إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٢

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

__________________

مقتلة أعظم منها.

وقال الفاضل المعاصر مأمون غريب المصري القاهري في «خلافة علي بن أبي طالب عليه‌السلام» (ص ٩٠ ط مكتبة غريب في القاهرة) :

فانطلق عدد كبير من أهل الكوفة قدره البعض باثني عشر ألف مقاتل للانضمام لجيش الإمام ، وقال بعض المؤرخين أنهم أقل من ذلك ، وعند ذي قار التقوا بالإمام فخطبهم قائلا ـ فذكر الخطبة الشريفة.

وقال الفاضل المعاصر جميل إبراهيم حبيب البغدادي في «سيرة الزبير بن العوام» (ص ١٣٩ ط الدار العربية للموسوعات):

قال عبد الله بن مصعب ، قال : أرسل علي بن أبي طالب رحمه‌الله عبد الله بن عباس ، لما قدم البصرة ، فقال : ايت الزبير ولا تأت طلحة ، فإن الزبير ألين ، وإنك تجد طلحة كالثور عاقصا قرنه ، يركب الصعوبة ويقول هي أسهل ، فاقرأه السّلام ، وقل له : يقول لك ابن خالك ، عرفتني بالحجاز وانكرتني بالعراق ، فما عدا مما بدا لك. قال : فأتيت الزبير. فقال : مرحبا يا ابن لبابة ، أزائرا جئت أم سفيرا؟ فقلت : كل ذلك ، وأبلغته ما قال علي ، فقال الزبير : أبلغه وقل له : بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة وانفراد واحد وام مبرور ومشاورة عشيرة ونشر المصاحف فنحلّ ما أحلت ونحرم ما حرمت.

وقال الفاضل المعاصر عبد الوهاب النجار في «الخلفاء الراشدون» (ص ٣٨٧ ط ١ دار القلم ـ بيروت):

جاء طلحة والزبير واستأذنا عليا في العمرة ، فأذن لهما وهو يعلم أنهما لا يريدان ذلك وأنهما خرجا كراهة لأمره ـ إلى أن قال :

قال ابن قتيبة : إنهما قالا لعلي : هل تدري يا علي علام بايعناك؟ قال : نعم على السمع والطاعة وعلى ما بايعتما أبا بكر وعمر وعثمان. فقالا : لا ولكن بايعناك على أنا شريكاك في الأمر ، قال علي : لا ، ولكنكما شريكان في القول والاستقامة والعون على العجز والأود. قال : كان الزبير لا يشك في ولاية العراق وطلحة في اليمن. فلما استبان لهما أن عليا غير موليهما شيئا أظهرا الشكاة ، فتكلم الزبير في ملإ من قريش فقال: هذا

٤٠١

__________________

جزاؤنا من علي قمنا له في أمر عثمان حتى أثبتنا عليه الذنب وسببنا له القتل وهو جالس في بيته وكفى الأمر ، فلما نال بنا ما أراد جعل دوننا غيرنا ، فقال طلحة : ما اللوم إلا أنا كنا ثلاثة من أهل الشورى كرهه أحدنا وبايعناه وأعطيناه ما في أيدينا ومنعنا ما في يده فأصبحنا قد أخطأنا ما رجونا. وأنهى قولهما إلى علي فدعا عبد الله بن عباس وكان استبطنه فقال : قد بلغك قول هذين الرجلين؟ قال : نعم بلغني قولهما. قال : فما ترى؟ قال : أرى أنهما أحبا الولاية ، فول البصرة الزبير وول طلحة الكوفة ، فإنهما ليسا بأقرب إليك من الوليد وابن عامر من عثمان ، فضحك علي ثم قال : ويحك إن العراقين بهما الرجال والأموال ومتى تملكا رقاب الناس يسملان السفيه بالطمع ويضربان الضعيف بالبلاء ويقويان على القوي بالسلطان ، ولو كنت مستعملا أحدا لضره أو نفعه لاستعملت معاوية على الشام ، ولو لا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي. قال : ثم أتى طلحة والزبير إلى علي فقالا : يا أمير المؤمنين ، ائذن لنا إلى العمرة فإن تقم إلى انقضائها رجعنا إليك وإن تسر نتبعك. فنظر إليهما وقال : نعم ، والله ما العمرة تريدان ، أمضيا إلى شأنكما فمضيا.

وقال الفاضل المعاصر محمد رضا في «الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين» (ص ١٢٨ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) :

قالت المعتزلة : كل أصحاب الجمل هالكون إلا من ثبتت توبته منهم. قالوا : وعائشة ثبتت توبتها وكذلك طلحة والزبير ، أما عائشة فإنها اعترفت لعلي عليه‌السلام يوم الجمل بالخطإ وسألته العفو ، وقد تواترت الرواية عنها بإظهار الندم وأنها كانت تقول : ليته كان لي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنون عشرة كلهم مثل عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام وثكلتهم ، ولم يكن يوم الجمل ، وإنها كانت تقول : ليتني مت قبل يوم الجمل ، وإنها كانت إذا ذكرت ذلك اليوم تبكي حتى تبل خمارها.

وأما الزبير فرجع عن الحرب معترفا بالخطإ لما أذكره علي عليه‌السلام ما أذكره. وأما طلحة فإنه مر به وهو صريع فارس فقال له : قف ، فوقف. قال : من أي الفريقين أنت؟ قال : من أصحاب أمير المؤمنين. قال : أقعدني ، فأقعده. فقال : امدد

٤٠٢

إخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لعلي عليه‌السلام عما يكون بينه وبين عائشة

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل المعاصر محمد ولي الله عبد الرحمن الندوي في «نبؤات الرسول ما تحقق منها وما يتحقق» (ص ٩٣ ط دار السّلام) قال :

أخرج الإمام أحمد في مسنده فقال : ثنا حسين بن محمد ، ثنا الفضيل يعني ابن سليمان ، ثنا محمد بن أبي يحيى ، عن أبي أسماء مولى بني جعفر ، عن أبي رافع : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعلي بن أبي طالب : إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر. قال : أنا يا رسول الله؟ قال : نعم ، قال : أنا؟ قال : نعم ، قال : فأنا أشقاهم يا

__________________

يدك لأبايع أمير المؤمنين فبايعه.

وقالت المعتزلة : ليس لقائل أن يقول ما يروى من أخبار الآحاد بتوبتهم لا يعارض ما علم من معصيتهم. قالوا : لأن التوبة إنما يحكم بها للمكلف على غالب الظن في جميع المواضع لا على القطع ، ألا ترى أنا نجوّز أن يكون من أظهر التوبة منافقا وكاذبا فبان المرجع في قبولها في كل موضع إنما هو إلى الظن فجاز أن يعارض من معصيتهم بما يظن من توبتهم.

وقالت الإمامية : كفر أصحاب الجمل كلهم الرؤساء والأتباع. وقال قوم من الحشوية والعامة : اجتهدوا فلا إثم عليهم ولا نحكم بخطئهم ولا خطأ علي عليه‌السلام وأصحابه. وقال قوم من هؤلاء : بل نقول أصحاب الجمل أخطئوا ولكنه خطأ مغفور كخطإ المجتهد في بعض مسائل الفروع عند من قال بالأشبه ، وإلى هذا القول يذهب أكثر الأشعرية.

٤٠٣

رسول الله؟ قال : لا ولكن إذا كان كذلك فارددها إلى مأمنها.

ومنهم العلامتان الشريف عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد في «جامع الأحاديث» (ج ٣ ص ٢٢٢ ط دمشق) قالا :

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها ـ يعني عائشة ـ قال لعلي (ك) ، عن أم سلمة.

وقالا أيضا في ج ٤ ص ٣٤٧ :

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سيكون بينك وبين عائشة أمر. قاله لعلي ، قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال : لا ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها (حم ، طب). عن أبي رافع.

أقول : في تعاليق كتاب «نبوات الرسول» الماضي ـ للندوي قال : هذا الحديث يتعلق بسيدنا علي وعائشة رضي‌الله‌عنهما رواه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبو رافع رضي‌الله‌عنه.

أخرجه أحمد في مسنده ٦ / ٣٩٣ بلفظه.

والبزار في مسنده كما في كشف الأستار ٤ / ٩٣ (ح ٣٣٧٢) بلفظه.

والطبراني في معجمه الكبير ١ / ٣٣٢ (ح ٩٩٥) بمثله.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ٢٣٤ وقال : رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله ثقات.

وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية ٢ / ٣٦٦ (ح ١٤١٩) بلفظه وقال : قال يحيى بن معين : الفضيل ليس بثقة.

قلت : قد وثقه ابن حبان حيث ذكره في كتابه الثقات ، وقال الذهبي عنه : صدوق وقال ابن حجر : صدوق له خطأ كثير وكذلك حديثه في الكتب الستة ، ولعل هذا ما

٤٠٤

حمل الهيثمي يقول في أسانيد أحمد والبزار والطبراني ـ وفيها فضيل بن سليمان ـ رجاله ثقات. راجع تهذيب الكمال ٢ / ١١٠٢ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٣٦١ ، تقريب التهذيب ٢ / ١١٢.

مستدرك

قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأزواجه :

يا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب

تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ٨ ص ٤٧١ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم الأستاذ أحمد شلبي في «موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية» (ج ١ ص ٦١٩ ط مكتبة النهضة المصرية)

ذكر قصة ماء الحوأب ونبح كلابها وأن ابن الزبير أقسم لها أن ذلك ليس ماء الحوأب ، واستشهد لها ببعض الأعراب وكان قد اكتراهم لذلك.

ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الغفور عطار في كتابه «عائشة» (ص ١٦٥ ط مكة المكرمة) قال :

قالت أم سلمة لعائشة رضي‌الله‌عنهما أحسن الرضا : وأذكرك أيضا ، كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس له حيسا ، وكان الحيس يعجبه ، فرفع رأسه وقال : يا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة الصراط؟ فرفعت يدي من الحيس فقلت : أعوذ

٤٠٥

بالله وبرسوله من ذلك ، فضرب على ظهرك وقال : إياك أن تكوني فيها؟ إياك أن تكونيها يا حميراء ، أما أنا فقد أنذرتك. قالت عائشة : نعم ، أذكر هذا.

ومنهم العلامة الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي الحنفي المتوفى سنة ٧٣٩ في «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان» (ج ٨ ص ٢٥٨ ط بيروت) قال :

أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع وعلي بن مسهر ، عن اسماعيل ، عن قيس قال : لما أقبلت عائشة مرت ببعض مياه بني عامر طرقتهم ليلا فسمعت نباح الكلاب فقالت : أي ماء هذا؟ قالوا : ماء الحوأب. قالت : ما أظنني إلا راجعة. قالوا : مهلا يرحمك الله! تقدمينا فيراك المسلمون فيصلح الله بك ، قالت : ما أظنني إلا راجعة ، إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب.

ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ١٦٧ ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

وفي «كنز العمال» عن أم راشد قالت : سمعت طلحة والزبير يقول أحدهما لصاحبه : بايعته أيدينا ولم تبايع قلوبنا ، فقلت لعلي فقال : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (١).

__________________

(١) قال محمد بن عبد الله الإسكافي في المعيار والموازنة ص ٥٣ : فلما بلغه [أمير المؤمنين علي عليه‌السلام] رضي‌الله‌عنه وعن جميع المؤمنين مسير طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : قد صارت عائشة والزبير وطلحة وكل يدعى الأمر دون صاحبه يطلبه طلحة لأنه ابن عم عائشة ولا يرى الزبير إلا أنه أحق بالخلافة لأنه ختن عائشة ، فو الله لئن ظفروا بما يريدون ولا يرون ذلك أبدا ليضربن طلحة عنق الزبير

٤٠٦

__________________

والزبير عنق طلحة ، تنازعا شديدا على الملك ، والله إن راكبة الجمل لا تصعد عقبة ولا تنزل منزلا إلا إلى معصية الله وسخطه حتى تورد نفسها ومن معها متألف الهلكة يقتل ثلثهم ويهزم ثلثهم ويتوب ثلثهم ، والله لتنبحنها كلاب الحوأب ، فهل يعتبر معتبر أو يتفكر متفكر؟ والله إن طلحة والزبير ليعلمان أنهما مخطئان وما يجهلان ، ولرب عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه.

فتدبّروا رحمكم الله هذه الأنباء ففيها التبيان والشفاء ، وتفهّموا ما يرد عليكم من الهدى ، ولا يذهبنّ عنكم صفحا لتعلموا أن أموره مبنيّة على يقين متقدّم ، وعلم ثاقب وحجّة بالغة. لا يهم عند الشدائد ولا يفتر عند النوازل ، أمره في التقدم والبصيرة أمر واحد لا يضجع في القول ، ولا يفتر عند الإقدام ، ولا يفرّق بين حاله أيام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبين هذه الحال في الجهد والاجتهاد ، والقوّة والعزم والبصيرة في جميع أموره [فلاحظوا أحواله] لتعلموا أن أعماله مبنية على أساس اليقين ، وأموره ماضية على البصيرة في الدين ، وأن هذه الأفعال لا يبينها إلا علم نافذ و [أن] أموره لا تتسق ولا تتفق إلا لمن اعتمد على الثقة والمعرفة ، وأيّد بالنصر من الله والملائكة.

ثم قوله [عليه‌السلام] على المنبر : إنه لم ير إلا قتالهم أو الكفر بما أنزل الله.

لا يجترئ من خالفه أن يدعي مثل هذه ولا يقدم أحد على تكذيبه ، فأين هذه إلا له.

ثم نتبع هذا الكلام بأن نقول : [إنه كان يقول] : إنه لعهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلي أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

فهل تجد لمن خالفه مثل هذه الدعوى قبل النظر في الحجة؟ وما تجد لهم إلا عللا ملفقة ينكرها من سمعها ، ويستدل على ريبة القوم بها وضعفهم عند ذكرها ، فمرة يطلب بدم عثمان ، ومرة بايعنا مكرهين ، ومرة جئنا لنصلح بين الناس مع ما يرد عليهم من الإحتجاج ، ممن رأى الإختلاف في قولهم والتناقض في منطقهم ، وما تروون من تلوّن عائشة ، وروايتكم عنها مرة : أخرج للإصلاح ، ومرة تعزم على الرجوح عند تذكّر الخطأ ، وعند التوقيف لها [كذا].

٤٠٧

__________________

هذه روايتكم ظاهرة مكشوفة في ماء الحوأب [بأسانيدكم] عن الشعبي ، عن ابن عباس ، قال : طرقت عائشة وطلحة والزبير ماء الحوأب ومن معهم ليلا وهو ماء لبني عامر بن صعصعة ، فنبحتهم كلاب الحوأب ، فنفرت صعاب إبلهم ، فقال قائل : لعن الله أهل الحوأب ما أكثر كلابهم.

قالت عائشة : أي ماء هذا؟ فقال محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير : هذا ماء الحوأب ، فقالت عائشة : والله لا صحبتكم ردّوني ردّوني ، إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : كأني بكلاب ماء يدعى الحوأب قد نبحت على امرأة من نسائي وهي في فئة باغية ، ثم قال : لعلك أنت يا حميراء ، قال : ثم دعا عليا فناجاه بما شاء. ردّوني. فقال لها الزبير : مهلا يرحمك الله ، يراك الناس والمسلمون فيصلح الله ذات بينهم. وقال طلحة : ليس هذا بحين رجوع.

ثم جاء عبد الله بن الزبير ، فقال : ليس هذا ماء الحوأب ، وحلف لها على ذلك ، قال : وهل من شاهد يشهد على أن هذا ليس ماء الحوأب؟ فأقاموا خمسين رجلا من الأعراب يشهدون أنه ليس ماء الحوأب ، وجعلوا لهم جعلا ، وكانت أول شهادة زور أقيمت في الإسلام.

فليعتبر من به حياة ، وليذكّر من كان له قلب واعلموا أن مثل هذه الأخبار لا تكون مفتعلة ، وكيف افتعل مثل هذه الأخبار في عائشة ولم يفتعل مثلها في علي [وإنما مهّدنا ذلك] لتعلموا أنّه لو كان سبيلها التخرّص والتقوّل لجاز لمن خالفه عليه مثلها ، وهذه روايتكم لا تدفعونها والكذب من علي والمهاجرين والأنصار أبعد ، ومن الأعراب والطغام وجند المرأة أقرب.

يقول علي رضي‌الله‌عنه وهو بالمدينة : ستنبحها كلاب الحوأب ، وتقول هي لما رأت الماء ونبحتها كلاب الحوأب : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [وذكرت] ما ذكرناه آنفا ، [ثم قالت] : ثم دعا بعلي فناجاه.

هل يكون بيان أوضح [من هذا] من أن عليا لم يقدم ولم يحجم ، ولم يقل ، ولم يسكت إلا بأمر من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٤٠٨

ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في «الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين» (ص ١٠١ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

ولما كانوا بالحوأب نبح كلابه. فقالوا : أي ماء هذا؟ فقال دليلهم : هذا ماء الحوأب. فصرخت عائشة بأعلى صوتها وقالت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول وعنده نساؤه : ليت شعري أيتكنّ تنبحها كلب الحوأب؟ ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته وقالت : ردّوني ، والله أنا صاحبة ماء الحوأب ، فأناخوا حولها يوما وليلة. فقال لها عبد الله بن الزبير : إنه كذب ، ولم يزل بها وهي تمتنع ، فقال لها : النجاء النجاء فقد أدرككم علي بن أبي طالب.

ومنهم العلامة الشهاب أحمد الشيرازي الحسيني الفارسي الإيجي في «توضيح الدلائل» (ق ٢١٨ نسخة مكتبة الملي بفارس) قال :

وذكر الإمام أحمد بن حنبل عن قيس بن حازم أن عائشة لما أتت الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت : ما أظنني إلا رجعت ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أيتكن تبيح كلاب الحوأب.

وعن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثيرة ، وينجو بعد ما كادت. قال القرطبي : هذا حديث ثابت صحيح ، والعجب من القاضي الإمام أبي بكر بن الغربي كيف أنكر هذا الحديث في كتبه ، وذكر أنه لا يوجد له أصلا ، وأظهر لعلماء المحدثين بإنكاره غباوة وجهلا. انتهى كلامه.

__________________

ثم قوله : لئن ظفرا بالأمر يعني الزبير وطلحة ليضربن بعضهم بعضا. وقد كان من تشاحّهما على الصلاة وقتالهما عليها ما يحقّق قوله رضي‌الله‌عنه.

٤٠٩

وعن سالم بن أبي الجعد قال : ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين ، فضحكت عائشة رضي‌الله‌عنها ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : انظري يا حميراء لا تكونين هي ، ثم التفت صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى علي كرم الله وجهه فقال : يا أبا الحسن إن توليت من أمرها شيئا فارفق بها. رواه الصالحاني بإسناده ، وفيه : الحافظ أبو بكر بن مردويه ، وعن هاشم بن عروة ، عن أبيه قال: ما ذكرت عائشة رضي‌الله‌عنها مسيرها إلا بكت حتى بلّ خمارها وتقول : يا ليتني كنت نسيا منسيا.

ومنهم الأستاذ عباس محمود العقاد في «المجموعة الكاملة ـ العبقريات الإسلامية» (ج ٣ ص ٢٣٠ ط دار الكتاب اللبناني) قال :

عبروا بماء الحوأب فنبحتهم كلابه ، وسألوا : أي ماء هذا؟ فقال الدليل : هذا ماء الحوأب ، فصرخت بأعلى صوتها قائلة : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول وعنده نساؤه : ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب. ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته وهي تقول : أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقا. ردوني ، ردوني ، ردوني. وأقامت يوما وليلة لا تريم مكانها ، حتى جاءوا لها بخمسين رجلا من الأعراب رشوهم فشهدوا أنهم جازوا الماء ، وقالوا لها : مهلا يرحمك الله فقد جزناه. ثم صاح عبد الله بن الزبير : النجاء. النجاء. فقد أدرككم علي ابن أبي طالب. فأذنت لهم في المسير بعد امتناع شديد.

ومنهم الحافظ الذهبي في الخلفاء الراشدون من «تاريخ الإسلام» (ص ١٨٨ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

وكيع ، عن عصام بن قدامة ـ وهو ثقة ـ عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حواليها قتلى كثيرون

٤١٠

وتنجو بعد ما كادت.

ومنهم السيد محمد صديق حسن البخاري الحسيني في «الإذاعة» (ص ٧٢ ط دار الكتب العلمية) قال :

وعن عائشة : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لها : كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب. رواه أحمد والحاكم.

ومنهم الفاضلان عبد مهنا وسمير جابر في «أخبار النساء في العقد الفريد» (ص ١٥٨ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

ودخلت أمّ أوفى العبدية على عائشة بعد وقعة الجمل فقالت لها : يا أم المؤمنين ، ما تقولين في امرأة قتلت أبنا لها صغيرا؟ قالت : وجبت لها النار. قالت : فما تقولين في امرأة قتلت من أولادها الأكابر عشرين ألفا في صعيد واحد؟ قالت : خذوا بيد عدوة الله.

وماتت عائشة في أيام معاوية وقد قاربت السبعين ، وقيل لها : تدفنين مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قالت : لا ، إني أحدثت بعده حدثا ، فادفنوني مع إخوتي بالبقيع.

وقد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لها : يا حميراء ، كأني بك ينبحك كلاب الحوأب ، تقاتلين عليا وأنت له ظالمة.

والحوأب : قرية في طريق المدينة إلى البصرة ، وبعض الناس يسمونها الحوّب ـ بضم الحاء وتثقيل الواو ـ وقد زعموا أن الحوأب : ماء في طريق البصرة. قال في ذلك بعض الشيعة :

إني أدين بحب آل محمد

ونبي الوصي شهودهم والغيب

وأنا البريء من الزبير وطلحة

ومن التي نبحت كلاب الحوأب

٤١١

جعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

طلاق نسائه بيد علي أمير المؤمنين في حياته وبعد مماته

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل المعاصر الأمير أحمد بن حسين البريانوي بهادر خان الحنفي في «تاريخ الأحمدي» (ص ١٨٢ ط بيروت) قال نقلا عن «روضة الأحباب» :

ونيز در آن كتاب است كه : روز ديگر غنچه چمن نبوت ورسالت وسرو بوستان نبالت وجلالت وبسالت يعنى امام حسن مجتبى را برسم رسالت بخانه عائشة فرستاد ، حسن آمد وگفت : أمير المؤمنين مى فرمايد : بدان خدائى كه بشكافت دانه را وبيافريد آدم فرزانه را كه اگر در زمان به تجهيز سفر مدينه نپردازى پيغامى به تو بفرستم وتو را تنبيه كنم در امرى كه كيفيت آن را تو نيك دانى. راوى گويد كه : عائشة در آن وقت سر خويش شانه مى كرد وجانب راست را بافته بود ومى خواست جانب چپ را ببافد ، چون حسن مجتبى اين پيغام رسانيد عائشة گيسوى چپ را نبافته در زمان از مكان برخواست وبا خواص وخدام خويش گفت كه : بار مرا بر راحله من نهيد وبه كارسازى سفر مدينه مشغول شويد كه هيچ چاره جز رفتن به مدينه ندارم وكمال اضطراب در بشره وى ظاهر شد.

زنى از نساء بصره با عائشة گفت : يا أم المؤمنين عبد الله بن عباس نزد تو آمد وهمچنين پيغام رسانيد وتو سخن با او بلند گردانيدى كه ما همه آواز تو را در حين مقاوله مجادله با او بشنيديم چنانچه وى به غضب برخاست واز اين خانه بيرون رفت وپدر اين جوان يعنى أمير المؤمنين على نزد تو آمد با تو سخن راند هيچ اقبال به قول او ننمودى اكنون چه افتاد كه به قول پسر او اين همه اضطراب دست داد؟

٤١٢

عائشة در جواب او گفت كه : پدرش (على) به دست او پيغامى فرستاده ومرا بر امرى اطلاع داده كه به جز راه مدينه پيمودن دواى ديگر ندارم ، آن زن از كيفيت آن امر استفسار نمود وعائشة گفت : حضرت رسالت روزى از غنائم كه به دست على رسيده بود ميان ذو القربى وياران خود قسمت مى فرمود ما نيز از آن نصاب حصه ونصيبى طلبيديم ودر آن طلب إلحاح ومبالغه بر آن سرور از حد اعتدال گذرانيديم على بن ابى طالب زبان را به ملامت ما گشوده وگفت : بس است كه مبالغه كرديد وإلحاح را از حد گذرانيديد حضرت را ملول ساختيد وما را توبيخ بسيار كرد ما نيز او را سخنان خشونت آميز گفتيم. وى اين آيت را برخواند كه : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) يعنى : شايد بود كه اگر او دست از شما بردارد وشما را در حوضه مطلقات در آرد پروردگار او بهتر از شما بدل وعوض دهد او را ، ما نيز در خشونت ودرشتى افزوديم رسول (صلعم) از درشتى وغلظت قول ما كه با على بن أبى طالب نموديم در غضب وغصة شد ونظر به جانب على كرد وفرمود : اى على ، من طلاق ايشان را در قبضه اختيار تو در آوردم وتو را وكيل خود گردانيدم كه هر كدام از ايشان را كه تو از قبل من طلاق دهى نام او را از دفتر نساء النبي محو شود وآن حضرت امر طلاق را اطلاق فرمود وفرق ميان حيات وممات ننمود پس على بن ابى طالب ما را بر اين معنى تنبيه مى كند ومن مى انديشم كه مبادا بر زبان او چيزى رود كه تدارك آن تصور نتوان كرد.

(إلى أن قال) ومنقول است كه چون ام المؤمنين به سفر مدينه عازم جازم گرديد وخبر آن به سمع امير المؤمنين رسيد عبد الله بن جعفر را امر فرمود از بيت المال مسلمين دوازده هزار درهم بنزد عائشة برد تا در كارسازى سفر مدينه صرف كند ومحمد بن ابى بكر را فرمود تا در آن سفر ملازم خواهر باشد.

قال أبو الفداء : كانت عدة القتلى يوم الجمل من الفريقين عشرة آلاف واستعمل علي على البصرة عبد الله بن عباس وسار علي إلى الكوفة ونزلها وانتظم له الأمر بالعراق

٤١٣

ومصر واليمن والحرمين وخراسان ولم يبق خارج عنه غير الشام وفيه معاوية وأهل الشام مطيعون له فأرسل إليه جرير بن عبد الله البجلي ليأخذ البيعة على معاوية ويطلب منه الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار فسار جرير إلى معاوية فماطله معاوية حتى قدم عمرو بن العاص على معاوية من فلسطين فوجد أهل الشام يحضون على الطلب بدم عثمان فقال لهم على الحق فاتفق عمرو ومعاوية على قتال علي وشرط عمرو على معاوية إن ظفر يوليه مصر فأجابه إلى ذلك ـ إلى أن قال ـ ولما قدم عمرو على معاوية كما ذكرنا.

إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين

علي بن أبي طالب عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلامهم في كتبهم :

فمنهم العلامة الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي المتوفى سنة ٧٣٩ في «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان» (ج ٨ ص ١٩٨ ط بيروت) قال :

أخبرنا ابن خزيمة ، حدثنا عبد الجبار بن العلاء ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله قال : سألت عائشة قلت : أخبريني عن مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : اشتكى فعلق ينفث فجعلنا نشبه نفثه نفث آكل الزبيب. قالت : وكان يدور على نسائه فلما ثقل استأذنتهن أن يكون عندي ويدرن عليه. قالت : دخل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بين رجلين تخطان رجلاه الأرض أحدهما عباس قال : فحدثت به ابن عباس فقال لي : ما أخبرتك بالآخر؟ قلت : لا ، قال : هو علي.

٤١٤

ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ١١٠ ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

قال أبو الفداء : لما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من حجة الوداع أقام بالمدينة حتى خرجت عشرة المحرم سنة إحدى عشرة وابتدأ برسول الله مرضه في أواخر صفر وهو في بيت ميمونة فجمع نساءه واستأذنهن أن يمرض في بيت إحداهن فأذن له أن يمرض في بيت عائشة.

وروى ابن جرير في تاريخه الكبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت : فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر تخطّ قدماه الأرض عاصبا رأسه حتى دخل بيتي.

قال عبيد الله : فحدثت هذا الحديث عنها عبد الله بن عباس فقال : هل تدري من هذا الرجل؟ قلت : لا ، قال : علي بن أبي طالب ولكنها كانت لا تقدر على أن تذكره بخير.

ومنهم الحافظ العلامة محمد بن إسماعيل البخاري في «الصحيح» (ج ٦ ص ١٣ المطبوع بأمر السلطان عبد الحميد في القاهرة) قال :

حدثنا سعيد بن غفير ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : لما ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واشتد به وجعه ـ فذكر مثل ما تقدم.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد السّلام هارون في «تهذيب سيرة ابن هشام» (ص ٣٣٦ ط الكويت) قال :

قال ابن إسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن

٤١٥

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة زوج النبي قالت ـ فذكر الحديث مثل ما تقدم.

ومنهم العلامة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى سنة ٤٥٨ في كتاب «دلائل النبوة» (ج ٧ ص ١٧٣ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : أخبرنا ابن ملحان ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، عن الليث.

(ح) وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري ، قال : أخبرنا جدّي يحيى بن منصور القاضي ، قال : حدثنا أبو بكر عمر بن حفص السدوسي ، قال : حدثنا عاصم ابن علي ، قال : حدثنا ليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت ـ فذكر الحديث مثل ما تقدم.

ومنهم المؤرخ المعروف أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المتوفى سنة ٢١٨ في «سيرة النبي» (ج ٤ ص ١٠٦٣ ط مطبعة المدني سنة ١٣٨٣ بالقاهرة) قال :

قال ابن إسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة ، عن محمد بن مسلم الزّهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمشي بين رجلين من أهله ـ فذكر الحديث مثل ما تقدم.

٤١٦

قصة حرب الجمل

رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ١٧٧ ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

روى ابن عبد البر في الاستيعاب عن الشعبي قال : لما خرج طلحة والزبير كتبت أم الفضل بنت الحارث إلى علي رضي‌الله‌عنه بخروجهم ، فقال علي : العجب لطلحة والزبير أن الله عزوجل لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قلنا : نحن أهله وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد فأبى علينا قومنا فولوا غيرنا ، وأيم الله لو لا مخافة الفرقة وأن يعود الكفر ، ويبور الدين لغيرنا فصبرنا على مضض ، ثم وثب الناس على عثمان فقتلوه ثم بايعوني ، ولم أستكره أحدا وبايعني طلحة والزبير فلم يصبرا شهرا كاملا حتى خرجا إلى العراق ناكثين ، اللهم فخذهما بفتنتهما للمسلمين.

وفيه أيضا قال علي : والله إن طلحة والزبير وعائشة ليعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون.

ودر روضة الأحباب است كه : چون امير المؤمنين على مكتوب انخضاع را ديد ، محمد بن أبي بكر را طلبيده وگفت : ببين كه خواهرت چه كارها پيش گرفته ، خداى تعالى او را امر فرموده كه در خانه خويش بماند واز آنجا بيرون نيايد وخود را به مردم ننمايد واو خلاف حكم خدا ورسول كرده بيرون آمده وبا جمعى از اهل شقاق اتفاق نموده بر افتراق جماعت من يك كلمه گشته طلب بهاى خون عثمان از من مى كند كه محاربه ومقاتله نمايد.

محمد بن أبي بكر به عرض رسانيد كه هيچ ضرري وآسيبى از اتفاق ايشان به تو

٤١٧

نخواهد رسيد ، به درستى كه خداوند تعالى با تو است.

ونيز در روضة الأحباب است كه امير المؤمنين على مكتوبى به عائشة رضى الله عنها نوشت كه بعد از حمد وثناى بارى تعالى ، درود بر محمد مصطفى صلعم اعلام به عائشة آنكه بيرون آمده اى تو از منزل خود در حال عصيان ونافرمانى خدا ورسول وطالب ومتصدى امرى گشته كه آن را از تو برداشته اند وهيچ گونه مناسبتى به تو ندارد ومع ذلك گمان تو اين است كه اصلاح مسلمانان مى كنى وحال آنكه اين فساد وافساد است وخبر ده مرا كه زنان را كه من عند الله ومن عند رسول الله مأمور باشند با آنكه در خانه هاى خود نشينند با لشكر چه كار است.

(إلى أن قال) اى عائشة بترس از خداى عزوجل به خانه خويش باز گرد ودر آنجا قرار گير.

ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الشيرازي الشافعي الحسيني في «توضيح الدلائل» (ق ٢١٦ والنسخة مصورة من المكتبة الملي بفارس) قال :

قال الإمام العالم المحدث المشكور محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري القرطبي رحمه‌الله تعالى في كتاب «التذكرة» : وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها حاجّة في السنة التي قتل فيها عثمان رضي الله تعالى عنه ، وكانت مهاجرة له ، فاجتمع طلحة والزبير ويعلى بن أمية التيمي ، وقالوا لها بمكة : عسى أن ترمى رجاء أن يرجع الناس إلى أمهم ، ويرعوا حرمة نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي تمنع عليهم ، فاحتجوا عليها بقول الله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) فبلغت القضية مقاديرها ، فاصطف الناس القتال ، ورموا عليا وأصحابه بالنبال ، فقال علي رضي الله تعالى عنه : لا ترموا بسهم ، ولا تضربوا بسيف ، ولا تطعنوا برمح ، فرمى رجل من عسكر القوم بسهم فقتل رجلا من أصحاب علي فأتى به علي رحمة الله ورضوانه عليه فقال : اللهم

٤١٨

اشهد ، ثم رمى رجل آخر فقتل رجل من أصحاب علي ، فقال علي كرم الله وجهه : اللهم أشهد ، ثم رمى آخر ، فقال علي رضوان الله تعالى عليه : اللهم أشهد ، وقد كان علي نادى الزبير : يا أبا عبد الله ، ادن إليّ أذكرك كلاما سمعته أنا وأنت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : علي الأمان ، فقال علي رضي الله تعالى عنه : الأمان ، فأذكره أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له ، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض : أما إنّك ستقاتل عليا وأنت له ظالم ، فقال الزبير : اللهم إني ما ذكرت هذا إلا الساعة ، وثنّى عنان فرسه لينصرف ، فقال له ابنه عبد الله : إلى أين؟ قال : أذكرني علي كلاما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : كلّا وإنك رأيت سيوف بني هاشم حدادا يحملها رجال شداد ، قال : ويلك! أمثلي يعيّر بالجبن؟ هلم الرمح ، وأخذ الرمح وحمل على أصحاب علي رضي الله تعالى عنهم ، فقال علي كرم الله تعالى وجهه : افرجوا للشيخ فإنه محرج ، فشق الميمنة والميسرة والقلب ثم رجع وقال لابنه : لا أم لك ، أيفعل هذا جبان؟ وانصرف ، وقامت الحرب على ساق ، وبلغت النفوس إلى التراق ، فافرجت عن ثلاثة وثلاثين ألف قتيل ، وقيل : سبعة عشر ألفا ، وفيه اختلاف ، فيهم من الأزد أربعة آلاف ، ومن ضبّة ألف ومائة ، وما فيهم من ساير الناس ، كلهم من أصحاب عائشة ، وقيل : فيها من أصحاب علي كرم الله وجهه نحو من ألف رجل وقيل : أقلّ ، وقطع على خطام الجمل سبعون يدا من بني ضبة ، كلما قطعت يد رجل أخذ الزمام الآخر وهم ينشدون :

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل

ننزل بالموت إذا الموت نزل

والموت أشهى عندنا من العسل

انتهى كلامه.

قال الشيخ الإمام جمال الدين عبد الله النافعي رحمه‌الله تعالى : وكانت القتلى يومئذ ثلاثة وثلثين ألفا على ما ذكر أهل التواريخ كل ذلك ، وعائشة رضي الله تعالى عنها راكبة على الجمل ، فأمر علي رضوان الله تعالى عليه بعقر ذلك الجمل المسمى

٤١٩

بعسكر ، فخمد الشر عند ذلك ، وظهر علي وانتصر ، ثم جاء على عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال : غفر الله لك ، فقالت : ولك ، ملكت فاسمح ، فما أردت إلا الإصلاح ، فبلغ من الأمر ما ترى ، فقال : غفر الله لك ، فقالت : ولك ، ثم أمر معها عشرين امرأة من ذوات الشرف والدين بين أهل البصرة يمضين معها إلى المدينة ، وأنزلها في دار وأكرمها ، وقتل ذلك اليوم طلحة بن عبيد الله القريشي التيمي ، قتله مروان بن الحكم والله سبحانه وتعالى أعلم ، مع أنه كان معهم ومن حزبهم لا من حزب علي رضوان الله تعالى عليه ، لكن قيل رماه من أجل ضغن كان في قلبه منه ، وقتل الزبير بن العوام القرشي الأسدي حواري النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإن عمته صفية رضي الله تعالى عنهما ، وهو أول من سلّ السيف في سبيل الله الذي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قاتله في بعض الأخبار : بشّر قاتل ابن صفية بالنار ، قتله ابن جرموز بوادي السباع بقرب البصرة منصرفا تاركا للقتال.

إلى أن قال :

قال القرطبي رحمة الله تعالى عليه : لما سمع بقتل عثمان رضي الله تعالى عنه يعلى ابن أمية التيمي الحنظلي أبو صفوان ـ وقيل : أبو خالد ـ أقبل لينصره ، فسقط عن بعيره في الطريق فانكسرت فخذه ، فقدم مكة فخرج إلى المسجد وهو كسر على سرير واستشرف إليه الناس واجتمعوا ، فقال : من خرج يطلب بدم عثمان فعلي جهازه ، فأعان الزبير بأربعمائة آلاف ، وحمل سبعين رجلا من قريش وحمل عائشة رضي‌الله‌عنها على جمل أدب ، ويقال : أدب لكثرة وبره ، اشتراه بمأتي دينار.

ومنهم الفاضل بطرس البستاني الماروني اللبناني في «أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام» (ص ٢٦٠ ط دار مارون عبّود ـ بيروت) قال :

ثم بويع علي بن أبي طالب ، فتخلف عن مبايعته بنو أمية أقرباء عثمان وبعض

٤٢٠