إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٨

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

إلى أن توفي في محبسه.

وقال في ص ٥١ :

وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي قال : حدثني جدي قال : قال أبو موسى العباسي ، حدثني إبراهيم بن عبد السلام بن السندي ابن شاهك ، عن أبيه قال : كان موسى بن جعفر عندنا محبوسا ، فلما مات بعثنا إلى جماعة من العدول من الكرخ ، فأدخلناهم عليه ، فأشهدناهم على موته وأحسبه قال : ودفن في مقابر الشونيزيين.

وبه قال : أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله الأصبهاني قال : حدثنا القاضي أبو بكر بن عمر بن سلم الحافظ قال : حدثني عبد الله بن أحمد بن عامر قال : حدثنا علي بن محمد الصنعاني قال : قال محمد بن صدقة العنبري : توفي موسى بن جعفر بن محمد بن علي سنة ثلاث وثمانين ومائة. قال غيره : لخمس بقين من رجب.

ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

قال أبو الفداء : ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائة فيها توفي موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد في حبس الرشيد.

وفي تاريخ الخميس : قال ويقال : إن يحيى بن خالد البرمكي سمّه في رطب بأمر هارون الرشيد.

وفي أخبار الخلفاء لابن الساعي علي بن أنجب البغدادي قال : وكانت وفاته ببغداد يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة مسموما مظلوما على الصحيح من الأخبار ، ودفن بمدينة السلام في المقبرة المعروفة بمقابر قريش.

٥٤١

ومنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب» (ص ٣٣٤ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال :

هو الإمام الكبير القدر ، الكثير الخير. كان يقوم ليله ويصوم نهاره ، وسمي كاظما لفرط تجاوزه عن المعتدين.

ولد رضي‌الله‌عنه بالأبواء سنة مائة وثمانية وعشرين ، وأمه حميدة البربرية ، وكنيته أبو الحسن ، وكان أسمر اللون.

وكانت له كرامات ظاهرة ومناقب لا يسع مثل هذا الموضع ذكرها.

كانت وفاته رضي‌الله‌عنه سنة مائة وثلاث وثمانين من الهجرة ، وله من العمر خمس وخمسون سنة ، ودفن بمقابر قريش ، وكان له من الولد سبعة وثلاثون ما بين ذكر وأنثى ، وكان المخصوص منهم بجلالة القدر علي الرضا.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٥ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

نسبه : هو ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم ، وأمه أم ولد يقال لها حميدة البربرية.

مولده : ولد بالأبواء سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة.

كنيته : أبو الحسن.

ألقابه : ألقابه كثيرة أشهرها الكاظم ثم الصابر والصالح والأمين ، ولقب بالكاظم لأنه كان يحسن إلى من يسيء إليه ويكظم غيظه.

وقال في ص ٢٨٨ :

توفي ببغداد لخمس بقين من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وله من العمر

٥٤٢

خمس وخمسون سنة. وقيل : إنه مات مسموما من طعام قدمه له السندي بأمر الرشيد بعد أن حبس مدة سنة بالبصرة بسبب الفتنة التي وصلت إلى الرشيد في حقه ، وسعاية الواشين ضده بالغيبة والنميمة ، وهذه الرواية مذكورة في كتاب نور الأبصار.

ولما مات أدخل السندي الفقهاء ووجوه أهل بغداد ينظرون إليه أنه ليس به أثر ، من جرح أو قتل أو خنق ، وأنه مات حتف أنفه ليداري سوء فعله.

ودفن موسى الكاظم في مقابر قريش بباب التين ببغداد.

نقش خاتمه عليه‌السلام

ذكره جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب» (ص ٣٣٤ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال:

نقش خاتمه : الملك لله الواحد القهار.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٥ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

ونقش خاتمه : الملك لله وحده.

قبض الرشيد عليه وشهادته في محبسه

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في «مقاتل الطالبيين» (ص ٣٦٣ ط بيروت) قال :

٥٤٣

حدثني بذلك أحمد بن عبيد الله بن عمار ، قال : حدثنا علي بن محمد النوفلي ، عن أبيه ، وحدثني أحمد بن سعيد قال : حدثني يحيى بن الحسن العلوي ، وحدثني غيرهما ببعض قصته ، فجمعت ذلك بعضه إلى بعض ، قالوا : كان السبب في أخذ موسى ابن جعفر أن الرشيد جعل ابنه محمدا في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث ، فحسده يحيى بن خالد بن برمك على ذلك وقال :

إن أفضت الخلافة إليه زالت دولتي ودولة ولدي. فاحتال على جعفر بن محمد ، وكان يقول بالإمامة ، حتى داخله وأنس به وأسر إليه وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه. ثم قال يوما لبعض ثقاته : أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال يعرفني ما احتاج إليه من أخبار موسى بن جعفر؟ فدل على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد ، فحمل إليه يحيى بن خالد البرمكي مالا. وكان موسى يأنس إليه ويصله وربما أفضى إليه بأسراره ، فلما طلب ليشخص به أحس موسى بذلك ، فدعاه فقال : إلى أين يا ابن أخي؟ قال : إلى بغداد. قال : وما تصنع؟ قال : عليّ دين وأنا مملق. قال : فأنا أقضي دينك وأفعل بك وأصنع. فلم يلتفت إلى ذلك ، فعمل على الخروج. فاستدعاه أبو الحسن موسى فقال له : أنت خارج؟ فقال له : نعم لا بد لي من ذلك. فقال له : انظر يا بن أخي واتق الله لا تؤتم أولادي. وأمر له بثلاثمائة دينار ، وأربعة آلاف درهم.

قالوا : فخرج علي بن إسماعيل حتى أتى يحيى بن خالد البرمكي ، فتعرف منه خبر موسى بن جعفر ، فرفعه إلى الرشيد وزاد فيه ، ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمه فسعى به إليه ، فعرف يحيى جميع خبره وزاد عليه وقال له : إن الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب ، وإن له بيوت أموال ، وإنه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار فسماها اليسيرة ، وقال له صاحبها وقد أحضره المال : لا آخذ هذا النقد ولا آخذ إلا نقدا كذا وكذا ، فأمر بذلك المال ، فرد وأعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه ، فسمع ذلك منه الرشيد وأمر له بمائتي ألف درهم نسبت له على بعض النواحي ، فاختار

٥٤٤

كور المشرق ، ومضت رسله لقبض المال. ودخل هو في بعض الأيام إلى الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت ، وجهدوا في ردها فلم يقدروا ، فوقع لما به ، وجاءه المال وهو ينزع فقال : وما أصنع به وأنا أموت؟

وحج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي (ص) فقال : يا رسول الله إني أعتذر إليك من شيء أريد أن أفعله ، أريد أن أحبس موسى بن جعفر ، فإنه يريد التشتت بين أمتك وسفك دمائها.

ثم أمر به فأخذ من المسجد فأدخل إليه فقيده ، وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان هو في إحداهما ، ووجه مع كل واحد منهما خيلا فأخذوا بواحدة على طريق البصرة والأخرى على طريق الكوفة ، ليعمى على الناس أمره ، وكان موسى في التي مضت إلى البصرة ، فأمر الرسول أن يسلّمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور ، وكان على البصرة حينئذ فمضى به ، فحبسه عنده سنة. ثم كتب إلى الرشيد : أن خذه مني وسلّمه إلى من شئت وإلا خليت سبيله ، فقد اجتهدت أن آخذ عليه حجة فما أقدر على ذلك ، حتى أني لأتسمع عليه إذا دعا لعله يدعو عليّ أو عليك فما أسمعه يدعو إلا لنفسه ، يسأل الله الرحمة والمغفرة.

فوجه من تسلّمه منه ، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد ، فبقي عنده مدة طويلة.

وأراده الرشيد على شيء من أمره فأبى ، فكتب إليه ليسلمه إلى الفضل بن يحيى ، فتسلمه منه ، وأراد ذلك منه فلم يفعله ، وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة ودعة ، وهو حينئذ بالرقة ، فأنفذ مسرورا الخادم إلى بغداد على البريد ، وأمره أن يدخل من فوره إلى موسى فيعرف خبره ، فإن كان الأمر على ما بلغه أوصل كتابا منه إلى العباس بن محمد وأمره بامتثاله وأوصل كتابا منه إلى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد.

فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري أحد ما يريد ، ثم دخل على موسى فوجده على ما بلغ الرشيد ، فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي بن

٥٤٥

شاهك ، فأوصل الكتابين إليهما. فلم يلبث الناس أن خرج الرسول يركض ركضا إلى الفضل بن يحيى ، فركب معه وخرج مشدوها دهشا حتى دخل على العباس ، فدعا العباس بالسياط وعقابين ، فوجّه بذلك إليه السندي ، فأمر بالفضل فجرد ثم ضربه مائة سوط.

وخرج متغير اللون بخلاف ما دخل ، فذهبت قوته فجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا.

وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد ، فأمر بتسليم موسى إلى السندي بن شاهك وجلس الرشيد مجلسا حافلا وقال : أيها الناس إن الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي ، ورأيت أن ألعنه فالعنوه. فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج البيت والدار بلعنه.

وبلغ يحيى بن خالد الخبر فركب إلى الرشيد ، فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتى جاءه من خلفه وهو لا يشعر ، ثم قال له : التفت إلي يا أمير المؤمنين ، فأصغى إليه فزعا فقال له : إن الفضل حدث وأنا أكفيك ما تريد ، فانطلق وجهه وسرّ ، فقال له يحيى : يا أمير المؤمنين قد غضضت من الفضل بلعنك إياه فشرّفه بإزالة ذلك ، فأقبل على الناس فقال : إن الفضل قد عصاني في شيء فلعنته وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه.

فقالوا : نحن أولياء من واليت ، وأعداء من عاديت ، وقد توليناه.

ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد حتى وافى بغداد ، فماج الناس وأرجفوا بكل شيء ، وأظهر أنه ورد لتعديل السواد ، والنظر في أعمال العمال ، وتشاغل ببعض ذلك.

ثم دخل ودعا بالسندي وأمره فيه أمره ، فلفه على بساط ، وقعد الفراشون النصارى على وجهه.

وأمر السندي عند وفاته أن يحضر مولى له ينزل عند دار العباس بن محمد في

٥٤٦

مشرعة القصب ليغسله ففعل ذلك.

قال : وسألته أن يأذن لي في أن أكفنه فأبى وقال : إنا أهل بيت مهور نسائنا ، وحج صرورتنا ، وأكفان موتانا من طاهر أموالنا ، وعندي كفني.

فلما مات أدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد وفيهم الهيثم بن عدي وغيره ، فنظروا إليه لا أثر به ، وشهدوا على ذلك ، وأخرج فوضع على الجسر ببغداد ، فنودي هذا موسى بن جعفر قد مات فانظروا إليه ، فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت.

وحدثني رجل من أصحابنا عن بعض الطالبيين : أنه نودي عليه : هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت ، فانظروا إليه ، فنظروا.

قالوا : وحمل فدفن في مقابر قريش رحمه‌الله ، فوقع قبره إلى جانب قبر رجل من النوفليين يقال له : عيسى بن عبد الله.

٥٤٧

عبادته عليه‌السلام وأدعيته

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن العامة في ج ١٩ ص ٥٣٩ إلى ص ٥٤١ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم العلامة الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي في «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (ج ٢٩ ص ٥٠ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي قال : حدثني جدي ، قال : حدثني عمار بن أبان ، قال : حبس أبو الحسن موسى بن جعفر عند السندي بن شاهك ، فسألته أخته أن تولى حبسه ، وكانت تدين ، ففعل. فكانت تلي خدمته ، فحكي لنا أنها قالت : كان إذا صلى العتمة حمد الله عزوجل ومجده ودعاه ، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل ، فإذا زال الليل قام يصلي حتى يصلي الصبح ، ثم يذكر قليلا حتى تطلع الشمس ، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ، ثم يتهيأ ويستاك ويأكل ، ثم يرقد إلى قبل الزوال ، ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر ، ثم يذكر في القبلة حتى يصلي ما بين المغرب ، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة. فكان هذا دأبه ، فكانت أخت السندي إذا نظرت إليه قالت : خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل. وكان عبدا صالحا.

ومنهم العلامة تاج الدين أحمد بن الأثير الحلبي الشافعي في «مختصر وفيات الأعيان لابن خلكان» (ص ١٦٢ نسخة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :

٥٤٨

أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهما‌السلام ، أحد الأئمة الإثني عشر كان موسى يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده ، سجد ليلة من العشاء إلى الفجر سجدة واحدة ، سمع يقول فيها : عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٦ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

كان كثيرا ما يدعو بقوله : اللهم إني أسألك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب.

٥٤٩

مستدرك

كراماته عليه‌السلام

قد تقدم نقل ما يدل على ذلك عن العامة في ج ١٢ ص ٣٢٢ وج ١٩ ص ٥٤٧ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي في «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (ج ٢٩ ص ٤٩ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وبه قال : حدثني الحسن بن محمد الخلال ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمران ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الصولي ، قال : حدثنا عون بن محمد ، قال : سمعت إسحاق الموصلي غير مرة يقول : حدثني الفضل بن الربيع ، عن أبيه أنه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه وهو يقول : يا محمد (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) قال الربيع : فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك ، فجئته ، فإذا هو يقرأ هذه الآية ، وكان أحسن الناس صوتا ، وقال : عليّ بموسى بن جعفر. فجئته به. فعانقه وأجلسه إلى جنبه وقال : يا أبا الحسن إني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ عليّ كذا ، فتؤمّني أن تخرج عليّ أو على أحد من ولدي؟ فقال : والله لا فعلت ذاك ولا هو من شأني. قال : صدقت. يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله إلى المدينة.

٥٥٠

قال الربيع : فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق.

ومنهم العلامة تاج الدين أحمد بن الأثير الشافعي الحلبي في «مختصر الوفيات لابن خلكان» (ق ١٦٢ نسخة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :

أقدمه المهدي وحبسه فرأى في النوم عليا عليه‌السلام يقول له : يا محمد ـ فذكر مثل ما تقدم عن «تهذيب الكمال» إلى أن قال : فأحضره ليلا وأخلصه وتوجه إلى المدينة ، فأقام بها إلى أيام هارون الرشيد ، فلما قدم هارون إلى المدينة منصرفا عن عمرته سنة تسع وسبعين ومائة حمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن مات.

ومنهم العلامة عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني في «مرآة الجنان» (ج ١ ص ٤٠٥ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وكان يسكن المدينة ، فأقدمه المهدي بغداد وحبسه ، فرأى في النوم ـ أعني المهدي ـ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو يقول : يا محمد (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) ـ فذكر مثل ما تقدم عن «تهذيب الكمال».

ومنهم العلامة تاج الدين أحمد بن الأثير الحلبي الشافعي في «مختصر الوفيات لابن خلكان» (ق ١٦٢ نسخة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :

وقيل : إن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : بينا أنا نائم إذ أتاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا موسى حبست مظلوما ، فقل هذه الكلمات فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس. فقلت : بأبي وأمي أنت ما أقول؟ قال : قل : يا سامع كل صوت ، يا سابق الفوت ، يا كاسي العظام لحما ومنشرها بعد الموت ، أسألك بأسمائك الحسنى ، وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين ، يا

٥٥١

حليما ذا أناة لا يقدر على أناته ، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصى عددا فرّج عني.

ومنهم العلامة عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني في «مرآة الجنان» (ج ١ ص ٤٠٥ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وروي أن هارون الرشيد قال : رأيت في المنام كأن حسينا قد أتاني ومعه حربة وقال : إن خليت عن موسى بن جعفر الساعة وإلا نحرتك بهذه الحربة ، فاذهب فخلّ عنه ، وأعطه ثلاثين ألف درهم ، وقل له : إن أحببت المقام قبلنا فلك ما تحب ، وإن أحببت المضي إلى المدينة فالإذن في ذلك لك ، فلما أتاه وأعطاه ما أمره به قال له موسى الكاظم : رأيت في منامي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتاني فقال : يا موسى حبست مظلوما فقل هذه الكلمات فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس ، فقلت : بأبي أنت وأمي ما أقول؟ قال : قل : يا سامع كل صوت ، ويا سابق الفوت ، ويا كاسي العظام لحما ـ فذكر مثل ما تقدم عن «مختصر الوفيات» ، وفيه : ويا منشرها بعد الموت ، وليس فيه «الأكبر» بعد الأعظم ، وفيه : «لا يقوى على أناته» مكان : لا يقدر على أناته.

٥٥٢

مستدرك

قبره الشريف ترياق مجرب لإجابة الدعاء

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ١٢ ص ٣٣٢ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم المعلى حمد الله الهندي الداجوي الحنفي في «البصائر لمنكر التوسل بأهل المقابر» (ص ٤٢ ط إسلامبول سنة ١٣٩٨) قال :

ومن الدلائل على التوسل بعد الوفاة ما قال الإمام الشافعي : قبر موسى الكاظم ترياق مجرب لإجابة الدعاء.

٥٥٣

سخاؤه عليه‌السلام

رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي في «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (ج ٢٩ ص ٤٤ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وكان سخيا كريما ، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه ، فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار. وكان يصر الصرر ثلاث مائة دينار وأربع مائة ومائتي دينار ثم يقسمها بالمدينة وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرة فقد استغنى.

وبه قال : أخبرنا الحسن ، قال : أخبرنا الحسن ، قال : حدثني جدي قال : حدثنا إسماعيل بن يعقوب ، قال : حدثني محمد بن عبد الله البكري ، قال : قدمت المدينة أطلب بها دينا فأعياني ، فقلت : لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك إليه ، فأتيته بنقمي في ضيعته ، فخرج إليّ ، ومعه غلام له ، معه منسف فيه قديد مجزع ليس معه غيره ، فأكل وأكلت معه ثم سألني عن حاجتي ، فذكرت له قصتي ، فدخل فلم يقم إلا يسيرا حتى خرج إليّ ، فقال لغلامه : اذهب ، ثم مد يده إليّ فدفع إليّ صرة فيها ثلاث مائة دينار ثم قام فولى ، فقمت فركبت دابتي وانصرفت.

٥٥٤

وقال أيضا في ص ٤٥ :

قال الحسن : قال جدي يحيى بن الحسن : وذكر لي غير واحد من أصحابنا أن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليا. قال : وكان قد قال له بعض حاشيته : دعنا نقتله ، فنهاهم عن ذلك أشد النهي وزجرهم أشد الزجر ، وسأل عن العمري ، فذكر له أنه يزدرع بناحية من نواحي المدينة ، فركب إليه في مزرعته ، فوجده فيها فدخل المزرعة بحماره ، فصاح به العمري : لا توطئ زرعنا. فوطأه الحمار ، حتى وصل إليه ، فنزل ، فجلس عنده وضاحكه ، وقال له : كم غرمت في زرعك هذا؟ قال له : مائة دينار. قال : فكم ترجو أن تصيب؟ قال : أنا لا أعلم الغيب. قال : إنما قلت لك : كم ترجو أن يجيئك فيه؟ قال : أرجو أن يجيئني مائتا دينار. قال : فأعطاه ثلاث مائة دينار. وقال : هذا زرعك على حاله. قال : فقام العمري فقبّل رأسه وانصرف. قال : فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر إليه قال : الله أعلم حيث يجعل رسالاته. قال : فوثب أصحابه ، فقالوا له : ما قصتك ، قد كنت تقول خلاف هذا؟ قال : فخاصمهم وشاتمهم. قال : وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلما دخل وخرج. قال : فقال أبو الحسن لحامّته الذين أرادوا قتل العمري : أيما كان خير؟ ما أردتم أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار.

وقال أيضا في ص ٤٦ :

وبه قال : أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ ، وعمر بن محمد بن عبيد الله المؤدب ، قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد ، قال : حدثني محمد بن الحسين بن محمد بن عبد المجيد الكناني الليثي ، قال : حدثني عيسى بن محمد بن مغيث القرشي وبلغ تسعين سنة ، قال : زرعت بطيخا وقثاء وقرعا في موضع بالجوانية على بئر يقال لها : أم عظام ، فلما قرب الخير واستوى الزرع بيتني الجراد ، فأتى على الزرع كله ، وكنت

٥٥٥

غرمت على الزرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين دينارا. فبينما أنا جالس طلع موسى ابن جعفر بن محمد ، فسلّم ثم قال : أيش حالك؟ فقلت : أصبحت كالصريم ، بيتني الجراد فأكل زرعي. قال : وكم غرمت فيه؟ قلت : مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملين. فقال : يا عرفة زن لابن المغيث مائة وخمسين دينارا نربحك ثلاثين دينارا والجملين. فقلت : يا مبارك أدخل وادع لي فيها. فدخل ودعا. وحدثني عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : تمسكوا ببقايا المصائب. ثم علقت عليه الجملين ، وسقيته ، فجعل الله فيها البركة زكت. فبعت منها بعشرة آلاف.

وقال أيضا في ص ٤٧ :

وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي قال : حدثني جدي قال : وذكر إدريس بن أبي رافع ، عن محمد بن موسى ، قال : خرجت مع أبي إلى ضياعه بسايه ، فأصبحنا في غداة باردة ، وقد دنونا منها ، وأصبحنا عند عين من عيون ساية ، فخرج إلينا من تلك الضياع عبد زنجي فصيح مستذفر بخرقة على رأسه قدر فخار يفور ، فوقف على الغلمان ، فقال : أين سيدكم؟ قالوا : هو ذاك. قال : أبو من يكنى؟ قالوا له : أبو الحسن. قال : فوقف عليه فقال : يا سيدي يا أبا الحسن هذه عصيدة أهديتها إليك. قال : ضعها عند الغلمان. فأكلوا منها. قال : ثم ذهب. فلم نقل بلغ حتى خرج على رأسه حزمة حطب ، حتى وقف ، فقال له : يا سيدي هذا حطب أهديت إليك. قال : ضعه عند الغلمان. وهبّ لنا نارا. فذهب فجاء بنار ، قال : فكتب أبو الحسن اسمه واسم مولاه فدفعه إليّ ، وقال : يا بني احتفظ بهذه الرقعة حتى أسألك عنها. قال : فوردنا إلى ضياعه وأقام بها ما طاب له. ثم قال : امضوا بنا إلى زيارة البيت. قال : فخرجنا حتى وردنا مكة ، فلما قضى أبو الحسن عمرته دعا صاعدا ، فقال : اذهب فاطلب لي هذا الرجل. فإذا علمت بموضعه فأعلمني حتى أمشي إليه ، فإني أكره أن أدعوه والحاجة لي. قال صاعد : فذهبت حتى وقفت على الرجل. فلما رآني عرفني ،

٥٥٦

وكنت أعرفه ، وكان يتشيع فلما رآني سلم علي وقال : أبو الحسن قدم؟ قلت : لا. قال : فأيش أقدمك؟ قلت : حوائج. وكان قد علم بمكانه بسايه ، فتتبعني وجعلت أتقصى منه ، ويلحقني بنفسه ، فلما رأيت أني لا أنفلت منه مضيت إلى مولاي ومضى معي حتى أتيته ، فقال لي : ألم أقل لك لا تعلمه؟ فقلت : جعلت فداك لم أعلمه. فسلم عليه ، فقال له أبو الحسن : غلامك فلان تبيعه. قال له : جعلت فداك الغلام لك والضيعة وجميع ما أملك. قال : أما الضيعة فلا أحب أن أسلبكها وقد حدثني أبي عن جدي أن بائع الضيعة ممحوق ومشتريها مرزوق. قال : فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها. فاشترى أبو الحسن الضيعة والرقيق منه بألف دينار وأعتق العبد ووهب له الضيعة. قال إدريس بن أبي رافع : فهو ذا ولده في الصرافين بمكة.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٦ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

كان يخرج بالليل وفي كمه صرر من الدراهم ، فيعطي من لقيه ، ويضرب به المثل بصرة موسى ، وكان رضي‌الله‌عنه أسخاهم كفا وأكرمهم نفسا.

وكان يتفقد فقراء المدينة فتحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم ليلا ، وكذلك النفقات ، ولا يعلمون من أي جهة وصلهم ذلك ، ولم يعلموا بذلك إلا بعد موته.

ومنهم العلامة عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني في «مرآة الجنان» (ج ١ ص ٤٠٥ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وكان سخيا كريما ، كان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار.

٥٥٧

ومنهم العلامة أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في «مقاتل الطالبيين» (ص ٣٦٢ ط دار إحياء علوم الدين ، بيروت) قال :

حدثني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن قال : كان موسى ابن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير ، وكانت صراره ما بين الثلاثمائة إلى المائتين دينار ، فكانت صرار موسى مثلا.

حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى : أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسى بن جعفر ـ فذكر مثل ما تقدم عن كتاب «تهذيب الكمال» للمزي.

٥٥٨

مستدرك

خطابه للنبي : السلام عليك يا أبة

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ١٢ ص ٣٣٤ إلى ص ٣٣٧ وج ١٩ ص ٥٤٢ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم العلامة الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي في «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (ج ٢٩ ص ٤٩ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وبه قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال : حدثنا عمر بن أحمد الواعظ ، قال : حدثنا الحسين بن القاسم ، قال : حدثني أحمد بن وهب ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حج هارون الرشيد ، فأتى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم زائرا له ، وحوله قريش وأفياء القبائل ، ومعه موسى بن جعفر ، فلما انتهى إلى القبر قال : السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم ، افتخارا على من حوله ، فدنا موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبة. فتغير وجه هارون وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن حقا.

ومنهم العلامة تاج الدين أحمد بن الأثير الحلبي الشافعي في «مختصر وفيات الأعيان لابن خلكان» (ق ١٦٢ نسخة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :

٥٥٩

قيل : إن الرشيد لما زار قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم ، افتخارا على من حوله من العرب ـ فذكر مثل ما تقدم عن «التهذيب».

ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في «تاريخ الأحمدي» (ص ٣٤١ ط بيروت) قال :

وفي وفيات الأعيان لابن خلكان : أن هارون الرشيد حج فأتى قبر النبي (ص) زائرا وحوله قريش وأفياء القبائل ومعه موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا رسول الله ، يا ابن العم ، افتخارا على من حوله ـ فذكر مثل ما تقدم عن «التهذيب».

ومنهم العلامة عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني في «مرآة الجنان» (ج ١ ص ٤٠٥ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وروي أن هارون لما زار النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : السلام عليك يا ابن عمي مفتخرا بذلك ، فقال موسى الكاظم : السلام عليك يا أبت. فتغير وجه هارون.

٥٦٠