إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٣

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

كلامه عليه‌السلام في «البيداء»

رواه جماعة :

فمنهم العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي في «شرح النهج» (ج ٢ ص ٢٩٥ ط مصر) قال : فسئل أبو جعفر محمد بن علي [عن البيداء] : أهي بيداء في الأرض؟ فقال : كلّا والله انها بيداء المدينة. أخرج البخاري بعضه [أي بعض حديث الخسف بالجيش في البيداء]. وأخرج مسلم الباقي ـ الصحيح لمسلم : ٤ / ٢٠٩.

وقال أيضا في ج ٧ ص ١٠٨ في وصية أبيه اليه عليهما‌السلام : وروى صاحب الكامل أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : لما حضرت الوفاة علي بن الحسين عليهما‌السلام أبي ضمني إلى صدره ثم قال : يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي يوم قتل وبما ذكر لي ان أباه عليا عليه‌السلام أوصاه به : يا بني عليك ببذل نفسك فانه لا يسر أباك بذل نفسه حمر النعم.

ومنهم العلامة الشيخ عز الدين عبد الحميد ابن أبي الحديد المعتزلي في «شرح النهج» (ج ١١ ص ٤٣ ط القاهرة) قال :

وقد روي أن أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ، قال لبعض أصحابه : يا فلان ، ما لقينا من ظلم قريش إيانا ، وتظاهرهم علينا ، وما لقى شيعتنا ومحبونا من الناس! إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس ، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه ، واحتجت على الأنصار بحقّنا وحجتنا. ثم تداولتها قريش ، واحد بعد واحد ، حتى رجعت إلينا ، فنكثت بيعتنا ، ونصبت الحرب لنا ، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كئود ، حتى قتل ، فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غدر به ، وأسلم ، ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه ، ونهبت عسكره ، وعولجت خلاليل أمهات أولاده ، فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته ، وهم قليل حق قليل. ثم بايع الحسين عليه‌السلام من أهل العراق عشرون

٨٠١

ألفا ، ثم غدروا به ، وخرجوا عليه ، وبيعته في أعناقهم وقتلوه ، ثم لم نزل ـ أهل البيت ـ نستذل ونستضام ، ونقصى ونمتهن ، ونحرم ونقتل ، ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا ، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء في كل بلدة ، فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ، ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله ، ليغضونا إلى الناس ، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن عليه‌السلام ، فقلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة ، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله ، أو هدمت داره ، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد ، إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه‌السلام ، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة ، وأخذهم بكل ظنة وتهمة ، حتى إن الرجل ليقال له : زنديق أو كافر ، أحب إليه من أن يقال : شيعة علي ، وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير ـ ولعله يكون ورعا صدوقا ـ يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة ، من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة ، ولم يخلق الله تعالى شيئا منها ، ولا كانت ولا وقعت وهو يحسب أنها حق لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا بقلة ورع.

وقال أيضا في ج ١٣ ص ٢٠٧ : وروي أن بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام سأله عن قول الله عزوجل : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً). فقال عليه‌السلام : يوكل الله تعالى بأنبيائه ملائكة يحصون أعمالهم ، ويؤدون إليه تبليغهم الرسالة ، ووكل بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ملكا عظيما منذ فصل عن الرضاع يرشده إلى الخيرات ومكارم الأخلاق ، ويصده عن الشر ومساويء الأخلاق ، وهو الذي كان يناديه : السلام عليك يا محمد يا رسول الله وهو شاب لم يبلغ درجة الرسالة بعد ، فيظن أن ذلك من الحجر والأرض ، فيتأمل فلا يرى شيئا.

٨٠٢

مستدرك

فضائل ومناقب الامام السادس أبي عبد الله جعفر بن محمد سلام الله عليه

أنت يا جعفر ال

مدح والمدح عناء

جاز حدّ المدح من

قد ولدته الأنبياء

عبد الله بن المبارك

مدح مولانا الامام جعفر الصادق عليه‌السلام

قاله العلامة الأكبر الشيخ محمد حسين الكمباني الاصفهاني قدس‌سره :

شق ظلام الجهل فجر المعرفة

بصبحه الصادق رسما وصفة

أصبح مشرقا محيط الدين

بضوء صبح العلم واليقين

وأصبحت دائرة الحقائق

مشرقة بنور علم الصادق

وأصبحت به اصول المعرفة

على أساس جل عن كل صفة

وأصبحت قواعد التوحيد

قائمة برأيه السديد

وأصبحت لطائف المعارف

جلية في قلب كل عارف

وأصبحت معاهد العلوم

واضحة الحدود والرسوم

وأصبحت به معالم الهدى

زاهرة لمن تحرى رشدا

وأصبحت سنة خير الأنبيا

كالقمر البازغ نورا وضيا

وأصبحت دقائق الكتاب

تلمع كالشمس بلا حجاب

وأشرقت من أفق الرسالة

شمس الهدى والرشد والدلالة

٨٠٣

بل من سماء الذات بدر المعرفة

به استنار كل اسم وصفة

بل هو صبح الأزل الوضاح

من نوره العقول والأرواح

وهو مدار عالم الأسماء

واسطة الإبداع والإنشاء

وكل نور هو ضوء نوره

ونور سيناء من طوره

ونوره في عالم الأنوار

كالبدر في الكواكب الدراري

أنفاسه كالنفس الرحماني

حياة ما في عالم الإمكان

وفيض علمه على الأنام

مقدس عن درن الأوهام

وأمره الماضي كلمح بالبصر

بل هو محور القضاء والقدر

وعزمه المحيط بالجهات

كنقطة المركز في الثبات

غرته الغراء في الاشراق

بارقة الأنفس والآفاق

منطقه كالوحي لا سواه

إذ هو لا ينطق عن هواه

فانه في ذاته العلية

سر الحقيقة المحمدية

لسانه مفتاح أبواب الحكم

لسانه مصباح أرباب الهمم

لسانه محجة القلوب

للسير في عوالم الغيوب

لسانه لسان غيب الباري

وسره المحيط بالأسرار

تجلت الأسرار من لسانه

وانجلت الأستار من بيانه

بدت بنور علمه الرباني

حقيقة القرآن والمثاني

وكيف لا وعلمه الالهي

مرآة غيب ذاته كما هي

وعلم الأسماء آدم الصفي

في كنه ذاته وسره الخفي

ونال خضر من لدنه علما

ومنه لقمان استفاد حكما

ومنه داود أصاب الحكمة

ثم ابنه إذ هو باب الرحمة

وعنده علم الكتاب كله

فكل من سواه تحت ظله

بل هو كالبحر من الحباب

ممن له علم من الكتاب

٨٠٤

وكل ما في الصحف المكرمة

ففي كتابه الحكيم محكمة

إذ هو في مقامه الرفيع

صحيفة التكوين والتشريع

وكيف لا وهي به قوامها

ومنه بدئها به ختامها

قام بتكميل العقول والنهى

مبدؤه النبي وهو المنتهى

بث لباب العلم في الألباب

وميز القشر من اللباب

أحيا بأنواع العلوم والحكم

قلوب أرباب المعالي والهمم

روى الصدور بالعلوم الشافية

فانه عين الحياة الصافية

أفاض كالحيا على مواتها

فأسفر الصباح عن حياتها

أبان عن حقائق العرفان

بمحكم البيان والبنيان

شيد أركان الهدى بحكمه

وشاد قصرها بعالي همته

همته من هامة السماء

كقاب قوسين من الغبراء

مهد للسير إلى الحقيقة

قواعد السلوك والطريقة

أعرب عن مقام سر الذات

وعالم الأسماء والصفات

حتى تجلى الحق في كلامه

فشاهدوه وهو في مقامه

بل أشرقت حقيقة الحقائق

مذ بزغت شمس محيا الصادق

وفي بيانه وفي عيانه

غنى لذي عينين عن برهانه

فلا وحق الصدق لو لا الصادق

لم يك بالحق الحقيق ناطق

له يد المعروف عند العارف

بل يده البيضاء على المعارف

دعى إلى مكارم الأخلاق

بالقول والفعل بالاتفاق

سن حديث الصدق صدق لهجته

وحسن الأخلاق حسن بهجة

وسار في الناس بأحسن السير

سيرته سيرة خيرة الخير

وهل ترى مكارم الأخلاق

إلّا عن الطيب في الأعراق

كان عظيم خلقه تراثا

عن جده أكرم به ميراثا

٨٠٥

أفصح عن حقائق الكتاب

بما يزيل ريبة المرتاب

فانه سليل من خوطب به

وهو ولي عهده ومنصبه

بل هو في صحيفة الوجود

كنقطة الباء لدى الشهود

وليس ما في الكتب المنزلة

إلّا وفي نقطة باء البسملة

وفي بيانه لحفظ السنة

ما ليس في السنة الّا سنة

دافع عنها بقواه العالية

مما خلت عنه القرون الخالية

جاهد عنها أعظم الجهاد

ببث روح العلم والإرشاد

فاستحكمت بجده حدودها

يغنيك عن آثارها شهودها

أحيا ربوع العلم بعد الطمس

فاخضر عوده عقيب اليبس

حتى غدت رياضها انيقه

وأثمرت ثمارها الحقيقة

سادت به شريعة الأحكام

نقية عن كدر الأوهام

حتى صفا لأهلها زلالها

وبان عن حرامها حلالها

أكرم بها شريعة معظمه

بنائها على أساس العظمة

على أساس الوحي والتنزيل

على يد الخبير بالتأويل

مستدرك

اسمه ونسبه الشريف

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج ١٢ ص ٢٠٨ وج ١٩ ص ٥٠٥ وج ٢٨ ص ٣٠٩ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة :

٨٠٦

فمنهم الحافظ أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي الطرابلسي المتوفى بها سنة ٢٦١ في «تاريخ الثقات» ترتيب الحافظ نور الدين الهيثمي المتوفى ٨٠٧ وتضمينات ابن حجر العسقلاني (ص ٩٨ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم أجمعين ولهم شيء ليس لغيرهم ، خمسة أئمة : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب.

حدثني الحسين الجعفي ، عن حفص بن غياث ، قال : قدمت البصرة ، فقالوا : لا تحدثنا عن ثلاثة : جعفر بن محمد ، وأشعث بن سوار ، وأشعث بن عبد الملك ، فقلت : أما جعفر بن محمد فلم أكن لأدع الحديث عنه ، لقرابته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولفضله.

وقال الدكتور عبد المعطي قلعجي في تعليقه على الكتاب : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي أبو عبد الله الصادق : روى عنه شعبة ، والسفيانان ، ومالك ، وابن جريج ، وأبو حنيفة ، وخلق كثير ، ولا يسأل عن عدالته فهو الثقة ابن الثقة ، ذكره ابن حبان في الثقات فقال : كان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا ، يحتج بحديثه وقد اعتبرت حديث الثقات عنه فرأيت أحاديث مستقيمة ، ليس فيها شيء يخالف حديث الإثبات ، ومن المحال أن يلصق به ما جناه غيره. له ترجمة في التاريخ ابن معين (٢ : ٨٧) ، التاريخ الكبير (١ : ٢ : ١٩٨ ـ ١٩٩) ، التهذيب (٢ : ١٠٣).

ومنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ ه‍ في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج ٨ ص ١١٠ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو عبد الله جعفر الصادق. امه ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. كان عالما زاهدا عابدا.

٨٠٧

من كراماته عليه‌السلام

رواها جماعة :

فمنهم العلامة يوسف بن إسماعيل النبهاني المتولد ١٢٦٥ والمتوفى ١٣٥٠ ه‍ في «جامع كرامات الأولياء» (ج ٢ ص ٤ ط مصطفى البابي وشركاه بمصر) قال :

جعفر الصادق أحد أئمة ساداتنا آل البيت الكبار ، كان رضي‌الله‌عنه إذا احتاج إلى شيء قال : يا رباه أنا محتاج إلى كذا ، فما يستتم دعاءه إلّا وذلك الشيء بجنبه موضوعا. قاله الشعراني.

قال المناوي : من كراماته أنه سعي به عند المنصور ، فلما حجّ أحضر الساعي وأحضره وقال للساعي أتحلف؟ فقال نعم ، فقال جعفر للمنصور حلفه؟ بما أراه فقال حلفه ، فقال قل برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل جعفر كذا وكذا ، فامتنع الرجل ثم حلف ، فما تم حتى مات مكانه.

ومنها : أن بعض البغاة قتل مولاه ، فلم يزل ليلته يصلي ثم دعا عليه عند السحر فسمعت الضجة بموته.

ومنها : أنه لما بلغه قول الحكم بن العباس الكلبي في عمه زيد :

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة

ولم نر مهديا على الجذع يصلب

قال : اللهم سلط عليه كلبا من كلابك ، فافترسه الأسد.

قال الامام الشلي : من كراماته أن بني هاشم أرادوا أن يبايعوا محمدا وإبراهيم بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ، وذلك في أواخر دولة بني مروان وضعفهم ، فأرسلوا لجعفر الصادق ، فلما حضر أخبروه بسبب اجتماعهم فأبى فقالوا مد يدك لنبايعك ، فامتنع وقال : والله إنها ليست لي ولا لهما ، وإنها لصاحب القباء الأصفر ، والله ليلعبن بها صبيانهم وغلمانهم ، ثم نهض وخرج ، وكان المنصور العباسي يومئذ حاضرا وعليه قباء أصفر ، فما زالت كلمة جعفر تعمل فيه حتى ملكوا.

٨٠٨

قال الليث بن سعد : حججت سنة ثلاث عشرة ومائة ، فلما صليت العصر رقيت أبا قبيس ، وإذا برجل جالس يدعو ، فقال : يا رب حتى انقطع نفسه ، ثم قال : اللهم يا حي يا حي حتى انقطع نفسه ، ثم قال : اللهم إني أشتهي العنب فأطعمنيه ، اللهم وإن بردي قد خلقا فاكسني ، فو الله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوءة عنبا وليس على الأرض يومئذ عنب ، وإذا ببردين موضوعين ولم أر مثلهما في الدنيا ، فأراد أن يأكل فقلت أنا شريكك لأنك دعوت وأنا أؤمن فقال تقدم وكل ، فأكلت عنبا لم آكل مثله قط ، ما كان له عجم ، فأكلنا ولم تتغير السلة ، فقال لا تدخر ولا تخبأ شيئا ثم أخذ أحد البردين ودفع إليّ الآخر ، فقلت أنا في غنى عنه ، فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر ، ثم أخذ البردين اللذين كانا عليه فلقيه رجل بالمسعى فقال : اكسني يا ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما كساك الله ، فدفعهما إليه ، فقلت للذي أعطاه البردين من هذا؟ قال جعفر بن محمد ، توفى بالمدينة المنورة سنة ١٤٨ ودفن بالبقيع في قبة أهل البيت رضي‌الله‌عنه وعنهم أجمعين. ونفعني ببركاتهم والمسلمين.

مستدرك

وصيته عليه‌السلام لابنه الامام الكاظم

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج ١٢ ص ٢٨٤ وج ٢٨ ص ٣٤٥ ومواضع أخرى ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة :

فمنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ ه‍ في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج ٨ ص ١١١ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

أخبرنا محمد بن القاسم قال : حدثنا حمد بن أحمد قال : حدثنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم قال : حدثني أبو الحسن بن الحسين الكاتب قال : حدثني أبي قال : قال : حدثني الهيثم قال : حدثني بعض

٨٠٩

أصحاب جعفر الصادق قال : دخلت على جعفر وموسى بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية ، فكان مما حفظت منها أن قال : يا بني ، اقبل وصيتي ، واحفظ مقالتي ، فإنك إن حفظتها تعش سعيدا ، وتمت حميدا ، يا بني إنه من قنع بما قسم له استغنى ، ومن مدّ عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومن لم يرض بما قسم الله له اتهم الله في قضائه ، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه. يا بني ، من كشف حجاب غير انكشفت عورات بيته ، ومن سلّ سيف البغي قتل به ، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها ، ومن داخل السفهاء حقّر ، ومن خالط العلماء وقّر ، ومن دخل مداخل السوء اتهم. يا بني ، قل الحق لك وعليك ، وإياك والنميمة ، فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال. يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه.

كلماته عليه‌السلام

تقدم في ج ١٢ و ١٩ و ٢٨ ونستدرك هاهنا ما لم نروه هناك.

ومن كلامه عليه‌السلام في التفسير

رواه جماعة :

فمنهم الشيخ محمد علي طه الدرة في «تفسير القرآن الكريم واعرابه وبيانه» (ج ٥ ص ١٦٦ ط دار الحكمة دمشق وبيروت ١٤٠٢) قال :

وقال جعفر الصادق : أمر الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكارم الأخلاق ، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ).

كلامه عليه‌السلام في الفقه

رواه جماعة :

٨١٠

فمنهم قائد الشافعية أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة ٢٠٤ في «المسند» (ص ٧٦ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه انه كبر في العيدين والاستسقاء سبعا وخمسا وجهر بالقراءة.

وقال أيضا في ص ٩٣ : أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرض زكاة الفطر على الحر والعبد والذكر والأنثى ممن تمونون.

وقال في ص ٧٤ : أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كان يغتسل يوم العيدين ويوم الجمعة ويوم عرفة وإذا أراد أن يحرم.

وقال أيضا في ص ٣١٥ : أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر عن أبيه عن علي بن الحسين قال لا والله ما سمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عينا ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم.

وقال أيضا في ص ١٩٨ : أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال وجد في قائم سيف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتاب ان أعدى الناس على الله سبحانه وتعالى القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه من تولى غير مواليه فقد كفر بما أنزل الله سبحانه على محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ ه‍ في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج ٨ ص ١١١ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

حدثنا محمد بن أبي القاسم قال : أخبرنا حمد بن أحمد قال : حدثنا أبو نعيم الاصفهاني قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أبو الحسن بن أبان قال : حدثنا أبو بكر بن

٨١١

عبد الله قال : حدثنا الوليد بن شجاع قال : حدثنا إبراهيم بن أعين ، عن يحيى بن الفرات قال : قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري : لا يتم المعروف إلّا بثلاثة : تعجيله ، وتصغيره ، وستره.

أخبرنا محمد بن ناصر قال : أنبأنا عبد المحسن بن محمد قال : حدثنا مسعود بن ناصر السجستاني قال : أخبرنا سعيد بن أبي عمرو البحتري قال : سمعت أبا الحسن علي بن حمد بن عبيدة يقول : سمعت أحمد بن سهل البخاري يقول : سمعت صالح ابن محمد يقول : سمعت أحمد بن عبيدة يقول : سمعت محمد بن يوسف يقول : سمعت الثوري يقول : دخلت على جعفر بن محمد الصادق فقلت له : يا ابن رسول الله ، مالي أراك قد اعتزلت عن الناس؟ قال : يا سفيان ، فسد الزمان ، وتغيّر الاخوان ، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد ، ثم أنشأ يقول :

ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب

والناس بين مخاتل وموارب

يغشون بينهم المودة والصفا

وقلوبهم محشوّة بعقارب

وقال أيضا في ج ٩ ص ١٠٧ ـ بعد ذكر سؤال المنصور الدوانيقي عن عبد الصمد العباسي عن حديث البر والصلة ـ إلى أن قال : ثم التفت المنصور إلى جعفر بن محمد ، فقال : يا أبا عبد الله حدث بني عمك وإخوتك بحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في البر. فقال جعفر بن محمد : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما من ملك يصل رحمه وذا قربته ويعدل في رعيته إلّا شيد الله ملكه ، وأجزل له ثوابه ، وأكرم ما به ، وخفف حسابه.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم الفاضل المعاصر أمل شلق في «معجم حكمة العرب» (ص ١٢٣ ط دار الكتب

٨١٢

العلمية بيروت) قال :

احذروا الحقد فإن الله يخذل الظالم وينصر المظلوم. جعفر الصادق.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد المنبجي الحنبلي في كتابه : «تسلية أهل المصائب» (ص ١٢٢ ط دار الكتب العلمية) قال :

وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده. قال : لما توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول : إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب. رواه الشافعي في مسنده.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم العلامة زكريا بن محمد بن محمود القزويني المتوفى ٨٦٢ ه‍ في «مفيد العلوم ومبيد الهموم» (ص ٢٩٤ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

وقال جعفر بن محمد : كفاك بالنصرة من الله أن ترى عدوك يعصي الله فيك.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم الفاضل المعاصر المستشار عبد الحليم الجندي في «الامام جعفر الصادق عليه‌السلام» (ص ٧٥ ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية القاهرة) قال :

٨١٣

وذات يوم دخل على جعفر الصادق سدير الصيرفي قال : يا أبا عبد الله ما يسعك القعود. قال لم؟ قال لكثرة أنصارك .. مائة ألف. مائتي ألف. فتساءل الامام عن عدد المخلصين منهم. وأبدى زهدا وبصرا بالعواقب.

والحق أن زين العابدين وابنه وحفيده وبنيهم لم يتجهوا إلى أن تكون لهم دولة. ومن ذلك

قول الكاظم لهشام بن الحكم : يا هشام كما تركوا لكم الحكمة اتركوا لهم الدنيا.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم العلامة فخر الدين أبو عبد الله أبو المعالي محمد بن عمر بن الحسين الرازي المعروف بابن الخطيب في «المطالب العالية من العلم الالهي» (ج ١ ص ٢٤٢ ط دار الكتاب العربي بيروت) قال :

سئل جعفر الصادق رضي‌الله‌عنه عن هذه المسألة أيضا فقال : شاهدنا قلعة حصينة ملساء ، ظاهرها كالفضة المسبوكة ، وباطنها مملوء من الذهب المذاب والفضة المذابة ثم انشقت الجدران ، وخرج من القلعة حيوان سميع بصير. فلا بد من مدبر يدبره ، وصانع يخلقه. وعنى بالقلعة : البيضة. وبالحيوان : الفرخ.

وقال أيضا في ص ٢٤٣ : سئل جعفر بن محمد مرة أخرى عن الدليل فقال : أقوى الدلائل على وجوده : وجودي وذلك لأن وجودي حدث بعد أن لم يكن. فله فاعل.

ومنهم الفاضل المعاصر راجي الأسمر في «كنور الحكمة ـ أو : حكمة الدين والدنيا» (ص ١٩٧ ط دار الجيل في بيروت) قال :

أقربكم إلى الحق أحسنكم أدبا في الدين. جعفر الصادق.

٨١٤

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم عدة من الفضلاء المعاصرين في «فهرس أحاديث وآثار المصنف ـ للشيخ عبد الرزاق الصنعاني» (ج ١ ص ٤٨ ط عالم الكتب بيروت) قالوا :

إذا أقمت بأرض عشرا فأتم. جعفر بن محمد عن أبيه عن علي. الصلاة ٤٣٣٤ ٢ / ٥٣٢.

إذا أقمت بأرض عشرا فأتم. جعفر بن محمد بن علي عن أبيه. الصلاة ٤٣٣٣ ٢ / ٥٣٢.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

منهم العلامة المولى شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في «نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض» (ج ١ ص ٩٧ ط دار الفكر بيروت) قال :

وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم : علم الله تعالى وتقدس عجز خلقه عن طاعته فعرفهم ذلك لكي يعلموا أنهم لا ينالوا الصفو من خدمته فأقام بينهم وبينه رسولا مخلوقا من جنسهم في الصورة وألبسه من نعته الرأفة والرحمة وأخرجه إلى الخلق سفيرا صادقا وجعل طاعته طاعته وموافقته موافقته فقال تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وشرح الحديث الشريف.

وقال أيضا في ص ١٢٥ : وقال جعفر بن محمد الصادق : لا يذكرك أحد بالرسالة إلّا ذكرني بالربوبية ـ ثم ذكر شرح الحديث الشريف.

وقال أيضا في ص ٢٩٨ : وقيل : السبع المثاني : أكرمناك بسبع كرامات. هذا مروي

٨١٥

عن الامام جعفر الصادق ـ فذكر أيضا شرح الحديث الشريف.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم المولوي علي بن سلطان محمد القاري في «شرح الشفاء للقاضي عياض» (ج ١ ص ٢٤٦) المطبوع بهامش «نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض» (ط دار الفكر بيروت) قال :

وقال جعفر بن محمد : من تمام نعمته عليه أن جعله حبيبه وأقسم بحياته ونسخ به شرائع غيره وعرج به إلى المحل الأعلى وحفظه في المعراج حتى ما زاغ البصر وما طغى ـ فذكر شرحه.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم الشريف علي فكري المصري في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٣ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

وروى محمد بن حبيب عن جعفر الصادق بن محمد عن أبيه عن جده ورفعه قال : ما من مؤمن ادخل على قومه سرورا إلّا خلق الله من ذلك السرور ملكا يعبد الله يحمده ويمجده ، فإذا صار المؤمن في لحده أتاه ذلك السرور الذي أدخله على أولئك ملكا فيقول : أنا اليوم أونس وحشتك ، وألقنك ، وأثبتك بالقول الثابت ، وأشهد بك مشاهد القيامة ، وأشفع لك إلى ربك ، وأريك منزلتك في الجنة ، كذا في الفصول المهمة.

٨١٦

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة :

فمنهم العلامة عز الدين عبد الحميد المعتزلي في «شرح النهج» (ج ٧ ص ١٠٨ ط القاهرة) قال :

قال : ومن كلام المروي عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام مرفوعا : ما هلك امرؤ عرف قدره. رواه أبو العباس المبرد عنه في الكامل. قال ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وما إخال رجلا يرفع نفسه فوق قدرها إلّا من خلل في عقله.

كلمات العلماء في شأنه عليه‌السلام

منهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في «المرتضى ـ سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب» (ص ٢٢٥ ط دار القلم دمشق) قال :

وأما ابنه جعفر بن محمد الصادق فأقبل على العبادة والخضوع ، وآثر العزلة والخشوع ، ونهى عن الرياسة والجموع. يصف الامام مالك حاله ، فيقول : كنت آتي جعفر بن محمد وكان كثير التبسم ، فإذا ذكر عنده النبي اخضر واصفر ، ولقد اختلفت إليه زمانا ، فما كنت أراه إلّا على إحدى ثلاث خصال : إما مصليا ، وإما صائما ، وإما يقرأ القرآن ، وما رأيته قط يحدّث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا على طهارة ، ولا يتكلم فيما لا يعنيه ، وكان من العباد الزهاد الذين يخشون الله.

ومنهم العلامة ابن الصباغ في «الفصول المهمة» (ص ٢٢٢ ط النجف الأشرف) قال :

كان جعفر الصادق عليه‌السلام من بين اخوته خليفة أبيه ووصيه والقائم بالامامة من بعده برز على جماعة بالفضل وكان أنبههم ذكرا وأجلهم قدرا نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته وذكره في ساير البلدان ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث وروى عنه جماعة من أعيان الامة : مثل

٨١٧

يحيى بن سعيد وابن جريج ومالك بن أنس والثوري وأبو عيينة وأبو حنيفة وشعبة وأبو أيوب السجستاني وغيرهم. وصى اليه أبو جعفر بالامامة وغيرها وصية ظاهرة ونص عليها نصا جليا. عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه‌السلام قال : إن أبي استودعني ما هناك وذلك انه لما حضرته الوفاة قال : ادع لي شهودا فدعوت له أربعة منهم : نافع مولى عبد الله بن عمر فقال : اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه ـ الوصية. وقال في ص ٢٣٠ : مناقب جعفر الصادق عليه‌السلام فاضلة وصفاته في الشرف كاملة وشرفه على جهات الأيام سائلة وأندية المجد والعز بمفاخره ومآثره آهلة.

ومنهم العلامة جابر بن حيان في «تدبير الإكسير الأعظم» (ص ٤٠ ط دمشق) قال :

وبالله أقول : لقد تحملت من هذا ألما عظيما بذكري له إلى ان منّ الله تعالى عليّ بجعفر بن محمد صلوات الله عليه. فلم يزل يسهل عليّ ذلك ويكشف لي الأمر وكنت قد حملت نفسي على أن الغز في هذا الكتاب ، وافك الضمان فاستنقذني الله من الكذب فأنقذكم الله منه لكم وعليكم فانه بلية عظيمة.

وكتابي هذا يعرف بثلاثين كلمة ، يذكر فيه الباب الذي قد تقدم في الكتاب الذي قبله في ثلاثين كلمة ، ونحن نستوفي الكلام في ذلك على ما قد ضمنا في كتبنا هذه وعلى ما قد أتينا به فيما تقدم من هذه الكتب أعني السبعين وبالله أقول : لو لم يقع إلى أحد من الناس ممن طلب هذه الصناعة وهذا العلم غير كتابي هذا ، ما كان بالذي يبالي أن لا يسمع بشيء من الصنعة لصحة ما ذكرته.

٨١٨

مستدرك

فضائل ومناقب سيدنا الامام السابع موسى بن جعفر عليهما‌السلام

مدح سيدنا الامام الكاظم عليه‌السلام

قاله الآية الشيخ محمد حسين الكمباني الاصفهاني قدس‌سره :

أشرق نور العلم والعبادة

في ملكوت الغيب والشهادة

وقد تجلى نير اللاهوت

فأشرقت مشارق الناسوت

أو نور طور الجبروت سطعا

فاندك فيه الطور والنور معا

والطور فان في فناء بابه

والنور كل النور من قبابه

فانه مبدأ كل نور

بل هو منتهاه في الظهور

نور تعالى شأنه عن حد

وعز في نعوته عن عد

ذلك نور منية الكليم

رؤيته من زمن قديم

ذلك نور كعبة الأعاظم

وقبلة الحاجات موسى الكاظم

أبو العقول والنفوس النيرة

ام الكتاب وابن خير الخيرة

بل هو نور كعبة التوحيد

وقبلة الشاهد في الشهود

نور سماء الذات والصفات

به حياة عالم الحيات

فالق صبح الأزل المنير

به استنار كل مستنير

أضاءت السبع العلى بنوره

كأنها تدور حول طوره

تود وهي ركع ببابه

تكون سجدا على ترابه

٨١٩

وبابه كعبة كل سالك

ومستجار الكل في المهالك

وبابه ملتزم الأرواح

باب المقام قبلة الضراح

وهو مطاف كعبة الإسلام

ومشعر المشاعر العظام

وبابه باب القضاء الجاري

كيف وهذا الباب باب الباري

باب بدا الله فيه ما بدا

باب اليه مرجع الأمر غدا

أكرم به فانه باب الهدى

أنعم به فانه باب الندى

بل هو باب الكشف والشهود

والسير في عوالم الوجود

وباب أبواب التجليات

في الذات والأفعال والصفات

وباب أبواب المعالي والهمم

باب مدينة العلوم والحكم

وكيف لا وانه ابن بجدته

سر علي في علو رتبته

وسر خير الخلق في سريرته

في علمه وحلمه وسيرته

والجوهر الفرد من الكنز الخفي

وحاز فيما حاز كل الشرف

كرسي علمه العظيم أرفع

من السموات العلى وأوسع

فانه في علمه الاشراق

مليك عرشه بالاستحقاق

وكيف وهو أعظم المرائى

لغيب ذات بارئ الأشياء

فانه كالشمس والضياء

من المحمدية البيضاء

فهل ترى بغيره يضاهي

مهجة ياسين وقلب طاها

إلى علاه منتهى مكارمه

ذا فاتح الخير وهذا خاتمه

له الخلافة المحمدية

في كل مكرماته العلية

له الخلافة الالهية في

عباده أكرم به من خلف

يعرب حقا في تجلياته

عن ذاته العليا وعن صفاته

٨٢٠