تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٤

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٤

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٧

إذا وقع بعد جزاء الشرط فعل مضارع مقرون بالفاء أو الواو ، جاز فيه ثلاثة أوجه : الجزم ، والرفع ، والنصب ، وقد قريء بالثلاثة قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) (١) بجزم «يغفر» ورفعه ونصبه (٢) ، وكذلك روي بالثلاثة قوله :

٧٤ ـ فإن يهلك أبو قابوس يهلك

ربيع الناس والبلد الحرام

ونأخذ بعده بذناب عيش

أجبّ الظهر ليس له سنام (٣)

روي بجزم «نأخذ» ورفعه ونصبه.

__________________

(١) آية ٢٨٤ سورة البقرة : «لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».

(٢) بالجزم على أنه معطوف على الجواب المجزوم «يحاسبكم» والرفع على أن الفاء استثنافية والنصب بإضمار أن وجوبا بعد الفاء كما ينصب بعد الاستفهام لأن الجزاء يشبهه في عدم التحقق وتكون الفاء سببية.

(٣) البيتان للنابغة الذبياني يمدح النعمان بن المنذر ، وكنيته أبو قابوس ، ذناب العيش : عقبه ، أجب الظهر : مقطوعة ، والسّنام : ما ارتفع من ظهر البعير ، فقد شبه النعمان بالربيع الخصب لأنه كريم وشبهه بالبلد الحرام في أمن الملتجيء إليه ، فإن يمت النعمان عشنا بعده بطرف عيش قليل الخير كالبعير المهزول الذي ذهب سنامه فنبقى بعده في شدة وسوء حال.

الإعراب : إن : حرف شرط جازم ، يهلك : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بالسكون أبو : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة ، أبو : مضاف ، قابوس : مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف والمانع له العلمية والعجمة ، يهلك ، فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بالسكون ، ربيع : فاعل ، وهو مضاف ، الناس : مضاف إليه ، والبلد : الواو حرف عطف ، البلد : معطوف على ربيع مرفوع بالضمة ، الحرام : صفة مرفوع بالضمة ، ونأخذ : الواو عاطفة ونأخذ : مضارع مجزوم على جواب الشرط والفاعل : ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن ويروى «ونأخذ» بالرفع فالواو استثنافية والفعل مرفوع لتجرده من الناصب والجازم.

١٨١

وجزم او نصب لفعل إثر فا

أو واو إن بالجملتين اكتنفا

إذا واقع بين فعل الشرط والجزاء فعل مضارع مقرون بالفاء أو الواو جاز نصبه وجزمه (١) ، نحو «إن يقم زيد ويخرج خالد أكرمك» بجزم «يخرج» ونصبه ، ومن النصب قوله :

٧٥ ـ ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه

ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما (٢)

__________________

ويروى «ونأخذ» بالنصب فالواو للمعية ونأخذ فعل مضارع منصوب .. بأن المضمرة وجوبا بعد الواو. بعده : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة وهو مضاف والهاء في محل جر مضاف إليه وهو متعلق ب «نأخذ» ، بذناب : جار ومجرور متعلق بنأخذ وهو مضاف ، عيش : مضاف إليه. أجبّ : صفة لعيش مجرور بالكسرة ، أجبّ مضاف ، الظهر مضاف إليه ، ليس : فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر له : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم ، سنام : اسم ليس مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة. وجملة ليس مع اسمها وخبرها في محل جر صفة ثانية لعيش.

الشاهد : «ونأخذ» روى بالجزم على أنه معطوف على جواب الشرط وروي بالرفع على أن الواو استثنافية وروي بالنصب على أن الواو للمعية.

(١) الجزم بالعطف على فعل الشرط ، والنصب بإضمار أن وجوبا بعد الفاء أو الواو لشبه الشرط بالاستفهام في عدم التحقق ، ويمتنع الرفع لامتناع الاستئناف قبل الجزاء.

(٢) قائل هذا البيت غير معروف. يخضع : يذل ، نؤوه : ننزله عندنا ، هضما : ظلما. يقول : من يدن منا وينزل عندنا مع الخضوع نجره ونكرمه ولا يخف من اعتداء أحد عليه مدة إقامته.

الإعراب : من : اسم شرط جازم يجزم فعلين مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، يقترب : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بالسكون والفاعل مستتر جوازا تقديره هو ، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ من ، منّا ، جار ومجرور متعلق ب «يقترب» ويخضع : الواو للمعية ، يخضع : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا

١٨٢

حذف الجواب أو الشرط :

والشرط يغني عن جواب قد علم

والعكس قد يأتي إن المعنى فهم (١)

يجوز حذف جواب الشرط ، والاستغناء بالشرط عنه ، وذلك عند ما يدلّ دليل على حذفه (٢) ، نحو «أنت ظالم إن فعلت» فحذف جواب الشرط لدلالة «أنت ظالم» عليه ، والتقدير : «أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم» ، وهذا كثير في لسانهم.

وأما عكسه ـ وهو حذف الشرط والاستغناء عنه بالجزاء ـ فقليل ، ومنه قوله :

__________________

بعد الواو ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو وأن وما بعدها في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد مما قبله والتقدير : ليكن اقتراب فخضوع ، نؤوه : نؤو : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره ، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن ، ولا يخش : الواو : عاطفة ، لا : نافية ، يخش : فعل مضارع معطوف على نؤوه مجزوم بحذف حرف العلة ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى من ، ظلما : مفعول به ، ما : مصدرية ظرفية ، أقام : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، وما وما بعدها في تأويل مصدر مضاف إلى الظرف والتقدير. ولا يخش ظلما مدة إقامته ، ولا : الواو : عاطفة ، لا نافية ، هضما : معطوفا على ظلما منصوب بالفتحة.

الشاهد : «ويخضع» فإنه نصب الفعل المضارع بأن المضمرة وقد وقع بين فعل الشرط وجوابه.

(١) إن : حرف شرط جازم ، وفعل الشرط محذوف تقديره فهم. المعنى : نائب فاعل لفعل الشرط المحذوف الذي يفسره المذكور بعده. مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ، فهم : فعل ماض مبني للمجهول ، ونائب فاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى المعنى ، والجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب ، وجواب الشرط محذوف دل عليه الكلام السابق.

(٢) كما يشترط في حذف الجواب أن يكون فعل الشرط ماضيا لفظا أو معنى وهو المضارع المنفي بلم نحو : «أنت ظالم إن لم تفعل».

١٨٣

٧٦ ـ فطلقها فلست لها بكفء

وإلّا يعل مفرقك الحسام (١)

أي : وإلا تطلقها يعل مفرقك الحسام.

اجتماع الشرط والقسم :

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخّرت فهو ملتزم (٢)

__________________

(١) البيت للأحوص الأنصاري يخاطب رجلا اسمه مطر ، الكفء : النظير ، مفرق : وسط الرأس ، الحسام : السيف.

الإعراب : فطلقها : طلق : فعل أمر. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، وها : ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. فلست : الفاء للتعليل ، ليس : فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع اسم ليس. لها : جار ومجرور متعلق بكفء : الياء حرف جر زائد ، كفء : خبر ليس منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. وإلا : الواو عاطفة ، أو استثنافية ، إلّا مؤلفة من إن الشرطية ولا النافية وفعل الشرط محذوف والتقدير وإن لا تطلقها ، يعل : فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحذف حرف العلة من آخره ، مفرقك : مفرق : مفعول به منصوب بالفتحة وهو مضاف والكاف في محل جر مضاف إليه ، الحسام : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد : «وإلا يعل» فإنه حذف فعل الشرط لأن الأداة «إن» مقرونة ب «لا» النافية والتقدير وإلا تطلقها يعل وهذا إنما يكون بعد ذكر كلام فيه فعل من مادة الشرط المحذوف.

(٢) احذف : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، لدى : ظرف مكان مفعول فيه منصوب بالفتحة المقدرة على الألف وهو متعلق ب «احذف». لدى : مضاف ، اجتماع : مضاف إليه. اجتماع : مضاف ، شرط مضاف إليه ، وقسم : الواو عاطفة ، قسم : معطوف على شرط ، جواب : مفعول به لا حذف وهو مضاف ، ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. فهو ملتزم : الفاء للتعليل ، هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ، ملتزم خبر.

١٨٤

كل واحد من الشرط والقسم يستدعي جوابا ، وجواب الشرط إما مجزوم ، أو مقرون بالفاء ، وجواب القسم : إن كان جملة فعلية مثبتة ، مصدّرة بمضارع أكّد باللام والنون نحو «والله لأضربنّ زيدا» وإن صدّرت بماض اقترن باللام وقد (١) ، نحو «والله لقد قام زيد».

وإن كان جملة اسمية فب «إنّ واللام» ، أو «اللام» وحدها ، أو ب «إنّ» وحدها ، نحو «والله إنّ زيدا لقائم» و «والله لزيد قائم» ، و «والله إن زيدا قائم».

وإن كان جملة فعلية منفية فينفى ب «ما» أو «لا» أو «إن» ، نحو «والله ما يقوم زيد ، ولا يقوم زيد ، وإن يقوم زيد» ، والاسمية كذلك.

فإذا اجتمع شرط وقسم حذف جواب المتأخّر منهما لدلالة جواب الأول عليه ، فتقول : «إن قام زيد والله يقم عمرو» ، فتحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه ، وتقول : «والله إن يقم زيد ليقومنّ عمرو» فتحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه.

وإن تواليا وقبل ذو خبر

فالشّرط رجّح مطلقا بلا حذر (٢)

__________________

(١) أي يقترن باللام وقد غالبا كما مثل ، وقد يجرد لفظا منهما معا أو أحدهما فيقدران فيه كقوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) فإنه جواب القسم في قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) حذفت منه اللام وقد ، إن الذي يقترن باللام وقد معا هو الماضي المنصرف فأما الحامد فيقترن باللام فقط نحو «والله لعسى زيد أن يقوم» أو «لنعم رجلا زيد» إلّا «ليس» فلا تقترن بشيء نحو «والله ليس زيد قائما».

(٢) وإن : حرف شرط جازم ، تواليا : فعل ماض مبني على الفتح لاتصاله بألف الاثنين في محل جزم فعل الشرط ، وألف الاثنين : فاعل وقبل : الواو : حالية ، قبل : مفعول فيه ظرف زمان مبني على الضم في محل نصب وهو متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ذو : مبتدأ مؤخر ، مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف ، وخبر : مضاف إليه ، فالشرط : الفاء واقعة في جواب الشرط ، الشرط : مفعول مقدم. رجح : فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والجملة في محل جزم جواب الشرط ، مطلقا : حال. بلا حذر : جار ومجرور متعلق برجح ، ولا نافية واقعة بين الجار والمجرور.

١٨٥

أي : إذا اجتمع الشرط والقسم أجيب السابق منهما ، وحذف جواب المتأخّر ، هذا إذا لم يتقدم عليهما ذو خبر ، فإن تقدّم عليهما ذو خبر رجّح الشرط مطلقا ، أي : سواء كان متقدما أو متأخرا ، فيجاب الشرط ويحذف جواب القسم ، فتقول : «زيد إن قام والله أكرمه» و «زيد والله إن قام أكرمه».

* * *

وربّما رجّح بعد قسم

شرط بلا ذي خبر مقدّم

أي : وقد جاء قليلا ترجيح الشرط على القسم عند اجتماعهما وتقدّم القسم ، وإن لم يتقدّم ذو خبر ، ومنه قوله :

٧٧ ـ لئن منيت بنا عن غبّ معركة

لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل (١)

__________________

(١) البيت للأعشى ، منيت : ابتليت ، غبّ : عقب أي بعد ، ننتفل : نتبرأ ونتنصّل والله لئن ابتليت بنا بعد المعركة لا تجدنا نتبرأ عن دماء القتلى.

الإعراب : لئن : اللام موطئة للقسم ، إن : حرف شرط جازم ، منيت : مني : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك في محل جزم فعل الشرط ، والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل ، بنا : جار ومجرور متعلق ب «منيت» عن غب : جار ومجرور متعلق بمنيت ، غب مضاف ، معركة مضاف إليه ، لا : نافية ، تلفنا : تلف : فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحذف حرف العلة من آخره والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت و «نا» مفعول به أول. عن دماء : جار ومجرور متعلق بلا تلفنا ، دماء مضاف القوم مضاف إليه ، ننتفل : فعل مضارع مرفوع ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن والجملة في محل نصب مفعول به ثان للا تلفنا. وجواب القسم محذوف دلّ عليه جواب الشرط.

الشاهد : «لا تلفنا» فقد جعله جوابا للشرط مع تقدم القسم عليه وعدم تقدم ما يطلب خبرا وحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه ، وقد منع ذلك الجمهور وحملوا البيت على الضرورة أو أن اللام زائدة لا موطئة للقسم.

١٨٦

فلام «لئن» موطئة لقسم محذوف ـ والتقدير : والله لئن ـ و «إن» شرط ، وجوابه «لا تلفنا» وهو مجزوم بحذف الياء ، ولم يجب القسم ، بل حذف جوابه لدلالة جواب الشرط عليه ، ولو جاء على الكثير ـ وهو إجابة القسم لتقدمه ـ لقيل : لا تلفينا بإثبات الياء ، لأنه مرفوع.

١٨٧

أسئلة ومناقشات

١ ـ بيّن الأدوات التي تجزم فعلا واحدا ومثل لكل منها بمثال ..

٢ ـ فيم تشترك «لم ولمّا» الجازمتان للمضارع؟ وفيم تختلفان؟ مثل

٣ ـ ما الأدوات التي تجزم فعلين؟ وما الحروف منها والأسماء؟ وما معنى كل أداة؟ مثل لكل أداة بمثال من عندك.

٤ ـ ما الأحوال التي تجيء عليها جملتا الشرط والجزاء .. وضحها ومثل لكل منها.

٥ ـ متى يجوز جزم الجزاء ورفعه؟ ومتى يكون رفع الجزاء ضعيفا؟ وجّه ذلك ومثل له ...

٦ ـ ما مواضع اقتران جواب الشرط بالفاء أو بإذا الفجائية .. ولماذا وجب الربط بهما في هذه الحالات؟ مثل لذلك بالتفصيل.

٧ ـ اذكر حكم المضارع المقرون بالفاء أو الواو الواقع بعد الجزاء .. ثم اذكر حكمه لو وقع بعد الشرط .. ومثل لما تقول مع التوجيه.

٨ ـ وضح متى يجوز حذف كل من الشرط والجزاء؟ مع التمثيل لما تقول.

٩ ـ إذا اجتمع شرط وقسم فلأيهما يكون الجواب؟ فصل القول في ذلك مع الأمثلة.

١٨٨

تمرينات

١ ـ قال تعالى :

«إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ـ وَإِنْ تَعُودُوا (١) نَعُدْ» ـ «قْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ طْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَـٰلِحِينَ» (٢) ـ «قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ» ـ «وَعَلَى للَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ لْمُتَوَكِّلُونَ» (٣) ـ «مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ» (٤) ـ «أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ لْأَسْمَآءُ لْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَبْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا» (٥) ـ «فَمَن ذَا لَّذِى يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ» (٦) ـ «لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ» (٧).

اقرأ النصوص السابقة ثم أجب عما يأتي : ـ

(أ) لماذا اقترن جواب الشرط بالفاء فيما ورد من الآيات .. عيّنه ثم علل له ...

__________________

(١) آية ١٩ سورة الأنفال.

(٢) آية ٩ ، ١٠ سورة يوسف.

(٣) آية ١٢ سورة إبراهيم.

(٤) آية ٩٧ سورة الإسراء.

(٥) آية ١١٠ سورة الإسراء.

(٦) آية ١٦٠ سورة آل عمران.

(٧) آية ٤٦ سورة مريم.

١٨٩

(ب) ميّز من بين ما مر أداتي جزم تجزم كلّ منهما فعلا واحدا ... ثم وضح علامة الجزم.

(ج) عيّن مضارعين مجزومين في جواب الطلب .. ثم بيّن نوع هذا الطلب وأعرب الفعلين ..

(د) أعرب ما تحته خط من الآيات.

(ه) في الآية الأخيرة من النصوص .. عيّن الجواب واذكر أهو للقسم؟ أم للشرط ولماذا؟.

(و) علام يمكن أن يستشهد بما سبق من آيات؟ ..

٢ ـ مثل لما يأتي : في جمل تامة : ـ

(أ) مضارع مقرون بالواو يجوز رفعه ونصبه وجزمه.

(ب) مضارع مقرون بالفاء يجوز فيه النصب والجزم.

(ج) جواب شرط محذوف جوازا ...

(د) فعل شرط محذوف جوازا.

(ه) (أن) المصدرية مضمرة بعد اللام وجوبا في مثال وجوازا في الثاني مع ذكر السبب.

(و) شرط وقسم مجتمعين والجواب للقسم.

(ز) شرط وقسم مجتمعين والجواب للشرط.

(ح) جواب شرط مقرون (بإذا) الفجائية.

٣ ـ مثّل لأحوال الشرط والجزاء إذا كانا جملتين فعليتين في أربع جمل من عندك.

٤ ـ كوّن خمس جمل يقترن فيها جواب الشرط بالفاء مع التعليل.

٥ ـ مثّل لفعلي شرط وجزاء مجزومين بحذف النون ـ وآخرين مجزومين بحذف حرف العلة.

١٩٠

٦ ـ (أ) إن تذاكر دروسك تنجح وتنل ما تتمنى.

(ب) إن تذاكر وتجتهد تنجح في الامتحان.

بيّن ما يجوز من وجوه الإعراب في الفعلين اللذين تحتهما خط واذكر السبب.

٧ ـ خاطب بالمثال (أ) من التمرين السابق مباشرة الواحدة والمثنى ..

والجمع بنوعيه مع إعراب الأفعال ...

٨ ـ اشرح ثم أعرب البيت الآتي وهو لزهير ابن أبي سلمى : ـ

ومن يغترب يحسب عدوا صديقه

ومن لا يكرم نفسه لا يكرم

١٩١

فصل لو

«لو» حرف شرط في مضي ويقلّ

إيلاؤها مستقبلا لكن قبل

لو تستعمل استعمالين :

أحدهما : أن تكون مصدرية ، (١) وعلامتها صحة وقوع «أن» موقعها ، نحو «وددت لو قام زيد» أي : قيامه ، وقد سبق ذكرها في باب الموصول.

الثاني : أن تكون ، شرطية ، ولا يليها ـ غالبا ـ إلا ماض معنى ، ولهذا قال : ««لو حرف شرط في مضيّ» وذلك نحو قولك : «لو قام زيد لقمت» وفسّرها سيبويه بأنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، (٢) وفسّرها غيره بأنها حرف امتناع لامتناع ، (٣) وهذه العبارة الأخيرة هي المشهورة ، والأولى الأصحّ.

وقد يقع بعدها ما هو مستقبل المعنى ، وإليه أشار بقوله : «ويقل

__________________

(١) وهي بمنزلة «أن» وعلامتها أن يصلح في موضعها «أن» وأكثر وقوع هذه بعد ودّ ، أو يودّ ونحوه كأحب ، كقوله تعالى : «وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ» و «يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ».

(٢) لما كان سيقع وهو الجواب لوقوع غيره وهو الشرط.

(٣) أي امتناع الجواب لامتناع الشرط.

١٩٢

إيلاؤها مستقبلا» ومنه قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ)(١) ، وقوله :

٧٨ ـ ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلمت

عليّ ودونى جندل وصفائح

لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا

إليها صدى من جانب القبر صائح (٢)

اختصاص لو :

وهي في الاختصاص بالفعل كإن

لكنّ «لو» أنّ بها قد تقترن

__________________

(١) آية ٩ سورة النساء وهي «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً».

(٢) البيتان لتوبة بن الحميّر. الجندل ، الحجر ، الصفائح : الحجارة العراض التي تكون على القبور وزقا : صاح ، الصدى : ما تسمعه مثل صوتك في الخلاء والجبال. يقول لو أن ليلى حيته بعد موته وكان بينه وبينها هذه الأحجار لردّ عليها بتحية ذوي الوجوه الباشة أو لردّ عليها صدى يصيح من جانب القبر.

الإعراب : لو : حرف امتناع لامتناع ، أنّ حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر ، ليلى : اسم أنّ ، الأخيلية : صفة ليلى ، وأنّ وما بعدها في تأويل مصدر فاعل لثبت محذوفا بعد «لو» ، جملة سلمت من الفعل والفاعل في محلّ رفع خبر «أنّ» ، عليّ : جار ومجرور متعلق ب «سلّمت» دوني : ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، جندل : مبتدأ مؤخر ، صفائح : معطوف عليه ، لسلّمت : اللام واقعة في جواب لو ، وسلمت : فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها واقعة في جواب شرط غير جازم ، تسليم : مفعول مطلق ، وهو مضاف ، البشاشة : مضاف إليه ، ، أو : حرف عطف ، زقا : فعل ماض إليها : جار ومجرور متعلق بزقا ، صدى : فاعل ، من جانب : جار ومجرور متعلق ب «صائح ، القبر : مضاف إليه ، صائح : صفة لصدى.

الشاهد : وقوع ما هو مستقبل المعنى بعد لو وهذا قليل.

١٩٣

يعني أن «لو» الشرطية تختص بالفعل فلا تدخل على الاسم ، (١) كما أنّ «إن» الشرطية كذلك ، لكن تدخل «لو» على «أنّ» واسمها وخبرها ، نحو «لو أن زيدا قائم لقمت» ، واختلف فيها والحالة هذه ، فقيل : هي باقية على اختصاصها ، و «أنّ» وما دخلت عليه في موضع رفع فاعل بفعل محذوف ، والتقدير : «لو ثبت أن زيدا قائم لقمت»» أي : لو ثبت قيام زيد.

وقيل : زالت عن الاختصاص ، و «أنّ» وما دخلت عليه في موضع رفع مبتدأ ، والخبر محذوف ، (٢) والتقدير «لو أنّ زيدا قائم ثابت لقمت» أي : لو قيام زيد ثابت ، وهذا مذهب سيبويه.

* * *

وإن مضارع تلاها صرفا

إلى المضيّ نحو «لو يفي كفى» (٣)

قد سبق أنّ «لو» هذه لا يليها ـ في الغالب ـ إلا ما كان ماضيا في

__________________

(١) قد يلي لو اسم معمول لفعل محذوف وجوبا يفسره ما بعده ، كقوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) وفي المثل «لو ذات سوار لطمتني».

(٢) ويقدر مقدما على المبتدأ أي : ولو ثابت قيام زيد ، وقيل يقدر مؤخرا أي : ولو قيام زيد ثابت.

(٣) إن : حرف شرط جازم ، مضارع : فاعل لفعل الشرط المحذوف يفسره المذكور بعده ، تلا : فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى مضارع ، وها : مفعول به. صرف فعل ماض مبني للمجهول على الفتح في محل جزم جواب الشرط ، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، والألف للإطلاق إلى المضي : جار ومجرور متعلق ب «صرف».

١٩٤

المعنى ، وذكر هنا أنّه إن وقع بعدها مضارع فإنها تقلب معناه إلى المضي كقوله :

٧٩ ـ رهبان مدين والذين عهدتم

يبكون من حذر العذاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت كلامها

خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا (١)

أي : لو سمعوا.

__________________

(١) البيتان لكثير عزة ، رهبان : جمع راهب وهو عابد النصارى ، مدين : بلدة بساحل الطور ، قعودا : جمع قاعد مأخوذ من قعد للأمر إذا اهتم له.

الإعراب : رهبان : مبتدأ مرفوع بالضمة رهبان مضاف ، مدين : مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف والمانع له العلمية والتأنيث ، والذين : الواو عاطفة ، الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع معطوف على رهبان ، عهدتهم : عهد : فعل ماض ، والتاء فاعل ، والهاء مفعول به ، والميم علامة الجمع والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. يبكون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو : فاعل. والجملة في محل نصب حال رهبان ، من حذر : جار ومجرور متعلق بيبكون ، وحذر : مضاف ، والعذاب : مضاف إليه ، قعودا ، حال منصوب ، لو : حرف امتناع لامتناع ، يسمعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو : فاعل كما : الكاف حرف جر ، وما : مصدرية ، سمعت : فعل وفاعل ، وما المصدرية وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالكاف والتقدير كسماعي والجار والمجرور متعلق بيسمعون ، كلامها : كلام : مفعول به ، وها : مضاف إليه ، خروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو فاعل والجملة لا محل لها ن الإعراب جواب (لو) ، لعزة : اللام حرف جر ، عزة : مجرور باللام وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف والمانع له العلمية والتأنيث والجار والمجرور متعلق ب «خرّوا» ركّعا : حال منصوب ، وسجودا : الواو عاطفة سجودا : معطوف على ركعا منصوب بالفتحة ، وجملة الشرط والجواب «لو يسمعون خروا» في محل رفع خبر المبتدأ «رهبان».

الشاهد : «لو يسمعون» وقع بعد لو فعل مضارع وقد قلبت معناه إلى المضي فهو في معنى قولك «لو سمعوا».

١٩٥

جواب لو :

ولا بدّ ل «لو» هذه من جواب ، وجوابها : إمّا فعل ماض ، أو مضارع منفي بلم (١).

وإذا كان جوابها مثبتا ، فالأكثر اقترانه باللام ، نحو : «لو قام زيد لقام عمرو» ويجوز حذفها فتقول : «لو قام زيد قام عمرو».

وإن كان منفيا بلم لم تصحبها اللام : فتقول : «لو قام زيد لم يقم عمرو» ، وإن نفي ب «ما» فالأكثر تجرّده من اللام ، نحو «لو قام زيد ما قام عمرو» ويجوز اقترانه بها ، نحو «لو قام زيد لما قام عمرو».

أما ، ولو لا ، ولو ما

أما كمهما يك من شيء وفا

 ـ لتلو تلوها وجوبا ـ ألفا

أما : حرف تفصيل (٢) ، وهي قائمة مقام أداة الشرط ، وفعل الشرط ؛ ولهذا فسّرها سيبويه ب «مهما يك من شيء» ، والمذكور بعدها جواب الشرط ؛ فلذلك لزمته الفاء (٣) نحو «أما زيد فمنطلق» والأصل

__________________

(١) وقد يكون جواب لو جملة اسمية للدلالة على استمرار الجواب كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) اللام واقعة في جواب لو.

(٢) أما : حرف شرط وتوكيد وتفصيل ؛ فالشرط بدليل لزوم الفاء بعدها ، والتوكيد ذكره الزمخشري فقال : «أما حرف يعطي الكلام فضل توكيد» ، والتفصيل غالب أحوالها لعطف مثلها عليها غالبا.

(٣) وتتعين للجزاء لكون المذكور بعدها جواب الشرط ؛ ولا يصح أن تكون الفاء عاطفة لأنها تدخل على الخبر كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ ..) والخبر لا يعطف على المبتدأ ، وتدخل على الفعل كقوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) وهو لا يعطف على مفعوله ، ولا يصح أن تكون زائدة لعدم الاستغناء عنها.

١٩٦

«مهما يك من شيء فزيد منطلق» فأنيبت «أما» مناب «مهما يك من شيء» فصار «أما فزيد منطلق» ثم أخرت الفاء إلى الخبر ، فصار «أما زيد فمنطلق» ؛ ولهذا قال : «وفا لتلو تلوها وجوبا ألفا».

* * *

وحذف ذي الفا قلّ في نثر إذا

لم يك قول معها قد نبذا (١)

قد سبق أن هذه الفاء ملتزمة الذّكر ، وقد جاء حذفها في الشعر كقوله :

٨٠ ـ فأما القتال لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا في عراض المواكب (٢)

__________________

(١) إذا : ظرف متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه متعلق بمحذوف جواب الشرط دل عليه الكلام السابق أي إذا لم يك قول قلّ الحذف لم : حرف نفي وجزم وقلب ، يك : فعل مضارع ناقص مجزوم وعلامة جزمه السكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف ، قول : اسم يك ، معها : مع مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق ب «نبذ» وها مضاف إليه ، قد : حرف تحقيق نبذ : فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى قول : وجملة نبذ في محل نصب خبر يك ، وجملة لم يك مع اسمها وخبرها في محل جر بإضافة إذا إليها ، وجواب الشرط محذوف دل عليه الكلام السابق تقديره إذا لم يك قول قد نبذ فحذف الفاء قليل.

(٢) البيت للحارث بن خالد المخزومي : عراض : جمع عرض وهي الناحية ، المواكب : الجماعة ركبانا أو مشاة. يصفهم بالجبن وأنهم لا يقدرون على القتال ولكن يسيرون في جانب المواكب.

الإعراب : أما : حرف شرط وتفصيل ، القتال : مبتدأ مرفوع ، لا : نافية للجنس تعمل عمل إن ، قتال : اسمها مبني على الفتح في محل نصب لدى : ظرف مكان مفعول فيه متعلق بمحذوف خبر لا النافية للجنس ، لدى مضاف والكاف مضاف إليه ، والميم للجمع ، وجملة لا مع اسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ «القتال» ولكنّ الواو استثنافية ، لكن. حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر ، سيرا اسم لكنّ منصوب وخبرها محذوف تقديره ولكن سيرا لديكم أو لكم. ويجوز

١٩٧

أي : فلا قتال ، وحذفت في النثر أيضا بكثرة ، وبقلة :

فالكثرة عند حذف القول معها ، كقوله عزوجل ، (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) (١) أي : فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم.

والقليل : ما كان بخلافه ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله» هكذا وقع في صحيح البخاري «ما بال» بحذف الفاء ، والأصل : أما بعد فما بال رجال ، فحذفت الفاء! (٢).

لو لا ولو ما يلزمان الابتدا

إذا امتناعا بوجود عقدا

للو لا ولو ما استعمالان :

أحدهما : أن يكونا دالّين على امتناع الشيء لوجود غيره ، وهو المراد بقوله : «إذا امتناعا بوجود عقدا» ويلزمان حينئذ الابتداء ، فلا يدخلان إلا على المبتدأ ، ويكون الخبر بعدهما محذوفا وجوبا ، ولا بدّ لهما من جواب (٣) ، فإن كان مثبتا قرن باللام غالبا ، وإن كان منفيا

__________________

أن يكون اسم لكن محذوف تقديره ولكنكم ، وسيرا مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره تسيرون سيرا وجملة الفعل المحذوف مع فاعله في محل رفع خبر لكن. في عراض جار ومجرور متعلق ب «سيرا» عراض مضاف المواكب : مضاف إليه.

الشاهد : «لا قتال لديكم» فإنه حذف الفاء من جواب أما للضرورة وكان يجب أن يقول «أما القتال فلا قتال لديكم».

(١) آية ١٠٦ سورة آل عمران وهي : «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ».

(٢) الأولى في هذا عدم تخريج الحديث على القليل لجواز تقدير حذف الفاء داخلة على قول محذوف أي أما بعد فأقول ما بال رجال.

(٣) قد يحذف الجواب إذا دلّ عليه دليل كقوله تعالى : «وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ» والتقدير أي لهلكتم.

١٩٨

بما تجرّد عنها غالبا ، وإن كان منفيا بلم لم يقترن بها ، نحو «لو لا زيد لأكرمتك ولو ما زيد لأكرمتك ، ولو ما زيد ما جاء عمرو ، ولو ما زيد لم يجيء عمرو» فزيد ـ في هذه المثل ونحوها ـ مبتدأ وخبره محذوف وجوبا والتقدير : لو لا زيد موجود ، وقد سبق ذكر هذه المسألة في باب الابتداء.

وبهما التحضيض مز ، وهلا ،

ألا ، ألا ، وأولينها الفعلا (١)

أشار في هذا البيت إلى الاستعمال الثاني للو لا ولو ما ، وهو الدلالة على التحضيض ، ويختصان حينئذ بالفعل ، نحو «لو لا ضربت زيدا ، ولو ما قتلت بكرا».

فإن قصدت بهما التوبيخ كان الفعل ماضيا ، وإن قصدت بهما الحثّ على الفعل كان مستقبلا بمنزلة فعل الأمر ، كقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا)(٢) أي : لينفر.

وبقية أدوات التحضيض حكمها كذلك ، فتقول : «هلّا ضربت زيدا ، وألّا فعلت كذا» وألا مخفّفة كألّا مشدّدة.

وقد يليها اسم بفعل مضمر

علّق ، أو بظاهر مؤخّر

قد سبق أن أدوات التحضيض تختص بالفعل ، فلا تدخل على الاسم ، وذكر في هذا البيت أنه قد يقع الاسم بعدها ، ويكون معمولا لفعل مضمر ، أو لفعل مؤخّر عن الاسم ، فالأول كقوله :

__________________

(١) بهما : جار ومجرور متعلق بمز ، التحضيض : مفعول مقدم ل مز ، مز : فعل أمر ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، وهلا وألّا وألا معطوفات على الضمير المجرور بالياء وأولينها : الواو عاطفة أولي : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والنون حرف لا محل له من الإعراب ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، وها : مفعول أول ، والفعلا مفعول ثان ، والألف للإطلاق.

(٢) آية ١٢٢ سورة التوبة وهي «وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

١٩٩

٨١ ـ ........

هلّا التقدّم والقلوب صحاح (١)

فالتقدم مرفوع بفعل محذوف ، وتقديره : هلّا وجد التقدّم ، ومثله قوله : ـ

٨٢ ـ تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم

بني ضوطرى لو لا الكمىّ المقنّعا (٢)

__________________

(١) هذا عجز بيت لم يعرف قائله ، صدره : الآن بعد لجاجتي تلحونني. اللجاجة : التمادي في الخصومة ، تلحونني : تلومونني ، القلوب صحاح : أي خالية من الغضب الآن بعد هذه الخصومة الشديدة تلومونني وتطلبون الصلح والصفح هلّا كان ذلك قبل أن تمتليء القلوب حقدا.

الإعراب : الآن. مفعول فيه ظرف زمان مبني على الفتح متعلق ب «تلحونني» بعد : ظرف زمان منصوب متعلق ب ««تلحونني» وهو مضاف لجاجة مضاف إليه ، ولجاجة مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، هلا : حرف تحضيض ، التقدم : فاعل لفعل محذوف تقديره هلا حصل أو وجد التقدم ، والقلوب : الواو حالية ، القلوب : مبتدأ ، صحاح : خبر والجملة في محل نصب حال.

الشاهد : «هلا التقدم» فإنه وقع اسم بعد أداة التحضيض وهي خاصة بدخولها على الأفعال فقدر فعل بعد هلا وأعرب التقدم فاعلا لذلك الفعل المحذوف.

(٢) البيت لجرير : النيب جمع ناب وهى الناقة المسنة ، ضوطري. المرأة الحمقاء ، أو الرجل الضخم اللئيم الكمي ، الشجاع المتكمي في سلاحه أي المتغطي به ، المقنع : الذي على رأسه بيضة الحديد. يقول يا بني ضوطرى تعدون نحر الإبل المسنة التي لا فائدة منها أعظم مجدكم وفخركم هلا تعدون قتل الشجعان أفضل عزكم.

الإعراب : تعدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو : فاعل ، عقر : مفعول به أول ، وهو مضاف ، النيب : مضاف إليه ، أفضل : مفعول به ثان ، وهو مضاف مجد مضاف إليه مجد مضاف والكاف : مضاف إليه والميم علامه الجمع ، لو لا : أداة تحضيض الكميّ مفعول به أول لفعل محذوف يفسره ما قبله تقديره لو لا تعدون قتل الكمي ، المقنعا صفة للكمي والألف للإطلاق والمفعول الثاني محذوف يدل عليه الكلام السابق والتقدير لو لا تعدون قتل الكمي المقنع أفضل مجدكم.

٢٠٠