إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٢

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

مستدرك

اقضى الأمة علي عليه‌السلام

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ٤ ص ٣٢١ و ٣٨٢ وج ١٥ ص ٣٦٦ و ٣٧٢ وج ٢٠ ص ٤٠٩ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

وفيه أحاديث :

منها

حديث نفسه عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة المعاصر محمد أبو زهرة في «الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي» (ص ٤١١ ط دار الفكر العربي) قال :

روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الذي قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أقضاكم علي أقاد من لطمة.

ومنها

حديث ابن عباس

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج ١٨ ص ٣٦٠ ط دار الفكر) قال :

١٠١

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : علي أقضى أمتي بكتاب الله ، فمن أحبني فليحبه ، فإن العبد لا ينال ولايتي إلا بحب علي عليه‌السلام.

ومنها

حديث جابر

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي المتوفى سنة ٩١١ في كتابه «القول الجلي في فضائل علي» عليه‌السلام (ص ٢٥ ط مؤسسة نادر للطباعة والنشر) قال :

عن جابر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : [أقضى] أمتى علي بن أبي طالب. أخرجه الطبراني ، في الأوسط وحسّن.

ومنها

حديث أنس بن مالك

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في «الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين» (ص ١٩ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

قضاؤه رضي‌الله‌عنه : عن أنس رضي‌الله‌عنه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : أقضى أمتي علي.

١٠٢

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب «جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب» (ص ٢٧ والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال :

عن أنس رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : أقضى أمتي علي. أخرجه في المصابيح في الحسان.

ومنها

حديث عبد الله بن مسعود

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم ابن عساكر المذكور (قال في ص ٣٤ من ج ٣) :

أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، وأبو عبد الله المقري ، وأبو البركات المدائني ، وأبو بكر وأبو عمرو ابنا أحمد بن عبد الله ، قالوا : أنبأنا أبو الحسين ابن النقور ، أنبأنا عيسى إملاء ، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري إملاء ، أنبأنا يزيد بن سنان ، أنبأنا أبو عامر العقدي ، أنبأنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت عبد الرحمن ابن يزيد ، يحدث عن علقمة ، عن عبد الله قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن ، قالا : أنبأنا عبد الملك بن محمد ، أنبأنا أبو علي بن الصواف ، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، أنبأنا أبي ، أنبأنا غندر ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن علقمة ، قال : قال عبد الله : كنا بالمدينة وأقضانا علي بن أبي طالب.

١٠٣

قال : وأنبأنا محمد ، أنبأنا المنجاب [ظ] ، أنبأنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة ، عن عبد الله ، قال : أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمد ، حدثني جدي ، أنبأنا أبو قطن ، أنبأنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن علقمة ، عن عبد الله.

وأخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنبأنا عبد العزيز بن الصوفي إملاء ، أنبأنا محمد بن محمد بن محمد ، أنبأنا عثمان بن أحمد ، أنبأنا محمد بن عيسى ابن السكري ، أنبأنا مسلم بن إبراهيم ، أنبأنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي. زاد أبو قطن : ابن أبي طالب.

أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين ، أنبأنا أبو الحسين [كذا] ابن المهدي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي ، أنبأنا عبد الله بن سليمان ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، أنبأنا سعد بن الصلت ، أنبأنا عبد الجبار بن العباس الهمداني ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، قال : قال عبد الله : أفرض أهل المدينة وأقضاها علي ابن أبي طالب.

أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنبأنا أحمد بن الحسن وأحمد بن الحسن [كذا] قالا : أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن الصواف ، أنبأنا محمد بن عثمان ، أنبأنا سعيد بن عمرو ، أنبأنا عمر [ظ] ، عن مطرف ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، عن عبد الله ، قال : يقولون : إن أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب.

ومنهم العلامة حسام الدين المردي الحنفي في «آل محمد» (ص ٤٨) قال :

١٠٤

أخرجه ابن عساكر يرفعه بسنده إلى ابن مسعود : قال : أفرض أهل المدينة وأقضاها علي.

ومنهم العلامة المعاصر الشيخ محمد العربي التباني الجزائري المكي في «تحذير العبقري من محاضرات الخضري» (ج ٢ ص ١٧ ط بيروت سنة ١٤٠٤) قال :

وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : أقضى أهل المدينة علي.

ومنهم الشيخ أبو بكر جابر الجزائري في «العلم والعلماء» (ص ١٧٢ ط دار الكتب السلفية بالقاهرة) قال :

روايته عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه حيث قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة عليرضي‌الله‌عنه.

ومنهم العلامة الشيخ القرني طلبة البدوي في «العشرة المبشرون بالجنة» (ص ٢٠٧ ط محمد علي صبيح بمصر) قال :

وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود قال : أفرض أهل المدينة وأقضاها علي بن أبي طالب.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في «الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين» (ص ١٩ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

وعن ابن مسعود قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.

وروى حديث ابن مسعود جماعة :

منهم العلامة ابن منظور في «مختصر تاريخ دمشق» (ج ١٨ ص ٢٥).

١٠٥

ومنهم الشيخ أبو بكر جابر الجزائري في «العلم والعلماء» (ص ١٧٢ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت).

ومنهم العلامة محمد بن أبي بكر الأنصاري في «الجوهرة» (ص ٧١ ط دمشق) :

روى حديثين عنه : أحدهما عن علقمة والآخر عن سعيد بن وهب.

ومنهم الدكتور أحمد محمد نور سيف المدرس بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة في كتابه «عمل أهل المدينة بين مصطلحات مالك وآراء الأصوليين» (ص ٤٢ ط دار الاعتصام بالقاهرة).

ومنهم العلامة نور الدين علي بن محمد في «الأسرار المرفوعة» (ص ٦١ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت).

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي في «آل بيت الرسول» صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ص ٤٢ ط القاهرة سنة ١٣٩٩).

مستدرك

قول عمر : علي أقضانا

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ٨ ص ٦١ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة ٧٤٢ في كتابه «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» (ج ٨ ص ٤٣ بيروت) قال :

١٠٦

حديث عمر : علي أقضانا. في ترجمة عمر ، عن أبي بن كعب.

وذكر أيضا في «تهذيب الكمال» (ج ٣ ص ٨٧ النسخة مصورة من إحدى مكاتب إسلامبول) قال :

وقال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

ومنهم العلامة الشيخ قرني طلبة البدوي في «العشرة المبشرون بالجنة» (ص ٢٠٧ ط محمد علي صبيح بمصر) قال :

وأخرج عن أبي هريرة (رض) قال : وقال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

ومنهم العلامة الشيخ جمال الدين يوسف بن شاهين العسقلاني (سبط ابن حجر) في «رونق الألفاظ لمعجم الحفاظ» (ص ٣٣٩ والنسخة مصورة من إحدى مكاتب إسلامبول) قال :

وقال عمر : علي أقضانا.

ومنهم العلامة الشيخ بهاء الدين أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ابن سيد الكل القفطي الشافعي في كتابه «الأنباء المستطابة» (ص ٦٧ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :

ومنها ما روى عبد الله بن عباس قال : قال عمر : علي أقضانا.

ومنهم عبد الله بن نوح الجيانجوري المتولد سنة ١٣٢٤ في «الإمام المهاجر» (ص ١٥٦ ط دار الشروق بجدة) قال :

أما قضاياه فكثيرة ، وقد قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

١٠٧

ومنها

حديث عمر

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الشيخ أبو القاسم ابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق ـ ترجمة الإمام علي عليه‌السلام» (ج ٣ ص ٢٧ ط بيروت) قال :

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنبأنا أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أبو بكر القطيعي ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدثني سويد بن سعيد في سنة ست وعشرين ومأتين ، أنبأنا علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : خطبنا عمر على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [فقال : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا ، وإنا لندع من قول أبي أشياء إن أبيا سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم] وأبي يقول : لا أدع ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد نزل بعد أبي كتاب.

قال : وأنبأنا عبد الله ، حدثني أبي ، أنبأنا وكيع ، أنبأنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا ، وإنا لندع كثيرا من لحن أبي ، وأبي يقول سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أدعه لشيء ، والله يقول : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها). البقرة : ٢ / ١٠٦.

قال : وأنبأنا عبد الله ، حدثني أبي ، أنبأنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، حدثني حبيب يعني ابن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال عمر : علي أقضانا وأبي أقرؤنا ، وإنا لندع من قول أبي ، وأبي يقول : أخذت من فم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلا أدعه ، والله عزوجل يقول : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها).

١٠٨

أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله ، أنبأنا يعقوب ، أنبأنا أبو نعيم وقبيصة ، قالا أنبأنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال عمر : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا ، وإنا لندع بعض ما يقول أبي. زاد قبيصة : وأبي يقول : سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلن أدعه لشيء ، والله يقول : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها).

أخبرنا أبو المطهر شاكر بن نصر بن طاهر الأنصاري ، وأبو غالب الحسن بن محمد ابن غالب [ظ] الأسدي ، وأبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن عبد الله بن مندوبة [ظ] وأبو بكر محمد بن علي بن عمر الكابلي المؤدب ، قالوا : أنبأنا أبو سهل حمد بن أحمد بن عمر بن محمد الصيرفي ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن أحمد الخشاب ، أنبأنا أبو علي الحسن بن محمد بن دكة العدل ، أنبأنا أبو حفص عمرو بن علي ، أنبأنا يحيى هو القطان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال عمر : أقرؤنا أبي وأقضانا علي ، وإنا لندع [ظ] من قول أبي ، وذاك إنه يقول : لا أدع شيئا سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد قال الله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها).

أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع ، وأبو روح محمد بن معمر بن أحمد بن محمد النسائي ، وأبو رجا [ء] لبيد بن أبي زيد بن أبي القاسم الصباغ بإصبهان وأبو صالح عبد الصمد بن عبد الرحمن الحيوي [ظ] ببغداد ، قالوا : أنبأنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد ، أنبأنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق الأنباري ، أنبأنا حميد بن الربيع بن مالك ، أنبأنا فردوس ، أنبأنا مسعود بن سليمان ، أنبأنا حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن عمر ، قال : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا. قال : [وأبيّ يقول :] ما أخذت من في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلا أتركه أبدا.

١٠٩

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد المقري ، وأبو البركات يحيى بن الحسين بن الحسن المدائني ، وأبو بكر محمد ، وأبو عمرو عثمان ابنا أحمد بن عبيد الله ، قالوا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا عيسى بن علي إملاء ، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ، أنبأنا محمد بن يحيى ، ومحمد بن أشكاب ، قالا : أنبأنا وهب بن جرير ، أنبأنا شعبة ، عن حبيب بن الشهيد [كذا] ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال : قال عمر : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيويه ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا خالد بن مخلد ، حدثني يزيد بن عبد الملك بن مغيرة النوفلي ، عن علي بن محمد بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

قال : وأنبأنا ابن سعد ، أنبأنا محمد بن عبيد الطنافسي ، أنبأنا عبد الملك يعني عن عطاء قال : كان عمر يقول : علي أقضانا وأبي أقرؤنا للقرآن.

ومنهم العلامة جمال الإسلام أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروزآبادي في «طبقات الفقهاء» (ص ٧ والنسخة مصورة من مكتبة السلطان أحمد الثالث في إسلامبول) قال :

وروى عن ابن عباس قال خطبنا عمر فقال : علي أقضانا.

ومنهم العلامة الشيخ عمر بن علي بن سمرة الجعدي الشافعي في كتابه «طبقات فقهاء اليمن» الذي فرغ من تأليفه سنة ٥٦٨ (ص ١٦ ط مصر باهتمام فؤاد سيد أمين المخطوطات بدار الكتب المصرية) قال :

قال في باب مناقب علي عليه‌السلام : قال ابن عباس ، خطبنا عمر فقال : علي

١١٠

أقضانا.

ومنهم العلامة المعاصر الشيخ محمد العربي التباني الجزائري المكي في «تحذير العبقري من محاظرات الخضري» (ج ٢ ص ١٦ ط بيروت سنة ١٤٠٤) قال :

أخرج الإمام البخاري في التفسير وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال عمر : أقضانا على وأقرؤنا أبي.

وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

ومنهم العلامة الشيخ أبو بكر جابر الجزائري في «العلم والعلماء» (ص ١٧٢ ط دار الكتب السلفية بالقاهرة سنة ١٤٠٣) قال :

رواية الحاكم عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أنه قال : قال عمر رضي‌الله‌عنه : علي أقضانا.

ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في كتابه «حياة الإمام علي عليه‌السلام» (ص ٢٨١ ط دار الجيل في بيروت) قال :

وأخبرنا أبي إسحاق أن عبد الله كان يقول : أقضى أهل المدينة ابن أبي طالب.

ثم ها هو عمر بن الخطاب يشهد لعلي عن أبي هريرة قال : قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في «الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه» (ص ١٩ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

وعن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال : أقضانا علي بن أبي طالب.

١١١

ومنهم الدكتور أحمد محمد نور سيف في «عمل أهل المدينة» (ص ٤٢ ط دار الاعتصام ـ القاهرة) قال :

ويقول عنه عمر : علي أقضانا ، ويقول : أنت خيرهم فتوى.

ومنهم الحافظ المؤرخ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصروي الدمشقي المتوفى سنة ٧٧٤ في «فضائل القرآن» (ص ٩١ ط بيروت سنة ١٤٠٧) قال :

ثم قال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل ، أنا يحيى ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال عمر : علي أقضانا.

ومنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨ في «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» (ج ٣ ص ٦٣٨) قال :

وقال ابن عباس : قال عمر : علي أقضانا ، وأبيّ أقرؤنا. وقال ابن مسعود : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي.

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي في «آل بيت الرسول» صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ص ٣٩ ط القاهرة سنة ١٣٩٩) قال :

عن أبي هريرة قال : قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

عن ابن عباس قال : خطبنا عمر فقال : علي أقضانا.

عن ابن عباس : قال : خطبنا عمر فقال : علي أقضانا.

أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي ، أخبرنا عبد الملك ، عن عطاء قال : كان عمر يقول : علي أقضانا للقضاء وأبي أقرؤنا للقرآن.

وقال أيضا في ص ٤٢ :

١١٢

عن أبي هريرة قال : قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب «جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب» (ص ٢٧ والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال :

وعن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال : أقضانا علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه. خرجه السلفي.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد المنعم الهاشمي في كتابه «أصهار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ص ٧٠ ط دار الهجرة ـ بيروت) قال :

وقال عنه الفاروق عمر بن الخطاب ذات يوم في حديث من رواية أبي هريرة : علي أقضانا.

ورواه جماعة مرسلا

فمنهم العلامة أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الدمشقي المتوفى سنة ٦٧٦ في كتابه «فتاوى النووي» (ص ١٨٣ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

أقضاكم علي.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي فكري الحسيني القاهري المتوفى سنة ١٣٧٢ في كتابه «أحسن القصص» (ج ٣ ص ٢٠٧ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

وقال عليه الصلاة والسّلام : أقضاكم علي.

ومنهم الفاضل المعاصر المحامي صبحي محمصاني في «تراث الخلفاء الراشدين في الفقه والقضاء» (ص ١٦٢ ط دار العلم للملايين ـ بيروت). قال :

١١٣

أما في الأمصار ، فقد بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عددا من الصحابة للقضاء في منازعات الناس ، ومن أشهر هؤلاء علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، إذ بعثه إلى اليمن قاضيا ، ثم صرفه حين حجة الوداع ، وقد شهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن : القضاء كما يقضي علي ، أو أقضى أمتي علي ، أو أقضاكم علي.

ومنهم الفاضل المعاصر أحمد حسن الباقوري المصري في «علي إمام الأئمة» (ص ٣٠ ط دار مصر للطباعة) قال :

لقد كان يروي العامة والخاصة قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أقضاكم علي.

ومنهم العلامة الشيخ نور الدين علي بن محمد بن سلطان المشتهر بالملا علي القاري المتوفى سنة ١٠١٤ في «الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص ٦١ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

حديث : أقضاكم علي.

ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في «موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف» (ج ٢ ص ١٠١ ط عالم التراث للطباعة والنشر ـ بيروت) قال :

أقضى أمتي علي بن أبي طالب (١) فتح ٨ / ١٦٧

__________________

(١) قال الدكتور محمد عبد الرحيم محمد في «المدخل إلى فقه الإمام علي رضي‌الله‌عنه» (ص ١٩ ط دار الحديث ـ القاهرة) :

لقد أجمع المؤرخون والباحثون على أن عليا كان من شيوخ التشريع وأعلامه في عصر الصحابة ، ولذا فقد وضعه أصحاب الطبقات في مقدمة فقهاء الصحابة.

١١٤

__________________

ومما يدل على أن عليا كان ذا قدم راسخة في الاجتهاد والفتيا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جعله واحدا من القضاة في عهده إذ بعثه إلى اليمن قاضيا ومعلما ودعا له ، فقد صح عن علي أنه قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن وأنا شاب ، فقلت : يا رسول الله إنك تبعثني وأنا حديث السن لا علم لي بالقضاء؟ فقال : انطلق فإن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك.

كما كان ينصحه أيضا ، فقد صح عنه أنه قال له : يا علي إذا جلس إليك الخصمان لا تقضي بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ، فإنك إن فعلت ذلك تبدي لك وجه القضاء.

هذا ولقد التزم علي بنصيحة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكان القاضي المجتهد الذي لا يشق غباره ، حتى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سمح له بأن يقضي في حضوره ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان جالسا مع جماعة من أصحابه فجاءه خصمان فقال أحدهما : يا رسول الله إن لي حمارا وإن لهذا بقرة ، وإن بقرته قتلت حماري ، فبدأ رجل من الحاضرين وقال : لا ضمان على البهائم. فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اقض بينهما يا علي ، فحقق علي الواقعة فقال لهما : أكانا مرسلين ، أم مشدودين ، أم أحدهما مشدودا والآخر مرسلا؟ فقال : كان الحمار مشدودا والبقرة مرسلة وصاحبها معها. فقال علي : صاحب البقرة ضامن الحمار ، فأقر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم حكمه وأمضى قضاءه.

وكفى دليلا على أهليته للاجتهاد والفتيا شهادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم له بقوله : أقضاكم علي وقوله : أقضى أمتي علي.

أضف إلى ذلك شهادة الصحابة أنفسهم له بالعلم والفقه ، فهو عند السيدة عائشة أعلم الناس بالسنة أو أعلم من بقي بالسنة ، على حين جعله ابن مسعود أعلم أهل المدينة بالفرائض ، بينما وصفه ابن عباس بقوله : والله لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم وإنه لأعلمهم بالعشر الباقي.

ولعمر كلمات مشهورة طالما رددها كثيرا ، وهي تعرب عن غاية احتياجه في العلم

١١٥

__________________

إلى علي ، منها قوله : لو لا علي لهلك عمر ، وقوله : لا أبقاني الله بأرض ليس فيها أبو الحسن ، وقوله : أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها ، وغير ذلك من هذه الكلمات المشهورة في هذا الصدد.

ومن ثم فقد كان عمر وغيره من الصحابة يستشيرونه ويأخذون برأيه في كثير من المسائل ذات الشأن ، أو التي تشكل عليهم ، وذلك كما هو معروف عنه من طول باعه وغزارة علمه في الفقه والحديث وبصره بروح التشريع ومقاصده ، إذ روى الحسن أن عمر جمع أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليستشيرهم وفيهم علي ، فقال له عمر : قل فأنت أعلمهم وأفضلهم.

كذلك روى عن ابن عباس أنه قال : خطبنا عمر فقال : علي أقضانا وأبي أقرؤنا وإنا لنترك أشياء من قول أبي.

ولا عجب في ذلك ولا غرابة ، فلقد كان علي أكثر الصحابة جميعا علما وذلك بشهادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إذ روى أحمد في مسنده أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لابنته فاطمة : أو ما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما (إسلاما) ، وأكثرهم علما وأعظمهم حلما.

ولله دره مسروق ، إذ فطن إلى هذه الحقيقة فقال : انتهى العلم إلى ثلاثة : عالم بالمدينة ، وعالم بالشام ، وعالم بالعراق ، فعالم المدينة علي بن أبي طالب ، وعالم العراق عبد الله بن مسعود ، وعالم الشام أبو الدرداء ، فإذا التقوا سأل عالم الشام وعالم العراق عالم المدينة ولم يسألهما.

ثم جاء عبد الملك بن أبي سليمان وزاد هذا المعنى وضوحا فقال : قلت لعطاء : أكان من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحد أعلم من علي؟ قال : لا ، والله ما أعلمه.

نتيجة لهذا وذاك كان علي واحدا ممن تصدى للفتيا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بل هو أحد السبعة المكثرين من الفتيا كما قال ابن القيم من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولعلي رضي‌الله‌عنه قضايا ومسائل مشهورة ذكرت في مظانها من كتب

١١٦

__________________

الفقه والحديث والسير ، أقر منها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما وقع منها في الزمن النبوي ، وكم من قضية أفتى فيها الصحابة وخالفهم فيها علي ، فرجعوا على الفور إلى رأيه إنصافا ووقوفا مع الحق ، فضلا عن كثرة القضايا التي اجتهد فيها ، فانفرد برأيه تارة وشاركه في بعضها صحابة آخرون تارة ثانية.

نعم لقد كان لعلي بن أبي طالب أثر كبير في الفقه الإسلامي من حيث : نموه وتكوينه ومنهجه وأسسه وما إلى ذلك من جوانب مختلفة تتصل بالتشريع الإسلامي.

ومن ثم فإننا لا نبالغ إذا قلنا بأن لعلي منزلة كبيرة عند الفقهاء جميعا سواء السني منهم أو الشيعي ، وإن الناظر في آراء علي الفقهية التي اعتنقها أئمة المذاهب المختلفة لدليل كاف على صدق هذا القول.

ولعل كثرة فتاوى علي وأحكامه ترجع إلى أنه مكث نحوا من ثلاثين سنة بعد أن قبض الله تعالى رسوله إليه يفتي ويرشد ويوجه ، وقد كان غواصا طالبا للحقائق ، وقد أقام في الكوفة نحو خمس سنوات ولا بد أنه ترك فيها فتاوى وأقضية ، وكان فيها المنفرد بالتوجيه والإرشاد ، وإنه قد عرف بغزارة في العلم وعمق ، وانصراف إلى الإفتاء في مدة الخلفاء قبله ، والمشاركة في كل الأمور العميقة التي تحتاج إلى فحص وتقليب من كل وجوهها مع تمحيص وقوة استنباط.

إذن على ضوء هذا فإن ما ذهب إليه ابن القيم تعوزه الدقة العلمية ، إذ ادعى أن العلم انحصر في أربعة من الصحابة هم ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وزيد فقال : والدين والفقه انتشر في الأمة عن أصحاب ابن مسعود ، وأصحاب زيد بن ثابت وأصحاب عبد الله بن عمر وأصحاب عبد الله بن عباس فعلم الناس عامة إلى هؤلاء الأربعة ، فأما أهل المدينة فعلمهم عن زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر ، وأما أهل مكة فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن عباس ، وأما أهل العراق فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن مسعود.

هذا هو نص ما قاله ابن القيم ، ولكن ما نطقت به كتب السنة وشروح الحديث والفقه وغيرها من عيون التراث الإسلامي لتدل على خلاف ذلك ، إذ جمعت هذه الكتب بين دفتيها تراثا علميا تليدا لغير هؤلاء الأربعة الذين ذكرهم ابن القيم كعلي

١١٧

__________________

وعمر وأبي وعائشة وأبي الدرداء وأبي موسى وغيرهم من الصحابة الذين كان لهم باع طويل في العلم والفتيا في العهد النبوي وبعده.

وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال : إذا كان علي كثير العلم والفتيا فأين فتاواه وأحكامه إذن؟

في الحقيقة أن فقه علي وفتاواه وأقضيته لم ترو في كتب السنة بالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها إلى الدرس والإفتاء في مدة الراشدين قبله ، وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين ، وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن يبعث عليه‌السلام ، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه ، ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنة أضعاف ما هو مذكور فيها.

هذا ولقد عزا ابن القيم قلة مرويات علي إلى تزيد بعض الشيعة عليه ، فها هو ذا يقول : وأما علي بن أبي طالب عليه‌السلام فانتشرت أحكامه وفتاويه ، ولكن قاتل الله الشيعة فإنهم أفسدوا كثيرا من علمه بالكذب عليه ، ولهذا تجد أصحاب الحديث من أهل الصحيح لا يعتمدون من حديثه وفتواه إلا ما كان من طريق أهل بيته وأصحاب عبد الله بن مسعود كعبيدة السلماني وشريح وأبي وائل ونحوهم.

بيد أن الإمام أبا زهرة أوضح أن قلة المروي عن علي ترجع إلى محاربة الحكم الأموي لكل آثاره العلمية ، وفي هذا يقول ما نصه : وإذا كان لنا أن نعرف السبب الذي من أجله اختفى عن جمهور المسلمين بعض مرويات علي وفقهه ، فإنا نقول : إنه لا بد أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار علي في القضاء والإفتاء لأنه ليس من المعقول أن يلعنون عليا فوق المنابر ، وأن يتركوا العلماء يتحدثون بعلمه ، وينقلون فتاويه وأقواله للناس وخصوصا ما كان يتصل منها بأساس الحكم الإسلامي. والعراق الذي عاش فيه علي رضي‌الله‌عنه وفيه انبثق علمه كان يحكمه في صدر الدولة الأموية ووسطها حكام غلاظ شداد لا يمكن أن يتركوا آراء علي تسري في وسط الجماهير الإسلامية ، وهم الذين يخلقون الريب والشكوك حوله ، حتى إنهم يتخذون من تكنية

١١٨

__________________

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم له بأبي تراب ذريعة لتنقيصه ، وهو رضي‌الله‌عنه كان يطرب لهذه الكنية ويستريح لسماعها ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالها في محبة كمحبة الوالد لولده.

وفي نظري إن عدم انتشار أحكام علي وفتاويه يمكن أن نرجعها إلى السببين المذكورين معا ، فالسبب الأول وهو تزيد بعض الشيعة عليه نستطيع أن نفهمه من قول علي نفسه رضي‌الله‌عنه : إن هاهنا علما لو أصبت له حملته.

بيد أن هذا الترديد من غلاة الشيعة ، لا يمكن أن يكون من رجال البيت الكريم الذي اشتهر رجاله بالصدق في القول والعمل والإخلاص في كل شئون دينهم ، إذ لا يتصور كما يقول أبو زهرة أن يكون التزيد من الحسين أو علي زين العابدين أو الباقر أو الصادق أو من غيرهم من أئمة الهدى الذين يقتدى بهم في علم الدين والتقى والمحافظة على تراث الإسلام حتى يصل إلى الناس نقيا غير مشوب بأي شائبة.

هذا عن السبب الأول ، أما السبب الثاني وهو محاربة الحكم الأموي لعلي فهذا أيضا ليس ببعيد والتاريخ خير شاهد على ذلك.

ومن أبرز الأمثلة التي توضح لنا ذلك أن الحسن البصري رضي‌الله‌عنه كان يحدث بالأحاديث النبوية ، فإذا حدث عن علي بن أبي طالب لم يذكره خشية من بطش الحجاج ، وفي هذا يقول يونس بن عبيد : سألت الحسن فقلت : يا أبا سعيد ، إنك تقول قال رسول الله وإنك لم تدركه؟ قال : يا ابن أخي ، لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولو لا منزلتك مني ما أخبرتك ، إني في زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شيء سمعتني أقول قال رسول الله فهو عن علي بن أبي طالب غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا.

وعلى الرغم من ذلك فإنه يمكننا في رأيي أن نخرج موسوعة فقهية ضخمة للإمام علي كرم الله وجهه ، وذلك من خلال البحث والتنقيب في كتب التراث المختلفة وعيون المصادر الإسلامية الأولى ، وبخاصة كتب الفقه والآثار والسنن واختلاف الفقهاء وشروح الحديث وغيرها.

١١٩

مستدرك

قصة زبية الأسد

تقدم ما يدل عليها عن أعلام العامة في ج ٨ ص ٦٧ وج ١٧ ص ٤٨٧ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

__________________

أضف إلى ذلك ، أن البيت العلوي فيه علم الرواية كاملة عن علي رضي‌الله‌عنه ، حيث رووا عنه ما رواه عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو قريبا من الكمال ، ذلك لأن عليا استشهد وترك وراءه من ذريته أبرارا أطهارا كانوا أئمة في علم الإسلام ، وكانوا ممن يقتدى بهم ، ترك ولديه من فاطمة الحسن والحسين ، وترك رواد الفكر محمد بن الحنيفة ، فأودعهم رضي‌الله‌عنه ذلك العلم ، وقام أولئك الأبناء بالمحافظة على تراث أبيهم الفكري وهو إمام الهدى فحفظوه من الضياع ، وقد انتقل معهم إلى المدينة لما انتقلوا إليها بعد استشهاده رضي‌الله‌عنه.

هذا ، وبعد أن وقفنا فيما سبق على أهلية علي للاجتهاد وأوضحنا إنه كان واحدا من المبرزين في القضاء والفتوى ، فلعله من المفيد هنا أن أسوق رأيه في مسألة تعد من شهيرات فتاواه وهي مسألة الزبية ، وذلك حتى يتضح لك مدى إدراكه لروح التشريع ومقاصده.

تعد مسألة الزبية من المسائل التي أقر فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وأصلها أنه قوما من أهل اليمن حفروا زبية للأسد فاجتمع الناس على رأسها فهوى فيها واحد فجذب ثانيا ، ثم جذب الثاني ثالثا فجذب الثالث رابعا فقتلهم الأسد جميعا ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين علي وكان قاضيا على اليمن ، فقضى للأول بربع الدية وللثاني بثلثها وللثالث بنصفها وللرابع بكاملها ، وقال : اجعل الدية على من حضر رأس البئر ، فسخط بعضهم من ذلك الحكم ، فرفع ذلك إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأجازه.

١٢٠