تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٤

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٤

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٧

٣٨ ـ إنّ عليّ الله أن تبايعا

تؤخذ كرها أو تجيء طائعا (١)

 «تؤخذ» بدل من «تبايعا» ولذلك نصب.

__________________

(١) لم يعرف قائل هذا البيت. إني أعاهد الله على أن أجبرك على مبايعة الخليفة والدخول في طاعته ، إما أن تكون مختارا في ذلك وإمّا مكرها.

الإعراب : إن : حرف مشبه بالفعل ، عليّ : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن مقدم. الله : لفظ الجلالة منصوب بنزع الخافض وهو حرف القسم والتقدير : والله أن تبايعا : أن : حرف مصدري ونصب واستقبال ، تبايع : مضارع منصوب بالفتحة ، والفاعل : ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت والألف للإطلاق وأن وما بعدها في تأويل مصدر منصوب اسم إنّ. تؤخذ : بدل من تبايع كرها : مفعول مطلق ، أو حال على التأويل بكاره. أو : حرف عطف ، نجيء : معطوف على تؤخذ ، طائعا : حال.

الشاهد : «أن تبايع تؤخذ» فإنه أبدل «تؤخذ» من «تبايع» بدل اشتمال.

٤١

أسئلة ومناقشات

١ ـ اشرح بالتفصيل تعريف البدل ... وبيّن كيف يتميّز النعت والتوكيد والبيان عنه؟ وكيف يتميز كذلك عطف النسق إذا كان (بلكن أو ببل أو الواو)؟ مع التمثيل لكل ما تقول.

٢ ـ ما ضابط البدل المطابق؟ وبدل البعض؟ وبدل الاشتمال؟ وما شرط الأخيرين؟ ولما ذا؟ مثل لما تقول ..

٣ ـ من البدل نوع يسمّى «بدل الإضراب» فما هو؟ وإلام ينقسم؟ وما ضابط كل قسم؟ وهل يستخدم في الأساليب العربية مثل لما تقول.

٤ ـ ما شرط إبدال الظاهر من ضمير الحاضر؟ وهل يبدل الظاهر من ضمير الغيبة؟ مثل لذلك كله مع التوضيح والإبانة ..

٥ ـ ماذا تصنع إن أبدلت من اسم الاستفهام؟ مثّل لذلك مع تنويع المبدل منه ...

٦ ـ إيت بمثالين لإبدال الفعل من الفعل .. وبيّن نوع البدل فيهما.

٤٢

تمرينات

١ ـ قال تعالى :

(أ) (قُتِلَ أَصْحَـٰبُ لْأُخْدُودِ لنَّارِ ذَاتِ لْوَقُودِ) (١).

(ب) (وَلِلَّـهِ عَلَى لنَّاسِ حِجُّ لْبَيْتِ مَنِ سْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (٢).

(ج) (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ)(٣).

(د) (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ وَأَعْناباً)(٤).

(ه) «كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ (٥) وَما فِي الْأَرْضِ».

اقرأ الآيات السوابق ثم أجب عما يأتي :

(أ) عيّن البدل ونوعه والمبدل منه في الآيات.

(ب) عيّن الرابط فيما يحتاج إلى رابط من أنواع البدل .. وإن كان محذوفا فقدره.

(ج) يحتمل البدل في الآيتين (ب ، ج) أعاريب أخرى .. اذكر بعضها ووازن بينها وبين البدل ورجح ما تختاره.

(د) أعرب ألفاظ البدل ـ وألفاظ المبدل منه فيما سبق.

__________________

(١) آية ٤ سورة البروج.

(٢) آية ٩٧ سورة آل عمران.

(٣) آية ٧١ سورة المائدة.

(٤) آية ٣١ سورة النبأ.

(٥) آيتا ١ ، ٢ سورة إبراهيم.

٤٣

٢ ـ مثل لما يأتي في جمل تامة : ـ

(أ) بدل من اسم استفهام.

(ب) بدل من اسم شرط.

(ج) بدل فعل من فعل مع بيان نوعه.

(د) بدل نكرة من معرفة.

٣ ـ من أيّ أنواع البدل ما يأتي؟ ولما ذا؟

أعجبني الأستاذ علمه ـ قدرت الأستاذ عقله

راعني الأستاذ بيانه ـ فرحت بالأستاذ عليّ.

٤ ـ قال الأخطل : ـ

إن السيوف غدوّها ورواحها

تركت هوازن مثل قرن الأعضب

اشرح البيت السابق ... وعيّن البدل ونوعه والمبدل منه ... ثم أعربه.

٥ ـ كوّن جملا لبدل منصوب بالألف .. ولبدل مرفوع بالواو ولبدل مجزوم بحذف حرف العلة .. ولبدل مقرون بحرف استفهام.

٦ ـ يحتمل قول ابن مالك «خذ نبلا مدى» أن يكون بدل بداء أو غلط أو نسيان .. ما توجبه ذلك؟.

٧ ـ أكمل الجمل الآتية ببدل كلّ ثم ببدل اشتمال ثم ببدل غلط ثم ببدل مباين على الترتيب : ـ

اعتززت بصديقي ...

وقرّت أستاذي ...

سهرت مع أخي ...

أقمت مع عمي ...

٤٤

٨ ـ قال الشاعر يفتخر :

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا

تجد حطبا جزلا ونارا تأججا

اشرح البيت السابق ... وعين البدل والمبدل منه ... ثم أعربه تفصيلا.

٤٥

النداء

أحرف النداء :

وللمنادى النّاء أو كالنّاء «يا

وأي ، وآ» كذا «أيا» ثمّ «هيا»

والهمز للداني و «وا» لمن ندب

أو «يا» وغير «وا» لدى اللبس اجتنب

* * *

لا يخلو المنادى من أن يكون مندوبا ، أو غيره ، فإن كان غير مندوب : فإما أن يكون بعيدا ، أو في حكم البعيد ـ كالنائم والساهي ـ أو قريبا ؛ (أ) فإن كان بعيدا أو في حكمه فله من حروف النداء : «يا (١) ، وأي ، وآ ، وأيا ، وهيا».

(ب) وإن كان قريبا فله الهمزة ، نحو «أزيد أقبل».

(ج) وإن كان مندوبا ـ وهو المتفجع عليه ، أو المتوجع منه ـ فله «وا» نحو «وا زيداه» ، و «وا ظهراه» ، و «يا» أيضا ، عند عدم التباسه بغير المندوب ، فإن التبس تعيّنت «وا» وامتنعت «يا».

__________________

(١) تتعين «يا» في نداء اسم الله تعالى «يا ألله» ، وفي الاستغاثة : يا للعرب لفلسطين ، وتجوز في الندبة إذا أمن اللبس «يا رأساه».

٤٦

حذف حرف النداء وامتناع حذفه :

وغير مندوب ، ومضمر ، وما

جا مستغاثا قد يعرّى فاعلما

وذاك في اسم الجنس والمشار له

قلّ ، ومن يمنعه فانصر عاذله

* * *

ـ لا يجوز حذف حرف النداء مع المندوب ، نحو «وازيداه» ، ولا مع الضمير نحو «يا إياك قد كفيتك» ولا مع المستغاث ، نحو «يا لزيد» (١).

وأما غير هذه فيحذف معها الحرف جوازا ، فتقول في «يا زيد أقبل» : زيد أقبل» وفي «يا عبد الله اركب» : «عبد الله اركب» (٢).

لكن الحذف مع اسم الإشارة قليل ، وكذا مع اسم الجنس ، حتى إن أكثر النحويين منعوه ، ولكن أجازه طائفة منهم ، وتبعهم المصنف ، ولهذا قال : «ومن يمنعه فانصر عاذله» أي : انصر من يعذله على منعه ؛ لورود السماع به ، فمما ورد منه مع اسم الإشارة قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ)(٣) أي يا هؤلاء ، وقول الشاعر :

__________________

(١) وكذلك لا يحذف حرف النداء مع اسم الله تعالى إذا لم يعوض في آخره ميم مشددة ، وأجازه بعضهم.

(٢) وكذلك يجوز حذف حرف النداء مع أيها. فتقول : «يا أيها الناس» أو «أيها الناس».

(٣) آية ٨٥ سورة البقرة.

٤٧

٣٩ ـ ذا ارعواء فليس بعد اشتعال الرّ

أس شيبا إلى الصبا من سبيل (١)

أي : يا ذا ، وممّا ورد منه مع اسم الجنس قولهم : «أصبح ليل» أي يا ليل ، «أطرق كرا ، أي : يا كرا» (٢).

اقسام المنادى وأحكامه :

وابن المعرّف المنادى المفردا

على الذي في رفعه قد عهدا

__________________

(١) لم يعرف قائل هذا البيت. ارعواء مصدر ارعوى عن القبيح : كفّ.

المعنى : يا هذا كفّ عن فعل القبيح لأنه ليس سبيل إلى اللهو بعد أن ظهر الشيب في الرأس.

الإعراب : ذا : اسم إشارة منادى نكرة مقصودة بحرف نداء محذوف أي : يا ذا ، مبني على الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها سكون البناء الأصلي في محل نصب على النداء. ارعواء : مفعول مطلق ، فليس : الفاء : للتعليل ، ليس : فعل ماض ناقص. بعد : ظرف زمان منصوب وهو متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم على اسمه. وهو مضاف ، اشتعال : مضاف إليه ، واشتعال مضاف والرأس مضاف إليه ، شيبا : تمييز منصوب بالفتحة ، إلى الصبا : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من سبيل ، من سبيل : من : حرف جر زائد ، سبيل : اسم ليس مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.

الشاهد : «ذا» فإنه منادى حذف حرف النداء مع أنه اسم إشارة وهذا قليل.

(٢) هذا مثل وتمامه «أطرق كرا إن النعام في القرى» يضرب لمن تكبّر وقد تواضع أشرف منه. وأصل كرا يا كروان : ثم رخّم بحذف النون ، وحذفت معها الألف ثم قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. فهو منادى مرخم نكرة مقصودة بأداة نداء محذوفة مبني على الضمة المقدرة على النون المحذوفة للترخيم.

٤٨

١ ـ ما يجب بناؤه :

لا يخلو المنادى من أن يكون : مفردا ، أو مضافا أو مشبّها به.

فإن كان مفردا : فإما أن يكون معرفة ، أو نكرة مقصودة ، أو نكرة غير مقصودة.

فإن كان مفردا ـ معرفة ، أو نكرة مقصودة ـ بني على ما كان يرفع به ؛ فإن كان يرفع بالضمة بني عليها ، نحو «يا زيد» و «يا رجل» ، وإن كان يرفع بالألف أو بالواو فكذلك ، نحو «يا زيدان ، ويا رجلان» ، و «يا زيدون ، ويا رجيلون» (١) ويكون في محل نصب على المفعولية ، لأن المنادى مفعول به في المعنى ، وناصبه فعل مضمر نابت «يا» ، منابه فأصل «يا زيد» أدعو زيدا ، فحذف «أدعو» ونابت «يا» منابه.

* * *

وانو انضمام ما بنوا قبل الندا

وليجر مجرى ذي بناء جدّدا (٢)

__________________

(١) يا زيدان : منادى مفرد علم ، ويا رجلان : منادى نكرة مقصودة ، وكلاهما مبني على الألف لأنه مثنى في محل نصب على النداء. يا زيدون : منادى مفرد علم ، يا رجيلون : منادى نكرة مقصودة ، وكلاهما مبني على الواو لأنه جمع مذكر سالم في محل نصب على النداء.

(٢) انو : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، انضمام : مفعول به منصوب بالفتحة ، ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ، بنوا : فعل ماض مبني على الضمة المقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين ، والواو : فاعل .. وليجر : الواو حرف عطف واللام لام الأمر تجزم المضارع ، يجر : فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة وهو مبني للمجهول ، ونائب فاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو. مجرى : مفعول مطلق منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر ، وهو مضاف ، وذي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة. وبناء : مضاف إليه ، جدد : فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو. والجملة في محل جر صفة لبناء.

٤٩

أي : إذا كان الاسم المنادى مبنيا قبل النداء قدّر ـ بعد النداء ـ بناؤه على الضم ، نحو «يا هذا» ويجرى مجرى ما تجدّد بناؤه بالنداء كزيد ؛ في أنه يتبع بالرفع مراعاة للضم المقدّر فيه ، وبالنصب مراعاة للمحل ، فتقول : «يا هذا العاقل ، والعاقل» (١) بالرفع والنصب ، كما تقول : «يا زيد الظريف ، والظريف».

والمفرد المنكور ، والمضافا

وشبهه انصب عادما خلافا

٢ ـ ما يجب نصبه :

تقدم أن المنادى إذا كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة يبنى على ما كان يرفع به ، وذكر هنا أنه إذا كان مفردا نكرة أي : غير مقصودة ، أو مضافا ، أو مشبّها به ، نصب.

فمثال الأول قول الأعمى : «يا رجلا خذ بيدي» ، وقول الشاعر :

٤٠ ـ أيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن

نداماي من نجران أن لا تلاقيا (٢)

__________________

(١) يا هذا : يا : حرف نداء ، هذا : الهاء للتنبيه ، وذا : اسم إشارة مبني على الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها سكون البناء الأصلي في محل نصب على النداء ، العاقل : بالرفع بدل مراعاة للضم المقدر فيه ، وبالنصب مراعاة للمحل.

(٢) قائله : عبد يغوث بن وقاص الحارثي ، عرضت أي أتيت العروض وهي مكة والمدينة وما حولهما ، ندامى : جمع ندمان ونديم ، وهو الجليس المصاحب على الشراب. نجران : مدينة في المملكة العربية السعودية على حدود اليمن.

المعنى : ينادي راكبا ما فيقول له إن وصلت مكة والمدينة فبلغ ندمائي من نجران أنه لا لقاء لنا.

الإعراب : أيا : حرف نداء ، راكبا : منادى نكرة غير مقصودة منصوب بالفتحة ، إما : مؤلفة من إن : حرف شرط جازم وما : زائدة ، عرضت : عرض : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك في محل جزم فعل الشرط والتاء : فاعل ، فبلغن : الفاء : واقعة في جواب الشرط ، بلغ. فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ،

٥٠

ومثال الثاني قولك : «يا غلام زيد» ، و «يا ضارب عمرو».

ومثال الثالث قولك : «يا طالعا جبلا ، ويا حسنا وجهه ، ويا ثلاثة وثلاثين» (١) فيمن سميته بذلك.

ونحو «زيد» ضمّ وافتحنّ ، من

نحو «أزيد بن سعيد» لا تهن

* * *

٣ ـ ما يجوز ضمه وفتحه :

أي : إذا كان المنادى مفردا علما ، ووصف ب «ابن» (٢) مضاف إلى علم ، ولم يفصل بين المنادى وبين «ابن» جاز لك في المنادى وجهان : البناء على الضم ، نحو «يا زيد بن عمرو» والفتح إتباعا ، نحو «يا زيد بن عمرو» ، ويجب حذف ألف «ابن» والحالة هذه خطّا.

__________________

ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب ، والجملة في محل جزم جواب الشرط ، نداماي : ندامى : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر ، وياء المتكلم ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ، من نجران : من حرف جر ، نجران : مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من نداماي أن : مخففة من الثقلية حرف مشبه بالفعل ، واسمها ضمير الشأن محذوف وجوبا تقديره أنّه ، لا نافية للجنس تعمل عمل إنّ تلاقي : اسم لا مبني على الفتح في محل نصب ، وخبر لا محذوف تقديره «لنا» وجملة لا مع اسمها وخبرها في محل رفع خبر «أن» وجملة أن مع اسمها وخبرها في تأويل مصدر منصوب مفعول ثان لبلغن.

والشاهد : في قوله : «أيا راكبا» حيث نصبه لكونه نكرة غير مقصودة.

(١) جبلا : مفعول به لطالعا اسم الفاعل : وجهه : فاعل للصفة المشبهة حسنا ، وثلاثين معطوف على ثلاثة منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

(٢) وحكم ابنة كحكم ابن فيجوز الوجهان في قولك : «يا فاطمة ابنة محمد» ولا أثر للوصف ببنت هنا فقولك : «يا فاطمة بنت محمد» يجب الضم. وحكى عن بعض العرب : «يا زيد بن عمرو» بضم نون ابن إتباعا لضمه الدال.

٥١

والضمّ ـ إن لم يل الابن علما ،

أو يل الابن علم ـ قد حتما

* * *

أي : إذا لم يقع «ابن» بعد علم ، أو لم يقع بعده علم ، وجب ضم المنادى ، وامتنع فتحه ؛ فمثال الأول نحو «يا غلام ابن عمرو» ، و «يا زيد الظريف ابن عمرو» ، ومثال الثاني نحو «يا زيد ابن أخينا» فيجب بناء «زيد» على الضم في هذه الأمثلة ، ويجب إثبات ألف «ابن» والحالة هذه.

واضمم ، أو انصب ما اضطرارا نوّنا

ممّا له استحقاق ضم بيّنا

٤ ـ ما يجوز ضمه ونصبه :

تقدم أنه إذا كان المنادى مفردا معرفة ، أو نكرة مقصودة ، يجب بناؤه على الضم ، وذكر هنا إنه إذا اضطرّ شاعر إلى تنوين هذا المنادى كان له تنوينه وهو مضموم ، وكان له نصبه ، وقد ورد السماع بهما ، فمن الأول قوله :

٤١ ـ سلام الله يا مطر عليها

وليس عليك يا مطر السّلام (١)

__________________

(١) قائله : الأحوص الأنصاري.

المعنى : وكان يجب امرأة ولا يذكر اسمها ، فتزوجها رجل اسمه «مطر».

الإعراب : سلام : مبتدأ ، الله : لفظ الجلالة مضاف إليه ، يا مطر : يا : حرف نداء ، مطر : منادى مفرد علم مبني على الضمة الظاهرة في محل نصب على النداء ، ونون لضرورة الشعر. عليها : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «سلام» ، وليس الواو : حرف عطف ، عليك : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم ، يا مطر يا : حرف نداء ، مطر : منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب ، السّلام اسم ليس مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد فيه : «يا مطر» الأول فإنه منادى مفرد علم ومن حقه أن يبقى مبنيا على الضم ولكن الشاعر نوّنه للضرورة.

٥٢

ومن الثاني قوله :

٤٢ ـ ضربت صدرها إليّ وقالت

يا عديّا لقد وقتك الأواقي (١)

نداء ما فيه أل :

وباضطرار خصّ جمع «يا» و «أل»

إلّا مع «الله» ومحكيّ الجمل

والأكثر «اللهم» بالتعويض

وشذّ «يا اللهم» في قريض

* * *

لا يجوز الجمع بين حرف النداء ، و «أل» في غير اسم الله تعالى ، وما سمّي من الجمل إلا في ضرورة الشعر كقوله :

__________________

(١) قائله : المهلهل بن ربيعة الجاهلي : وقتك : حفظتك ، الأواقي : جمع واقية أي : حافظة وراعية. يقول : ضربت صدرها متعجبة من نجاتي مع ما لاقيت من الحروب وقالت : والله لقد حفظتك العناية والرعاية.

الإعراب : ضربت : فعل ماض ، والتاء للتأنيث والفاعل : هي : صدرها : صدر : مفعول به ، وها مضاف إليه ، إلى : جار ومجرور متعلق بضربت ، وقالت : الواو حرف عطف ، قالت ؛ قال فعل ماض ، والتاء للتأنيث والفاعل هي ، يا عديا : يا : حرف نداء. عديا : منادى مفرد علم منصوب تشبيها له بالنكرة غير المقصودة لأنه نوّنه. لقد : اللام : واقعة في جواب القسم ، وقد : حرف تحقيق ، وقتك الأواقي : فعل ومفعول به وفاعل.

الشاهد : في قوله : «يا عديا» مفرد علم مبني لكن لمّا اضطر الشاعر إلى تنوينه نصبه معاملة له معاملة النكرة غير المقصودة ، وقد اختلف في ذلك اختار الخليل وسيبويه الضم لأنه الأكثر في كلامهم ، واختار أبو عمرو وعيسى النصب ووافق ابن مالك الأولين في ضم العلم والآخرين في نصب اسم الجنس.

٥٣

٤٣ ـ فيا الغلامان اللذان فرّا

إيّاكما أن تعقبانا شرّا (١)

وأما مع اسم الله تعالى ومحكيّ الجمل فيجوز (٢) ، فتقول : «يا الله» بقطع الهمزة ، ووصلها ، وتقول فيمن اسمه «الرجل منطلق» : «يا الرجل منطلق أقبل» (٣).

والأكثر في نداء اسم الله «اللهمّ» بميم مشدّدة معوّضة من حرف النداء ، وشذ الجمع بين الميم وحرف النداء في قوله :

__________________

(١) قائله غير معروف.

المعنى : يحذر هذين الغلامين الذين هربا من أن يأتيا بشر.

الإعراب : الغلامان : منادى نكرة مقصودة مبني على الألف لأنه مثنى في محل نصب على النداء ، اللذان صفة ـ الغلامان ، فرّا : فرّ : فعل ماض مبني على الفتحة والألف : فاعل. إياكما : ضمير نصب منفصل مبني على السكون في محل نصب على التحذير بفعل محذوف وجوبا تقديره أحذركما. أن حرف ناصب ، تعقبانا : تعقبا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والألف : ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل ، نا : مفعول به أول مبني على السكون في محل نصب ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بمن متعلق بالفعل المحذوف والتقدير أحذركما من إعقابكما : شرا : مفعول به ثان.

الشاهد فيه : قوله : «فيا الغلامان» دخل حرف النداء على المنادى المعرف بأل وهو ضرورة. وكان يجب أن تقول يا أيها الغلامان.

(٢) وزاد عليه المبرد ما سمي به من موصول مبدوء بأل مثل يا الذي قام ويا التي قامت ، وكذلك اسم الجنس المشبه به مثل يا الأسد شدة وهو قياس صحيح لأن تقديره يا مثل الأسد.

(٣) يا «الرجل منطلق» منادى مفرد علم مبني على الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية.

٥٤

٤٤ ـ إنّى إذا ما حدث ألمّا

أقول : يا اللهم ، يا اللهما (١)

__________________

(١) قائله : أمية بن أبي الصلت ، الحدث : الأمر الحادث من مكاره الدنيا ، ألمّ : نزل ، يقول إنه كلما نزلت به مصيبة لجأ إلى الله.

الإعراب : إني : إنّ واسمها. إذا : ظرف متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه متعلق بأقول. ما : زائدة ، حدث : فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده تقديره : ألم حدث والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها ، ألمّ : فعل ماض والفاعل هو. أقول : فعل مضارع والفاعل : أنا يا اللهم. يا : حرف نداء. الله : منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب على النداء والميم المشددة زائدة ويا اللهما. توكيد لفظي ل : «اللهم» الأولى وجملة أقول لا محل لها من الإعراب واقعة في جواب شرط غير جازم : وجملة يا اللهم : في محل نصب مقول القول.

الشاهد : «يا اللهم يا اللهما» فإنه جمع بين يا والميم المشددة التي تأتي في الكلام عوضا عنها ، وذلك شاذ وضرورة.

٥٥

أسئلة ومناقشات

١ ـ اذكر حروف النداء .. وبيّن ما يختص منها بالقريب .. وما يختص بالبعيد وما يختص بالمندوب ثم مثل لكل أداة بمثال من عندك.

٢ ـ متى يجوز حذف حرف النداء؟ ومتى يمتنع حذفه؟ اذكر حكم الحذف مع اسمي الإشارة والجنس وبين الخلاف في ذلك ثم رجح ما تختاره مع التمثيل.

٣ ـ علام يبنى المنادى المفرد المعرفة؟ وما محله حينئذ؟ ولماذا؟ مثل له بأمثلة مختلفة.

٤ ـ ما حكم النكرة المقصودة وغير المقصودة في النداء؟ وما حكم الاسم المبني قبل النداء .. وكيف تتبعه؟ وضح ذلك مع استيفاء الأمثلة.

٥ ـ ما حكم المنادى المضاف؟ والشبيه بالمضاف؟ وضح ذلك بالأمثلة.

٦ ـ بيّن متى يجوز في المنادى المفرد العلم الضم والفتح؟ ومتى يتعين ضمه؟ وضح ذلك مع التمثيل.

٧ ـ (أ) بيّن وجه نصب المنادى فيما يأتي : ـ

يا بائعا حظه منّي ولو بذلت

لى الحياة بحظي منه لم أبع

ضربت صدرها إليّ وقالت :

يا عديا لقد وقتك الأواقي

أيا راكبا إما عرضت فبلغن

نداماي من نجران ألا تلاقيا

٥٦

يا راكبين عتاق الخيل ضامرة

كأنها في مجال السبق عقبان

(ب) أعرب ما تحته خط منها ..

٨ ـ متى يجمع بين (يا» و (أل) في النداء؟ وما ذا تصنع إذا حذفت «يا» من نداء اسم الله تعالى؟ وضح بذكر الشواهد والأمثلة ..

٥٧

تمرينات

١ ـ قال الشاعر : «ابن زيدون» :

يا سارى البرق غاد القصر فاسق به

من كان صرف الهوى والود يسقينا

ويا حياة تملينا بصحبتها

منى ضروبا ولذات أفانينا

وقال أبو تمام : ـ

يا صاحبيّ تقصيا نظريكما

تريا وجوه الأرض كيف تصور

وقال الحصري : ـ

يا ليل الصبّ متى غده؟

أقيام الساعة موعده؟

وقال البارودي : ـ

يا دهر فيم فجعتني بحليلة

كانت خلاصة عدتي وعتادي

أيد المنون قدحت أيّ زناد

وأطرت أية شعلة بفؤادي

وقال ابن الرومي في رثاء ابنه : ـ

محمد ما شيء توهّم سلوة

لقلبي إلا زاد قلبي من الوجد

٥٨

وقال البحتريّ : ـ

أصبا الأصائل إنّ برقة ثهمد

تشكو اختلافك بالزمان السرمدي

وقال أبو البقاء الرندي : ـ

يا غافلا وله في الدهر موعظة

إن كنت في سنة فالدهر يقظان

وقال جرير : ـ

يا ذا العباءة إن بشرا قد قضى

ألا تجوز حكومة النشوان

اقرأ النصوص السابقة ثم أجب عما يأتي : ـ

(أ) بيّن فيما مضى أداتين مختلفتين من أدوات النداء ووضح ما يستعملان له.

(ب) استخرج من النصوص منادى منصوبا بالألف .. وآخر منصوبا بالياء واذكر سبب نصبهما ...

(ج) استخرج من النصوص منادى نكرة مقصودة وآخر نكرة غير مقصودة ووضح حكمهما في النص.

(د) استخرج من النصوص منادى حذف منه حرف النداء ذاكرا السبب.

(ه) أعرب ما تحته خط من النصوص السابقة.

٢ ـ مثل لما يأتي في جمل تامة : ـ

(أ) منادى يجوز فيه الضم والفتح.

(ب) منادى مبني على الواو ثم صفه بوصف مناسب.

(ج) منادى مبني قبل النداء ثم صفه بوصف مناسب.

(د) منادى منصوب بالكسرة.

٥٩

(ه) منادى مبني على الألف.

(و) منادى منصوب بالألف.

(ز) منادى شبيه بالمضاف.

٣ ـ ناد الكلمات الآتية مع ضبطها بالشكل : ـ

«كاتبان ـ كاتبا الدّرس ـ كاتبون الدرس ـ كاتب ـ أبو طالب ـ سائق ـ سائق الدراجة ـ سائقان ـ سائقون».

٤ ـ هات منادى مبنيا على الألف وآخر منصوبا بالألف في جملتين من عندك.

٥ ـ هات منادى مبنيا على الواو وآخر منصوبا بالياء في جملتين من عندك.

٦ ـ اشرح البيت الآتي ثم أعربه تفصيلا وهو للمتنبي : ـ

يا من يعز علينا أن نفارقهم

وجداننا كلّ شيء بعدكم عدم

٦٠