ميراث محدّث اُرمَوى

سيّد جعفر اشكورى

ميراث محدّث اُرمَوى

المؤلف:

سيّد جعفر اشكورى


المحقق: سيّد احمد اشكورى ـ سيّد صادق اشكورى ـ سيّد جعفر اشكورى
الموضوع : دليل المؤلفات
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ٠
ISBN: 964-493-212-9
الصفحات: ٣٨٤

(٢٠٩٣) الكافي ، از كلينى ، با اجازه‌اى از عبد الله بن صالح بن جمعة بن شعبان بن على بن احمد بن ناصر بن محمد بن عبد الله سماهيجى بحرانى به سيد محمد بن على حسينى حائرى در ٧ جمادى الآخرة ١١٣٤.

(٢٢٥٤) الاستبصار فيما اختلف من الأخبار ، از شيخ طوسى ، با اجازه شيخ صالح بن عبد الكريم بحرانى جهت عبد الصمد بن عبد القادر حسينى عريضى بحرانى ، به سال ١٠٧٥.

(٢٢٥٨) كتاب من لا يحضره الفقيه ، از شيخ صدوق ، با اجازه‌اى از ناصر الدين محمد بن احمد خراسانى تونى بيدستانى جهت سيد عبد الله بن سيد على همدانى مشهور به ميرميران به سال ١٠٣٥ در مشهد رضوى.

(٢٤٧٠) تهذيب الأحكام ، از شيخ طوسى ، با اجازه‌اى از ملا محمد باقر بن محمد تقى مجلسى به محمد سديد بن احمد جيلى تنكابنى ، به سال ١٠٧٥.

(٢٥٧٨) مصادر الأنوار في تحقيق الاجتهاد والأخبار ، از ميرزا محمد بن عبد النبى اخبارى ، با اجازه‌اى از مؤلف جهت كاتب محمد ابراهيم بن محمد على خراسانى به سال ١٢٢٤.

(٢٦٠٩) الكافي ، از كلينى ، با اجازه‌اى از علامه مجلسى جهت محمد يوسف رازى به سال ١٠٩٢.

(٢٦٦٧) الكافي ، از ثقة الاسلام كلينى ، با اجازه‌اى مفصل از علامه مجلسى به كلب حسين بن فضلعلى تبريزى به سال ١٠٩٦.

(٢٦٦٨) كتاب من لا يحضره الفقيه ، از شيخ صدوق ، با چندمين اجازه از حر عاملى به ملا مراد كشميرى به سال ١٠٧٨ ـ ١٠٨٣.

(٢٧٤٣) خلاصة الأقوال ، از علامه حلى ، با اجازه يحيى بن حسين بحرانى به سيد نور الله حسينى.

(٢٧٨١) بحار الأنوار ، از علامه مجلسى ، با اجازه‌اى از مؤلف جهت ملا محمد على مشهدى ، به سال ١١١٠.

(٣٠١٧) معراج الاُصول ، از سيد احمد بن محمد مهدى موسوى كاشانى ، با اجازه‌اى از ملا مهدى بن محمد مهدى نراقى به مؤلف در رجب ١٢٦٥ واجازه اجتهادى با مهر

٤١

بيضوى «الراجي عبد الباقي» به همو.

(٣٠٩٠) وسائل الشيعة ، از حر عاملى ، با اجازه‌اى از مؤلف جهت شيخ يوسف بن على بحرانى حويزى ، در ربيع الاول ١٠٨٦.

(٣١٥٩) مجموعه‌اى كه اجازه شيخ حسن بن محمد دمستانى جهت شيخ عبد الحسين بن احمد اصبعى وحاجى على نقى بن محمّد زير آبادى ، به سال ١١٧٨ در آن موجود است.

(٣٢٠٠) نسخه‌اى با اجازه محمد مهدى فتونى عاملى به محمد سميع تبريزى.

(٣٢٣٤) تحرير الأحكام ، از علامه حلى ، با اجازه‌اى جهت سيد جمال الدين حسن بن حسام الدين ابراهيم بن يوسف بن ابى شبانه به سال ٨٨٠ وتأييد اجازه از محمد بن احمد حسينى كه نام مجيز پاك شده است.

(٣٣٢٢) مجموعه‌اى با اجازه سيد كاظم رشتى جهت سيد حسين بن عبد الله بن حسين حسينى كاتب مجموعه.

(٣٣٥٤) الكافي : از ثقة الاسلام كلينى ، با اجازه‌اى از شيخ حر عاملى جهت محمد حسن كاتب نسخه به سال ١٠٩٩.

(٣٤٥٤) نسخه‌اى به صورت اجازه ملام حمد تقى مجلسى به امير هاشم واجازه ابو الحسن شريف عاملى مدرس اصفهانى به سيد محمد حسين بن محمد صالح خاتون آبادى در نجف اشرف به سال ١١١٢ واجازه محمد حسين خاتون آبادى به ملا محمد حسين كاشانى به سال ١١١٣.

(٣٤٧٩) نسخه‌اى با اجازات شيخ محمد سعيد بن يوسف دينورى به ملا مهدى بن محمد مهدى نراقى به سال ١٢٤٥ ، واجازه مهدى بن محمد مهدى نراقى به سيد حسين بن محمد على كاشانى به سال ١٢٦٢ ، واجازه حسين بن محمد على كاشانى به محمد حسين بن محمد باقر آرانى كاشانى به سال ١٢٨٠ ، واجازه سيد عبد الله شبّر به سيد محمد تقى قزوينى به سال ١٢٤٠ واجازه سيد محمد تقى قزوينى به سيد حسين بن محمد على كاشانى به سال ١٢٦٧.

(٣٤٨٨) نسخه‌اى اجازه سيد كاظم رشتى به ملا محمد صالح قزوينى به سال ١٢٣٣.

(٣٨٥٣) تهذيب الأحكام ، از شيخ طوسى ، با اجازه‌اى از ملا محمد باقر مجلسى به محمد

٤٢

على بن محمد قاسم نورى به سال ١٠٨٥ و ١٠٨٦ و ١١٠٩ واجازه‌اى از محمد مهدى فتونى عاملى به ملا محمد جعفر.

(٤٠٠٩) الكافي ، از ثقة الاسلام كلينى ، با دو اجازه از ملا محمد تقى مجلسى جهت محمد سعيد در محرم ١٠٦٣ ورجب ١٠٦٤.

(٤٠٢٨) تهذيب الأحكام ، از شيخ طوسى ، با اجازه‌اى از قاسم بن محمد كاظمى الوندى جهت محمد حسين بن حسن عاملى كربلايى در شب غدير ١٠٨٩ در نجف اشرف.

(٤٠٣٢) الكافي ، از ثقة الاسلام كلينى ، با اجازاتى از محمد رفيع بن مؤمن جيلى جهت محمد على بن شاهوردى بيگ توشمال باشى.

(٤٤٠٣) أجوبة مسائل الهند ، از محمد حسين بن ابراهيم فارسى جيلانى شيرازى ، با اجازه‌اى از حجة الاسلام شفتى جهت مؤلف در غره ربيع الاول ١٢٥٧.

(٤٤٧٣) كتاب من لا يحضره الفقيه ، از شيخ صدوق ، با اجازه‌اى از شمس الدين بن محمد حسنى احسايى مدنى جهت كاتب نسخه هداية الله بن محمد زمان شريف در ١٧ رجب ١٠٩٥ در مدرسه محبيه شيراز.

٤٣
٤٤

وسيلة القربة في شرح دعاء الندبة

سيد احمد حسينى اشكورى

٤٥

مقدمه محقق

«دعاى ندبه» از دعاهاى بسيار معروفى است كه مؤمنان روزهاى جمعه با توجه مخصوص به درگاه حضرت معبود ، مى‌خوانند وبدين وسيله با فضايل ومناقب حضرات معصومين عليهم‌السلام وپاره‌اى از مصايب وستم‌هايى كه از حاكمان ستمگر عصر خود ديده‌اند تجديد خاطره‌اى دارند. از بارى تعالى با اين نيايش درخواست تعجيل ظهور منجى عالم بشريت حضرت مهدى ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ را تكرار مى‌كنند ، تا جهان را از همه ستمگرى‌ها بزدايد ودين حق را در تمام پهنه گسترش دهد ووعده الهى را به منصّه ظهور رساند.

پيرامون سند اين دعا ، مؤلف محترم اشاره‌هايى دارد. ونيز پاره‌اى از شرح‌هاى آن را در كتاب الذريعة ملاحظة مى‌كنيد. (١) ما گفته‌هاى آنان را تكرار نمى‌كنيم ؛ چون رعايت اختصار را لازم مى‌دانيم.

مؤلف اين كتاب گران‌قدر ، علّامه متتبع شيخ على فرزند على رضا خاكمردانى خويى ، در روستاى «خاكمردان» از روستاهاى خوى ، حدود ١٢٩٢ ق ، ديده به جهان گشود. پس از آموختن مقدمات علمى به نجف اشرف مشرف گشت ودر فقه واصول از محضر ملا محمد كاظم آخوند خراسانى وشيخ هادى تهرانى وديگران دانش‌هاى دينى را تكميل نمود ، پس از آن به ايران بازگشت ودر «شرف خانه» اقامت گزيد وبه ارشاد وتأليف وتصنيف ، اشتغال ورزيد ، تا به روز نهم ماه مبارك رمضان ١٣٥٠ كه ديده از جهان فرو بست.

دانشمندى برجسته در علوم عقلى ونقلى بود ، با اطلاع از دانش‌هاى دينى وپديده‌هاى علمى عصر خود وبا بهره‌گيرى از نظرات دانشمنداى كه آثار آنان به فارسى يا عربى ترجمه شده است. از كتاب‌هاى وى مى‌توان به وسعت كاوش وتحقيق او پى برد واو اديبى اريب وداراى اشعارى به فارسى است.

وى كتاب‌هاى متعددى نگاشته است ، همچون : تشريع الصدور في وقائع الأيام والدهور ، وحل الأعضال ، لسان التكملة ، شرح العينية الحميرية ، الرسالة الطبية ، تذكرة

__________________

١. الذريعة ، ج ١٣ ، ص ٢٦٠ ـ ٢٦١ وج ١٥ ، ص ٢٨٧.

٤٦

العارفين ، عقد الفرائد ، تعديل الأوج والحضيض ، التعادل والترجيح ، عقد النكاح ، الجوهر والعرض ، التناقض بين القضيتين ، شرح القواعد ، منتخب الأشعار ، مثنوى سوائح ، الوجيزه عربى وفارسى (١).

كتاب وسيلة القربة في شرح دعاء الندبة ، شرحى نسبتاً مختصر بر دعاى ندبه است ، با تتبع در مسائل اعتقادى ودينى ، وبخصوص مسائلى كه مربوط به موضوع امامت ائمة هدى عليهم‌السلام است ، بويژه مسائل مربوط به دوازدهمين امام ، حضرت حجة ابن الحسن عليه‌السلام ودفع شبهات پيرامون ولادت وطول غيبت وفايده وجودى آن حضرت ، به اضافه فوايدى ادبى ، لغوى وكلامى واعتقادى ، كه ضمن شرح جمله‌هاى دعا ذكر مى‌شود.

اين كتاب را مؤلف به درخواست يكى از «سادات محصلين» يعنى علامه محقق وكوشا در نشر حديث مير جلال الدين محدث ارموى ، در يك مقدمه وهشت فصل ويك خاتمه ، پرداخته ودر سوم شعبان ١٣٤٥ به پايان برده است.

نسخه‌اى كه در چاپ كتاب از آن بهره برده‌ايم ، نسخه خط مؤلف است كه به شماره (١١٥٩) در «مركز احياء ميراث اسلامى» نگاه‌دارى مى‌شود.

با آرزوى توفيق براى خادمان علم ودين.

سيد احمد اشكورى

٨ / ١٢ / ١٣٨١

__________________

١. نقباء البشر ، ص ١٤٩٠ : علماء معاصرين ، ص ١٤٩.

٤٧

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على آلائه ، والصلاة على سيّد رسله وخاتم أنبيائه ، محمد المبعوث إلى كافة عباده وإمائه ، وعلى ابن عمه عليٍّ حامل لوائه ، وآلهما الأطهار الأخبار من الآن إلى يوم لقائه.

وبعد :

لقد سألني بعض من لا يسعني ردُّه من سادات المحصلين ـ وفقه الله وسائر المشتغلين ـ أن أشرع دعاء الندبة لأقضي به حقّ الاُنس والصحبة ، فأجبت مسؤوله بطيب النفس وحسن الرغبة بعد [عدم] شوب غرض دنيوي ولا رتبة ، عدا ما نويت في القلب من كشف الكربة بصدق التوبة وحسن الأوبة.

وأسأل الله القبول بعد التوفيق ، وهو المأمول عند كل صعوبة ومضيق.

وألتمس من الناظرين التلقّي بحسن القبول ، وأن يسامحوا بالصفح لو عثروا على الخطأ في المقول ؛ إذ الاعتصام مخصوص بذاته الأقدس وآياته ، وعرضة الإمكان محض نقص وفقر بشقوقاته.

ولقد سمّيت هذه الوجيزة بـ «وسيلة القربة في دعاء الندبة».

وجعلتها عبارة عن مقدمة وخاتمة تكتنفان بفصول سبعة ١ :

__________________

١. كذا في الأصل ، وقد جعلها المؤلف في فصول ثمانية.

٤٨

مقدمة المؤلف

أما المقدمة

فاعلم أن المعصومين ـ سلام الله عليهم ـ لكونهم أكمل المخلوقات في أعصارهم والوسائط للفيوضات الواصلة إليهم ، على ما يُستفاد من الأخبار الكثيرة ، من أنه لولاهم لخسف بنا الأرض ولغارت الأنهار ، وقد اُشير إلى ذلك إجمالاً في بعض فقرات دعاء «العديلة» ، حيث قال : وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، وبيُمنه رُزق الورى.

فلابد أن يكون كلٌّ منهم أتمّ وأجمع للكمالات التي منها الفصاحة والبلاغة ، بحيث صارت سببَ الإعجاز في كلام الباري تعالى ؛ على ما هو المشهور من وجوه إعجاز القرآن.

ولما كان مقتضى البلاغة تكليم كلِّ واحد على قدر فهمه ومعرفته ؛ كما قيل : «كلّموا الناس على قدر عقولهم» (١) ، فلم يتمكنوا من إظهار مراتب الفصاحة والبلاغة مع الأشخاص المخاطبين السائلين عن الأحكام ؛ لعدم استعدادهم غالباً للتكلم إلا على نحو أوضح وأبين بطريق ساذج. بل ربما كانوا لا يلتفتون إلى البيانات الواضحة أيضاً.

فكان كمالهم مذخوراً عندهم ، لم يكد يتفق لهمِ موردٌ لإظهار مذخوراتهم من مكنونات البلاغة إلا في أمثال الأدعية والمناجاة ، فلذا صارت الأدعية المأثورة عنهم ـ سلام الله عليهم ـ قابلة للتوجّه ، بل محتاجة غالبها إلى الإيضاح والتنبّه ، ومفتقرة أكثرها إلى البيان في الفهم والتفقّه.

ألا ترى إلى دعاء «العديلة» و «الصباح» متوقفة عباراتها على الباين والإفصاح ، وكذا دعاء «كميل» و «السمات» ، وكذا سائر الأدعية المحتوية على غامض العبارات؟ ومن هذا القبيل دعاء «الندبة» ، [لا] سيما أواخرها المشتملة على مطالب صعبة.

ومن المعلوم أن الغرض من الدعاء ـ وهو الوصول إلى مطالب الدنيا والآخرة ـ لا يتحصل إلا بعد فهم معنى الدعاء ، وليس كالقراءة في الصلاة في تعلق الغرض بالألفاظ ، بل المقصود هو المعنى ، والإنشاء إنما يتعلق به.

ولا معنى للطلب قبل تصوّر المطلوب ، بل هو نظير تعشق واحد من سلاطين السلف ، حيث سمع باب التعشق وقصص بعض العشَّاق ، فعشق السلطان من دون معشوق ، وقال

__________________

١. نحوه ما ورد في المحاسن ، ج ١ ، ص ١٥٩ : الكافي ، ج ١ ، ص ١٩٥ : الكافي ، ج ١ ، ص ٢٣ ، ح ١٥ وج ٨ ، ص ٢٦٨ ، ح ٣٩٤ : الأمالي للصدوق ، ص ٥٠٤ ، ح ٦٩٣ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ٤٣٩ و....

٤٩

بعد شهر للوزير : «أطلب لي معشوقاً فقد عشقت منذ شهرا».

ولعمري إن تلاوة الأدعية الملحونة لمعشر العوام الغير الملتفت إلى المعنى أصلاً ، ليس فيها جهة حسن يُتدارك بها الأوقات المضيَّعة ، بل الأولى لأمثال هؤلاء أن يدعوا ربَّهم بأي لسان يفهمون ويقدرون.

ألا ترى أن صاحب السواد الناقص ربما يقرأ بعض العبارات ؛ فيكون عرض المدح قدح ، وعوض الدعاء لعنة. وقد اشتهر أن رجلاً من الناقصين كان يقرأ زيارة سيد الشهداء ـ روحي له الفداء ـ في حرم أمير المؤمنين عليه‌السلام من البياض ، فقرأ هذه الفقرة : السلام على الثمر الجَنيِّ «السلام على الشمر الجِنّي!» فإن هذا الرجل من بركة جهله قد ارتكب معصيتين : الاُولى تسليمه على الشمر اللعين ؛ حيث اشتبه من لفظ «الثمر» بمعنى «ميوه» ، والثانية توصيفه بالجنّي ؛ فانّ شمر لو كان جنّياً ـ أي مجنوناً ـ فيكون مرفوع القلم غير مؤاخذ في قتل الحسين عليه‌السلام ، فيكون هذا الرجل قد هدم أساس حياة الإسلام ومباني شفاعة أئمة الأنام.

فإذا عرفت ذلك وأنّ الذي لابدّ من فهم معناه قبل التلاوة ، فالآن نشرع في شرح دعاء الندبة.

وقبل الخوض فيه فلابد من بيان سنده ، ولم أجد فيه مما أعتمد به عدا ما عن العلامة المجلسي قدس‌سره في زاد المعاد ، حيث رواه مرسلاً عن الإمام الصادق ـ سلام الله عليه ـ من دون تعرض للكتاب الذي نقله عنه. ولكن في كتاب هدية الزائرين للعالم الوحيد الحاج شيخ عباس القمي ـ سلمه الله ـ من تلامذة المرحوم المبرور المحدث النوري ـ طيّب الله رمسه ـ أنّ دعاء الندبة قد نقل من ثلاث كتب :

أحدها : مزار محمد بن المشهدي الذي يعبِّر عنه المجلسي بالمزار الكبير.

وثانيها : مزار ابن طاووس ، وهو مصباح الزائر.

وثالثها : المزار القديم ، ولعله من مؤلفات القطب الراوندي ١.

وفي كل هذه الكتب لم يُنقل دعاءُ الندبة إلا عن كتاب محمد بن علي بن أبي قرة ، وقد نقله من كتاب محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري ؛ إذ قال : هذا الدعاء يُقرأ لحجة العصر ـ عجل الله فرجه ـ ويستحب قراءته في الأعياد الثلاثة ٢ ، الفطر والأضحى والغدير ويوم الجمعة.

__________________

١. هدية الزائرين (حجري) ، ص ٥٠٧.

٢. كذا ، والصحيح : الأعياد الأربعة : فإن يوم الجمعة اعتبر عيداً في بعض الروايات.

٥٠

أقول : لمّا كان النُّدبَة ـ كالغُرْبَة ـ إمّا بمعنى الدعوة ؛ فكأن الداعي بهذا الدعاء يدعو إمام العصر ـ عجل الله فرجه ـ ويناديه ويستغيث به ، وإمّا بمعنى النياح على الميت ؛ فكأنه يندب على إمام العصر ، حيث إنه ـ لاستتاره وعدم الوصول إليه وعدم الانتفاع الكامل به ـ يكون كالمتوفي يُندب عليه ، [لا] سيما أنّ الأعداء لطول الغيبة مرّة ينكرون ولادته ـ كما أن أكثر العامة قالوا : «إنه لم يتولد بعدُ» ـ وتارة يقولون : «إنه قد مات» ، كما يٌستفاد مما رواه البحار (١) عن غيبة النعماني (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن للقائم غيبتين ، يقال في إحداهما : «هلك ، ولا يُدرى في أيّ واحد سلك!».

وفيه (٣) أيضاً عن الصادق عليه‌السلام قال للحازم : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين ، يظهر في الثانية ، فمن جاءت يقول إنه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه.

يعني : إن الغيبة الثانية لأجل طولها ـ كما أنه قد تجاوزت في أعصارنا من الألف الذي لا يعيش من البشر في مثل تلك المدة أحد في هذه القرون ـ فيقول بعض : «إنه مات» ، وقد استبعده الإمام عليه‌السلام وقال : من أخبر بموته قبل ظهوره بالحس والعيان ، بأن يقول : «قد دفنته بيدي» فلا تصدّقه ؛ فإن ظهوره عليه‌السلام بعد غيبته الكبرى من المحتومات.

رزق الله تعالى فيض لقائه.

الفصل الأول [من الدعاء]

الدعاء :

بسم الله الرحمن الرحيم

اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْليماً.

اَللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤكَ في اَوْلِيائِكَ الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ ، اِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزيلَ ما عِنْدَكَ مِنَ النَّعيمِ الْمُقيمِ ، الَّذي لا زَوالَ لَهُ وَلاَ اضْمِحْلالَ بَعْدَ اَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ في دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها ، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ ، فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّناءَ الْجَلِىَّ ، وَاَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ ، وَكَرَّمْتَهُمْ

__________________

١. بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ١٥٦ ، ح ١٥.

٢. الغيبة للنعماني ، ص ١٧٣ ، ح ٨.

٣. الغيبة للنعماني ، ص ١٧٢ ، ح ٦ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ١٥٤ ، ح ٨.

٥١

بِوَحْيِكَ ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّريعَةَ اِلَيْكَ ، وَالْوَسيلَةَ اِلى رِضْوانِكَ.

فَبَعْضٌ اَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ اِلى اَنْ اَخْرَجْتَهُ مِنْها ، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ في فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَليلاً ، وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْق فِي الاْخِرينَ ، فَاَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً ، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْليماً ، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ اَخيهِ رِدْءاً وَوَزيراً ، وَبَعْضٌ اَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ اَب ، وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ ، وَاَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ.

وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَريعَةً ، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً ، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ اَوْصِياءَ ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظ ، مِنْ مُدَّةٍ اِلى مُدَّةٍ ، اِقامَةً لِدينِكَ ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ ، وَلِئَلّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ ، وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى اَهْلِهِ ، وَلا يَقُولَ اَحَدٌ لَوْلا اَرْسَلْتَ اِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً ، وَاَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً ، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ اَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى.

اللغة :

الاسْتِخْلاص : جعل الشيء خالصاً ومخصوصاً.

الشرط : بمعنى الإلزام والالتزام. شَرَط عليه : أي ألزمه. وشَرَط له : أي التزم به.

الزِّبْرِج ـ كفلفل ـ : الزينة.

الرِّفد ـ بالكسر ـ : العطاء. رَفَدَ يَرْفَد كمع يمنع : أعطاه. والإرْفَاد : الإعانة.

الرِّدْ ـ بكسر الراء ـ : العون. رَدَأه به ـ كمنع ـ : جعله له عوناً.

شَرَع ـ كمنع ـ : سنَّ.

الإعراب :

قوله : «فبعضٌ أسكنته» يحتمل كون البعض مرفوعاً على الابتداء. وجاز الابتداء بالنكرة ؛ لكونها مخصَّصة في المعنى ؛ إذ المراد بعض منهم ، أي من الأولياء السابق ذكرهم. ويمكن كونه مرفوعاً على أنه مبتدأ مؤخَّر حُذف خبره المقدَّم ، أي منهم بعض ، وعليه فما بعده نعت له.

قوله : «وكلاً شرعتَ» بنصب «كلاً» في أكثر النسخ ، ولكنه منافٍ لقواعد النحو لو كان منصوباً على الاشتغال ؛ فإنّ شرط طه صحة عمل العامل فيه مع قطع النظر عن المشتغل به ، وهنا ليس كذلك ؛ إذ لا يصح «شرعت كلاً» ؛ لأن المراد من الكل الأنبياء ، وليس

٥٢

مشروعين ، بل هم المشروع لهم. فالأنسب رفع «كل» ، إلا أن يكون منصوباً بنزع الخافض ـ وإن كان بعيداً ـ أي لكلٍّ شرعت.

قوله : «فتَّبعَ آياتِك» بنصب نتَّبع ؛ لوقوعه بعد الفاء في جواب «لو لا» العرفية التي هي من الأشياء الستة ، فيكون منصوباً بتقدير «أن».

المعنى :

قوله : «اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك» ؛ لمّا كانت المصائب الواردة على الأولياء بمشيئة الله تعالى وقضائه ، فتكون متلَّقاة عند الكُمَّلين بحسن القبول ، كالنعمة ؛ لكونها من جانب المحبوب ، كما قيل في هذا المقام : «ما للعبيد والإرادو ، وإنما الإرادة للسادة».

فكل ما أراده وقضاه فهو خير محض ونعمة صرفة يُشكر عليها ، كما قال أبو عبد الله عليه‌السلام لشقيق البلخي ، حيث سأله الصادق وقال : كيف أصبحت يا شقيق؟ قال : بخير ؛ إن وجدنا شكرنا ، وإذا فقدنا صبرنا. فقال عليه‌السلام : هكذا كلاب حجازنا ؛ إن وجدوا شكروا ، وإن فقدوا صبروا. فقال شقيق : فكيف أنتم معاشر أهل البيت؟ قال عليه‌السلام : إذا وجدنا آثرنا ، وإذا فدنا شكرنا (١).

وإلى ذلك أشار أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما نسب إليه من الديوان :

لا تُخْدَعنَّ فللمحبِّ دلائلُ

ولديه من نحو الحبيب رسائلُ

منها تنعُّمه بما يُبْلى بهِ

وسرورُه في كل ما هو فاعلُ

وعلى هذا المنوال ما قاله أبو جعفر الباقر عليه‌السلام حين عاد جابراً ، وسأله عن حاله وعما يريد؟ قال جابر : اُريد المرض على الصحة ، والفقر على الغنى ، والموت على الحياة. فقال عليه‌السلام : وإنا معاشر أهل البيت فلا نريد إلّا ما أراده الله ؛ فإن أراد الفقر ، نريد الفقر ، وإن أراد الغناء فنريد الغنى (٢). وهذا [من] قوله تعالى : (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٣) و (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ) (٤).

__________________

١. قريب منه ما رواه في المستدرك ، ج ٧ ، ص ٢١٧ ، ح ٨٠٧٦ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام. ونسب المضمون أيضاً إلى أبي يزيد البسطامى في تفسير القرطبي ، ج ١٨ ، ص ٢٨ وتفسير الثعالبي ، ج ٥ ، ص ٤١٠.

٢. لم نجد هذه الرواية ، ولكن قريب منه ما رواه في الكافي ، ج ٨ ، ص ٢٥٣ ، ح ٣٥٧ عن أبان بن تغلب.

٣. سورة الأنبياء ، الآية ٢٧.

٤. سورة الإنسان ، الآية ٣٠ ؛ سورة التكوير ، الآية ٢٩.

٥٣

قوله : «فشرطت عليهم الزهد» أي ألزمتهم بملازمة الزهد والورع ، ويُستفاد معنى الإلزام من تعلق «عليهم» به. كما أن معنى الالتزام مستفاد من العبارة الآتية «فشرطوا لك ذلك» ، أي التزموا بما ألزمتهم به ، وهو معنى العصمة ؛ على ما عليه الإمامية في حق الأنبياء والأئمة سلام الله عليهم.

قوله : «وسألك لسان صدق في الآخرين» إشارة إلى إبراهيم ـ عليه وعلى نبينا وآله السلام ـ على ما حُكي عنه في سورة الشعراء ، حيث سأله ربه بقوله : (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (١). والمراد بلسان الصدق ـ وإن كان يُحتمل كونه الثناء الجميل كما أشار إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام : ولسان الصدق يجعله الله تعالى للمرء في الناس خير له من المال يورِّثه وغيرَه (٢) ـ ولكن الظاهر إرادة الأشخاص في هذا المقام ؛ فإن الخليل ربما كان بصدد أعقابه وذريته ، حتى أنه سأل الإمامة أيضاً في عقبه ، حيث قال بعد قول الله تعالى له : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٣).

فالغرض في هذا المقام سؤال الذرية الصالحة ، والولد الصالح أيضاً لسان صدق ، بل هو أقرب إلى اللسانية من المال الصامت وأمثاله ، فاستجيب له بإعطاء سؤله ، كما اُشير إليه في سورة مريم بقوله : (وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) (٤). فالضمير راجع إلى إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم‌السلام ؛ لتقدم ذكرهم.

ولقد كنت قبلاً في القرون السالفة (٥) ـ بصفاء الباطن وبمكنون الودّ والولاية ـ أُأَوِّل الآية المذكورة بأمير المؤمنين عليه‌السلام ، فصادف أن وجدتُ في هذه الأيام في تفسير الصافي (٦) منقولاً عن القمي (٧) بما هو صريح في ذلك ، وأن المراد من الرحمة الموهوبة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو رحمة للعالمين ، ولسان الصدق هو أمير المؤمنين عليه‌السلام.

__________________

١. سورة الشعراء : ٨٤.

٢. الكافي ، ج ٢ ، ص ١٥٤ ، ح ١٩ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ١ ، ص ٣٢٨ ؛ الصافي ، ج ٣ ، ص ٢٨٤.

٣. سورة البقرة ، الآية ١٢٤.

٤. سورة مريم ، الآية ٥٠.

٥. كذا ، والصحيح : في السنن السالفة.

٦. الصافي ، ج ٣ ، ص ٢٨٤.

٧. تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ٥١.

٥٤

ولعمري إن المعاندين قد غفلوا عن هذا ، وأدرجوه في القرآن ، ولعله أخذوه وصفاً له عَلَماً. ولا يخفى ركاكته ؛ لأن المناسب للسان التوصيف بكونه جليّاً لا عليّاً ، مع أنّ الجعل متعدٍّ إلى المفعولين ، فالأولى جعله مفعولاً ثانياً لا وصفاً [و] لا حالاً من اللسان.

فهذا في الركاكة والتعسف نظير ما قاله بعض المتعصبين من قضاة المخالفين في الحديث المعروف بني الفريقين : أنا مدين العلم ، وعليٌّ بابها ١ ، وكذا في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه ، فهذا عليٌّ مولاه ٢ : أن المذكور في هذه الموارد العليّ الوصفي لا العَلَمي. وسخافة هذا القول واضح ، [لا] سيما في الحديث الأخير ؛ فإن مقتضى قواعد النحو تعريف «العليّ» ، بأن يقول : فهذا العليُّ مولاه. وغرض هذا المجيب بيان أن المرفوع بيد النبي كان أبابكر لا ابن أبي طالب. فلاحظ وتأمل ما فيه من السخافة.

قوله : «وبعضٌ كلّمتَه من شجرة تكليماً» أقول : لا إشكال ولا خلاف في كونه تعالى متكلِّماً ، وإنما الكلام في معنى «المتكلِّم» هل هو : «من قام به الكلام» أو «من أوجد الكلام»؟

وحيث إنّ الكلام مركب من الأصوات والحروف المرتبة ، وكلما هو كذلك فهو حادث ، فيلزم كون كلام الله حادثاً ، فلا يكون قائماً بذاته ؛ لكونه قديماً ، ولا يجوز قيام الحادث بالقديم.

فقالت الأشاعرة (٣) : إنّ كلامه تعالى ليس مركباً من الًوات ، بل هو صفة قائمة به ، وكل ما هو كذلك فهو قديم ، وقال شاعرهم :

إنَّ الكلامَ لفي الفؤاد وإنما

جُعل اللسان على الفؤادِ دليلا (٤)

وهو الكلام النفسي المدلول عليه بالكلام اللفظي ، غير العلم والإرادة والكراهة.

وأمّا المعتزلة والإمامية فهم قائلون بكون كلام الله حادثاً ؛ لأنه مركب من الأصوات

__________________

١. رواه في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ١ ، ص ٧١ ، ح ٢٩٨ ؛ الخصال : ص ٥٧٤ : الفصول المختارة ، ص ١٣٥ ؛ مناقب آل أبي طالب عليه‌السلام ، ج ١ ، ص ٣١٤ ، وذكر في الأخير بعض طرقه. وقد ذكره في نظم درر السمطين ، ص ١١٣ ؛ الجامع الصغير ، ج ١ ، ص ٤١٥ ، ح ٢٧٠٥ ؛ كنز العمال ، ج ١٣ ، ص ١٤٨ ، ح ٣٦٤٦٥.

٢. رواه الصدوق في الهداية ، ص ١٤٩ ، والشريف المرتضى في رسائله ، ج ٤ ، ص ١٣١ ، وهو من المتواترات ، لاحظ الغدير ، ج ١ ، ص ١٤ ـ ١٥٨.

٣. راجع البيان في تفسير القرآن. للسيد الخوئي رحمه‌الله ، ص ٤٠٦.

٤. الشعر للأخطل كما في إعانة الطالبيين ، ج ٢ ، ص ٢٨٢.

٥٥

والحروف ، وهي مترتبة الأجزاء ، وكل ما هو كذلك فهو حادث على ما سبق ، وحيث إنّ قيام الحوادث بذاته الأقدس لا يجوز فقالوا : إن معنى التكلم إيجاد الكلام ولو في الحجر والشجر والهواء وأمثال ذلك.

والحنابلة والكرَّامية أيضاً قالوا بحدوث الكلام ، إلّا أنّ الحنابلة قالوا بكون الكلام صفة قائمة بذاته مع كونه مركَّباً من الأصوات ، وهي حادثة ؛ لتجويزهم قيام الحوادث بذاته تعالى. والكرّامية أنكروا كبرى القياس (١).

ولعمري إنّ نزاع كون القرآن قديماً أو مخلوقاً كان له أهمية تامة في زمان أوائل الخلفاء العباسية ، وكان هارون الرشيد يرى كونه قديماً غير مخلوق ، ولكن المأمون اعتقد بكونه مخلوقاً ودعى الناس إليه ، حتى أنه أمر بإحضار أحمد بن حنبل من القائلين بالقدم ، وقبل وصوله إليه توفّي المأمون ، وحسب وصيته إلى أخيه المعتصم هو أيضاً دعا الناس إلى القول بمخلوقية القرآن ، وأحضر أحمد بن حنبل ، وعقد مجلساً لمناظرته مع العلماء في هذه المسألة ، ولم يلتزم بالحدوث ، فأمر بحبسه على ما في حياة الحيوان في أحوال المعتصم ، وفيه : إن أحمد في ضمن مذاكراته قال : «لو جئتموني بآية من القرآن لأجبتكم وقلتُ بحدوثه» (٢).

أقول : ومما يقضي منه العجب أن مثل أحمد بن حنبل ـ واحد من الأئمة الأربعة ـ يقنع بآية واحدة في حدوث القرآن ، والعلماء الحاضرون يفتون بقتله تارة وبسوطه اُخرى (٣) ولا يأتون بما رامه! ليتني كنت في هذا المجلس كي أقطع النزاع ، وأحسم مادة الجدل بذكر آية من آيات القرآن في أوائل سورة الشعراء ؛ قال تعالى : (وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (٤).

فإنّ الذكر قد اُطلق في القرآن كثيراً على كلام الله تعالى ؛ قال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (٥) ، وقال : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ) (٦) إلى غير ذلك من الآيات.

__________________

١. البيان في تفسير القرآن ، ص ٤١١ ـ ٤١٥ ؛ المستصفى ، ص ٨٠ ـ ٨١.

٢. حياة الحيوان ، ج ١ ، ص ٧٣ (دار إحياء التراث العربي ـ بيروت).

٣. أي بضربه بالسوط.

٤. سورة الشعراء ، الآيتان ٥ و ٦.

٥. سورة الحجر ، الآية ٩.

٦. سورة الزخرف ، الآية ٤٤.

٥٦

والمحدَث واضح معناه ، وهو المتجدِّد الحادث ، فقد وُصف القرآن بالحدوث. ولعل «المعرضين» أعم من الإعراض عن أصله أو عن وصفه بالحدوث ، فهم قد كذَّبوه في هذا الوصف ، وأتاهم أنباء المستهزئين. قد حُبس أحمد بن حنبل أزيد من سنتين.

ولا عجب من هذه الغفلة ، وليس هذا الذهول أعجب من ذهول الثاني ، حيث قال في وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّه حيّ لم يمت!» ، حتى ذكّره الأول وردعه بنقل الآية : (إنّك ميّت وإنّهم ميّتون) (١).

وكيف كان ، فقد ذكر في حياة الحيوان كرامةً لأحمد بن حنبل في القول بقِدَم القرآن : أن عبد الله بن ورد قال : رأيت في الرؤيا رسول الله ـ صلَّى الله عليه [وآله] وسلم ـ فقلت له : يا رسول الله ، ما شأن أحمد بن حنبل؟ قال : سيأتيك موسى بن عمران فاسأله ... الحديث (٢) ؛ فإنّ آخر الحديث ـ على ما نقله ـ وإن كان ينبئ عن تمجيد أحمد ، ولكن ظني أن يكون الرائي قد سها في آخر الرؤيا ؛ فإنّ إحالة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرَ أحمد بن حنبل المنكر لحدوث القرآن ومخلوقيته من بين الأنبياء إلى موسى بن عمران عليه‌السلام إن كان للفضل فبينهم من هو أفضل كالخليل ، أو للتقدم فأبو البشر أقدم ، أو للقرب فروح الله أقرب منه ، وليس إلا لكونه كليماً ، فله في أمر الكلام خصوصية. ولا يبعد أن تكون تلك الخصوصية إحساس كلامه من الشجرة ، كما اُشير إليه في الدعاء : وبعضٌ كلَّمته من الشجرة تكليماً أخذاً له من الآية الشريفة في سورة القصص : (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (٣) ؛ إذ من الواضحات حدوث ذلك الكلام وظهوره من الشجرة بإيجاد الباري صوتاً ، فمعنى تلكُّمه تعالى إيجاده الكلام.

وما زعمه بعض من أن موسى سمع نداءه من الجهات الستة ليكون فرقاً بين كلام الله وكلام المخلوق ، فهو خلاف ظاهر الآية الناطقة بظهوره من الشجرة بـ «من» الابتدائية.

قوله : «ولا يقولَ أحدٌ لولا أرسلتَ إلينا رسولاً» الخ ؛ عطف على «لئلّا يزول» ، ومعناه : إنّ بعث الأنبياء وتخيّر الأوصياء لكل منهم بعنوان «المستحفِظ» إنما هو لإقامة الدين وقطع

__________________

١. سورة الزمر ، الآية ٣٠ ، مسند أحمد ، ج ٦ ، ص ٢٢٠ ؛ صحيح البخاري ، ج ٤ ، ص ١٩٤ ؛ السنن الكبرى ، ج ٨ ، ص ١٤٢ ؛ فتح الباري ، ج ٨ ، ص ١١١ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٢ ، ص ٤٠ و....

٢. حياة الحيوان ، ج ١ ، ص ٧٤.

٣. سورة القصص ، الآية ٣٠.

٥٧

عذر المعاندين ؛ لئلّا يقول َ أحدٌ «لو لا أرسلت» كما قال الكافرون ، على ما اُشير إليه في الآية في سورة الرعد : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) (١).

وعن ابن عباس : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر ، وعليٌّ الهادي من بعدي ، يا علي ، بك يهتدي المهتدون (٢).

ولا يخفى أنّ الغالب في القيود والتعليلات إنما هو الرجوع إلى آخر الكلام ، فالعمدة في هذه التعلييلات هو وجود الأوصياء وكونهم حافظين ؛ فإن إقامة الدين «لئلّا يزول الحق عن مقره ... إلى آخره» ظاهره البقاء لا الحدوث ، فشأن النبي هو الإنذار والإبلاغ ، وشأن الوصي والإمام ـ المعبَّر عنه بالهادي وهو الموصل إلى المطلوب ـ الإجراء والتصرف.

ولا بأس بتقريب المطلب بنحو من التشبيه بمجلس المقنّين والمجرين ، فإنّ الهيئة التقنينية غير الهيئة المجرية.

وبعبارة اُخرى : ليس الحدوث بقاء ، ولا العلة المحدثة مبقية ؛ فالنبيُّ هو المؤسس ، ولكن الإبقاء والحفظ هو وظيفة الإمام.

الترجمة :

حمد براى خداست كه تربيت‌دهنده عالميان است ، وصلوات فرست ـ خدايا ـ بر آقاى ما محمد «ص» پيغمبرش وبر عترتش ، وسلام فرست سلام فرستادنى.

اى پروردگار من! براى تو است حمد بر جريان قضى تو در حق دوستانى كه برگزيده [اى] آنها را براى خودت ودينت ، در آن زمان كه اختيار كردى براى ايشان بزرگ‌ترين آنچه نزد تو است از نعمت پاينده كه زوال واضمحلال ندارد ، بعد اين كه التزام گرفتى بر آنها بى‌ميلى ايشان را در درجات اين دنياى پست ودر زينت‌هاى او.

پس ملتزم شدند براى تو اينها را ودانستى از ايشان وفاى به اين شرط [را] ، پس قبول كردى وآنها را مقرَّب نمودى وپيش انداختى ذكر بلند ايشان را وستايش آشكارشان را ، ونازل كردى ، بر ايشان ملائكه خود را ، وعزيز گردانيدى ايشان را با وحى خود ، وياريشان

__________________

١. سورة الرعد ، الآية ٧.

٢. شواهد التنزيل ، ج ١ ، ص ٢٩٤ ؛ شرح الأخبار ، ج ٢ ، ص ٣٥٠ ، ح ٧٠١.

٥٨

نمودى با علم خود ، وقرار دادى ايشان را وسيله‌ها براى خود ووسيله براى رضاى خود.

پس بعضشان را جا دادى در بهشت خود تا بالأخره بيرونش كردى ، وبعضان را سوارش كردى در كشتى خود ونجاتش دادى با كسانى كه ايمان آوردند از هلاك شدن با رحمت خود ، وبعضى را اخذ نمودى براى خودت خليل وخواهش كرد از تو زبان راستگو در ميان آخر امت‌ها ، پس قبولش كردى وقرار دادى او را على «ع» ، وبعضى را حرف زدى از درخت يك حرف زدنى وقرار دادى ياور ووزير ، برادر او را ، وبعضى را بدون پدر به وجود آوردى ودادى برايش بيّنات ومؤيّد كردى با روح القدس.

وبراى هر يك شريعتى گذاشتى وراهى برايش نشان دادى ، واختيار نمدى وصى‌ها براى هر يك كه هر يك بعد از ديگرى حفظ كننده دين شود از يك مدتى تا مدت ديگر ، به جهت به پا داشتن دين تو وحجت تمام شدن بر بندگان تو ، وتا اين كه حق از قرارگاه خود زايل نشود در حالتى كه باطل بر اهلش غالب شود ، وتا اين كه نگويد يك نفر : چرا نفرستادى به سوى ما رسولى را كه تخويف كننده است وبه پا نداشتى براى ما نشانه [اى] كه هدايت كننده شود تا پيروى نماييم آيات تو را پيش از اين كه دليل ورسوا باشيم.

الفصل الثاني [من الدعاء]

الدعاء :

بسم الله الرحمن الرحيم

اِلى اَنِ انْتَهَيْتَ بِالْاَمْرِ اِلى حَبيبِكَ وَنَجيبِكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَكانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ ، وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ ، وَاَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ ، وَاَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ قَدَّمْتَهُ عَلى اَنْبِيائِكَ ، وَبَعَثْتَهُ اِلَى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ ، وَاَوْطَأتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُراقَ ، وَعَرَجْتَ بِرُوْحِهِ اِلى سَمائِكَ ، وَاَوْدَعْتَهُ عِلْمَ ما كانَ وَما يَكُونُ اِلَى انْقِضاءِ خَلْقِكَ.

ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَالْمُسَوِّمينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ ، وَوَعَدْتَهُ اَنْ تُظْهِرَ دينَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، وَذلِكَ بَعْدَ اَنْ بَوَّأتَهُ مَبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ اَهْلِهِ ، وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ اَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمينَ ، فيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ اِبْراهيمَ ، وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ، وَقُلْتَ (اِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ اَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً) (١) ، ثُمَّ

__________________

١. سورة الاحزاب ، الآية ٣٣.

٥٩

جَعَلْتَ اَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ مَوَدَّتَهُمْ في كِتابِكَ ، فَقُلْتَ (قُلْ لا اَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ اَجْراً اِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى) (١) ، وَقُلْتَ (ما سَألْتُكُمْ مِنْ اَجْر فَهُوَلَكُمْ) (٢) ، وَقُلْتَ (ما اَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ اَجْر الاّ مَنْ شاءَ اَنْ يَتَّخِذَ اِلى رَبِّهِ سَبيلاً) ، فَكانُوا هُمُ السَّبيلَ اِلَيْكَ ، وَالْمَسْلَكَ اِلى رِضْوانِكَ.

اللغة :

الثقلان : تثنية الثَّقَل بالتحريك ، والمراد منه الإنس والجن. قيل : أطلق عليهما الثقلان لأن لهما به سبب التميز فضيلة ورجحاناً على سائر الحيوانات. والرُّجْحَان والثَّقَل والقَدْر متقاربة معنىً.

البراق ـ بضم الباء ـ : دابة ركبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة المعراج ، سمِّيت بذلك لتضوُّع لونها وتبرُّقها ، بأن يكون من البريق ، أو لسرعة سيرها كالبرق ، أكبر من الحمار ، أصغر من البغل ، مضطرب الاُذنين ، عيناه في حافره ، وخطاه مدّ بصره ، إذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه ، وإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه.

الحف ـ بالحاء المهملة ـ : الإحاطة والاكتناف بالشيء.

التَّسْويم : التعليم ، من العلامة ، كما في الخيل المَسوَّمة ، أي المعلَّمة بعلامة من السماء.

المبوَّأ ـ من باء ـ : بمعنى رجع. وبوَأ له : أي هيَأ له المنزل ؛ لأن الشخص يرجع كل يوم إليه.

بَكَّة : قيل هو موضع البيت ، ومكة سائر البلد. وقيل : هما اسمان للبلد ، والباء والميم متعاقبان. وسمّيت مكة ببكة لبكّها ، أي دقّها أعناقَ الجبابرة ، أو لتزاحم الناس بعضهم ببعض في الطواف.

الإعراب :

قوله : «إلى أن انتهيت» الجار متعلق بقوله «شرعت» أو «إقامة» ، يعني : إنّ تشريع الأديان أو إقامتها مستمرة إلى زمان نبينا الخاتم صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قوله : «على أنبيائك» الجار متعلق بواحد من الأفعال السابقة ، من «اصطفيته» أو «انتجبته» أو «اعتمدته» ؛ على ما هو قاعدة التنازع.

__________________

١. سورة الشورى ، الآية ٢٣.

٢. سورة سبأ ، الآية ٤٧.

٦٠