اللباب في علل البناء والإعراب

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]

اللباب في علل البناء والإعراب

المؤلف:

محبّ الدين عبدالله بن الحسين البغدادي [ أبي البقاء العكبري ]


المحقق: محمّد عثمان
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦١

أحدها : أنّها تفيد في الجملة معنى واحدا هو التوكيد فهي ك (لام الابتداء) و (الباء) الداخلة في خبر (ليس) و (نون تأكيد الفعل) والمفتوحة تفيد التوكيد وتعلّق ما بعدها بما قبلها.

والثاني : أنّ (إنّ) المكسورة أشبه بالفعل لذا كانت عاملة غير معمول فيها كما هو أصل الفعل والمفتوحة عاملة ومعمول فيها فهي كالمركّب والمكسورة كالمفرد والمفرد أصل للمركّب.

والثالث : أنّ المكسورة ليست كبعض الاسم هي مستقلّة بنفسها والمفتوحة كبعض الاسم إذ كانت هي وما عملت فيه تقدير اسم واحد.

وقد قال قوم : المفتوحة أصل للمكسورة. وقال آخرون : كلّ واحدة منهما أصل بنفسها والصحيح ما بدأنا به.

فصل : وإنّما خصّت المصدريّة بالفتح لأنّهم لّما آثروا الفرق عدلوا إلى أخفّ الحركات وهي الفتحة ، إن شئت قلت : لّما كانت المصدريّة كبعض الاسم طال الكلام بها فخصّت بأخف الحركات ، وإن شئت قلت : لمّا كانت مصدرّية حملوها على (أن) الناصبة للفعل في الفتح كما حملوا الناصبة للفعل في العمل على الناصبة للاسم.

__________________

٦ ـ أن تقع جوابا لقسم نحو : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) (الآية «٢ ـ ٣» من سورة الدخان)

٧ ـ أن تكون محكيّة بالقول (فإن وقعت بعد القول غير محكية فتحت نحو «أخصّك بالقول أنك فاضل».) نحو (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) (الآية «٣٠» من سورة مريم)

٨ ـ أن تقع حالا نحو (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (الآية «٥» من سورة الأنفال)

٩ ـ أن تقع صفة نحو «نظرت إلى خالد إنّه كبير».

١٠ ـ أن تقع بعد عامل علّق بلام الابتداء التي يسمّونها المزحلقة نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) (الآية «١» من سورة المنافقين) أي أن اللام في «لرسوله» سبب في كسر همزة إنّ لأنّ اللام المزحلقة لا تكون في خبر «إن» مفتوحة الهمزة.

١١ ـ أن تقع خبرا عن اسم ذات نحو : «محمّد إنه رسول الله».

١٢ ـ في باب الحصر بالنّفي وإلا ، بمعنى الأمثلة الآتية تقول : «ما قدم علينا أمير إلا إنّه مكرم لنا». لأنه ليس ههنا شيء يعمل فيإنّ ولا يجوز أن تكون أنّ ، وإنّما تريد أن تقول : ما قدم علينا أمير إلّا هو مكرم لنا.

وقال سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) (الآية «٢٠» من سورة الفرقان)

١٦١

فصل : وكلّ موضع وقعت فيه (إنّ) وحسن أن يقع في موقعها فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر كانت مكسورة ، وكلّ موضع لم يحسن في موضعها إلا الفعل وحده أو الاسم وحده فهي مفتوحة وعلى هذا تبنى مسائل الفرق بين : (إنّ) و (أنّ) فمن ذلك كسرها بعد القول ؛ لأن القول تحكى بعده الجملة من الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر ومن ذلك كسرها إذا وقعت صلة (للذي) ، وإذا وقعت في جواب القسم ، وإذا وقعت اللام في خبرها.

وقد تقع في موضع يحتمل الأمرين كقولك : لقيت زيدا ؛ فإذا إنّه عبد بالكسر على معنى ؛ فإذا هو عبد وبالفتح على معنى ؛ فإذا العبوديّة أي : فاجأتني ذلّته ، ونحو ذلك.

١٦٢

باب (لا)

ولها أقسام ستّة ؛ أحدها : أن تدخل على الاستفهام لتنفي عنه الخبر ، وهذا الباب مختصّ بها وبقيّة أقسامها تذكر في مواضعها واعلم أنّ (لا) هذه عاملة في الاسم على الجملة ؛ لأنها أشبهت : (أنّ) الثقيلة من أوجه :

أحدها : أنّها تدخل على مبتدأ وخبر كما أنّ (إنّ) كذلك.

والثاني : أنّ لها صدر الجملة كما أن (إنّ) كذلك.

والثالث : أنّها لتوكيد النفي كما أنّ (إنّ) لتوكيد الإثبات.

والرابع : أنّها نقيضة : (أنّ) وهم يحملون الشيء على نقيضه كما يحملونه على نظيره وسنرى ذلك مستقصى في موضعه.

وقال بعضهم هي محمولة على : (أن) الخفيفة لوجهين :

أحدهما : أنّها على حرفين مثلها. والثاني : أنّ الخفيفة وتلغي كما أن (لا) كذلك.

فصل : وتعمل النصب في الاسم عند الجميع كما عملت : (إنّ) ، وإنّما تعمله بثلاث شرائط :

إحداها : أن تلي الاسم من غير فصل.

والثانية : أن تكون داخلة على نكرة.

والثالثة : أن تكون تلك النكرة جنسا ، وإنّما عملت بهذه الشرائط ؛ لأنها اختصت بهذه الأشياء وكلّ مختصّ يجب أن يعمل ، وعملت النصب لما ذكرنا من مشابهتها (إنّ).

فصل : واختلفوا في الاسم النكرة المنفيّة ب (لا) نفيا عامّا إذا لم تكن مضافة ولا مشابهة للمضاف هل هي مبنيّة أو معربة؟ فمذهب أكثر البصريّين أنّها مبينّة ، وقال الزجاج والسيرافيّ وأهل الكوفة : هي معربة.

واحتجّ الأوّلون على بنائها من أوجه :

أحدها : أنّ بين : (لا) وبين النكرة حرفا مقدّرا وهو : (من) والاسم إذا تضمّن معنى الحرف بني ، وإنما وجب تقدير : (من) ههنا ؛ لأنها جواب من قال : هل من رجل في الدّار؟ وإنّما دخلت ههنا لتدلّ على الجنس ، وذلك أنّك إذا قلت : هل رجل في الدار؟ أو لا رجل في

١٦٣

الدار ، بالرفع والتنوين تناول رجلا واحدا حتّى لو كان هناك رجلان أو أكثر لم يكن الاستفهام متناولا لهما ؛ فإذا أدخلت (من) تناول الجنس كلّه ، وكذلك إذا قلت : ما جاءني من رجل ، لم يجز أن يكون جاءك واحد أو أكثر ، وإن حذفت (من) جاز أن يكن جاءك رجلان أو أكثر ، وإذا أثبت ذلك صار الاسم متضّمنا معنى (من) المفيدة معنى الجنس (١).

والوجه الثاني : أن لا لما لم تعمل إلا إذا لاصقت الاسم ، وكانت (من) بينهما مرادة صارتا كالاسم المركب في باب العدد كخمسة عشر والمركب يبنى لتضمنه معنى الحرف.

والثالث : أنّ (لا) في هذا الباب خالفت بقيّة حروف النفي من وجهين :

أحدهما : أنّها جواب لما ليس بإيجاب بل لما هو استفهام وبقية حروف النفي يجاب بها عن الواجب.

والثاني : أنّها مختصّة بالنكرة العامّة التي هي جنس ، وليس شيء من حروف النفي مختصّا بضرب من الأسماء.

واحتجّ من قال الاسم هنا معرب بأربعة أوجه :

أحدها : أنّ الاسم المعطوف عليه معرب كقولك : لا رجل وغلاما عندك والواو نائبه عن (لا).

والثاني : أنّ خبرها معربّ وعملها في الاسمين واحد.

والثالث : أنّ (لا) عامله ، فلو حصل البناء هنا لحصل بعامل والبناء لا يحصل بعامل ؛ لأن العامل غير المعمول والبناء شبه التركيب وجزء المركّب شيء واحد.

__________________

(١) لا النّافية : إذا وقعت على فعل نفته مستقبلا ، وحقّ نفيها بما وقع موجبا يالقسم ، كقوللك : «ليقومنّ زيد» فتقول : «لا يقوم» وقد تنفي الماضي ، فإن نفتة وجب تكرارها ، نحو «لا أكلت ولا شربت» وإذا نفت المستقبل جاز تكرارها ، نحو «زيد لا يقرأ ولا يكتب».

وقد تكون لنفي الحال ، وقد تعترض بين الخافض والمخفوض نحو «حضر بلا كتاب» وهي بالمثال بمعنى غير مجرورة بالباء ، وما بعدها مضاف إليه (وهذا عند الكوفيين بمعنى «غير» مجرورة بالباء وما بعدها مضاف إليه).

أو زائدة ولكنها تفيد النفي (وهذا عند البصريين وهو الصواب).

١٦٤

والرابع : أنّ الاسم لو كان مبنيّا لبني على حركه غير الفتح ؛ لأن (لا) تعمل النصب ؛ فإذا عرض البناء وجب أن تكون حركته غير حركة الإعراب كما في : (قبل وبعد).

والجواب : أنّ المعطوف عليه بني لتضمّنه معنى الحرف ، وإنّما يكون ذلك مع (لا) نفسها والواو لا تنوب عن (لا) في هذا المعنى بل تنوب عنها في العطف فقط ؛ ولهذا يسوغ إظهار (لا) مع (الواو).

قيل : أثر ضعفها قد ظهر في شيء غير التنوين ، فمن ذلك أنّه لا يفصل بينها وبين اسمها بالخبر ولا بغيره ولأنّ التنوين لا يحدث بالعامل حتى يحذف إذا ضعف العامل ، وإنّما هو تابع لحركة الإعراب.

فإن قيل : إنما حذف التنوين ؛ لأن هذا الباب خالف بقية العوامل في اختصاصه ببعض الأسماء وعلى وجه مخصوص فخولف به أيضا في التنوين؟ قيل : قد أجبنا عن هذا.

فصل : واتّفقوا على أنّ النكرة المضافة كقولك : لا غلام رجل عندنا ، وفي المشابه للمضاف كقولك : لا خيرا من زيد عندنا معرب ، وإنّما خالف هذا الاسم النكرة المفردة لثلاثة أوجه :

أحدها : أنّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد وهما في اللفظ اسمان ، فلو بنيت الاسم الأوّل مع (لا) لكان لعلّة التركيب فتصير ثلاثة أشياء كالشيء واحد.

والثاني : أنّ المضاف إليه واقع موقع التنوين ، وكما أنّ التنوين لا يكون بعد حركة البناء كذلك المضاف إليه.

والثالث : أنّ المضاف عامل في المضاف إليه ، وقد ألف من كلّ مبنيّ إذا أضيف إلى مفرد أعرب فأمّأ (لدن) فبنيت مع الإضافة لإيغاها في شبه الحرف بخلاف باب (لا).

فصل : والمشابه للمضاف من أجل طوله ما كان عاملا فيما بعده وكان ما بعده من تمام معناه كقولك : لا ضاربا زيدا ولا حسنا وجهه قائم ولا خيرا من زيد لنا ووجه مشابهته للمضاف من وجهين :

أحدهما : أنّه عامل فيما بعده كما يعمل المضاف فيه المضاف إليه.

١٦٥

والثاني : أنّ ما بعده مفتقر إليه كافتقار المضاف إليه إلى المضاف ، وعلى هذا إذا قلت لا مرورا بزيد وعلقّت الباء بالمصدر نصبت ونوّنت ؛ لأنه عامل فيما بعده والخبر محذوف ، وإن جعلت : (بزيد) الخبر لم تنوّن المصدر ؛ لأنه غير عامل ههنا ، وكذلك لا آمر بالمعروف يوم الجمعة إن أعملت آمرا نوّنته وإن لم تعمله لم تنوّنه ولا يكون : (يوم الجمعة) خبرا ؛ لأن ظرف الزمان لا يخبر به عن الجثث والنفي على هذا التقدير خاصّ ببعض الآمرين وإن جعلت الباء الخبر كان النفي عامّا.

فصل : وموضع : (لا) واسمها رفع بالابتداء لوجهين :

أحدهما : أنّهما في حكم المركّب على ما تقدم ، والمركّب يجري مجرى المفرد في موضع الإعراب.

والثاني : أنّ الكلام قبل دخول : (لا) جملة خبريّة كقولك : عندنا رجل ؛ فإذا أدخلت : (لا) بقيت الخبريه على ما كانت إلا أنّ الخبر منفيّ وكان مثبتا وهذا مثل : (ما) في قولك : ما عندنا رجل إلا أنّك لّما أدخلت : (لا) أوليتها الاسم ؛ ولهذا إذا قدّمت الخبر أو فصلت بينهما رجع إلى الابتداء والخبر لفظا مثل قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ) [الصافات : ٤٧] ، وليس ك (أنّ وليت ولعلّ) ؛ لأنها تغير معنى الابتداء (١).

__________________

(١) تعمل «لا» عمل «إنّ» بستّة شروط :

(أ) أن تكون نافية.

(ب) أن يكون المنفّي بها الجنس ، ولو كانت لنفي الوحدة عملت عمل «ليس» نحو «لا رجل قائما بل رجلان» أمّا قولهم في المثل «قضيّة ولا أبا حسن لها» أي لا فيصل لها ، إذ هو كرّم الله وجهه كان فيصلا في الحكومات على ما قاله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أقضاكم عليّ ، فصار اسمه كالجنس المفيد لمعنى الفيصل ، وعلى هذا يمكن وصفه بالنكرة ، وهذا كما قالوا : «لكلّ فرعون موسى» أي لكل جبّار قهّار ، فيصرف فرعون وموسى لتنكيرهما بالمعنى المذكور.

(ج) أن يكون نفيه نصّا (وهو الذي يراد به النفي العام ، وقدّر فيه «من» الاسغراقية ، ؛ فإذا قلنا «لا رجل في الدار» وأنت تريد نفي الجنس لم يصح إلا بتقدير «من» فكان سائلا سأل : هل من رجل في الدار؟ فيقال : «لا رجل»).

(د) إلا يدخل عليها جار (وإن دخل عليها الخافض لم تعمل شيئا ، وخفضت النكرة بعدها نحو «غضبت من لا شيئ ، وشذ» جئت بلا شيء (بالفتح)

١٦٦

فصل : واختلفوا في خبر (لا) ، فقال سيبويه : هو مرفوع بالابتداء كما يرتفع قبل دخول :

(لا) وحجّته شيئان.

أحدهما : أنّه لمّا كان موضع (لا) واسمها رفعا كان الخبر مرفوعا على ذلك التقدير.

والثاني : أنّ (لا) ضعيفة جدا فلم تعمل في الاسمين بخلاف : (كان) و (إنّ).

وقال الأخفش : هو مرفوع ب (لا) ؛ لأنها اقتضت اسمين وعملت في أحدهما فتعمل في الآخر ك (إنّ) وعلى هذا تترتّب مسألة هي قول الشاعر (١) : [الوافر]

فلا لغو ولا تأثيم فيها ...

على قول سيبويه : (فيها) خبر عن الاسمين ، وعلى قول أبي الحسن هو خبر عن أحدهما وخبر الآخر محذوف.

__________________

. ـ (ه) أن يكون اسمها نكرة متّصلا بها (وإن كان اسمها معرفة ، أو نكرة منفصلا منها أهملت ، ووجب تكرارها ، نحو «لا محمود في الدّار ولا هاشم» ونحو : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) فإنّما لم تتكرّر مع المعرفة في قولهم «لا نولك أن تفعل» من النوال والتّنويل وهو العطية ، وهو مبتدأ ، وأن تفعل سدّ مسدّ خبره لتأول «لا نولك» بلا ينبغي لك أن تفعل).

(و) أن يكون خبرها أيضا نكرة.

(١) البيت كاملا :

ولا لغو ولا تأثيم فيها

ولا غول ولا فيها مليم

والبيت من شعر أمية بن أبي الصلت : (٥ ه‍ / ٦٢٦ م) وهو أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي.

شاعر جاهلي ، حكيم ، من أهل الطائف. قدم دمشق قبل الإسلام وكان مطلعا على الكتب القديمة ، يلبس المسوح تعبدا وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية ، ورحل إلى البحرين فأقام ثماني سنين ظهر في أثنائها الإسلام. وعاد إلى الطائف فسأل عن خبر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقدم مكة وسمع منه آيات من القرآن وسألته قريش رأيه فقال : أشهد أنه على الحق. قالوا : فهل تتبعه؟ فقال : حتى أنظر في أمره.

ثم خرج إلى الشام وهاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلى المدينة وحدثت وقعة بدر وعاد أمية يريد الإسلام فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خال له فامتنع وأقام في الطائف إلى أن مات.

أخباره كثيرة وشعره من الطبقة الأولى ، إلا أن علماء اللغة لا يحتجون به لورود ألفاظ فيه لا تعرفها العرب. وهو أول من جعل في مطالع الكتب باسمك اللهمّ ، فكتبتها قريش.

١٦٧

فصل : إذا وصفت اسم (لا) قبل الخبر ففيه ثلاثة أوجه :

١ ـ أحدها : النصب بالتنوين حملا على موضع اسم (لا) كما حملت صفة المنادى المبنيّ على موضعه فنصبت ولم تبن الصفة كما لم تبن صفة المنادى.

٢ ـ والثاني : الرفع والتنوين حملا على موضع (لا) واسمها إذ موضعها رفع على ما تقدّم.

٣ ـ والثالث : الفتح بغير تنوين ، وفي ذلك وجهان :

أ ـ أحدهما : أنّها فتحة بناء وأنّما فعلوا ذلك ؛ لأن الصفة والموصوف كالشيء الواحد ؛ ولهذا قد لزمت في بعض المواضع كما تلزم الصلة نحو قولهم : يا أيّها الرجل ، وكقولهم : مررت بخلف الأحمر ، ولو لا ذكر : (الأحمر) لم تعلم أنّ المراد : (خلف) المعروف بالعلم أو غيره ولّما جرتا مجرى الشيء الواحد بنوهما قبل دخول (لا) كما بني : (خمسة عشر) وكما بنوا : (ابن أمّ) و (زيد بن عمرو) فيمن فتح الدال ثّم أدخلوا عليه حرف النداء دخلت : (لا) على اسم مركّب مبنيّ ولا يجوز أن تكون : (لا) دخلت عليهما وهما معربان فبنيتا معها ؛ لأن ذلك يوجب جعل ثلاثة أشياء كشيء واحد ولا نظير له.

ب ـ والوجه الثاني : أن تجعل فتحة الصفة فتحة إعراب وحذفت التنوين ليشاكل لفظ الصفة لفظ الموصوف كما أنّهم جعلوا : (كلا) و (كلتا) بلفظ التثنية إذا أضيفت إلى المضمر ؛ لأنّها في ذلك الموضع تتبع ما قبلها من المثنّى وهذا على مذهب من جعل اسم : (لا) معربا أظهر.

فصل : فإن جاءت الصفة بعد الخبر جاز فيها الرفع والنصب بالتنوين على ما تقدّم ولم يجز البناء للفصل بينهما بالخبر.

فصل : إذا عطفت على اسم (لا) ولم تكرّر كان لك في المعطوف الرفع على موضع (لا) واسمها كما ذكرنا في الصفة والنصب بالتنوين قياسا على الصفة أيضا.

ولا يجوز بناؤه ؛ لأن لفظ : (لا) غير موجود معه ولا يجوز بناؤه بسبب (لا) المتقدّمة ؛ لأن ذلك يفضي إلى جعل أربعة أشياء كشيء واحد.

١٦٨

فصل : فإن عطفت عليه معرفة لم يحز فيها النصب ؛ لأن (لا) لا تعمل في المعارف بل ترفعه على الموضع كقولك : لا غلام لك والعبّاس ، وكذلك إن ذكرت (لا) فقلت : (ولا العبّاس) ورفعه على الموضع.

فصل : ؛ فإذا كرّرت (لا) مع المعطوف جاز فيها عدّة أوجه (١) :

__________________

(١) إذا تكرّرت «لا» ب دون فصل نحو «لا حول ولا قوّة إلا بالله» فلك في مثل هذا التركيب خمسة أوجه :

(أحدها) فتح ما بعدهما ، (ووجهه أن تجعل «لا» فيهما عاملة كما لو انفردت ، ويقدر بعد ـ هما خبر لهما معا ، أي لا حول ولا قوة لنا ويجوز أن يقدر لكل منهما خبر) ، وهو الأصل نحو : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ) (الآية «٢٥٤» من سورة البقرة) بفتحهما بقراءة ابن كثير وأبي عمرو.

(الثاني) رفع ما بعدهما ، (ووجهه أن تجعل «لا» الأولى ملغاة لتكرّرها ، وما بعدها مرفوع بالابتداء ، أو على إعمال «لا» عمل ليس ، وعلى الوجهين ف «لنا» خبر عن الاسمين ، إن قدّرت «لا» الثانيه تكرارا للأولى ، وما بعدها معطوف ، فإن قدّرت الأولى مهملة والثّانية عاملة عمل ليس أو بالعكس ف «لنا» خبر عن إحداهما وخبر الأخرى محذوف) ، كالآية المتقدّمة في قراءة الباقين (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ) وقول عبيد الراعي :

وما هجرتك حتّى قلت معلنة

لا ناقة لي في هذا ولا جمل

برفع ناقة وجمل ، والمعنى : ما تركتك حتّى تبرأت منّي ، وقوله «لا ناقة لي ولا جمل» مثل ضربه لبراءتها منه.

(الثالث) فتح الأوّل ورفع الثّاني (ووجهه أنّ «لا» الأولى عاملة عمل «إن» و «لا» الثانية زائدة وما بعدها معطوف على محل «لا» الأولى مع اسمها ، ويجوز عند سيبويه أن يقدّر لهما خبر واحد ، وعند غيره لا بدّ لكلّ واحد من خبر) كقول هنيّ بن أحمر الكناني :

هذا لعمركم الصّغار بعينه

لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب

وقول جرير يهجو نمير بن عامر :

بأي بلاء يا نمير بن عامر

وأنتم ذنابى لا يدين ولا صدر

(«بأي» متعلق بمحذوف تقديره : بأي بلاء تفتخرون وأراد «بالذّنابى» الأتباع ، والمعنى لستم برءوس بل أتباع ، لا يدين لكم ولا صدر).

(الرابع) رفع الأوّل وفتح الثاني (ووجهه أن «لا» الأولى ملغاة ، أو عملها عمل ليس ، و «لا» الثانية عاملة عمل «إن» وتقدير الخبر في هذا الوجه كالذي قبله سواء على المذهبين) كقول أميّة بن أبي الصّلت :

فلا لغو ولا تأثيم فيها

وما فاهوا به أبدا مقيم

(اللغو : الباطل ، «التأثيم» من أثّمته : إذا قلت له أثمت ، والمعنى : ليس في الجنة قول باطل ولا تأثيم أحد لأحد).

(الخامس) فتح الأوّل ونصب الثاني (وجهه أن «لا» الأولى عاملة عمل «إن» و «لا» الثانية زائدة ، وما بعدها منصوب منون بالعطف على محلّ اسم «لا» الأولى.) كقول أنس بن العباس بن مرداس السلمي :

١٦٩

١ ـ أحدها : أن تبني الاسمين على أن تجعل (لا) الثانية غير مزيدة كالأولى والواو عاطفة جملة على جملة.

٢ ـ والثاني : أن تبني الأوّل على أصل الباب تنصب الثاني وتنّونه ، وتجعل (لا) زائدة كما زيدت في قولك : (ما لي دينار ولا درهم) فإنّها مزيدة لتوكيد النفي.

٣ ـ والثالث : أن تبنى الأوّل على الأصل وترفع الثاني على ثلاثة أوجه :

أ ـ أحدها : أن تجعل (لا) زائدة وتحمل المعطوف على الموضع

ب ـ والثاني : أن تجعل (لا) عاملة عمل (ليس) فيكون اسمها مرفوعا وخبرها منصوبا ، وقد أجازوا ذلك إذا كان الاسم نكرة كما قال : [مجزوء الكامل]

من صدّ عن نيرانها

فأنا ابن قيس لا براح

أي : ليس لنا براح. وقال العجّاج : [الرجز]

تالله لو لا أن تحشّ الطبّح

بي الجحيم حين لا مستصرخ

وحمل (لا) على (ليس) قويّ في القياس ؛ لأنها نافية مثلها ، وإذا جاز قياسها على (إنّ) في العمل ـ مع أنّها نقيضتها ـ فحملها على نظيرتها أولى.

ج ـ والثالث : أن تلغي (لا) ويكون ما بعدها مبتدأ وخبرا على ما يوجبه القياس فيها.

ح ـ والوجه الرابع : أن ترفع الاسمين وتجعل (لا) الأولى على ما ذكرناه في رفع الثانية من حملها على : (ليس) وإلغائها.

خ ـ والخامس : أن ترفع الأولى على ما ذكرنا وتبني على أصل الباب (١).

__________________

لا نسب اليوم ولا خلّة

اتّسع الخرق على الرّاقع

(الخلّة : الصداقة. الخرق : الفتق). وهو أضعف تلك الأوجه.

(١) العطف على اسم «لا» من غير تكرارها : إذا لم تتكرّر «لا» وعطفت على اسمها ، وجب فتح الأوّل وجاز في الثاني النّصب عطفا على اسم لا ، والرفع عطفا على محل «لا» مع اسمها ، وامتنع الفتح لعدم ذكر «لا» كقول رجل من بني عبد مناة يمدح مروان وابنه عبد الملك :

فلا أب وابنا مثل مروان وابنه

إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا

(يجوز «وابن» بالرفع ، ومعنى «ارتدى» لبس الرداء و «تأزر» لبس الإزار).

١٧٠

فصل : فإن كان اسم (لا) مثنّى أو مجموعا كان بالياء والنون ، أمّا : (الياء) فإنّها تدلّ على النصب في المعرب فجعلت ههنا دلالة على موضع المنصوب وعلى لفظ الفتح الذي في اسم (لا) كما قالوا في المنادى : يا زيدان أقبلا ، واختلفوا هل هذا اسم معرب أو مبنيّ على ما كان عليه في الإفراد.

فقال الخليل وسيبويه : هو على ما كان عليه ؛ لأن العلّة الموجبة للبناء قائمة ولا مانع منه والمثّنى يكون مبنيا كما في باب النداء ، و (النون) ليست بدلا من الحركة والتنوين في كلّ موضع على ما يبيّن في باب التثنية.

وقال أبو العبّاس هما معربان لوجهين :

أحدهما : أنّه ليس شيء من المركّبات ثنّيّ فيه الاسم الثاني وجمع.

والثاني : أنّ المثنّى في حكم المعطوف والعطف يمنع من البناء والذي ذكره غير لازم فإنّ المركّب إذا سمّي به صحّت تثنية الاسم الثاني وجمعه كما لو سمّيت رجلا ب (حضرموت) ، فإنّك تقول في التثنية والجمع : جاءني حضرموتان وحضرموتون ، وأمّا جعل التثنية كالمعطوف فذاك في المعنى لا في اللفظ.

فصل : وإذا دخلت (لا) على المعرفة لم تعمل فيها ولزم تكريرها كقولك : لا زيد في الدار ولا عمرو ، وإنّما لم تعمل هنا لبطلان شبهها ب (إنّ) ، وإنّما لزم التكرير ؛ لأنه جواب من قال : أزيد في الدار أم عمرو؟ فلو قلت : لا. مقتصرا عليها لم يطابق الجواب السؤال ، وكذا لو قلت : لا زيد. لم يستوف جواب السؤال.

فأمّا قولهم : لا نولك أن تفعل فجاز من غير تكرير حملا على المعنى ، والمعنى لا ينبغي لك.

فصل : فأمّا قولهم : (لا أبا لك) فالعرب يستعملونها على ثلاثة أوجه :

١ ـ الوجه الأول : (لا أب لك) بحذف الألف وهو الأصل ؛ لأن (لا) لا تعمل في المعرفة و (اللام) تقطع الاسم عن الإضافة فيبقى نكرة و (أب) و (أخ) وبابهما تحذف لاماتها في الإفراد.

٢ ـ والوجه الثاني : (لا أبا لك) بإثبات الألف ، وفي ذلك ثلاثة أوجه :

١٧١

أ ـ أحدها : أنّه جاء على لغة من قال : (لا أبا) في كلّ حال كالمقصور

ب ـ والثاني : أنّ الألف نشأت عن إشباع فتحة الباء

ج ـ والثالث : أنّ (اللام) في حكم الزائدة من وجه فكأنّ (الأب) مضاف إلى الكاف ولام هذا الاسم ترجع في الإضافة وهي أصل من وجه ، وذلك أنّ (لا) لا تعمل في المعارف ، وقد عملت ههنا فوجب أن تكون اللام مبطلة للإضافة وهذا كما قالوا : [البسيط]

... (١) يا بؤس للجهل

[وقالوا أيضا من البسيط :]

يا بؤس للحرب (٢) ...

__________________

(١) البيت كاملا :

قالت بنو عامر خالوا بني أسد

يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام

وهو من شعر النابغة الذبياني : (١٨ ق. ه / ٦٠٥ م) وهو زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري ، أبو أمامة.

شاعر جاهلي من الطبقة الأولى ، من أهل الحجاز ، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة.

كان حظيا عند النعمان بن المنذر ، حتى شبب في قصيدة له بالمتجردة (زوجة النعمان) فغضب منه النعمان ، ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام ، وغاب زمنا. ثم رضي عنه النعمان فعاد إليه. شعره كثير وكان أحسن شعراء العرب ديباجة ، لا تكلف في شعره ولا حشو. عاش عمرا طويلا.

(٢) البيت كاملا :

يا بؤس للحرب يذكي نارها شره

يدعو إلى موبقات كلّها نقم

والبيت من شعر مصطفى الغلاييني : (١٣٠٣ ـ ١٣٦٤ ه‍ / ١٨٨٦ ـ ١٩٤٤ م) وهو مصطفى بن محمد سليم الغلاييني.

شاعر من الخطباء الكتاب من أعضاء المجمع العلمي العربي مولده ووفاته ببيروت وتعلم بها وبمصر وتتلمذ على يد الشيخ محمد عبده سنة ١٣٢٠ ه‍. ولما كان الدستور العثماني أصدر مجلة النبراس سنتين ببيروت ووظف فيها أستاذا للعربية في المدرسة السلطانية أربع سنوات. وعين خطيبا للجيش العثماني الرابع في الحرب العالمية الأولى فصحبه من دمشق مخترقا الصحراء إلى ترعة السويس من جهة الإسماعيلية وحضر المعركة والهزيمة.

وعاد إلى بيروت مدرسا وبعد الحرب أقام مدة بدمشق وتطوع للعمل بجيشها العربي وعاد إلى بيروت فاعتقل بتهمة الاشتراك في مقتل أسعد بك المعروف بمدير الداخلية سنة ١٩٢٢ وأفرج عنه فرحل إلى شرقي الأردن.

١٧٢

ولا يجوز ذلك في غير اللام ؛ لأنها القاطعة للإضافة في هذا المعنى.

٣ ـ واللغة الثالثة : (لا أبالك) بحذف اللام وهي أشدّها وأبعدها عن القياس والوجه فيها أنّه حذف : (اللام) وهو يريدها فهي في حكم الملفوظ به كما في قولهم : [الطويل]

... ولا ناعب إلا ببين غرائبها

وكما قيل لرؤبة : كيف أصبحت؟ فقال : خير إن شاء الله ، أراد بخير ومثل ذلك قولهم : (لا يدي لك بفلان) و (هذا قميص لا كمّي له) فحذف النون ههنا وإثبات الياء على الوجه. المقدّم.

فإن فصلت بين اللام وبين الاسم الأوّل ثبتت النون ؛ لأن ذلك يمنع من الإضافة ، وأمّا (لك) في قولك : (لا أبا لك) ففيها ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تجعلها الخبر.

والثاني : أن تجعلها صفة للاسم في موضع نصب أو رفع وتتعلق بمحذوف.

والثالث : أن تجعلها للتبيين والتقدير ، أعني لك والقول المحقّق في : (لا أبا لك) أنّ اللام في حكم الزائدة من وجه والاسم مضاف إلى (الكاف) ولم يعرّف ؛ لأن المعنى لا مثل أبيك كما قالوا : [الرجز]

لا هيثم الليلة للمطيّ

فصل : فإن أدخلت همزة الاستفهام على (لا) لم تغير حكم (١) (لا) في جميع ما ذكرنا ، إلا أنّ سيبويه يختار في الخبر النّصب فيقول : ألا رجل أفضل منك وإن قلت : ألا رجلا ، فعلى

__________________

ـ فعهد إليه أميرها الشريف عبد الله بتعليم ابنيه فمكث مدة وانصرف إلى بيروت فنصب رئيسا للمجلس الإسلامي فيها وقاضيا شرعيا إلى أن توفي.

من كتبه : (نظرات في اللغة والأدب ـ ط) و (عظة الناشئين ـ ط) ، و (لباب الخيار في سيرة النبي المختار ـ ط) ، و (الدروس العربية ـ ط) ، و (ديوان الغلاييني ـ ط) وغيرها من الكتب المثيرة.

(١) إذا دخلت همزة الاستفهام على «لا» لم يتغيّر الحكم ، ثمّ تارة يكون الحرفان باقيين على معناهما وهو قليل ، كقول قيس بن الملوّح :

ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد

إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي

١٧٣

معنى التمنّي ، أي : لا أجد ، وإن قلت : ألا رجل يكرمنا ، فهو على ما كان عليه قبل الهمزة في اللفظ.

واختلفوا في موضع الاسم فسيبويه يرى أنّه منصوب بما في (ألا) من معنى التمنّي ولم يغيّر اللفظ كما أن قولك : رحمه‌الله لفظه على شيء ومعناه على شيء آخر ، فعلى هذا القول لا يجوز رفع الصفة كقولك : ألا ماء باردا أشربه ، وقال أبو العباس : موضعه على ما كان عليه قبل الهمزة ورفع صفته جائز.

فصل : وأما (ألا) التي للتخضيض فكلمه واحدة وما بعدها منصوب بفعل مضمر ، ويأتي ذكر ذلك في المنصوبات إن شاء الله.

__________________

ـ («ألا» هو مجرد الاستفهام عن النفي ، والحرفان باقيان على معناهما وهو قليل «لسلمى» متعلّق بخبر محذوف تقديره : حاصل ، المعنى : إذا لاقيت ما لآقاه أمثالي من الموت ، هل عدم الاصطبار ثابت لسلمى أم لها تجلّد وتثبّت ، وأدخل «إذا» الظّرفية على المضارع بدل الماضي وهو قليل) وتارة يراد بهما التّوبيخ أو الإنكار وهو الغالب كقوله :

ألا ارعواء لمن ولّت شبيبته

وآذنت بمشيب بعده هرم

(«ألا» الهمزة للاستفهام و «لا» لنفي الجنس قصد بها التّوبيخ والإنكار «ارعواء» اسمها والخبر محذوف ، ومعناه : الانكفاف عن القبيح).

ومثله قول حسّان بن ثابت :

حار بن عمرو ألا أحلام تزجركم عنّا وأنتم من الجوف الجماخير (الجوف : جمع أجوف وهو الواسع الجوف ، وقال ابن الشجري : هو الذي لا رأي له ولا حزم ، والجماخير : جمع جمخور : العظيم الجسم القليل العقل) وجاء خبر «ألا» جملة فعلية.

وتارة يراد بها التمني وهو كثير كقوله :

ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه

فيرأب ما أثأت يد الغفلات

(«ألا» كلمة واحدة للتمني ، وقيل الهمزة للاستفهام دخلت على «لا» التي لنفي الجنس ولكن أريد به التمني «عمر» اسمها مبني على الفتح وجملة «ولّى» صفة له ، وكذا جملة «مستطاع رجوعه» صفة أخرى وقوله «فيرأب» بالنصب جواب التمني من رأبت الإناء إذا أصلحته ، ومعنى «أثأث» أفسدت).

فعند سيبويه والخليل أن «ألا» هذه بمنزلة «أتمنّى» فلا خبر لها ، وبمنزلة «ليت» فلا يجوز مراعاة محلّها مع اسمها ، ولا إلغاؤها إذا تكرّرت ، وخالفهما المازني والمبرّد فجعلاها كالمجرّدة من همزة الاستفهام. وهذه الأقسام الثّلاثة مختصّة بالدّخول على الجملة الاسميّة.

١٧٤

فصل : فإن استثيت بعد : (لا) رفعت المستثنى كقولك : لا إله إلا الله ؛ لأنه بدل من الموضع ، وقد بطل عمل : (لا) بالإثبات والتقدير لا إله في الوجود إلا الله أي الله وحده الإله.

فصل : وأمّا قولهم : جئت بلا شيء وغضبت من لا شيء ف (لا) فيه حرف عند البصريّين ولم تمنع تعدّي العامل إلى ما بعدها ؛ لأنها زيادة في اللفظ دون المعنى ، وقال بعضهم : هي اسم بمعنى : (غير) وتجرّ بالإضافة ، وأمّا قول الشاعر : [الطويل]

أبي جوده لا البخل واستعجلت به

نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله

فيروى : (البخل) بالجرّ على أنّه جعل (لا) اسما وأضافها إلى كلمة البخل وبالنصب بدلا من (لا) وبالرفع على إضمار (هو).

فصل : وأمّا قولهم : (لا خير بخير بعده النار ولا شرّ بشرّ بعده الجنّة) ففيه قولان :

أحدهما : أنّ قوله : (بخير) خبر (لا) و (بعده) صفة الخبر والباء بمعنى (في).

والثاني : أنّ (بعده) صفة اسم (لا) و (بخير) خبره مقدّم والباء زائدة ، والتقدير : لا خير بعده النار خير.

١٧٥

باب ظن وأخواتها

هذه الأفعال من عوامل المبتدأ والخبر ؛ ولذلك احتاجت إلى مفعولين ، فالأوّل ما كان مبتدأ ، والثاني ما صلح أن يكون خبرا (١).

وإنّما نصبتهما ؛ لأنّهما جاءا بعد الفعل والفاعل والذي تعلّق به الظن منهما هو المفعول الثاني ، وذكر المفعول الأوّل ؛ لأنه محلّ الشيء المظنون لا لأنه مظنون ، ألا ترى أنّ قولك : ظننت زيدا منطلقا. (زيد) فيه غير مظنون ، وإنّما المظنون انطلاقه ، ولكن لو قلت : ظننت منطلقا لم يعلم الانطلاق لمن كان ، كما لو ذكرت الخبر من غير مبتدأ.

فإن قيل : فلماذا دخلت هذه الأفعال على المبتدأ والخبر لتحدث في الجملة معنى الظنّ والعلم اللذين لم يتحقق معناها في المبتدأ والخبر ، ألا ترى أنّ قولك : (زيد منطلق) يجوز أن تكون قلت ذلك عن ظن وأن تكون قلته عن علم ؛ فإذا قلت : ظننت أو علمت صّرحت بالحقيقة وزال الاحتمال.

فصل : وإذا ذكرت هذه الأفعال مع فاعلها لم يلزم ذكر المفعولين ؛ لأن الجملة قد تّمت ولكن تكون الفائدة قاصرة ؛ لأن الغرض من ذكر الظن المظنون ؛ فإذا أردت تمام الفائدة ذكرت المفعولين لتبيّن الشي المظنون والذي أسند إليه المظنون ، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما ؛ لأن المفعول الأول إن اقتصرت عليه لم يعرف المقصود بهذه الأفعال وإن اقتصرت على الثاني لم يعلم إلى من أسند (٢).

__________________

(١) ظنّ ـ وهو لرجحان وقوع الشىء ـ كقول الشاعر :

ظننتك ، إن شبّت لظى الحرب ، صاليا

فعرّدت فيمن كان فيها معرّدا

وقد تكون لليقين ، كقوله تعالى(يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) وقوله (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ)» ، أي علموا واعتقدوا.

(فان كانت بمعنى ، «اتهم» فهي متعدية إلى واحد ، مثل «ظن القاضي فلانا» ، أي اتهمه والظنين والمظنون المتهم. ومنه قوله تعالى (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) أي متهم).

(٢) قد يتضمن القول معنى الظن ، فينصب المبتدأ والخبر مفعولين ، كما تنصبهما «ظنّ». وذلك بشرط أن يكون الفعل مضارعا للمخاطب مسبوقا باستفهام ، وأن لا يفصل بين الفعل والاستفهام بغير ظرف ، أو جار ومجرور ، أو معمول الفعل ، كقول الشاعر

متى تقول القلص الرّواسما

يحملن أمّ قاسم والقاسما

١٧٦

فصل : وحكم المفعول الثاني حكم الخبر في كونه مفردا وجملة وظرفا ، وفي لزوم العائد على المفعول الأوّل من المفعول الثاني على حسب ذلك في الخبر ؛ لأنه خبر في الأصل.

فصل : وإذا تقدّمت هذه الأفعال نصبت المفعولين لفظا أو تقديرا فاللفظ كقولك : ظننت زيدا قائما ، والتقدير في ثلاثة مواضع :

أحدها : أن يكون المبتدأ والخبر مفسّرا لضمير الشأن كقولك : ظننته زيد منطلق ، ظننت أي : الشأن والأمر فالجملة بعده في موضع نصب لوقوعها موقع المفعول الثاني كما كان ذلك خبر في خبر (كان).

والثاني : أن يكون المفعول الأوّل استفهاما كقوله تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) [الكهف : ١٢] فالجملة في موضع نصب ولم يعمل الظن في لفظ الاستقهام ؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام.

__________________

ـ ومثال الفصل بينهما بظرف زمانيّ أو مكانيّ «أيوم الخميس تقول عليّا مسافرا أو عند سعيد تقوله نازلا» ، قال الشاعر :

أبعد بعد تقول الدّار جامعة

شملي بهم؟ أم تقول البعد محتوما؟!

ومثال ما فصل فيه بينهما بالجارّ والمجرور «أبا الكلام تقول الأمّة بالغة مجد آبائها الأوّلين؟». ومثال الفصل بمعمول الفعل قول الشاعر :

أجهّالا تقول بني لؤيّ؟

لعمر أبيك ، أم متجاهلينا؟

فإن فقد شرط من هذه الشروط الأربعة ، تعيّن الرفع عند عامة العرب ، إلا بني سليم ، فهم ينصبون بالقول مفعولين بلا شرط.

ولا يجب في القول المتضمّن معنى الظن ، المستوفي الشروط ، أن ينصب المفعولين ، بل يجوز رفعهما على أنهما مبتدأ وخبر ، كما كانا.

وإن لم يتضمن القول معنى الظن فهو متعد إلى واحد. ومفعوله إمّا مفرد (أي غير جملة) ، وإمّا جملة محكيّة.

فالمفرد على نوعين مفرد في معنى الجملة ، نحو «قلت شعرا ، أو خطبة ، أو قصيدة أو حديثا» ، ومفرد يراد به مجرد اللفظ ، مثل «رأيت رجلا يقولون له خليلا» (أي يسمّونه بهذا الاسم) وأمّا الجملة المحكيّة بالقول ، فتكون في موضع نصب على أنها مفعوله ، نحو «قلت لا إله إلا الله».

وهمزة «إنّ» تكسر بعد القول العري عن الظن ، وتفتح بعد القول المتضمّن معناه.

١٧٧

والثالث : أن تدخل لام الابتداء على المفعول الأوّل كقوله : علمت لزيد منطلق ولا يجوز هنا غير الرفع ؛ لأن الفعل وإن كان مقدّما عاملا ، ولكنه ضعيف إذ كان من أفعال القلب ، والغرض منه : ثبوت الشك أو العلم في الخبر ، ومن ههنا أشبهت هذه الأفعال الحروف ؛ لأنها أفادت معنى في غيرها واللام وإن لم تكن عاملة ولكنها قويت بشيئين :

أحدهما : لزوم تصدرها كما لزم تصدّر الاستفهام والنفي.

والثاني : أنّها مختصّة بالمبتدأ ومحقّقة له ، وإذا كانت اللام أقوى من هذا الفعل في باب الابتداء ، وكانت الجملة التي دخلت عليها هذه الأفعال مبتدأ وخبرا في الأصل لزم أن يمنع من عمل ما قبلها فيما بعدها لفظا ؛ ولهذا كسرت (إنّ) لوقوع اللام في الخبر وهذا مع أنّها لم تتصدّر.

فصل : وإذا توّسطت بين المفعولين جاز الإعمال والإلغاء وإنّما كان كذلك ؛ لأنها ضعيفة لما ذكرنا من قبل ، وقد ازدادت ضعفا بالتأخير ، ألا ترى أنّ الفعل الذي لا يلغى إذا تأخر حسن دخول اللام على مفعوله كقولك : (لزيد ضربت) ولا يحسن : (ضربت لزيد) فقد ازراد ضعفها بالتأخير ، وبدئ باسم يصلح أن يكون مبتدأ إذ لا عامل لفظيّ قبله وبعده ، وما يصلح أن يكون خبرا عنه غير (ظننت) ، والغرض حاصل من الرفع كما يحصل من النصب فجاز إلغاء الظنّ كما أنّ القسم يلغى إذا توسّط أو تأخر ، وهذه الأفعال تشبه القسم في جواز تلقّيها بالجملة ، وذلك مع : (اللام) و (ما) نحو : علمت لزيد منطلق ، وكقوله تعالى : (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) [فصلت : ٤٨] وأمّا إعمالها فلأنّها فعل متصرّف فعملت مؤخرة كما تعمل مقدمة (١).

__________________

(١) الإلغاء إبطال عمل الفعل القلبيّ الناصب للمبتدأ والخبر لا لمانع ، فيعودان مرفوعين على الابتداء والخبر ، مثل «خالد كريم ظننت».

والإلغاء جائز في أفعال القلوب إذا لم تسبق مفعوليها. فإن توسطت بينهما فإعمالها وإلغاؤها سيّان. تقول «خليلا ظننت مجتهدا» و «خليل ظننت مجتهد». وإن تأخرت عنهما جاز أن تعمل وإلغاؤها أحسن ، تقول «المطر نازل حسبت» ، و «الشمس طالعة خلت». فإن تقدّمت مفعوليها ، فالفصيح الكثير إعمالها ، وعليه أكثر النّحاة ، تقول «رأيت الحقّ أبلج». ويجوز إهمالها على قلة وضعف ، وعليه بعض النّحاة ، ومنه قول الشاعر :

أرجو وآمل أن تدنو مودّتها

وما إخال لدينا منك تنويل

١٧٨

فصل : واختلفوا في الإعمال والإلغاء هنا هل هما سواء أم لا؟ فقال قوم : هما سواء لتعارض الدليلين اللذين ذكرناهما ، وقال آخرون : الإعمال أرجح ؛ لأن الفعل أقوى من الابتداء.

وأمّا إذا تأخّرت عن المفعولين فالإلغاء أقوى عند الجميع ؛ لأن المبتدأ قد وليه الخبر وازداد الفعل ضعفا بالتأخير بخلاف ما إذا توسّط ؛ لأن نسبته إلى الرتبة الأولى كنسبة إلى الرتبة الثالثة ، وإذا تأخّر صار بينه وبين الرتبة الأولى مرتبة وسطى.

فصل : وتنفرد هذه الأفعال عن بقية الأفعال بخمسة أشياء :

أحدها : إضمار الشأن فيها كما أضمر في (كان).

والثاني : تعليقها عن العمل في المواضع الثلاثة التي ذكرت.

__________________

وقول الآخر

كذاك أدّبت ، حتّى صار من خلقي

أنّي وجدت ملاك الشّيمة الأدب

والتعليق إبطال عمل الفعل القلبيّ لفظا لا محلا ، لمانع ، فتكون الجملة بعده في موضع نصب على أنها سادّة مسدّ مفعوليه ، مثل علمت لخالد شجاع».

فيجب تعليق الفعل ، إذا كان هناك مانع من إعماله. وذلك إذا وقع بعده أحد أربعة أشياء :

١ ـ ما وإن ولا النافيات نحو «علمت ما زهير كسولا. وظننت إن فاطمة مهملة. ودخلت لا رجل سوء موجود. وحسبت. لا أسامة بطيء ، ولا سعاد» ، قال تعالى (لَقَدْ عَلِمْتَ ، ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ).

٢ ـ لام الابتداء ، مثل علمت «لأخوك مجتهد. وعلمت إنّ أخاك لمجتهد». قال تعالى (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.)

٣ ـ لام القسم ، كقول الشاعر

ولقد علمت لتأتينّ منيّتي

إنّ المنايا لا تطيش سهامها

٤ ـ الاستفهام ، سواء أكان بالحرف ، كقوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ؟) أم بالاسم ، كقوله عزوجل : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً؟ ،) وقوله : (لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً؟.) وسواء أكان الاستفهام مبتدأ ، كما في هذا الآيات ، أم خبرا ، مثل «علمت متى السّفر؟» ، أم مضافا إلى المبتدأ ، مثل «علمت فرس أيهم سابق؟» أم إلى الخبر ، مثل «علمت ابن من هذا؟».

وقد يعلق الفعل المتعدي ، من غير هذه الأفعال ، عن العمل ، كقوله تعالى : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) وقوله : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ)

وقد اختصّ ما يتصرّف من أفعال القلوب بالإلغاء والتّعليق. فلا يكونان في «هب وتعلم» ، لأنهما جامدان.

١٧٩

والثالث : جواز إلغائها إذا توسطت أو تأخرت ، وليس كذلك : (أعطيت) وبابه فإنّك لو قلت : زيد أعطيت درهم لم يجز.

والرابع : أنّه لا يجوز الاقتصار على أحد مفعوليها ، وقد ذكرت علّته.

والخامس : جواز اتّصال ضمير الفاعل والمفعول بها وهما لشيء واحد كقولك : ظننتني قائما ، ويذكر في موضعه.

فصل : وقد تكون (ظننت) بمعنى اليقين كقوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة : ٤٦] ، وقد تكون بمعنى : (اتّهمت) فتتعدّى إلى واحد ؛ لأن التهمة لنفس زيد لا لصفته ، وقد تكون علمت بمعنى : (عرفت) فتتعدّى إلى واحد كقوله تعالى : (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ) [الأنفال : ٦٠]؛ لأن المعرفة والجهالة تتعلّق بعين زيد لا بصفته وتكون : (رأيت) من رؤية البصر فتتعدى إلى واحد فإن جاء منصوب معها فهو حال (١).

وأمّا (حسبت) : (خلت) (٢) فبمعنى التوهّم لا غير ، وأمّا (زعمت) فهو عبارة عن القول المقرون بالاعتقاد ، وقد تكون حقّا ، وقد تكون باطلا ، وأمّا (وجدت) فتكون بمعنى : (علمت) كقولك : وجدت الله عالما. وتكون بمعنى : (صادفت) فتتعدّى إلى واحد وتكون لازمة كقولك : وجدت عليه. أي : غضبت وحزنت.

فصل : وقد شبّه ب (ظننت) : (قلت) وللعرب فيه ثلاثة مذاهب :

أحدها : أن يعمل القول عمل الظنّ مع الاستفهام والخطاب والاستقبال كقولك : أتقول زيدا قائما ؛ لأن الغالب أنّ المستفهم شاكّ وأنّه يستفهم من بحضرته ليخبره ، ومنهم من يعملها في الخطاب خبرا كان الكلام أو استفهاما ، ومنهم من يعملها عمل الظنّ بكلّ حال.

__________________

(١) قد تكون لليقين والاعتقاد ، كقول الآخر

دعاني العواني عمّهنّ. وخلتني

لي اسم ، فلا أدعى به وهو أول

(أي دعونني عمّهنّ ، وقد علمت ان لي اسما ، افلا ادعي به وهو اول اسم لي. وياء المتكلم مفعول خال الاول ، وجملة «اسم» في موضع نصب على انها مفعوله الثاني).

(٢) «حسب» ـ وهي للرّجحان ، بمعنى «ظنّ» ـ كقوله تعالى (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ،) وقوله (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ.) وقد تكون لليقين ، كقول الشاعر

حسبت التّقى والجود خير تجارة

رباحا ، إذا ما المرء أصبح ثاقلا

١٨٠