تراثنا ـ العددان [ 38 و 39 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 38 و 39 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

من أهل البيت جزما (٨٤). والمذهب عنهم الرجس من هم أهل البيت جزما (٨٥) ، مع أنها لو كانت [منهم] (٨٦) لما سألته [صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم] ، لأنها من أهل اللسان. والترجيح معنا بعد التعارض (٨٧) وهو ظاهر (٨٨).

__________________

(٨٤) من هنا وإلى قوله ـ قدس‌سره ـ : (جزما) لم يرد في إحقاق الحق ٢ / ٥٦٩.

(٨٥) وهذا الكلام هو ما صرح به الفقيه العبري الشافعي فيما نقلناه عن الأسنوي ، وقد مر في آخر الهامش رقم ٨١.

(٨٦) في الأصل : (منهن) وما بين العضادتين هو الصحيح الموافق لما في إحقاق الحق ٢ / ٥٦٩.

(٨٧) هذا مع فرض صدق عنوان التعارض بين أحاديث إبعاد أم سلمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ عن الدخول مع أهل البيت عليهم‌السلام تحت الكساء وبين المروي عنها آنفا ، وإلا فمن الواضح أن الرواية المتقدمة ـ المحتج بها في الايراد الثالث ـ لم تتعادل مع أحاديث الإبعاد في كل شئ حتى يصار إلى الترجيح بين الأخبار المتعارضة ، وذلك للأسباب التالية :

١ ـ إن رواية أم سلمة ـ المحتج بها في الايراد المذكور ـ لم ترو إلا عن عطاء بن يسار ، عن أم سلمة ، ولم نجد لها راويا آخر عن أم سلمة غيره ، بينما بلغت رواة أحاديث الإبعاد عن أم سلمة مبلغا إن لم يكن من العدد المطلوب في التواتر ، فلا أقل من الاقتراب منه ، وقد مرت جملة من طرقه في الهامش رقم ١٨.

٢ ـ ضعف رواية أم سلمة ، وقد تقدمت مناقشة سندها.

٣ ـ الرواية تنتهي إلى أم سلمة نفسها وفي ذلك ما فيه.

٤ ـ عدم اشتهار الرواية في كتب الحديث كما أشرنا إليه في مناقشة سندها.

٥ ـ ضعف دلالة الرواية نفسها ، حيث اقترن دخولها معهم بمشيئة الله تعالى.

٦ ـ موافقتها لهوى السلطة الحاكمة آنذاك خصوصا في عهد معاوية الذي عرف الكل موقفه الصريح من أهل الكساء عليهم‌السلام.

٧ ـ مخالفتها لصريح الآيات التي أنذرت الأزواج بما أنذرتهن قبل آية التطهير.

٨ ـ عدم عصمة أم سلمة اتفاقا ، مع دلالة الآية على العصمة.

٩ ـ عدم ادعاء نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك سوى أم سلمة ، مع أن فيهن من كانت بأمس الحاجة لمثل هذا الادعاء لتقوية موقفها المعروف ضد إمام زمانها.

١٠ ـ افتقار رواية أم سلمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ لآية قرينة خارجية تشهد لها بالصحة ، بل سائر القرائن الخارجية تشهد على وضعها على أم سلمة ، لا سيما وفي طريقها المغفل والأحمق كما مر في مناقشة سندها.

(٨٨) إلى هنا انتهى الاقتباس السابق من هذه الرسالة إلى إحقاق الحق ٢ / ٥٦٩.

٤٤١

* الرابع : إن ظاهر الآية يدل على حصر إرادة إذهاب الرجس في المذكورين ، وإنه تعالى أراد إذهاب الرجس عن كل أحد ، فلا بد من صرف الكلام عن ظاهره ، وحينئذ لا يصير حجة فيما قصده الإمامية (٨٩).

والجواب : أنا لا نسلم أنها لحصر إرادة إذهاب الرجس في المذكورين عليهم‌السلام ، وأنه تعالى أراد إذهاب الرجس عن كل أحد.

أما الأول : فلجواز أن يكون المراد حصر الأمر الدائر بين إرادة إذهاب الرجس عنهم ، وعدم إرادته عن غيرهم في إرادته عنهم ، أي : ليس شئ من الأمر الدائر بين إرادة إذهاب الرجس وعدم إرادته الإرادة ، ولا يلزم من انحصار الأمر المردد في إرادته تعالى بإذهاب الرجس عن أهل البيت انحصار إرادته تعالى مطلقا في إذهاب الرجس عنهم حتى يلزم الحصر الكاذب المهروب عنه ، إذ يجوز إرادة إذهاب رجس غيرهم في ضمن غير هذا المردد بين (٩٠) إرادة إذهاب الرجس عن الأنبياء والأئمة وعدم إرادة الغير.

وهذا الذي (٩١) ذكرناه أولا كان صرف الكلام عن ظاهره لكنه مما تتوقف عليه استقامة أصل الكلام ، ومع هذا لا ينافي ما قصده الإمامية في هذا المقام.

والحاصل : أن الايراد المذكور متوجه على ظاهر الآية مطلقا ، ولا خصوصية له بالإمامية المستدلين بها على عصمة أهل البيت عليهم السلام ، فارتكاب خلاف الظاهر في توجيهه لازم لكل من آمن بالقرآن من

__________________

(٨٩) صرح بهذا الايراد الرازي في المحصول ٢ / ٨٢ ، والأرموي في التحصيل من المحصول ١ / ٧١ ـ ٧٢ ، كلاهما في بحث الإجماع.

(٩٠) في هذا الموضع من الأصل كتب لفظ (في) وقد ضرب عليه ولم يطمس.

(٩١) في الأصل : (الذكر) ولكن ضرب على حرف الكاف والراء ، وكتب فوقهما حرف (ي) ، فصار : (الذي) ، وهو الصحيح.

٤٤٢

الإمامية وغيرهم من المسلمين.

فإن سنح لأحد توجيه الآية بوجه آخر أولى وأحسن مما ذكرنا ومع هذا يكون منافيا لما قصده الإمامية ، فنحن في صدد الاستفادة.

وقد يجاب عن هذا الايراد أيضا بأن في الآية إضمارا ، والتقدير : إنما يريد الله بخلق العلوم والألطاف الزائدة ـ على ما هو شرط التكليف ـ لكم أهل البيت إذهاب الرجس عنكم وتطهيركم. وبأنه يجوز أن [تكون] (٩٢) كلمة (إنما) ـ هاهنا ـ لغير الحصر مجازا.

هذا ، وذهب الآمدي (٩٣) إلى أن لفظ (إنما) لا يفيد إلا التأكيد ، وقال : إنه هو الصحيح عند النحويين (٩٤) ، ونقله أبو حيان (٩٥) في شرح التسهيل عن

__________________

(٩٢) في الأصل : (يكون) وما بين العضادتين هو الصحيح.

(٩٣) هو : سيف الدين أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد الآمدي الحنبلي أولا ثم الشافعي ، ولد سنة ٥٥١ ه بآمد ، وهي مدينة في ديار بكر مجاورة لبلاد الروم ، قرأ القراءات والفقه ، برع في الخلاف ، ونسبوه بمصر إلى الإلحاد وكتبوا محضرا بإباحة دمه ، فهرب إلى الشام فنزل حماة ثم قدم دمشق ، ومات بها سنة ٦٣١ ه ، ودفن سفح جبل قاسيون ، أشهر مؤلفاته : الإحكام في أصول الأحكام.

وفيات الأعيان ٣ / ٢٩٣ رقم ٤٣٢ ، سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٣٦٤ رقم ٢٣٠ ، العبر في خبر من غبر ٣ / ٢١٠ ـ في سنة ٦٣١ ه ، شذرات ا لذهب ٥ / ١٤٤ ـ في سنة ٦٣١ ه.

(٩٤) الإحكام في أصول الأحكام ـ الآمدي ـ ٣ / ٩٢ ـ المسألة السادسة. قال : (اختلفوا في تقييد الحكم بإنما ، هل يدل على الحصر ، أو لا؟ ـ ثم قال : ـ فذهب القاضي أبو بكر ، والغزالي ، والهراسي ، وجماعة الفقهاء إلى أنه ظاهر في الحصر محتمل للتأكيد.

وذهب أصحاب أبي حنيفة وجماعة ممن أنكروا دليل الخطاب إلى أنه لتأكيد الإثبات ولا دلالة له على الحصر وهو المختار).

كما أن الآمدي لم يذكر شيئا في مفهوم (إنما) ٣ / ٦٨ ، لا عن البصريين ولا عن غيرهم!

(٩٥) هو : أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطي الأندلسي ، من علماء اللغة والتفسير والحديث والتراجم ، ولد في غرناطة سنة ٦٥٤ ه ، وأقام بالقاهرة إلى أن مات فيها سنة ٧٤٥ ه ، من مؤلفاته : تفسير البحر المحيط ، والتذييل والتكميل. وهو في شرح (التسهيل) لابن مالك في النحو.

٤٤٣

البصريين (٩٦) ولم يصحح ابن الحاجب (٩٧) شيئا [منه] (٩٨) ، فتدبر (٩٩).

وأما الثاني (١٠٠) : فلأنا لا نسلم أنه تعالى أراد إذهاب الرجس عن كل أحد ، إذ مراد الله تعالى واجب الوقوع في أفعاله اتفاقا ـ كما مر (١٠١) ـ ولا شك أن إذهاب الرجس فعله ، فلو كان مراده تعالى إذهاب الرجس عن كل أحد لكان الرجس منفيا عن كل أحد. والتالي باطل ، فالمقدم مثله.

نعم ، إن الله تعالى أراد ذهاب الرجس عن كل أحد لا إذهابه ، فمنشأ الغلط عدم التفرقة بين إرادة الذهاب وإرادة الإذهاب (١٠٢) ، والله أعلم

__________________

فوات الوفيات ٤ / ٧٢ رقم ٥٠٦ ، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ٤ / ٣٠٢ رقم ٨٣٢ ، شذرات الذهب ٦ / ١٤٥ ـ في سنة ٧٤٥ ه.

(٩٦) التذييل والتكميل ـ في شرح (تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد) لابن مالك ـ / أبو حيان الأندلسي : مخطوط ، لم يقع بأيدينا ، توجد نسخة منه في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام ـ مشهد ، برقم ٣٩٢٦.

(٩٧) هو : عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس ، أبو عمرو ، المعروف بابن الحاجب ، من فقهاء المالكية ، ومن علماء العربية ، كردي الأصل ، ولد في صعيد مصر سنة ٥٧٠ ه ، ونشأ في القاهرة ، وسكن دمشق ، ومات بالإسكندرية سنة ٤٤٦ ه ، من كتبه : الكافية (في النحو) ، والشافية (في الصرف) ، ومنتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل.

العبر في خبر من غبر ٣ / ٢٥٤ ، مرآة الجنان ٤ / ١١٤ ، شذرات الذهب ٥ / ٢٣٤ ، الكل في سنة ٦٤٦ ه ، روضات الجنات ٥ / ١٨٤ رقم ٤٨٠.

(٩٨) في الأصل : (منها) وما بين المعقوفتين هو الصحيح ، لتذكير ما يعود إليه الضمير في قوله السابق : (إن لفظ إنما) وبقرينة ما بعده : (إنه هو) و (نقله).

(٩٩) منتهى الوصول والأمل : ١٥٣ ـ في مفهوم (إنما) حيث ذكر إفادته للحصر عند قوم وعدمه عند آخرين ولم يصحح أحدهما ، وقال في مختصر المنتهى : (وأما الحصر بإنما فقيل لا يفيد ، وقيل منطوق ، وقيل مفهوم) انظر : شرح مختصر المنتهى للقاضي عضد الدين ٢ / ٣٢١ ـ طبع إسلامبول لسنة ١٣١٠ ه.

(١٠٠) أي الشق الثاني من جواب الايراد الرابع المتقدم في ص ٤٤٢.

(١٠١) مر في جواب الايراد الأول ص ٤٢٩.

(١٠٢) إرادة ذهاب الرجس في قوله تعالى : (ليذهب عنكم الرجس) تختلف اختلافا كبيرا عن

٤٤٤

بالصواب.

وأيضا : فقوله تعالى : (يريد الله ليبين لكم) (١٠٣) ، وقوله تعالى : (يريد الله بكم اليسر) (١٠٤) لفظ عام في الآيتين ، فلو لم يكن بين إرادة المذكور في آية التطهير وبين إرادة [المذكور] (١٠٥) في هاتين الآيتين وأمثالهما فرق لما كان لتخصيصها لأهل البيت عليهم‌السلام معنى ، لأنه تعالى أراد بها المدح لهم ، ولا يحصل المدح إلا بوقوع الفعل كما مر (١٠٦).

* الخامس (١٠٧) : إنا لا نسلم دلالة الآية على زوال كل رجس ، لجواز أن يكون (اللام) في (الرجس) للعهد الذهني أو الجنس دون الاستغراق ، فلا يثبت العصمة (١٠٨).

والجواب : إن اللام يحمل على الاستغراق إذا لم يكن ثم عهد خارجي.

وأيضا : مقام المدح والامتنان على أهل البيت الذين من جملتهم سيد الأنبياء عليهم‌السلام بتخصيص الطهارة بهم أدل دليل وأعدل شاهد على

__________________

إرادة إذهابه فيما لو قيل ـ بغير القرآن الكريم ـ : (إنما يريد الله إذهاب الرجس عنكم) ، لأن الأول ـ وهو الذهاب ـ يدل على التحقق في كل حال ، دون الثاني ـ أي : الإذهاب ـ الذي يصدق تحققه بعد تقضي الفعل ، وعلى هذا فالفرق بين (الذهاب) وبين (الإذهاب) كالفرق بين (يفعل) و (الفعل).

وهذا هو ما بينه العلامة الحلي ـ قدس‌سره الشريف ـ في نهاية الوصول إلى علم الأصول : ١٨٤ ـ في الوجه الخامس من الوجوه المستفادة من آية التطهير ، والدالة على حجية إجماع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. وقد مرت سائر الوجوه الأخرى في الهامش رقم ٣٣ من هذه الرسالة.

(١٠٣) سورة النساء ٤ : ٢٦.

(١٠٤) سورة البقرة ٢ : ٨٥.

(١٠٥) في الأصل : (المذكورة) والصحيح ما أثبتناه ، والمذكوران هما : التبيين واليسر.

(١٠٦) مر ذلك في ص ٤٢٥ من هذه الرسالة.

(١٠٧) هذا هو الايراد الخامس لأهل السنة على ما تقوله الشيعة في آية التطهير.

(١٠٨) ذكر هذا الايراد الأسنوي في نهاية السول ٢ / ٣٩٩ ـ بحث الإجماع.

٤٤٥

الاستغراق ، فقرينة الاستغراق كنار على علم (١٠٩).

وأما احتمال إرادة إذهاب جنس الرجس فلا ينافي الاستغراق ، بل يستلزمه استلزاما ظاهرا ، إذ على تقدير اختصاص إرادة إذهاب جنس الرجس بهم لو ثبت فرد من إرادة إذهاب الرجس لغيرهم ، لكان الجنس ثابتا له في ضمنه ، فلا يكون الجنس مختصا به والمقدر خلافه.

وأيضا : صحة الاستثناء معيار العموم كما حقق في أصول الفقه (١١٠) ، وأيضا : حمله على العموم يستلزم إعمال اللفظ وكثرة الفائدة في كلام الشارع ، ولو لم يعم لزم الإجمال إن لم يكن الرجس معينا ، أو التحكم إن كان.

ونقول بوجه آخر : إن الرجس المعرف باللام ليس بمعين حتى يشار [إليه] (١١١) ، ولو أردنا رجسا من الأرجاس لم يكن للامتنان عليهم خاصة معنى

__________________

(١٠٩) وتوضيحه : أن لام التعريف إذا دخلت على معهود عرف وعهد إما بالذكر أو بغيره من الأسباب ، فهي لتعريف ذلك المعهود وتسمى حينئذ ب (لام العهد) والتعريف : (تعريف العهد) أي تعريف فرد من أفراد الجنس كما في قوله تعالى : (كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول) سورة المزمل ٧٣ : ١٥ ـ ١٦ ، أي عصى ذلك الرسول بعينه.

وإن لم يكن ثمة معهود فهي لتعريف نفس الحقيقة مع قطع النظر عن عوارضها ، ويكون التعريف للجنس. ولما كانت حقيقة الجنس صالحة في ذاتها للتوحد والتكثر لتحققها مع الوحدة والكثرة ، كانت اللام في تعريف الحقيقة للاستغراق ولفظ (الرجس) الوارد في الآية غير معهود بفرد من أفراد الرجس ، لانطباقه على كل رجس ، إذا لا بد وأن يكون تعريفه تعريفا للجنس ، واللام الداخلة عليه للاستغراق.

أنظر لام التعريف في : كشف الأسرار عن أصول البزدوي / عبد العزيز البخاري ١ / ١٢٨.

(١١٠) أنظر : معارج الأصول ـ المحقق الحلي ـ : ٨٢ ، والوافية في أصول الفقه ـ الفاضل التوني ـ : ١١٤ ، ونهاية الأصول ـ السيد البروجردي : ٣١٩ ـ المقصد الرابع ، وفيها : إن صحة الاستثناء دليل العموم.

(١١١) في الأصل : (إليها) والصحيح ما أثبتناه ، لعود الضمير إلى الرجس وهو مذكر ، قال تعالى :

٤٤٦

إذ يشاركهم فيه غيرهم من الأمة ، فبقي أن يكون للاستغراق ، أو : لاما جنسيا مفيدا لنفي طبيعة الرجس عنهم (١١٢) ، فلا يوجد فيهم فرد منه حتى لا يلزم وجود الطبيعة منهم ، لأن الطبيعة موجودة في ذلك الفرد بلا ريبة كما مر (١١٣).

على أن المفرد المحلى باللام يعم عند بعضهم (١١٤).

ثم (١١٥) أقول : الظاهر أن مناقشة الجمهور في هذا المقام إنما [نشأت] (١١٦) من حملهم (البيت) في الآية والحديث على البيت المبني من الطين والخشب المشتمل على الحجرات التي كان يسكنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أهل بيته وأزواجه ، إذ لو أريد بالبيت ذلك لاحتمل ما فهموه (١١٧).

__________________

(إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس) سورة الأنعام ٦ : ١٤٥.

(١١٢) وتوضيحه : أن نفي الجنس يعني نفي جميع مراتبه ، ولما كان جنس الرجس له مراتب متعددة كالمعاصي والآثام والشكر والشك وكل مستقذر وقبيح ، فيكون المنفي هو الجميع ، ولا معنى لتخصيص النفي بفرد من هذه الأفراد.

(١١٣) مر ذلك آنفا في جواب هذا الايراد نفسه.

(١١٤) ذهب أبو علي الجبائي ، والمبرد ، وجماعة من الفقهاء إلى أن المعرف باللام للعموم سواء كان مشتقا أو غير مشتق. وقد حكى ذلك عنهم العلامة الحلي ـ قدس‌سره ـ في : نهاية الوصول (مخطوطة مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث ـ قم) ورقة : ١٢٧ / أ ـ المطلب السادس ، الفصل الثاني.

(١١٥) من هنا نقل إلى إحقاق الحق ٢ / ٥٦٩.

(١١٦) في الأصل : (نشأ) والصحيح ما أثبتناه.

(١١٧) بل الظاهر أنه لا يحتمل ما فهموه وإن أريد بالبيت بيت السكنى ـ كما حقق ذلك بعض الأعلام ـ لأن اللام في (أهل البيت) للعهد لا للجنس ولا للاستغراق ، ولا يمكن حمل اللام في (البيت) على الجنس ، لأن الجنس إنما يناسب فيما إذا أراد المتكلم بيان الحكم المتعلق بالطبيعة ، والآية الكريمة ليست بصدد بيان حكم طبيعة أهل البيت.

كما لا يمكن حمل اللام على الاستغراق ، إذ ليس المراد جميع البيوت لدخولها على المفرد لا الجمع ، وإلا لقال : (أهل البيوت) كما قال عندما كان في صدد إفادة الجمع : (وقرن في بيوتكن).

٤٤٧

لكن الظاهر أن المراد بأهل البيت ـ على طبق قولهم ـ : أهل الله ، وأهل القرآن ، أهل بيت النبوة (١١٨) ، ولا ريب أن ذلك منوط بحصول كمال الأهلية والاستعداد المستعقب للتنصيص والتعيين من الله ورسوله على المتصف به كما وقع في الآية والحديث ، ولهذا احتاجت أم سلمة إلى السؤال عن أهليتها للدخول فيهم كما مر (١١٩).

ونظير ذلك : أن المتبادر من الإرث في قوله تعالى : (وورث سليمان) (١٢٠) ، هو إرث المال ، وقد قيل : المراد إرث النبوة أو العلم (١٢١) ،

__________________

فتحصل من هذا أن اللام هنا لام العهد ، والمراد بالبيت هو بيت معهود ، فيكون المعنى إرادة إذهاب الرجس عن أهل ذلك البيت الخاص المعهود بين المتكلم والمخاطب.

كما لا يصح أن يكون ذلك البيت المعهود بيت أزواجه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنه لم يكن لأزواجه بيت واحد حتى تشير اللام إليه ، بل كانت كل واحدة منهن في بيت خاص ، ولو كان المراد بيتا من بيوتهن لاختصت الآية بصاحبته ، وهذا ما لم يقله أحد ، زيادة على أنه يعني خروج الزهراء البتول عليها‌السلام عن حكم الآية ، وهذا على خلاف ما عليه أهل السنة جميعا.

إذا : المتعين من البيت ـ على تقدير كون المراد منه هو بيت السكنى ـ هو بيت سيدة نساء العالمين الذي كان يضم بقية أصحاب الكساء عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

أنظر : مفاهيم القرآن ـ الشيخ جعفر السبحاني ـ ٥ / ٢٨٠.

ولعل من المهم هنا هو ما قاله ابن جزي الكلبي في تفسيره ٢ / ٥٦١ عن آية التطهير ، قال : (وقيل : المراد هنا أزواجه خاصة ، والبيت على هذا المسكن ، وهو ضعيف ، لأن الخطاب بالتذكير ، ولو أراد ذلك لقال : (عنكن) ، وروي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : نزلت هذه الآية في وفي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام) .. وقوله : (وروي) رواه الطبري في تفسيره ٢٢ / ٥ ، وغيره.

(١١٨) صرح النووي في تفسيره ٢ / ١٨٣ بهذا المعنى فقال : (أهل البيت ، أي : يا أهل بيت النبوة) وبه قال ابن منظور في لسان العرب ـ مادة : أهل ـ ١ / ٢٥٤ ، قال : (وآل الله وآل رسوله : أولياؤه ، أصلها : أهل ، ثم أبدلت الهاء همزة ...).

(١١٩) مر سؤال أم سلمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ في ص ٤٢١ من هذه الرسالة.

(١٢٠) سورة النمل ٢٧ : ١٦.

(١٢١) اختلفوا في ما ورث سليمان داود عليهما‌السلام على ثلاثة أقوال :

٤٤٨

فافهم (١٢٢) هذا.

ولا يخفى أن الإمامية احتجوا في كتبهم الأصولية بالآية المذكورة ، مع الحديث الذي رواه الترمذي ، عن أم سلمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ (١٢٣) على حجة (١٢٤) إجماع العترة الطاهرة ، وهم : علي ، وفاطمة ، وابناهما عليهم‌السلام.

وكذا احتجوا عليه بقوله عليه‌السلام : (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي) (١٢٥).

__________________

الأول : أنه ورث العلم ، واستدلوا بما قاله أبو بكر بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم بأنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) ، ومع فرض صحته فلا يمكن العمل به ، لأنه خبر واحد لا يجوز أن يخصص به عموم القرآن الكريم ، ولا نسخه به.

وفيه أيضا : أن العلم وإن قبل الانتقال بنوع من العناية غير أنه إنما يصح في العلم الفكري الاكتسابي ، والعلم الذي يختص به الأنبياء والرسل عليهم‌السلام ـ كرامة من الله تعالى لهم ـ وهبي ليس مما يكتسب بالفكر ، فغير النبي يرث العلم من النبي ، لكن النبي لا يرث علمه من نبي آخر ولا من غير نبي.

الثاني : أنه ورث العلم والنبوة ، واستدلوا عليه بأن داود عليه‌السلام كان له تسعة عشر ولدا ذكورا ، وورثه سليمان خاصة ، فدل على أن ورثه العلم والنبوة.

وفيه : أنه خبر واحد لا يلتفت إليه في المقام ، كما مر إبطال وراثة علم النبي من نبي آخر لأنه وهبي. كما أن النبوة نفسها لا تقبل الوراثة لعدم قبولها الانتقال.

الثالث : ورثه ماله وملكه ، وهذا هو رأي الشيعة الإمامية ـ انظر : التبيان ٨ / ٨٢ ، والميزان ١٥ / ٣٤٩ ـ على أن اغتصاب الزهراء عليها‌السلام حقها هو المنشأ الحقيقي للقولين الأولين ، وإلا لما أجمع أهل البيت عليهم‌السلام على القول الثالث ، بل ولما استدل الحسن البصري بهذه الآية على أن الأنبياء يورثون المال كتوريث غيرهم ، ولما أرجعت فدك إلى أهلها في فترات متعاقبة عبر التاريخ ، أنظر : مجمع البيان ٧ / ٢٧٨.

(١٢٢) إلى هنا انتهى النقل السابق من هذه الرسالة إلى إحقاق الحق ٢ / ٥٦٩.

(١٢٣) سنن الترمذي ٥ / ٣٥١ رقم ٣٢٠٥ ـ كتاب التفسير ، ورواه في مواضع أخر كما مر في الهامش رقم ١٨.

(١٢٤) كذا ، والظاهر : (حجية).

(١٢٥) حديث الثقلين في : مسند أحمد ٣ / ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ ، ٤ / ٣٦٧ و ٣٧١ ، ٥ / ١٨٢ و ١٨٩ ،

٤٤٩

واعترض فخر الدين الرازي في كتاب المحصول على الأول :

بأن المراد بأهل البيت : زوجاته [صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم] ، بقرينة ما قبل الآية وما بعدها ، والتذكير في (ويطهركم) و (عنكم) لا يمنع من إرادتهن ، بل يمنع من القصر عليهن ، وحديث لف الكساء ، معارض بما روي عن أم سلمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ ، أنها قالت له عليه‌السلام : ألست من أهل بيتك يا رسول الله؟ فقال : (بلى إن شاء الله) (١٢٦).

واعترض على الثاني (١٢٧) ، بأن الحديث من باب الآحاد (١٢٨) وهو مردود عند الإمامية.

__________________

وصحيح مسلم ٤ / ١٨٧٣ ح ٢٤٠٨ ، وصحيح مسلم بشرح النووي ١٥ / ١٧٩ ـ ١٨١ ، وسنن الترمذي ٥ / ٦٦٢ ـ ٦٦٣ ح ٣٧٨٦ و ٣٧٨٨ ، وتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ١٠ / ٢٨٧ ـ ٢٨٩ ح ٣٨٧٤ و ٣٨٧٦ ، سنن الدارمي ٢ / ٤٣١ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٥ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٤٩٧١ ، والمعجم الصغير ـ له أيضا ـ ١ / ١٣١ و ١٣٥ ، ومصنف ابن أبي شيبة ١١ / ٤٥٢ ح ١١٧٢٥ و ١١٧٢٦ ، ومستدرك الحاكم ٣ / ١٢٤ ، وتلخيصه للذهبي ، ومجمع الزوائد ٩ / ١٦٢ ـ ١٦٥ ، وفردوس الأخبار ١ / ٩٨ ح ١٩٧ ، والجامع الصغير ـ للسيوطي ـ ١ / ١٠٤ ، ٢ / ٦٦ ، إحياء الميت في الأحاديث الواردة في آل البيت : ٢٦٩ ح ٥٥ ، معالم التنزيل ١ / ٥١٦ ، وفيض القدير ٣ / ١٥ ، والمناقب ـ للخوارزمي ـ : ١١٠ وفرائد السمطين ٢ / ١٤١ ح ٤٣٦ ب ٣٣ ، وكنز العمال ١ / ١٧٢ ح ٨٧٠ و ٨٧٢ وص ١٧٣ ح ٨٧٣ وص ١٨٥ ح ٩٤٤ و ٩٤٦ وص ١٨٦ ح ٩٥٠ وص ١٨٧ ح ٩٥١ و ٩٥٣ ، وكفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ٥٣ ، والفصول المهمة : ٣٩ ، وذخائر العقبى : ١٦ ، وينابيع المودة ١ / ٢٨ و ٢٩ ، وترجمة الإمام علي عليه‌السلام من تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٤٥ رقم ٥٤٥ ، والسيرة الحلبية ٣ / ٢٧٤ ، وإسعاف الراغبين : ١١٩ ، وحاشية كشف الأستار : ١٢٦ ـ ١٢٧.

(١٢٦) تقدم تخريج رواية أم سلمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ في هامش الايراد الثالث ، ص ٤٣٨ من هذه الرسالة.

(١٢٧) : أي على الاحتجاج بحديث الثقلين.

(١٢٨) إن المصنف قدس‌سره الشريف ـ لم يشتغل بالجواب عن هذا الاعتراض إلا بالقدر الذي تسمح به هذه الرسالة ، ولو أجاب ـ قدس‌سره ـ بالنقض لإثبات تواتر الحديث من طرق

٤٥٠

...................................................

__________________

أهل السنة ، لاحتاج إلى كتاب مستقل كما فعل صاحب (العبقات) رحمه‌الله تعالى ، حيث أفرد ثلاثة مجلدات من مجلدات (العبقات) لإثبات تواتر حديث الثقلين.

ونحن لا يسعنا في المقام إلا أن نذكر بعض من رواه من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ : (وعترتي أهل بيتي) ، وبعض طرق الحديث إليهم ـ مستعينين بثمانية وعشرين مصدرا من مصادر أهل السنة ، وهي المتقدمة قبل هامشين فقط ـ والتفصيل يطلب من محله ، فنقول :

أما من روى الحديث من الصحابة ـ باللفظ المتقدم ـ فهم : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وثلاثة عشر رجلا من الصحابة ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وزيد بن ثابت ، وزيد بن أرقم ، وأبو سعيد الخدري ، وحذيفة بن أسيد ، وابن عباس ، ويريد ، والبراء ابن عازب ، وجرير ، وأبو ذر الغفاري ، وحبشي بن جنادة ، ومالك بن الحويرث ، وأنس بن مالك ، وعمرو بن مرة ، وبريدة الأسلمي ، والبجلي ، وسعد ، وأبو هريرة واثنا عشر رجلا من الصحابة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وابن عمر ، وعائشة بنت سعد ، وأم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وأما طرق الحديث إلى هؤلاء الصحابة فقد بلغت ـ كما يظهر من مصادره المتقدمة ـ أكثر من مائة طريق ، وهي :

١ ـ أخرجه الترمذي ، والنسائي ، وابن أبي شيبة ، والخطيب في (المتفق والمفترق) ، كل من طريق ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري.

٢ ـ أخرجه أحمد ، والطبراني ، كلاهما من طريقين ، وعبد بن حميد ، وابن الأنباري ، وابن أبي ليلى ، ونور الدين الهيثمي ، كل من طريق ، عن زيد بن ثابت.

٣ ـ أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) من طرق كثيرة. والترمذي ، والحاكم من طريقين. وأحمد ، وعبد بن حميد ، ومسلم ، وأبو داود ، والدارمي ، ونور الدين الهيثمي ، كل من طريق ، عن زيد بن أرقم.

٤ ـ أخرجه أبو يعلى ، والطبراني في (المعجم الكبير) ، كلاهما من طريقين. وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن سعد ، والبارودي ، كل من طريق ، عن أبي سعيد الخدري.

٥ ـ أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) ، والحاكم ، ونور الدين الهيثمي ، كل من طريق ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري.

٦ ـ أخرجه أحمد ، والحاكم ، عن ابن عباس.

٧ ـ أخرجه ابن أبي شيبة ، وأحمد ، عن ابن عباس ، عن بريد.

٤٥١

.......................................................................................

__________________

٨ ـ أخرجه أحمد ، وابن ماجدة ، عن البراء بن عازب.

٩ ـ أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) عن جرير.

١٠ ـ أخرجه أبو نعيم ، عن جندب بن جنادة.

١١ ـ أخرجه البخاري في تاريخه ، وابن نافع ، عن حبشي بن جنادة.

١٢ ـ أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) ، عن مالك بن الحويرث.

١٣ ـ أخرجه أحمد ، عن علي عليه‌السلام وثلاثة عشر رجلا من الصحابة.

١٤ ـ أخرجه الخطيب في (المتفق والمفترق) عن أنس بن مالك.

١٥ ـ أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) ، عن عمرو بن مرة وزيد بن أرقم معا.

١٦ ـ أخرجه أحمد ، والنسائي ، وابن حبان ، والحاكم ، والضياء المقدسي ، كل من طريق ، عن بريدة الأسلمي.

١٧ ـ أخرجه النسائي ، عن سعيد بن وهب ، عن عمر بن ذر مرفوعا.

١٨ ـ أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن القواريري ، عن يونس بن أرقم من طرق كثيرة صحيحة ، عن أبي الطفيل ، وعن زيد بن أرقم ، وعن ابن عباس ، وعن عائشة بنت سعد ، وعن البراء بن عازب ، وعن ابن أسيد ، وعن البجلي ، وعن سعد.

١٩ ـ أخرجه نور الدين الهيثمي ، عن أبي هريرة ، وعلي عليه‌السلام معا ، وأخرجه بهذا الطريق وطريق آخر ـ بلفظ قريب من الأول ـ عن عبد الرحمن بن عوف ، وبطريق آخر ـ قريب من لفظه ـ عن عبد الله بن عمر.

٢٠ ـ أخرجه ابن أبي شيبة ، عن أبي هريرة ، واثني عشر رجلا من الصحابة.

أنظر : دفاع عن الكافي ـ ثامر العميدي ـ ١ / ١٤١.

هذا ، وقد أحصى السيد علي الميلاني في كتابه : (حديث الثقلين .. تواتره ، فقهه كما في كتب السنة ، نقد لما كتبه الدكتور السالوس) : ٤٧ ـ ٥١ رواة الحديث عبر القرون ابتداء من القرن الثاني وحتى القرن الرابع عشر الهجري فبلغوا مائة وخمسة وستين عالما ، ومن هنا تتضح قيمة اعتراض الرازي على حديث الثقلين بأنه من الآحاد! على أن بعض أهل السنة يرى تحقق التواتر بنقل الواحد! كالغزالي في كتابه : المنخول : ٢٤٢ ، والأعجب من هذا كله هو ادعاء الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ / ٢٠٩ حيث أضاف إلى قوله : (إنه من باب الآحاد) : (وإن كان حجة ولكن لا نسلم أن المراد بالثقلين : الكتاب والعترة ، بل : الكتاب والسنة) مدعيا بأن الحديث ورد بلفظ (كتاب الله وسنتي) ، مع أن الحديث بهذا اللفظ (وسنتي) لم يروه سوى مالك في الموطأ ٢ / ٢٠٨ وابن هشام في سيرته ٤ / ٦٠٣ وكلاهما لم

٤٥٢

[ثم قال :] (١٢٩) سلمنا ، لكن يدل على أن مجموع الكتاب وقول العترة [عليهم‌السلام] حجة ، لا على أن قولهم وحده حجة (١٣٠).

وقال صاحب الحاصل ـ مشيرا إلى اعتراض الرازي على وجهي احتجاج الإمامة ـ : وهذا تعصب ، وإلا فالحجتان جيدتان (١٣١).

وقال شارح التحصيل (١٣٢) أيضا : إن ما قاله الإمام ومن تبعه تعصب

__________________

يسنداه! وأسنده المناوي في فيض القدير / شرح الجامع الصغير ٣ / ٢٤٠ وفي إسناده صالح بن موسى الطلحي الكوفي ، وقد أطبقت كلمة علماء الرجال على وصفه بأقبح الأوصاف ، ولم يوثقه أحد من أهل السنة قط! راجع : ديث الثقلين ـ للسيد الميلاني ـ : ٦٣ وما بعدها ، وحديث الوصية بالثقلين : الكتاب والسنة ـ للسيد الميلاني أيضا ـ المنشور ضمن سلسلة الأحاديث الموضوعة في مجلة (تراثنا) ، العدد الرابع [٢٩] ، السنة السابعة ، شوال ١٤١٢ ه ، ص ١٧١ ـ ١٨٧.

(١٢٩) أثبتنا ما بين العضادتين ليعلم أن ما بعده هو من تتمة كلام الرازي.

(١٣٠) ذكر هذا الاعتراض الرازي في المحصول ٢ / ٨٢ ، وأبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع ٢ / ٧١٩ رقم ٨٤٤ ، والأرموي في التحصيل من المحصول ٢ / ٧٢ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ / ٢٠٩ ، وابن الحاجب في منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل ١ / ٥٧ ، والبدخشي في منهاج العقول ٢ / ٤٠٢ ، والسبكي في الابهاج في شرح المنهاج ٢ / ٣٦٦ ، كلهم في بحث الإجماع.

وقد اتضح لي أن أغلب هذه الكتب ـ بعد تتبع نصوصها ـ تعتمد على النقل الحرفي من (محصول الرازي) وبلا تدبر! على الرغم مما لأصحابها من منزلة علمية ، وإلا فما معنى القول بأن حديث الثقلين من أخبار الآحاد بعد رواية الجم الغفير له من الصحابة ، وتسجيله في أمهات كتب الحديث السنية؟!

(١٣١) راجع الهامش رقم ٢٦ من هذه الرسالة.

(١٣٢) هو : بدر الدين محمد بن أسعد التستري الشافعي ، كان محققا ومدققا وإمام زمانه في الفقه والأصول ، وبرع في المنطق والحكمة ، وكان أعجوبة في معرفة مصنفات متعددة بخصوصها مطلعا على أسرارها ، ووضع على كثير منها تعاليق متضمنة لنكت غريبة تدل على براعته وعلمه وفطنته ، له من الكتب : شرح مختصر ابن الحاجب ، وشرح البيضاوي ، والطوالع ، والمطالع ، والغاية القصوى ، وشرح كتاب ابن سينا ، وله : حل عقد التحصيل ـ ولعله هو الكتاب الذي نقل عنه المصنف قدس‌سره ـ مخطوط بدار الكتب المصرية ، برقم ١٤ ، يقع

٤٥٣

كما قاله بعض الفضلاء (١٣٣) ، وإلا فالحجتان جيدتان على القواعد الأصولية التي قررها هو وغيره (١٣٤).

وقال بعض الشافعية من شارحي المنهاج (١٣٥) في هذا المقام أيضا ـ : إنه لا شك أن أهل البيت في مهبط الوحي ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان

__________________

في ١٤٧ لوحة.

وكان يدرس بقزوين ، وسافر إلى مصر سنة ٧٢٧ ه ، ثم رجع إلى العراق ، وتوفي بهمدان سنة ٧٣٢ ، ذكره الأسنوي في طبقات الشافعية ١ / ١٥٤ رقم ٢٩٤ مصرحا بأنه من أشياخه ولمزه بالرفض! وتابعه على ذلك ابن حجر في الدرر الكامنة ٣ / ٣٨٣ رقم ١٠١٥ ، وعده ابن العماد من فقهاء الشافعية في شذرات الذهب ٦ / ١٠٢ ـ في سنة ٧٣٢ ه ، وفي مقدمة تحقيق التحصيل من المحصول ـ للأرموي ـ : ١٢٨ ، أن المترجم له قد درس التحصيل ، وكان يثني عليه غاية الثناء وعلى مؤلفه أيضا ، مع أن بعض ما في التحصيل لا يقبله باحث منصف فضلا عن (الرافضة) كتأييده للرازي ـ كما مر قبل هامشين ـ بأن حديث الثقلين من أخبار الآحاد! وهذه قرينة على عدم تشيعه.

(١٣٣) المراد ببعض الفضلاء في كلام شارح التحصيل هو القاضي تاج الدين محمد بن حسين الأرموي (ت ٦٥٦ ه) صاحب (الحاصل) المتقدم في الهامش ٢٦ من هذه الرسالة ، ظاهرا.

(١٣٤) من القواعد الأصولية التي قررها الرازي وأشاد بنيانها هو وغيره هي أن خبر الواحد العدل حجة في الشرع ، واستدلوا عليه بالنص ، والإجماع ، والسنة المتواترة ، والقياس ، والعقل.

أنظر : المحصول ٢ / ١٧٠ ، ونهاية السول ٢ / ٩٤ ، والتقرير والتحبير ٢ / ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، والمستصفى ٢ / ١٣١ ، وإحكام الفصول في أحكام الأصول ـ للباجي ـ : ٢٦٦ ، والاحكام في أصول الأحكام ـ للآمدي ـ ٢ / ٢٧٤ ، وشرح مختصر المنتهى للقاضي عضد الدين ١ / ١٦٠ ، كلهم في مباحث خبر الواحد.

ومن هنا يتبين أن حديث الثقلين مع فرض كونه من أخبار الآحاد فإن استدلال الشيعة به تام على طبق ما قرره الرازي وغيره ، كما سيشار إليه في متن الرسالة لاحقا.

وكذلك الحال في تمامية استدلالهم بخبر إبعاد أم سلمة عن الدخول مع أهل الكساء عليهم‌السلام الذي لا يقوى ـ بحسب ما قرره الرازي وغيره في بحث التعارض ـ خبر الإذن لها على معارضته ، كما بيناه في مناقشة سنده في الهامش رقم ٨٠.

(١٣٥) المراد هو : عبد الله أو عبيد الله بن محمد الفرغاني ، المشتهر بالعبري ، من أكابر فقهاء الشيعة ، شرح مصنفات القاضي البيضاوي ، وصنف شرح المنهاج ، وتوجد نسخة خطية منه في مكتبة

٤٥٤

مدة حياته مهتما بتربيتهم وإرشادهم غاية الاهتمام ، فكل ما قالوا به واتفقوا عليه يكون أقرب إلى الحق والصواب ، وأبعد عن الخطأ والفساد (١٣٦).

وهذا المقدار كاف في إفادة المراد.

وأقول في دفع الاعتراض الأول : إن التذكير في (ويطهركم) (١٣٧) وإن لم يمنع من إرادتهن ، لكن الطهارة المأخوذة في (ويطهركم) [تمنع] (١٣٨) منه ، [لدلالتها] (١٣٩) على العصمة ، وعصمة الأزواج منفية بالاتفاق.

وأيضا : إن الآية ـ بضم الحديث المروي عن أم سلمة (١٤٠) ـ تمنع من إرادة الأزواج ، لدلالة الحديث على خروج أم سلمة وهي من الأزواج ، ولا قائل بالفصل ، فيدل على خروج الكل.

على أنه قد يفهم من قوله عليه‌السلام : (هؤلاء أهلي) (١٤١) دون غيرهم ،

__________________

أوقاف بغداد ، برقم ٤٩٥٣ كما في الأعلام ـ للزركلي ـ ٤ / ١٢٦ ، وسيأتي ـ في الهامش التالي ـ ما يدل على كون المقصود بهذا الكلام هو العبري.

(١٣٦) قال الأسنوي في نهاية السول ٢ / ٤٠٠ ـ بعد نقله لقول البيضاوي والرازي في كون إجماع أهل البيت عليهم‌السلام ليس بحجة! ـ ما نصه : (قال العبري : والحق أن إجماعهم أبعد عن الخطأ ، لأن أهل البيت مهبط الوحي ، والنبي عليه‌السلام فيهم ، فالخطأ عليهم أبعد).

(١٣٧) لم يرد في الأصل حرف الواو في (ويطهركم).

(١٣٨) في الأصل : (يمنع) وما أثبتناه بين العضادتين هو الصحيح.

(١٤٠) وهو الحديث الذي منعت أم سلمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ بموجبه من الدخول مع أهل الكساء عليهم‌السلام ، وقد تقدم تخريجه في الهامش رقم ١٨.

(١٤١) أخرجه الترمذي في سننه ٥ / ٣٥١ ح ٣٢٠٥ ، وأحمد في مسنده ٦ / ٢٩٢ ، والحاكم في مستدركه ٢ / ٤١٦ ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٠ / ٢٧٨ ح ٥٣٩٦ ، وابن عساكر في ترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من تاريخ دمشق بطرق كثيرة : ٦١ ح ٨٥ وما بعده ، والطبري في تفسيره ٢٢ / ٦ ، وابن كثير في تفسيره ٣ / ٤٩٢ ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٣ / ٦٠٣ مع الإشارة إلى كثير من طرقه.

٤٥٥

ردا على من اعتقد أن الأزواج أيضا من أهل البيت ، فيكون قصرا إفرادا (١٤٢).

وأما ما ذكره أولا في اعتراضه الثاني من أن خبر الواحد مردود عند الإمامية!

مردود بأن هذا افتراء عليهم (١٤٣) ، فإن سلم فلعلهم تمسكوا بذلك الحديث إلزاما ، لأن الخصم سلم صحته ، وسلم أن الخبر الواحد حجة (١٤٤).

وما ذكره ثانيا (١٤٥) مدفوع بأن المتبادر من الحديث التمسك بكل من الكتاب والعترة ، فيدل على كون العترة [مستقلة] (١٤٦) بالهداية (١٤٧).

قال صاحب النقود والردود (١٤٨) : الحديث يدل على استقلال العترة

__________________

(١٤٢) وهذا قد صرح به الفقيه الشافعي الفرغاني العبري حسبما نقله عنه الأسنوي في نهاية السول ٢ / ٣٩٩ ، وقد مر كلامه في مناقشة سند الرواية المدعى أنها معارضة لحديث الكساء في آخر الهامش رقم ٨١ فراجع.

(١٤٣) لأنهم صرحوا بأن خبر الواحد العدل حجة في سائر كتبهم الأصولية ، ولا يضر نفي بعضهم حجية الخبر الواحد كالسيد المرتضى ـ قدس‌سره الشريف ـ على ما هو معروف عنه ومشهور.

(١٤٤) راجع الهامش رقم ١٣٤.

(١٤٥) من أن حديث الثقلين لا يدل على أن قول العترة وحده حجة ، بل منضما إلى مجموع الكتاب العزيز كما مر في ص ٤٥٣.

(١٤٦) في الأصل : (مستقلا) وقد يكون صحيحا إذ ما لوحظ معنى العترة لا لفظها ، لأن معنى العترة لغة يفيد التذكير ، فعترة الرجل : عقبه من صلب ، وقيل : قومه ، وقيل : رهطه. (لسان العرب ٩ / ٣٤ ـ عتر) ، وما أثبتناه بين العضادتين هو الأنسب ظاهرا.

(١٤٧) وهذا صرح العبري الشافعي بأن حديث الثقلين (يلزم حجية كل خبر مروي عن العترة ، وعدم حجية ما روي عن سائر الصحابة).

راجع : نهاية السول الأسنوي ٢ / ٤٠١ ـ بحث الإجماع.

(١٤٨) هو محمد بن محمود بن أحمد البابرتي ، الشيخ أكمل الدين الحنفي ، ويقال : محمد بن محمد بن محمود ، صنف (النقود والردود) شرحا لمختصر ابن الحاجب ، وشرح عقيدة نصير الدين الطوسي ، وشرح (مشارق الأنوار) للصغاني ، مات سنة ٧٨٦ ه.

٤٥٦

بالهداية ، لكون الكتاب مستقلا ، فلو لم [تكن] (١٤٩) العترة [مستقلة] (١٥٠) بها لما جاز الجمع بين العترة والكتاب بقوله عليه‌السلام : (بهما) (١٥١) ، لأنه كالجمع بين مباح ومحظور ، لأنه ظاهر جمع بينهما (١٥٢) ، انتهى.

ثم أقول : الأولى في الرد ، أن يقال : العترة [مستقلة] (١٥٣) به بدون انضمام الكتاب دون العكس ، وإلا لم تكن لهم مزية ، لأن من عداهم أيضا بهذه المشابهة ، ويؤيد هذا ما ذكره المولى الفاضل المتأله قطب الدين الشيرازي الشافعي (١٥٤) في مكاتبته المشهورة ، حيث قال :

(راه بي راهنما نميتوان يافت وگفتن آنكه چون كتاب الله وسنة

__________________

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ١٤ / ٢٥٠ رقم ٦٨٦.

(١٤٩) في الأصل : (يكن) والصحيح ما أثبتناه بين العضادتين.

(١٥٠) في الأصل : (مستقلا) والصحيح ما أثبتناه بين العضادتين ، وقد مر مثله في هامش رقم ١٤٦.

(١٥١) الوارد في حديث الثقلين.

(١٥٢) النقود والردود في شرح مختصر ابن الحاجب ، مخطوط في المدرسة الباقرية في مشهد المقدسة ، وهو من موقوفات المدرسة السميعية.

أنظر : فهرس مخطوطات المدرسة الباقرية ، للدكتور محمود فاضل ، منشور في مجلة (تراثنا) تباعا ، العدد الأول [٢٦] السنة السابعة / محرم ١٤١٢ ه ، ص ١٤٥ ، وفيه أن وفاة صاحب النقود في سنة ٨٧٦ ه ، والصحيح ما ذكرناه في ترجمته.

(١٥٣) في الأصل : (مستقل) والصحيح ما أثبتناه بين العضادتين.

(١٥٤) هو : محمد بن مسعود بن مصلح الفارسي الشيرازي الشافعي ، الملقب بالعلامة ، ويعرف بالقطب الشيرازي ، كان بارعا في العلوم محققا متكلما حكيما ، ولد بشيراز سنة ٦٣٤ ه ، قرأ على نصير الدين الطوسي ، ودخل الروم وقدم الشام وسكن تبريز ، وكان ظريفا مزاحا لا يحمل هما ، ولا يغير زي الصوفية ، ويجيد لعب الشطرنج! ويتقن الشعبذة! ويضرب بالرباب! ومع هذا فهو من بحور العلم ومن أذكياء العالم ، له : شرح مختصر ابن الحاجب ، وشرح المفتاح للسكاكي ، وشرح كليات ابن سينا ، مات في الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة ٧١٠ ه بتبريز ودفن بها قرب قبر المحقق البيضاوي.

روضات الجنات ٦ / ٤٦ ، ورياض العلماء ٥ / ١٧٠ ، كلاهما في ترجمة قطب الدين

٤٥٧

رسول الله در ميان است بمرشد چه حاجتست بآن ما ندركه مريض گويد چون كتب هست كه طبيب نوشته چرا ما بأطباء مراجعت بايد كرد كه اين سخن خطاست براي انكه نه هر كس را فهم كتب طب ميسر است واستنباط از آن ميتواند كرد مراجعت بأهل استنباط بايد كرد كه : (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه ا لذين يستنبطونه) (١٥٥).

كتاب حقيقي صدور أهل علمست كه : (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) (١٥٦) ، نه بطون دفاتر چنانچه أمير المؤمنين عليه السلام فرمود : (أنا كلام الله الناطق ، وهذا كلام الله الصامت) (١٥٧)) (١٥٨).

__________________

الرازي محمد بن محمد البيوهي ، كشف الظنون ٦ / ٤٠٦.

(١٥٥) سورة النساء ٤ : ٨٣.

(١٥٦) سورة العنكبوت ٢٩ : ٤٩.

(١٥٧) لم نعثر على هذا النص في المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة ، ولا في فهرس غرر الحكم ودرر الكلم ، ولا في سجع الحمام في حكم الإمام ، ولا في المصادر التي اهتمت بنقل كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام ك (نثر الدر) للآبي وغيره.

ولأمير المؤمنين عليه‌السلام أقوال كثيرة بهذا المعنى : كقوله عليه‌السلام : (لا ينطق ـ أي : القرآن ـ بلسان ، ولا بد له من ترجمان ، وإنما ينطق عنه الرجال) نهج البلاغة : خطبة ١٢٥.

وكقوله عليه‌السلام : (فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق) نهج البلاغة : خطبة ١٨٣.

وكقوله عن أهل البيت عليهم‌السلام : (لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق) نهج البلاغة : خطبة ١٤٧.

(١٥٨) ترجمة النص الفارسي إلى العربية هو هذا :

لا يوجد طريق بلا دليل ، وقول : إنه لما يكون في البين كتاب الله وسنة رسوله ، فلماذا تكون الحاجة إلى المرشد؟! يشبه قول المريض : إنه لما كانت كتب الطب مدونة من قبل الأطباء وهي موجودة ، فلا حاجة لمراجعة الأطباء!!

ولا شك في غلط هذا القول ، إذ ليس لكل أحد تيسر فهم العلاج من كتب الطب ، وكما

٤٥٨

انتهى كلامه ، وبه انتهى توضيح ما أوردناه ، والحمد لله رب العالمين.

(تم ، تم) (١٥٩).

* * *

وآخر دعوانا

أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على من

أذهب الرجس عنهم وطهروا تطهيرا

محمد وآله الميامين.

__________________

إن على المريض مراجعة الأطباء ، كذلك من يريد الهداية والحق فعليه مراجعة أهل الاستنباط من أولي الأمر كما في قوله تعالى : (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه).

والكتاب الحقيقي هو صدور أهل العلم كما في قوله تعالى : (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) لا بطون الدفاتر ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (أنا كلام الله الناطق ، وهذا ـ أي : القرآن الكريم ـ كتاب الله الصامت).

(١٥٩) الظاهر أن ما بين القوسين هو من كلام الناسخ لا المصنف.

٤٥٩

من أنباء التراث

كتب صدرت محققة

* عدة الرجال ، ج ١ و ٢.

تأليف : السيد محسن بن الحسن الحسيني الأعرجي الكاظمي (١١٣٠ ـ ١٢٢٧ ه).

كتاب مهم في علم الدراية ، يتضمن ثمانية عشر فائدة في مختلف الموضوعات الخاصة بمعرفة أحوال رواة أحاديث الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة من عترته عليهم‌السلام ، مبينا ما اجتمع عليه علماء الرجال المتقدمين والمتأخرين وما اختلفوا فيه في تصانيفهم الكثيرة.

ضم الجزء الأول ، الفوائد الاثني عشر التي وضعها بناء على طلب ولده ـ والذي

توفي بعد إتمامها ـ مع فائدتين من الفوائد الست اللاحقة ـ التي ألفت بعد وفاته ـ ، فيما ضم الجزء الثاني الفوائد الأربع الأخرى مع الفهارس الفنية العامة للكتاب.

تم التحقيق اعتمادا على نسختين مخطوطتين ذكرت مواصفاتهما في مقدمة التحقيق.

تحقيق : مؤسسة الهداية لإحياء التراث ـ قم.

نشر : منشورات إسماعيليان ـ قم / ١٤١٥ ه.

* الحاشية على استصحاب القوانين.

تأليف : الشيخ الأعظم ، الشيخ مرتضى

٤٦٠