إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٣

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

بالسلاح ثم ذكر الحسين قول أخيه لا ترفعن في ذلك صوتا فحفر له في البقيع ودفن هناك عليه‌السلام في أحسن مقام.

ومنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ ه‍ في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج ٥ ص ٢٢٥ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، قال : أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني ، قال : حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو عروبة الحراني ، قال : حدثنا سليمان بن محمد ابن خالد ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد بن إسحاق ، قال : دخلت أنا ورجل على الحسن نعوده ، فقال : قد ألقيت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذه المرة. ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين عند رأسه ، فقال : يا أخي من تتهم؟ قال : لم ، لتقتله؟ قال : نعم ، قال : إن يكن الذي أظن فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا ، وإن لم يكن فلا أحب أن يقتل بي بريء ، ثم قضى رضي‌الله‌عنه.

أخبرنا محمد بن عبد الملك بن خيرون ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر بن حيوية ، قال : حدثنا محمد بن خلف ، قال : حدثني أبو عبد الله اليماني ، قال : حدثنا محمد بن سلام الجمحي ، عن ابن جعدة ، قال : كانت جعدة بنت الأشعث بن قيس تحت الحسن بن علي فدس إليها يزيد أن سمي حسنا حتى أتزوجك ، ففعلت ، فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها ، فقال : إنا والله لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا. مرض الحسن أربعين يوما ، وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة ، وهو ابن سبع وأربعين سنة ، وصلّى عليه سعيد بن العاص بالمدينة ، ودفن بالبقيع ، وقيل : إنه توفي في سنة خمسين ، وقيل : إحدى وخمسين.

ومنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في «المرتضى ـ سيرة سيدنا أبي

٥٤١

الحسن علي بن أبي طالب» (ص ٢٠٢ ط دار القلم دمشق) قال :

وسقي الحسن سما كان سبب موته ، يقول عمير بن إسحاق : دخلت أنا ورجل آخر من قريش على الحسن بن علي ، فقال : وقد سقيت السم مرارا ، وما سقيت مرة هي أشد من هذه ، وقد أخذ في السوق ، فجاء الحسين حتى قعد عند رأسه ، وقال : أي أخي ، من صاحبك؟ قال : تريد قتله؟ قال : نعم ، قال : لئن كان صاحبي الذي أظن فالله أشد نقمة ، وفي رواية : الله أشد بأسا وأشد تنكيلا ، وإن لم يكنه ما أحب أن تقتل بي بريئا.

وقد اجتمع الناس لجنازته حتى ما كان البقيع يسع أحدا من الزحام. روى الواقدي عن ثعلبة بن أبي مالك قال : شهدت الحسن يوم مات ودفن ببقيع ، ورأيت البقيع لو طرحت فيه إبرة ما وقعت إلّا على رأس إنسان.

وتوفي الحسن وهو ابن سبع وأربعين على الأصح. مات لخمس ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة خمسين (٥٠) ، وروي عن أبي جعفر قال مكث الناس يبكون على الحسن بن علي سبعا ما تقوم الأسواق.

وقد ولي الحسن بعد موت علي عليهما‌السلام لسبع بقين من شهر رمضان سنة أربعين ، وصالح معاوية في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ، ويسمى عام الصلح مع معاوية «عام الجماعة». فكانت خلافته ستة أشهر تمت بها ثلاثون سنة للخلافة.

ومنهم الفاضل الدكتور دوايت. رونلدسن في «عقيدة الشيعة» تعريب : ع ، م (ص ٩١ ط مؤسسة المفيد بيروت) قال :

والخبر عن وفاة الحسن. وكذلك الخبر الذي تأخذ به الشيعة هو أنه مات مسموما بعد عدة محاولات غير ناجحة لسمه.

فتذكر القصة أنهم اتفقوا مع خادم له يحمل طعامه ، أن يسمم له الطعام ، فكتب إليهم أنه فعل ذلك ثلاثا فلم يحدث شيء. فأرسلوا رسولا بكتاب إلى الخادم ومعه زجاجة بها سم قتال يقال أن قطرة منه في البحر تقتل السمك. وهذا السم هو «زهر

٥٤٢

هلاهل» كما يصفه أحد الشيوخ الايرانيين (أي السم الفتاك) بانه سائل يفرزه السقنقور في بعض الأحيان على سفح التل وهو قوي إلى درجة يتمكن بها من قتل أي حيوان إذا ضربه وإذا وقع على الأرض حفر سطحها. لكن الرسول كان جائعا فنزل في مرحلة ليأكل ، فلما أكل أصابه مغص شديد. فجاء ذهب وهو يتلوى فأكله أما ناقته فسلمت ووصل الكتاب والسم المرسل إلى خادم الحسن ، إلى يد الحسن نفسه. وكان عنده بعض الضيوف. فلما قرأ الكتاب وضعه تحت وسادته ولم يذكر شيئا وألح عليه أصحابه بالسؤال فلم يجبهم. وأصفر وجهه فقام أحد أصحابه وتمكن من أخذ الكتاب فلما قرأه مع آخرين قاموا وقتلوا الخادم الذي افتضح غدره.

وفي مرة أخرى أغرى مروان كما يذكر الشيعة إحدى زوجات الحسن بسمه وأقنعها أن يزيد ابن الخليفة يرغب تزوجها ولا يتمكن من ذلك ما دام الحسن حيا. فاتفقت معه على سمه. فوضعت له السم في المرة الاولى بالعسل وأطعمته إياه فمرض مرضا شديدا وأدرك ما جرى فذهب إلى قبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصلّى واحتك بحجر القبر وذهب عنه الألم شيئا فشيئا ويعتبر أنه شفى بمعجزة. وأخذ منذ ذلك الحين يشك بزوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس وتسمى أيضا بأسماء. وحاولت مرة أخرى تسميمه ووضعت السم في تمر وجاءته به في سلة فأمرها الحسن من باب الحيطة والحذر أن تأكل من التمر قبله ولما كانت تميز التمرات المسمومة أخذت حفنة من غير المسموم وأكلتها. وأخذ الحسن سبع تمرات مسمومات فشعر بمرض شديد فذهب إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرة أخرى فنجا بمعجزة. وبعد هذه الحوادث اضطربت أعصاب الحسن فقال لأصحابه أن صحته منذ سنوات عديدة لم تكن على ما يرام في المدينة وقد قرر الذهاب إلى الموصل. وكان أحد أسباب ذلك رغبته في الابتعاد من زوجته التي كان يخافها. وكان في الموصل رجل أعمى يكره الحسن عليه‌السلام فسمم رأس عكازته وجاءه يوما يطلب صدقة وكان الحسن جالسا متربعا وإحدى رجليه على الأرض

٥٤٣

ووضع الأعمى رأس عصاه على رجل الحسن وداسها بثقله. وأعلن الأطباء أن العصا كانت مسمومة وسقوه بعض الأدوية فشفى.

ولم يجد الحسن راحة التي كان ينشدها في الموصل فعاد إلى المدينة وسكن بعيدا عن زوجته التي شك فيها واتخذ الحيطة في مأكله ومشربه ولكن أسماء جاءت ليلا ومعها سم من الماس المسحوق. وكان إلى جانب الحسن إناء فيه ماء للشرب ففكرت في تسميم الماء ولكن فوهة الإناء كانت مشدودة بقطعة من القماش مختومة. غير أن القماش كان ناقعا فرشت السم عليه فامتصه فتسمم الماء ، ولما أمر الحسن ابنته أن تسقيه ماء ففعلت فأصابه مرض شديد حتى قذف باحشائه. وعلى كل حال فان هذا الوصف التصويري يذكر بأنه قذف بكبده قطعة قطعة حتى بلغت مائة وسبعين قطعة. وقال أحد الشيوخ الايرانيين ان الأطباء الحديثين يقولون ان هذا الأمر غير ممكن وقوعه وبذلك يلقون بعض الشك على تفاصيل شهادة الحسن ..

ويذكر في الأخبار أن الحسن عند ما كان على فراش الموت أخبر بأن من أعطته السم لا تنال ما تريد ، فيروى بناء على ذلك أن معاوية أرسل إليها بعد ذلك يقول : إننا نحب حياة يزيد ، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه.

وتروى قصة انهم أرادوا دفنه مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حسب وصيته ، وكان قد أخبر بأن عائشة ربما منعت دفنه هناك. فإذا فعلت ذلك فيدفن في البقيع إلى جانب امه. فلما حملوا جنازة الحسن إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبلغ مروان الخبر إلى عائشة فخرجت تمنع وقد ركبت بغلة وقالت ان دفن الحسن هناك مما يحط من قدر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغضب محمد بن الحنفية أخو الحسن من أبيه علي وقال لها خرجت على أبي وأنت على جمل واليوم جئت تشتميننا وأنت على بغلة ، وان خرجت غدا لخزي الإسلام فستكونين على فيل فغضبت عائشة من ذلك والتفتت إلى بني أمية وسألتهم كيف انها تخاطب بمثل ذلك وهم سكوت فسألوها وما نفعل فقالت ارموا جنازة الحسن بالسهام ففعلوا حتى سل منها سبعون

٥٤٤

نبلا. فأخذ بنو هاشم الجنازة ودفنوها بالبقيع كما أوصى الحسن إلى جانب امه فاطمة.

كلمات القوم من الصحابة والتابعين والعلماء في حق سيدنا الامام الحسن

عليه‌السلام

منها

كلام عبد الله بن عمر وعمرو بن العاص

رواه جماعة :

فمنهم الحافظ إمام الحنابلة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى ٢٤١ ه‍ في «مسند أهل البيت» (ص ٤٥) برواية ولده عبد الله (ط مؤسسة الكتب الثقافية بيروت) قال :

وأخرج البزار بإسناد رجاله رجال الصحيح ـ غير هاشم بن البريد ـ وهو ثقة عن رجاء بن ربيعة قال : كنت جالسا بالمدينة في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حلقة فيها أبو سعيد وعبد الله بن عمرو ، فمر الحسن بن علي فسلم ، فرد عليه القوم وسكت عبد الله بن عمرو ، ثم أتبعه فقال : وعليك السلام ورحمة الله ، ثم قال : هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء ، والله ما كلمته منذ ليالي (صفين). فقال أبو سعيد : ألا تنطلق إليه فتعتذر إليه؟ قال : نعم. فقام فدخل أبو سعيد فاستأذن ، فأذن له ، ثم استأذن لعبد الله بن عمرو ، فدخل ، فقال أبو سعيد لعبد الله بن عمرو : حدثنا بالذي حدثتنا به حيث مر الحسن فقال : نعم أحدثكم ، إن أحب أهل الأرض إلى أهل السماء. قال : فقال له الحسن : إذا علمت أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء فلم قاتلتنا ، أو كثرت يوم صفين؟ فقال : أما إني والله ما كثرت سوادا ، ولا ضربت معهم بسيف ولكني حضرت مع أبي ، أو كلمة نحوها. قال : أما علمت أنه لا طاعة لمخلوق

٥٤٥

في معصية الله؟ قال : بلى. ولكني أسرد الصوم على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فشكاني أبي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله! إن عبد الله ابن عمرو يصوم النهار ويقوم الليل ، قال : صم وأفطر ، وصل ونم ، فإني أنا أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، قال لي : يا عبد الله! أطع أباك. فخرج يوم صفين وخرجت معه. مجمع الزوائد (٩ / ١٧٦ ـ ١٧٧).

وذكره من طريق أخرى غير (البزار) عن الطبراني في المعجم الأوسط وذكر أن في إسناده علي بن سعيد بن بشير وفيه «لين» (٩ / ١٨٦ ـ ١٨٧).

ومنها

كلام أبي بكر

رواه جماعة :

منهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة ٧٤٢ في كتابه «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» (ج ٥ ص ٢٩٩ ط بيروت) قال :

ان أبا بكر رأى الحسن فأخذه على عنقه ، ثم قال : بأبي شبيها برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ليس شبيها بعلي ، وعلي يضحك. في صفة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (المناقب ٢٣ : ١) عن أبي عاصم ـ وفي الفضل الحسن (المناقب ٥٢ : ٥) عن عبدان ، عن ابن المبارك في المناقب (الكبرى ٧ : ١) عن محمد بن عبد الله المخرمي ، عن أبي داود ، عن سفيان ـ ثلاثتهم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، عنه به ومعنى حديثهم واحد. قيل : إن عمر بن سعيد تفرد به.

ومنهم الحافظ القاضي أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب المشتهر بالنسائي الخراساني المتوفى سنة ٣٠٣ ه‍ في كتابه «فضائل الصحابة» (ص ١٩ ط بيروت سنة ١٤٠٥) قال :

٥٤٦

أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال : أنا أبو داود ، عن سفيان عن عمر بن سعيد عن ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث ، قال : إني مع أبي بكر حين مرّ على الحسن فوضعه على عنقه ، ثم قال بأبي شبيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لا شبه علي ، وعلي معه ، فجعل يضحك.

ومنهم الفاضل المعاصر خالد عبد الرحمن العك ـ المدرس في إدارة الإفتاء العام بدمشق في «مختصر حياة الصحابة ـ للعلامة محمد يوسف الكاندهلوي» (ص ٣١٨ ط دار الايمان ـ دمشق وبيروت) قال :

وأخرج أبو نعيم والجابري في جزئه عن عبد الرحمن ابن الأصبهاني قال : جاء الحسن بن علي إلى أبي بكر رضي‌الله‌عنهم وهو على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : انزل عن مجلس أبي ، قال : صدقت ، إنه مجلس أبيك ، وأجلسه في حجره وبكى. فقال علي رضي‌الله‌عنه : والله ما هذا عن أمري. فقال : صدقت والله ما اتهمتك. وعن ابن سعد عن عروة أن أبا بكر خطب يوما فجاء الحسن فصعد إليه المنبر ، فقال : انزل عن منبر أبي ، فقال علي : إن هذا شيء من غير ملإ منا. كذا في الكنز (٣ / ١٣٢).

ومنها

كلام أبي هريرة

رواه جماعة :

منهم العلامة جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي الكلبي في «تهذيب الكمال» (ج ٦ ص ٢٣٠ ط مؤسسة الرسالة) قال :

وقال عبد الله بن عون عن عمير بن إسحاق أن أبا هريرة لقى الحسن بن علي فقال : ارفع ثوبك حتى اقبل ما رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبل فرفع عن بطنه

٥٤٧

فوضع فمه على سرته.

ومنهم الفاضل المعاصر خالد عبد الرحمن العك ـ المدرس في إدارة الإفتاء العام بدمشق في «مختصر حياة الصحابة ـ للعلامة محمّد يوسف الكاندهلوي» (ص ٣١٨ ط دار الايمان دمشق وبيروت) قال :

وأخرج أحمد عن عمير بن إسحاق قال : رأيت أبا هريرة رضي‌الله‌عنه لقي الحسن بن علي رضي‌الله‌عنهما فقال له : اكشف عن بطنك حيث رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبل منه ، فكشف عن بطنه فقبّله. وفي رواية. فقبل سرته. قال الهيثمي (٩ / ١٧٧) : رواه أحمد والطبراني إلّا أنه قال : فكشف عن بطنه ووضع يده على سرته. ورجالهما رجال الصحيح غير عمير بن إسحاق وهو ثقة. اه. وأخرجه ابن النجار عن عمير كما في الكنز (٧ / ١٠٤) وفيه : فوضع فمه على سرته.

وأخرج الطبراني عن المقبري قال : كنا مع أبي هريرة رضي‌الله‌عنه فجاء الحسن ابن علي رضي‌الله‌عنهما فسلّم فرد عليه القوم ، ومعنا أبو هريرة رضي‌الله‌عنه لا يعلم ، فقيل له : هذا حسن بن علي يسلّم ، فلحقه فقال : وعليك يا سيدي ، فقيل له : تقول : يا سيدي ، فقال : أشهد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إنه سيد قال الهيثمي (٩ / ١٧٨) : رجاله ثقات. وأخرجه أيضا أبو يعلى وابن عساكر عن سعيد المقبري نحوه كما في الكنز (٧ / ١٠٤). وأخرجه الحاكم (٣ / ١٦٩) وصححه.

ومنهم الفاضل المعاصر موسى محمد علي في كتابه «حقيقة التوسل والوسيلة على ضوء الكتاب والسنة» (ص ٤٩٩ ط عالم الكتب بيروت) قال :

وعن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : كنا مع أبي هريرة ، فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب فسلم علينا فرددنا عليه‌السلام ، ولم يعلم به أبو هريرة ، فقلنا له : يا أبا هريرة ، هذا الحسن بن علي قد سلم علينا ، فلحقه وقال : وعليك السلام يا سيدي ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : انه سيد.

٥٤٨

ومنها

كلام معاوية بن أبي سفيان

رواه جماعة :

فمنهم الحافظ أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي الكلبي في «تهذيب الكمال» (ج ٦ ص ٢٣٠ ط مؤسسة الرسالة بيروت) قال :

قال حريز بن عثمان عن عبادة بن حمزة ... عن معاوية رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمص لسانه ـ أو قال : شفتيه يعني الحسن بن علي وانه لن يعذّب لسان أو شفتان مصّهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله.

ومنهم المستشار سالم البهناوي في «الخلافة والخلفاء الراشدون بين الشورى والديمقراطية» (ص ٣١٧ ط ١ الزهراء للاعلام العربي القاهرة) قال :

إن معاوية أخذ بيد الحسن بن علي ، في مجلس له ، ثم قال لجلسائه : من أكرم الناس أبا واما وجدا وجدة؟ فقالوا : أمير المؤمنين أعلم ، فأخذ بيد الحسن وقال : هذا أبوه علي بن أبي طالب وامه فاطمة بنت محمد ، وجده رسول الله ، وجدته خديجة ...

ومنها

كلام نعمان بن العجلان الزرقي

رواه جماعة من الأعلام :

منهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر الدمشقي في «ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق» (ص ١٣٨ ط بيروت) قال :

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله اذنا ومناولة ، وقرأ عليّ اسناده ، أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين ، أخبرنا أبو الفرج المعافا بن زكريا ، أخبرنا الحسين بن علي

٥٤٩

المرزباني النحوي ، أخبرنا عبد الله بن هارون النحوي ، أخبرنا الحسن بن علي ، أخبرنا أبو عثمان قال : سمعت أبا الحسن المدائني يقول : قال معاوية وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف من أكرم الناس أبا واما وجدا وجدة وخالا وخالة وعما وعمة؟ فقام النعمان بن العجلان الزرقي ، فأخذ بيد الحسن فقال : هذا أبوه علي وامه فاطمة وجده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجدته خديجة وعمّه جعفر وعمته ام هاني بنت أبي طالب وخاله القاسم وخالته زينب ، فقال عمرو بن العاص أحبّ بني هاشم دعاك إلى ما عملت؟ قال ابن العجلان : يا ابن العاص ما علمت ، إنه من التمس رضى مخلوق بسخط الخالق حرّمه الله امنيّته ، وختم له بالشقاء في آخر عمره ، بنو هاشم أنضر قريش عودا ، وأقعدها سلما ، وأفضلها أخلاقا(أحلاما خ ل).

ومنهم الفاضل المعاصر السيد علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله يتصل نسبه بالحسين عليه‌السلام القاهري المصري المولود سنة ١٢٩٦ والمتوفى سنة ١٣٧٢ ه‍ بالقاهرة في كتابه «السمير المهذب» (ج ١ ص ١١٠ ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٣٩٩) قال :

روي أن معاوية بن أبي سفيان كان جالسا ـ فذكر مثل ما تقدم عن ابن عساكر ـ إلى : وخالته زينب.

ومنها

كلام العلامة فضل الله بن روزبهان الخنجي الاصفهاني المتوفى ٩٢٧ ه‍ في «وسيلة

الخادم إلى المخدوم ـ در شرح صلوات چهارده معصوم عليهم‌السلام»

(ص ١٣٩ ط كتابخانه عمومى آية الله العظمى نجفي بقم) قال :

اللهم وصلّ وسلم على الامام الثاني.

اى بار خدايا صلوات ده وسلام فرست بر امام دوم.

٥٥٠

از اينجا شروع در صلوات است بر حضرت امام دوم امير المؤمنين حسن عليه‌السلام وآن حضرت بعد از حضرت امير المؤمنين على عليه‌السلام امام به حق است وخلافت نبوت بدو ختم شده. وروايت كرده اند كه صباح آن شب كه حضرت امير المؤمنين على عليه‌السلام را دفن كردند حضرت امير المؤمنين حسن با برادران واكابر قوم خود به مسجد كوفه فرمودند وبر منبر رفت وفرمود : امشب مردى در گذشت كه هيچ كس از سابقان بدو نرسيده وهيچ كس از لاحقان بدو نرسند وهيچ درهم ودينارى ميراث نگذشت إلّا چند درهمى كه جهت آنكه خادم جهت اطفال بخرد مهيّا داشته بود ؛ بعد از آن عبد الله عباس در پايه منبر نشسته بود برخاست وخطبه كرد ومردمان را گفت شتابند وبا امام خود وفرزند حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم بيعت كنند. پس خلايق شتافتند وبا آن حضرت بيعت كردند وخلقي بسيار از لشكرهاى اسلام به بيعت آن حضرت درآمدند وكار خلافت وامامت تمام شد.

صاحب آيات المناقب من المثاني.

آن حضرت صاحب آيت هاى منقبت ها است از قرآن كه اسم آن مثاني است زيرا كه در آنجا جمع ميان وعده ووعيد شده ، واين اشارت است به آيات كه در مناقب آن حضرت واهل بيت فرود آمده وآن بسيار است از جمله آيات (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) الآية. وآيه (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

كاشف أسرار الحقائق والمعاني.

آن حضرت كشف كننده اسرار حقيقت ها است. واين اشارت است به علم ومعرفت آن حضرت واشارت [به] حقايق كه آن حضرت كشف فرموده. زيرا كه هر يك از ائمه دوازده گانه محل اسرار علوم الهى ومستقر اسرار وحكمت نامتناهى بوده اند وجميع حقايق علوم از اشارت ايشان كشف شده.

حارز قصبات السبق في المرابع والمعاني.

٥٥١

آن حضرت رباينده قصب هاى سبق است در منزلها ومقامها. وعرب را عادت است كه چون اسب دوانند در منتهاى دوانيدن اسب نى ها را بر زمين فرو برند كه هر كس پيش تر برسد ، آن را بربايد وآن را قصب السبق گويند وچون كسى در فضائل وكمالات بر همه كس سابق باشد ، گويند ؛ او قصب السبق از همه كس ربوده. واين اشارت است به سبق آن حضرت در كمالات ، وچون اول اولاد امير المؤمنين على عليه‌السلام است.

الفائق بمنقبة : نعم الراكب على السائر والباري.

آن حضرت فايق است به منقبت فرموده خوشا سوارى كه اوست بر هر كسى كه سير مى كند وهر كس كه ساكن است. وآن اشارت است بدانچه در حديث وارد شده از روايت عبد الله عباس كه او گفت : حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم امير المؤمنين حسن را بر دوش مبارك خود نشانده بود. مردى گفت : خوش مركبي كه تو سوار شدى اى پسر ، آن حضرت فرمود : خوش سوارى كه اوست ؛ ودر اين فقره بدان سخن اشارت بود.

المتولعة إلى جماله الحور والغوالي.

آن حضرت مشتاق وحريص است به سوى جمال او حوران بهشت كه ايشان بى نيازند از آرايش از بس كه آراسته وصاحب حسن اند. واين اشارت است به كمال حسن وكمال جمال آن حضرت به غايتي كه حوران بهشت با وجود آن حسن وصفا مشتاق ديدار وحريص جمال آن حضرت بوده اند. روايت كرده اند كه حضرت بسيار ماننده بود به حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم وكسى در زمان آن حضرت ماننده تر به حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم نبود وحضرت امير المؤمنين على عليه‌السلام فرمود كه حسن به حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم ماننده تر است از سينه تا سر ، وحسين به حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم ماننده تر است از سينه تا شيب ؛ وروايت كرده اند كه آن حضرت زن بسيار

٥٥٢

مى كرده واز كمال جمال او ، زنان بدو شيفته بوده اند وهر زن كه آن حضرت مى خواسته وطلاق مى گفته ديگر رجعت نمى نموده وزنان را صداقها ومتعه هاى وافى مى داده تا به رضا وطيب خاطر از او مفارقت كنند ؛ ودر اخبار آمده كه نوبتى زنى را طلاق داده وده هزار درهم يا زيادت متعه او داده چون مال آن متعه را پيش آن زن برده اند گفته : متاع قليل عن حبيب مفارق. يعنى متاعي اندك از دوستى كه مفارقه كرده. اين سخن را بدان حضرت رسانيده اند فرمود : اگر من زنى را رجعت كردمى اين را رجعت مى كردم.

الفاتح لأبواب المنائح على البائس والعاني.

آن حضرت گشاينده درهاى بخششهاست بر درويش واسير. واين اشارت است به كرم وعطاى آن حضرت. روايت كرده اند كه آن حضرت عطاى بسيار مى فرمود : واز مشهوران كريمان بنى هاشم آن حضرت است. وحكايات آن حضرت بسيار است.

التارك شوكة الخلافة تبرّما من المتاع الفاني.

آن حضرت ترك كننده است شوكت خلافت را از جهت سير برآمدن از متاع فانى دنيا. واين اشارت بدانكه آن حضرت به اختيار ترك خلافت كرد. چنانچه روايت كرده اند كه چون اهل كوفه با آن حضرت بيعت كرده اند ولشكرهاى بسيار از شيعه [با] آن حضرت بيعت كرده اند وشيعه آن حضرت وامراى عرب نزد آن حضرت جمع شدند ، عزم قتال شام فرمود با چهل هزار مرد آراسته از كوفه بيرون رفت ودر مقدمه لشكر قيس بن سعد بن عبادة را با دوازده هزار سوار روانه گردانيد وايشان به جزيره وموصل آمدند وآن حضرت با برادران ولشكر به مداين آمدند ومدتي در قصر مداين ساكن شد واعتماد بر وفاى كوفيان نداشت زيرا كه مى دانست كه در باطن با آن حضرت راست نيستند ومكاتيب با اهل شام مى نويسند ؛ ونيز انديشه فرمود كه مستولى شام ، ترك ملك نمى كند واهل شام با او موافقند ؛ ديگر خون مسلمانان ريخته مى شود. پس كتابت به معاويه نوشت وبا او صلح كرد.

٥٥٣

الحافظ لجماجم عساكر الإسلام من القاصي والداني.

آن حضرت نگاه دارنده كله هاى سر لشكرهاى اسلام است ، از دور ونزديك. يعنى هر دو لشكر را كه دوران ومخالفان ونزديكان وموافقان بودند ، از قتل وهلاك نگاه داشت ، وبر ايشان ترحم فرموده ، خلافت را بگذاشت تا خون مسلمانان ريخته نشود. روايت كرده اند كه آن حضرت چون در مداين فرود آمد با آن حضرت لشكرها بود ، همچو كوه وآن حضرت فرموده كه كله هاى سر عرب تمامى در دست من بود من آن را نگاه داشتم از براى خداى تعالى ، ونگذاشتم كه ايشان هلاك شوند واين نهايت شفقت ومرحمت است كه كسى ملك وخلافت را بگذارد تا مؤمنان وبندگان خدا هلاك نشوند. واين از كمال كرم واحسان اوست.

الراحم على المسلمين برفع الموت الأحمر القاني.

آن حضرت رحم كننده است بر مسلمانان به برداشتن مرگ سوخ سخت سرخ ؛ مراد از مرگ سرخ قتل و [از سخت] مبالغه در سرخى [است] وآن اشارت است بدانكه خون بسيار در ميان مسلمانان شده بود وآن حضرت رحم فرمود وآن خون را از ميان ايشان برداشت بافكند [ن] صلح.

المصلح بين الفئتين العظيمتين لتأييد الدين وتشييد المباني.

آن حضرت اصلاح كننده است ميان دو گروه بزرگ از براى تقويت دين ومحكم گردانيدن بناهاى اسلام. واين اشارت است بدانكه آن حضرت اصلاح فرمود ميان لشكرها. چنانچه در حديث صحيح وارد شده كه آن حضرت [پيغمبر] در بالاى منبر بود وحضرت امير المؤمنين حسن نزد آن حضرت نشسته بود آن حضرت فرمود : اين پسر من سيد است وزود باشد كه خداى تعالى اصلاح كند به واسطه او ميان دو گروه بزرگ از مسلمانان.

سيد شباب أهل الجنة ، في الجنة ذات القطوف الدواني.

آن حضرت سيد جوانان اهل بهشت است كه آن بهشت خداوند [صاحب]

٥٥٤

خوشه هاست كه نزديكند از جهت چيدن آن خوشه ها ؛ واين اشارت است به حديث صحيح كه حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم فرمود : حسن وحسين سيدان جوانان اهل بهشت اند در بهشت واين از مناقب آن دو حضرت است.

أبي محمد الحسن بن علي السيد الرضا السبط الزكي.

كنيت آن حضرت ابو محمد است وآن حضرت را فرزندان بوده وبزرگتر ايشان حسن مثنى نام داشته وديگر زيد بن الحسن وفاطمه بنت حسين زوجه حسن مثنى بوده ؛ واسم مبارك آن حضرت اول حرب بوده وحضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم او را حسن نام كرده چنانچه مذكور شد. واز جمله القاب آن حضرت يكى سيد است ويكى رضا به واسطه آنكه كمال رضا وتواضع او را حاصل بوده ويكى ديگر سبط ؛ زيرا كه آن حضرت سبط حضرت پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم است ويكى ديگر زكى به واسطه كمال پاكى وطهارت كه آن حضرت داشته. اين القاب مشهور است.

الشهيد بالسم النتيع ، المدفون بالبقيع.

آن حضرت شهيد است به زهر پالوده خالص ودفن كرده شده است در بقيع. واين اشارت است به سبب شهادت آن حضرت ؛ روايت كرده اند كه چون آن حضرت با اهل شام صلح كرد وخلافت را بگذاشت وبا اهل وجماعت وساير اولاد امير المؤمنين على عليه‌السلام به مدينه نقل فرمود ومدتي در آنجا ساكن شد بعد از آن جعدة بنت اشعث بن قيس كه زوجه آن حضرت بود ، آن حضرت را زهر داد وآن حضرت مريض شد. روايت كرده اند كه در مرض موت مى فرمود كه : مرا چند نوبت زهر دادن ؛ اين نوبت اثر آن در رگ جان خود درمى يابم. چون مرض اشتداد يافت فرمود : فرش مرا نقل كنيد بن صحن خانه ، شايد كه در ملكوت آسمان وزمين نظر كنم. بعد از آن وفات فرمود. ولادت آن حضرت در مدينه بود در شب نصف رمضان سنه اثنين از هجرت ، ودر بعضى روايت سنه ثلاث از هجرت ؛ ودر مدينه وفات

٥٥٥

فرمود در بيست وهشتم صفر سنه خمسين از هجرت ؛ وسن مبارك آن حضرت چهل وهفت سال وچند ماه بود وآن حضرت را در بقيع دفن كردند آنجا كه امروز قبّه ساخته اند ، منسوب بدان حضرت وبه عباس بن عبد المطلب است.

اللهم وصلّ على سيدنا محمد وآله سيّما الامام المجتبى الحسن الرضا وسلّم تسليما.

ومنها

كلام الفاضل المعاصر موسى محمد علي في كتابه «حليم آل البيت الامام الحسن بن

علي رضي‌الله‌عنه» (ص ٩٩ ط عالم الكتب بيروت) قال :

لا رتبة فوق رتبة النبوة ، ولا درجة أعلى من درجة الرسالة. والله سبحانه وتعالى أجرى سنته ألا يخص بإفضاله ، وجميل صنعه وإقباله ، إلّا من يسمو إليه طرفه بالإجلال ، وألا يوضح له قدره بين الاضراب والاشكال. ولكن ليس الأمر كما تذهب إليه الأوهام ، ولا كما يعتقد فيه الأنام ، بل الجواهر مستورة في معادنها ، وقيمة المحال بساكنيها. فمن صبر على مقساة الذل في الله تعالى ، وضع الله على رأسه قلنسوة العرفان ، فهو العزيز سبحانه ، الذي لا يشمت بأوليائه أعداءهم ولا يضيع من جميل عهده جزاءهم. فهم الذين سبقت لهم منه العناية ، وصدقت فيهم الولاية فبقوا على الحق من غير تحريف ولا تحويل ، وأدركتهم الرحمة السابقة ، فلم تتطرق إليهم مفاجأة تغيير ولا خفى تبديل.

وسيدنا الحسن بن علي رضي‌الله‌عنه ، من الذين سبقت لهم من الله العناية ، واختصهم بالولاية ، فالتزموا بالحق للحق ، فأدركتهم رعاية الحق ، حتى أوضح الله قدرهم بين الأشكال والألوان ، ووضع على رءوسهم قلنسوة الهداية والعرفان ، فأحبهم صلوات الله وسلامه عليه ، لحبهم لله تعالى ، وآثرهم بالترغيب فيهم ، والحث عليهم ، لقربهم منه سبحانه.

٥٥٦

ولقد توالت آيات الله تعالى ، على إمامنا الحسن بن علي رضي‌الله‌عنه ، وأسبغ الله نعمه عليه ، حتى أفعم قلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحبه ، وأمر بحبه ، وحث على حبه ، حتى جاء ذلك واضحا في الصحيح من السنة.

وقال أيضا في ص ١٣٢ : دواعي الحق بحسن البيان ناطقة ، وألسنة الخلق فيما ورد به التكليف صادقة. وخواطر الغيب بكشف ظلم الريب مفصحة ، وزواجر التحقيق عن متابعة التمويه للقلوب ملازمة. غير أن الهداية ليست من حيث السعاية ، وإنما الهداية من حيث البداية. وليست الهداية بفكر العبد ونظره ، وإنما الهداية بفضل الحق وجميل ذكره. فمن قام بحق الله تعالى ، تولى الله أموره ، على وجه الكفاية ، فلا يخرجه إلى أمثاله ، ولا يدع شيئا من أحواله ، إلّا أجراه على ما يريده بحسن إفضاله. فإن لم يفعل ما يريده ، جعل العبد راضيا بما يفعل ، وروح الرضا على الأسرار ، أتم من راحة العطاء على القلوب.

وإمامنا الجليل الحسن بن علي رضي‌الله‌عنه ، له من شهادة الخلق ، ما يعبر عنه بأقلام الحق ، ومن ثناء الخلق ما يعد من دواعي الحق. فمنذ أن نشأ ، رضي‌الله‌عنه ، وهو يرى أن تقوى الله حمته من محارمه ، وألزمت قلبه مخافته ، حتى أسهرت لياليه ، وأظمأت هواجره ، فأخذ الراحة بالنصب ، والري بالظمإ ، واستقرب الأجل ، فبادر العمل ، وكذب الأمل. والباحث في تاريخه رضي‌الله‌عنه والدارس لسيرته ، والمتتبع لآثاره ، يجد من كلام الرواة الثقات ، والحافظ المكثرين ما يبين لنا بوضوح واضح ، منزلة الامام الحسن بن علي رضي‌الله‌عنه ، عندهم ، ومكانته لديهم.

يقول عنه أبو نعيم في الحلية : فأما السيد المحبب ، والحكيم المقرب ، الحسن بن علي رضي‌الله‌عنهما. فله في معاني المتصوفة الكلام المشرق المرتب ، والمقام المؤنق المهذب.

ويقول ابن أسعد اليافعي : ومن توكله : أنه بلغه أن أبا ذر يقول : الفقر أحب إليّ من الغنى ، والسقم أحب إليّ من الصحة. فقال : رحم الله أبا ذر ، أما أنا فأقول : من اتكل

٥٥٧

على حسن اختيار الله تعالى له ، لم يختر غير ما اختار الله له.

ثم يعلق الحافظ الذهبي على هذا فيقول في سير أعلام النبلاء : وهذا حد الوقوف على الرضا مما تصرف به القضاء انتهى.

ويعبر ابن قتيبة في كتابه النفيس (عيون الأخبار) عن منزلة الامام الحسن رضي‌الله‌عنه ، عند الناس فيقول : مقام الحسن عند عمر بن هبيرة : كتب ابن هبيرة إلى الحسن ، وابن سيرين ، والشعبي ، فقدم بهم عليه ، فقال لهم : إن أمير المؤمنين يكتب إليّ في الأمر ، إن فعلته خفت على ديني ، وإن لم أفعله خفت على نفسي. فقال له ابن سيرين ، والشعبي قولا رققا فيه. وقال له الحسن : يا ابن هبيرة ، إن الله يمنعك من يزيد ، وإن يزيد لا يمنعك من الله. يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله. يا ابن هبيرة : إنه يوشك أن يبعث الله إليك ملكا فينزلك عن سريرك إلى سعة قصرك ، ثم يخرجك عن سعة قصرك إلى ضيق قبرك ، ثم لا ينجيك إلّا عملك ، يا ابن هبيرة : إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فأمر له بأربعة آلاف درهم. وأمر لابن سيرين والشعبي بألفين ، فقالا : رققنا فرقق لنا انتهى.

وأخرج اليعقوبي في تاريخه بسنده قال : قال معاوية : ما تكلم عندي أحد كان أحب إلي إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي ، وما سمعت منه كلمة فحش قط ، إلّا مرة ، فإنه كان بين الحسن بن علي ، وبين عمرو بن عثمان بن عفان ، خصومة في أرض ، فعرض الحسن بن علي أمرا ، لم يرضه عمرو؟ فقال الحسن ليس له عندنا إلّا ما رغم أنفه ، فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه قط. انتهى.

ويقول الهجويري في الكشف : عند ما ارتفع شأن القدريين ، وكانت لهم الغلبة ، وانتشر مبدأ أهل الاعتزال في الدنيا ، كتب الحسن البصري إلى الحسن بن علي وقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام عليك يا ابن رسول الله ، وقرة عينه ، ورحمة الله وبركاته ، أما بعد : فإنكم معشر بني هاشم كالفلك الجارية في اللجج ، ومصابيح الدجى ، وأعلام الهدى والأئمة القادة ، الذين من تبعهم نجا ، كسفينة نوح المشحونة ،

٥٥٨

التي يأوي إليها المؤمنون ، وينجو بها المتمسكون. فما قولك يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند حيرتنا في القدر ، واختلافنا في الاستطاعة؟ لتعلمنا بما تأكد عليه رأيك ، فإنكم ذرية بعضها من بعض ، يعلم الله علمكم ، وهو الشاهد عليكم ، وأنتم شهداء على الناس ، والسلام.

وحينما وصله الخطاب أجابه قائلا : أما بعد : فقد انتهى إليّ كتابك ، عند حيرتك وحيرة من زعمت من أمتنا ، والذي عليه رأي : أن من لم يؤمن بالقدر خيره وشره ، فقد كفر ، ومن حمل المعاصي على الله فقد فجر ، إن الله لا يطاع بإكراه ، ولا يعصى بغلبة ، ولا يهمل العباد من المملكة ، ولكنه المالك لما ملكهم ، والقادر على ما غلب عليه قدرتهم ، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن لهم صادا ، ولا لهم عنا مثبطا ، فإن أتوا بالمعصية ، وشاء أن يمن عليهم ، ويحول بينهم وبينها فعل ، وإن لم يفعل فليس هو حملهم عليها إجبارا ، ولا ألزمهم إياه إكراها باحتجاجه عليهم ، أن عرضهم ومكنهم ، وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما دعاهم إليه ، وترك ما ينهاهم عنه ، ولله الحجة البالغة والسلام.

ثم يعلق الهجويري على هذا فيقول : ويقصد الحسن أن العبد مختار في كسبه بقدر استطاعته من الله عزوجل والدين بين الجبر والقدر ، ولم يكن مرادي من هذا الخطاب إلّا هذه الكلمة ، ولكني أوردتها بجملتها ، لأنها بينة الفصاحة والبلاغة ، وقد أوردتها لأبين إلى أي درجة بلغ رضي‌الله‌عنه في علم الحقائق والأصول ، فإشارة الحسن البصري بالرغم من بلاغتها ، تعد من بدء العلم.

وقد قرأت أنه بينما كان الحسن بن علي جالسا عند باب داره في الكوفة ، إذ جاء أعرابي فسبه وسب أباه وامه ، فنهض الحسن بن علي قائلا : أيها الأعرابي ، أجوعان أنت حتى أطعمك ، أم ظمآن حتى أرويك ، أم ما ذا بك؟ فلم يلتفت الأعرابي إليه ، بل استمر في سبابه ، فأمر الحسن عبده أن يأتي بكيس من الفضة ، ثم أعطاه للرجل قائلا : عفوا أيها الأعرابي ، فليس لدي غيره ، ولو كان لدي المزيد لأعطيتك. وعند ما سمع

٥٥٩

الأعرابي منه هذا القول صاح : أشهد أنك ابن بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقد جئتك أختبر حلمك. ثم قال : هكذا يكون أولياء الله الحقيقيون ، الذين لا يهمهم ، أمدحهم الناس أم لاموهم ، والذين يسمعون اللوم هادئين فيستوي عندهم مدح الخلق لهم أو قدحهم فيهم.

وأخرج ابن حجر في تهذيب التهذيب بسنده قال : قال جويرة : لما مات الحسن ابن علي بكى مروان في جنازته ، فقال الحسين : أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟ فقال إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا ، وأشار بيده إلى الجبل.

ويقول ابن خلكان في وفيات الأعيان : كان الحسن إذا فرغ من الوضوء تغير لونه ، فقيل له في ذلك ، فقال : حق على ما أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه اه.

وأخرج الحافظ ابن كثير بسنده قال : ما قامت النساء عن مثل الحسن بن علي.

وقال غيره : كان الحسن إذا صلّى الغداة في مسجد رسول الله ، يجلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس ، ثم يسند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، رجل له شرف إلّا أتاه ويجلس إليه من يجلس ، من سادات الناس يتحدثون عنده ، ثم يقوم فيدخل على أمهات المؤمنين فيسلم عليهن ، فربما أتحفنه ثم ينصرف إلى منزله ، وما نزل لمعاوية عن الخلافة إلّا من ورعه ، صيانة لدماء المسلمين.

كان له على معاوية في كل عام جائزة ، وكان يفد إليه ، فانقطع سنة عن الذهاب وجاء وقت الجائزة فاحتاج الحسن فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم ، وراتبه في كل سنة مائة ألف ، إليها ـ وكان من أكرم الناس ـ فأراد أن يكتب إلى معاوية ليبعث بها إليه ، فلما نام تلك الليلة رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في المنام فقال له : يا بني أتكتب إلى مخلوق بحاجتك؟ وعلمه دعاء يدعو به ، فترك الحسن ما كان هم به من الكتاب ، فذكره معاوية وافتقده ، وقال : ابعثوا إليه بمائتي ألف ، فلعل له ضرورة في تركه القدوم علينا ، فحملت إليه من غير سؤال.

٥٦٠