إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٨

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

أعيد منهما والقرآن لا يمل؟ فيجيب : لأن القرآن حجة على أهل العصر الثاني كما هو حجة على أهل العصر الأول ، فكل طائفة تراه عصرا جديدا ، ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مدة علوما غضة ، وليس هذا كله في الشعر والخطب.

ويقول المفضل قلت : أخبرني عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : يعني بذلك الإمامة ، جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة. فقلت : فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد حسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال : إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين ، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى. ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك ، فإن الإمامة خلافة الله عزوجل جعلها في صلب الحسين دون صلب الحسن ، لأن الله هو الحكيم في أفعاله ، لا يسأل عن فعله وهم يسألون.

ويعلن الإمام رأيه بوجوب الإمامة ، فيسأله السائل عن منزلة الأئمة ومن يشبهون؟ فيقول : كصاحب موسى وذي القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيين.

وفي قوله تعالى (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) يقول الإمام : وهل يمحو الله إلا ما كان ثابتا ، وهل يثبت الله إلا ما لم يكن ، ويقول : لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه. وإنما يقصد استجابة الله لدعاء العباد ، وفي ذلك قوله : ما عظم الله بشيء مثل البداء.

ويسأله عمرو بن عبيد عن الكبائر من كتاب الله ، فيسردها ، ويضع في جوار كل كبيرة النص عليها من الكتاب العزيز ، فهي :

الشرك : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ).

اليأس من روح الله : (لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).

عقوق الوالدين : (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا).

قتل النفس : (مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها).

٤٠١

قذف المحصنات : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).

أكل مال اليتيم : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً).

أكل الربا : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ).

الفرار من الزحف : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

السحر : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ).

الزنا : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً).

اليمين الغموس : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

الغول : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ).

منع الزكاة : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).

كتمان الشهادة : (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ).

شهادة الزور : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ).

نقض العهد وقطيعة الرحم : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).

كفران النعمة : (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ).

بخس الكيل : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ).

وترك الصلاة : ... واللواط : ... وقول الزور : ... وشرب

٤٠٢

الخمر : ... والبدعة : ...

ومن علم الإمام جعفر بالقرآن أخذ القراءات عليه حمزة بن حبيب التيمي ، وفيها مد وإطالة وسكت على الساكن قبل الهمز.

إلى أن قال في ص ١٧٦ :

وفي صفات الله يقول الإمام لعبد الملك بن أعين : تعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون لله بخلقه. إن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عزوجل فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه ، هو الله الثابت الموجود.

ويقول لمن سأله : هل رأى رسول الله ربه؟ نعم لقد رآه بقلبه ، أما ربنا جل جلاله فلا تدركه أبصار الناظرين ولا تحيط به أسماع السامعين.

وسأله الأعمش شيخ المحدثين عن مكان الله؟ فقال : لو كان في مكان لكان محدثا. ولما سئل عن استوائه على العرش؟ قال : إنه يعني أنه لا شيء أقرب إليه من شيء.

سئل عن قوله تعالى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)؟ فقال : العرش في وجه هو جملة الخلق والكرسي وعاؤه ، وفي وجه آخر هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه ، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع عليه أحدا من أنبيائه ورسله وحججه.

وسئل عن قوله تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) وقول البعض : إن العرش كان على الماء والرب فوقه؟ فأجاب : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ، ووصفه بصفة المخلوق ، ولزمه أن الشيء الذي يحمله أقوى منه.

إلى أن قال في ص ١٧٧ :

يجيء الإمام رجل من أهل مصر أوصى أخوه للكعبة بجارية مغنية فارهة كانت له ،

٤٠٣

فقيل له : ادفعها إلى بني شيبة وفيهم سدانة الكعبة ، واختلف الناس في أداء الوصية ، وأخيرا أشاروا عليه أن يأتي الإمام ، قال الإمام : إن الكعبة لا تأكل ولا تشرب وما أهدي إليها فهو لزوارها ، فبع الجارية وناد : هل من محتاج؟ فإذا أتوك فسل عنهم وأعطهم.

ويسأل عن القضاء والقدر ، فيجيب : هو أمر بين أمرين ، لا جبر ولا تفويض. ويحسم القضية بين الجبرية والقدرية. فيقول : ما من قبض ولا بسط إلا لله فيه مشيئة ورضاء وابتلاء.

يسأل عن الجبر والتفويض : جعلت فداك ، أجبر الله العباد على المعاصي؟ فيجيب: الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها. فيقول السائل : جعلت فداك ففوض إليهم؟ فيجيبه : لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي. فيقول السائل :جعلت فداك فبينهما منزلة؟ فيجيب : نعم ، ما بين السماء والأرض.

وفي مجلس آخر يسأله السائل : وما أمر بين أمرين؟ فيجيب : مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته ، فتركته ، ففعل تلك المعصية ، فليس حيث لم يقبل منك فتركته ، كنت أنت الذي أمرته بالمعصية.

ويقول لسائل آخر : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله. ومن كذب على الله أدخله النار.

ويقول : إن الله أراد منا شيئا وأراد بنا شيئا ، وما أراده منا أظهره لنا ، فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا.

وقال في ص ٢٢٢ :

ومن وصية الإمام الصادق له قوله : يا هشام من أراد الغنى بلا مال ، وراحة القلب

٤٠٤

من الحسد ، والسلامة في الدين ، فليفزع إلى الله في مسألته إن كان له عقل ، فمن عقل قنع بما يكفيه ، ومن قنع استغنى ، ومن لم يقنع لم يدرك الغنى أبدا. يا هشام كما تركوا لكم الحكمة اتركوا لهم الدنيا ، العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ، إن الزرع ينبت في السهل ، من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه.

وقال في ص ٢٣٩ :

يقول الإمام الصادق : إذا رويت لكم حديثا فسلوني أين أصله من القرآن؟ روى يوما نهي النبي عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال ، فقيل له : أين هذا من كتاب الله؟ فأجاب : إن الله تعالى يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وقال تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) وقال تعالى (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

وقال أيضا :

روى هشام بن سالم قول الصادق [عليه‌السلام] : إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرعوا.

وقال في ص ٢٤٠ :

والإمام الصادق يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله ، وحديث رسول الله قوله تعالى.

وقال في ص ٢٤٢ :

أما الشهادة فيقول فيها الإمام جعفر : لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت

٤٠٥

إلا شهادة الأنبياء والأوصياء ، فمن لم تره بعينيك يرتكب ذنبا ولم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر ، وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا.

وقال في ص ٢٤٣ :

فالإمام الصادق يقول : إن السنة إذا قيست محق الدين. ولما قيل له : أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها؟ قال : ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لسنا من أرأيت في شيء. لكن وسائل استعمال العقل مباحة للمجتهد.

والإمام الصادق يقول : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال.

وقال في ص ٣٠٠ :

يقول الإمام الصادق : كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه.

والإمام الصادق يفتح أبواب رحمة الله ويرفع الحرج ويبيح الرخص ، يقول : الوضوء نصف الإيمان ، ويقول : إنه توبة من غير استغفار ، ومع هذا سئل عن رجل يكون معه الماء في السفر ويخاف قلته؟ فقال : يتيمم بالصعيد ويستبقي الماء.

ويقول : من خاف عطشا فلا يهريق قطرة وليتيمم بالصعيد ، فالصعيد أحب إلي.

سئل عن رجل ليس معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك (الغلوة مسافة مرمى السهم)؟ فقال : لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع.

وسئل عن رجل يمر بالركية (البئر) وليس معه دلو؟ قال : ليس عليه أن يدخل الركية ، لأن رب الماء هو رب الأرض ، فليتيمم ، إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا.

٤٠٦

وقال في ص ٣٠١ :

يقول الصادق : لا صلاة إلا إلى القبلة. فقيل له : أين حد القبلة؟ قال : ما بين المشرق والمغرب كله قبلة. ويشرح ذلك قوله : يجزى التحري أبدا إذا لم يعلم وجه القبلة.

سئل الإمام الصادق عن رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة؟ قال : يمضي.

قيل له : شك في الإقامة وقد كبر؟ قال : يمضي ... وفي التكبير وقد قرأ؟ قال : يمضي ... وفي القراءة وقد ركع؟ قال : يمضي ... وفي الركوع وقد سجد؟ قال : يمضي ... إلى أن قال : إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء. يقول : إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء ، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه.

وسئل عن رجل يشك كثيرا في صلاته؟ فقال فيما قال : إن الشيطان خبيث معتاد لمن عود ، فليمض أحدكم في الوهم.

وقال في ص ٣٠٢ :

يقول الإمام الصادق : من كان على يقين ثم شك فلا ينقض اليقين بالشك.

وقال في ص ٣٢٣ :

يقول : أفضل الملوك من أعطي ثلاث خصال : الرحمة ، والجود ، والبذل.

ويقول : ليس للملوك أن يفرطوا في ثلاثة : حفظ الثغور ، وتفقد المظالم ، واختيار الصالحين لأعمالهم.

والصادق يقول لكل هؤلاء : خير الناس أكثرهم خدمة للناس.

يقول للحكام : كفارة عمل السلطان قضاء حاجات الإخوان ، ويقول : المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل.

ويقول : لوالي المنصور على الأهواز إذ استنصحه : فاعلم أن خلاصك ونجاتك

٤٠٧

في حقن الدماء ، وكف الأذى عن أولياء الله ، والرفق بالرعية ، وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف وشدة في غير عنف ... وإياك والسعاة وأهل النمائم ، ولا تستصغرن من حلو وفضل طعام في بطون خالية ... إياك يا عبد الله أن تخيف مؤمنا.

وقال في ص ٣٢٤ :

يقول الإمام الصادق : من نكد العيش السلطان الجائر ، والجار السوء ، والمرأة البذيئة.

يقول : لا يطمع القليل التجربة المعجب برأيه في الرياسة ، ويقول : من طلب الرياسة هلك.

وقال أيضا في ص ٣٢٧ :

أوصى الإمام المفضل بن عمر بخصال يبلغهن من وراءه من «شيعة أهل البيت» : أن تؤدي الأمانة إلى من ائتمنك ، وأن ترضى لأخيك ما ترضاه لنفسك ، واعلم أن للأمور أواخر فاحذر العواقب ، وأن للأمور بغتات فكن منها على حذر ، وإياك ومرتقى جبل سهل إذا كان المنحدر وعرا.

وأوصاهم : صلوا عشائركم ، واشهدوا جنائزهم ، وعودوا مرضاكم ، وأدوا حقوقهم ، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري ، ويسرني ذلك. وإذا كان غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره وقيل هذا أدب جعفر! فو الله إن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي فيكون زينها ، آداهم للأمانة ، وأقضاهم للحقوق ، وأصدقهم ، يحمل إليه وصاياهم وودائعهم ، تسأل العشيرة عنه ويقال : من مثل فلان؟

وأوصاهم : أوصيكم بتقوى الله واجتناب معاصيه ، وأداء الأمانة لمن ائتمنكم ، وحسن الصحابة لمن صحبتموه ، وأن تكونوا لنا دعاة صامتين.

٤٠٨

فهو بهذا يربط إحسان العمل بالانتساب لأهل البيت ويضع القواعد المثلى للتجمع.

دخل عليه المفضل بن قيس ذات يوم يسأله الدعاء ، وكما قال : فشكوت إليه بعض حالي وسألته الدعاء. فقال : يا جارية هاتي الكيس. فقال : هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن بها. قلت : ما أردت هذا الكيس ولكن أردت الدعاء لي. قال : ولا أدع الدعاء لك ، ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم.

قال يوما لبعض أصحابه : ما بال أخيك يشكوك؟ قال : يشكوني إذ استقصيت عليه حقي ، فقال مغضبا : كأنك إذا استقصيت حقك لم تسئ؟ أرأيت ما حكى الله عن قوم يخافون سوء الحساب ، أخافوا أن يجور عليهم؟ ولكن خافوا الاستقصاء ، سماه الله سوء الحساب ، فمن استقصى فقد أساء.

دخل عليه رجل من خراسان قال : لقد قلّ ذات يدي ولا أقدر على التوجه إلى أهلي إلا أن تعينوني. فنظر الإمام للجالسين وقال : أما تسمعون ما يقول أخوكم؟ إنما المعروف ابتداء ، فأما ما أعطيت بعد ما سأل فإنما هو مكافأة لما بذل من ماء وجهه ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : والذي فلق الحب وبرأ النسمة وبعثني بالحق نبيا ، لما يتجشم أحدكم من مسألته إياك أعظم مما ناله من معروفك .. فجمعوا له خمسمائة درهم. وبهذا اشترك الجميع في أداء الواجب.

وهو القائل : أغنى الغنى ألا تكون للحرص أسيرا.

قال مصادف : كنت عند أبي عبد الله فدخل رجل ، فسأله الإمام : كيف خلفت إخوانك؟ فأحسن الثناء عليهم. فسأله : كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟ قال الرجل : قليلة. قال الإمام : كيف مساعدة أغنيائهم لفقرائهم؟ قال : قليلة. قال الإمام : فكيف يزعم هؤلاء أنهم شيعتنا؟

وقال في ص ٣٣٠ :

يقول الإمام الصادق : من فر من رجلين فقد فر ، ومن فر من ثلاثة فلم يفر.

٤٠٩

والصادق يعلم المسلمين قوانين الإسلام في الحروب ، فيقول : إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله. ويعلن أن : إطعام الأسير حق على من أسره ، وإن كان يراد من الغد قتله ، فإنه ينبغي أن يطعم ويسقى ويرفق به ، كافرا كان أو غيره.

وينهى الصادق عن قتل الرسل ، أو قتل الرهن ، أو استعمال السم ، حتى في حرب المشركين ، فإذا كانت حرب فلتكن حربا نظيفة ـ أي إسلامية.

وقال في ص ٣٣١ : ولما سأل الإمام رجلا : من سيد هذه القبيلة؟ فأجاب : أنا. قال الإمام : لو كنت سيدهم ما قلت أنا.

وقال في ص ٣٣٢ :

قال : المكارم عشر : صدق الناس ، وصدق اللسان ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وقرى الضيف ، وإطعام الصائم ، والمكافأة على الصنائع ، والتذمم للجار ، والتذمم للصاحب ، ورأسهن الحياء.

يقول : خمسة لا يعطوا شيئا من الزكاة : الأب ، والأم ، والولد ، والزوجة ، والمملوك ، لأنهم عياله ولازمون له.

يقول الإمام : لا صدقة وذو رحم محتاج.

وقال أيضا :

الإمام يقول : لا تقطع رحمك وإن قطعك.

وقال أيضا :

قال لعبد الله بن الحسن : يا أبا محمد أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب ، ثم

٤١٠

تلى قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) فقال عبد الله : فلا تراني بعدها قاطعا رحما.

وقال في ص ٣٣٣ :

وكان الإمام يصلي عن ولده في كل ليلة ركعتين ، وعن والده في كل يوم ركعتين.

يقول في صدد الصلاة عن الميت : إنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ، ثم يؤتى فيقال له : خفف الله عنك ذلك الضيق لصلاة فلان أخيك عنك.

وقال عليه‌السلام : خير من الصدق قائله ، وخير من الخير فاعله.

والإمام يرى أن : رأس الحزم التواضع ، وأن التواضع هو الرضى بأن تجلس من المجلس بدون شرفك ، وأن تسلم على من لقيت ، وأن تترك المراء وإن كنت محقا. ويقول : من أكرمك فأكرمه ، ومن لم يكرمك فأكرم نفسك عنه.

ويضيف إلى ذلك : إنك لن تمنع الناس من عرضك إلا بما تنشره عليهم من فضلك.

وهذا الفضل بعض المعروف ، أما عن تمام المعروف فيقول : المعروف لا يتم إلا بثلاثة : تعجيله ، وتصغيره ، وستره.

يقول : العافية نعمة يعجز عنه الشكر ، بل يقول : المعروف زكاة النعم.

وقال في ص ٣٣٤ :

يقول الإمام : جاهل سخي أفضل من ناسك بخيل.

ثم قال :

لنقرأ وصية الإمام لعبد الله بن جندب ، لنلمس مواقع الجمال والكمال في هذا المجتمع: لا تكن بطرا في الغنى ولا جزعا في الفقر ، ولا تكن فظا غليظا يكره الناس قربك ، ولا تكن واهنا يجفوك من عرفك ، ولا تشار من فوقك ، ولا تسخر ممن

٤١١

دونك ، ولا تنازع الأمر أهله. يا بن جندب لا تتصدقن على أعين الناس يزكوك ، فإنك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك ، ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك ، فإن الذي تتصدق له سرا يجزيك علانية ، فقد علم ما تريد.

وقال أيضا :

فيقول [عليه‌السلام] : من حب الرجل دينه حبه إخوانه.

ويقول : وطّن نفسك على حسن الصحبة لمن صحبت ، وحسّن خلقك وكف لسانك واكظم غيضك ، أما يستحي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه ولا يعرف حق جاره ، ليس منا من لم يحسن مجاورة جاره.

وقال في ص ٣٣٥ :

والإمام الصادق يقول : أيسر حق من حقوق الإخوان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ، وأن تكره لأخيك ما تكره لنفسك ، وأن تتجنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره وتعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك ، وأن تكون عينه ودليله ومرآته ، ولا تشبع ويجوع ، ولا تروى ويظمأ ، ولا تلبس ويعرى ، وأن تبر قسمه وتجيب دعوته ، وتعود مريضه وتشهد جنازته ، فإذا علمت أن له حاجة تبادر إلى قضائها ولا تلجئه إلى أن يسألكها.

وقال أيضا :

وما أدق نصح الإمام في معاشرة الناس : لا تفتش الناس فتبقى بلا صديق ، المؤمن يداري ولا يماري ، مجاملة الناس ثلث العقل.

وهو ينهى عن الظنة ، فالظنين متهم ، يقول : ضع أمر أخيك على أحسنه ، ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا.

٤١٢

أما من فرط حيث تجب اليقظة فلا يلومن إلا نفسه ـ يقول الإمام : من كتم سره كانت الخيرة بيده ، ويقول : لا تثقن بأخيك كل الثقة فإن سرعة الاسترسال لا تقال ، ويقول : صدرك أوسع لسرك ، وسرك من دمك فلا تجره في غير أوداجك.

ويقول : من خان لك خانك ، ومن ظلم لك سيظلمك ، ومن نم إليك سينم عليك.

وقال في ص ٣٣٦ :

قال : من غض طرفه عن المحارم ، ولسانه عن المآثم ، وكفه عن المظالم.

وقال أيضا :

والإخوان ـ عند الإمام ـ هم المواسون ، فهم بين ثلاثة : مواس بنفسه ، وآخر مواس بماله وهما الصادقان في الإخاء ، وآخر يأخذ منك البلغة ويريدك لبعض اللذة فلا تعده من أهل الثقة.

يقول الإمام : لا تسم الرجل صديقا ، سمه معرفة ، حتى تختبره بثلاثة : تغضبه فتنظر غضبه أيخرجه عن الحق إلى الباطل ، وعند الدينار والدرهم ، وحتى تسافر معه.

ويقول : ثلاثة لا تعرف إلا في مواطن : لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ، ولا الشجاع إلا عند الحرب ، ولا الأخ إلا عند الحاجة.

وقال أيضا :

فيقول : من الجور قول الراكب للراجل : الطريق ، فهو الراكب وبيده الزمام ، والطريق للناس كافة. وكفى الراجلين أنهم يمشون ، وكفاه أنه فوق ظهر.

وقال أيضا :

والغضب عند الإمام : مفتاح كل شر ، بما فيه من ذبذبة للذات وزعزعة للتوازن ، فعنده أن «من ظهر غضبه ظهر كيده» بل إن «من لم يملك غضبه لم يملك عقله» في

٤١٣

حين أن «المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.

ويهتف الإمام بالشيعة : يا شيعة محمد ، ليس منا من لم يملك نفسه عند الغضب ، ويحسن صحبة من صاحبه ، ومرافقة من رافقه ، ومخالفة من خالفه.

وقال أيضا في ص ٣٣٧ :

يقول الإمام للمرائي ثلاث علامات : يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان الناس عنده ، ويحب أن يحمد بما لم يفعل.

وللكسلان ثلاث علامات : يتوانى حتى يفرط ، ويفرط حتى يضيع ، ويضيع حتى يأثم.

وللمسرف ثلاث علامات : يشتري ما ليس له ، ويأكل ما ليس له ، ويلبس ما ليس له.

وللمنافق ثلاث علامات : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان.

وللحاسد ثلاث علامات : يغتاب إذا غاب ، ويتملق إذا شهد ، ويشمت بالمصيبة.

وللظالم ثلاث علامات : يعصي من فوقه ، ويعتدي على من دونه ، ويظاهر الظالمين.

وقال أيضا في ص ٣٣٨ :

يقول الإمام : اتقوا الله في الضعيفين : اليتيم ، والنساء.

ويقول : البنات حسنات والبنون نعم ، الحسنات يثاب عليها والنعم مسئول عنها.

وقال أيضا :

فيقول : الشؤم في المرأة كثرة صداقها وعقوق زوجها ، وفي الدار ضيق ساحتها

٤١٤

وشر جيرانها.

يقول عليه الصلاة والسلام : علموا أبناءكم السباحة والرماية ، ونعم لهو المرأة في بيتها المغزل.

وقال أيضا :

يقول الإمام : صلاح حال التعايش على مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل.

وقال أيضا في ص ٣٣٩ :

يقول : إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلاث خلال يتكلفها ، وإن لم يكن في طبعه ذلك : معاشرة جميلة ، وسعة بتقدير ، وغيرة بتحصن.

وقال أيضا :

ثم يقول ليبين أثر المرأة في سلام الأسرة ، ثلاث من ابتلي بهن كان طائح العقل : نعمة مولية ، وزوجة فاسدة ، وفجيعة نجيب.

وقال أيضا :

الأنس في ثلاثة : الزوجة الموافقة ، والولد البار ، والصديق الصافي.

وقال أيضا :

يقول الإمام : ثلاثة من استعملها فسد دينه ودنياه : من ساء ظنه ، وأمكن من سمعه ، وأعطى قياده حليلته.

وقال أيضا :

النساء ثلاثة : واحدة لك ، وواحدة عليك ولك ، وواحدة عليك. أما التي لك فهي

٤١٥

العذراء ، والتي لك وعليك فهي الثيب ، أما التي عليك فهي المتبع التي لها ولد من غيرك.

وقال أيضا في ص ٣٤٠ :

يقول لعنوان البصري : اسأل العلماء ما جهلت ، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة ، وإياك أن تعمل برأيك شيئا ، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا ، واهرب من الدنيا هربك من الأسد.

ويقول لحمران بن أعين : العمل الدائم القليل على اليقين ، أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين.

وقال أيضا :

يقول : العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق ، لا تزيده سرعة السير إلا بعدا.

وقال أيضا :

قال لعنوان : الجهل نقص في الدين والخلق ومعاملة الناس أو كما قال : الجهل في ثلاث : الكيد ، وشدة المراء ، والجهل بالله.

ويقول : ثلاثة يستدل بهن على إصابة الرأي : حسن اللقاء ، وحسن الاستماع ، وحسن الجواب. أما البلاغة فهي : ليست بحدة اللسان ، ولا بكثرة الهذيان ، ولكنها إصابة المعنى وقصد الحجة.

وقال أيضا في ص ٣٤٠ :

يقول : كثرة النظر في العلم تفتح العقل ، وكثرة النظر بالحكمة تلقح العقل.

ومن أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع ، والمعارضة قبل أن يفهم ، والحكم

٤١٦

بما لا يعلم.

والرجال ثلاثة : عاقل ، وأحمق ، وفاجر : العاقل إن كلم أجاب ، وإن نطق أصاب ، وإن سمع وعى. والأحمق إن تكلم عجل ، وإن حدث ذهل ، وإن حمل على القبيح فعل. والفاجر إن ائتمنته خانك ، وإن حدثته شانك.

وقال أيضا :

يقول : أربعة ينبغي لكل شريف ألا يأنف منها : أولها خدمته لمن تعلم منه ...

وقال أيضا في ص ٣٤١ :

والعلم جنة والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس. والله ولي من عرفه. العاقل غفور والجاهل ختور. ومن خاف العاقبة تثبت فيما لا يعلم. ومن هجم على أمر من غير علم جدع أنف نفسه. وأكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا.

والخشية طريق العلم ، والعلم شعاع المعرفة وقلب الإيمان ، ومن حرم الخشية لا يكون عالما.

وقال أيضا :

وفي ذات يوم ذهب قوم يقولون للإمام الصادق : ندعو فلا يستجاب لنا. فأجاب :

لأنكم تدعون من لا تعرفونه.

وقال أيضا في ص ٣٦٠ :

ودخل عليه عمار الساباطي فقال له : يا عمار إنك رب مال كثير فتؤدي ما افترض عليك الله من الزكاة؟ قال : نعم. قال : فتخرج الحق المعلوم من مالك؟ قال : نعم. قال : فتصل قرابتك؟ قال : نعم. قال : فتصل إخوانك؟ قال : نعم. قال : يا عمار إن المال يفنى ، والبدن يبلى ، والعمل يبقى ، والديان حي لا يموت. يا عمار ما قدمت فلم يسبقك،

٤١٧

وما أخرت فلن يلحقك.

جملة من كلماته الشريفة

رواها الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٠ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

قال جعفر الصادق رضي‌الله‌عنه : للصداقة خمسة شروط فمن كانت فيه فانسبوه إليها ، ومن لم تكن فيه فلا تنسبوه إلى شيء منها ، وهي : أن يكون زين صديقه زينه ، وسريرته له كعلانيته ، وألا يغره عليه مال ، وأن يراه أهلا لجميع مودته ، ولا يسلمه عند النكبات.

ومن كلامه رضي‌الله‌عنه : لا يتم المعروف إلا بثلاث : تعجيله ، وتصغيره ، وستره.

وقال رضي‌الله‌عنه : ما كل من رأى شيئا قدر عليه ، ولا كل من قدر على شيء وفق له ، ولا كل من وفق أصاب له موضعا ، فإذا اجتمعت النية والتوفيق والإصابة فهناك السعادة.

وقال رضي‌الله‌عنه : تأخير التوبة اغترار ، وطول التسويف حيرة ، والاعتدال على الله هلكة ، والإصرار على الذنب من مكر الله (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).

وقال رضي‌الله‌عنه : أربعة أشياء القليل منها كثير : النار ، والعداوة ، والفقر ، والمرض.

وسئل : لم سمي البيت العتيق؟ قال : لأن الله تعالى أعتقه من الطوفان.

وقال : صحبة عشرين يوما قرابة.

وقال : كفارة عمل الشيطان الإحسان إلى الإخوان.

وقال : إذا دخلت منزل أخيك فاقبل الكرامة ما خلا الجلوس في الصدور.

٤١٨

وقال : البنات حسنات ، والبنون نعم ، والحسنات يثاب عليها ، والنعم مسئول عنها.

وقال : من لم يستح عند العيب ، ويرعوى عند الشيب ، ويخش الله بظهر الغيب ، فلا خير فيه.

وقال : إياكم وملاحاة الشعراء فإنهم يضنون بالمدح ، ويجودون بالهجاء والقدح.

وقال : من أكرمك فأكرمه ، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه.

وقال : منع الجود سوء الظن بالمعبود.

وقال : دعا الله الناس في الدنيا بآبائهم ليتعارفوا ، ودعاهم في الآخرة بأعمالهم ليجازوا فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا).

وقال : إن عيال المرء أسراؤه ، فمن أنعم الله عليه نعمة فليوسع على أسرائه ، فإن لم يفعل يوشك أن تزول تلك النعمة.

وقال : ثلاثة لا يزيد الله بها الرجل المسلم إلا عزّا : الصفح عمن ظلمه ، والإعطاء لمن حرمه ، والصلة لمن قطعه.

وقال : المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.

جملة من كلماته الشريفة

رواها العلامة الشيخ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣ في كتابه «بهجة المجالس وأنس المجالس» (ج ١ ص ١٣٨ ط مصر) قال :

وقال جعفر بن محمد : إني لأملق فأتاجر الله بالصدقة فأربح.

وقال أيضا في ج ١ ص ٢٠٥ :

قال جعفر بن محمد : العزّ والغنى يجولان في الأرض ، فإذا أصابا موضعا يدخله التوكل أوطناه.

٤١٩

وقال أيضا في ج ١ ص ٢١٤ :

قال جعفر بن محمد : المستدين تاجر الله في الأرض.

وقال أيضا في ص ٣١٣ :

قال جعفر بن محمد : ما أنعم الله على عبد نعمة فعرفها بقلبه وشكرها بلسانه فما يبرح حتى يزداد.

وقال أيضا في ج ١ ص ٣١٥ :

قال جعفر بن محمد : من لم يشك الجفوة لم يشكر النعمة.

وقال أيضا في ج ١ ص ٣١٨ :

قال جعفر بن محمد : ما من شيء أسرّ إليّ من يد أتبعها أخرى ، لأن مع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل.

وقال أيضا في ج ١ ص ٣٢٠ :

قال جعفر بن محمد : حاجة الرجل إلى أخيه فتنة لهما ، إن أعطاه شكر من لم يعطه ، وإن منعه ذم من لم يمنعه.

وقال أيضا في ج ١ ص ٣٧٠ :

قال جعفر بن محمد : لأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة.

وقال أيضا في ج ١ ص ٣٩٤ :

قال جعفر بن محمد : من نقله الله عزوجل من ذل المعاصي إلى عز الطاعة أغناه

٤٢٠