الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام

السيّد محسن الحسيني الأميني

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام

المؤلف:

السيّد محسن الحسيني الأميني


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الإمام الهادي عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ٤
ISBN: 964-8837-02-3
الصفحات: ١٥٥

فَغَزَاهُمْ فِي عُقْرِ دِيَارِهِمْ ، وَهَجَمَ

عَلَيْهِمْ فِي بُحْبُوحَةِ قَرَارِهِمْ.

«غزاه غزواً» أراده وقصد كإغتزازه ، ومنه مغزىٰ الكلام أي مقصده. وغزا العدو : سار إلي قتالهم وإنتهابهم غزواً وغزواناً غزاوة. وقيل : إنّما يكون غزو العدوّ في بلاده.

و «عقر الدار» ـ بضمّ العين وفتحها ـ أصلها ، وقيل : وسطها ، قاله في المحكم (١).

وقال الأزهري : قال أبو عبيد : سمعت الأصمعي يقول : عُقر الدار بالضمّ في لغة أهل الحجاز ، فأمّا أهل نجد فيقولون : عَقر بالفتح ، ومنه قيل : العَقار ـ بالفتح وهو المنزل والأرض والضياع (٢).

وقال بعضهم : عقر الدار : أصلها في لغة الحجاز ، وتضمّ العين وتفتح عندهم ، وعقرها معظمها في لغة غيرهم وتضمّ لا غير (٣).

وقال الزجاج : عقر دار القوم : أصل مقامهم الذي عليه معوّلهم ، وإذا انتقلوا منه لنجعة رجعوا إليه (٤).

و «الديار» جمع دار ، وهي المحل بجميع البناء والعرصة والبلد.

قال الجوهري : الدار مؤنثة وإنّما قال تعالى «وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ» (٥) وذكّر على معنى المثوى كما قال تعالى : «نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ

__________________

١ ـ المحكم لإبن سيده : ج ١ ، ص ١٠٦.

٢ ـ تهذيب اللغة : ج ١ ، ص ٢١٧.

٣ ـ المصباح المنير : ص ٤٢١.

٤ ـ تهذيب الأسماء واللغات : الجزء الثاني من القسم الثاني ، ص ٢٨.

٥ ـ النحل : ٣٠.

١٠١

مُرْتَفَقًا» (١) فأنث على المعنى وأدنى العدد أدؤُر؛ والهمزة فيه مبدلة من واوٍ مضمومةٍ. ولك أن لا تهمز والكثير ديار مثل جبلٍ وأجبلٍ وجبالٍ. ودور أيضاً مثل أسَدٍ واُسدٍ (٢) إنتهى.

و «هجم عليه هجوماً» ـ من باب قعد ـ دخل بغتة على غفلة منه.

و «بحبوحة الدار والمكان» ـ بالضمّ ـ وسطه ، بحبح وتبحبح : إذا تمكّن وتوسّط المنزل والمقام.

و «القرار» ـ بالفتح ـ المكان الذّي يستقرّ فيه. وهذا من جملة ما حاوله عليه الصّلاة والسلام في أعداء الله ودبّره في أوليائه إذ غزا الكفّار في عقر ديارهم وبحبوحة قرارهم ليكون أعظم في ذلّهم وأشدّ في هوانهم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : «فو الله ما غُزي قوم في عقر دارهم إلّا ذلّوا» (٣).

قيل : وعلّة ذلك أنّ للأوهام أفعالاً عجيبة في الأبدان تارة بزيادة القوّة وتارة بنقصانها حتّى أنّ الوهم ربّما كان سبباً لمرض الصحيح لتوهمّه المرض وبالعكس فكان السبب في ذلّ من غُزي في داره وإن كان معروفاً بالشجاعة هو الأوهام ، أمّا أوهامهم ، فلأنّها تحكم بأنّه لم يقدم على غزوهم في مكانهم إلّا لقوّة غازيهم وإعتقاده فيهم الضعف بالنسبة إليه فتنفعل إذن نفوسهم عن تلك الأوهام وتنقهر عن المقاومة ، وتضعف عن الإنبعاث ، وتزول غيرتها وحميّتها ، فتحصل على طرف رذيلة الذلّ.

وأمّا أوهام غيرهم فلأنّ الغزو الذي يلحقهم يكون باعثاً لكثير من

__________________

١ ـ الكهف : ٣١.

٢ ـ الصحاح : ج ٢ ، ص ٦٥٩ ـ ٦٦٠.

٣ ـ نهج البلاغة : ص ٦٩ ، الخطبة ٢٧.

١٠٢

الأوهام على الحكم بضعفهم ومحركاً لطمع كلّ طامع فيهم فيثير ذلك لهم أحكاماً وهميّة تعجزهم عن المقاومة فتكون سبباً للأنتصار عليهم والقهر لهم والإيقاع بهم.

أمّاالذين غزاهم صلى الله عليه واله في عقر ديارهم فقبائل كثيرة.

منهم : بنو قينقاع بفتح القاف وسكون الياء المثنّاة من تحت وتثليث النون والضمّ أشهر ثم قاف مفتوحه وبعد الألف عين مهملة وهم : حيّ من اليهود منازلهم عند جسر بطحان ممّا يلي العالية ، حاصرهم عليه السلام في حصنهم حتّى نزلوا على حكمه فربطهم ثم أجلاهم.

و «غطفان» غزاهم بنجد فلما سمعوا بمهبطه عليه السلام هربوا في رؤوس الجبال.

و «بنو النضير» قبيلة كبيرة من اليهود ، وكانوا أهل حصون وعقار ونخل كثير ، غزاهم صلى الله عليه واله في أماكنهم وحاصرهم في حصونهم خمسة عشر يوماً فجهدهم الحصار فأرسوا اليه عليه السلام إنا نخرج من بلادك ، فأمرهم بالخروج فخرجوا.

و «أنمار وثعلبة وغيرهم» جمعوا جموعا لقصد المسلمين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه واله فمضى إليهم حتّى أتى محالّهم بذات الرقاع فهربوا إلى رؤوس الجبال فلم يجد المسلمون إلّا نسوة فأخذوهنّ.

و «أهل دومة الجندل» قال سعد : غزاها النبي صلى الله عليه واله ونزل بساحة أهلها فلم يجدوا إلّا الأنعام والشياة فهجم على ما شيتهم ورعاتهم فأصاب من أصاب ، وهرب في كلّ وجه من هرب.

و «بنو المصطلق» وهم بطن من خزاعة غزاهم في قرارهم ، وهو ماء لهم يسمّى المريسيع بالتصغير والعين المهملة في آخره. فهجم عليهم

١٠٣

وأغاروهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقاتل مقاتلتهم وسبىٰ ذراريهم وهم على الماء.

و «بنو قريظة» وهم إحدى قبائل اليهود غزاهم صلى الله عليه واله في أماكنهم وحاصرهم في حصنهم خمساً وعشرين ليلة حتّى جهدهم الحصار ، فنزلوا على أن يحكم فيهم سعد بن معاذ بحكمه ، فحكم فيهم : بقتل الرجال ، وغنم الأموال ، وسبي الذراري والنساء ، فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع أرقعة فجاء بهم إلى المدينة مقرّنين في الأصفاد ، وهم ثمانمائة رجل أو أكثر ، ثم ضرب أعناقهم.

و «بنو الحيّان» غزاهم في منازلهم فهربوا وتمنّعوا بشعف الجبال.

و «يهود خيبر» غزاهم في ديارهم ، وحاصرهم في حصونهم حتّى أنزلهم من صياصيهم وكان قدم عليهم ليلاً فلم يشعروا بقدومه فلمّا أصبحوا فتحوا حصونهم وخرجوا بمساحيهم ومكاتلهم إلى أعمالهم ، فلمّا رأوه قالوا : هذا والله محمّد والخميس معه فولّوا هاربين إلى حصونهم وجعل صلى الله عليه واله يقول : الله أكبر خربت خيبر وفإذا نزلنا بساحة قوم «فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ» (١) ، ثم حاصرهم حتّى فتح الله عليه جميع حصونهم وهي عشرة.

و «يهود وادى القرى» غزاهم وحاصرهم ليالى وفتح الوادي وأصاب المسلمون به أموالاً كثيرة وأمتعة وميرة (٢).

و «قريش» غزاهم بمكّة وفتحها فكان الفتح المبين والنصر العزيز.

و «هوازن» غزاهم بحنين.

__________________

١ ـ الصّافات : ١٧٧.

٢ ـ الميرة بكسر الميم ، وهي الطعام ، المصباح المنير : ص ٥٨٧.

١٠٤

و «ثقيف» غزاهم بالطائف. هٰؤلاء الذين غزاهم صلى الله عليه واله بنفسه في عقرِ ديارهم ، وهجم عليهم في بحبوحة قرارهم سوى غزواته الاُخر ، وسوى سراياه ، وكان جميع غزواته بنفسه الشريفة : ستّا وعشرين غزوة ، وجميع سراياه : ستّاً وثلاثين سريّة ، وتفصيل ذلك تتكفّل به كتب السير والله أعلم.

* * *

١٠٥

حَتَى ظَهَرَ أَمْرُكَ وَعَلَتْ

كَلِمَتُكَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

«ظهر الشيء يظهر» من باب ـ منع ـ ، ظهوراً : تبيّن وبرز بعد الخفاء.

وظهر عليه : غلب وعلا وأظهره الله.

و «أمر الله تعالى» هنا دينه وشريعته كما فسّر به قوله تعالى : «وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ» (١) أي غلب دينه وعلا (٢).

و «العلو» الإرتفاع والغلبة والقهر أي ارتفعت كلمتك أو غلبت وقهرت من قولهم علا فلان فلاناً : إذا غلبه وقهره.

و «كلمته تعالى» قيل : كلمة التوحيد.

وقيل : الدعوة إلى الإسلام قال تعالىٰ : «وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا» (٣) قال المفسرون : كلمة الذين كفروا هي دعوتهم إلى الكفر وعبادة الأصنام.

و «السفلى» الدّنية التي لا يبالى بها.

و «كلمة الله» هي دعوته إلى الإسلام ، أو كلمة التوحيد لٰا إلٰه إلّا الله ، والعليا العالية إلى يوم القيامة.

قوله عليه السلام : «ولو كره المشركون» جواب (لو) محذوف لدلالة ما قبله عليه والجملة معطوفة على جملة قبلها مقدّرة ، وكلتاهما في موضع الحال ، أي ظهر أمرك وعلت كلمتك لو لم يكره المشركون ذلك ، ولو كرهوه أي على كلّ حال مفروض وقد حذفت الجملة في الباب حذفاً

__________________

١ ـ التوبة : ٤٨.

٢ ـ تفسير الكشاف : ج ٢ ، ص ٢٧٧.

٣ ـ التوبة : ٤٠.

١٠٦

مطّرداً لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة لأنّ الشيء إذا تحقّق عند المانع فلئن يتحقّق عند عدمه أولى ، وعلى هذا السر يدور ما في (إن) و (لو) الوصليتين من التأكيد.

و «المشركون» هم الذين أشركوا بالله تعالى فجعلوا له شركاء في العبادة.

قال العلماء : وليس أحد في العالم يثبت لله سبحانه شريكاً في الوجوب والعلم والقدرة ، ولكن الثنويّة يثبتون إلٰهين إثنين حكيماً يفعل الخير وسفيهاً يفعل الشرّ أمّا المتّخذون معبوداً سوى الله تعالى فكثيرون منهم ، عبدة الكواكب وهم : الصابئة ، ومنهم : عبدة المسيح ، ومنهم : عبدة الأوثان ولا دين باطل أقدم من دينهم ، لأنّ أقدم الأنبياء الذين نقل إلينا تاريخهم هو نوح عليه السلام وهو لمّا جاء بالردّ عليهم «وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا» (١) ودينهم باق إلى الآن وعبادتهم لها في مبدأ الأمر لم تكن لإعتقادهم فيها أنّها آلهة إذ العلم بأنّ هذا الحجر المنحوت في هذه الساعة ليس هو الذي خلقني وخلق السماوات والأرض ، علم ضروري فيمتنع اطباق جمع عظيم عليه فوجب أن يكون لهم غرض آخر سوى ذلك وقد ذكروا فيه وجوهاً.

أحدها : أنّ بعضهم كأهل الصين والهند كانوا مجسّمة فاتّخذوها أشباهاً لله تعالى وملائكته ، واعتكفوا على عبادتها لقصد طلب الزلفى إلى الله وملائكته.

الثاني : إنّهم إتّخذوها أصناماً للكواكب ، وقصدوا بعبادتها عبادة الكواكب ، وهم بالحقيقة عبدة الكواكب.

__________________

١ ـ نوح : ٢٣.

١٠٧

الثالث : إنّ أصحاب الأحكام إتّخذوها طلاسم في أوقات مخصوصة وعظّموها لإعتقادهم الإنتفاع بها.

الرابع : إنّهم إتّخذوها على صور رجال كانوا يعتقدون فيهم إجابة الدعوة وقبول الشفاعة فعبدوها على إعتقاد أنّ أولئك الرجال يكونون شفعاء لهم يوم القيامة عند الله ، وقالوا هٰؤلاء شفعائنا عند الله.

الخامس : لعلّهم إتّخذوها قبلة لصلاتهم وعبادتهم يسجدون إليها لا لها كما إنّا نسجد إلى القبلة لا للقبلة.

السادس : لعلّهم كانوا حلوليّة فاعتقدوا جواز حلول الربّ فيها.

فهذه الوجوه هي التي يمكن حمل مذهبهم عليها حتّى لا يصير بحيث يعلم بطلانه بالضرورة ، ثم لمّا تطاول الأمدِ ونسي مبدأ الأمر ظنّ جهّال القوم أنّها آلهة لهم يجب عبادتها فعبدوها وسمّوها آلهة واشتبهت حال من يعتقد أنّها آلهة مساوية لله تعالى في ذاته وصفاته تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً فسمّوا مشركين وسمّى الله آلهتهم أنداداً تهكّماً بهم (١) وتشنيعاً عليهم فقال «فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» (٢).

* * *

__________________

١ ـ تهكّم به : أي إستهزأ به وإستخفّ ، النهاية لإبن الأثير : ج ٥ ، ص ٢٦٨.

٢ ـ البقرة : ٢٢.

١٠٨

أَللَّهُمَّ فَارْفَعْهُ بِمَا كَدَحَ فِيكَ إِلَىٰ الدَّرَجَةِ

الْعُلْيَا مِنْ جَنَّتِكَ ، حَتَّى لَا يُسَاوَىٰ فِي

مَنْزِلَةٍ وَلَا يُكَافَأُ فِي مَرْتَبَةٍ ، وَلَا يُوَازِيَهُ

لَدَيْكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ.

«الفاء» فصيحة ، أي إذا كان كذلك فارفعه.

و «الباء» للسببيّة ، و «ما» مصدريّة ، أي بسبب كدحه كقوله تعالى : «فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا» (١).

و «الكدح» جهد النفس في العمل والكدّ فيه بحيث يؤثر فيها ، من كدح جلده : إذا خدشه.

وقيل في قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ» (٢) إنّ المراد بالإنسان : محمّد صلى الله عليه واله المعنى : إنّك تكدح في تبليغ رسالات ربّك فأبشر فإنّك تلقى الله بهذا العمل.

و «في» من قوله : «فيك» للتعليل ، أي لأجلك ، أو ظرفيّة على حذف مضاف أي في سبيلك.

و «الدرجة» المرقاة والطبقة.

و «العليا» اسم تفضيل مؤنّث الأعلى وأصلها العلوى لأنّها من على يعلو فقلّبت الواو ياءً تخفيفاً لما في كون الظمّة في أوّل الكلمة والواو قرب الآخر من نوع ثقل مع قصد الفرق بين الاسم والصفة فقلّبت الواو ياءً في الاسم دون الصفة ، لكون الاسم أسبق من الصفة وإنّما حكموا بأن العليا

__________________

١ ـ السجدة : ١٤.

٢ ـ الإنشقاق : ٦.

١٠٩

اسم لا صفة لأنّها لا تكون وصفاً بغير الالف واللام ، فلا تقول : درجة عليا ، كما لا تقول دار دنيا ، بل الدرجة العليا والدار الدنيا فاُجريت مجرى الأسماء التي لا تكون وصفاً لأنّ الصفة لا تلزم حالة واحدة وإنّما شأنها أن تكون مختلفة تارة نكرة وتارة معرفة فلمّا اختصّ الوصف بها بحال التعريف كان كونها صفة كلا صفة في ذلك الدنيا.

قال ابن جنّي : العليا والدنيا وإن كانتا صفتين إلّا أنّهما خرجتا إلى مذهب الأسماء كالأجرع والأبطح (١).

و «الجنة» لغة البستان من النخل والشجر المتكاثف بإلتفاف أغصانها فعلة من جنّة : إذا ستره كأنّها سترة واحدة لإلتفافها ، وشرعاً اسم لدار الثواب كلّها ، ولمّا كانت الجنّة درجات متفاضلات ، ومنازل متفاوتات كما قال تعالى : «أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» (٢). وقال سبحانه : «لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ» (٣). وكان من متقضى عدل الله تعالى أن يبلغ نفساً هي محلّ الرسالة أقصى ما استعدّت له من درجات الكمال ويعدّها بذلك لكمال أعلى ، دعا له صلى الله عليه واله أن يرفعه تعالى إلى الدّرجة العليا التي لا درجة أعلى منها.

وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : الوسيلة درجة

__________________

١ ـ لم نعثر عليه.

٢ ـ الأنفال : ٤.

٣ ـ الزمر : ٢٠.

١١٠

عند الله ليس فوقها درجة فاسئلوا الله أن يؤتيني الوسيلة (١).

وفي خبر : الوسيلة درجة في الجنّة ليس في الجنّة درجة أعلى منها فاسئلوا الله أن يؤتينها على رؤوس الخلايق (٢). فكأنّ ما في الدعاء إشارة إلى ذلك.

قوله عليه السلام : «حتّى لا يساوى في منزلة» يجوز أن تكون حتّى بمعنى (كى) : التعليليّة وأن تكون بمعنى إلى أن.

و «ساواه مساواة» ما ثله وعادله قدراً وقيمة ، ومنه قولهم : هذا يساوى درهماً ، أي يعادل قيمته درهماً ، وأمّا قولهم : يسوى درهماً فليس عربيّاً صحيحاً. وقيل : هي لغة قليلة.

و «المنزلة» المكانة عن الملك ونحوه ، يقال : له منزلة عند الأمير ، وهي إستعارة من موضع النزول.

قوله عليه السلام : «ولا يكافأ في مرتبة» كافأ فلانٌ فلاناً مكافأةً وكفاءً : ماثله ، وهو كفؤه أي مماثله.

و «المرتبة» المنزلة والمكانة كالرتبة بالضمّ من رتّب الشيء رتوباً بمعنى ثبت. قال الزمخشري في الأساس : ومن المجاز لفلان مرتبة عند السلطان ومنزلة وهو من أهل المراتب وهو في أعلى الرتب (٣) إنتهى.

والتنكير في الفقرتين للتعميم إي في شيء من المنازل والمراتب.

قوله عليه السلام : «ولا يوازيه لديك ملك مقرّب» الإزاء : المحاذاة والمقابلة.

__________________

١ ـ مسند احمد بن حنبل : ج ٣ ، ص ٨٣ ، كنز العمال : ج ١٤ ، ص ٤٠١ ، ح ٣٩٠٧١.

٢ ـ مسند احمد بن حنبل : ج ٢ ، ص ٣٦٥ ، روى شطراً منه.

٣ ـ أساس البلاغة : ص ٢١٩.

١١١

قال الجوهري : هو بإزائه أي بحذائه وقد آزيته : إذا حاذيته ، ولا تقل وازيته (١) إنتهى.

وفي أساس البلاغة : بنو فلان يؤازون بني فلان أي يقاومونهم في كونهم إزاء للحرب ، وفلان لا يؤازيه أحد (٢) إنتهى.

وما منعه الجوهري من قول وازيته (٣) أثبته بعضهم وقال : إنّها لغة لأهل اليمن تبدل الهمزة واواً فيقال : وازيته وواتيته وهو المشهور على ألسنة الناس.

تبصرة

قال بعضهم : فائدة دعاء الأُمّة للرسول صلى الله عليه واله وسلم برفعه إلى الدرجة العليا وأقصى مراتب الزلفى أنّ الله سبحانه قدّرله تلك الدرجة والمنزلة بأسباب.

منها : دعاء أُمّته ورغبتهم إلى ربّهم أن ينيله إيّاها وذلك بما نالوه على يده من الإيمان والهدى كما يدلّ عليه أمره صلى الله عليه واله وسلم لأُمّته أن يسألوها له كما مرّ في حديث الوسيلة ، وأنكر هذا جماعة من المتكلّمين وخصوصاً الأصحاب ، وجعلوا هذا من قبيل الدعاء بما وقع إمتثالاً لأمر الله تعالى في قوله : «صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (٤) وإلاّ فهو صلى الله عليه واله وسلم قد أعطاه الله من علوّ الدرجة ، وقرب المنزلة ، وعظيم الفضل ، والجزاء ما لا يؤثّر فيه

__________________

١ ـ الصحاح : ج ٦ ، ص ٢٢٦٨.

٢ ـ أساس البلاغة : ص ١٦.

٣ ـ الصحاح : ج ٦ ، ص ٢٢٦٨.

٤ ـ الأحزاب : ٥٦.

١١٢

دعاء داع وجد أو عدم ، وفائدة الدعاء إنّما يعود إلى الأُمّة الداعين له لينالوا به زيادة الإيمان ويستفيدوا به الزلفى من الله تعالى وحسن الثواب كما جاء : «من صلّى عليّ واحدة صلّى الله عليه عشراً» (١). ولعلّ الأقرب من الصواب ما قاله بعض المحقّقين من أصحابنا : إنّه لمّا كانت مراتب إستحقاق نعم الله تعالى غير متناهية كان غاية ذلك طلب زيادة كماله عليه السلام وقربه من الله عزّوجلّ.

* * *

__________________

١ ـ مسند أحمد بن حنبل : ج ٢ ، ص ٤٨٥.

١١٣

وَعَرِّفْهُ فِي أَهْلِهِ الطَّاهِرِينَ

وَأُمَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حُسْنِ

الشَّفَاعَةِ أَجَلَّ مَا وَعَدْتَهُ.

«عرّفه الأمر تعريفاً» أعلمه إيّاه ، وعرّفه بيته : أعلمه بمكانه ، وأمّا عرّفه به فبمعنى وسمه.

قال صاحب المحكم : قال سيبويه : عرّفته زيداً فذهب إلى تعدية عرّف بالتثقيل إلى مفعولين يعني أنّك تقول عرّفت زيداً فيتعدّى إلى واحد ثم تثقّل الراء فيتعدّى إلى مفعولين ، قال : وأمّا عرّفته بزيد فإنّما تريد عرّفته بهذه العلّامة وأوضحته بها فهو سوى المعنى الأوّل وإنّما عرّفته بزيد كقولك سمّيته بزيد (١) إنتهى.

و «أهل الرجل» عشيرته وأقاربه ، والمراد بهم هنا : أهل الكساء مع باقي الأئمة الإثنى عشر عليهم السلام لوصفهم بالطاهرين أي النقيّين من الدنس والرجس في الميلاد والأعمال البريّين من المأثم والذنوب صغائرها وكبائرها كما قال تعالى : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» (٢).

أخرج الطبراني : عن أمّ سلمة أنّ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لفاطمة عليها السلام : إئتيني بزوجك وابنيه ، فجاءت بهم ، فألقى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليهم كساء فدكيّاً ، ثم وضع يده عليهم ، ثم قال : أَللَّهُمَّ إنّ هٰؤلاء أهل محمّد وفي نسخة لفظ (آل محمّد) فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد كما جعلتها على

__________________

١ ـ المحكم في اللغة : ج ٢ ، ص ٧٨.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

١١٤

آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.

قالت أمّ سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي ، وقال : إنّك على خير (١).

وفي هذا المعنى روايات كثيرة سيأتي ذكر شيء منها إن شاء الله تعالى.

و «الشفاعة» قيل : هي إصلاح حال المشفوع فيه عند المشفوع إليه ، وهذا دوري والأولى أن يقال : هي السؤال في التجاوز عن الذنب من الذي وقع الجناية في حقّه ، ويقال : شفّعت في الأمر شفاعة إذا طالبت بوسيلة أو ذمام.

والمراد بحسن الشفاعة : قبولها والرضا عمّن شفع فيهم وبتعريفه ذلك : أن ينجّز له وعده به فيعرفه واقعاً متحقّقاً معرفة شهوديّة حضوريّة وإن كان هو الآن به عالماً علماً يقينيّاً ، فإنّ الأشياء قبل وجودها تكون معلومة للعالم بها وبعد وجودها تكون مشهودة له ، وإنّما استعمل التعريف في هذا المعنى لأنّه إذا شاهده عرف أنّه ذلك الذي علم به من قبل فكأنّه عرّفه إيّاه ، وما قيل : من أنّ معنى عرّفه : أذقه بعيد جدّاً. وأبعد منه قول بعضهم : يجوز أن يكون من العرف بالفتح ، بمعنى الرائحة الطيّبة وأن يكون من العُرف بالضمّ بمعنى المعروف بل لا يكاد يصحّ. وإنّما دعا الله تعالى بذلك مع العلم بأنّه لا يخلف الميعاد لأنّه سأل له أجل الموعود وعدم الخلف يصدق على إنجاز أدناه وإن لوحظ سعة كرمه تعالى فلا يكون اللايق به جلّ شأنه إلاّ إنجاز أجلّ ما وعد خصوصاً مع أحبّ خلقه إليه وأكرمهم لديه فلأنّ معظم الغرض في الدعاء إظهار سيماء العبوديّة ، أو

__________________

١ ـ المعجم الكبير : ج ٢٣ ، ص ٣٣٦ ، ح ٧٧٩ ـ ٧٨٠.

١١٥

المراد : وفّق أهل شفاعته للأعمال التي بها يصيرون أهلاً لأجل ما وعدته من من حسن الشفاعة وأعصمهم عمّا لا يستحقّون به ذلك كما في قوله تعالى : «رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» (١).

فإن قلت : كيف تكون الشفاعة في أهله الطاهرين وهم معصومون من جميع الذنوب وقد قال عليه السلام : «إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، وأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل» (٢).

قلت : قد علمت أنّ معظم الغرض في الدعاء إظهار سيماء الإفتقار والعبوديّة فلا منافاة ، أو المراد بالشفاعة فيهم شفاعة مخصوصة لا السؤال في التجاوز عن الذنوب ولذلك عبّر بحسن الشفاعة ، وسيأتي أنّ الشفاعة على أقسام ، منها رفع الدرجات ، وفي الحديث : «إنّه لا يبقى ملك مقرّب ولا نبي مرسل إلاّ وهو محتاج إليه صلى الله عليه واله وسلم يوم القيامة» (٣).

ويحتمل أن يكون المراد بالشفاعة شفاعتهم لغيرهم لا الشفاعة لهم وكذا شفاعة أُمّته المؤمنين فتكون «في» من قوله «في أهله الطاهرين» متعلّقاً بوعدته ، أو هي للمصاحبة بمعنى مع كقوله تعالى : «ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ» (٤) أي معهم فيكون ظرفاً مستقرّاً في محلّ النصب على الحال من الضمير المنصوب في عرّفه لا متعلّقاً بالشفاعة ، والمعنى عرّفه مع أهله

__________________

١ ـ آل عمران : ١٩٤.

٢ ـ عيون أخبار الرضا : ج ١ ، ص ١٣٦ ، ح ٣٥.

٣ ـ الكافي : ج ٨ ، ص ٤٠٥ ، رسالة أبي عبد الله صلى الله عليه واله إلى جماعة من الشيعة.

٤ ـ الأعراف : ٣٨.

١١٦

الطاهرين وأُمّته المؤمنين أجلّ ما وعدته من حسن الشفاعة في يوم القيامة فلا يكون المشفوع فيهم له ذكر هنا ، وقد نقل إجماع المفسّرين في قوله تعالى : «عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا» (١) ، على أن المقام المحمود هو مقام الشفاعة.

وعن الباقر عليه السلام : في قوله تعالى : «وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (٢) قال : ذاك النبيّ صلى الله عليه واله وعليّ عليه السلام يقوم على كوم قد علا على الخلايق فيشفع ، ثم يقول : يا عليّ إشفع فيشفع ويشفع ، الرجل في القبيلة ويشفع الرجل في أهل البيت ويشفع الرجل للرجلين على قدر عمله فذلك المقام المحمود (٣).

وعنه عليه السلام : في قوله تعالى : «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ» (٤) قال : شفاعة النبيّ : «وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ» (٥) : شفاعة عليّ ، «أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ» (٦) شفاعة الأئمة (٧).

وروي أنّ أقلّ المؤمنين شفاعة من يشفع في ثلاثين ألفاً (٨).

والأخبار في ذلك كثيرة.

__________________

١ ـ الإسراء : ٧٩.

٢ ـ الجاثية : ٢٨.

٣ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ٢ ، ص ١٦٥.

٤ ـ يونس : ٢.

٥ ـ الزمر : ٣٣.

٦ ـ الحديد : ١٩.

٧ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ٢ ، ص ١٦٥.

٨ ـ بحار الأنوار : ج ٨ ، ص ٥٨ ، ح ٧٥.

١١٧

وإن حملت معنى أهله الطاهرين عليهم السلام على الذين هم أعمّ من المعصومين عليهم السلام وفسّرت الطهارة بالطهارة في الميلاد والنسب ، فلك جعل الشفاعة فيهم وفي أُمّته المؤمنين ، وكانت (في) متعلّقة بالشفاعة فيكون أهله وأُمّته هم المشفوع فيهم ، كما روي عنه عليه السلام إنّه قال : أوّل من أشفع له يوم القيامة أهل بيتي ثم الأقرب فالأقرب (١).

وعن ابن عباس : في قوله تعالى : «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى» (٢) ولسوف يشفّعك يا محمّد يوم القيامة في جميع أهل بيتك تدخلهم كلّهم الجنّة ترضى بذلك عن ربّك (٣).

وعن علي عليه السلام : أنّه قال صلى الله عليه واله وسلم : إذن لا أرضى وواحد من أُمّتي في النار (٤).

وعن الصادق عليه السلام : رضا جدّي صلى الله عليه واله أن لا يدخل النار موحّد (٥).

ولقد أغرب من زعم أنّ المراد بحسن الشفاعة ، الشفاعة الحسنة في قوله تعالى : «مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا» (٦).

ثم قال : وقد فسّرت الشفاعة الحسنة بالشفاعة فيما يجوز في الدين والدعاء للمؤمنين أو أن يصير الإنسان شفيع صاحبه في جهاد عدوّه

__________________

١ ـ ما يقرب منه في المناقب لإبن شهراشوب : ج ٢ ، ص ١٦٤.

٢ ـ الضحى : ٥.

٣ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ٢ ، ص ١٦٥.

٤ ـ غرائب القرآن ورغائب الفرقان : ج ٣ ، ذيل الآية ٥ من السورة الضحى.

٥ ـ غرائب القرآن ورغائب الفرقان : ج ٣ ، ذيل الآية ٥ من سورة الضحى.

٦ ـ النساء : ٨٥.

١١٨

لتحصيل الغنيمة عاجلاً والثواب آجلاً والإصلاح بين الإثنين ، والشفاعة السيّئة : بعكس هذا قال : والتفسير الأخير بعيد في هذا المقام (١) إنتهى كلامه ولا يخفى بعده عن الصّواب.

تتمّة

قال بعض العلماء : الشفاعات خمس :

الأولى : الإراحة من هول الموقف ، وهذه يشترك فيها جميع الاُمم كما دلّت عليه الأخبار.

الثانية : في إدخال قوم الجنّة بغير حساب.

الثالثة : في إدخال قوم حوسبوا واستحقّوا العذاب أن لا يعذّبوا.

الرابعة : في إخراج من أدخل النّار من العصاة.

الخامسة : في رفع الدرجات.

وأنكر بعض المعتزلة والخوارج الشفاعة الرابعة ، وتمسّكوا بقوله تعالى : «فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ» (٢) وبقوله تعالى : «مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ» (٣).

واُجيب بأن هذه الآيات في الكفّار ، ومذهب أصحابنا والأشاعرة جواز الشفاعة عقلاً ووجوبها سمعاً لصريح قوله تعالى : «يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا» (٤). وقوله تعالى :

__________________

١ ـ مجمع البيان : ج ٣ ـ ٤ ، ص ٨٤ ، نقلاً بالمعنى.

٢ ـ المدّثر : ٤٨.

٣ ـ غافر : ١٨.

٤ ـ طه : ١٠٩.

١١٩

«وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ» (١) وقد جاءت الأخبار التي مبلغها التواتر بصيغة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين جعلنا الله ممّن تناله شفاعة نبيّه وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

* * *

__________________

١ ـ الأنبياء : ٢٨.

١٢٠