تاريخ النّياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

السيد صالح الشهرستاني

تاريخ النّياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام - ج ١

المؤلف:

السيد صالح الشهرستاني


المحقق: الشيخ نبيل رضا علوان
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الزهراء
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٦
الجزء ١ الجزء ٢

تنبؤاته بهذا المصيرالمحزن كثيرة ، استناداً الى ما كان قد سمعه من جده المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن أبيه الكرار عليه‌السلام ، وتطبيقاً منه لمجريات الحوادث التي كانت تمر عليه في كل يوم وليلة منذ أواخر عهد معاوية بن أبي سفيان وبعد استيلاء يزيد على الحكم. وفيما يلي بعض ماعثرت عليه في بطون الكتب في هذا الأمر :

٥ ـ نقل كتاب « إقناع اللائم » في صفحته «١٨٩» عن مقال للمستشرق الالماني الشهير ( ماربين ) حول فاجعة كربلاء ، ما ترجمته تالياً.

« وأكبر دليل على أن الحسين عليه‌السلام كان ذاهباً لمصرعه ولم يقصد السلطنة والرئاسة أبداً ، هو أنه مع ذلك العلم ، وتلك السياسة والتجربة التي اكتسبها في عهد ابيه وأخيه في قتالهم مع بني أمية ؛ كان يعلم أنه لا يملك الاستعدادات اللازمة مع تلك القوة التي كانت ليزيد لتمكنه من المقاومة. وأيضاً فان الحسين بعد قتل أبيه كان يخبرعن نفسه أنه مقتول لا محالة ، ومن الساعة التي خرج فيها من المدينة كان يقول بصوت عال وبلا تستر : إنني ذاهب للقتل. وكان يصرح بذلك لاصحابه إتماماً للحجة ، وليبرئ نفسه من أنه يجاهد طمعاً في الجاه ، وكانت لهجته على الدوام : إن أمامي طريق المصرع. ولو لم يكن الحسين بهذه الافكار لم يكن ليستسلم للموت ، بل كان يسعى لاعداد جيش ، لا أن يفرق الجماعة الذين معه ، ولما لم يكن له قصد سوى القتل الذي هو مقدمة لتلك الأفكارالسامية ، وتلك الثورة المقدسة ، التي كانت في نظره أنها أكبر وسيلة لتلك الثورة التي سيفقد فيها الأنصار ويصاب بها بالقتل مظلوماً شهيداً ، لذلك اختارها لتكون مصائبه أشد تأثيراً في القلوب .. ».

ثم يستطرد الكاتب الالماني فيقول :

« إنه ـ أي الحسين ـ لم يتحمل هذه المصائب للحصول على السلطنة ، ولم يرد هذه المهلكة العظمى على غير علم ، كما تصور ذلك بعض مؤرخينا ، بدليل : أنه كان قبل هذه الواقعة بسنين متطاولة يترنم بذكر مصائبه التي ستقع على سبيل التسلية

٤١

لخواص أصحابه من ذوي الافكارالعالية والأدمغة الواسعة قائلاً : سيظهر الله بعد قتلي وظهور تلك المصائب المفجعة اقواماً يميزون الحق من الباطل ، ويزورون قبورنا ، ويبكون على مصائبنا ، ويأخذون الثار من أعداء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. هؤلاء الجماعة يروجون دين الله وشريعة جدي ، ونحبهم أنا وجدي ، وسيحشرون معنا يوم القيامة .. ».

٦ ـ جاء في الصفحة «٢٩» من كتاب « لمعة من بلاغة الحسين عليه‌السلام » لمؤلفه السيد مصطفى محسن الاعتماد الموسوي الحائري من خطبة للحسين عليه‌السلام عند عزمه على المسير من الحجاز الى العراق قوله : « وخير لي مصرع أنا لاقيه ، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً. لا محيص عن يوم خط بالقلم ، رضا الله رضانا اهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفينا أجور الصابرين ... ».

٧ ـ وجاء في الصفحة «٣٢» من الكتاب نفسه في جواب الامام علي عليه‌السلام لأبي هرم ـ لما قال له : يا ابن رسول الله ، ماالذي أخرجك عن حرم جدك ـ قوله : « يا أبا هرم ، إن بني أمية شتموا عرضي فصبرت ، وأخذوا مالي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت : وأيم الله ليقتلونني فيلبسهم الله ذلاً شاملاً ، وسيفاً قاطعاً ... ».

٨ ـ جاء في الصفحة «٣٥» من هذا الكتاب ايضاً ـ مانصه ـ عند مخاطبة الامام أصحابه قوله : « قال الحسين عليه‌السلام : إن رسول الله قال لي : يا بني إنك ستساق الى العراق ، وهي أرض قد التقى بها النبيون وأوصياء النبيين ، وهي أرض تدعى عجوزاً وإنك تستشهد بها ، ويستشهد معك جماعة من أصحابك تكون الحرب عليك وعليهم سلماً ... ».

٩ ـ وفي الصفحة «٣٧» منه جاء ضمن خطبة للامام عليه‌السلام يخاطب بها أصحابه ما لفظه : « وقد قال جدي رسول الله : ولدي حسين يقتل بطف كربلاء غريباً وحيداً عطشاناً ... ».

٤٢

١٠ ـ وورد في الصفحة «٦٧» منه في جواب للامام الشهيد عليه‌السلام على كتاب عبد الله بن جعفر الطيار الذي يرجو فيه من الامام عدم مغادرة مكة الى الكوفة لأن فيها هلاك الامام وصحبه ما نصه : « إعلم أني قد رأيت جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامي فأخبرني بأمر أنا ماض له. فو الله يا ابن العم لو كنت في جحر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني حتى يقتلوني ... ».

١١ ـ جاء في الصفحة «٦٣٧» من كتاب« موسوعة آل النبي » للدكتورة بنت الشاطئ مانصه : « وكان الحسين ـ فيما يروي عدد من المؤرخين الاخباريين ـ يعلم منذ طفولته بما قدر له. كما كان دور أخته زينب حديث القوم منذ ولدت ، فهم يذكرون : أن سلمان الفارسي أقبل على علي عليه‌السلام يهنئه بوليدته ، فألفاه واجماً حزيناً يتحدث عما سوف تلقى ابنته في كربلاء. وبكى علي الفارس الشجاع ، ذو اللواء المنصور ، والملقب بأسد الاسلام ».

١٢ ـ جاء في الصفحة «٦٨٥» من الموسوعة نفسها عند ذكرها إحضار والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان الحسين عليه‌السلام ليأخذ منه البيعة ليزيد ، وامتناع الامام عن ذلك ، وما حدث له في مجلس الوليد قولها : « خرج الحسين حتى أتى منزله وألقى الى أهله النبأ وأسر لهم بعزمه على الرحيل ».

ومر بمسجد المدينة. ويقال انه سمع اذ ذاك يتمثل بقول ابن مفرغ :

لا ذعرت والسوام في فلق الصبح

مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطى من المهانة حيناً

والمنايا يرصدنني إذ أحيدا

١٣ ـ وفي الصفحة «٧٠٢» من نفس الموسوعة عند الحديث عن منع عبد الله ابن جعفر الحسين عليه‌السلام من الشخوص الى العراق وامتناع الامام عن ذلك وإصراره على الرحيل الى الكوفة قولها : « ثم مشى الحسين في طريقه لا يلوي على شيء فزار قبر جده مودعاً وهو يقول :

وقد غسلت يدي من الحياة ، وعزمت على تنفيذ أمر الله ».

٤٣

١٤ ـ وفي الصفحة «٧٠٦» من نفس الموسوعة ذكر عن مثول الاسديين الآتيين من الكوفة بين يدي الحسين عليه‌السلام في الطريق وإخباره بمقتل مسلم بن عقبيل ، ثم تقول : « فساد القوم ـ أنصار الحسين ومرافقيه ـ وجوم حزين لم يطل. ثم أعولت النساء وضج الجميع بالبكاء ، وكانت مناحة في العراء.

وحين خفت ضجة النياح أراد الحسين أن يرجع بآله ، فوثب عند ذلك بنو عقيل وهم يصيحون :

لا نرجع والله أبداً حتى ندرك ثارنا أو نذرق ما ذاق أخونا ونقتل بأجمعنا.

فنظر الحسين الى الأعرابيين اللذين نصحاه بالرجوع وقال في جد وأسى : لا خير في العيش بعد هؤلاء ، وأمن القدر على ما قاله بنو عقيل فلم يرجعوا بل قتلوا أجمعين ... ».

* * *

٤٤

الفصل الخامس

الحسين عليه‌السلام ينعى نفسه ويبكي آله

تتابعت الروايات من المؤرخين وأرباب السير على أن الامام الشهيد عليه‌السلام قد أكد ما كان قد تنبأ به من قبل يوم التاسع من المحرم ـ أي قبل استشهاده بأربع وعشرين ساعة ـ بأنه مقتول لامحالة ، وأن الاسلام والمسلمين سيفجعون بمصرعه قريباً ،وأن خصومه وأعداءه مصممون على الفتك به وبأصحابه ، مهما كلفهم الأمر ، ومهما عملوا في سبيل ذلك من وزر ، وقد رويت في هذا الصدد روايات كثيرة نأتي على بعضها تالياً ونترك المكرر منها :

١ ـ جاء في ( إرشاد ) الشيخ المفيد :

« إنه في يوم الخميس ٩ محرم سنة ٦١ هـ عصراً نادى عمر بن سعد : يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري ، فركب الناس ثم زحف نحوهم بعد العصر ، وحسين عليه‌السلام جالس أمم بيته محتب بسيفه ، إذ خفق برأسه على ركبتيه ، وسمعت أخته زينب الضجة فدنت من أخيها فقالت : يا أخي ، أماتسمع الأصوات قد اقتربت فرفع الحسين رأسه وقال ، إني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الساعة في المنام فقال لي : إنك تروح إلينا. فلطمت أخته وجهها ونادت بالويل. فقال لها : ليس لك الويل يا أخية ، اسكتي رحمك الله .. » (١).

__________________

(١) ارشاد المفيد ٢ : ٨٩.

٤٥

وقد قال بعض المؤرخين : إن هذا أول عويل في فاجعة الحسين عليه‌السلام.

٢ ـ نقل الشيخ المفيد في « إرشاده » أيضاً الرواية التالية : « قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : إني لجالس في تلك العشية التي قتل ابي في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني ، إذ اعتزل أبي في خباء وعنده جوين مولى أبي ذر الغفاري ، وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول :

يا دهر أف لك من خليل

كم لك بالاشراق والأصيل

من صاحب أو طالب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل

وإنما الأمر الى الجليل

وكل حي سالك سبيلي

فأعادها مرتين أو ثلاثاً حتى فهمتها وعرفت ما أراد ، فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت ، وعلمت أن البلاء قد نزل ، وأما عمتي فلما سمعت ما سمعت وهي امرأة ، ومن شأن النساء الرقة والجزع ، فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبها وإنها لحاسرة ، حتى انتهت إليه فقالت : واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن ، يا خليقة الماضي وثمال الباقي. فنظر إليها الحسين عليه‌السلام فقال لها : يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان ، وترقرقت عيناها بالدموع وقال : لو ترك القطا لنام (١) ؛ فقالت : يا ويلتاه! افتغتصب نفسك اغتصاباً؟ فذاك اقرح لقلبي وأشد على نفسي. ثم لطمت وجهها وهوت الى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها.

فقام اليها الحسين فصب على وجهها الماء وقال لها : يا أختاه! اتقي الله وتعزي بعزاء الله ، واعلمي أن أهل الأرض يموتون ، وأهل السماء لا يبقون ، وأن كل شيء هالك إلا وجهه .. » (٢).

٣ ـ جاء في الصفحة «٩٥» من كتاب ( نهضة الحسين ) لمؤلفه العلامة السيد

__________________

(١) يضرب مثلاً للرجل يستثار فيظلم. انظر جمهره الامثال للعسكري ٢ : ١٩٤.

(٢) ارشاد المفيد ٢ : ٩٣ ، مقتل الحسين لابي مخنلف : ١١٠ ، تحقيق حسن الغفاري.

٤٦

هبة الدين الحسيني الشهرستاني عند ذكرنعي الحسين نفسه قوله : إن زينبا باغتت أخاها الحسين عليه‌السلام في خبائه ليلة مقتله فوجدته يصقل سيفاً له ويقول : « يا دهر أف لك من خيل » الى آخر الابيات المار ذكرها.

ذعرت زينب عند تمثل أخيها بهذه الأبيات ، وعرفت أن أخاها قد يئس من الحياة ومن الصلح مع الاعداء ، وانه قتيل لا محالة ـ الى أن يقول المؤلف الجليل ـ :

« فصرخت أخت الحسين نادبة أخاها وقالت : اليوم مات جدي ، وأبي ، وأمي ، وأخي. ثم خرجت مغشية عليها ، إذ غابت عن نفسها ولم تعد تملك اختيارها ، فاخذ اخوها الحسين عليه‌السلام برأسها في حجره يرش على وجهها من مدامعه حتى أفاقت وسعد بصرها بنظرة من شقيقها وأخذ يسليها فقال : يا أختاه ، إن أهل الأرض يموتون ، وأهل السماء لا يبقون ، فلا يبقى إلا وجهه. وقدمات جدي وأبي وأمي وأخي وهم خير مني ، فلا يذهبن بحلمك الشيطان. ولم يزل بها حتى اسكن بروحه روعها ، ونشف بطيب حديثه دمعها .. ».

٤ ـ روى ابن قولويه في الكامل بسنده عنابن خارجة ، قال : « كنا عند أبي عبد الله جعفر الصادق عليه‌السلام فذكرنا الحسين بن علي عليه‌السلام ، فبكى أبو عبد الله وبكينا ، ثم رفع رأسه فقال : قال الحسين بن علي : أنا قتيل العبرة ، لا يذكرني مؤمن إلا بكى .. » (١).

٥ ـ جاء في الصفحة «٩٨» من كتاب « مقتل سيد الاوصياء ونجله سيد الشهداء » لمؤلفه الشيخ عبد المنعم الكاظمي قوله : « إنه في ليلة العاشوراء ـ أي مساء الخميس ـ عندما كان الامام الحسين يصقل سيفه ويردد شعر « يا دهر أف لك من خليل » ... سمعته زينب ووثبت تجر ثوبها وإنها لحاسرة حتى انتهت اليه

__________________

(١) كامل الزيارات لابن قولويه ١٠٨ | ٦.

٤٧

فقالت : واثكلاه ، ليت الموت أعدمني الحياة. اليوم ماتت أمي فاطمة ، وأبي علي ، وأخي الحسن ، يا خليفة المسلمين ، وثمال الباقين ـ الى أن قالت : يا ويلتاه ، أفتغتصب نفسك اغتصاباً فذلك اقرح لقلبي ، وأشد على نفسي. ثم لطمت وجهها ، وأهوت الى جيبها فشقته ووقعت مغشية عليها. فقام اليها الحسين وصب على وجهها الماء حتى أفاقت ، وذكرها المصيبة بموت ابيه وجده ، وبكت النسوة ، ولطمن الخدود ، وشققن الجيوب ، وجعلت أم كلثوم تنادي : وامحمداه ، واعلياه ، واأماه ،واحسناه ، واحسيناه ، واضيعتاه بعدك يا ابا عبد الله .. » (١).

٦ ـ جاء في الصفحة «٧٨» من كتاب « المجالس السنية » المار ذكره بعد أن أشار الى قطع ماء الفرات عن الامام في اليوم السابع من محرم سنة ٦١ هـ وإرسال عمر بن سعد (٥٠٠) فارس لمنع أصحاب الحسين من الوصول الى الماء ، وخطبة الحسين في تعريف نفسه الى جيش ابن سعد مخاطباً بها إياهم ـ يقول : « فلما خطب الحسين هذه الخطبة ، وسمع بناته وأخته زينب كلامه بكين وارتفعت اصواتهن ، فوجه اليهن أخاه العباس وعلياً ابنه ، وقال لهما : سكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن .. ».

٧ ـ جاء في الصفحة «١٠٨» من كتاب « اقناع اللائم » المار الذكر ما لفظه :

« روى الكامل باسانيده الى جعفر الصادق عليه‌السلام انه قال : قال الحسين : أنا قتيل العبرة ، قتلت مكروباً ، وحقيق على الله أن لا يأتيني مكروب إلا رده الله وقلبه الى أهله مسروراً .. » (٢).

٨ ـ ورد في الصفحة «٣٥» من كتاب « لمعة من بلاغة الحسين عليه‌السلام » المار ذكره ما لفظه :

« ومن دعائه عليه‌السلام لما وصل أرض كربلاء ، انه جمع ولده وإخوته وأهل بيته

__________________

(١) ارشاد المفيد ٢ : ٩٣ مع اختلاف فيه.

(٢) كامل الزيارات لابن قولويه ١٠٩ | ٧.

٤٨

ثم نظر اليهم وصلى ساعة ، ثم قال : اللهم إنا عترة نبيك محمد ، وقد أزعجنا وطردنا وأخرجنا عن حرم جدنا وتعدت بنو أمية عليا.اللهم فخذ بحقنا ، وانصرنا على القوم الظالمين .. ».

٩ ـ وجاء في الصفحة «٧١٨» من « موسوعة آل النبي » ما نصه :

« وفي خبر : إن أبا عبد الله الحسين خرج في جوف الليل يتفقد عسكره فتبعه نافع بن هلال ، فساله الحسين عما أخرجه ، قال : يا ابن رسول الله ، يعز علي خروجك الى جهة معسكر هذا الطاغية ، فتلطف الامام وقال له :

ألا تسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل وتنجو بنفسك؟

أجاب صارخاً :

ثكلتني أمي ، إن سيفي بألف وفرسي مثله ، فو الله الذي من بك علي لا أفارقك حتى يكلا عن فري وجري.

ثم دخل الحسين خيمة أخته زينب ووقف نافع بازاء الخيمة ينتظره ، فسمع زينب تقول لأخيها :

هل استعلمت من أصحابك ثباتهم ، فأني أخشى أن يسلموك عند الوثبة ، قال لها :

والله لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إلا من يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل الى محالب أمه.

فلما سمع نافع كلمة الامام لم يملك وضعه وذهب الى حبيب بن مظاهر فحكى له ما سمع. ثم تستطرد الموسوعة فتقول :

ومضى حبيب باصحابه حتى شارف خيام النساء فصاح : يا معشر حرائر رسول الله ، هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلى في رقاب من يريد السوء فيكم ، وهذه أسنة غلمانكم أقسموا أن لا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم.

فخرجت النساء اليهم ، فضج القوم بالبكاء حتى كأن الأرض تمور ... ».

٤٩
٥٠

الفصل السادس

النياحة على آل الحسين عليه‌السلام

أكدت الروايات الموثوقة على أن علي بن الحسين الأكبر كان أول قتيل استشهد يوم عاشوراء بين يدي والده ، وكان أول من تصايحت نساء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضجت في الوح عليه. وهاك بعض الروايات في ذلك :

١ ـ جاء في كتاب « نهضة الحسين » المار ذكره عند وصفه قتال علي بن الحسين واستئذانه أبيه في ذلك ، وأنه أول قتيل من آل الحسين عليه‌السلام في ذلك اليوم المشؤوم ما نصه :

« فأسرع علي نحو الأعداء وعين أبيه تشيعه وترسل دموعها الحارة مصحوبة بالزفرات ، والنساء على أثره تولول ، وتعول أمه بشجو ، فاقدة الاصطبار ، إذ فقدت مركز آمالها ، والامام ينادي بأعلى صوته يا ابن سعد ، قطع الله رحمك كما قطعت رحمي (١) ، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله ».

٢ ـ وجاء في « إرشاد » الشيخ المفيد عند ذكر مقتل علي بن الحسين عليه‌السلام ما عبارته :

« فصرع ـ اي علي بن الحسين ـ واحتواه القوم فقطعوه بأسيافهم ، فجاء الحسين عليه‌السلام حتى وقف عليه ، فقال: قتل الله قوماً قتلوك ، يا بني ، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول! وانهملت عيناه بالدموع ثم قال : على الدنيا

__________________

(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٤٩.

٥١

بعدك العفا. وخرجت زينب أخت الحسين مسرعة تنادي : يا أخياه وابن أخياه ، وجاءت حتى أكبت عليه ، فأخذ الحسين برأسها فردها الى الفسطاط ، وأمر فتيانه فقال : أحملوا أخاكم. فحملوه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه » (١).

٣ ـ ورد في الصفحة «١٠٧» من كتاب « المجالس السنية » عند ذكر قتال علي ابن الحسين الأكبر ما عبارته :

« فاستأذن علي اباه في القتال فاذن له ، ثم نظر اليه نظرة آيس منه وأرخى عينيه فبكى ، ثم رفع سبابتيه نحو السماء وقال : اللهم كن أنت الشهيد عليهم ـ الى أن يقول الكاتب ـ : إن علياً قال أثناء القتال : يا أبت ، العطش قتلني ، وثقل الحديد أجهدني ، فهل الى شربة من الماء سبيل؟ فبكى الحسين عليه‌السلام ... ».

وكان علي هذا أول قتيل يوم كربلاء من آل أبي طالب. كما أن عمره يوم قتله كان «١٩» سنة.

٤ ـ جاء في كتاب « مقاتل الطالبيين » لمؤلفه أبي الفرج الاصفهاني طبع مصر عند ذكر خروج علي بن الحسين الاكبر للقتال ما نصه :

« قال حميد : وكأني أنظر الى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة ، تنادي : يا حبيباه ، يا ابن اخاه. فسالت عنها فقالوا : هذه زينب بنت علي بن أبي طالب. ثم جاءت حتى أنكبت عليه ، فجاءها الحسين فأخذ بيدها الى الفسطاط ... » (٢).

٥ ـ ذكر مؤلف « أعيان الشيعة » في الصفحة «١٣٠» من المجلد الرابع القسم الأول منه عن مقتل العباس بن علي عليه‌السلام أخ الامام الحسين ما لفظه : « فلم يستطع العباس حراكاً بعد أن أثخن بالجراح ، فبكى الحسين عليه‌السلام لقتله بكاء شديداً .. ».

__________________

(١) ارشاد المفيد ٢ : ١٠٦.

(٢) مقاتل الطالبيين : ١١٥ ، مقتل الحسين : ٨٢ ، وابن الاثير ٤ : ٣٣ ، والطبري ٦ : ٢٥٦.

٥٢

٦ ـ جاء في الصفحة «١٣١» من المجلد نفسه عن حادث قتل جميع أنصار الامام وبقائه وحده يقاتل ما عبارته : « هل من موحد يخاف الله فينا؟ ، هل من مغيث يرجوا الله في إغاثتنا؟ هل من معين يرجوا ما عند الله في إعانتنا؟ فارتفعت أصوات النساء بالعويل .. » (١).

٧ ـ ذكر كتاب « لمعة من بلاغة الحسين » ضمن الاشارة الىكلامه عليه‌السلام لما نظر كثرة من قتل من أصحابه ما يلي :

« ثم صاح الامام عليه‌السلام : أما من مغيث يغيثنا؟ أو من ذاب يذب عن حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فبكت النسوة ، وكثر صراخهن ... ».

٨ ـ جاء في الصفحة «٧٠٤» من كتاب « موسوعة آل النبي » عند وصف مقتل علي بن الحسين وقول الامام الشهيد : قتل الله قوماً قتلوك يا بني. « قالوا : ولم يكد يتم عبارته حتى اندفعت من خيام النساء امرأة كأنها الشمس طالعة تنادي في جزع : ( يا حبيباه ، يا ابن أخاه ) (٢).

فسال عنها من لا يعرفها ، فقيل : هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله.

اندفعت زينب حتى انكبت على الفتى الشهيد ، فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردها الى الفسطاط ، ثم عاد الى ولده وقد اقبل فتيانه اليه ، فقال مفجوعاً : احملوا اخاكم ، فحملوه من مصرعه الى الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه ... » (٣).

* * *

__________________

(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٥٠.

(٢) اللهوف في قتلى الطفوف : ٤٩.

(٣) راجع هامش ٢ ص ٤٤.

٥٣
٥٤

الفصل السابع

أعداء الحسين عليه‌السلام يبكونه

كانت فاجعة الامام الحسين الشهيد عليه‌السلام أليمة ومفجعة ومشجية الى درجة بحيث أبكت عيون أعدائه الأشداء ، وأقرحت قلوب مقاتليه الظلمة ، فضلا عن مواليه والمناضلين عنه. وقد بحثت كتب التاريخ وأسفار الرواة هذا الامر ، وأنقل منها هنا بعض ما توفر :

١ـ جاء في الصفحة « ١٠٨» من كتاب « نهضة الحسين » المار ذكره عند وصف شجاعة الحسين في قتاله يوم عاشورا حيث يقول : « وكلما تمايل الامام ليهوي الى الأرض توازن معه فرسه ـ وكانت من الجياد الأصيلة ـ حتى اذا ضعفت هي أيضا بما أصابها من الجروح ، خر الامام من سرجه على وجهه ، وأقبل فرسه نحو مخيمه يصهل ويحمحم ، فخرجت زينب من فسطاطها واضعة عشرة أصابعها على رأسها قائلة :( ليت السماء أطبقت على الارض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل. ثم صاحت بابن سعد قائلة : ياعمر ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر اليه؟ فدمعت عينا عمر ، وسالت دموعه على لحيته لكنه صرف بوجهه عنها ) (١) .. ».

٢ـ جاء في كتاب « أعلام النساء في عالمي العرب والاسلام » تأليف رضا

____________

(١) مقتل الحسين لابي مخنف ، تحقيق حسن غفاري : ١٩٥.

٥٥

كحالة عند ترجمة حياة السيدة زينب أخت الامام الحسين عليه‌السلام ما نصه : « ثم مرت زينب عقب قتل أخيها الحسين فوجدته صريعاً ، فقالت : يا محمداه ، يا محمداه ، صلى عليك ملائكة السماء ، هذا حسين بالعراء ، مرمل بالدماء ، مقطع الاعظاء. يا محمداه وبناتك سبايا ، وذريتك مقتلة (١). فابكت بكلامها هذا كل عدو وصديق. ولما دنا عمر بن سعد من الحسين فقالت : يا عمر بن سعد ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر اليه؟ فسالت دموع عمر على خديه ولحيته ، وصرف بوجهه عنها .. ».

٣ ـ وروت بعض الروايات أن يزيد بن معاوية لما أخبر بقتل الحسين دمعت عيناه. إذ جاء في الصفحة «٧٤٠» من كتاب « موسوعة آل النبي » للدكتورة عائشة بنت الشاطئ : « إن زحر بن قيس لما حمل الى يزيد بن معاوية خبر قتل الحسين عليه‌السلام وقال : ابشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره .. الى آخر كلامه. تعلق المؤلفة الباحثة على ذلك بقولها : « فيقال : ان يزيد دمعت عيناه وقال : قد كنت أرضى من طاعتكم بما دون قتل الحسين ، لعن الله ابن مرجانة » (٢).

* * *

__________________

(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٥٨.

(٢) مقتل الحسين : ١٩٥.

٥٦

الفصل الثامن

نساء الحسين عليه‌السلام يندبنه في ساحة المعركة

لم يكد ينتهى عمر بن سعد وزمرته الشريرة من قتل الامام الثالث الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام وآله وصحبه في ساحة كربلاء بعيد ظهيرة يوم الخميس العاشر من محرم الحرام سنة ٦١ هـ إلا وأمر ابن سعد في بقية ذلك اليوم وأمسيته وفي صبيحة اليوم التالي ( ١١ محرم ٦١ هـ ) بدفن أجساد جنده بعد أن صلى عليها ، تاركاً أشلاء الامام الحسين عليه‌السلام والذين استشهدوا معه في العراء ، بين لهيب الشمس وحميم الارض الرمضاء ، وعرضة للنسور والعقبان ، دون غسل ، أو صلاة ، او دفن. وقبيل ظهيرة اليوم الحادي عشر من محرم ـ أي بعد مرور حوالي عشرين ساعة على مقتل الامام وصحبه ـ رحل ابن سعد وما تبقى من جيشه عن كربلاء ، تاركاً ساحة المعركة ، وعائداً الى الكوفة ليقدم تقريره عن نتائج فعلته الشنيعة الى رئيسه عبيد الله بن زياد ، وآخذاً معه ما بقي من رحل الامام الشهيد وأهله وبينهم الامام علي بن الحسين زين العابدين وسيد الساجدين ـ وكان عليلاً بالذرب ـ وكذا رؤوس الشهداء أصحاب الامام الـ «٧٢» راساً عدا رأس الامام الحسين عليه‌السلام الذي كان ابن سعد قد أرسله الى ابن زياد في الكوفة بعد القتل مباشرة ـ أي بعد ظهر يوم العاشر من المحرم سنة ٦١ هـ ـ وذلك على يد خولى بن يزيد.

هذا وقبل أن يغادر الاسرى من النسوة والاطفال والصبية ، بما فيهم الامام

٥٧

العليل زين العابدين عليه‌السلام ، أرض المجزرة الرهيبة ، تحت حراسة جلاوزة ابن سعد ، قالت النسوة السبايا للحراس : بحق الله إلا مررنا على مصرع الحسين وأحدات الشهداء ، فجاز الركب ساحة المعركة حيث الاشلاء مبعثرة في الدماء. فلما نظر النسوة الى القتلى صحن وضربن وجوههن. فصاحت زينب : وامحمداه ، صلى عليك ملائكة السماء ، هذا الحسين بالعراء ، مرمل بالدماء ، مقطع الاعضاء ( الى آخر ما مر ذكره في الفصل السابق ). فضجت النسوة من ورائها بالنواح ، وبكى كل عدو وصديق من هذا الموقف الرهيب. كما أن سكينة بنت الحسين عليه‌السلام اعتنقت جسد أبيها فاجتمع عليها عدة من الأعراب حتى جروها عنه. وكان هذا أول نواح عام على ضحايا الطف بعد المعركة الشنيعة والمجزرة الرهيبة.

وفيما يلي أقوال بعض المؤرخين الثقات في وصف المعركة بإيجاز ، مما له صلة ببحث النياحة :

١ ـ جاء في الجزء «١ : ١٢١» من « المجالس السنية » عند وصف ساعة طعان الامام لوحده للاعداء ، قول المؤلف : « فسقط عليه‌السلام عن فرسه الى الارض على خده الأيمن ، ثم قام. وخرجت أخته زينب الى باب الفسطاط وهي تنادي : وا أخاه ، وا سيداه ، وا أهل بيتاه ، ليت السماء أطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل (١). وختمت نداءها هذا ـ الذي مر ذكره في الفصل السابق ـ قائلة : ويلكم أما فيكم مسلم؟ فلم يجبها أحد بشيء ».

٢ ـ وجاء في الصفحة «١٢٥» من الكتاب نفسه ما عبارته : « لما قتل الحسين وضعت أم كلثوم يدها على أم رأسها ونادت : وا محمداه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه ، هذا حسين بالعراء ، صريع بكربلاء ، محزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والردا ـ الى أن يقول المؤلف الجليل عند وصف سلب خيم الامام وزين العابدين

__________________

(١) اللهوف في قتلى الطفوف : ٥٤.

٥٨

علي بن الحسين عليه‌السلام طريح الفراش مريض بالذرب ( الاسهال ) وأراد شمر قتله فمنعه عمر بن سعد ـ ما نصه : « حتى جاء عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه وبكين فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء ، ولا تتعرضوا لهذا الغلام المريض .. ».

ثم يضيف المؤلف الى ذلك قوله : « وفي رواية : انهم أشعلوا النار فالفسطاط فخرجن منه النساء باكيات مسلبات .. ».

٣ ـ جاء في الجزء «١ : ١١٦» من الكتاب نفسه عن حادث مقتل العباس بن علي عليه‌السلام فيقول : فضربه آخر من الاعداء بعمود فقتله ، فوقف عليه الحسين عليه‌السلام منحنياً ، وجلس عند رأسه يبكي بكاء شديداً حتى فاضت نفس العباس الزكية. ولنعم ما قال القائل :

أحق الناس أن يبكي عليه

فتى أبكى الحسين بكربلاء

أخوه وابن والده علي

أبو الفضل المضرج بالدماء

ومن واساه لا يثنيه شيء

وجاد له على عطش بماء

٤ ـ وفي الصفحة «١٢٣» من نفس الكتاب قوله : « وبعد أن احتز شمر رأس الحسين دفعه الى خولي فقال : احمله الى الأمير عمر بن سعد ، وهذا أرسله حالاً الى ابن زياد في الكوفة .. ».

٥ ـ وفي الجزء «١ : ١٢٦» منه قوله : « لما كان يوم عاشوراء سرح عمر بن سعد برأس الحسين مع خولى بن يزيد الى عبيد الله بن زياد. قال الطهري وابن الأثير وغيرهما : فوجد خولى القصر مغلقاً فأتى بالرأس الى منزله فوضعه تحت أجانة ودخل فراشه وقال لامرأته جئتك بغنى الدهر ، هذا رأس الحسين عليه‌السلام معك في الدار : فقالت : ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن بنت رسول الله ، والله لا يجمع راسي ورأسك بيت ، وقامت من الفراش فخرجت من الدار .. ».

٦ ـ وفي الصفحة «١٢٦» منه أيضاً بعد وصف حز رأس الحسين عليه‌السلام من قبل

٥٩

شمر وأرساله الى ابن سعد ثم الى ابن زياد ما نصه : « وأمر ابن سعد برؤوس الباقين من أصحاب الحسين وأهل بيته فقطعت وكانت «٧٢» رأساً وسرح بها الى ابن زياد ، وأقام بقية اليوم العاشر واليوم الحادي عشر الى الزوال ثم توجه الى الكوفة ، وحمل مع نساء الحسين وبناته وأخواته ومن كان معه من الصبيان ، وفيهم علي بن الحسين قد نهكته العلة فقالت النسوة : بحق الله إلا مررتم بنا على مصرع الحسين ، فمروا بهم على الحسين وأصحابه وهم صرعى ، فلما نظر النسوة الى القتلى صحن وضربن وجوههن. قال الراوي : فوالله لا أنسى زينب وهي تندب الحسين وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب : يا محمداه ، صلى عليك ملائكة السماء ، هذا حسينك مرمل بالدماء ، مقطع الأعظاء ، وبناتك سبايا ، الى الله المشتكى ، والى محمد المصطفى والى علي المرتضى والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيد الشهداء. يا محمداه ، هذا حسين بالعراء تسفي عليه ريح الصبا. واحزناه ،واكرباه عليك با أبا عبد الله. اليوم مات جدي رسول الله. يا أصحاب محمد ، هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا ـ الى أن يقول المؤلف ـ قال : فأبكت والله كل عدو وصديق. ثم ان سكينة بنت الحسين اعتنقت جسد أبيها فاجتمع عدة من الأعراب حتى جروها عنه ... ».

٧ ـ وفي الصفحة «١٣٨» من كتاب « سيد الاوصياء ونجله سيد الشهداء » المار ذكره قول المؤلف : « الرحيل ـ ثم أمر عمر بن سعد بسبي العيال وترحيلهم الى الكوفة ، فأركب النساء ومروا بهن على مصارع القتلى ، فلما رأين النساء تلك الأجساد المطهرة مقطعة الأوصال ، قد فصلت عنها رؤوسها ، علت أصواتهن بالبكاء ، وصحن صيحة واحدة : وا جداه ، وا محمداه ، وا أبتاه ، وا علياه. وألقت عقيلة بني هاشم زينب نفسها على جسد أخيها الحسين ، ووضعت يدا تحت جسده الطاهر ورفعته الى السماء وقالت : الهي تقبل منا هذا القربان .. ».

٨ ـ جاء في الجزء «١ : ١٠٧» من كتاب « المجالس الحسينية » لمؤلفه الشيخ

٦٠