إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٦

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

عبد الله بن أبي نجيح قال : حج الحسن بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا.

ومنها

حديث علي بن زيد بن جذعان التيمي

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم :

فمنهم العلامة المؤرخ ابن عساكر الشافعي الدمشقي في «تاريخ دمشق ـ ترجمة الامام الحسن» (ص ١٤٢ ط دمشق) قال :

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ، ابنا البناء ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، أنبأنا أحمد بن سليمان ، أنبأنا الزبير بن بكار ، قال : وحدثني عمي قال : وذكر عن علي بن زيد بن جدعان التيمي قال : حج الحسن بن علي خمس عشرة مرة ماشيا ، وخرج من ماله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا ، ويعطي خفا ويمسك خفا.

قال ابن عساكر : هذا منقطع وقد ورد موصولا ، وقد أخبرناه موصولا :

أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا محمد بن العباس ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن محمد ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا علي بن محمد ، عن خلاد بن عبيدة ، عن علي بن زيد بن جدعان قال : حج الحسن بن علي خمسة عشر حجة ماشيا ، وان النجائب لتقاد معه ، وخرج من ماله لله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا ويعطي خفا ويمسك خفا.

٤٤١

ومنهم العلامة جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي الكلبي في «تهذيب الكمال» (ج ٦ ص ٢٣٣ ط بيروت) قال :

وقال محمد بن سعد ، عن علي بن محمد المدائني ، عن خلاد بن عبيد ، عن علي بن زيد بن جدعان : حج الحسن بن علي خمس عشرة حجة ماشيا ، وان النجائب لتقاد معه.

٤٤٢

مستدرك

الحسن عليه‌السلام من سادات أهل الجنة

قد تقدم نقل ما يدل عليه من أعلام العامة في ج ٩ ص ٢٤٦ إلى ص ٢٥٠ وج ١٣ ص ٢١٧ إلى ص ٢٢٠ وج ١٨ ص ٤١٨ إلى ص ٤٢٠ وج ١٩ ص ٦٦٦ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم العلامة الشريف عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري الحسني الادريسي المغربي في «المهدي المنتظر» (ص ٤١ ط بيروت) قال :

وأما حديث أنس فخرجه ابن ماجة قال : حدثنا هدبة بن عبد الوهاب ، حدثنا سعيد ابن عبد الحميد بن جعفر ، عن علي بن زياد اليمامي ، عن عكرمة بن عمار ، عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : نحن ولد عبد المطلب سادات أهل الجنة ، أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي.

٤٤٣

حديث

جود الحسن عليه‌السلام وسخائه في ذات الله تعالى

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن كتب القوم في ج ١١ ص ١٣٨ إلى ص ١٥٢ و ١٥٤ وص ١٥٥ وج ١٩ ص ٣٤٣ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم العلامة الشيخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور الخزرجي الأنصاري الأفريقي في «مختصر تاريخ دمشق» (ج ٧ ص ٢٥ ط دمشق) قال :

قال إبراهيم بن إسحاق الحربي ، وقد سئل عن حديث عباس البقال ، فقال : خرجت إلى الكيس ووزنت لعباس البقال دانقا إلّا فلسا ، فقال لي : يا أبا إسحاق ، حدثني حديثا في السخاء ، فلعل الله عزوجل يشرح صدري فأعمل شيئا.

قال : فقلت له : نعم ، روي عن الحسن بن علي : أنه كان مارا في بعض حيطان المدينة فرأى أسود بيده رغيف يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة ، إلى أن شاطره الرغيف ، فقال له الحسن : ما حملك على أن شاطرته ، فلم يعاينه فيه بشيء؟ قال : استحت عيناي من عينيه أن أعاينه ، فقال له : غلام من أنت؟ قال : غلام أبان بن عثمان. فقال : والحائط؟ فقال : لأبان بن عثمان. فقال له الحسن : أقسمت عليك لا برحت حتى أعود إليك.

فمر فاشترى الغلام والحائط ، وجاء إلى الغلام فقال : يا غلام قد اشتريتك ، فقام

٤٤٤

قائما فقال : السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي ، قال : وقد اشتريت الحائط وأنت حر لوجه الله والحائط هبة مني إليك. قال : فقال الغلام : يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له. قال : فقال عباس البقال : حسن والله يا أبا إسحاق ، لأبي إسحاق دانق إلّا فلسا ، أعطه بدانق ما يريد. قلت : والله لا أخذت إلّا بدانق إلّا فلسا.

ومنهم العلامة صاحب كتاب «مختار مناقب الأبرار» (ص ١٠٠ نسخة مكتبة جستربيتى) قال :

وقال ابن سيرين : ان الحسن بن علي كان يجيز الرجل الواحد بمائة ألف.

ورواه أيضا ابن منظور في «مختصر تاريخ دمشق» ج ٧ ص ٢٥ عن ابن سيرين.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٠٦ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

وكان رضي‌الله‌عنه من شدة كرمه يواسي الفقراء ولا يرد سائلا فقيل له : لأي شيء نراك لا ترد سائلا وإن كنت على فاقة؟ فقال : إني لله سائل ، وفيه راغب ، وأنا أستحيي أن أكون سائلا وأرد سائلا ، وأن الله تعالى عودني عادة : عودني أن يفيض نعمه علي ، وعودته أن أفيض نعمه على الناس ، فأخشى إن قطعت أن يمنعني العادة ، وأنشد يقول :

إذا ما أتاني سائل قلت مرحبا

بمن فضله فرض علي معجل

ومن فضله فضل على كل فاضل

وأفضل أيام الفتى حين يسأل

وكان رضي‌الله‌عنه جالسا ذات يوم ، فأتاه رجل وسأله أن يعطيه شيئا من الصدقة ، ولم يكن عنده ما يسد به رمقه ، فاستحيا أن يرده فقال : ألا أدلك على شيء يحصل لك منه البر والخير الكثير؟ فقال : ما ذا تدلني عليه؟ فقال : اذهب إلى الخليفة فإن ابنته توفيت ، وانقطع عليها ، وما سمع من أحد تعزية ، فعزه بهذه التعزية يحصل لك بها الخير

٤٤٥

الكثير. فقال : حفظني إياها. قال : قل له : الحمد لله الذي سترها بجلوسك على قبرها ، ولا هتكها بجلوسها على قبرك. وفي رواية أخرى : الحمد لله الذي أعزها بجلوسك على قبرها ، ولم يذلها بجلوسها على قبرك.

فذهب إلى الخليفة وعزاه بهذه التعزية ، فسمعها الخليفة فذهب عنه الحزن ، فأمر له بجائزة سنية وقال : بالله عليك أكلامك هذا؟ قال لا ، بل كلام فلان. فقال : صدقت ، فإنه معدن الكلام الفصيح ، وأمر له بجائزة أخرى لصدقه.

وقال الفاضل المذكور في كتابه «السمير المهذب» (ج ١ ص ٥٤ ط دار الكتب العلمية في بيروت عام ١٣٩٩):

جاءت جارية للحسن تحييه بشيء من الريحان فقال لها : أنت حرة لوجه الله تعالى. فقيل له : جاءتك جارية بريحان فأعتقتها. فقال : قال الله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) (نزهة المجالس).

ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الحسيني الشافعي الشيرازي في «توضيح الدلائل» (ص ٣٥٨ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة الملي بفارس) قال :

روي أن رجلا دفع إليه رقعة في حاجة ، فقال له قبل أن ينظر في رقعته : حاجتك مقضية. فقيل له : يا ابن رسول الله لو نظرت في رقعته ثم رددت الجواب على قدر ذلك. فقال : أخشى أن يسألني الله تعالى عن ذل مقامه بين يدي حتى أقرأ رقعته.

وروي أن رجلا آخر سأله حاجة فقال : يا هذا حق سؤلك إياي يعظم لدي ، ومعرفتي بما يجب لك يكبر علي ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله ، والكثير في ذات الله قليل ، وما في يدي وفاء لشكرك ، فإن قبلت الميسور ورفعت عني مؤنة الاحتيال والاهتمام لما أتكلف من واجبك فعلت. فقال : يا ابن رسول الله أقبل وأشكر العطية وأعذر على المنع. فدعا الحسن وكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتى

٤٤٦

استقصاها ، فقال له : هات الفاضل. فأحضر خمسين ألفا ثم قال : ما فعلت الخمسمائة دينار؟ قال : هي عندي. قال : أحضرها ، فأحضرها فدفع الحسن رضي‌الله‌عنه الدنانير والدراهم إلى الرجل وقال له : هات من يحملها لك ، فأتى بحمالين فدفع الحسن رداءه إليهما كراء للحمل وقال : هذا أجرة حملكما ولا تأخذا منه شيئا. فقال له مواليه : والله ما عندنا درهم. فقال : لكني أرجو أن يكون لي عند الله تعالى أجر عظيم.

وقال أيضا :

روي أن الحسن عليه‌السلام سمع رجلا يسأل الله تعالى في سجوده عشرة آلاف درهم ، فانصرف الحسن عليه‌السلام إلى منزله وبعث بها إليه.

وقال أيضا : وروي أن رجلا كتب إليه يسأل بهذه الأبيات :

غربة تتبع قله

ان في الفقر مذلة

يا ابن خير الناس اما

يا ابن أكرمهم جبله

لا يكن جودك لي

بل يكن جودك لله

فأعطاه الحسن عليه‌السلام دخل العراق سنة. فقيل له : يا ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبارك وسلم تعطي دخل العراق سنة على ثلاثة أبيات من الشعر؟ فقال عليه‌السلام : أما سمعتم ما قال؟ لا يكن جودك لي بل يكن جودك لله؟ فلو كانت الدنيا كلها لي وأعطيتها إياه كانت في ذات الله تعالى قليلا. ثم قال صاحب كتاب «توضيح الدلائل» : الأخبار الخمسة أوردها الزرندي في كتابه.

ومنهم العلامة أبو القاسم ابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق ـ ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام» (ص ١٤٦ ط بيروت) قال :

أخبرنا أبو القاسم السمرقندي ، أنبأنا أبو محمد الصريفيني ، أنبأنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد الكناني ، أنبأنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي ، أنبأنا كامل بن

٤٤٧

طلحة ، أنبأنا أبو هشام القناد ، قال : كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسن بن علي ، وكان يماكسني فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته ، ويقول : ان أبي حدثني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : المغبون لا محمود ولا مأجور.

وقال أيضا في ص ١٤٧ :

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أخبرنا أحمد بن محمود ، أخبرنا أبو بكر الأصبهاني ، أخبرنا عبدان بن أحمد بن موسى الجواليقي ، أخبرنا أبو موسى محمد بن المثنى ، أخبرنا عبد الأعلى ، عن هشام ، عن ابن سيرين : أن الحسن بن علي يجيز الرجل الواحد بمائة ألف.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أخبرنا الحسن بن علي ، أخبرنا أبو الحسن الدار قطني ، أخبرنا الطيبي عبد الله بن الهيثم ، أخبرنا الحكم بن عمرو الأنماطي.

[حيلولة] : وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور وأبو القاسم بن البسرى قالا : أنبأنا أبو طاهر المخلص ، أنبأنا أحمد بن نصر بن بحير ، أخبرنا علي بن عثمان بن نفيل قالا : أنبأنا أبو مسهر ، أنبأنا سعيد بن عبد العزيز : ان الحسن بن علي بن أبي طالب سمع إلى جنبه رجلا يسأل الله أن يرزقه الله عشرة آلاف ، فانصرف فبعث بها إليه.

وقال أيضا :

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أبو عمر ابن حيويه ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة ، عن علي [عليه‌السلام] أنه خطب الناس ثم قال : ان ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالا وهو يريد أن يقسمه بينكم ، فحضر الناس فقام الحسن فقال : إنما جمعته للفقراء ، فقام نصف الناس ثم كان أول من

٤٤٨

أخذ منه الأشعث بن قيس.

وقال أيضا في ص ١٤٩ :

قال : وأنبأنا ابن أبي الدنيا ، حدثني سليمان بن أبي شيخ ، حدثني أبي وصالح بن سليمان قالا :

قدم رجل المدينة وكان يبغض عليا فقطع به فلم يكن له زاد ولا راحلة ، فشكى ذلك إلى بعض أهل المدينة فقال له : عليك بحسن بن علي. فقال له الرجل : ما لقيت هذا إلّا في حسن وأبي حسن [كذا] فقيل له : فإنك لا تجد خيرا إلّا منه. فأتاه فشكى إليه فأمر له بزاد وراحلة ، فقال الرجل : الله أعلم حيث يجعل رسالاته.

وقيل للحسن : أتاك رجل يبغضك ويبغض أباك فأمرت به بزاد وراحلة؟ قال : أفلا أشتري عرضي منه بزاد وراحلة؟

وقال أيضا في ص ١٥١ :

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا محمد بن العباس ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن محمد بن الفهم ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا مسلم بن إبراهيم ، عن القاسم بن الفضل ، أنبأنا أبو هارون ، قال : انطلقنا حجاجا فدخلنا المدينة فقلنا : لو دخلنا على ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحسن بن علي فسلمنا عليه ، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا وحالنا ، فلما خرجنا من عنده بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة أربعمائة ، فقلنا للرسول : انا أغنياء وليس بنا حاجة ، فقال : لا تردوا عليه معروفه ، فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا. فقال : لا تردوا علي معروفي ، فلو كنت على غير هذا الحال كان هذا لكم يسيرا ، أما اني مزودكم : ان الله تبارك وتعالى يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة فيقول : عبادي جاءوني شعثا يتعرضون لرحمتي ، فأشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم ، وشفعت محسنهم في مسيئهم ، وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك.

٤٤٩

ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر» (ج ٧ ص ٢٧ ط دار الفكر) قال :

وعن أبي هارون قال : انطلقنا حجاجا ـ إلى آخر القصة.

ومنهم العلامة جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن الكلبي المزي في «تهذيب الكمال» (ج ٦ ص ٢٣٧ ط بيروت) قال :

وقال القاسم بن الفضل عن أبي هارون العبدي : انطلقنا حجاجا ـ فذكر القصة مثل ما مر إلى : كان هذا لكم يسيرا.

وقال أيضا :

وقال هشام بن حسان عن ابن سيرين : تزوج الحسن بن علي على امرأة فبعث إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم.

ومنهم علامة التاريخ صارم الدين إبراهيم بن محمد بن ايدمر بن دقماق القاهري المتولد سنة ٧٥٠ والمتوفى سنة ٨٠٩ في «الجوهر الثمين في سيرة الخلفاء والسلاطين» (ج ١ ص ٦٨ ط عالم الكتب في بيروت سنة ١٤٠٥) قال :

ومن طريف أخباره ما ذكره أبو العباس المبرد : أن مروان بن الحكم قال يوما : إني مشغوف ببغلة الحسن ، فقال له ابن أبي عتيق : إن دفعتها إليك أتقضي لي ثلاثين حاجة؟

قال : نعم. قال : إذا اجتمع الناس عندك العشية فإني آخذ في مآثر قريش ، ثم أمسك عن الحسن ، فلمني على ذلك ، فلما أخذ القوم مجالسهم أخذ في أولية قريش ، فقال له مروان : ألا تذكر أولية أبي محمد ، فإن له ما ليس لأحد؟ قال : إنما كنا في ذكر الأشراف ، ولو كنا في ذكر الأنبياء لقدمنا ما لأبي محمد. فلما خرج الحسن ليركب ،

٤٥٠

تبعه ابن أبي عتيق فقال له الحسن وتبسم : ألك حاجة؟ فقال : البغلة ، فنزل الحسن عنها ودفعها إليه.

ومنهم الفاضل المعاصر السيد علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله يتصل نسبه بالحسين عليه‌السلام القاهري المصري المولود سنة ١٢٩٦ والمتوفى سنة ١٣٧٢ بالقاهرة في كتابه «السمير المهذب» (ج ٣ ص ٢٢٥ ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٣٩٩) قال:

قيل للحسن بن علي بن أبي طالب : لأي شيء نراك لا ترد سائلا وإن كنت في فاقة؟ فقال : إني لله سائل ، وفيه راغب ، وأنا أستحيي أن أكون سائلا وأرد سائلا ، وإن الله تعالى عودني عادة ، عودني أن يفيض علي ، وعودته أن أفيض نعمه على الناس ، فأخشى إن قطعت العادة ، أن يمنعني العادة ، وأنشد يقول :

إذا ما أتاني سائل قلت مرحبا

بمن فضله فرض علي معجل

ومن فضله فضل على كل فاضل

وأفضل أيام الفتى حين يسأل

ومنهم الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة ٣٥٤ في كتابه «روضة العقلاء ونزهة الفضلاء» (ص ٢٥٤ طبع دار الكتب العلمية ـ بيروت) قال :

حدثنا محمد بن أحمد الرقام ـ بتستر ـ حدثنا إسحاق بن الضيف ، حدثنا أبو مسهر ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز : أن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم سمع رجلا إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم ، فانصرف فبعث بها إليه.

٤٥١

حديث

رأى الحسن عليه‌السلام جده رسول الله

صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام وقال له : قل

«اللهم اقذف في قلبي رجاءك واقطع رجائي عمن سواك ـ إلخ»

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر» (ج ٧ ص ٦ ط دار الفكر دمشق) قال :

حدث أبو المنذر هشام بن محمد عن أبيه قال : أضاق الحسن بن علي ، وكان عطاؤه في كل سنة مائة ألف ، فحبسها عنه معاوية في إحدى السنين ، فأضاق إضافة شديدة. قال : فدعوت بدواة لأكتب إلى معاوية لأذكره بنفسي ، ثم أمسكت ، فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام فقال لي : كيف أنت يا حسن؟ فقلت : بخير يا أبه. وشكوت إليه تأخر المال عني. فقال : أدعوت بدواة لتكتب إلى مخلوق مثلك تذكره ذلك؟ قلت : نعم يا رسول الله فكيف أصنع؟ قال : قل : اللهم اقذف في قلبي رجاءك واقطع رجائي عمن سواك حتى لا أرجو أحدا غيرك ، اللهم وما ضعفت عنه قوتي وقصر عنه عملي ولم تنته إليه رغبتي ولم تبلغه مسألتي ، ولم يجر على لساني مما أعطيت أحدا من الأولين والآخرين من اليقين ، فخصني به يا رب العالمين.

قال : فو الله ما ألححت به أسبوعا حتى بعث إلي معاوية بألف ألف وخمسمائة ألف.

٤٥٢

فقلت : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ، ولا يخيب من دعاه.

فرأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام ، فقال : يا حسن كيف أنت؟ فقلت : بخير يا رسول الله وحدثته حديثي. فقال : يا بني ، هكذا من رجا الخالق ولم يرج المخلوق.

ومنهم العلامة صاحب كتاب «مختار مناقب الأبرار» (ص ١٠٠ مصورة نسخة جستربيتي) قال :

قال هشام بن محمد : أضاق الحسن بن علي ـ فذكر مثل ما تقدم عن «المختصر» بعينه.

وكان عليه‌السلام لا يدعو أحدا إلى طعامه ويقول :

هو أهون من يدعى إليه أحد

رواه جماعة من أعلام القوم في كتبهم :

فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في «ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من «تاريخ مدينة دمشق» (ص ١٥٦ ط بيروت) قال :

أخبرنا أبو الحسين ابن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو عبد الله ، أنبأنا علي بن موسى بن الحسين ابن السمسار ، أنبأنا أبو علي محمد بن محمد بن آدم الفزاري إملاء ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي ، أنبأنا شريح بن يونس ، أنبأنا هشيم ، عن منصور ، عن ابن سيرين قال : كان الحسن بن علي لا يدعو إلى طعامه أحدا يقول : هو أهون من أن يدعى إليه أحد.

٤٥٣

حديث

مقاسمة الحسن عليه‌السلام ماله مع الله مرات

قد تقدم نقله منا عن أعلام القوم في ج ١١ ص ١٣٢ ، ونستدرك هاهنا عمن لم نرو عنهم هناك :

فمنهم العلامة الشيخ برهان الدين إبراهيم بن يحيى بن علي الأنصاري الشهير بالوطواط المصري في «غرر الخصائص الواضحة» (ص ٢٠٠ ط الشرقية بمصر) قال :

وخرج لله من ماله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى أنه أعطى نعلا وأمسك نعلا.

ومنهم العلامة جمال الدين يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف الكلبي المزي في «تهذيب الكمال» (ج ٦ ص ٢٣٣ ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت) قال في حديث علي بن زيد بن جدعان :

وخرج من ماله لله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى ان كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا ، ويعطي خفا ويمسك خفا.

٤٥٤

ومنهم العلامة صاحب كتاب «مختار مناقب الأبرار» (ص ١٠٠ والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي) قال :

وخرج من ماله لله مرتين ، وقاسم الله ماله ثلاث مرات ، حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا ويعطي خفا ويمسك خفا.

قلت : وقد مر ما يدل عليه في أحاديث حجه عليه‌السلام إلى بيت الله الحرام.

٤٥٥

حديث

قضاء الحسن عليه‌السلام حوائج المؤمنين

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الشافعي الشهير بابن عساكر في «ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من تاريخ مدينة دمشق» (ص ١٥١ ط بيروت) قال :

أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو بكر بن شاذان ببغداد ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب بن سفيان ، أنبأنا عمرو بن خالد الأسدي ، أنبأنا أبو حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين قال : خرج الحسن يطوف الكعبة ، فقام إليه رجل فقال : يا أبا محمد اذهب معي في حاجتي إلى فلان ، فترك الطواف وذهب معه ، فلما ذهب خرج إليه رجل حاسد للرجل الذي ذهب معه. فقال : يا أبا محمد تركت الطواف وذهبت مع فلان إلى حاجته؟ قال : فقال له الحسن : وكيف لا أذهب معه ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجة وعمرة وإن لم تقض له كتبت له عمرة ، فقد اكتسبت حجة وعمرة ورجعت إلى طوافي.

ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق» (ج ٧ ص ٢٦ ط دار الفكر) قال :

وعن علي بن الحسين قال ـ فذكر الحديث مثل ما تقدم عن ابن عساكر بعينه.

٤٥٦

تواضعه عليه‌السلام

ذكر أحاديث في ذلك جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٠٣ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

يحكى عن الحسن بن الامام علي رضي‌الله‌عنهما حكاية تدل على رده للجميل وشكره على المعروف وأدبه وتواضعه ، وذلك :

أنه مر بصبيان من المساكين الذين يسألون الناس على الطرق وقد نثروا كسرا على الأرض ولقما من العيش ، وكان الحسن على بغلته ، فلما مر بهم سلم عليهم فردوا عليه‌السلام وقالوا : هلم الغداء يا ابن رسول الله؟ فقال : نعم إن الله لا يحب المتكبرين ثم ثنى فخذه عن دابته ، وقعد معهم على الأرض وأقبل يأكل.

وبعد أن فرغوا من الأكل ـ وكان الخبز الذي معهم قليلا ـ قام سيدنا الحسن وأركبهم معه إلى منزله ، ثم أطعمهم أنواعا من المآكل ، وكساهم بعد ذلك. فلما سئل في سبب إطعامهم وكسوتهم؟ قال : الفضل لهم ، لأنهم لم يجدوا معهم غير قطع الخبز الذي أطعموني ، ولكن أجد كثيرا مما أعطيتهم ، فيجب أن أقابل الحسنة بمثلها أو بأحسن منها.

وذكر القصة أيضا في ج ٢ ص ٢١ «عوارف المعارف» للسهروردي و «اسعاف الراغبين» باختلاف يسير في اللفظ والزيادة والنقصان.

٤٥٧

حمله عليه‌السلام

وتحمله على أذى الجهال

رواه جماعة من الأعلام في كتبهم :

فمنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة ١٢٧٨ في كتابه «الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة» (ص ١٢٢ ط المطبعة الفاسية) قال :

وعن عاصم بن المصطلق : دخلت المدينة فرأيت الحسن بن علي ، فأعجبني سمته وأثارني ما كان في صدري على أبيه من البغض ، فقلت : أنت الحسن بن علي بن أبي طالب؟ قال : نعم ، فبالغت في شتمه وشتم أبيه ، فنظر إلي نظرة عاطف رؤف وقال :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم. (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) ـ إلى قوله تعالى ـ : (مُبْصِرُونَ). ثم قال : استغفر الله لي ولك ، أنت لو استعنتنا لأعناك ، ولو استرشدتنا لأرشدناك. قال : فندمت على ما كان مني ، فقال : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) الآية. أمن أهل الشام أنت؟ قلت : نعم. قال : حياك الله وبياك ، انبسط لنا في حاجتك تجد أفضل ظنك إن شاء الله. قال عاصم : فضاق علي الأرض بما رحبت وودت أنها ساخت بي وذهبت عنه وما أحد على وجه الأرض أحب إلي منه ومن أبيه.

وقال أيضا في ص ١٢٣ :

٤٥٨

وشتم رجل يوما الحسن بن علي رضي‌الله‌عنهما ، فبالغ في شتمه وقال به الحسن : أما أنت فلم تبق شيئا وما يعلم الله أكثر.

ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر» (ج ٧ ص ٢٦ ط دار الفكر) قال :

حدث رجل من أهل الشام قال : قدمت المدينة فرأيت رجلا بهرني جماله ، فقلت : من هذا؟ قالوا : الحسن بن علي ، قال : فحسدت عليا أن يكون له ابن مثله ، قال : فأتيته فقلت : أنت ابن أبي طالب؟ قال : إني ابنه فقلت : بك وبأبيك وبك وبأبيك ، قال : وأرم لا يرد إلي شيئا ، ثم قال : أراك غريبا فلو استحملتنا حملناك ، وإن استرفدتنا رفدناك ، وإن استعنت بنا أعناك ، قال : فانصرفت عنه وما في الأرض أحب إلي منه.

قال صالح بن سليمان : قدم رجل المدينة وكان يبغض عليا ، فقطع به ، فلم يكن له زاد ولا راحلة ، فشكا ذلك إلى بعض أهل المدينة ، فقال له : عليك بحسن بن علي ، فقال الرجل : ما لقيت هذا إلّا في حسن وأبي حسن ، فقيل له : فإنك لا تجد خيرا منه ، فأتاه فشكا إليه ، فأمر له بزاد وراحلة ، فقال الرجل : الله أعلم حيث يجعل رسالاته ، وقيل للحسن : أتاك رجل يبغضك ويبغض أباك فأمرت له بزاد وراحلة؟! قال : أفلا أشتري عرضي منه بزاد وراحلة؟!

وقال أيضا في ص ٢٩ :

قال جويرية بن أسماء : لما مات الحسن بن علي بكى مروان في جنازته ، فقال له حسين : أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟! فقال : إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا ، وأشار بيده إلى الجبل.

٤٥٩

ما حفظه

الامام الحسن بن علي عليهما‌السلام من جده رسول الله

صلى‌الله‌عليه‌وآله من دعاء القنوت وغيره

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة محمد بن مكرم ابن منظور الأفريقي المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ دمشق» (ج ٧ ص ٥ ط دار الفكر) قال :

قال أبو الجوزاء : قلت للحسن بن علي : ما تذكر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : أذكر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في فيّ ، قال : فنزعها رسول الله بلعابها ، فجعلها في التمر ، فقيل : يا رسول الله ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي؟ قال : انا آل محمد لا تحل لنا الصدقة. قال : وكان يقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فان الصدق طمأنينة وان الكذب ريبة.

وكان يعلمنا هذا الدعاء : «اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت».

وفي حديث أن الحسن قال : علمني جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر وذكر الدعاء «رب اهدني فيمن هديت» إلى آخره.

وقال أيضا في ص ٨ :

٤٦٠