تراثنا ـ العددان [ 41 و 42 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 41 و 42 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٤

المصادر

١ ـ أبو هريرة ، للإمام السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي ـ ط. المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ سنة ١٣٨٤ ه.

٢ ـ إتمام الدراية لقراء النقاية ، لجلال الدين السيوطي ، المطبوع بهامش " مفتاح العلوم للسكاكي ـ ط. مطبعة التقدم العلمية بمصر. سنة ١٣٤٨ ه.

٣ ـ الأربعون البلدانية ، للحافظ ابن عساكر الدمشقي ـ ط. مركز جمعة الماجد بدبي.

٤ ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، لشهاب الدين العسقلاني ـ ط. المطبعة الأميرية بمصر ، سنة ١٣٠٦ ه.

٥ ـ الاستغاثة في بدع الثلاثة ، لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي.

٦ ـ الإستيعاب في معرفة الأصحاب ، لابن عبد البر النمري القرطبي ، المطبوع بهامش الإصابة ـ الطبعة الأولى ، سنة ١٣٢٨ ه.

٧ ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة ، لعز الدين ابن الأثير ـ ط. دار الشعب ، سنة ١٣٩٣ ه.

٨ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ الطبعة الأولى ، سنة ١٣٢٨ ه.

٩ ـ الإفصاح في الإمامة ، للشيخ الإمام محمد بن النعمان المفيد ـ الطبعة الثانية ، سنة ١٤١٣ ه.

١٠ ـ تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي ـ ط. مطبعة السعادة بمصر ، سنة ١٣٤٩ ه.

١١ ـ تاريخ الخلفاء ، لجلال الدين السيوطي ـ بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط. مطبعة السعادة ، سنة ١٣٧١ ه.

١٢ ـ تاريخ الطبري ، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ـ ط. مصر.

١٣ ـ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ، للمباركفوري ـ ط. الهند.

١٤ ـ تذكرة الحفاظ ، للحافظ شمس الدين الذهبي ـ ط. حيدر آباد ، سنة ١٣٧٧ ه.

٦١

١٥ ـ تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط. مصر ، سنة ١٣٢٢ ه.

١٦ ـ تلخيص الشافي في الإمامة ، للشيخ الإمام أبي جعفر الطوسي.

١٧ ـ تلخيص المستدرك على الصحيحين ، للذهبي ، بهامش المستدرك.

١٨ ـ تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ، لابن عراق الكناني ـ تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف ـ ط. دار الكتب ، بيروت.

١٩ ـ تهذيب التهذيب ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط. دار إحياء التراث العربي ، سنة ١٤١٢ ه.

٢٠ ـ الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير ، للحافظ جلال الدين السيوطي ـ ط. عبد الحميد أحمد حنفي.

٢١ ـ جلاء العينين في محاكمة الأحمدين ، لنعمان بن محمود الآلوسي ـ ط. دار الطباعة المصرية ببولاق ، سنة ١٢٩٨ ه.

٢٢ ـ الخصائص الكبرى ، لجلال الدين السيوطي ـ ط. حيدر آباد ، سنة ١٣٢٠ ه.

٢٣ ـ الرياض النضرة في مناقب العشرة ، للمحب الطبري ـ ط. مطبعة الاتحاد ـ الطبعة الأولى.

٢٤ ـ السبعة من السلف من الصحاح الستة ، للعلامة الفيروزآبادي ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ، سنة ١٣٩٨ ه.

٢٥ ـ سنن ابن ماجة ، لمحمد بن يزيد بن ماجة القزويني ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ـ ط. دار الفكر ـ بيروت.

٢٦ ـ سنن أبي دود ، لأبي داود السجستاني ـ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ـ دار إحياء السنة النبوية ـ القاهرة.

٢٧ ـ سنن الترمذي (الجامع الصحيح) ، لمحمد بن عيسى بن سورة الترمذي ، بتحقيق إبراهيم عطوة عوض ـ ط. البابي الحلبي.

٢٨ ـ شرح صحيح مسلم للنووي ، المطبوع بهامش إرشاد الساري ـ ط. المطبعة الأميرية بمصر ، سنة ١٣٠٦ ه.

٢٩ ـ صحيح البخاري ، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.

٦٢

٣٠ ـ صحيح مسلم ، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري.

٣١ ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، لابن طاووس ـ ط. مطبعة الخيام ، قم سنة ١٣٩٩ ه.

٣٢ ـ العقد الفريد للملك السعيد ، لابن عبد ربه الأندلسي.

٣٣ ـ الغدير في الكتاب والسنة والأدب ، للعلامة الأميني ـ ط. دار إحياء التراث العربي.

٣٤ ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط. دار الريان للتراث ـ مصر ، سنة ١٤٠٧ ه.

٣٥ ـ فتح المغيث بشرح ألفية الحديث ، للحافظ زين الدين العراقي ـ تحقيق محمود ربيع ـ عالم الكتب ، بيروت ، الطبعة الثانية ، سنة ١٤٠٨ ه.

٣٦ ـ فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، للعلامة الفيروزآبادي ـ ط. مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ سنة ١٤٠٢ ه.

٣٧ ـ فضائل الصحابة ، لأحمد بن شعيب النسائي ـ ط. دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٣٨ ـ فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ، لعبد الرؤوف المناوي ـ ط. مصر ، سنة ١٣٥٧ ه.

٣٩ ـ كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ، لحسان الدين المتقي الهندي.

٤٠ ـ لسان الميزان ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط. حيدر آباد ، سنة ١٣٣١ ه.

٤١ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، للحافظ نور الدين الهيثمي ـ ط. حسام الدين القدسي ، سنة ١٣٤٢ ه.

٤٢ ـ مرقاة المفاتيح لمشكاة المصابيح ، لعلي بن سلطان محمد الهروي القاري ـ ط. الميمنية ، سنة ١٣٠٩ ه.

٤٣ ـ المستدرك على الصحيحين ، للحاكم النيسابوري ـ ط. حيدر آباد ، سنة ١٣٤٤ ه.

٤٤ ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل ـ ط. الميمنية ، سنة ١٣١٣ ه.

٤٥ ـ المعجم الأوسط ، للحافظ الطبراني.

٦٣

٤٦ ـ منتخب كنز العمال ـ المطبوع بهامش مسند أحمد ـ للمتقي الهندي.

٤٧ ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال ، للحافظ شمس الدين الذهبي ـ تحقيق محمد علي البجاوي ـ ط. عيسى البابي الحلبي ، سنة ١٣٨٢ ه.

٤٨ ـ هدي الساري ـ مقدمة فتح الباري ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ ط. دار الريان للتراث ـ مصر ، سنة ١٤٠٧ ه.

٦٤

تشييد المراجعات

وتفنيد المكابرات

(٤)

السيد علي الحسيني الميلاني

المراجعة ـ ١٠

* قال السيد رحمة الله تعالى عليه

مجيبا على طلب المزيد من النصوص النبوية :

١ (١) ـ أخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده ، بالإسناد إلى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سره أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي».

قال في الهامش : «هذا الحديث بعين لفظه هو الحديث ٣٨١٩ من أحاديث الكنز ، في آخر ص ٢١٧ من جزئه ٦. وقد أورده في منتخب الكنز أيضا ، فراجع من المنتخب ما هو في أوائل هامش ص ٩٤ من الجزء ٥ من مسند أحمد ، غير أنه قال : ورزقوا فهمي» ولم يقل : «وعلمي» ولعله غلط من

__________________

(١) هذا الترقيم منا ، اقتضته ضرورة البحوث الآتية هنا كما سيتضح.

٦٥

الناسخ. وأخرجه الحافظ أبو نعيم في حليته ، ونقله عنه علامة المعتزلة في ص ٤٥٠ من المجلد الثاني من شرح النهج طبع مصر ، ونقل نحوه في ص ٤٤٩ عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل في كل من مسنده وكتاب فضائل علي بن أبي طالب».

٢ ـ وأخرج مطين ، والباوردي ، وابن جرير ، وابن شاهين ، وابن مندة ، من طريق أبي إسحاق ، عن زياد بن مطرف ، قال : «سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من أحب أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنة التي وعدني ربي ـ وهي جنة الخلد ـ فليتول عليا وذريته من بعده ، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم باب ضلالة».

قال في الهامش : «وهذا الحديث هو الحديث ٢٥٧٨ من أحاديث الكنز في ص ١٥٥ من جزئه ٦ ، وأورده في المنتخب أيضا فراجع من المنتخب ما هو في السطر الأخير من هامش ص ٣٢ من الجزء ٥ من مسند أحمد. وأورده ابن حجر العسقلاني مختصرا في ترجمة زياد بن مطرف ، في القسم الأول من إصابته ، ثم قال : قلت : في إسناده (يحيى بن يعلى المحاربي) وهو واهي.

أقول : هذا غريب من مثل العسقلاني ، فإن (يحيى بن يعلى المحاربي) ثقة بالاتفاق ، وقد أخرج له البخاري في عمرة الحديبية من صحيحه ، وأخرج له مسلم في الحدود من صحيحه أيضا ، سمع أباه عند البخاري ، وسمع عند مسلم غيلان بن جامع ، وأرسل الذهبي في الميزان توثيقه إرسال المسلمات ، وعده الإمام القيسراني وغيره ممن احتج بهم الشيخان وغيرهما ".

٣ ـ ومثله حديث زيد بن أرقم ، قال قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم : «من يريد أن يحيا حياتي ، ويموت موتي ، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي ، فليتول علي بن أبي طالب ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة».

٦٦

قال في الهامش : «أخرجه الحاكم في آخر ص ١٢٨ من الجزء ٣ من صحيحه المستدرك ، ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وأخرجه الطبراني في الكبير ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة ، وهو الحديث ٢٥٧٧ من أحاديث الكنز في ص ١٥٥ من جزئه ٦ ، وأورده في منتخب الكنز أيضا ، فراجع هامش ص ٣٢ من الجزء ٥ من المسند».

٤ ـ وكذلك حديث عمار بن ياسر ، قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزوجل».

قال في الهامش : «أخرجه الطبراني في الكبير ، وابن عساكر في تاريخه ، وهو الحديث ٢٥٧١ من أحاديث الكنز ، في آخر ص ١٥٤ من جزئه ٦».

٥ ـ وعن عمار أيضا ، مرفوعا : «اللهم من آمن بي وصدقني ، فليتول علي ابن أبي طالب ، فإن ولايته ولايتي ، وولايتي ولاية الله تعالى».

قال في الهامش : «أخرجه الطبراني في الكبير عن محمد بن أبي عبيدة ابن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمار ، وهو الحديث ٢٥٧٦ من أحاديث الكنز ص ١٥٥ من جزئه ٦ ، وأورده في المنتخب أيضا».

تحقيق أسانيد هذه الأحاديث

أقول : ولا بد من تحقيق أسانيد هذه الأحاديث ، والنظر فيما قيل في ذلك من السابقين واللاحقين ، فنقول وبالله نستعين :

* أما الحديث الأول وهو الذي نقله السيد عن " كنز العمال " عن الطبراني والرافعي ، فهذا سنده عند الرافعي :

«الحسن بن حمزة العلوي الرازي ، أبو طاهر ، قدم قزوين وحدث بها عن

٦٧

سليمان بن أحمد ، روى عنه : أبو مضر ربيعة بن علي العجلي ، فقال :

ثنا أبو طاهر الحسن بن حمزة العلوي ـ قدم علينا قزوين سنة ٣٤٤ ـ ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي ، ثنا يعقوب بن المغيرة الهاشمي ، عن ابن أبي رواد ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عكرمة ، عن ابن عباس» (٢).

وبه يتبين سند الطبراني ، وهو سليمان بن أحمد.

قال السيد في الهامش : «وأخرجه الحافظ أبو نعيم في حليته ، ونقله عنه ...».

أقول :

هذا نص عبارة الحافظ أبي نعيم :

«حدثنا فهد بن إبراهيم بن فهد ، ثنا محمد بن زكريا الغلابي ، ثنا بشر بن مهران ، ثنا شريك ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : من سره أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده ثم قال لها : كوني فكانت ، فليتول علي بن أبي طالب من بعدي.

رواه شريك أيضا : عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم.

ورواه السدي عن زيد بن أرقم.

ورواه ابن عباس ، وهو غريب.

حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا محمد بن جعفر بن عبد الرحيم ، ثنا أحمد ابن محمد بن يزيد بن سليم ، ثنا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى ـ أخو

__________________

(٢) نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ٤ / ٣٣٤ عن مسند الرافعي ـ مخطوط.

٦٨

محمد بن عمران ـ ثنا يعقوب بن موسى الهاشمي ، عن ابن أبي رواد ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : من سره أن يحيا حياتي ...» (٣).

فأبو نعيم أخرجه بعدة طرق عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من دون طعن في شئ منها ، كما سنرى.

وأخرجه الحافظان ابن عساكر والكنجي من طريق أبي نعيم ، ثم قال الأول : «هذا حديث منكر ، وفيه غير واحد من المجهولين» (٤).

وأيضا : أخرجه ابن عساكر بإسناد له عن : زيد بن وهب ، عن حذيفة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥).

وبإسناد آخر من طريق الحافظ الخطيب البغدادي ، عن أبي الطفيل ، عن سيدنا أبي ذر ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦).

فهذا الحديث مروي عندهم عن جماعة من الأصحاب ، وهم :

١ ـ عبد الله بن العباس.

٢ ـ أبو ذر الغفاري.

٣ ـ حذيفة بن اليمان.

٤ ـ زيد بن أرقم.

تحقيق السند :

أما طريقه عن أبي ذر وزيد بن أرقم فلا نجد من هؤلاء الرواة عنهما طعنا

__________________

(٣) حلية الأولياء ١ / ٨٦.

(٤) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٢ / ٩٥ رقم ٥٩٦ ، كفاية الطالب في مناقب علي ابن أبي طالب : ٢١٤.

(٥) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٢ / ٩٩.

(٦) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٢ / ٩٨.

٦٩

في شيء من الأسانيد ... ولو كان لأفصحوا به ، كما وجدنا بالنسبة إلى حديث غيرهما :

فحديث ابن عباس ... قال ابن عساكر بعد إخراجه من طريق أبي نعيم : «هذا حديث منكر ، وفيه غير واحد من المجهولين» وقال أبو نعيم : «غريب».

وحديث حذيفة ... وإن سكت عنه أبو نعيم وابن عساكر ... فقد طعن الذهبي في سنده ...

أما قول ابن عساكر : «فيه غير واحد من المجهولين» فيرده :

أولا : سكوت الطبراني والرافعي والمتقي الراوي عنهما ، مع طعنه في بعض الأحاديث كما سيأتي.

وثانيا : كلام أبي نعيم ، إذ لم يقل إلا : «غريب» وسيأتي بيان معناه

وثالثا : إن الراوي عن «ابن أبي رواد» عند الطبراني والرافعي هو : «يعقوب بن المغيرة الهاشمي» وعند أبي نعيم وابن عساكر والكنجي هو : «يعقوب بن موسى الهاشمي» ، ولا أستبعد أن تكون الجهالة على أثر اختلاف النسخ والاشتباه في اسم الراوي.

وأما قوله : «منكر» فلا يضر باعتبار الحديث ، لأن الحافظ النووي يقول في «معرفة المنكر» : «قال الحافظ البرديجي : هو الفرد الذي لا يعرف متنه عن غير راويه ، وكذا أطلقه كثيرون ...» (٧).

وأما قول أبي نعيم : «وهو غريب» فلا يضر كذلك ، لأن «الغرابة» تجتمع مع «الصحة» السندية ، ولذا نرى كثيرا ما يقولون : «غريب صحيح».

وقال الحافظ النووي : «الغريب والعزيز : إذا انفرد عن الزهري وشبهه ممن يجمع حديثه رجل بحديث سمي : غريبا ، فإن انفرد اثنان أو ثلاثة سمي :

__________________

(٧) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي ٢ / ١٦٣.

٧٠

عزيزا ، فإن رواه جماعة سمي : مشهورا.

ويدخل في الغريب ما انفرد راو بروايته أو بزيادة في متنه أو إسناده ...

وينقسم إلى صحيح وغيره وهو الغالب» (٨).

وأما طعن الذهبي في سند الحديث عن «حذيفة بن اليمان» فقد جاء بترجمة : «بشر بن مهران» إذ قال :

«بشر بن مهران الخصاف ، عن شريك. قال ابن أبي حاتم : ترك أبي حديثه. ويقال : بشير.

قلت : قد روى عنه محمد بن زكريا الغلابي ـ لكن الغلابي متهم ـ قال : حدثنا شريك ، عن الأعمش عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : من سره أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويتمسك بالقضيب الياقوت ، فليتول علي بن أبي طالب من بعدي» (٩).

أقول :

أما ترك أبي حاتم حديث بشر فلا يعبأ به ، لقول الذهبي نفسه بترجمة أبي حاتم :

«إذا وثق أبو حاتم رجلا فتمسك بقوله : فإنه لا يوثق إلا رجلا صحيح الحديث. وإذا لين رجلا أو قال فيه : لا يحتج به ، فلا ، توقف حتى ترى ما قال غيره فيه ، وإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم ، فإنه متعنت في الرجال ، قد قال في طائفة من رجال الصحاح : ليس بحجة ، ليس بقوي ، أو نحو ذلك» (١٠).

وقال بترجمة أبي زرعة الرازي : «يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح

__________________

(٨) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي ١ / ١٩٩.

(٩) ميزان الاعتدال ١ / ٣٢٥.

(١٠) سير أعلام النبلاء ـ ترجمة أبي حاتم ١٣ / ٢٤٧.

٧١

والتعديل ، يبين عليه الورع والخبرة ، بخلاف رفيقه أبي حاتم ، فإنه جراح " (١١).

وأما اتهامه «الغلابي» فمردود :

أولا : بأنه قد تابعه غيره في هذا الحديث عن بشر ، وهو : «أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل» في رواية ابن عساكر (١٢).

وثانيا : فإن كلمة «متهم» بحاجة إلى بيان ، فلماذا الإجمال؟!

أما في «تذكرة الحفاظ» (١٣) و «سير أعلام النبلاء» (١٤) فذكره فيمن توفي سنة ٢٩٠ ه ولم يزد على ذلك شيا.

وأما في «العبر» فقد ترجم له بقوله : «وفيها : محمد بن زكريا الغلابي الأخباري ، أبو جعفر ، بالبصرة. روى عن : عبد الله بن رجاء الغداني ، وطبقته. قال ابن حبان : يعتبر بحديثه إذا روى عن الثقات» انتهى (١٥).

أما في «ميزان الاعتدال» فقد غلبه التعصب فقال : «محمد بن زكريا الغلابي البصري الأخباري ، أبو جعفر ، عن : عبد الله بن رجاء الغداني ، وأبي الوليد ، والطبقة. وعنه : أبو القاسم الطبراني وطائفة ، وهو ضعيف. وقد ذكره ابن حبان في كتاب (الثقات) وقال : يعتبر بحديثه إذا روى عن ثقة. وقال ابن مندة : تكلم فيه. وقال الدارقطني : يضع الحديث.

الصولي ، حدثنا الغلابي : حدثنا إبراهيم بن بشار ، عن سفيان ، عن أبي الزبير ، قال : كنا عند جابر ، فدخل علي بن الحسين ، فقال جابر : دخل الحسين فضمه النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم إليه وقال : يولد لابني هذا ابن يقال له علي : إذا كان يوم القيامة نادى مناد ، ليقم سيد العابدين ، فيقوم

__________________

(١١) سير أعلام النبلاء ـ ترجمة أبي زرعة ١٣ / ٦٥.

(١٢) ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ٢ / ٩٨.

(١٣) تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٣٩.

(١٤) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٣٤.

(١٥) العبر في خبر من غبر ١ / ٤١٨.

٧٢

هذا. ويولد له ولد يقال له : محمد ، إذا رأيته ـ يا جابر ـ فاقرأ عليه مني السلام.

فهذا كذب من الغلابي ...» (١٦).

والآن ، عرف وجه الاتهام!!

لكن الأمر أكثر من ذلك : فإن الرجل أخباري مؤرخ ، وجل مؤلفاته في أهل البيت عليهم‌السلام ... بل الرجل من أصحابنا الإمامية ، قال الشيخ النجاشي :

«محمد بن زكريا بن دينار مولى بني غلاب ، أبو عبد الله ـ وبنو غلاب قبيلة بالبصرة من بني نضر بن معاوية ، وقيل : إنه ليس بغير البصرة منهم أحد ـ وكان هذا الرجل وجها من وجوه أصحابنا بالبصرة ، وكان أخباريا واسع العلم ، صنف كتبا كثيرة ، وقال لي أبو العباس ابن نوح : إنني أروي عن عشرة رجال عنه. له كتب منها : الجمل الكبير ، والجمل المختصر ، وكتاب صفين الكبير ، وكتاب صفين المختصر ، مقتل الحسين عليه‌السلام ، كتاب النهر ، كتاب الأجواد ، كتاب الوافدين ، مقتل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أخبار زيد عليه‌السلام ، أخبار فاطمة ومنشأها ومولدها عليها‌السلام ، كتاب الحيل.

أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن نوح ، قال : حدثنا أبو الحسن علي ابن يحيى بن جعفر السلمي الحذاء ، وأبو علي أحمد بن الحسين بن إسحاق ابن شعبة الحافظ ، وعبد الجبار بن شيران الساكن بنهر خطي ، في آخرين ، قالوا : حدثنا محمد بن دينار الغلابي بجميع كتبه.

ومات محمد بن زكريا سنة ٢٩٨.» (١٧).

إذن ، لا بد أن يتهمه الذهبي ، وأمثاله ...!!

لكن لا يخفى أن هذا الجرح ساقط ، لما قررنا في مقدمات البحث

__________________

(١٦) ميزان الاعتدال ٣ / ٥٥٠.

(١٧) رجال النجاشي : ٢٤٤.

٧٣

ـ وعلى ضوء كلمات أعلام القوم (من أن الجرح المستند إلى الاختلاف في العقيدة غير مسموع ، وأن التشيع ليس بضائر ... مضافا إلى ما ذكرنا في التعريف بالذهبي وطريقته في الجرح ...

وعلى هذا كله ، فإنه يبقى توثيق ابن حبان للغلابي بلا معارض.

فالحديث معتبر ، ويؤيده كثرة طرقه وسكوت أبي نعيم وابن عساكر وغيرهما عن الطعن فيه.

تنبيه :

الخبر المذكور ـ الذي لأجله كذب الذهبي الغلابي ـ تلقاه غير واحد من الأعلام بالقبول ، ممن تقدم على الذهبي أو تأخر ، فأخرجه ابن عساكر بإسناده عن أبي بكر محمد بن يحيى الصولي ، عن الغلابي ، عن إبراهيم بن بشار ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ...

وعن ابن عساكر : الكنجي الشافعي ، قال : «هذا حديث ذكره محدث الشام في مناقبه كما أخرجناه ، وسنده معروف عند أهل النقل» (١٨).

وأرسله ابن حجر المكي إرسال المسلم فقال : «وكفاه شرفا أن ابن المديني روى عن جابر ...» (١٩) فلو لم يكن الخبر صحيحا عنده لما أرسله ، ولما جعله مما «كفاه شرفا»!

ورواه كمال الدين محمد بن طلحة ، وهو من المتقدمين على الذهبي (٢٠) وهو من الأئمة الفقهاء الأعلام ، ترجم له الذهبي نفسه في غير واحد من كتبه وأثنى عليه ، وكذلك غيره في كثير من المصادر ، لا سيما الكتب المؤلفة في طبقات فقهاء الشافعية.

__________________

(١٨) كفاية الطالب : ٤٤٨.

(١٩) الصواعق المحرقة : ١٢٠.

(٢٠) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : ٤٣.

٧٤

أقول :

إن هذا الخبر إنما هو فضيلة من فضائل أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، وتكذيب الذهبي ـ برمي الغلابي بالكذب ـ جري على عادته في رد فضائلهم عليهم‌السلام حتى نسب إلى النصب.

ولكني رأيت بعضهم (٢١) يرد خبر إبلاغ جابر الإمام الباقر السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأن فرقة من الشيعة ـ اخترعها وسماها بالباقرية ـ استدلت به على أن الباقر عليه‌السلام هو «المهدي المنتظر» فقالت هذه الطائفة : «ما أقرأه السلام إلا وهو المنتظر المهدي» قال : «يقال لهم بعد صحة الخبر : ينبغي أن يكون أويس القرني مهديا منتظرا ، لأنه صح ...».

ألا سائل يسأل الصفدي : من هذه الفرقة؟! وأين كانت؟! ومن أسسها؟! ومن أين نقلت هذا الاستدلال؟! ...

ثم يقال له : إن في ذيل الخبر ـ عند ابن عساكر ـ : «يا جابر ، إعلم أن المهدي من ولده ، واعلم ـ يا جابر ـ أن بقاءك بعده قليل».

فلماذا كل هذا السعي وراء رد فضيلة من فضائل العترة حتى بالافتراء والتزوير؟!

وثالثا : أنا لو تنزلنا عن جميع ما ذكر ، وسلمنا ضعف طريق حديث حذيفة ، ففي الاحتجاج بحديث غيره كفاية ، فقد رأينا أن ابن عساكر ـ الذي طعن في حديث ابن عباس ـ لم يطعن في حديث زيد بن أرقم ، وحديث أبي ذر ، كما لم يطعن في حديث حذيفة.

ورابعا : لو سلمنا ضعف أسانيد جميع هذه الأحاديث ، فقد تقرر عندهم أن هكذا حديث ـ حتى لو كان كل طرقه ضعيفة ـ حجة :

__________________

(٢١) هو الصفدي ، أنظر : الوافي بالوفيات ٤ / ١٠٢ ـ ١٠٣.

٧٥

قال المناوي ـ بعد الكلام على بعض الأخبار ردا على ابن تيمية ـ : «وهذه الأخبار وإن فرض ضعفها جميعا ، لكن لا ينكر تقوي الحديث الضعيف ـ بكثرة طرقه وتعدد مخرجيه ـ إلا جاهل بالصناعة الحديثية أو معاند متعصب ، والظن به أنه من القبيل الثاني» (٢٢).

قلت :

بل هو اليقين في مثل ابن تيمية والذهبي! بالنظر إلى ما أسلفنا باختصار من ذكر ترجمتهما وتصريح غير واحد من الأعلام بكونهما معاندين يتكلمان بالتعصب والهوى.

* وقد قلدهما في الطعن في الأحاديث بهذه الطريقة بعض المعاصرين ، ثم أصبح ـ بدوره ـ قدوة لبعض الناشئة من الكتاب ... وهو الشيخ ناصر الدين الألباني ، قال :

«٨٩٤ ـ من سره أن يحيا حياتي ...

موضوع ، أخرجه أبو نعيم

١ / ٨٦ من طريق ... وقال : وهو غريب.

قلت : وهذا إسناد مظلم ، كل من دون ابن أبي رواد مجهولون ، لم أجد من ذكرهم ، غير أنه يترجح عندي أن أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم إنما هو : ابن مسلم الأنصاري الأطرابلسي المعروف بابن أبي الحناجر ، قال ابن أبي حاتم ١ / ١ / ٧٣ : كتبنا عنه وهو صدوق ، وله ترجمة في تاريخ ابن عساكر ٢ / ق ١١٣ ـ ١١٤ / ١.

وأما سائرهم فلم أعرفهم ، فأحدهم هو الذي اختلق هذا الحديث الظاهر البطلان والتركيب. وفضل علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ أشهر من أن يستدل عليه بمثل هذه الموضوعات التي يتشبث الشيعة بها ، ويسودون كتبهم بالعشرات من

__________________

(٢٢) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٣ / ١٧٠.

٧٦

أمثالها ، مجادلين بها في إثبات حقيقة لم يبق اليوم أحد يجحدها ، وهي فضيلة علي رضي‌الله‌عنه.

ثم الحديث عزاه في الجامع الكبير ٢ / ٢٥٣ / ١ للرافعي أيضا عن ابن عباس. ثم رأيت ابن عساكر أخرجه في تاريخ دمشق ١٢ / ١٣٠ / ٢ من طريق أبي نعيم ثم قال عقبه : هذا حديث منكر ، وفيه غير واحد من المجهولين.

قلت : وكيف لا يكون منكرا ، وفيه مثل ذاك الدعاء : لا أنالهم الله شفاعتي ، الذي لا يعهد مثله عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ، ولا يتناسب مع خلقه صلى الله عليه [وآله] وسلم ورأفته ورحمته بأمته.

وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها صاحب المراجعات ، عبد الحسين الموسوي ، نقلا عن كنز العمال ٦ / ١٥٥ و ٢١٧ ـ ٢١٨ ، موهما أنه في مسند الإمام أحمد ، معرضا عن تضعيف صاحب الكنز إياه تبعا للسيوطي ".

أقول :

هذه عبارته حول هذا الحديث ، وهي قطعة من كلام طويل له ، تعرض فيه بالنقد لبعض الأحاديث التي احتج بها السيد في هذه المراجعة ... وقد أورد الدكتور السالوس كلام هذا الشيخ بطولة في هامش كتيبه حول حديث الثقلين (٢٣). وفيه مواقع للنظر :

أولها : في حكمه بوضع هذا الحديث استنادا إلى أن «كل من دون ابن أبي رواد مجهولون ... فلم أعرفهم ، فأحدهم هو الذي اختلق هذا الحديث» إذ إنه باطل ومردود بوجوه :

١ ـ إن الذي أخرج الحديث في كتابه بواسطة مشايخه ، وكان أقرب عهدا

__________________

(٢٣) حديث الثقلين وفقهه ، هامش ص : ٢٨ عن سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، الجزء الثاني.

٧٧

وأكثر معرفة برواته ـ وهو الحافظ أبو نعيم ـ لم يرم الحديث بالضعف فضلا عن الوضع ، بل غاية ما هنا لك أنه قال : «وهو غريب».

وقد بينا المراد من «الغريب» في اصطلاح علم الحديث ، والشيخ غير جاهل بذلك قطعا.

٢ ـ إنه قد نبه الحافظ ابن عساكر من قبل على أن : «فيه غير واحد من المجهولين» ولم يحكم على الحديث إلا بأنه «منكر» ، وقد عرفنا معنى هذه الكلمة اصطلاحا ، فهل انكشف للشيخ ما خفي على ابن عساكر فأضاف أنه «موضوع»؟!

٣ ـ إن لنا أن نسأل الشيخ عن المبرر لنسبة «الاختلاق» إلى «من لا يعرفه» وأنه هل وصل إلى مرحلة من «المعرفة»!! تجوز له إلحاق من لم يعرفه بمن يعرفه بالاختلاق؟!

وثانيها : في قوله ـ في الحديث ـ : «الظاهر البطلان والتركيب ، وفضل علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ أشهر من أن يستدل عليه بمثل هذه الموضوعات التي يتشبث الشيعة بها ، ويسودون كتبهم بالعشرات من أمثالها ...» فإن هذا الحديث واحد من عشرات الأحاديث المتفق عليها ، ومن النصوص الدالة على إمامة أمير المؤمنين وأئمة أهل البيت عليهم‌السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كما لا يخفى على من تأمل في ألفاظها ، ولذا يعد عند هذا الشيخ النجيب! وأمثاله من أتباع ابن الجوزي «ظاهر البطلان والتركيب»!!

ثم الأجدر بنا أن نمر على سائر ما في هذه العبارة «كراما» ولا نقول إلا «سلاما».

وثالثها : في قوله : «وكيف لا يكون منكرا؟ وفيه مثل ذاك الدعاء ... ولا يتناسب مع خلقه ...» فإنه غفل أو تغافل عن المراد من «منكر» وقد ذكرنا أنه اصطلاح في علم الحديث وبينا معناه ... وأما أن مثل هذا الدعاء لا يتناسب مع خلق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكلام بارد جدا ، لأن من

٧٨

كذب بفضل العترة النبوية الهادية ولم يقتد بها فهو ضال ، و (ماذا بعد الحق إلا الضلال) (٢٤) ، ومن قطع فيهم صلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان من الذين (يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) (٢٥) ، وحينئذ (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) (٢٦) وكيف تنال شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أعرض عن أهل بيته الطاهرين وهو قائل في حق الثقلين : «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»؟!

وأما دعاؤه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بعض الناس ، ولعنته البعض الآخر ... فموارده في سيرته المباركة غير قليلة ، ومن اليسير الوقوف عليه بأدنى مراجعة.

ورابعها : قوله أخيرا : «وهذا الحديث من الأحاديث التي أوردها صاحب المراجعات ... موهما ...» فإنه فرية واضحة ، إذ ليس في كلام السيد أي إيهام بكون الحديث في مسند أحمد ، كما أنا راجعنا «كنز العمال» ونقلنا عبارته سابقا ولم نجد في ذاك الموضع تضعيفا منه للحديث!!

* وأما الحديث الثاني فقد أخرجه عدا من ذكر من الأعلام :

الإمام أبو جعفر الطبري ـ في منتخب ذيل المذيل : ٥٨٩ ، في ذكر من روى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من همدان ـ : «حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، قال : حدثنا أحمد بن أشكاب ، قال : حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي ، عن عمار بن زريق الضبي ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن زياد بن مطرف ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول :

__________________

(٢٤) سورة يونس ١٠ : ٣٢.

(٢٥) سورة الرعد ١٣ : ٢٥.

(٢٦) سورة المدثر ٧٤ : ٤٨.

٧٩

من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي ، قضبانا من قضبانها غرسها في جنة الخلد ، فليتول علي بن أبي طالب وذريته من بعده ، فإنهم لن يخرجوهم من باب هدى ، ولن يدخلوهم في باب ضلالة ".

والحافظ الطبراني ، فقد قال الهيثمي : «وعن زياد بن مطرف ، عن زيد بن أرقم ، وربما لم يذكر زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : من أحب ...

رواه الطبراني ، وفيه : يحيى بن يعلى الأسلمي ، وهو ضعيف " (٢٧).

والمتقي الهندي ، عن مطين ، والباوردي ، وابن شاهين ، وابن مندة ، عن زياد بن مطرف. قال : «وهو واه» (٢٨).

فهؤلاء كلهم رووا هذا الحديث عن (زياد بن مطرف) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم نعرف تضعيفا منهم لسنده إلا من الهيثمي والمتقي ، وليس إلا ل «يحيى بن يعلى الأسلمي».

فظهر :

١ ـ إن هذا الحديث غير الحديث الآتي.

٢ ـ إن مخرجي هذا الحديث جماعة من الأعلام ، ولم يطعن أحد منهم في سنده.

٣ ـ إنه لم يضعف أحد من رجاله إلا «يحيى بن يعلى الأسلمي» ، وسيأتي تحقيق الحال في ذلك.

* وأما الحديث الثالث فيختلف عن الثاني من وجوه :

__________________

(٢٧) مجمع الزوائد ٩ / ١٠٨.

(٢٨) كنز العمال ١١ / ٦١١ رقم ٣٢٩٦٠ ، منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ٥ / ٣٢.

٨٠