إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٠

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

أنبا محمد بن سعيد بن إسحاق ، وأحمد بن محمد بن إبراهيم قالا : ثنا أحمد بن عصام ، ثنا يوسف بن يعقوب السلعي ، ثنا سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه قال : إني أول من يجثو للخصومة يوم القيامة ، قال علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه : وفينا نزلت هذه الآية (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). ا ه.

رواه المعتمر بن سليمان وغيره عن سليمان.

ورواه أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس ، عن أبي ذر ، وعنه منصور والثوري ، وهشيم. ا ه.

ومنهم الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي المتوفى سنة ٩١١ في كتابه «مسند علي بن أبي طالب» (ج ١ ص ١٦٢ ط المطبعة العزيزية بحيدرآباد ، الهند) قال :

عن قيس بن عباد رضي‌الله‌عنه ، عن علي رضي‌الله‌عنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة ، قال قيس : وفيهم نزلت (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قال : هم الذين بارزوا ليوم بدر علي وحمزة وعبيدة شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة(ش ، خ ، ن وابن جرير ، والدورقي ، ق في الدلائل).

عن علي رضي‌الله‌عنه قال : فينا نزلت هذه الآية (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) في الذين بارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة(العدني وعبد بن حميد ، ك ، وابن مردويه).

ومنهم الفاضل المعاصر يوسف المرعشلي في كتابه «فهرس تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير» (ص ٩٠ ط دار المعرفة ـ بيروت) قال :

١٠١

إنّ عليا وحمزة وعبيدة بن الحارث بارزوا علي ٤ / ١٠٥

ومنها

حديث عبد الله بن عباس

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج ١ ص ١٧٧ ط دار طلاس ، دمشق) قال :

أخبرني أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ، أنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الحافظ ، قال : حدثني أبو بكر محمد بن علي بن الحسن النقاش بشيء من كتابه ، قال : نا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي ، نا عبد العزيز بن محمد بن الحسن المخزومي ، نا محمد بن عبد الله المخرمي ، نا محمد بن إدريس الشافعي ، نا موسى بن هارون ، نا محمد بن مروان السدي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تبارك وتعالى (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قال : ثلاثة من وسط القلادة : حمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبيدة بن الحارث رضي‌الله‌عنهم ، وثلاثة من المشركين من وسط القلادة : شيبة وعتبة والوليد.

ومنهم العلامة الشيخ أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي المشتهر بأبي جعفر النحاس المصري البغدادي الشافعي المتوفى بشاطي النيل سنة ٣٣٨ وقيل : سنة ٣٣٧ ، في «الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم» (ص ٢٢١ ط مكتبة عالم الفكر بالقاهرة سنة ١٤٠٧) قال :

حدثنا يموت بإسناده عن ابن عباس قال : وسورة الحج نزلت بمكة ، سوى ثلاث آيات ، فإنهن نزلن بالمدينة ، في ستة نفر من قريش ، ثلاثة منهم مؤمنون وثلاثة

١٠٢

كافرون ، فأما المؤمنون منهم فهم عبيدة بن الحارث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب ، دعاهم للبراز عتبة وشيبة والوليد بن عتبة ، فأنزل الله تعالى ثلاث آيات مدنيات ، وهن (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ ..) إلى تمام الآيات الثلاث.

ومنها

حديث قيس بن عباد

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة السيد محمد بن إسماعيل الكحلاني الصنعاني المشتهر بالأمير في «سبل السلام» (ج ٤ ص ٥١ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال :

قال قيس : وفيهم أنزلت (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قال : هم الذين تبارزوا في بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث رضي‌الله‌عنهم وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة. وتفصيله ما ذكره ابن إسحاق أنه برز عبيدة لعتبة وحمزة لشيبة وعلي للوليد. وعند موسى بن عقبة : فقتل علي وحمزة من بارزاهما ، واختلف عبيدة ومن بارزه بضربتين ، فوقعت الضربة في ركبة عبيدة فمات منها لما رجعوا بالصفراء ، ومال علي وحمزة على من بارز عبيدة فأعاناه على قتله.

والحديث دليل على جواز المبارزة وإلى ذلك ذهب الجمهور ، وذهب الحسن البصري إلى عدم جوازها ، وشرط الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق إذن الأمير كما في هذه الرواية.

١٠٣

ومنها

حديث أبي ذر الغفاري

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي المتوفى سنة ١٢٦ أو ١٢٧ أو ١٢٨ في «التفسير» (ص ٢٠٩ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال :

سفيان ، عن أبي هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، قال : سمعت أبا ذر يقسم بالله لنزلت هذه الآية في ستة من قريش : حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحرث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) إلى آخر الآية (الآية ١٩).

ومنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨ في «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» (ج ٢ ص ٩١) قال :

أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن عبد السلام ، وابنة عمه ست الأهل بنت علوان ـ سنة ثلاث وتسعين ـ وآخرون قالوا : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الفقيه ، أنبأتنا شهدة بنت أحمد ، أنا الحسين بن طلحة ، أنا أبو عمر عبد الواحد بن مهدي ، ثنا الحسين بن إسماعيل ، ثنا محمود بن خداش ، ثنا هشيم ، أنبأنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد قال : سمعت أبا ذر رضي‌الله‌عنه يقسم قسما (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) إنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر : حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث رضي‌الله‌عنهم وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. أخرجه البخاري عن يعقوب الدورقي وغيره ، ومسلم عن عمرو بن زرارة ، عن هشيم ، عن أبي هاشم يحيى بن دينار الرماني الواسطي ، عن أبي مجلز لاحق بن حميد السدوسي

١٠٤

البصري ، وهو من الأبدال العوالي.

ومنهم العلامة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي في «معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول» في التوحيد (ج ٢ ص ٤٧٢ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

وفي الصحيحين في تفسير قول الله تعالى (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) عن قيس بن عدي ، عن أبي ذر رضي‌الله‌عنه أنه كان يقسم فيها أن هذه الآية نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه ، برزوا في يوم بدر.

وفيهما عنه عن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة.

قال قيس : وفيهم نزلت (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) قال : هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد فؤاد عبد الباقي في «اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان» (ج ٣ ص ٣٣٦ ط المكتبة العلمية ـ بيروت) قال :

حديث أبي ذر ، عن قيس ، قال : سمعت أبا ذر يقسم قسما إن هذه الآية (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة.

أخرجه البخاري في ٦٤ كتاب المغازي و ٨ باب قتل أبي جهل.

ومنهم العلامة أحمد علي محمد علي الأعقم الأنسي اليماني في «تفسير الأعقم» (ص ٤٢٧ ط ١ دار الحكمة اليمانية) قال :

(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) الآية ، نزلت في ستة نفر برزوا يوم بدر وهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

١٠٥

وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ـ عن أبي ذر وعطاء ، وكان أبو ذر يقسم بالله أنها نزلت فيهم.

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب «جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب» (ص ٣١ والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال :

ومنها قوله تعالى (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) الآية ، وعن أبي ذر أنه كان يقسم لنزلت هذه الآية في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة. خرجه النابلسي.

ومنهم الحافظ محمد بن إسحاق بن يحيى في «الإيمان» (ص ٤١٦ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

أنبا خيثمة بن سليمان ، ثنا محمد بن الحسين بن أبي حنين ، ثنا حجاج بن منهال ، ثنا هشيم ، ثنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن أبي ذر ، أنه كان يقسم قسما أن هذه الآية (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه تبارزا في يوم بدر. ا ه.

ومنها

ما رواه القوم مرسلا

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر الخضيري الطولوني المصري الشافعي في «التحبير في علم التفسير» (ص ١٨٧ ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

١٠٦

(هذانِ خَصْمانِ) [الحج : ١٩] هما خصم المؤمنين : علي وحمزة.

ومنهم الشيخ أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي السهيلي المتوفى سنة ٥٨١ في «التعريف والإعلام فيما أبهم من الأسماء والأعلام في القرآن الكريم» ص ١١٦ ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٤٠٧) قال :

قوله عزوجل (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) الآية ، هم ثلاثة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وثلاثة من كفار قريش التقوا يوم بدر فقتل الكفار فالثلاثة المؤمنون حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب ، والكفار عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.

ومنهم العلامة محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي الأندلسي المولود سنة ٧٤١ والمتوفى ٧٩٢ في «التسهيل لعلوم التنزيل» (ج ٣ ص ٣٨ ط دار الفكر) قال :

وقيل : نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث حين برزوا يوم بدر لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة ، فالآية على هذا مدنية إلى تمام ست آيات ، والخصم يقع على الواحد والإثنين والجماعة ، والمراد به هنا الجماعة والإشارة بهذان إلى الفريقين (اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) أي في دينه وفي صفاته والضمير في (اختصموا) لجماعة الفريقين.

ومنهم العلامة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي المتوفى سنة ٧٣٣ في «غرر التبيان فيمن لم يسمّ في القرآن» (ص ٣٤٨ ط دار قتيبة ـ دمشق وبيروت) قال :

(هذانِ خَصْمانِ) (الآية : ١٩) هم ثلاثة مسلمون ، وثلاثة مشركون تبارزوا يوم بدر. أما المسلمون فعلي وحمزة وعبيدة بن الحارث ، وأما المشركون فعتبة

١٠٧

وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ، فقتلهم المسلمون.

ومنهم العلامة نجم الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن فهدا المشتهر بعمر ابن فهد الهاشمي العلوي المحمدي المكي في «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» (ج ١ ص ٤١٤ ط دار الجيل ـ القاهرة) قال :

وخرج عتبة وشيبة والوليد بن عتبة فدعوا إلى المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة فتيان من الأنصار وهم معاذ ومعوذ وعوف بنو عفراء ـ ويقال : ثالثهم عبد الله بن رواحة ـ فاستحيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكره أن يكون أول قتال لقي فيه المسلمون المشركين في الأنصار ، وأحبّ أن يكون الشوكة لبني عمه وقومه ، فأمرهم بالرجوع فرجعوا إلى مصافهم وقال لهم خيرا ، ثم نادى منادي المشركين : يا محمد اخرج لنا الأكفاء من قومنا. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا بني هاشم قوموا فقاتلوا لحقكم الذي جاء به نبيكم إذ جاءوا بباطلهم ليطفئوا نور الله. فقام حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث بن المطلب ، فمشوا إليهم ، فقال عتبة لابنه : قم يا وليد ، فقام فقتله علي ، ثم قام عتبة فقتله حمزة ، ثم قام شيبة فقام إليه عبيدة بن الحارث فضربه شيبة فقطع ساقه ، فكرّ حمزة وعلي فقتلا شيبة ، واحتملا عبيدة إلى الصف ، فنزلت فيهما هذه الآية (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ).

١٠٨

مستدرك

الآية السابعة والثلاثون ـ قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً

كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (السجدة : ١٨)

نقلنا نزولها في شأن مولانا الأمير صلوات الله عليه عن العامة في ج ٣ ص ٣٤٧ وج ١٤ ص ٣٠٠ وج ٢٠ ص ٣٧ وج ٢٢ ص ٩٢ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة ٧٤٨ في «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» (ج ٣ ص ٦٦٦ ط بيروت سنة ١٤٠٧) قال :

وقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال الوليد بن عقبة لعلي : أنا أحد منك سنانا ، وأبسط منك لسانا وأملأ للكتيبة منك. فقال علي : اسكت فإنما أنت فاسق ، فنزلت (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ).

١٠٩

وقال أيضا في كتابه «الخلفاء الراشدون» من تاريخ الإسلام (ص ٢٦٠):

وقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال الوليد بن عقبة لعلي : أنا أحد منك سنانا ، وأبسط منك لسانا وأملأ للكتيبة منك. فقال علي : اسكت فإنما أنت فاسق ، فنزلت (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ).

ومنهم العلامة الشيخ عبد القادر بن عمر البغدادي في «حاشية شرح بانت سعاد» لابن هشام صاحب المغني (ج ٢ ص ١٦٠ ط دار صادر) قال :

ومن حديث الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : نزلت (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة في قصة ذكروها. انتهى.

أقول : ذكرها غيره قالوا : وقع بينه وبين علي كلام فقال الوليد : أنا أردّ للكتيبة وأضرب لهامة البطل المشيح منك ، وروي أنه قال : أنا أحد سنانا وأبسط لسانا وأملأ للكتيبة طعانا ، فقال له علي : اسكت فإنما أنت فاسق ، فأنزل الله (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) السجدة (٣٢ / ١٨) ، فسماه فاسقا في موضعين.

وجاءت امرأته إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تشتكيه بأنه يضربها ، فقال لها : ارجعي وقولي : إن رسول الله قد أجارني ، فانطلقت فمكثت ساعة ثم جاءت فقالت : ما أقلع عني فقطع صلى‌الله‌عليه‌وسلم هدبة من ثوبه ثم قال : اذهبي بهذا وقولي : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أجارني. فانطلقت ، فمكثت ساعة ثم رجعت فقالت : يا رسول الله ما زادني إلا ضربا ، فرفع يديه وقال : اللهم عليك بالوليد مرتين أو ثلاثا. ثم قال ابن عبد البرّ : ثم ولاه عثمان الكوفة وعزل عنها سعد بن أبي وقاص ، فلما قدم الوليد على سعد قال له سعد : ما أدري أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال : لا تجز عنّ أبا إسحاق فإنما هو الملك يتغذّاه قوم ويتعشّاه آخرون. فقال سعد : أراكم

١١٠

والله ستجعلونها ملكا.

وله أخبار فيها شناعة تقطع على سوء حاله وقبح فعاله ، وأخباره كثيرة في شرب الخمر ومنادمته أبا زبيد الطائي النصراني.

روى عمر بن شيبة قال : صلى الوليد بن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات ثم التفت إليهم فقال : أزيدكم؟ فقال عبد الله بن مسعود : ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم. وهذا الخبر مشهور من رواية الثقاة من نقل أهل الحديث.

ومنهم الشيخ أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي السهيلي المتوفى سنة ٥٨١ في «التعريف والإعلام فيما أبهم من الأسماء والأعلام في القرآن الكريم» (ص ١٣٥ ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٤٠٧) قال :

قوله تعالى سبحانه : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) نزلت في علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وقد قيل : إن الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب «جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب» (ص ٣١ والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال :

ومنها قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ، قال ابن عباس : نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط (أخي) عثمان (لأمه) قال الوليد لعلي : أنا أحدّ منك سنانا وأبسط لسانا. فقال له علي : اسكت إنما أنت فاسق تقول الكذب. فأنزل الله ذلك تصديقا لعلي.

قال قتادة : لا والله ما استووا في الدنيا ولا في الآخرة. خرجه الواحدي.

ومنهم العلامة محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي الأندلسي المولود سنة

١١١

٧٤١ والمتوفى ٧٩٢ في «التسهيل لعلوم التنزيل» (ج ٣ ص ١٣٠ ط دار الفكر) قال :

(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) الآية ، وقيل : يعني علي بن أبي طالب وعقبة بن أبي معيط.

ومنهم الشيخ عبد الرحمن الشرقاوي في «علي إمام المتقين» (ج ١ ص ٤٨ ط مكتبة غريب الفجالة) قال :

وشجر بين علي بن أبي طالب وبين الوليد بن عقبة بن معيط من فتيان قريش خلاف يوم بدر ، وكان علي بطل بدر في نحو العشرين ، فقال له الوليد : اسكت فإنك صبي ، أنا أشب منك شبابا وأجلد منك جلدا ، وأذرب منك لسانا وأشجع منك جنانا. فنزلت الآية الكريمة : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (سورة السجدة).

ومنهم العلامة أحمد علي محمد علي الأعقم الأنسي اليماني في «تفسير الأعقم» (ص ٥٣٣ ط ١ دار الحكمة اليمانية) قال :

(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) نزلت في علي بن أبي طالب صلوات الله عليه (كَمَنْ كانَ فاسِقاً) نزلت في الوليد بن عقبة ، جرى بينهما كلام فقال له : اسكت فإنك فاسق ، فنزلت.

ومنهم الشيخ محمد علي طه الدرة في «تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه» (ج ١١ ص ٢٦٦ ط دار الحكمة ـ دمشق وبيروت سنة ١٤٠٢) قال :

(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)

الشرح : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) : أي كامل الإيمان بالله ورسوله وكتابه واليوم الآخر والملائكة راضيا بقضاء الله وقدره ، مؤديا لله ما أوجب عليه ، منتهيا عما نهاه عنه.

١١٢

(كَمَنْ كانَ فاسِقاً) : خارجا عن الإيمان مقصرا بواجبات الله مرتكبا ما نهى الله عنه.(لا يَسْتَوُونَ) : لا يكونون عند الله بمنزلة ودرجة واحدة ، والمراد جنس المؤمنين وجنس الفاسقين ، ولم يرد مؤمنا واحدا ولا فاسقا واحدا ، ومعنى الآية مثل قوله تعالى في سورة الجاثية رقم ٢٠ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً ..) إلخ ، وأيضا قوله تعالى في سورة ن رقم ٣٥ : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) وينبغي أن تعلم أن الفعل يستوي من الأفعال التي لا يكتفى فيها بواحد ، فلو قلت : استوى زيد لم يصح ، فمن ثم لزم العطف على الفاعل أو تعدده ، كما في الآية الكريمة.

هذا ، وقد نزلت الآية في علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، كان بينهما تنازع وكلام في شيء ، فقال الوليد لعلي : اسكت فإنك صبي وأنا شيخ ، والله إني أبسط منك لسانا وأحدّ منك سنانا ، وأشجع منك جنانا ، وأملأ منك حشوا في الكتيبة ، فقال له علي رضي‌الله‌عنه وكرم الله وجهه : اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله هذه الآية.

هذا ، ولا غرابة في إطلاق الفسق على الوليد ، فقد صرحت الآية الحجرات رقم ٦ : بفسقه ، وذلك لما تعرفه هناك من نقله عن بني المصطلق ما لم يكن ، ويحتمل أن تطلق الشريعة ذلك عليه ، لأنه كان على طرف من الإيمان ، وهو الذي شرب الخمر في زمن عثمان رضي‌الله‌عنه ، وصلى الصبح بالناس ثم التفت وقال : أتريدون أن أزيدكم؟ ونحو هذا مما يطول ذكره.

١١٣

مستدرك

الآية الثامنة والثلاثون ـ قوله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ

لِلْإِسْلامِ) ـ الآية (الزمر : ٢٢)

تقدم نقل ما يدل على نزولها في سيدنا الأمير علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن العامة في ج ٣ ص ٥٦٩ وج ١٤ ص ٤٣٦ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق:

فمنهم العلامة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي المتوفى سنة ٧٣٣ في «غرر التبيان فيمن لم يسمّ في القرآن» (ص ٤٥٢ ط دار قتيبة ـ دمشق وبيروت) قال :

(أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ) (الآية : ٢٢) ، هو النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل : علي وحمزة ، وقيل : عمار.

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب «جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب» (ص ٣١ والنسخة مصورة

١١٤

من المكتبة الرضوية بخراسان) قال :

ومنها قوله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) ـ الآية : في علي وحمزة وفي أبي لهب وأولاده ، فعلي وحمزة شرح الله صدرهما للإسلام وأبو لهب وأولاده قست قلوبهم. قال الواحدي.

١١٥

مستدرك

الآية التاسعة والثلاثون ـ قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ

الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء : ٢١٤)

تقدم نقل ما يدل على نزولها في شأن سيدنا الإمام علي عليه‌السلام في ج ٣ ص ٥٦٠ وج ١٤ ص ٤٢٣ وج ٢٠ ص ١١٩ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة نجم الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن فهد المشتهر بعمر بن فهد الهاشمي العلوي المحمدي المكي في «إتحاف الورى بأخبار أم القرى» (ج ١ ص ١٩٤ ط دار الجيل ـ القاهرة) قال :

قال علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لي : يا علي إن الله قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، فضقت لذلك ذرعا وعرفت أني متى ما أباديهم بهذا الأمر ، أرى منهم ما أكره ، فصمت عليها حتى جاءني جبريل فقال : يا محمد إنك إن

١١٦

لم تفعل ما أمرك به ربك تغّير عليك ربك. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا علي فاصنع لنا صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسّا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرت به ، ثم دعوتهم له ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، يزيدون رجلا أو ينقصون ، فيهم أعمامه : أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب. وفيهم عشرون يأكل كل واحد منهم الجذعة ويشرب الفرق. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حذية من اللحم فنتفها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ، ثم قال : كلوا باسم الله. فأكل القوم حتى ما لهم بشيء من حاجة ، وما أرى إلا موضع أيديهم ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم.

ويروى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لهم : ادنوا. فدنا القوم عشرة عشرة ، فأكلوا حتى صدروا ، ثم دعا باللبن فجرع منه جرعا ثم قال : اسق القوم ، فجئتهم بذلك العسّ ، فشربوا منه حتى رووا جميعا وكأن لم ينقص منه شيء ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : سحركم صاحبكم. فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فلما كان الغد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ، وتفرق القوم قبل أن أكلمهم ، فأعدّ لنا الطعام والشراب مثل ما صنعت لنا بالأمس. ثم اجمعهم لي.

ففعلت ثم جمعتهم ، ثم دعا بالطعام فقرّبته إليهم ، ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا حتى ما بهم لشيء من حاجة ، ثم قال : اسقهم. فجئت بذلك العسّ فشربوا حتى رووا منه جميعا. ثم تكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعرف شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم

١١٧

بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر [على] أن يكون أخي؟ فأحجم القوم ، فقلت ـ وأنا أحدثهم سنا ـ : أنا يا نبي الله. فقام القوم يضحكون.

ويروى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : يا بني عبد مناف ، إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة ، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي؟ قال علي : فقلت : أنا. فقال : اجلس. ولما كان آخر ذلك ضرب بيده على يدي.

ومنهم الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي المتوفى سنة ٩١١ في كتابه «مسند علي بن أبي طالب» (ج ١ ص ١٤٩ ط المطبعة العزيزية بحيدرآباد ، الهند) قال :

عن علي رضي‌الله‌عنه قال : لما نزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا فقال لهم : من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي؟ فقال رجل [لم يسمه شريك] : يا رسول الله أنت كنت بحراء من يقوم بهذا. ثم قال الآخر ، فعرض ذلك على أهل بيته واحدا واحدا فقال علي : أنا.(حم ، وابن جرير وصححه ، والطحاوي ، ض).

وقال أيضا في ص ٢٩٠ :

عن علي رضي‌الله‌عنه قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني مهما أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت عليه حتى جاءني جبريل فقال : يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك. فاصنع لي صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل

١١٨

شاة واجعل لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به ، ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته لهم فجئت به ، فلما وضعته تناول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جرة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال : كلوا بسم الله. فأكل القوم حتى نهلوا عنه ، ما نرى إلا آثار أصابعهم ، والله إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم. ثم قال : اسق القوم يا علي ، فجئتهم بذلك العس ، فشربوا منه حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل منهم يشرب مثله.

فلما أراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لقد سحركم صاحبكم. فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما كان الغد فقال : يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا مثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب ، ثم أجمعهم لي. ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته ، ففعل به كما فعل بالأمس ، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا. ثم تكلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على أمري هذا؟ فقلت وأنا أحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي فقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطع لعلي.(ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، ه ق معا في الدلائل).

ومنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج ٢ ص ٣٦٦ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال:

١١٩

وروى ابن عباس عن علي بن أبي طالب [رضي‌الله‌عنهما] قال : لما أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعاني [رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم] فقال لي : يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت حتى أتاني جبريل فقال : يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك الله ، فاصنع لهم صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به ، ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت له فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جرة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال : خذوا بسم الله. فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة ، وما نرى إلا مواضع أيديهم ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل [منهم] ليأكل ما قدمت لجميعهم. ثم قال : اسق القوم ، فجئتهم بذلك العس ، فشربوا منه حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن [يكلمهم] بدره أبو لهب الكلام فقال : سحركم صاحبكم. فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال الغد : يا علي إن هذا الرجل سبقني إلى ما سمعت من القول فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثم اجمعهم لي. ففعلت وجمعتهم فأكلوا وشربوا ، ثم تكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي؟ فأحجم القوم فقلت وأنا أحدثهم سنا : أنا يا نبي الله ، فقام القوم يضحكون.

ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول في «موسوعة

١٢٠