إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٣

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

كواكب منك بليل الكفاح

تحف بنيرها الباهر

لهم أنت قطب وغى ثابت

وهم لك كالفلك الدائر

ظماء الجياد ولكنهم

رأوا المثقف والباتر

كماة تلقّب أرماحهم

برضاعة الكبد الواغر

وتسمى سيوفهم الماضيات

لدى الروع بالأجل الحاضر

فان سدّدوا السمر حكّوا السماء

وسدّوا الفضاء على الطائر

وإن جردوا البيض فالصافنات

تعوم ببحر دم زاخر

فثمة طعن قنا لا تقيل

أسنتها عثرة الغادر

وضرب يؤلف بين النفوس

وبين الردى ألفة القاهر

ألا أين أنت أيا طالبا

بماضي الذحول وبالغابر

وأين المعد لمحو الضلال

وتجديد رسم الهدى الداثر

وناشر راية دين الإله

وناعش جد التقى العاثر

ويا ابن العلى ورثوا كابرا

حميد المآثر عن كابر

ومدحهم مفخر المادحين

وذكرهم شرف الذاكر

ومن عاقدوا الحرب أن لا تنام

عن السيف عنهم يد الشاهر

تدارك بسيفك وتر الهدى

فقد أمكنتك طلى الواتر

كفى أسفا أن يمرّ الزمان

ولست بناه ولا آمر

وأن ليس أعيننا تستضىء

بمصباح طلعتك الزاهر

على أن فينا اشتياقا إليك

كشوق الربا للحيا الماطر

عليك إمام الهدى غرّما

غدا البر تلقى من الفاخر

لك الله حلمك غرّ النعام

فأنساهم بطشة القادر

وطول انتظارك فت القلوب

وأغضى الجفون على عائر

فكم ينحت الهمّ أحشاءنا

وكم تستطيل يد الجائر

٩٠١

وكم نصب عينك يا بن النبي

نساط بقدر البلا الفائر

وكم نحن في لهوات الخطوب

نناديك من فمها الفاغر

ولم تك منا عيون الرجا

ء بغيرك معقودة الناظر

أصبرا على مثل حزّ المدى

ونفحة جمر الغضا الساغر

أصبرا وهذا تيوس الضلال

قد أمنت شفرة الجازر

أصبرا وسرب العدى واقع

يروح ويغدو بلا ذاعر

نرى سيف أولهم منتضى

على هامنا بيد الآخر

به تعرّق اللحم منا وفيه

تشظّى العظام يد الكاسر

وفيه يسوموننا خطّة

بها ليس يرضى سوى الكافر

فنشكو إليهم ولا يعطفون

كشكوى العقيرة للعاقر

وحين البطان التقت حلقتاه

ولم نر للبغي من زاجر

عججنا إليك من الظالمين

عجيج الجمال من الناحر

مستدرك

فضائل ومناقب سيدنا الامام صاحب الزمان ابن الحسن العسكري عجل الله

تعالى فرجه الشريف

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج ١٣ ص ٥٨ وج ١٩ ص ٦٣٢ وج ٢٩ ص ٨٨ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة :

فمنهم الفاضل المعاصر الهادي حمّو في «أضواء على الشيعة» (ص ١٤١ ط دار العربي) قال :

الامام محمد بن الحسن الحجة المهدي المنتظر (٢٦٥ ه‍ ـ ٨٧٨ م) كان ميلاد الامام

٩٠٢

الثاني عشر من أئمة آل البيت في ليلة النصف من شعبان سنة ٢٦٥ ه‍ (١) بسامراء أيام الخليفة المعتمد ... وتحمل محمد بن الحسن المهدي الامامة في رأي الشيعة وهو ابن خمس سنين إذ توفي الحسن العسكري والده وتركه في تلك السن فآتاه الله الحكمة وفصل الخطاب وجعله آية للعالمين كما جعل يحيى إماما في حالة طفولته وعيسى نبيا وهو في المهد ، ثم كان له غيبتان صغرى وكبرى طولى : الاولى كان يحتجب فيها عن الناس إلّا عن الخاصة ، واتصاله فيها بسائر شيعته كان عن طريق السفراء الذين يتلقون الأسئلة ويبلغونها ثم يصدرون الاجابة عنها موقعة منه إلى أصحابها السائلين ، وتداول السفارة أربع وكلاء : أولهم عثمان بن عمر الأسدي ثم ولده محمد عثمان ثم الحسين بن روح النوبختي ثم علي بن محمد السمري.

وأما الغيبة الكبرى أو الكاملة فهي حدثت في مثل الليلة التي ولد فيها منتصف شعبان سنة ٣٢٨ ه‍ وانقطعت كل الاتصالات والسفارة بينه وبين الشيعة في عهد الوكيل الرابع الذي كان مجيئه في زمن شدة ، وربما شعر بأن السنوات التي مرّت على موت آخر الأئمة كانت مليئة بالجور والظلم وسفك الدماء وأن الامام لا بد أن يظهر أو ربما أدرك الخيبة فشعر بتفاهة منصبه وعدم حقيقته كوكيل معتمد لدى الامام المنقرض ، ومهما كان فقد سئل أن يعيش وصيه من بعد فقال : لله أمر هو بالغه.

ولكن هذا الرأي لمستشرق يحاول تحليل عقيدة الشيعة ، أما الشيعة أنفسهم فهم يعتقدون بحجة المهدي وبقاء سلطته الروحية وإن كان غائبا فيمكن أن يراسل بكتابة صيغة معينة توضع عند قبر آخر الأئمة ، أو تطوى وتختم في طين ثم تلقى في البحر أو بئر عميقة فتصل الامام الغائب فينظر فيها. وقد جعل الله هذا الأمر في غيبته الصغرى سنّة من يوسف إذ ظن إخوانه أنه قد هلك.

ولقد قالوا : إن الامام الصادق سئل عن المهدي فقال : إن الله جعل في القائم منا

__________________

(١) وتاريخ ميلاده الشريف سنة ٢٥٥ أو ٢٥٦ ه‍ وما ذكره في المتن من سنة ٢٦٥ هو اشتباه ـ أو اتفق التقدم والتأخر في العددين الأولين.

٩٠٣

سننا من سنن أنبيائه : سنة من نوح طول العمر ، وسنة من إبراهيم خفاء الولادة واعتزال الناس ، وسنة من موسى الخوف والغيبة ، وسنة من عيسى اختلاف الناس فيه يقولون : مات ولم يمت ، قتل ولم يقتل ، وسنة من أيوب الفرج بعد البلاء ، ثم سنة من محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم الخروج بالسيف يقتدى بهداه ويسير المسلمون بسيرته. وقد تناول العلماء ومنهم ابن خلدون نقد الأحاديث المروية في المهدي المنتظر والتي لا توجد في صحيحي البخاري ومسلم ، وإنما أخرجها الترمذي وأبو داود والحاكم والبزاز وابن ماجة والطبراني وأبو يعلى الموصلي مسندة إلى جماعة من الصحابة منهم علي وابن عباس وابن عمر وطلحة وابن مسعود وأبو هريرة.

ومنهم الدكتور علي محمد جماز في «مسند الشاميين من مسند الامام أحمد بن حنبل» (ج ٢ ص ٢٤٢ ط دار الثقافة الدوحة دولة قطر) قال :

حدثنا عبد الله حدثني أبي ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي نضرة قال : أتينا عثمان بن أبي العاص في يوم جمعة لنعرض عليه مصحفا لنا على مصحفه ، فلما حضرت الجمعة أمرنا فاغتسلنا ثم أتينا بطيب فتطيبنا ، ثم جئنا المسجد فجلسنا إلى رجل فحدثنا عن الدجال ، ثم جاء عثمان بن العاص فقمنا إليه فجلسنا فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : يكون للمسلمين ثلاثة أمصار ، مصر بملتقى البحرين ، ومصر بالحيرة ، ومصر بالشام فيفزع الناس ثلاث فزعات ، فيخرج الدجال في أعراض الناس فيهزم من قبل المشرق فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين فيصير أهله ثلاث فرق فرقة تقول : نشامه وننظر ما هو ، وفرقة تلحق بالأعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ، ومع الدجّال سبعون ألفا عليهم السيجان وأكثر تبعه اليهود والنساء ثم يأتي المصر الذي يليه ، فيصير أهله ثلاث فرق فرقة تقول : نشامه وننظر ما هو ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغربي الشام وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق فيبعثون سرحهم ، فيصاب سرحهم فيشتد ذلك عليهم وتصيبهم مجاعة شديدة ، وجهد شديد حتى أن أحدهم

٩٠٤

ليحرق وتر قوسه فيأكله فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من السحر : يا أيها الناس أتاكم الغوث ثلاثا فيقول بعضهم لبعض : إن هذا لصوت رجل شبعان ، وينزل عيسى بن مريم عليه‌السلام عند صلاة الفجر. فيقول له أميرهم : روح الله تقدم صل فيقول : أمراء بعضهم على بعض فيتقدم أميرهم فيصلي فإذا قضى صلاته أخذ عيسى حربته فيذهب نحو الدجال فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص فيضع حربته بين ثندوتيه فيقتله ، وينهزم أصحابه فليس يومئذ شيء يواري منهم أحدا حتى أن الشجرة لتقول : يا مؤمن هذا كافر ، ويقول الحجر : يا مؤمن هذا كافر.

(أ) رواته : ثقات ، خلا علي بن زيد بن جدعان ، مختلف فيه ، ضعفه أحمد ووثقه غيره ، أبو نصرة العبدي هو المنذر بن مالك بن قطعة.

(ب) درجته : إسناده حسن.

ومنهم الفاضل المعاصر أبو ياسر عصام الدين بن غلام حسين في «التصنيف الفقهي لأحاديث كتاب الكنى والأسماء ـ للدولابي» (ج ٢ ص ٦٨٩ ط دار الكتاب المصري بالقاهرة ودار الكتاب اللبناني في بيروت) قال :

قال أبو بشر : وأبو الأسود عبد الرحمن بن عامر يحدث عنه الهيثم بن خارجة قال حدثنا أبو الأسود عن عاصم عن زر قال : قال عبد الله : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لن تنقضي الدنيا حتى يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

وقال في ص ٦٩٠ : حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا أبو الحسن السكن بن نافع عن عمران بن حدير قال : سمعت أبا كثير رفيع يقول : سمعت أبا حسن عليا عليه‌السلام يقول : يملأن الأرض ظلما وجورا ويدخل على كل بيت خوف وظلم وحرب ويسئلون درهما أو خرزتين فلا يعطونه ثم يملأ الأرض قسطا وعدلا.

حدثنا أحمد بن شيبان الرملي قال : حدثني محمد بن حبيب الجدي بجدة عن

٩٠٥

خالد أبي الهيثم الطحان قال : حدثنا مطرف عن ابن السفر عن شيخ من النخع قال : سمعت عليا يقول وهو على المنبر إني أرى أهل الشام على باطلهم أشد اجتماعا منكم على حقكم والله لتطئون هكذا وهكذا ثم يضرب برجله عن المنبر حتى يسمع صوته آخر المسجد ثم ليستعملن عليكم اليهود والنصارى حتى تنفوا يعني إلى أطراف الأرض ثم لا يرغم الله إلّا بآنافكم ثم والله ليبعثن الله رجلا منا أهل البيت يملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.

ومنهم عدة من الفضلاء المعاصرين في «فهرس أحاديث وآثار المصنف ـ للشيخ عبد الرزاق الصنعاني» (ج ٢ ص ٨٧٣ ط بيروت) قال :

لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية ـ علي بن عبد الله بن عباس الجامع ٢٠٧٧٥. ١١ / ٣٧٣.

ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في «فهارس أحاديث وآثار مسند الامام أحمد بن حنبل» (ج ١ ص ١٠ ط بيروت) قال :

أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس.أبو سعيد الخدري ٣ / ٣٧ ، ٥٢.

وقال في ج ٢ ص ١٠٦٤ : المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ـ علي بن أبي طالب ١ / ٨٤.

وقال في ج ٢. ص ١٢٠٧ : لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي.

وقال أيضا : يواطئ اسمه اسمي ـ ابن مسعود.

وقال أيضا في ص ١٢٤٣ : لا يزال الدين قائما حتى يكون أحد عشر خليفة من قريش ـ جابر بن سمرة.

وقال أيضا في ص ١٣٠١ : يخرج رجل من عترتي.

وقال أيضا : يخرج المهدي في أمتي خمسا أو سبعا.

٩٠٦

كلمات أعلام العامة في شأنه صلوات الله عليه

فمنهم الشيخ العارف محي الدين محمد بن علي المالكي المشتهر بابن العربي المتوفى سنة ٦٣٨ ه‍ في «المناقب» المطبوع في آخر «شرح صلوات چهارده معصوم» (ص ٢٩٣) للشيخ فضل الله بن روزبهان الاصبهاني المتوفى ٩٢٧ ه‍ ـ قال ابن العربي :

وعلى سر السرائر العلية وخفي الأرواح القدسية معراج العقول موصل الأصول قطب رحى الوجود مركز دائرة الشهود كمال النشأة ومنشأ الكمال جمال الجميع ومجمع الجمال الوجود المعلوم والعلم الموجود السائل نحوه الثابت في الابود المحاذي للمرآة المصطفوية والمتحقق بالأسرار المرتضوية والمترشح بأنوار الالهية والمربي بالأسرار الربوبية الحقائق الوجودية قسّام الدقايق الشهودية الاسم الأعظم الالهي الحاوي للنشأة الغير المتناهي غواص يم الرحمانية مسلك آية الرحمية طور تجلى الالوهية نار شجرة الناسوتية ناموس الله الأكبر غاية البشر أب الوقت مولى الزمان الذي للخلق أمان ناظم مناظم السر والعلن أبي القاسم م ح م د بن الحسن صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ومنهم الحافظ أبو العلى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري الهندي المتوفى سنة ١٣٥٣ ه‍ في «تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي» (ج ٦ ص ٤٨٤ ط دار الفكر في بيروت) قال :

اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على المماليك الإسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره ، وأن عيسى عليه‌السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل من بعده فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في

٩٠٧

صلاته.

ومنهم المولوي ولي الله اللكنهوئي الهندي في «مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين» (ق ١٦٧ المخطوط) قال :

وفي الصواعق في تفسير قوله تعالى : وإنه يعلم الساعة قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين ان هذه الآية نزلت في المهدي ـ وسيأتي في الأحاديث المصرحة بأنه من أهل بيت النبوة وحينئذ في الآية دلالة على البركة في نسل فاطمة وعلي رضي‌الله‌عنهما وإن الله يخرج منهما كثيرا طيبا وان الله يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة ومن ذلك انه صلى‌الله‌عليه‌وآله أعاذها وذريتها من الشيطان الرجيم ودعا لعلي بمثل ذلك.

ومنهم العلامة أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي في «القناعة فيما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة» (ص ٥٦ ط مكتبة القرآن بالقاهرة) قال :

قال أبو الحسن الابري : قد تواترت الأخبار واستفاضت وكثرت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخروجه ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، وأنه يخرج مع عيسى عليه‌السلام ، فيساعده على قتل الدجال بباب له بأرض فلسطين ، وأنه يؤم هذه الامة ويصلي عيسى خلفه. انتهى.

ومنهم الفاضلة المعاصرة ليلى مبروك في كتابه «علامات الساعة الصغرى والكبرى» (ص ٥٣ ط المختار الإسلامي القاهرة) قالت :

وفي زمانه تكون الثمار كثيرة ، والزروع غزيرة ، والمال وافرا ، والسلطان قاهرا ، والدين قائما ، والعدو راغما ، والخير في أيامه دائما.

قال كعب الأحبار : إني لأجد المهدي مكتوبا في أسفار الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب. يملك الدنيا كما ملك ذو القرنين ، وسليمان بن داود عليهما‌السلام .. تجري على يديه الملاحم .. يستخرج الكنوز ويفتح المدائن ما بين الخافقين .. ينتشر

٩٠٨

العدل والأمان في زمانه .. مكتوب في شعائر الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب والعلم عنده سبحانه وتعالى.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي فكري الحسيني القاهري في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٣١٠ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

وتواترت الأخبار على أنه يعاون عيسى عليه‌السلام على قتل المسيح الدجال بباب (لد) بأرض فلسطين بالشام. والله تعالى أعلم.

ومنهم الشريف محمد بن عبد الرسول البرزنجي الحسيني الموسوي الشافعي الشهرزوري المدني في «الاشاعة لاشراط الساعة» (ص ٨٩ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

في المقام الأول عند ذكره عليه‌السلام : وأما حليته فانه آدم ضرب من الرجال ربعة أجلى الجبهة أقنى الأنف أشمه أزج أبلج أعين أكحل العينين براق الثنايا أفرقها في خده الأيمن خال أسود يضيء وجهه كأنه كوكب دري كث اللحية في كتفه علامة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أذيل الفخذين لونه لون عربي وجسمه جسم اسرائيلي في لسانه ثقل وإذا أبطأ عليه الكلام ضرب فخذه الأيسر بيده اليمنى ابن أربعين سنة وفي رواية ما بين ثلاثين إلى أربعين خاشع لله خشوع النسر بجناحيه عليه عبايتان قطوانيتان يشبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الخلق أي بالضم لا في الخلق أي بالفتح ولنذكر تفسير بعض كلماته قوله آدم هو الأسمر شديد السمرة أو هو الذي لونه لون الأرض وبه سمى آدم عليه‌السلام قوله ضرب من الرجال هو الخفيف اللحم الممشوق المستدق قوله ربعة هو بين الطويل والقصير قوله أجلى الجبهة هو الخفيف شعر النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته قوله أقنى الأنف القنا في الأنف طوله ودقة أرنبته يقال رجل أقنى وامرأة قنواء قوله أشمه يقال فلان أشم الأنف إذا كان عرنينه رفيعا قوله أزج أبلج الزجج هو تقويس في الحاجب

٩٠٩

مع طول في طرفه وامتداد وفلان أزج حاجبه كذلك والأبلج هو المشرق اللون مسفرة والأبلج أيضا هو الذي وضع ما بين حاجبيه فلم يقترنا والاسم البلج بفتح اللام قوله أعين أكحل العينين الأعين الواسع العين والمرأة العيناء والجمع عين ومنه قوله تعالى (وَحُورٌ عِينٌ) والكحل بفتحتين سواد في أجفان العين خلقه من غير اكتحال والرجل أكحل والمرأة كحلاء قوله براق الثنايا ، أفرقها أي لها بريق ولمعان من شدة بياضها وأفرقها أي ثناياه متباعدة ليست متلاصقة قوله أذيل الفخذين أي منفرج الفخذين متباعدهما قوله عبايتان قطوانيتان القطوانية قال في النهاية عباءة بيضاء ٢ قصيرة الخمل والنون زائدة يقال كساء قطواني وعباءة قطوانية وأما سيرته فانه يعمل بسنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يوقظ نائما ولا يهريق دما يقاتل على السنة لا يترك سنة إلّا أقامها ولا بدعة إلّا رفعها يقوم بالدين آخر الزمان كما قام به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أوله يملك الدنيا كلها كما ملك ذو القرنين وسليمان يكسر الصليب ويقتل للخنزير يرد إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يحثو المال حثيا ولا يعده عدا يقسم المال صحاحا بالسوية يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض والطير في الجو والوحش في الفقر والحيتان في البحر يملأ قلوب أمة محمد غنى حتى أنه يأمر مناديا ينادي الا من له حاجة في المال فلا يأتيه إلّا رجل واحد فيقول أنا فيقول أنت السادن يعني الخازن فقل له إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له أحث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقوم كنت أجشع أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أي أحرصهم والجشع أشد الحرص ويقول أعجز عما وسعهم قال فيرده فلا يقبل منه فيقال له انا لا نأخذ شيئا أعطيناه تنعم الامة برها وفاجرها في زمنه نعمة لم يسمع بمثلها قط ترسل السماء عليهم مدرارا لا تدخر شيئا من قطرها تؤتى الأرض أكلها لا تدخر عنهم شيئا من بزرها تجري على يديه الملاحم يستخرج الكنوز ويفتح المداين ما بين الخافقين يؤتى إليه بملوك الهند مغلغلين وتجعل خزائنهم حليا لبيت المقدس يأوي اليه

٩١٠

الناس كما تأوى النحل إلى يعسوبها حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه مخالفيه وأدبارهم جبريل على مقدمته وميكائيل على ساقته ترعى الشاة والذئب في زمنه مكان واحد وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا تضرهم شيئا ويزرع الإنسان مدا يخرج له سبعمائة مد ويرفع الربا والوبا والزنا وشرب الخمر وتطول الأعمار وتؤدى الأمانة وتهلك الأشرار ولا يبقى من يبغض آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم محبوب في الخلائق يطفي الله به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى ان المرأة تحج في خمس نسوة ما معهن رجل لا تخفن شيئا إلّا الله مكتوب في أسفار الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب قال الفقيه ابن حجر في القول المختصر في علامات المهدي المنتظر ولا ينافي هذا ابن عيسى يفعل بعض ما ذكر من قتل الخنزير وكسر الصليب إذ لا مانع أن كلا منهما يفعله أقول ويحتمل أن يكون الزمان واحدا وينسب إلى كل منهما باعتبار كما سيأتي.

إلى أن قال في ص ١٠٧ :

(تكملة) في فوائد تضمنها الأحاديث ودل عليها الكشف الصحيح لخصتها من كلام إمام المحققين محيي الملة والدين محمد بن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي قال رحمه‌الله ورضي‌الله‌عنه في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات المكية ما ملخصه ان لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا يقفو أثر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يخطئ له ملك يسدده من حيث لا يراه يحمل الكل ويقوي الضعيف ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق يفعل ما يقول ويقول ما يعلم ويشهد يصلحه الله في ليلة يبيد الظلم وأهله ويقيم الدين وينفخ الروح في الإسلام ويعزه بعد ذله ويحييه بعد موته يمسي الرجل في زمانه جاهلا بخيلا جبانا فيصبح أعلم الناس أكرم الناس أشجع الناس يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبى قتل ومن نازعه خذل يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحكم به يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى

٩١١

إلّا دين الخالص أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه فليس له عدو مبين إلّا الفقهاء خاصة فإنه لا يبقى لهم رياسة ولا تمييز عن العامة بل لا يبقى لهم علم بحكم إلّا قليل ويرتفع الخلاف عن العالم في الأحكام بوجود هذا الامام ولولا ان السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ولكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطمعون ويخافون فيقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم أسعد الناس به أهل الكوفة يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف وتعريف الهي له رجال الهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله وهم تسعة على أقدام رجال من الصحابة قال الله تعالى فيهم (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) وهم من الأعاجم ما فيم عربي لكن لا يتكلمون إلّا بالعربية لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى الله قط هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء أي وكأن هذا إشارة إلى عيسى عليه‌السلام إذ لا معصوم إلّا الأنبياء فيكون هو وزيره الأخص وأما عصمة المهدي ففي حكمه كما يشير إليه كلامه فيما بعد أو إشارة إلى الملك الذي يسدده ويؤيده قوله ليس من جنسهم لأن عيسى من جنسهم لأنه بشر لكن قد يطلق الجنس على النوع فيصدق على عيسى لأنه من بني إسرائيل والأعاجم وان كان يطلق على ما سوى العرب لكن غلب إطلاقه في فارس فحينئذ ليس عيسى من جنسهم أي نوعهم والله أعلم وأنشد رضي‌الله‌عنه.

ألا إن ختم الأولياء شهيد

وعين إمام العالمين فقيد

هو السيد المهدي من آل أحمد

هو الصارم الهندي حين يبيد

هو الشمس يجلو كل غم وظلمة

هو الوابل الوسمي حين يجود

ومراده بختم الأولياء المهدي وبإمام العالمين النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والصارم السيف والوابل المطر الكثير والوسمي هو الذي ينزل في أول الشتاء قال وقد جاء

٩١٢

زمانه وأظلكم أوانه وظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو قرن الصحابة ثم الذي يليه ثم الذي يليه وهو إشارة إلى ما ورد في حديث ثلاث مرات ثم الذين يلونهم بعد قوله خير القرون قرني وورد في رواية ثلاثة تترى وواحد فرادى فيكون قرنه الرابع المفرد الملحق بالثلاثة تترى قال ثم جاء بينها أي القرون الثلاث والرابع فنزلت وحدثت امور وانتشرت أهواء وسفكت دماء وعاثت الذئاب في البلاد وكثر الفساد إلى أن طم الجور وطما سيله وأدبر نهار العدل بالظلم حين أقبل ليله فشهداؤه خير الشهداء وامناؤه خير الأمناء وإن الله يستوزر له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه أطلعهم كشفا وشهودا على الحقائق وما هو أمر الله عليه في عباده فبمشاورتهم يفصل ما يفصل فهم العارفون الذين يعرفون ما هناك وأما هو في نفسه فصاحب سيف حق وسياسة مرقية يعرف من الله قدر ما يحتاج إليه مرتبته ومنزلته لأنه خليفة مسدد يعرف منطق الطير والحيوان يسري عدله في الانس والجان من أسرار علم وزرائه الذين استوزرهم الله له قوله تعالى (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وهم على أقدام من قال الله فيهم (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) أعطاهم الله في هذه الآية التي اتخذوها هجيرا وفي ليلهم سميرا فضل علم الصدق حالا وذوقا فعلموا أن الصدق سيف الله في الأرض ما قام بأحد ولا اتصف به أحد إلّا نصره الله تعالى لأن الصدق صفته تعالى والصادق اسم وإذا علم الامام المهدي هذا عمل به فيكون أصدق أهل زمانه فوزراؤه الهداة وهو المهدي فهذا القدر من العلم بالله يحصل للهدى على أيدي وزرائه.

إلى أن قال في ص ١١٣ :

(تنبيه آخر) جاء عن ابن سيرين ان المهدي خير من أبي بكر وعمر قيل يا أبا بكر خير من أبي بكر وعمر قال قد كان يفضل على بعض الأنبياء وعنه لا يفضل عليه أبو بكر وعمر قال السيوطي في العرف الوردي هذا إسناد صحيح وهو أخف من اللفظ

٩١٣

الأول قال والأوجه عندي تأويل اللفظين على ما أول عليه حديث بل أجد خمسين منكم لشدة الفتن في زمان المهدي قلت التحقيق ان جهات التفاضل مختلفة ولا يجوز لنا التفضيل على الإطلاق في فرد من الأفراد إلّا إذا فضله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كذلك فانه قد وجد في المفضول مزية من جهات أخر ليست في الفاضل وتقدم عن الشيخ في الفتوحات أنه معصوم في حكمه مقتف أثر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يخطئ أبدا ولا شك ان هذا لم يكن في الشيخين وأن الأمور التسعة التي مرت لم تجتمع كلها في إمام من أئمة الدين قبله فمن هذه الجهات يجوز تفضيله عليهما وإن كان لهما فضل الصحبة ومشاهدة الوحي والسابقة وغير ذلك والله أعلم قال الشيخ علي القاري في المشرب الوردي في مذهب المهدي ومما يدل على أفضليته أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سماه خليفة الله وأبو بكر لا يقال له إلّا خليفة رسول الله.

(خاتمة) اشتملت قصة المهدي على جملة من أشراط الساعة فلنشر إلى عدها وذكر بعض أحاديثها اجمالا وفاء بما وعدناه من حفظ الأحاديث على المسلمين فمنها حسر الفرات عن جبل من الذهب كما مر عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس فيقتل تسعة أعشارهم رواه ابن ماجة عنه ورواه أحمد ومسلم عن أبي وفي آخره حتى يقتل من كل مائة تسعة وتسعون وكذا رواه مسلم عن أبي هريرة روى عنه الشيخان وأبو داود مختصرا يوشك الفرات يحسر عن كنز فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا وفي رواية نعيم بن حماد عنه فيقتل من كل تسعة سبعة فإذا أدركتموه فلا تقربوه ومنها قتل النفس الزكية عن مجاهد قال حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال إذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها رواه ابن أبي شيبة وعن عمار ابن ياسر رضي‌الله‌عنه إذا قتلت النفس الزكية وأخوه يقتل بمكة ضيعة نادى مناد من

٩١٤

السماء ان أميركم فلان وذلك المهدي رواه نعيم بن حماد.

(تنبيه) النفس الزكية هذا غير النفس الزكية الذي قتل في زمن المنصور العباسي قتله موسى بن عيسى عم المنصور وهو محمد النفس الزكية ابن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم بايعه أهل المدينة بالخلافة وكان يقال انه المهدي قتل هو بالمدينة وقتل أخوه إبراهيم بن عبد الله بالعراق ومات أبوهما في الحبس ومنها طلوع الرايات السود من قبل خراسان عن ثوبان رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا شديدا لم يقاتله قوم مثله فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فانه خليفة الله المهدي رواه ابن ماجة والحاكم وصححه ومعنى كونه المهدي أن الرايات تصير اليه وتنصره عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخبر فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملئت جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج رواه ابن أبي شيبة وابن ماجة.

(تنبيه) هذه الرايات السود غير الرايات السود التي أتت لنصر بني العباس وإن كان كل منهم من قبل المشرق ومن أهل خراسان وقاتلت بني أمية لأن هؤلاء قلانسهم سود وثيابهم بيض وأولئك كان ثيابهم سود أو لأن هذه الرايات صغار وتلك كانت عظاما ولأن هذه يقدم بها الهاشمي الذي على مقدمته شعيب بن صالح التميمي وتلك قدم بها أبو مسلم الخراساني ولأن هذه تقاتل بني أبي سفيان وتلك قاتلت بني مروان وقد صرح بذلك في رواية سعيد بن المسيب مرسلا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس ثم يمكثون ما شاء الله تعالى ثمّ تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق وتؤدون الطاعة للمهدي رواه أبو نعيم بن حماد ومنها قذف الأرض أفلاذ

٩١٥

كبدها من الذهب والفضة عن عبد الله بن مسعود قال ان هذا الدين قد تم وإنه صائر إلى النقصان وان أمارة ذلك أن تقطع الأرحام ويؤخذ المال بغير حقه وتسفك الدماء ويشتكي ذو القرابة قرابته لا يعود عليه بشيء ويطوف السائل لا يوضع في يده شيء فبينما هم كذلك إذا خارت الأرض خوار البقر يحسب كل أناس أنها خارت من قبلهم فبينما الناس كذلك إذ قذفت الأرض بافلاذ كبدها من الذهب والفضة لا ينفع بعد شيء منه لا ذهب ولا فضة رواه ابن أبي شيبة ومنها خسف عند معدن عن ابن عمر قال تخرج معادن مختلفة معدن منها قريب من الحجاز يأتيه شرار الناس يقال له فرعون فبينما هم يعملون فيه إذ حسر عن الذهب فأعجبهم معتمله فبينما هم كذلك إذ خسف به وبهم رواه الحاكم وصححه وعن علي كرم الله وجهه أنه قال الفتن أربع فتنة السراء والضراء وفتنة كذا فذكر معدن الذهب ثم يخرج رجل من عترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلح الله تعالى على يديه أمرهم رواه نعيم بن حماد بسند صحيح على شرط مسلم ومنها خسف قرية بالغوطة غربي دمشق عن خالد بن معدان قال لا يخرج المهدي حتى يخسف بقرية بالغوطة تسمى حرستا رواه ابن عساكر ومنها خسف بالبيداء عن عائشة رضي‌الله‌عنها قالت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم العجب أن ناسا من أمتي يأتون البيت لرجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيهم المنتصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم رواه البخاري ومسلم وعن صفية ام المؤمنين قالت قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزو جيش حتى إذا كانوا بالبيداء أو بيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم قيل فان كان معهم من يكره قال : يبعثهم الله على ما في أنفسهم رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة ورواه أحمد ومسلم والطبراني عن ام سلمة ورواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن حفصة عن ابن عباس يقطع الخليفة بالشام بعثا فهم ستمائة غريب إلى هاشميين بمكة فإذا

٩١٦

أتوا البيداء فينزلون في ليلة مقمرة إذ أقبل راع ينظر إليهم ويعجب ويقول يا ويح أهل مكة فينصرف إلى غنمه ثم يرجع فإذا هم قد خسف بهم فيقول سبحان الله ارتحلوا في الساعة واحدة فيأتي فيجد قطيفة قد خسف ببعضها وبعضها على وجه الأرض فيعالجها فلا يطيقها فعلم أنه قد خسف بهم فينطلق إلى صاحب مكة فيبشره فيقول الحمد لله هذه العلامة التي كنتم تخبرون بها رواه نعيم بن حماد وفي رواية لا يفلت منهم أحد إلّا بشير ونذير بشير إلى المهدي ونذير إلى السفياني وهما رجلان من كلب.

(تنبيه) وجه الجمع بين الروايتين أن الرجلين يهربان ثم يأتي الراعي فلا يرى أحدا فيأتي بالبشارة إلى المهدي أيضا وفي رواية فيخسف بثلثهم ويمسخ ثلثهم فتصير وجوههم إلى أقفيتهم يمشون إلى ورائهم كما يمشون إلى أمامهم ويلحق ثلثهم بمكة وهذه إن صحت يحتاج في الجمع إلى تحمل وتعسف ويمكن أن يقال بتكرار خسف الجيش فمرة يكون كذا ومرة كذا ويقربه ما مر أن صاحب المدينة يبعث بعثا قبل بعث السفياني وأنه أمير على المدينة من قبله فنسب اليه أيضا والله أعلم ومنها انكساف الشمس والقمر في رمضان عن الامام محمد بن الباقر قال لمهدينا آيتان لم يكونا منذ خلق الله السموات والأرض ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض رواه الدار قطني في سننه وعن ابن عباس قال لا يخرج المهدي حتى تطلع الشمس آية رواه البيهقي ونعيم بن حماد ومنها طلوع القرن ذي السنين عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر وقال إذا بلغ العباسي خراسان طلع بالمشرق القرن ذو السنين وكان أول ما طلع بهلاك قوم نوح حين أغرقهم الله وطلع في زمن إبراهيم حين ألقوه في النار وحين أهلك الله قوم فرعون ومن معه وحين قتل يحيى بن زكريا فإذا رأيتم ذلك فاستعيذوا بالله من شر الفتن ويكون طلوعه بعد انكساف الشمس والقمر ثم لا يلبثون حتى يطلع الأبقع بمصر رواه أبو نعيم بن حماد ومنها طلوع النجم ذي الذنب عن كعب قال يطلع

٩١٧

من المشرق قبل خروج المهدي نجم له ذنب يضيء أخرجه أبو نعيم قلت وقد ظهر في عام خمس وسبعين في شهر جمادى الثانية نجم ذو ذنب وأقام مقدار شهرين ثم غاب ومنها خسوف القمر مرتين في رمضان عن شريك قال بلغني أن قبل خروج المهدي ينكسف القمر في شهر رمضان مرتين رواه أبو نعيم ومنها نار من قبل المشرق عن أبي عبد الله الحسين بن علي رضي‌الله‌عنهما قال : إذا رأيتم علامة السماء نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليلا فعندها فرج الناس وهي إقدام المهدي وعن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر رضي‌الله‌عنهما قال إذا رأيتم نارا من المشرق ثلاثة أيام أو سبعة أيام فتوقعوا فرج آل محمد إن شاء الله تعالى ومنها وقعة بالمدينة عظيمة عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال يكون بالمدينة وقعة يفرق فيها أحجار الزيت ما الحرة عندها إلّا كضربة سوط فيتنحى عن المدينة بريدين ثم يبايع المهدي رواه أبو نعيم.

(تنبيه) قال في سفر السعادة أحجار الزيت قريب من باب أبواب المسجد يقال له باب السلام إذا خرج شخص من السلام وعطف على الجانب الأيمن وصار نحو رمية حجر بلغ المكان المعروف بأحجار الزيت وعبارة السيد السمهودي في الخلاصة أن أحجار الزيت كانت عند مشهد مالك بن سنان يضع عليها الزياتون رواياهم فعلا الكبس عليهم فاندفنت ولأبي داود والترمذي وغيرهما عن مولى أبي اللحم أنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء قائما يدعو الحديث فاقتضى كلام كعب الأحبار أنها موضع من الحرة بمنازل بني عبد الأشهل به كانت وقعة الحرة انتهى كلامه ومنها نداء من السماء عن عاصم بن عمر البجلي قال لينادين باسم رجل من السماء لا ينكره الدليل ولا يمنع منه الدليل رواه ابن أبي شيبة وعن علي رضي‌الله‌عنه قال إذا نادى مناد من السماء أن الحق في آل محمد فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ويشربون حبه ولا يكون لهم ذكر غيره رواه أبو نعيم وعن سعيد بن المسيب قال تكون فتنة كأن أولها لعب الصبيان فلا تتناهى حتى

٩١٨

ينادي مناد من السماء ألا أن الأمير فلان ذلكم الأمير حقا ثلاث مرات رواه أبو نعيم وعن أبي جعفر الباقر قال ينادي مناد من السماء إن الحق في آل محمد وينادي مناد من الأرض إن الحق في آل عيسى أو قال العباس فشك فيه وإنما الأسفل كلمة الشيطان والصوت الأعلى كلمة الله العليا رواه أبو نعيم وعنه رضي‌الله‌عنه قال إذا كان الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة فاسمعوا وأطيعوا وفي آخر النهار صوت اللعين إبليس ينادي ألا إن فلانا قد قتل مظلوما ليشكك الناس ويفتنهم فكم في اليوم من شاك متحير فإذا سمعتم الصوت في رمضان يعني الأول فلا تشكوا أنه صوت جبريل وعلامة ذلك أنه ينادي باسم المهدي واسم أبيه وعن إسحاق بن يحيى عن امه قالت تكون فتنة تهلك الناس لا يستقيم أمرهم حتى ينادي مناد السماء عليكم بفلان رواه نعيم بن حماد عن شهر بن حوشب قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المحرم يناد مناد من السماء ألا إن صفوة الله فلان فاسمعوا وأطيعوا في سنة الصبوب المعمعة رواه نعيم ومر عن عمار النداء قبل قتل النفس الزكية قال في عقد الدرر وهذا النداء يعم أهل الأرض ويسمعه كل أهل لغة بلغتهم وعن الحكم بن نافع قال إذا كان الناس بمنى وبعرفات نادى مناد بعد أن تتحارب القبائل ألا أن أميركم فلان ويتبعه صوت آخر ألا أنه قد صدق.

(تنبيه) لا مانع من تكرر النداء في رمضان وفي ذي الحجة وفي المحرم وغيرها كما يظهر من اختلاف الروايات ومنها طلوع كف من السماء عن سعيد بن المسيب قال تكون فرقة واختلاف حتى يطلع كف من السماء وينادي مناد من السماء أن أميركم فلان وعن أسماء بنت عميس أن أمارة ذلك اليوم أن كفا من السماء مدلاة ينظر الناس إليها. رواه نعيم بن حماد ـ إلى آخر ما قال.

ومنهم الشريف عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري الحسني الادريسي المغربي في «المهدي المنتظر» (ص ٧ ط بيروت) قال :

٩١٩

يعتقد كثير من الناس ـ فيهم علماء وأفاضل ـ أن لا مهدي جاهلين بما ورد من الأحاديث القاضية بظهوره في آخر الزمان. ولقد أخبرت عن بعض العلماء المدرسين بالأزهر أنه جرى بمجلسه ذكر المهدي فأنكره ، وقال إن أحاديثه ضعيفة. فقلت لمن أخبرني : هلا سألته عن سبب ضعفها وعمن ضعفها من الحفاظ؟ مع أنه لو سئل عن ذلك ، لما استطاع ـ وأيم الله ـ جوابا ، وكيف يستطيع وأحاديث المهدي متفق على تواترها بين حفاظ الحديث ونقاده؟ فقد قال الحافظ أبو الحسين الآبري ، في مناقب الامام الشافعي رضي‌الله‌عنه : ما نصه : تواتر الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمجيء المهدي ، وإنه من أهل بيته ، وإنه يملأ الأرض عدلا ، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام ، يخرج فيساعده على قتل الدجال ، وإنه يؤم هذه الامة وعيسى عليه‌السلام خلفه ، في طول من قصته وأمره ، اه.

ونقله القرطبي في التذكرة. والحافظ ابن حجر في الفتح. والحافظ السخاوي في فتح المغيث. والحافظ السيوطي في العرف الوردي. والمحدث الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني في شرح المواهب. وشارح الاكتفاء وغيرهم ، وأقروه عليه.

وقال المحدث الناقد أبو العلاء السيد إدريس بن محمد بن إدريس العراقي الحسيني ، في تأليف له في المهدي : ما نصه : أحاديث المهدي متواترة أو كادت ، وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد ، اه.

وقال الشوكاني في تأليف له سماه «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» ما نصه : والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها : منها خمسون حديثا ، فيها الصحيح والحسن ، والضعيف المنجبر ، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول. وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضا ، لها حكم الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك. اه.

وقال المحدث أبو الطيب صديق بن حسن الحسيني البخاري القنوجي ملك

٩٢٠