شرح الزيارة الجامعة الكبيرة

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

شرح الزيارة الجامعة الكبيرة

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مؤسسة الرافد للمطبوعات
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-90891-4-7
الصفحات: ١٨٨

اَلسَّلامُ عَلى اَئِمَّةِ الْهُدى وَمَصابيحِ الدُّجى وَاَعْلامِ التُّقى، وَذَوِى النُّهى وَاُولِى الْحِجى وَكَهْفِ الْوَرى وَوَرَثَةِ الاْنْبِياءِ وَالْمَثَلِ الاْعْلى وَالدَّعْوَةِ الْحُسْنى وَحُجَجِ اللهِ عَلى اَهْلِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَالاْولى (١) وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلى مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ وَمَساكِنِ بَرَكَةِ اللهِ وَمَعادِنِ حِكْمَةِ اللهِ وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ وَحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ وَاَوْصِياءِ نَبِىِّ اللهِ وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ اِلَى اللهِ وَالاْدِلاّءِ عَلى مَرْضاة اللهِ وَالْمُسْتَوفِرينَ (٢) فى اَمْرِ اللهِ (٣) وَالتّامّينَ فى مَحَبَّةِ اللهِ وَالْمخْلِصينَ فـى تَوْحيدِ اللهِ وَالْمُظْهِرينَ لاِمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ وَعِبادِهِ الْمُكْرَمينَ الَّذينَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِاَمْرِهِ يَعْمَلُونَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَلسَّلامُ عَلَى الاْئِمَّةِ الدُّعاةِ وَالْقادَةِ الْهُداةِ وَالسّادَةِ الْوُلاةِ وَالذّادَةِ الْحُماةِ وَاَهْلِ الذِّكْرِ وَاُولِى الاْمْرِ وَبَقِيَّةِ اللهِ وَخِيَرَتِهِ وَحِزْبِهِ وَعَيْبَةِ

__________________

(١) في العيون : (على أهلِ الآخرةِ والاُولى).

(٢) في العيون والفقيه والتهذيب : (والمُسْتَقِرّيْنَ).

(٣) في العيون زيادة : (ونَهْيه).

٤١

عِلْمِهِ وَحُجَّتِهِ وَصِراطِهِ وَنُورِهِ (١) وَبُرْهانِهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ كَما شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَتْ لَهُ مَلائِكَتُهُ وَاُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ لا اِلـهَ اِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكيمُ.

وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُنْتَجَبُ (٢) وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضى اَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

وَاَشْهَدُ اَنَّكُمُ الاْئِمَّةُ الرّاشِدُونَ الْـمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ الْمُطيعُونَ للهِ الْقَوّامُونَ بِاَمْرِهِ الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ وَخَصَّكُمْ بِبُرْهانِهِ وَانْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ (٣) وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ وَرَضِيَكُمْ خُلَفاء فى اَرْضِهِ وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ وَاَنْصاراً لِدينِهِ وَحَفَظَةً لِسِرِّهِ وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ وَاَرْكاناً لِتَوْحيدِهِ وَشُهَداءَ عَلى

__________________

(١) في العيون والبحار : (ونُورِهِ وَبُرهَانِهِ).

(٢) في العيون : (المُصطَفى).

(٣) في الفقيه : (بِنُورِهِ).

٤٢

خَلْقِهِ وَاَعْلاماً لِعِبادِهِ وَمَناراً فى بِلادِهِ وَاَدِلاّءَ عَلى صِراطِهِ.

عَصَمَكُمُ اللهُ مِنَ الزَّلَلِ وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ وَاَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهيراً فَعَظَّمْتُمْ جَلالَهُ وَاَكْبَرْتُمْ (١) شَأْنَهُ وَمَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ وَاَدمنتُمْ (٢) ذِكْرَهُ وَوَكَّدْتُمْ ميثاقَهُ وَاَحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ وَنَصَحْتُمْ لَهُ فِى السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ وَدَعَوْتُمْ اِلى سَبيلِهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فى مَرْضاتِهِ وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اَصابَكُمْ فى جَنْبِهِ وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَاَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَجاهَدْتُمْ فِى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى اَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ وَبَيَّنْتُمْ فَرائِضَهُ وَاَقَمْتُمْ حُدُودَهُ وَنَشَرْتُمْ شَرايِعَ اَحْكامِهِ وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ وَصِرْتُمْ فى ذلِكَ مِنْهُ اِلَى الرِّضا وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضى.

فَالرّاغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ وَاللاّزِمُ لَكُمْ لاحِقٌ وَالْمُقَصِّرُ فى حَقِّكُمْ زاهِقٌ وَالْحَقُّ مَعَكُمْ وَفيكُمْ وَمِنْكُمْ وَاِلَيْكُمْ وَاَنْتُمْ اَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ وَميراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ وَاِيابُ الْخَلْقِ اِلَيْكُمْ وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ وَفَصْلُ

__________________

(١) في العيون : (وكبّرتم).

(٢) في البحار : (وأدمتُم).

٤٣

الْخِطابِ عِنْدَكُمْ وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ وَعَزائِمُهُ فيكُمْ وَنُورُهُ وَبُرْهانُهُ عِنْدَكُمْ وَاَمْرُهُ اِلَيْكُمْ.

مَنْ والاكُمْ فَقَدْ والَى اللهَ وَمَنْ عاداكُمْ فَقَدْ عادَ اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ (١) وَمَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ.

اَنْتُمُ الصِّراطُ الاْقْوَمُ (٢) وَشُهَداءُ دارِ الْفَناءِ وَشُفَعاءُ دارِ الْبَقاءِ وَالرَّحْمَةُ الْمَوْصُولَةُ وَالآيَةُ الْمخْزُونَةُ وَالاْمانَةُ الْمحْفُوظَةُ وَالْبابُ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ ، مَنْ اَتاكُمْ نَجا وَمَنْ لَمْ يَأتِكُمْ هَلَكَ اِلَى اللهِ تَدْعُونَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ وَبِهِ تُؤْمِنُونَ وَلَهُ تُسَلِّمُونَ وَبِاَمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَاِلى سَبيلِهِ تُرْشِدُونَ وَبِقَوْلِهِ تَحْكُمُونَ سَعَدَ (٣) مَنْ والاكُمْ وَهَلَكَ مَنْ عاداكُمْ وَخابَ مَنْ جَحَدَكُمْ وَضَلَّ مَنْ فارَقَكُمْ وَفازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ وَاَمِنَ مَنْ لَجَأ اِلَيْكُمْ وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ وَهُدِىَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ ، مَنِ اتَّبَعَكُمْ فَالْجَنَّةُ مَأواهُ وَمَنْ خالَفَكُمْ فَالنّارُ مَثْواهُ وَمَنْ جَحَدَكُمْ كافِرٌ وَمَنْ

__________________

(١) قوله : «وَمَنْ أبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ الله» لم يرد في العيون.

(٢) في العيون والبحار : (أنتُمُ السَّبيلُ الأعظَمُ والصِّراطُ الْأقْوَمُ).

(٣) في العيون : (سَعَدَ واللهِ مَن والاكُمْ).

٤٤

حارَبَكُمْ مُشْرِكٌ وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ (١) فى اَسْفَلِ دَرْك مِنَ الْجَحيمِ ، اَشْهَدُ اَنَّ هذا سابِقٌ لَكُمْ فيما مَضى وَجارٍ لَكُمْ فيما بَقِىَ وَاَنَّ اَرْواحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطينَتَكُمْ واحِدَةٌ طابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُها مِنْ بَعْض خَلَقَكُمُ اللهُ اَنْواراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقينَ حَتّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ فَجَعَلَكُمْ فى بُيُوت اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ وَجَعَلَ صَلَواتِنا (٢) عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طيباً لِخَلْقِنا وَطَهارَةً لاِنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً (٣) لَنا وَكَفّارَةً لِذُنُوبِنا فَكُنّا عِنْدَهُ مُسَلِّمينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفينَ بِتَصْديقِنا اِيّاكُمْ ، فَبَلَغَ اللهُ بِكُمْ اَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ وَاَعْلى مَنازِلِ الْمُقَرَّبينَ وَاَرْفَعَ دَرَجاتِ الْمُرْسَلينَ (٤) حَيْثُ لا يَلْحَقُهُ لاحِقٌ وَلا يَفُوقُهُ فائِقٌ وَلا يَسْبِقُهُ سابِقٌ وَلا يَطْمَعُ فى اِدْراكِهِ طامِعٌ ، حَتّى لا يَبْقى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِىٌّ مُرْسَلٌ وَلا صِدّيقٌ وَلا شَهيدٌ وَلا عالِمٌ وَلا جاهِلٌ وَلا دَنِىٌّ وَلا فاضِلٌ وَلا مُؤْمِنٌ صالِحٌ وَلا فِاجِرٌ طالِحٌ وَلاجَبّارٌ عَنيدٌ وَلا شَيْطانٌ

__________________

(١) في العيون والتهذيب : (فهُوَ).

(٢) في الفقيه والبحار : (صَلَوَاتِنا).

(٣) في التهذيب : (وَبَرَكَةٍ).

(٤) في العيون : (أوصياء المرسلين).

٤٥

مَريدٌ وَلا خَلْقٌ فيما بَيْنَ ذلِكَ شَهيدٌ اِلاّ عَرَّفَهُمْ جَلالَةَ اَمْرِكُمْ وَعِظَمَ خَطَرِكُمْ وَكِبَرَ شَأنِكُمْ وَتَمامَ نُورِكُمْ وَصِدْقَ مَقاعِدِكُمْ وَثَباتَ مَقامِكُمْ وَشَرَفَ مَحَلِّكُمْ وَمَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ وَكَرامَتَكُمْ عَلَيْهِ وَخاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ وَقُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْهُ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَاَهْلى وَمالى وَاُسْرَتى اُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ اَنّى مُؤْمِنٌ بِكُمْ وَبِما آمَنْتُمْ بِهِ ، كافِرٌ بَعَدُوِّكُمْ وَبِما كَفَرْتُمْ بِهِ ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأنِكُمْ وَبِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكُمْ مُوالٍ لَكُمْ وَلاِوْلِيائِكُمْ مُبْغِضٌ لاِعْدائِكُمْ وَمُعادٍ لَهُمْ سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ مُحَقِّقٌ لِما حَقَّقْتُمْ مُبْطِلٌ لِما اَبْطَلْتُمْ مُطيعٌ لَكُمْ عارِفٌ بِحَقِّكُمْ مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ مُعْتَرِفٌ بِكُمْ مُؤْمِنٌ بِاِيابِكُمْ مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ مُنْتَظِرٌ لاِمْرِكُمْ مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ عامِلٌ بِاَمْرِكُمْ مُسْتَجيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ (١) مُسْتَشْفِعٌ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ بِكُمْ وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ وَمُقَدِّمُكُمْ اَمامَ طَلِبَتى وَحَوائِجى وَاِرادَتى فى كُلِّ اَحْوالي وَاُمُورى مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ

__________________

(١) في العيون والبحار : (عائذٌ بكمُ لائذٌ بقُبورِكُم) ، وفي التهذيب : (زائر لكم ، عائذ بقبوركم).

٤٦

وَاَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ وَمُفَوِّضٌ فى ذلِكَ كُلِّهِ اِلَيْكُمْ وَمُسَلِّمٌ فيهِ مَعَكُمْ وَقَلْبى لَكُمْ مُسَلِّمٌ (١) وَرَأيى لَكُمْ تَبَعٌ وَنُصْرَتى لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يُحْيِىَ اللهُ (٢) تَعالى دينَهُ بِكُمْ وَيَرُدَّكُمْ فى اَيّامِهِ وَيُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ وَيُمَكِّنَكُمْ فى اَرْضِهِ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدوَّكُم (٣) آمَنْتُ بِكُمْ وَتَوَلَّيْتُ آخِرَكُمْ بِما تَوَلَّيْتُ بِهِ اَوَّلَكُمْ وَبَرِئْتُ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ مِنْ اَعْدائِكُمْ وَمِنَ الْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَالشَّياطينِ وَحِزْبِهِمُ الظّالِمينَ لَكُمُ الْجاحِدينَ (٤) لِحَقِّكُمْ وَالْمارِقينَ مِنْ وِلايَتِكُمْ وَالْغاصِبينَ لاِرْثِكُمُ الشّاكّينَ فيكُمُ (٥) الْمُنْحَرِفينَ عَنْكُمْ (٦) وَمِنْ كُلِّ وَليجَةٍ دُونَكُمْ وَكُلِّ مُطاعٍ سِواكُمْ وَمِنَ الاْئِمَّةِ الَّذينَ يَدْعُونَ اِلَى النّارِ فَثَبَّتَنِىَ اللهُ اَبَداً ما حَييتُ عَلى مُوالاتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدينِكُمْ وَوَفَّقَنى لِطاعَتِكُمْ وَرَزَقَنى شَفاعَتَكُمْ وَجَعَلَنى مِنْ خِيارِ مَواليكُمْ التّابِعينَ لِما دَعَوْتُمْ اِلَيْهِ وَجَعَلَنى مِمَّنْ

__________________

(١) في العيون : (مؤمنٌ).

(٢) في العيون والبحار : (الله تَعالى).

(٣) في التهذيب : (غَيْرِكُمْ).

(٤) في العيون والبحار : (والجاحِدينَ).

(٥) في البحار : (والشاكّين فيكُم).

(٦) في البحار : (والنحرفينَ عنكُم).

٤٧

يَقْتَصُّ آثارَكُمْ وَيَسْلُكُ سَبيلَكُمْ وَيَهْتَدى بِهديكُمْ وَيُحْشَرُ فى زُمْرَتِكُمْ وَيَكِرُّ فى رَجْعَتِكُمْ وَيُمَلَّكُ فى دَوْلَتِكُمْ وَيُشَـرَّفُ فى عافِيَتِكُمْ وَيُمَكَّنُ فى اَيّامِكُمْ وَتَقِرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفْسى وَاَهْلى وَمالى (١) مَنْ اَرادَ اللهَ بَدَأَ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ ، مَوالِىَّ لا اُحْصـى ثَناءَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ وَاَنْتُمْ نُورُ الاْخْيارِ وَهُداةُ الاْبْرارِ وَحُجَجُ الْجَبّارِ بِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الاْرْضِ اِلاّ بِاِذْنِهِ وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ وَعِنْدَكُمْ ما نَزَلَتْ بِهِ رُسُلُهُ وَهَبَطَتْ بِهِ مَلائِكَتُهُ وَاِلى جَدِّكُمْ بَعِثَ الرُّوحُ الأمين.

وإن كانت الزّيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقُل: وَاِلى اَخيكَ. بُعِثَ الرُّوحُ الاْمينُ ، آتاكُمُ اللهُ ما لَمْ يُؤْتِ اَحَداً مِنَ الْعالَمينَ طَأطَاَ كُلُّ شَريفٍ لِشَرَفِكُمْ وَبَخَعَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ وَخَضَعَ كُلُّ جَبّارٍ لِفَضْلِكُمْ وَذَلَّ كُلُّ شَىْءٍ لَكُمْ وَاَشْرَقَتِ الاْرْضُ بِنُورِكُمْ وَفازَ الْفائِزُونَ بِوِلايَتِكُمْ بِكُمْ يُسْلَكُ اِلَى الرِّضْوانِ وَعَلى مَنْ جَحَدَ وِلايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمنِ.

__________________

(١) في التهذيب زيادة (واُسْرَتي).

٤٨

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفسى وَاَهْلى وَمالى ذِكْرُكُمْ فِى الذّاكِرينَ وَاَسْماؤُكُمْ فِى الاْسْماءِ وَاَجْسادُكُمْ فِى الاْجْسادِ وَاَرْواحُكُمْ فِى اْلاَرْواحِ وَاَنْفُسُكُمْ فِى النُّفُوسِ وَآثارُكُمْ فِى الاْثارِ وَقُبُورُكُمْ فِى الْقُبُورِ فَما اَحْلى اَسْمائَكُمْ وَاَكْرَمَ اَنْفُسَكُمْ وَاَعْظَمَ شَأنَكُمْ وَاَجَلَّ خَطَرَكُمْ وَاَوْفى عَهْدَكُمْ (١) كَلامُكُمْ نُورٌ وَاَمْرُكُمْ رُشْدٌ وَوَصِيَّتُكُمُ التَّقْوى وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ وَعادَتُكُمُ الاْحْسانُ وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ وَشَأنُكُمُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ ، وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ وَرَأيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ ، اِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ اَوَّلَهُ وَاَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأواهُ وَمُنْتَهاهُ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفْسى (٢) كَيْفَ اَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ وَاُحْصى (٣) جَميلَ بَلائِكُمْ وَبِكُمْ اَخْرَجَنَا اللهُ مِنَ الذُّلِّ وَفَرَّجَ عَنّا غَمَراتِ الْكُرُوبِ وَاَنْقَذَنا مِنْ شَفا جُرُفِ الْهَلَكاتِ وَمِنَ النّارِ.

بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى وَنَفْسى، بِمُوالاتِكُمْ عَلَّمَنَا اللهُ مَعالِمَ دِينِنا وَاَصْلَحَ

__________________

(١) في التهذيب والبحار زيادة : (وَأَصْدَقَ وَعْدَكُمْ).

(٢) في العيون وزيادة : (وأهلي ومالي).

(٣) في العيون : (وكيفَ اُحصي).

٤٩

ما كانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيانا ، وَبِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ ، وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ وَلَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْواجِبَةُ وَالدَّرَجاتُ الرَّفيعَةُ وَالْمَقامُ الْمحْمُودُ وَالْمَقامُ الْمَعْلُومُ (١) عِنْدَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ وَالْجاهُ الْعَظيمُ وَالشَّأنُ الْكَبيرُ (٢) وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ.

رَبَّنا آمَنّا بِما اَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ ، رَبَّنا لا تُزِ غْ قُلُوبَنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الْوَهّابُ ، سُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً.

يا وَلِىَّ اللهِ (٣) اِنَّ بَيْنى وَبيْنَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ ذُنُوباً لا يَأتى عَلَيْها اِلاّ رِضاكُمْ ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ وَاسْتَرْعاكُمْ اَمْرَ خَلْقِهِ وَقَرَنَ

__________________

(١) في العيون : (والمقامُ المحْمودُ عندَ اللهِ تعالى والمكانُ المعلومُ) وفي التهذيب : (والمكانُ المَحمودُ والمقامُ المعلومُ) ، وفي البحار : (والمقام المحمود والمكان المعلوم عند الله عزّ وجلّ).

(٢) في العيون : (الرَّفيعُ).

(٣) ويخاطب بقوله (يا ولي الله) الإمام المَزور اذا كان مفرداً ويمكن أن ينوي به الأئمّة عليهم السلام على سبيل البدلية أو على إرادة الجنس من الكلمة والأحسن إن كانت الزيارة للجميع أن يقول : (يا أولياء الله). ذلك نقل من شرح املجلسي الأول منه).

٥٠

طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبى وَكُنْتُمْ شُفَعائى فَاِنّى لَكُمْ مُطيعٌ ، مَنْ اَطاعَكُمْ فَقَدْ اَطاعَ اللهَ وَمَنْ عَصاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللهَ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللهَ.

اَللّـهُمَّ اِنّى لَوْ وَجَدْتُ شُفَعاءَ اَقْرَبَ اِلَيْكَ مِنْ مُحَمِّدٍ وَاَهْلِ بَيْتِهِ الاْخْيارِ الاْئِمَّةِ الاْبْرارِ لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعائي ، فَبِحَقِّهِمُ الَّذى اَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ اَسْاَلُكَ اَنْ تُدْخِلَنى فى جُمْلَةِ الْعارِفينَ بِهِمْ وَبِحَقِّهِمْ وَفى زُمْرَةِ الْمَرْحُومينَ بِشَفاعَتِهِمْ ، اِنَّكَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثيراً وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْـمَ الْوَكيلُ (١).

__________________

(١) في العيون : (وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآلِه حسبُنا الله ونعمَ الوكيل) ، وفي التهذيب : (وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين) وفي البحار : (وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً وحسبنا الله ونعم الوكيل).

٥١
٥٢

الوداع

اذا أردت الانصراف فقل :

السلام عليكم سلام مودع لاسئم ولا قال ولا مالّ ورحمة الله وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوة إّنه حميد مجيد ، سلام وليّ لكم غير راغب عنكم ، ولا مستبدل بكم ولا مؤثر عليكم ، ولا منحرف عنكم ، ولا زاهد في قربكم ، ولا جعله الله آخر العهد من زيارة قبوركم ، وإتيان مشاهدكم والسلام عليكم وحشرني الله في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني في حزبكم وأرضاكم عنّي ومكّنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ؛ وملّكني في أيامكم ، وشكر سعيي بكم ، وغفر ذنبي بشفاعتكم ، وأقال عثرتي بمحبتكم ، وأعلى كعبي بموالاتكم ، وشرّفني بطاعتكم ، وأعزّني بهداكم.

وجعلني ممّن انقلب مفلحاً منجحاً غانماً سالماً معافاً غنياً فائزاً برضوان الله وفضله وكفايته بأفضل ما ينقلب به أحد من زوّاركم

٥٣

ومواليكم ومحبّيكم وشيعتكم ، رزقني الله العود ثمّ العود أبداً ما أبقاني ربي ، بنيّة صادقة وايمان وتقوى وإخبات ، ورزق واسع حلال طيّب.

اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم ، وأوجب لي المغفرة والرحمة والبركة والفوز والنور والإيمان ، وحسن الاجابة كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم ، الموجبين طاعتهم ، الراغبين في زيارتهم ، المتقرّبين اليك واليهم ، بأبي أنتم واُمّي ونفسي وأهلي ومالي اجعلوني في همّكم وصيّروني في حزبكم ، وأدخلوني في شفاعتكم ، واذكروني عند ربكم ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وأبلغ أرواحهم ، واجسادهم مني السلام ، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ، وصلى الله على محمّد وآله وسلم كثيراً وحسبنا ونعم الوكيل.

* * *

٥٤

الزيارة الجامعة

لجميع الأئمّة صلوات الله عليهم (١)

__________________

(١) هذه الزيارة الشريفة ـ التي تظهر آثار صدقها من مضامينها ـ من الزيارات المعروفة ، وقد تصدّى جم غفير وجمع كثير من فطاحل وغيرهم لشرحها ، كما نبّه عليه العلّامة الخبير المتتبع الحاج الشيخ آقا بزرگ الطهراني في كتابه المعروف «الذريعة» ونحن ننقل ملخص الشروح المذكورة فيها :

١ ـ للسيد بهاء الدين المعاصر للشيخ الحر العاملي صاحب (وسائل الشيعة) المتوفى في فتنة الأفغان في سنة ١١٣٠ هـ.

٢ ـ للسيد محمد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي ، (جد السيد مهدي بحر العلوم النجفي) المسمّى بـ«الأعلام اللامعة» وكانت وفاته قبل ١٢٠٤ هـ.

٣ ـ للسيد عبد الله بن محمد رضا الشبّر الحسيني ، المتوفى ١٢٤٢ هـ المسمّى بـ«الأنوار اللامعة» مطبوع.

٤ ـ للشيخ أحمد الأحسائي المتوفى ١٢٤١ أو ١٢٤٣ هـ ، مطبوع مرّتين.

٥ ـ للعلامة الميرزا علي نقي ابن السيد حسين المعروف بالحاج آقا ابن السيد المجاهد الطباطبائي المتوفى ١٢٨٩ هـ.

٥٥

زيارة جامعة لجيمع الأئمّة صلوات الله عليهم عند مشهد كلّ واحد يزور الجميع قاصداّ بها الإمام الحاضر والباقي ، والبعيد يلاحظ الجميع ولو قصد في كلّ مرّة واحداً بالترتيب ، والباقي بالتبع لكان أحسن ، كما كنت أفعل ، ورأيت في الرؤيا الحقّة تقرير الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه لي وتحسينه عليه ، ولما وفّقني الله تعالى لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وشرعت في حوالي الرّوضة المقدّسة في المجاهدات ، وفتح الله تعالى عليّ ببركة مولانا صلوات الله عليه أبواب المكاشفات ـ التي لا تحتملها العقول الضعيفة ـ رأيت في ذلك العالم (وإن شئت قلت بين النوم واليقظة) ـ عندما كنت في رواق عمران جالساً ـ أنّي بسرّ من رأى ، ورأيت مشهدهما في نهاية الارتفاع والزينة ، ورأيت على قبرهما لباساً أخضر من لباس الجنّة ؛ لأنّه لم أرَ مثله في الدنيا ، ورأيت مولانا ومولى الأنام صاحب العصر والزمان عليه السلام جالساً ، ظهره على القبر

__________________

٦ ـ شرح فارسي لشيخنا الميرزا محمد علي بن المولى محمد نصير الچهاردهي الرشتي النجفي ، المتوفى ١٣٣٤ هـ.

٧ ـ للسيد حسين ابن السيد محمد تقي المتوفى ١٣٤٤ هـ.

فشكر الله مساعي الجميع وحشرهم مع أوليائهم.

٥٦

ووجهه إلى الباب ، فلمّا رأيته شرعت في هذه الزيارة بالصوت المرتفع كالمدّاحين.

فلمّا أتممتها قال صلوات الله عليه : «نعمت الزيارة».

قلت : مولاي ، روحي فداك زيارة جدّك؟ وأشرت إلى نحو القبر.

فقال : «نعم ، أُدخل».

فلمّا دخلت وقفت قريباً من الباب ، فقال صلوات الله عليه ؛ «تقدّم».

فقلت : مولاي أخاف أن أصير كافراً بترك الأدب.

فقال صلوات الله عليه : «لا بأس إذا كان بإذننا».

فتقدّمت قليلاً وكنت خائفاً مرتعشاً فقال : «تقدّم ، تقدّم» حتّى صرت قريباً منه صلوات الله عليه قال : «اجلس».

قلت : أخاف مولاي.

قال صلوات الله عليه : «لا تخف».

فلمّا جلست جلسة العبيد بين يدي المولى الجليل ، قال صلوات الله عليه : «استرج واجلس مربعاً ؛ فإنّك تعبت ، جئت ماشياً حافياً».

والحاصل : إنّه وقع منه صلوات الله عليه بالنسبة إلى عبده ألطاف عظيمة ، ومكالمات لطيفة لا يمكن عدّها ونسيت أكثرها.

٥٧

ثمّ انتبهت من تلك الرؤيا وحصلت في اليوم أسباب الزيارة بعد كون الطريق مسدودة من مدة طويلة ، وبعد ما حصلت الموانع العظيمة ارتفعت بفضل الله ، وتيسّرت الزيارة بالمشي حافياً ، كما قاله الصاحب عليه السلام.

وكنت ليلة في الروضة المقدّسة وزرت مكرّراً بهذه الزيارة وظهرت في الطريق وفي الروضة كرامات عجيبة ، بل معجزات غريبة يطول ذكرها.

فالحاصل : إنّه لا شكّ لي أنّ هذه الزيارة من أبي الحسن الهادي سلام الله عليه بتقرير الصاحب عليه السلام ، وأنّها أكمل الزيارات وأحسنها ، بل بعد تلك الرؤيا أكثر الأوقات أزور الأئمّة صلوات الله عليهم بهذه الزيارة ، وفي العتبات العاليات ما زرتهم إلّا بهذه الزيارة ؛ ولهذا تأخر شرح أكثرها ولم ينشرح في هذه.

* * *

٥٨

روى محمّد بن اسماعيل البرمكي قال : حدّثنا موسى بن عبد الله النخعي ، قال : قلت لعلي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام : علّمني يابن رسول الله قولاً أقوله بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم.

فقال : «إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غُسل ، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : (الله أكبر ، الله أكبر ـ ثلاثين مرّة ـ ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة والوقار ، وقارب بين خطاك ، ثمّ قف وكبّر الله عزّ وجلّ ـ ثلاثين مرّة ـ ثمّ ادن من القبر وكبّر الله ـ أربعين مرّة ـ تمام مائة تكبيرة.

____________________________________

(روى محمّد بن إسماعيل البرمكي) الثقة (١).

__________________

(١) ذكر الصدوق في (المشيخة) ضمن الفقيه ٤ : ٥١٢ ، ما هذا لفظه : وما كان فيه عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى ، ومحمد بن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب رضي الله عنه ، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي. انتهى.

٥٩

(عن موسى بن عبد الله النخفي ـ الى قوله ـ بليغاً) أي كاملاً أو فصيحاً مع البلاغة.

(كاملاً ـ الى قوله ـ إلى الباب) باب الروضة.

(فقف واشهد الشهادتين) لتقدّمهما رتبة ، وتيمّناً وتأسّياً.

(وأنت على غُسل) للزيارة.

(فإذا دخلت إلى قوله ـ ثلاثين مرة) ليدلّ على أنّ الكبرياء والعظمة لله ، ولتزول الدهشة.

(ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة) القلبية بذكر عظمة الله وعظمة

__________________

وفي العيون ٢ : ٣٠٥ / ١ ، سند هذه الزيارة الشريفة هكذا : حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن عبد الله الوراق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، وأبو الحسين الأسدي قالوا : حدّثنا محمد بن اسماعيل المكي البرمكي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي الى آخره.

وفي التهذيب ٦ : ٩٥ / ١٧٧ هكذا : روى محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدّثنا علي بن أحمد بن موسى ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد الكاتل قالا : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدّثنا موسى بن عبد الله النخعي الى آخره.

٦٠