إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٩

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

مستدرك

الخلفاء بعدي اثنا عشر كنقباء بني إسرائيل

قد تقدم نقل منا عن أعلام العامة في ج ١٣ ص ٤٤ و ٤٥ ومواضع أخرى من هذا الكتاب ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي الحنفي في كتابه «الفتن والملاحم» (ج ١ ص ٩٥ ط مكتبة التوحيد بالقاهرة) قال :

حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا مجالد بن سعيد ، عن شعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تكون بعدي من الخلفاء عدة نقباء موسى.

ولي الناس اثنا عشر رجلا كلهم من قريش

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة أبو حفص عمر بن بدير بن سعيد الموصلي الشافعي المشتهر بابن معين في «الجمع بين الصحيحين» (ص ٤٥ والنسخة من مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال:

وفي رواية : لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا كلهم من قريش.

١٠١

ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ خليل الميس مفتي زحلة والبقاع ومدير أزهر لبنان في «فهرس الموضوعات في صحيح مسلم» (ص ٣٥٤ ط دار القلم ، بيروت) قال :

لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا. ح ٦ ب ١ ك ٣٣

١٠٢

مستدرك

حديث الأئمة من ولدي

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن العامة في ج ١٣ ص ١ إلى ٣٧ وج ١٩ ص ٦٢٨ إلى ٦٣١ ومواضع أخرى من الكتاب ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في «آل محمد» (ص ١٩٠ نسخة مكتبة السيد الإشكوري) قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الأئمة من ولدي ، من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله تعالى جل وعلا.

قال في الهامش : رواه في كتاب «مودة القربى» بسنده عن علي [عليه‌السلام].

١٠٣

مستدرك

الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي وآخرهم المهدي

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ١٣ ص ١ إلى ٧٤ ومواضع أخرى من الكتاب ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في «آل محمد» (ص ١٩٠ والنسخة من مكتبة السيد الإشكوري) قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الأئمة بعدي اثنا عشر ، أولهم أنت يا علي ، وآخرهم القائم الذي يفتح الله عزوجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها.

قال في الهامش : رواه في «المناقب» بسنده عن علي [عليه‌السلام] (١).

__________________

(١) قال الفاضل المعاصر الدكتور أحمد حجازي السقاء في «الخوارج الحروريون» ص ٣٨ ط مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة ، قال :

ويروي الكليني عن عبد الله بن جندب أنه كتب إليه علي بن موسى ـ الإمام الثامن عندهم ـ : أما بعد ... فنحن أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب العرب ، ومولد الإسلام ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق.

١٠٤

__________________

وقال الدكتور أبو الوفاء الغنيمي التفتازاني أستاذ الفلسفة الإسلامية ، جامعة القاهرة ، في «علم الكلام وبعض مشكلاته» ص ٨٠ ط دار الثقافة للنشر والتوزيع ، القاهرة ، قال :

ويذهب الإثنا عشرية ـ كما ذهب غيرهم من الشيعة أيضا ـ إلى أن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي ، أو لسان الإمام الذي قبله ، وليست إذن بالاختيار والانتخاب من الناس ، فالإمامة إذن واجبة على الله.

ويستند الشيعة الإثنا عشرية في قولهم بأن الإمامة تكون بالنص والتعيين إلى شواهد نقلية وأخرى عقلية.

فيظهرنا السيد محمد رضا المظفر أحد علماء الشيعة المعاصرين ، وعميد كلية الفقه في النجف الأشرف على بعض الشواهد النقلية التي يستند إليها الإثنا عشرية في قولهم بأن الإمامة بالنص قائلا : ونعتقد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نص على خليفته والإمام في البرية من بعده ، فعين ابن عمه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وأمينا للوحي ، وإماما للخلق في عدة مواطن ، ونصبه وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير. فقال : ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار.

ومن أول مواطن النص على إمامته قوله حينما دعا أقرباءه الأدنين وعشيرته الأقربين فقال : هذا أخي ووصيّي وخليفتي من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا وهو يومئذ صبي لم يبلغ الحلم ، وكرر قوله له في عدة مرات : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، إلى غير ذلك من روايات وآيات كريمة دلت على ثبوت الولاية العامة له ، كآية المائدة ، ٦٠ : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وقد نزلت فيه عند ما تصدق بالخاتم وهو راكع.

ثم إنه عليه‌السلام نص على إمامة الحسن والحسين ، والحسين نص على إمامة ولده زين العابدين ، وهكذا إماما بعد إمام ينص المتقدم عنهم على المتأخر.

وقد أظهرنا الشهرستاني على بعض أدلتهم العقلية على أن الإمام منصوص عليه معين بشخصه ، فقال : وما كان (في رأي الإمامية) في الدين والإسلام أمر أهم من تعيين الإمام حتى

١٠٥

__________________

تكون مفارقته (أي مفارقة النبي) الدنيا على فراغ قلب من أمر الأمة فإنه (أي النبي) إنما بعث لرفع الخلاف وتقرير الوفاق فلا يجوز أن يفارق الأمة ويتركهم هملا يرى كل واحد منهم رأيا ، ويسلك كل واحد منهم طريقا لا يوافقه في ذلك غيره ، بل يجب أن يعين شخصا هو المرجوع إليه وينص على واحد هو الموثوق به والمعول عليه ، وقد عين عليا رضي‌الله‌عنه تعريضا وفي مواضع تصريحا.

ولكن ما هي الشروط التي يجب توافرها فيمن يكون إماما عند الشيعة الإثني عشرية؟

نقول إجابة على هذا السؤال : إن الإثنا عشرية يعتقدون أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ، ما ظهر منها وما بطن ، من سن طفولته إلى موته ، عمدا وسهوا ، كما أنه يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان. وذلك لأن الأئمة هم حفظة الشرع والقوامون عليه ، حالهم في ذلك حال النّبي ، والدليل الذي يقتضي عصمة النبي عندهم هو نفس الدليل الذي يقتضي عصمة الإمام.

ويعتقد الإثنا عشرية أن الإمام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال الإنساني كالشجاعة والكرم والعفة والصدق والعدل والتدبير والعقل والحكمة.

ويجب أن يكون الإمام مؤيدا من طريق الإلهام بالقوة القدسية. فالإمام يتلقى المعارف من طريق النبي أو الإمام الذي قبله ، فإذا استجد شيء فلا بد أن يعلمه من طريق هذه القوة القدسية ، فمعرفة الإمام عن هذا الطريق الأخير ليست من قبيل الاستدلال العقلي ، وإنما تتجلى المعلومات في نفسه كما تتجلى المرئيات في المرآة الصافية ، وهنا يتفق الإثنا عشرية مع بعض فلاسفة الإسلام والصوفية الذين جعلوا وراء العقل واستدلالاته طريقا حدسيا أو كشفيا للمعرفة.

هذا ، وتجب طاعة الأئمة مطلقا ، فأمرهم أمر الله ، ونهيهم نهيه ، وطاعتهم طاعته ، ومعصيتهم معصيته ، ووليهم وليه ، وعدوهم عدوه ، ولا يجوز لذلك الرد عليهم لأن الراد عليهم كالراد على الرسول ، والراد على الرسول كالراد على الله ، فيجب التسليم لهم والانقياد لأمرهم ، ولا تستقى الأحكام الشرعية إلا منهم ، فيجب الرجوع إليهم ، ويستند الإثنا عشرية هنا إلى ما يروى عن النّبي : إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : الثقلين ،

١٠٦

__________________

وأحدهما أكبر من الآخر ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

ويعتقد الإثنا عشرية كذلك بالتقية ، فقد روي عن الصادق قوله : التقية ديني ودين آبائي ، وقوله : ومن لا تقية له لا دين له. والحكمة منها دفع الضرر عن الأئمة وعن أتباعهم حقنا للدماء واستصلاحا لحال المسلمين وجمع كلمتهم ، إذ أن الإنسان إذا أحس بالخطر على نفسه أو ماله بسبب نشر معتقده أو التظاهر به فلا بد أن يكتتم ويتقي في مواضع الخطر ، وهذا في رأيهم أمر تقتضيه فطرة العقول ، خصوصا وأن أئمة أهل البيت قد لاقوا من ضروب المحن وصنوف الضيق على جريانهم في جميع العهود ما لم تلاقه أية طائفة أو أمة أخرى ، فاضطروا في أكثر عهودهم إلى استعمال التقية ، بمكاتمة المخالفين لهم وترك مظاهرتهم وستر اعتقاداتهم ، وأعمالهم المختصة بهم عنهم ، لما كان يعقب ذلك من الضرر في الدين والدنيا ويستدلون هنا ببعض شواهد من النقل مثل قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) وقد نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر الذي التجأ إلى التظاهر بالكفر خوفا من أعداء الإسلام ، وقوله تعالى (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) وقوله تعالى (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ).

ومن هنا جوز الإثنا عشرية أن يكون الإمام ظاهرا مشهورا ، أو غائبا مستورا ، والله لا يخلى الأرض من حجة على العباد من نبي أو وصي.

والإثنا عشرية بوجه عام معتدلون في نظرتهم إلى الأئمة وهم يبرءون من الغلاة الذين اعتقدوا بالحلول ، أي حلول الجزء الإلهي في علي وذريته ، فيقول السيد محمد رضا المظفر مبينا عقيدتهم في الأئمة : لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، بل عقيدتنا الخالصة أنهم بشر مثلنا ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته وحباهم بولايته ، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به ، وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ، ومرجعا بعد النبي في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم ، وما يرجع للدين من بيان

١٠٧

__________________

وتشريع وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل.

ويعتقد الإثنا عشرية بعد ذلك بالرجعة أعني رجعة المهدي ومن يحييه الله معه. والمهدي هو آخر أئمتهم. ويعتقدون أنه ولد سنة ٢٥٦ هو لا يزال حيا ، وهو ابن الحسن العسكري واسمه محمد ، ويستندون هنا إلى مرويات عن النبي وآل البيت من الوعد به ، وما تواتر عندهم من ولادته واحتجابه ، إذ الإمامة لا يجوز أن تنقطع في عصر من العصور ، وإن كان الإمام مخفيا ليظهر في اليوم الموعود به من الله تعالى الذي هو من الأسرار الإلهية التي لا يعلم بها إلا هو تعالى. ولا يخلو من أن تكون حياته وبقاؤه في هذه المدة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له. وفي عصور غيبة الإمام يجب الاجتهاد.

ويعتقد الإثنا عشرية أن المجتهد الجامع للشرائط هو نائب للإمام في حال غيبته ، وهو الحاكم والرئيس المطلق ، له ما للإمام من الفصل في القضايا والحكومة بين الناس ، والراد عليه راد على الإمام ، والراد على الإمام راد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله كما روي عن الصادق. وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام للمجتهد ليكون نائبا عنه في حال الغيبة ولذلك يسمى نائب الإمام.

هذا موجز لعقائد الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، عرضناه من وجهة نظر بعض كبار علمائهم المعاصرين ، وقد توخينا بذلك أن نعطي للقارئ فكرة موضوعية عن عقائد الإثني عشرية لا أثر فيها لما قد يعتقده كاتب هذه السطور ، وهو من أهل السنة.

ونحن نعتقد أن الخلاف بين الإثني عشرية وأهل السنة قائم ، ولكنه ليس بذي خطر إذا ما تفهمناه على حقيقته.

ولننظر في أول مسألة تتعلق بالإمامة ، وهي قول الشيعة إنها بالنص والتعيين وقول أهل السنة إنها بالاتفاق والإختيار ، فنجد أن مسألة الإمامة كلها عند أهل السنة خارجة عن نطاق العقائد الإيمانية لأنها من مسائل الفروع ، وعلى ذلك فالقول بالنص فيها لا تعلق له بكفر ولا بإيمان ، ولا يكون القائل به مبتدعا بل يجب النظر إليه على أنه بمثابة مجتهد في الأحكام.

ولعل هذا هو ما جعل بعض فلاسفة الإسلام كابن سينا يبيحون لأنفسهم البحث العقلي الخالص في هذه المسألة ، وابن سينا مثلا ، وإن كان أميل إلى تفضيل النص ، إلا أنه لا يمانع في

١٠٨

__________________

أن يكون نصب الإمام بالاختيار.

يضاف إلى ذلك أن الشيعة أنفسهم لم يبدعوا الذين لا يذهبون مذهبهم في الإمامة ، يدل عليه قول السيد محمد حسين آل كاشف الغطاء وهذا نصه :

فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم (عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية) مؤمن بالمعنى الأخص ، وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة (وهي التوحيد والنبوة والمعاد والعمل بدعائم الإسلام وهي الصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد) فهو مسلم بالمعنى الأعم ، تترتب عليه جميع أحكام الإسلام من حرمة دمه وماله وعرضه ووجوب حفظه وحرمة غيبته وغير ذلك ، لا أنه بعدم الإعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلما.

وكما يعظم الإثنا عشرية الأئمة من أهل البيت ويوجبون محبتهم ، فإن أهل السنة يعظمون أيضا أهل البيت ، ويعتبرونهم مرجعا للمسلمين في الأحكام ، ويرون لهم منزلة وفضلا كبيرا ، ويرون محبتهم والتقرب إليهم من كمال الإيمان لما ورد في حقهم من النصوص الثابتة.

ووجوب كون الإمام عند الإثني عشرية أفضل الناس في صفات الكمال لأنه يقوم مقام النبي ، فهذا ـ إذا ما تحقق في الإمام ـ لا يعارض فيه أهل السنة أو غيرهم ، ووجوب طاعة الإمام من الأمور المتفق عليها بين جميع المسلمين.

أما مسألة العصمة أعني عصمة الإمام ، فهي وإن كانت من المسائل الخلافية ، إلا أنها لا تهدم أصلا من أصول العقائد الإيمانية عند أهل السنة.

أما القول بالرجعة فإذا كان أهل السنة ينكرونه استنادا إلى شواهد نقلية ، والإثنا عشرية يثبتونه ويدللون عليه أيضا بأدلة نقلية ، فإن السيد محمد رضا المظفر يقول : إنها ـ أي الرجعة ـ ليست من الأصول التي يجب الإعتقاد بها والنظر فيها ، وإنما اعتقادنا بها كان تبعا للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيت عليهم‌السلام الذين ندين بعصمتهم عن الكذب ، وهي من الأمور الغيبية التي أخبروا عنها ، ولا يمتنع وقوعها.

قال في ذيل الكتاب :

يذهب الإمامية إلى أن الله تعالى يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر ، ولذلك لا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان ، أو من

١٠٩

__________________

بلغ الغاية من الفساد ، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت ، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالإرجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (المؤمنون : ١١) ، والرجعة عندهم دليل على القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشر ، وهي كمعجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح ، بل هي في رأيهم أبلغ هنا لأنها تقع بعد أن يصبح الأموات رميما (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (يس : ٧٩) أنظر في تفصيل ذلك عقائد الإمامية ص ٦٧ ـ ٧١.

١١٠

مستدرك

الأئمة من قريش

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ١٣ ص ١ إلى ٣٧ وج ١٩ ص ٦٢٨ إلى ٦٣١ ومواضع أخرى من الكتاب ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في «آل محمد» (ص ١٩٠ نسخة مكتبة السيد الإشكوري) قال :

قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الأئمة من قريش ، ولهم عليكم حق ولكم مثل ذلك ، ما إن استرحموا رحموا ، وإن استحكموا اعدلوا ، وإن عاهدوا أوفوا ، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.

قال في الهامش : رواه الإمام أحمد بن حنبل والنسائي والضياء هم جميعا يرفعه بسنده عن أنس.

وقال أيضا :

قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الأئمة من قريش.

وقال في الهامش : رواه ابن أبي شيبة.

١١١

ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ عدنان شلّاق في «فهرس الأحاديث والآثار» لكتاب الكنى والألقاب للدولابي (ص ١٣ ط عالم الكتب في بيروت) قال :

قال : الأئمة من قريش ـ بشر بن مالك.

ومنهم إمام الحرمين الشيخ أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد ابن عبد الله بن حيويه الخراساني الشنتقاني المولود بها سنة ٤١٩ والمتوفى ٤٧٨ في كتابه : «لمع الأدلة» (ص ١٣٠ ط عالم الكتب في بيروت) قال :

لا يصلح للإمامة إلا من تجتمع فيه شرائط : أحدها : أن يكون قرشيا ، فإن رسول الله عليه‌السلام قال : الأئمة من قريش.

١١٢

مستدرك

(الأئمة من ولدي)

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن العامة في ج ٥ ص ٣٧ و ٤١ و ٩٧ وج ١٣ ص ٧٥ وج ١٨ ص ٥٠٤ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم ننقل عنها فيما سبق:

فمنهم العلامة حسام الدين المردي الحنفي في «آل محمد» (ص ١٩٠ نسخة مكتبة السيد الإشكوري) قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الأئمة من ولدي ، فمن أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى جل وعلا.

قال في الهامش : رواه في كتاب «مودة القربى» بسنده عن علي.

١١٣

ولادة المهدي عليه‌السلام

ونسبه الشريف

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ١٣ ص ٨٨ إلى ص ٩٧ وج ١٩ ص ٦٣٢ إلى ص ٦٤٦ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في «تاريخ الأحمدي» (ص ٣٥٥ ط بيروت) قال :

وفي وفيات الأعيان لابن خلكان قال : كانت ولادة أبي القاسم محمد بن الحسن العسكري بن الهادي بن محمد الجواد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.

ودر روضة الأحباب است كه تولد آن درّ درج ولايت بقول اكثر روايت در منتصف شعبان سنه ٢٥٥ در سامره اتفاق افتاد.

إلى أن قال :

وچون متولد شد ناف زده بود وختنه كرده وبر ذراع ايمن او نوشته بود : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.

١١٤

وقال أيضا في ص ٣٥٦ :

وقال ابن الأثير الجزري في الكامل : وفي سنة ستين ومائتين توفي الحسن بن علي ابن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وقال في الصواعق المحرقة : مات بسرّ من رأى ودفن عند أبيه وعمره ثمانية وعشرون ، ويقال : إنه سم ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة وعمره عند وفاته خمس سنين لكن آتاه الله فيها الحكمة ، قيل : إنه ستر وغاب.

وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في «اليواقيت» : وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم عليهما‌السلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا ـ وهو سنة ثمان وخمسين وتسع مائة ـ سبع مائة سنة وست وستين.

قال ابن خلكان : هو الذي تزعم الشيعة أنه المهدي. وفي الصواعق قال : وقول الرافضة فيه أنه المهدي.

ومنهم الشريف عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري الحسيني الإدريسي المغربي في «المهدي المنتظر» (ص ٧٢ ط بيروت) قال :

وأخرج نعيم بن حماد في كتاب «الفتن» عنه عليه‌السلام قال : المهدي مولده بالمدينة من أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واسمه اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومهاجره بيت المقدس ، كث اللحية ، أكحل العينين ، براق الثنايا ، في وجهه خال ، في كتفه علامة النبي ، يخرج براية النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من مرط معلمة سوداء مربعة لم تنشر منذ توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا تنشر حتى يخرج المهدي ، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم وهو ما بين الثلاثين والأربعين.

١١٥

ومنهم الشريف علي فكري الحسيني القاهري في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٣٠٧ ط بيروت) قال :

نسبه : هو سيدنا محمد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم.

وأمه أم ولد يقال لها : نرجس ، وقيل : صقيل ، وقيل : سوسن.

ومنهم العلامة تاج الدين أحمد بن الأثير الشافعي الحلبي في «مختصر وفيات الأعيان» (نسخة ايرلندة ص ١١٣) قال :

محمد بن الحسن العسكري بن الهادي بن محمد الجواد ، الثاني عشر من الأئمة الإثني عشر المنتظر على زعم الشيعة صاحب السرداب بسر من رأى ، مولده سنة خمس وخمسين ومائتين ، ولما توفي أبوه كان عمره خمس سنين. قيل : إنه دخل السرداب وعمره تسع سنين ، وذلك في سنة خمس وستين ومائتين ، وقيل : سنة خمس وسبعين ومائتين ، وعمره سبع عشرة سنة. والله أعلم.

ومنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب» (ص ٣٦٦ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال:

محمد المهدي :

وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، وكان مربوع القامة ، حسن الوجه والشعر ، أقنى الأنف ، صبيح الجبهة. وزعم الشيعة أنه غاب في السرداب بسر من رأى والحرس عليه ، سنة مائتين واثنين وستين ، وإنه صاحب السيف القائم المنتظر قبل قيام الساعة ، وله قبل قيامه غيبتان : إحداهما أطول من الأخرى.

١١٦

ومنهم الفاضل الدكتور دوايت. رونلدسن في «عقيدة الشيعة» تعريب ع. م (ص ٢٥٠ ط مؤسسة المفيد ، بيروت) قال :

روي أن مولد الإمام الثاني عشر كان لثمان خلون من شعبان سنة ٢٥٦ ه‍ (٨٦٩ م) ووكيله عثمان بن سعيد. فلما مات عثمان بن سعيد أوصى إلى أبي جعفر محمد بن عثمان ، وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح ، وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري. وأولهم نصبه الإمامان العاشر والحادي عشر وهو الثقة الأمين لديهما ، وكان ما قاله فعنهما يقوله. وخاطبه الإمام العسكري بأنه الوكيل والثقة المأمون على مال الله. وكانت الأموال تحمل إليه فيقبضها ويحملها إلى الإمام. وروي أن أربعين رجلا من الشيعة اجتمعوا إلى الإمام العسكري قبيل وفاته ، يسألونه عن الحجة من بعده. فغاب عنهم ساعة وعاد يحمل غلاما كأنه قطعة قمر ، وقال : هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم .. وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر ، فاقبلوا من عثمان ما يقوله وانتهوا إلى أمره واقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم.

ويروى عن العسكري أيضا أنه قال عنه : إنه وكيلي وابنه محمد وكيل ابني محمد. ولما مات الحسن العسكري حضر غسله وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه ودفنه.

وسئل : هل رأى ابن أبي محمد (الإمام العسكري) الذي قيل بأنه ولد له قبيل وفاته. فبكى ثم قال : نعم رأيته وعنقه هكذا. يريد أنه أغلظ الرقاب حسنا وتماما. ولم يشأ أن يذكر اسم الغلام خوفا عليه من أعدائه لئلا يترصدوه.

١١٧

كنية المهدي عليه‌السلام

(وألقابه الشريفة)

رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان» (ص ٩١ ط قم) قال :

وأخرج أبو نعيم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ليبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي ، يكنى أبا عبد الله.

ومنهم الشريف عبد الله بن محمد بن الصديق الحسيني الغماري الإدريسي المغربي في «المهدي المنتظر» (ص ٨٧ ط بيروت) قال :

وكنيته أبو عبد الله باتفاق الروايات.

ومنهم العلامة الشريف السيد محمد بن عبد الرسول البرزنجي الحسيني الموسوي الشافعي الشهرزوري المدني المتوفى بها سنة ١١٠٣ في كتابه «الإشاعة لأشراط الساعة» (ص ٨٨ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

لقبه : المهدي لأن الله هداه للحق ، والجابر لأنه يجبر قلوب أمة محمد صلّى الله

١١٨

عليه وسلم أو لأنه يجبر أي يقهر الجبارين والظالمين ويقصمهم.

وكنيته : أبو عبد الله ، وفي «الشفاء» للقاضي عياض رحمه‌الله أن كنيته أبو القاسم وأنه جمع له بين كنية النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واسمه ، ولم يذكر له سندا ، سلام الله عليهما.

ومنهم الشريف علي فكري الحسيني القاهري في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٣٠٧ ط بيروت) قال :

كنيته : أبو القاسم.

ألقابه : لقّبه الإمامية بالحجة ، والمهدي ، والخلف الصالح ، والقاسم ، والمنتظر ، وصاحب الزمان ، وأشهرها المهدي.

وقيل : سمي القائم المنتظر لأنه ستر بالمدينة ، وغاب فلم يعلم أين ذهب ، وهو آخر الأئمة الإثني عشر على ما ذهب إليه الإمامية ، وهو عندهم الإمام المهدي المنتظر فيهم ويقولون له : أخرج يا صاحب الزمان ، فقد كثر الظلم والفساد ، وهذا أوان خروجك ليفرق الله بك بين الحق والباطل (كما جاء في رحلة ابن بطوطة).

ومنهم الشيخ محمد السفاريني في «أهوال يوم القيامة وعلاماتها الكبرى» (ص ١٦ ط دار المنار بالقاهرة) قال :

وأما لقبه فالجابر لأنه يجبر قلوب أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولأنه يجبر أي يقهر الجبارين والظالمين ويقصمهم.

١١٩

سبب تسميته عليه‌السلام

بالمهدي والقائم

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة محيي الدين محمد بن علي المالكي المتوفى سنة ٦٣٨ في «الملحمة» (ق ١٢١ نسخة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :

وعنه عليه‌السلام قال : إذا قام القائم عليه‌السلام ودعا الناس إلى الإسلام جديدا وهداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور ، وإنما سمي القائم مهديا لأنه يهدي إلى أمر مضلول ، ويسمى بالقائم لقيامه بالحق.

ومنهم العلامة كمال الدين أحمد بن هبة الله الشهير بابن العديم المتوفى سنة ٦٦٠ في كتابه «بغية الطلب في تاريخ حلب» (ص ٤٤٥ ط معهد تاريخ العلوم العربية بالتصوير في فرانكفورت سنة ١٤٠٦) قال :

حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا أبو يوسف المقدسي ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الله بن بسر الحمصي ، عن كعب قال : المهدي يبعث بقتال الروم ، يعطى قوة عشرة ، يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية فيه التوراة التي أنزل الله على [موسى] يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم.

١٢٠