : ٨٩] فلإن اتّصل بالأمر لم يجمع بينهما كقولك : خذ درهما أو دينارا ، فإن وجدت قرينة تدل على الإباحة جاز الجمع بينهما كقولك : جالس الفقهاء أو الزّهاد لمن يجالس الأشرار.

فصل : وإن اتّصلت بالنهي وجب اجتناب الأمرين عند محققّي النحوييّن كقوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] أي : لا تطع أحدهما ، فلو جمع بينهما لفعل المنهيّ عنه مرّتين ؛ لأن كلّ واحد منهما أحدهما.

فصل : وقد تكون (أو) (١) للتقريب كقولك : ما أدري أأذنّ أو أو أقام ، أي لسرعته. وإنّ كان يعلم أنّه أذّن ومن ذلك قوله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ٧٧].

__________________

(١) أو إن وقعت بعد الطّلب ، فهي إمّا للتّخيير ، نحو «تزوّج هندا أو أختها» ، وإما للاباحة ، نحو «جالس العلماء أو الزهّاد». وإما للاضراب ، نحو «إذهب إلى دمشق ، أودع ذلك ، فلا تذهب اليوم» ، أي بل دع ذلك ، أمرته بالذهاب ، ثمّ عدلت عن ذلك.

والفرق بين الإباحة والتّخيير ، أن الاباحة يجوز فيها الجمع بين الشيئين ، ؛ فإذا قلت «جالس العلماء أو الزّهّاد» ، جاز لك الجمع بين مجالسة الفريقين ، وجاز أن تجالس فريقا دون فريق. وأما التّخيير فلا يجوز فيه الجمع بينهما ، لأن الجمع بين الأختين في عقد النكاح غير جائز.

وإن وقعت «أو» بعد كلام خبريّ ، فهي إمّا للشّك ، كقوله تعالى (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) وإمّا للابهام ، كقوله عزوجل (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.) ومنه قول الشاعر

نحن أو أنتم الألى ألفوا الحقّ

فبعدا للمبطلين وسحقا

وإما للتقسيم ، نحو «الكلمة أسم أو فعل أو حرف» ، وإمّا للتّفصيل بعد الإجمال ، نحو «اختلف القوم فيمن ذهب ، فقالوا ذهب سعيد أو خالد أو عليّ». ومنه قوله تعالى (قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) أي بعضهم قال كذا ، وبعضهم قال كذا. وإمّا للاضراب بمعنى «بل» ، كقوله تعالى (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ ، أَوْ يَزِيدُونَ) أي بل يزيدون ، ونحو «ما جاء سعيد ، أو ما جاء خالد».

٢٨٠