حقه « وأشتاق اليهم » واحبهم ، وأذكرهم ، وأنظر اليهم .
وطبيعي ان لا يتوصل الى معرفة هذا العطاء إلا من عرف حقيقة ، ومصدر العطاء وهو الله تعالى :
وعجيب أن نسمع من يقول عن هذا الإِرتباط المقدس بين العبد وربه : أنه من نوع من التصوف والرهبنة ، والإِنشغال بما وراء الغيب مما يوحي الى النفس ذلك الخمول ، والإِنعزال عن المجتمع مع أن طبيعة الحياة الضاحك المشرقة ، والرقراقة تأبى كل هذه الخلجات والغلسات . ولهؤلاء نقول : أن الإِسلام بشريعته السمحاء ، وبتعاليمه القيمة جمع بين الدنيا ، والآخرة وأعطى كلاً منهما حقه ، فأمر بأن يستقبل الإِنسان الحياة بوجه ضاحك بإسم ، وبساعدين قويين يشمرهما الى العمل ، وبآمال طويلة عريضة تشمل الأيام ، والأيام الطويلة حتى كأنه يعيش أبداً . ودفع بالإِنسان أن يلقي عن كتفيه أردية المسوح لئلا تتأخر عجلة الحياة ، وتتلكأ المسيرة الاِجتماعية ، ويحصل التصدع في بناء المجتمع الواحد . ولكنه ـ في نفس الوقت ـ نظر إلى الآخرة نظرة من لم يسمح بتأخير ما عليه من حقوق الله ، وحقوق الآخرين لحظة واحدة .
ان الحديث السابق يتدرج في بيان صفات المحبين فيقول :
« فإذا جنهم الليل ، واختلط الظلام ، وفرشت الأسرة ، وخلا كل حبيب بحبيبه نصبوا الي أقدامهم ، وافترشوا لي وجوههم ، وناجوني بكلامي » الخ .
اذا جنهم الليل : وهو
الوقت الذي تشتد ظلمة الليل فيه ، ولنفرضه بعد مرور الثلث الأول من الليل . هذا الوقت بحسب العادة يكون من حق الإِنسان الشخصي لانه قد أدى ما عليه في