إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٧

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

حديث ابن عمر

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في اخباره عن شهادة

ابنه الحسين عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في «آل محمد» (ص ٢٨ ـ المخطوط) قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أخبرني جبرئيل أن حسينا يقتل بشاطئ الفرات.

قال في الهامش : رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي هما يرفعه بسنده عن ابن عمر ، ولابن سعد بسنده عن علي عليه‌السلام (الجامع الصغير).

٣٠١

اخبار الحسين بشهادته

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي المولود سنة ٥٨٨ والمتوفى ٦٦٠ في «بغية الطلب في تاريخ حلب» (ج ٦ ص ٢٦١٥ ط دمشق) قال :

وأخبرنا أبو الحسن علي بن أبي المعالي بن الحداد ، قال : أخبرنا يوسف بن آدم المراغي ، قال : أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني ، قال : أخبرنا الشيخ أبو طالب محمد بن الحسن بن أحمد ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان ، قال : أخبرنا عبد الخالق بن الحسن ، قال : حدثنا اسحق بن الحسن الحربي ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثني يزيد الرشك ، قال : حدثني من شافه الحسين بهذا الكلام ، قال : حججت فأخذت ناحية الطريق أتعسف الطريق ، فدفعت الى أبنية وأخبية فأتيت أدناها فسطاطا ، فقلت : لمن هذا؟ فقالوا : للحسين بن علي رضي‌الله‌عنه. فقلت : ابن فاطمة بنت رسول الله؟ قالوا : نعم. قلت : في أيها هو؟ فأشاروا الى فسطاط ، فأتيت الفسطاط ، فإذا هو قاعد عند عمود الفسطاط ، وإذا بين يديه كتب كثيرة يقرأها ، فقلت : بأبي أنت وأمي ما أجلسك في هذا الموضع الذي ليس فيه أنيس ولا منفعة؟ قال : ان هؤلاء ـ يعني السلطان ـ أخافوني ، وهذه كتب أهل الكوفة إليّ وهم قاتلي ، فإذا فعلوا ذلك لم يتركوا لله حرمة إلّا انتهكوها ، فسلط الله عليهم من يذلهم حتى يتركهم أذل من فرم الأمة. قال جعفر : فسألت الأصمعي عن ذلك ، قال : هي خرقة الحيضة إذا ألقتها النساء.

٣٠٢

ومنهم العلامة ابن عساكر في «تاريخ دمشق ـ ترجمة الامام الحسين عليه‌السلام» (ص ٢١١ ط بيروت) قال :

وبالسند المتقدم ـ قال ابن سعد : وأنبأنا موسى بن اسماعيل ، أنبأنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك قال : حدثني من شافه الحسين قال : رأيت أبنية مضروبة بفلاة الأرض ، فقلت : لمن هذه؟ قالوا : هذه للحسين ـ فذكر باختلاف قليل في اللفظ ، وقال في آخره : من فرم الأمة يعني منفعتها.

قال (ابن سعد) : وانبأنا علي بن محمد ، عن الحسن بن دينار ، عن معاوية بن قرّة قال : قال الحسين : والله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت بنو إسرائيل في السبت.

قال : وأنبأنا علي بن محمد ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، قال : قال الحسين عليه‌السلام : والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة في جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة. فقدم العراق ، فقتل بنينوا يوم عاشوراء سنة إحدى وستين.

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور محمد جميل غازي في «استشهاد الحسين عليه‌السلام» (ص ٦٥ ط مصر) قال :

وقال محمد بن سعد : حدثنا موسى بن اسماعيل ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك قال : حدثني من شافه الحسين عليه‌السلام ـ فذكر مثل ما تقدم عن ابن عساكر.

ومنهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي اخطب الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ج ١ ص ١٦٩) قال :

وأخبرني الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور الديلمي فيما كتب الي من همدان ، أخبرنا أبو منصور محمد بن اسماعيل الأشقر بقراءتي عليه بداره في أصبهان ، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن فادشاه ، أخبرنا الطبراني.

٣٠٣

(ح) وأخبرني أبو علي الحداد مناولة ، أخبرني أبو نعيم الحافظ ، أخبرني الطبراني ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن الحسين المقري فيما كتب اليّ من قزوين سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة ، أخبرني أبو القاسم ابن أبي المنذر الخطيب ، أخبرني علي بن ابراهيم ، أخبرني محمد بن يزيد وابن ماجة القزويني باسنادهما الى الحسين بن علي عليه‌السلام قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا حسين آخر شربة من الدنيا تشربها من ماء تشربها على ظمأ.

حديث آخر

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج ١١ ص ٤١٥ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الشريف أحمد بن محمد بن أحمد الحسيني الخوافي [الحافي] الشافعي في «التبر المذاب» (ص ٨٤ ـ المخطوط) قال : فلما برك الشمر على صدره فتح عليه‌السلام عينيه وقال : ويلك من أنت؟ قال : الشمر بن ذي الجوشن. فقال : صدق جدي رسول الله يقول : يقتلك يا حسين رجل أزرق أبرص يقال له الشمر. فقال : إذا كان جدك أخبرك بذلك فلأقتلنك أشد قتلة ـ الخبر.

ومنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس أحمد صقر والشيخ أحمد عبد الجواد في «جامع الأحاديث» (القسم الثاني ج ٦ ص ٤٣١) قالا :

عن محمد بن عمرو بن حسين قال : كنا مع الحسين رضي‌الله‌عنه بنهر كربلاء ، فنظر الى شمر بن ذي الجوشن فقال : صدق الله ورسوله ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كأني أنظر الى كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي! وكان شمر أبرص (كر).

٣٠٤

حديث العريان بن الهيثم

في شهادة الحسين عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي المولود سنة ٥٨٨ والمتوفى ٦٦٠ في «بغية الطلب في تاريخ حلب» (ج ٦ ص ٢٦١٩ ط دمشق) قال :

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ، عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، قال : أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا محمد بن العباس ، قال : أخبرنا أحمد بن معروف ، قال : حدثنا الحسين بن الفهم ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عامر بن أبي محمد ، عن الهيثم بن موسى قال : قال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدّى فينزل قريبا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين ، فكنا لا نبدو إلّا وجدنا رجلا من بني أسد هناك ، فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان؟ قال : بلغني أن حسينا يقتل هاهنا ، فأنا أخرج لعلي أصادفه فأقتل معه. فلما قتل الحسين قال أبي : انطلقوا ننظر هل الأسدي فيمن قتل ، فأتينا المعركة فطوفنا فإذا الأسدي مقتول.

٣٠٥

ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر» (ج ٧ ص ١٤٥ ط دار الفكر) قال :

قال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدى فينزل قريبا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين ـ فذكر مثل ما تقدم عن «بغية الطلب».

٣٠٦

حديث رأس الجالوت

في شهادة الامام الحسين عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم :

فمنهم العلامة الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن محمد الشهير بعماد الدين الطبري في «تاريخه» (ص ٤٩٣) قال :

وحدثني العلاء بن أبي عائشة ، عن أبيه قال : حدثني رأس الجالوت قال : ما مررت بكربلاء الّا وأنا اركض دابتي حتى أخلف المكان. قال : قلت : لم؟ قال : كنا نتحدث أن ولد نبي مقتول في ذلك المكان. قال : وكنت أخاف أن أكون أنا ، فلما قتل الحسين قلنا هذا الذي كنا نتحدث.

قال : وكنت بعد ذلك إذا مررت بذلك المكان أسير ولا أركض.

ومنهم العلامة الطبراني في «المعجم الكبير» (ج ٣ ص ١١١ ط دار احياء التراث العربي) قال :

حدثنا محمد بن التمار البصري ، نا محمد بن كثير العبدي ، نا سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن العلاء بن أبي عائشة ، عن رأس الجالوت قال : كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي ، فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها ، فلما قتل الحسين جعلت أسير بعد ذلك علي هيبتي.

٣٠٧

ومنهم العلامة عز الدين أبو الحسن علي بن أبي المكرم الشهير بابن الأثير في «الكامل» (ج ٣ ص ٣٠١ ط المنيرية بمصر):

روى الحديث عن رأس الجالوت بعين ما تقدم عن «تاريخ الطبري».

ومنهم الحافظ ابن عساكر في ترجمة الامام الشهيد الحسين بن علي من «تاريخه» (ص ١٨٩ ط بيروت) قال :

وأنبأنا سليمان بن أحمد ، أنبأنا محمد بن محمد التمار البصري ، أنبأنا محمد بن كثير العبدي ، أنبأنا سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن العلاء بن أبي عائشة ـ فذكر الحديث بعين ما تقدم عن «تاريخ الطبري».

ومنهم العلامة كمال الدين عمر بن أحمد الحلبي في «بغية الطلب في تاريخ حلب» (ج ٦ ص ٢٦٠٢) قال :

قال : وحدثنا سليمان ، قال : حدثنا محمد بن محمد التمار البصري ، قال : حدثنا محمد بن كثير العبدي ، قال : حدثنا سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن العلاء بن أبي عائشة ، عن أبيه ، عن رأس الجالوت قال : كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي ـ فذكر مثل ما تقدم عن «تاريخ الطبري».

ومنهم العلامة ابن منظور الافريقي في «مختصر تاريخ دمشق» (ج ٧ ص ١٣٥) قال :

حدث العلاء بن أبي عائشة ، عن أبيه ، عن رأس الجالوت قال : كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي ـ فذكر مثل ما تقدم عن «تاريخ الطبري».

٣٠٨

قول الحسين عليه‌السلام

حين نزل كربلاء : صدق رسول الله أرض كرب وبلاء

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضلان الشريف عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد المدنيان في القسم الثاني من «جامع الأحاديث» (ج ٦ ص ٤٣١ ط دمشق) قالا :

عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : لما أحيط بالحسين بن علي رضي‌الله‌عنهما قال : ما اسم الأرض؟ قيل : كربلاء. فقال : صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أرض كرب وبلاء (١)(طب).

__________________

(١) قال الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الاول سابقا في كتابه «الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ص ١٣٠ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

دفن الحسين رضي‌الله‌عنه بكربلاء في طرف البرية عند الكوفة واشتقاقه من الكربلة رخاوة في القدمين ، يقال : جاء يمشي مكربلا أي كأنه يمشي في طين ، فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة فسميت بذلك. ويقال كربلت الحنطة إذا هززتها ونقيتها ، فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك. والكربل : اسم نبت الحماض.

وقد روي أن الحسين رضي‌الله‌عنه لما انتهى الى هذه الأرض قال لبعض أصحابه : ما تسمى هذه القرية؟ وأشار الى العقر. فقالوا له : اسمها العقر ، فقال الحسين : نعوذ بالله من

٣٠٩

__________________

العقر (من عقر الفرس والناقة وغيرهما ، حصد قوائمها بالسيف) ثم قال : فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟ قالوا : كربلاء فقال : «أرض كرب وبلاء» وأراد الخروج منها فمنع.

وقال الفاضل المعاصر الدكتور محمد جميل غازي في «استشهاد الحسين عليه‌السلام» (ص ١٣٤ خرجه من كتاب الحافظ ابن كثير ط مطبعة المدني ـ المؤسسة السعودية بمصر) :

وأما قبر الحسين رضي‌الله‌عنه ، فقد اشتهر عند كثير من المتأخرين أنه في مشهد علىّ بمكان من الطف عند نهر كربلاء ، فيقال : إن ذلك المشهد مبني على قبره. فالله أعلم.

وقد ذكر ابن جرير وغيره أن موضع قتله عفى أثره حتى لم يطلع أحد على تعيينه بخبر ، وقد كان أبو نعيم ، الفضل بين دكين ، ينكر على من يزعم أنه يعرف قبر الحسين.

وذكر هشام بن الكلبي أن الماء أجري على قبر الحسين ليمحى أثره ، نضب الماء بعد أربعين يوما. فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمها حتى وقع على قبر الحسين فبكى ؛ وقال بأبي أنت وأمي ما كان أطيبك وأطيب تربتك!! ثم أنشأ يقول :

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه

فطيب تراب القبر دلّ على القبر

وقال العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب «جواهر المطالب في مناقب الامام أبي الحسنين علي بن أبي طالب» (ص ١٤٠ والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) :

واما قبره عليه‌السلام فقد اشتهر عند المؤرخين بالطف من كربلاء وذكر ابن جرير الطبري ان موضع قبره عفي اثره.

وقال الفاضل المعاصر الدكتور عبد الرحمن سالم ـ في «التاريخ السياسي للمعتزلة» (ص ٣١٣ ط دار الثقافة في القاهرة) :

ففي عام ٢٣٦ أمر المتوكل «بهدم قبر الحسين رضي‌الله‌عنه وهدم ما حوله من الدور وأن يعمل مزارع ، ومنع الناس من زيارته وحرث وبقي صحراء».

ان ما يثير التساؤل هنا أن المتوكل لم يلق بالا الى ما كان متوقعا من ردود الفعل السيئة لدى جماهير المسلمين على اختلاف مذاهبهم إزاء هذا التصرف ، فالحسين ليس شخصا عزيزا

٣١٠

__________________

على الشيعة وحدهم ، لكنه عزيز على المسلمين جميعا ، وقد تألم المسلمون حقا لهذا السلوك وأنكروه على المتوكل «وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد» وقال أحد الشعراء يعبر عن استنكاره :

بالله ان كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثله

هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على ألّا يكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما

لقد كان أحجى بالمتوكل ـ في ضوء التفسير السياسي لموقفه من المعتزلة ـ ألّا يقدم على هذا العمل الخطير وهو هدم قبر الحسين ، وأن يحاول التشبث بمشاعر الود والتعاطف التي نعم بها من الجماهير العريضة من المسلمين بعد أن أعاد الى السنة مكانتها ورد الى أهلها اعتبارهم ، فهل من الممكن التماس عذر سياسي للمتوكل في تصرفه هذا؟

ان ما يبدو أقرب الى التصور أن السياسة أيضا كانت وراء هدم المتوكل قبر الحسين. لقد رأى المتوكل أن مشهد الحسين أصبح تجمعا خطيرا لجماهير المسلمين ، ومهوى أفئدة المحبين من كل مكان ، وأدرك المتوكل بميزانه السياسي أنه ان لم يضع حدا لذلك ـ ولو بالعنف ـ فقد تتطور الأمور ليصبح قبر الحسين وقبور العلويين مراكز ثورة قد تهب أعاصيرها في أي وقت لتطيح بعرشه ، فأراد المتوكل أن يحسم الداء قبل استفحاله رغم إدراكه أن ذلك سيعرضه لموجة عنيفة من النقد والاستنكار ، لكنه رأى أن موجة النقد أخف من أعاصير الثورة التي قد تنفجر من جراء هذه التجمعات الخطيرة التي تحتشد عند قبر الحسين والعلويين. ويعرض أبو المحاسن ما قد يستأنس به من التدليل على هذا الرأي إذ يذكر أن المتوكل كان كلفا بمغنية له تسمى «أم الفضل» وأنه طلبها ذات يوم فلم يجدها ، فلما حضرت بعد أيام سألها أين كانت ، فذكرت أنها كانت تحج الى مشهد علي ، فاستنكر المتوكل أن يكون مشهد علي محجا للمسلمين ، وأصدر أمره بمنع الناس من زيارة مشهد علي أو غيره من العلويين ، ثم تطورت الأحداث الى الحد الذي جعل المتوكل يصدر أمره بهدم قبر الحسين وما حوله. والدلالة الظاهرة التي تشير إليها هذه الرواية أن المتوكل أمر بمنع زيارة قبر علي ثم بهدم قبر الحسين لئلا يخلط الناس بين الحج لبيت الله والحج لقبور العلويين ، ولكن الدلالة الخفية وراء هذه الرواية

٣١١

__________________

أن المتوكل خشي أن يمثل هذا التجمع تهديدا لسلطانه واحياء لرغبة العلويين في تولي أمر المسلمين.

فخلاصة التفسير السياسي لموقف المتوكل من المعتزلة أنه أراد أن يثبت دعائم ملكه بتأييد الجمهور الأعظم من المسلمين. ولا يعترض على هذا التفسير بهدم المتوكل لقبر الحسين. لأن هذا التصرف يدور في نطاق هذا التفسير أيضا ، وهو تثبيت دعائم ملكه بالقضاء على مصدر تجمع قد يصح أن يكون مغرسا لثورة خطيرة ضده أو ضد خلفائه في مستقبل الأيام.

الى أن قال :

ويؤيد «باتون» رأيه بموقف المتوكل من العلويين وهدمه قبر الحسين ، ذلك أن المتوكل من وجهة ـ نظر باتون ـ لو كان حريصا على تملق مشاعر الجماهير ليظفر بتأييدها لما أقدم على هدم قبر الحسين ، لأنه كان يعرف أن هذا العمل سيهيج مشاعر المسلمين ، فهدمه قبر الحسين واضطهاده العلويين يعكس ايمانه بآراء دينية معينة وتعصبه لها ، ويعكس في نفس الوقت حرصه ألّا يتنازل عن هذه الآراء ولو ترتب على ذلك انفضاض الجماهير من حوله.

ثم قال :

الحق أنه من غير الممكن قبول تفسير «باتون» وهو التفسير الديني الّا إذا توفرت أدلة أقوى تؤيده ، وان شخصية المتوكل ذاتها لا تسمح بالتسليم بهذا الرأي ، وقد كان موقفه من العلويين لا يتسم بالتعقل ولا بالحرص على السنة ، لأن الحرص على السنة لا يسمح له ببغض علي بن أبي طالب ولا باضطهاد ذريته ، كما أن القسوة المتطرفة التي كان يتسم بها المتوكل أحيانا تمثل مغمزا خطيرا في شخصيته يجعل الحكم عليه بأنه كان يصدر في تصرفاته عن حرص على السنة قابلا للمراجعة. ولعل الطريقة التي قتل بها محمد بن عبد الملك الزيات تقدم مثالا لهذه القسوة.

وعلى هذا فان موقف المتوكل من العلويين وهدمه قبر الحسين لا يصح أن يكون دليلا على وجهة نظر «باتون» ، ذلك أن هذا العمل من المتوكل ـ كما تقدم ـ كان يهدف منه الى القضاء على بؤرة الثورة ضده لدليل أنه «أمر ألّا يتوجه أحد لزيارة قبر من قبور العلويين» قبل

٣١٢

__________________

أن يهدم قبر الحسين.

وقال الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ٣٥٢ ط بيروت ـ سنة ١٤٠٨) :

وفي الكامل قال : وفي سنة ست وثلاثين ومائتين أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي عليه‌السلام وهدم ما حوله من المنازل والدور ، وأن يبذر موضع قبره ، وأن يمنع الناس من إتيانه ، فنادى بالناس في تلك الناحية : من وجدناه عند قبره حبسناه ، فهرب الناس وتركوا زيارته.

وقال الفاضل المعاصر أحمد حسن الباقوري المصري في «علي امام الأئمة» (ص ١٤٩ ط دار مصر للطباعة) :

وثانية البليتين مقتل الحسين بن علي رضي‌الله‌عنهما يوم الجمعة لعشر خلون من محرم سنة إحدى وستين من الهجرة. ولو أن أمر البلية بمقتله وقف عند القتل وحده لقال الناس رجل خرج يثأر لأبيه وأخيه فقتله أهل البغي والإجرام ، فكانت المصيبة بذلك أدنى الى العزاء عنها والتجمل فيها ، ولكن الذي يضاعف من وقعها على النفوس ويساير نكرها في التاريخ ما تتخاشع به أبصار وتتخاضع له أعناق ، هو أن يفقد قاتلوه شرف المروءة وكرم الدين فينبشوا قبره .. وقد كان من أخلاق الأشراف ألّا يتبعوا مدبرا ولا يجهزوا على جريح.

لقد فعل بنو العباس ذلك حتى قال شاعر عربي :

تا الله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيه مظلوما

فلقد أتى ابن بنى أبيه بمثله

هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على ألّا يكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما

ثم لو أن قتل الحسن بالسم والحسين بالسيف لم يكن خالطه هذا الصغار من محاربة القتلى في قبورهم ، وقتل الذين لا حول لهم ولا حيلة من أصحاب الحسين ، لكان لذلك التصرف وجه يحتمل الحديث. ولكن فقدان المروءة وهو ان الدين جعلهم يحاربون الحسن ميتا وينبشون قبر الحسين دفينا ، ثم يجمعون الى هاتين الرذيلتين رذيلة ثالثة تأباها العروبة ويرفضها الإسلام ، وهي أن يقتل غير المقاتلة من نساء ورجال. فقد روى الثقات عن

٣١٣

ومنهم الدكتور محمد جميل غازي في «استشهاد الحسين عليه‌السلام» (ص ٦٦) قال :

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثني حجاج بن محمد ، عن أبي معشر ، عن بعض مشيخته قال : قال الحسين حين نزلوا كربلاء ـ فذكر مثل ما تقدم عن «جامع الأحاديث».

__________________

الإمام علي زين العابدين ابن الامام الحسين أنه كان دائم الحزن شديد البكاء ، وذات يوم قال له قائل : إنك شديد الحزن كثير البكاء فهلا هونت على نفسك؟ فقال رضي‌الله‌عنه : إن يعقوب عليه‌السلام بكى حتى ابيضت عيناه على يوسف. ولم يكن علم أنه قد مات. ولقد رأيت أنا بضعة عشر من أهل بيتي يذبحون في غداة يوم واحد. أفترى حزنهم يذهب من قلبي؟

هذا بعض ما يتعلق بالذين استشهدوا من آل البيت النبوي الشريف. وأما ما يتعلق بالذين اختفوا في البيوت أو شردوا في الآفاق خشية ظلم بني العباس ، فإليك ما يشير الى ذلك دون استيعاب أو إطناب ..

وقال أيضا في ص ١٥٤ :

وإليك بعض ما قاله ابن الرومي في صدد نبش قبر الحسين على صورة يحتقرها ذو المروءة ويغضب لها صاحب الدين. وقد روى هذا الشعر الأستاذ السيد أحمد صقر محقق كتاب مقاتل الطالبيين :

أمامك فانظر أي نهجيك تنهج

طريقان شتى : مستقيم وأعوج

أكل أوان للنبي محمد

قتيل زكي بالدماء مضرج

تبيعون فيه الدين شر أئمة

فلله دين الله قد كان يمرج

أكلكمو أمسى اطمأن مهاده

بأن رسول الله في القبر مزعج

نظار فإن الله طالب وتره

ليالي لا ينفك منكم متوج

وإني على الإسلام بعد لخائف

بوائق شتى بابها الآن مرتج

٣١٤

ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بان منظور المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر» (ج ٧ ص ١٤٧ ط دار الفكر) قال :

وقيل : ان الحسين قال حين نزلوا كربلاء ـ فذكر مثل ما تقدم عن «جامع الأحاديث».

ومنهم العلامة كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي المولود سنة ٥٨٨ والمتوفى ٦٦٠ في «بغية الطلب في تاريخ حلب» (ج ٦ ص ٢٦١٦ ط دمشق) قال :

قال عبد الله بن محمد : وحدثني عمي قال : حدثني القاسم بن سلام ، قال : حدثني حجاج بن محمد ، عن أبي معشر ، عن بعض مشيخته قال : قال الحسين بن علي حين نزلوا كربلاء : ما اسم هذه الأرض؟ قالوا : كربلاء. قال : كرب وبلاء.

٣١٥

حديث عمار الدهني

قد تقدم نقله منا عن أعلام القوم في ج ١١ ص ٣٧٨ ، ونستدرك هاهنا عمن لم نرو عنهم هناك :

فمنهم العلامة سليمان بن أحمد الطبراني في «المعجم الكبير» (ص ١٤٦):

حدثنا علي بن عبد العزيز ، نا أبو نعيم ، نا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني قال : مرّ علي رضي‌الله‌عنه على كعب ، فقال : يقتل من ولد هذا الرجل رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه ، فمر حسن رضي‌الله‌عنه ، فقالوا : هذا يا أبا إسحاق؟ قال : لا ، فمر الحسين ، فقالوا : هذا؟ قال : نعم.

ومنهم العلامة ابن حجر العسقلاني في «تهذيب التهذيب» (ج ٢ ص ٣٤٧):

روى الحديث عن عائشة وزينب بنت جحش وأم الفضل بنت الحارث وأبي امامة وأنس وغيرهم عن عمار الدهني بعين ما تقدم عن «المعجم الكبير».

ومنهم الحافظ علي بن أبي بكر الهيتمي في «مجمع الزوائد» (ج ٩ ص ١٩٣ ط مكتبة القدسي في القاهرة):

روى من طريق الطبراني عن عمار الدهني بعين ما تقدم عن «المعجم الكبير» ، قال : ورجاله ثقات.

٣١٦

ومنهم العلامة الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج ٣ ص ١٩٥):

روى الحديث بعين ما تقدم عن «المعجم الكبير».

ومنهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي المتوفى سنة ٧٤٢ في «تهذيب الكمال» (ج ٦ ص ٤١٠ ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت) قال :

وقال عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني : مر عليّ على كعب ، فقال : يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم ـ الحديث مثل ما تقدم عن «المعجم الكبير».

ومنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الشهير بابن عساكر في «ترجمة الامام الحسين عليه‌السلام من تاريخ مدينة دمشق» (ص ١٨٨ ط بيروت) قال :

أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون ، أنبأنا أبو القاسم ابن حبابة ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، حدثني عمي ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني قال : مر عليّ على كعب فقال : يخرج من ولد هذا رجل ـ فذكر مثل ما تقدم عن «المعجم الكبير».

وقال أيضا في ص ١٨٩ :

أخبرنا أبو علي الحداد وغيره في كتبهم ، قالوا : أنبأنا أبو بكر بن ريذة ، أنبأنا سليمان ابن أحمد ، أنبأنا علي بن عبد العزيز ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني قال : مرّ عليّ على كعب فقال : يقتل من ولد هذا رجل في عصابة ـ فذكر مثل ما تقدم عن «المعجم الكبير».

قال : وأنبأنا سليمان بن أحمد ، أنبأنا محمد بن محمد التمار البصري ، أنبأنا محمد ابن؟؟؟ لعبدي ، أنبأنا سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن العلاء بن أبي

٣١٧

عائشة ، عن أبيه ، عن رأس الجالوت قال : كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها ، فلما قتل حسين جعلت أسير بعد ذلك على هيئتي.

ومنهم العلامة جمال الدين عمر بن أحمد ابن أبي جرادة الحلبي المولود سنة ٥٨٨ المتوفى ٦٦٠ في «بغية الطلب في تاريخ حلب» (ج ٦ ص ٢٦٠٢ ط دمشق) قال :

وقال : أخبرنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني قال : مر عليّ على كعب فقال : يقتل من ولد هذا رجل في عصابة ـ فذكر مثل ما تقدم عن «المعجم الكبير».

ومنهم العلامة ابن منظور الافريقي في «مختصر تاريخ دمشق» (ج ٧ ص ١٣٥ ط دمشق) قال :

قال عمار الدهني : مر عليّ على كعب فقال : يخرج من ولد هذا رجل يقتل في عصابة ـ فذكر مثل ما تقدم عن «المعجم الكبير».

٣١٨

حديث رؤيا

ام سلمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام

واخباره بشهادة الحسين عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الفاضل عطا حسني بك المصري في «حلى الأيام» (ص ٣١٧ ط القاهرة) قال :

ونقل الترمذي عن سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ، فقلت : ما يبكيك؟ قالت : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب ، فقلت : ما لك يا رسول الله؟ قال : شهدت قتل الحسين.

ومنهم العلامة الشيخ عبد الحق في «أشعة اللمعات» في شرح المشكاة (ج ٤ ص ٧٠٤ ط نول كشور لكهنو):

روى الحديث عن سلمى بعين ما تقدم عن «حلى الأيام».

ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكهنوي في «مرآة المؤمنين» (مخطوط):

روى الحديث عن سلمى بعين ما تقدم عن «حلى الأيام».

٣١٩

ومنهم العلامة الشيخ محمد عزت دروزة في «تاريخ العرب والإسلام» (ص ٣٨٠):

روى الحديث عن سلمى بعين ما تقدم عن «حلى الأيام».

ومنهم العلامة على بن سلطان محمد القاري في كتابه «مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح» (ج ١١ ص ٣٩١ ط ملتان):

روى الحديث عن سلمى بعين ما تقدم عن «حلى الأيام».

ومنهم الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة ٣٦٠ في «المعجم الكبير» (ج ٢٣ ص ٣٧٣ ط مطبعة الامة ببغداد) قال :

... حدثنا علي بن العباس البجلي ، ثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو خالد الأحمر ، حدثني رزين ، حدثتني سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ـ فذكر مثل ما تقدم عن «حلى الأيام».

ومنهم العلامة ابن منظور الافريقي في «مختصر تاريخ دمشق» (ج ٧ ص ١٥٢) قال :

وعن سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ـ فذكر مثل ما تقدم عن «حلى الأيام».

ومنهم العلامة كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة المولود ٥٨٨ والمتوفى ٦٦٠ في «بغية الطلب في تاريخ حلب» (ج ٦ ص ٢٦٤٤ ط دمشق) قال :

أنبأنا أبو نصر ، قال : أخبرنا علي ، قال : أخبرنا أبو الفتح محمد بن علي بن عبد الله بن عبد الله المضري وأبو بكر ناصر بن أبي العباس بن علي الصيدلاني بهراة ، قالا : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي ، قال : أخبرنا أبو محمد بن أبي شريح ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا أبو سعيد الأشج ، قال :

٣٢٠