إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٥

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

ومنهم العلامة الأمير علاء الدين على بن بلبان الفارسي الحنفي المتوفى سنة ٧٣٩ في كتابه «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان» (ج ٧ ص ٤٤٢ ط بيروت) قال :

أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي ، قال حدثنا الرمادي ، قال حدثنا يحيى بن أبي بكر ، قال حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي بن أبي طالب : أن فاطمة أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تشكو اليه أثر الرحى ، وبلغها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتى بسبي ، فأتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسأله خادما فلم تلقه ولقيت عائشة فحدثتها الحديث ، فلما جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخبرته بذلك ، فأتانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبنا لنقوم فقال : مكانكما ، وقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري. فقال : أدلكما على خير مما سألتماني ، تكبران أربعا وثلاثين وتسبحان ثلاثا وثلاثين وتحمدان ثلاثا وثلاثين إذا أخذتما مضاجعكما فانه خير لكما من خادم.

وقال أيضا في ج ٩ ص ٣٨ :

أخبرنا عمر بن محمد الهمداني ، قال حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم قال : سمعت ابن أبي ليلى حدثنا علي بن أبي طالب أن فاطمة شكت مما تلقى من أثر الرحاء ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبى فانطلقت فلم تجده ـ فذكر مثل ما تقدم.

٣٤١

ومنهم الحافظ أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي البيهقي المولود سنة ٤٣٦ والمتوفى سنة ٥١٦ في «شرح المسند» (ج ٥ ص ١٠٨ ط المكتب الإسلامي في بيروت) قال :

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، نبأنا محمد بن اسماعيل ، نبأنا مسدد ، نبأنا يحيى ، عن شعبة ، حدثني الحكم ، عن ابن أبى ليلى ـ فذكر مثل ما تقدم آنفا.

ومنهم العلامة الشنقيطى في «زاد المسلم» (ص ١٢١ ط الحلبي بالقاهرة) قال :

ألا أدلكما على خير مما سألتماني ، إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين ، فان ذلك خير لكما مما سألتماه ـ قاله لعلي وفاطمة رضي‌الله‌عنهما حين سألته خادما.

(رواه) البخاري ومسلم عن علي كرم الله وجهه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبى في «حياة فاطمة عليها‌السلام» (ص ١٤٤ ط دار الجيل بيروت).

روى الحديث مثل ما تقدم عن «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان».

٣٤٢

ومنها

حديث الزهراء عليها‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة حسام الدين المردي الحنفي في كتابه «آل محمد» (ص ٨٧ نسخة مكتبة السيد الاشكورى بقم) قال :

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألا أخبرك ما هو خير لك منه ، تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثلاثين ، وتحمدين ثلاثا وثلاثين ، وتكبرين أربعا وثلاثين ـ قاله لفاطمة حين أتت فاطمة تسأله خادما.

قال في الهامش : رواه البخاري يرويه بسنده عن فاطمة.

ومنها

حديث ام سلمة

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن ابى بكر السيوطي المتوفى سنة ٩١١ في كتابه «مسند فاطمة عليها‌السلام» (ص ١٠ ط المطبعة العزيزية بحيدرآباد ـ الهند) قال :

عن أم سلمة رضي‌الله‌عنهما قال : جاءت فاطمة الى رسول الله صلى الله عليه

٣٤٣

وسلم تشكو الخدمة ، فقالت : يا رسول الله لقد مجلت يدي من الرحى أطحن مرة وأعجن أخرى. فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ان يرزقك الله شيئا يأتك ، وسأدلك على خير من ذلك ، إذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثا وثلاثين وكبري ثلاثا وثلاثين واحمدي أربعا وثلاثين فذلك مائة ، وهو خير لك من خادم (ابن جرير).

ومنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس احمد صقر والشيخ احمد عبد الجواد المدنيان في «جامع الأحاديث» (القسم الثاني ج ٦ ص ١٧٣ وص ٣٠٤ ط دمشق).

فذكرا مثل ما تقدم عن «مسند فاطمة عليها‌السلام» وقالا في آخره : عن (ابن جرير).

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد المعطى أمين قلعجى في «آل بيت الرسول» (ص ٢٦٢ ط القاهرة سنة ١٣٩٩) قال :

عن أم سلمة أن فاطمة جاءت الى نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تشتكي ـ فساق الحديث كما تقدم

عن «مسند فاطمة عليها‌السلام» الا ان فيه زيادة وهي :

وإذا صليت صلاة الصبح فقولي «لا اله الا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير» عشر مرات بعد صلاة الصبح ، وعشر مرات بعد صلاة المغرب ، فان كل واحدة منهن تكتب عشر حسنات وتحط عشر سيئات ، وكل واحدة منهن كعتق رقبة من ولد اسماعيل ، ولا يحل لذنب كسب ذلك اليوم أن يدركه الا أن يكون الشرك لا اله

٣٤٤

الا الله وحده لا شريك له ، وهو حرسك ما بين أن تقوليه غدوة الى أن تقوليه عشية من كل شيطان ومن كل سوء.

ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبى في «حياة فاطمة عليها‌السلام» (ص ١٦٨ ط دار الجيل بيروت).

فذكر مثل ما تقدم عن كتاب «آل بيت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعينه.

ومنها

حديث ابى هريرة

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الحافظ ابو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي البيهقي في «شرح السنة» (ج ٥ ص ١٠٧ ط بيروت) قال :

نبأنا أبو المظفر محمد بن أحمد بن حامد التيمي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن ابن عثمان بن القاسم المعروف بابن أبى نصر ، أنبأنا أبو الحسن خثيمة بن سليمان ابن حيدرة الاطرابلسي ، نبأنا أبو قلاية الرقاشي ، نبأنا أمية بن بسطام ، نبأنا يزيد ابن ذريع ، نبأنا روح بن القاسم ، عن سهيل بن أبى صالح ، عن أبيه ، عن أبى هريرة قال : جاءت فاطمة الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسأله خادما ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألا أدلك ما هو خير من خادم؟ تسبحين الله ثلاثا وثلاثين ، وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين ، وتكبرين الله أربعا وثلاثين عند كل صلاة وعند منامك (هذا

٣٤٥

حديث صحيح أخرجه مسلم عن أمية بسطام ولم يذكر الصلاة).

ومنهم العلامة ابو بشر محمد بن احمد بن حماد الأنصاري الدولابي في «الذرية الطاهرة المطهرة» (ص ١٠٣ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة السليمانية باسلامبول) قال :

حدثنا ابو بشر ، قال حدثنا احمد بن يحيى الأزدي ، قال حدثنا عبد بن يعيش ، قال حدثنا المحاربي ، عن يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن ابى هريرة ، عن فاطمة ابنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنها انطلقت الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسأله خادما ، قال «ص» : ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك ، إذا أوتيت الى فراشك فسبحى ثلاثا وثلاثين واحمدي ثلاثا وثلاثين وكبري أربعا وثلاثين ، فهو خير لك من ذلك ، أرضيت يا بنية. قالت : قد رضيت.

ومنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس احمد صقر والشيخ احمد عبد الجواد المدنيان في «جامع الأحاديث» (القسم الثاني ج ٥ ص ٦٣٠ ط دمشق) قالا :

عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال : جاءت فاطمة رضي‌الله‌عنها الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسأله خادما ، فقال لها : ما عندي ما أعطيك ، فرجعت ، فأتته بعد ذلك ، فقال : ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ تسبحين الله ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وتكبرين أربعا وثلاثين تكبيرة ، وتحمدين ثلاثا وثلاثين تحميدة ، وتقولين : «اللهم رب السماوات السبع ، ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، منزل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم ، أعوذ بك من شر

٣٤٦

كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنى الدين وأعذني من الفقر» (ابن جرير).

وقالا أيضا في ج ٦ ص ٣١٤ :

عن أبي هريرة قال : جاءت فاطمة رضي‌الله‌عنها الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلمفذكرا مثل ما تقدم.

ومنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن ابى بكر السيوطي المتوفى سنة ٩١١ في كتابه «مسند فاطمة عليها‌السلام» (ص ١١١ ط المطبعة العزيزية بحيدرآباد ـ الهند).

فذكر مثل ما تقدم وليس فيه : فقال لها : ما عندي ما أعطيك فرجعت فأتته بعد ذلك.

وفيه أيضا بعد الإنجيل : والزبور والقرآن العظيم. وفيه «وأغننى» بدل : وأعذنى.

ومنهم العلامة المولوى الشيخ علاء الدين المتقى الهندي في «كنز العمال» (ج ٢٠ ص ٦٣ ط حيدرآباد).

روى الحديث الشريف مثل ما تقدم عن «جامع الأحاديث».

٣٤٧

ومنها

ما رواه جماعة مرسلا

فمنهم الحافظ شمس الدين محمد بن ابى بكر بن قيم الجوزية المتوفى سنة ٧٥١ في «الوابل الصيب من الكلم الطيب» (ص ٩٥ ط بيروت) قال :

وقد علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابنته فاطمة وعليا رضي الله تعالى عنهما أن يسبحا كل ليلة إذا أخذا مضاجعهما ثلاثا وثلاثين ، ويحمدا ثلاثا وثلاثين ، ويكبرا أربعا وثلاثين ، لما سألته الخادم وشكت اليه ما تقاسيه من الطحن والسعي والخدمة ، فعلمها ذلك وقال : انه خير لكما من خادم. فقيل : ان من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنية عن خادم.

٣٤٨

حديث

أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ام سلمة وزينب

(ان تقرءا على فاطمة آية الكرسي عند ولادها)

رواه جماعة من أعيان العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الشيخ ابن قيم الجوزية في كتابه «اذكار اليوم والليلة» (ص ٦٠ ط دار الجيل في بيروت ومكتبة التراث الإسلامي في القاهرة) قال :

يذكر أن فاطمة رضي الله تعالى عنها لما دنا ولادها ، أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم سلمة وزينب بنت جحش أن تأتيا فتقرأ عليها آية الكرسي و «ان ربكم الله الذي خلق السموات والأرض» الى آخر الآيتين ، وتعوذاها بالمعوذتين.

وذكر مثله في كتابه «الوابل الصيب من الكلم الطيب» ص ١٥١ ط بيروت.

٣٤٩

حديث

ان فاطمة كانت عالمة فاضلة

رواه جماعة من أعيان العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن ابى بكر السيوطي المتوفى سنة ٩١١ في كتابه «مسند فاطمة عليها‌السلام» (ص ١١٧ ط المطبعة العزيزية بحيدرآباد ـ الهند) قال :

عن الحسن البصري قال : قال علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه : قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم : أي شيء خير للمرأة؟ فلم يكن عندنا لذلك جواب ، فلما رجعت الى فاطمة قلت : يا بنت محمد ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سألنا عن مسألة فلم ندر كيف نجيبه. فقالت : وعن أي شيء سألكم؟ فقلت : قال أي شيء خير للمرأة؟ قالت : فما تدرون ما الجواب؟ قلت لها : لا. فقالت : ليس خير للمرأة من أن لا ترى رجلا ولا يراها. فلما كان العشي جلسنا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقلت له : يا رسول الله انك سألتنا عن مسألة فلم نجبك فيها ، ليس للمرأة شيء خير من أن لا ترى رجلا ولا يراها. قال : ومن

٣٥٠

قال ذلك؟ قلت : فاطمة. قال : صدقت ، انها بضعة مني (قط في الافراد).

وقال أيضا في ص ١١٨ :

عن علي رضي‌الله‌عنه أنه كان عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أي شيء خير للمرأة؟ فسكتوا. قال : فلما رجعت قلت لفاطمة : أي شيء خير للنساء؟ قالت : لا يرين الرجال ولا يرونهن ، فذكرت ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : انما فاطمة بضعة مني (البزار ، حل) وضعف.

وروى الحافظ المذكور مثل ما تقدم في كتابه «مسند علي بن أبي طالب عليه‌السلام» ص ١٥٣ ط المطبعة المزبورة.

ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ ابو بكر جابر الجزائرى في كتابه «العلم والعلماء» (ص ٢٣٨ ط دار الكتب السلفية بالقاهرة سنة ١٤٠٣) قال :

أخرج أبو نعيم في «حلية الأولياء» بسنده الى أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله : ما خير للنساء؟ فلم ندر ما نقول ، فسار علي الى فاطمة فأخبرها بذلك فقالت : فهلا قلت له : خير لهن أن لا يرين الرجال ولا يروهن ، فرجع فأخبره بذلك ، فقال له : من علمك هذا؟ قال : فاطمة. قال : انها بضعة مني!.

فهذه الرواية وقد وردت من عدة طرق تشهد بما أوتيت الزهراء من علم وفضل ، وما كانت عليه من حياء واحتشام يضرب بهما المثل في حياة الناس.

٣٥١

شمة

من كرامات سيدتنا فاطمة البتول عليها‌السلام

قد روينا من كراماتها عليها‌السلام عن كتب أعلام العامة في ج ١٠ ص ٣١٤ وج ١٩ ص ١٤٩ ومواضع أخرى من هذه الموسوعة الكبرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الشريف ابو المعالي المرتضى محمد بن على الحسيني البغدادي في «عيون الاخبار في مناقب الأخيار» (ص ٤٦ نسخة مكتبة الواتيكان) قال :

أخبرنا الحسن بن احمد الفقيه الفارسي ، أنبا عبد الله بن اسحق الخراساني المعدل ، نبا محمد بن اسماعيل السلمي ، نبا ابو صالح ، نبا ابن لهيعة ، عن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ان النبي عليه‌السلام أقام أياما لم يطعم طعاما ، حتى شق ذلك عليه فطاف في جميع منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئا ، فأتى فاطمة فقال : يا بنية هل عندك شيء آكله فاني جائع. قالت : لا ولله بأبى أنت وأمي ، فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثت جارة لها برغيفين وبضعة لحم فأخذته منها

٣٥٢

ووضعته في جفنة وغطت عليها وقالت : والله لأوثرن بهذا رسول الله على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعا محتاجين الى سبغة طعام ، فبعثت حسنا وحسينا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرجع إليها فقالت : بأبي أنت وأمي أتانا الله بشيء وخبأته لك. فقال : هلم يا بنية ، فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوة خبزا ولحما ، فلما نظرت اليه بهتت وعرفت أنه من الله ، فحمدت الله وصلت على نبيه وقدمته الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما رآه حمد الله عزوجل وقال : من أين لك هذا يا بنية؟ قالت : يا ابه هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب. فقال : الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بنى إسرائيل ، فإنها كانت إذا رزقها الله شيئا فسئلت عنه قالت : هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب. فأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين وجميع أزواج النبي ، وبقيت الجفنة كما هي ، فأوسعت منها على جميع جيراني وجعل الله فيها البركة وخيرا كثيرا.

ومنهم العلامة المفسر الشيخ ابو اسحق احمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة ٤٢٦ او ٤٢٧ او ٤٣٧ في كتابه «الكشف والبيان في تفسير القرآن» المعروف بتفسير الثعلبي (ج ٢ ص ٢٠ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال:

قال في ذيل تفسير الآية (قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ).

وعن جابر بن عبد الله : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أقام أياما لم يطعم الطعام ، حتى شق ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه فلم يصب ـ فذكر الحديث مثل ما تقدم عن «عيون الأخبار في مناقب الأخيار».

وقال أيضا في كتابه «العرائس» ص ٥٧ نسخة مكتبة اسلامبول :

٣٥٣

عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي‌الله‌عنهما ـ فروى الحديث مثل ما تقدم باختلاف يسير في اللفظ.

ومنهم الفاضل المعاصر الأستاذ محمد على الصابوني المكي في «صفوة التفاسير» (ص ٣٠٢ ط بيروت سنة ١٤٠٦) قال :

الثانية : قال ابن كثير عند قوله تعالى (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) قال : والآية فيها دلالة على كرامات الأولياء ، وفي السنة بهذا نظائر كثيرة ، وساق بسنده عن جابر قصة الجفنة وخلاصتها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاع أياما فدخل على ابنته فاطمة الزهراء يسألها عن الطعام فلم يكن عندها شيء وأرسلت إليها جارتها برغيفين وقطعة لحم فوضعتها في جفنة ثم رأت الجفنة وقد امتلأت لحما وخبزا.

ومنهم العلامة السيد احمد زيني دحلان الشافعي مفتى مكة المكرمة المتوفى سنة ١٣٠٤ في كتابه «السيرة النبوية» المطبوع بهامش «السيرة الحلبية» (ج ٣ ص ١٦٥ ط مصر) قال :

وروى ابن سعد ، عن جعفر الصادق ، عن أبيه محمد الباقر ، عن علي زين العابدين رضي‌الله‌عنهم : ان فاطمة الزهراء رضي‌الله‌عنها طبخت قدرا لغدائهما ووجهت عليا رضي‌الله‌عنه الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليتغدى معهما ، فأمرها صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغرفت لجميع نسائه صحفة صحفة ، ثم له ولعلي رضي‌الله‌عنه ثم لها ، ثم رفعت القدر وانها تفيض ـ أي لكثرة ما فيها من الطعام ـ حتى كأن يسيل من جوانبها ببركته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأكلت فاطمة رضي‌الله‌عنها منها ما شاء الله.

٣٥٤

ومنهم العلامة النسابة الشيخ شهاب الدين احمد بن عبد الوهاب النويرى المصري المتوفى سنة ٧٣٢ في «نهاية الأرب» (ج ١٨ ص ٣١٦ طبع مصر).

وفي حديث جعفر بن محمد عن آبائه ، عن علي رضي‌الله‌عنهم : أن فاطمة رضي‌الله‌عنها طبخت قدرا لغدائها ـ إلخ.

ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبى في «حياة فاطمة عليها‌السلام» (ص ١٨٠ ط دار الجيل بيروت) قال :

قال علي رضي‌الله‌عنه : بتنا ليلة بغير عشاء فأصبحت فخرجت ، ثم رجعت الى فاطمة عليها‌السلام وهي محزونة فقلت : ما لك؟ فقالت : لم نتعش البارحة ولم نتغد اليوم وليس عندنا عشاء.

فخرجت فالتمست فأصبت ما اشتريت طعاما ولحما بدرهم ثم أتيتها به ، فخبزت وطبخت فلما فرغت من إنضاج القدر قالت : لو أتيت أبي فدعوته فأتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو مضطجع في المسجد وهو يقول : أعوذ بالله من الجوع ضجيعا ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله عندنا طعام فهلم. فتوكأ علي حتى دخل والقدر تفور فقال : اغرفي لعائشة فغرفت في صحفة ، ثم قال : اغرفي لحفصة ، فغرفت في صحفة حتى غرفت لجميع نسائه التسع ثم قال : اغرفي لأبيك وزوجك فغرفت فقال : اغرفي فكلي فغرفت ثم رفعت القدر وانها لتفيض فأكلنا منها ما شاء الله.

ومنهم العلامة ابو حفص عمر بن احمد البغدادي المشتهر بابن شاهين في كتابه «فضائل فاطمة الزهراء» (ص ٣٦ ط بيروت) قال :

حدثنا أحمد بن محمد بن سليم بن الحارث الباغندي ، حدثنا محمد بن خلف

٣٥٥

الحدادي ، حدثنا حسين بن حسن الأشقر ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن أبي هارون عن أبي سعيد ، وعن عمر بن قيس ، عن عطية ، عن أبي سعيد بنحوه والسياق لأبي هارون قال : أصبح علي رضي‌الله‌عنه ذات يوم فقال : يا فاطمة هل عندك شيء تغدينيه؟ قالت : لا والذي أكرم أبي بالنبوة ما عندي شيء أغديكه ، ولا كان لنا بعدك شيء منذ يومين من طعمه الا شيء أوثرك به على بطني وعلى ابني هذين. قال : يا فاطمة الا أعلمتيني حتى أبغيكم شيئا. قالت : اني استحي من الله أن أكلفك ما لا تقدر عليه. فخرج من عندها واثقا بالله وحسن الظن به ، واستقرض دينارا فبينا الدينار بيده أراد أن يبتاع لهم ما يصلح لهم إذ عرض له المقداد في يوم شديد الحر قد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته ، فلما رآه أنكره. قال : يا مقداد ما الذي أزعجك من رجلك هذه الساعة. قال : يا أبا الحسن خلي سبيلي ولا تسلني عما وذلك. فقال : يا ابن أخي انه لا يحل لك أن تكتمني حالك. قال : أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمدا بالنبوة ما أزعجني من رحلي الا الجهد ، ولقد تركت أهلي يبكون جوعا ، فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مغموما راكبا رأسي ، فهذه حالي وقصتي.

فهملت عينا علي رضي‌الله‌عنه بالبكاء حتى بلت دموعه لحيته ، قال : أحلف بالذي حلفت ما أزعجني غير الذي أزعجك ، ولقد اقترضت دينارا فهاك آثرك به على نفسي. فدفع اليه الدينار ورجع حتى دخل مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة المغرب مر بعلي عليه‌السلام في الصف الأول ، فغمزه برجله فثار علي خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى لحقه عند باب المسجد ، فسلم عليه فرد السلام ، فقال : يا أبا الحسن هل عندك شيء تعشينا؟ فانفتل الى الرجل فأطرق علي رضي‌الله‌عنه ساعة لا يحير جوابا حياء من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد عرف الحال التي

٣٥٦

خرج عليها ، فلما نظر الى سكوت علي قال : يا أبا الحسن ما لك أو لا تقول نعم فأجيء معك ، فقال له : حبا وكرامة بلى اذهب بنا ، وكان الله تعالى قد أوحى الى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تعشى عندهم.

فقال علي بلى ، فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده فانطلقا حتى دخلا على فاطمة عليها‌السلام في مصلى لها ، وقد صلت وخلفها جفنة تفور دخانا ، فلما سمعت كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في رحلها خرجت من المصلى فسلمت عليه وكانت أعز الناس عليه ، فرد السلام ومسح بيده على رأسها وقال : كيف أمسيت رحمك الله؟ عشينا غفر الله لك وقد فعل ، فأخذت الجفنة فوضعتها بين يديه. فلما نظر علي رضي‌الله‌عنه اليه وشم ريحه رمى فاطمة عليها‌السلام ببصره رميا شحيحا ، فقالت له : ما أشح نظرك وأشده ، سبحان الله هل أذنبت ، فما بيني وبينك ذنبا استوجبت به السخط. قال : وأي ذنب أعظم من ذنب أصبتيه اليوم ، أليس عهدي بك اليوم وأنت تحلفين بالله مجتهدة ما طمعت طعاما من يومين. فنظرت الى السماء فقالت : الهي يعلم في سمائه ويعلم في أرضه اني لم أقل الا حقا. قال : فأنى لك هذا الذي لم أر مثل رائحته ، ولم آكل أطيب منه ، فوضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كفه المباركة بين كتفي علي رضي‌الله‌عنه ، ثم هزها وقال : يا علي هذا ثواب لدينارك ، هذا جزاء دينارك ، هذا من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب. ثم استعبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم باكيا فقال : الحمد لله الذي هو أبا لكما أن يخرجكما من الدنيا حتى يجريك في المجرى الذي أجرى زكريا ويجريك فيه يا فاطمة بالمثال الذي جرت فيه مريم (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (سورة آل عمران : ٣٧).

٣٥٧

ومنهم الفاضل المعاصر عبد العزيز الشناوي في كتابه «سيدات نساء اهل الجنة» (ص ١٢٣ ط مكتبة التراث الإسلامي القاهرة) قال :

وأقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أياما لم يطعم طعاما ، حتى شق ذلك عليه فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئا ، فأتى فاطمة فسألها يا بنية هل عندك شيء آكله فاني جائع؟ فقالت الزهراء : لا والله بأبي أنت وأمي.

فلما خرج النبي عليه الصلاة والسلام من عند ابنته الزهراء بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وغطت عليها ، وقالت الزهراء : والله لأوثرن بهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ورجع النبي عليه الصلاة والسلام الى ابنته فاطمة فقالت : بأبي أنت وأمي قد أتى الله بشيء فخبأته لك.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هلمي يا بنية.

فكشفت الزهراء عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا ولحما ، فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله عزوجل ، فحمدت الله وصلت على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقدمته الى النبي عليه الصلاة والسلام ، فلما رآه حمد لله وتساءل : من أين لك هذا يا بنية؟ قالت : يا أبت هو من عند الله (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).

فحمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ، فإنها كانت إذا رزقها الله شيئا ، فسئلت عنه قالت : هو من عند الله (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).

وبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى علي بن أبي طالب ، ثم أكل النبي

٣٥٨

عليه الصلاة والسلام وعلي وفاطمة وحسن وحسين وجميع أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأهل بيته جميعا حتى شبعوا.

تقول فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وبقيت الجفنة كما هي فأوسعت ـ وزعت ـ بقيتها على جيرانها ، وجعل الله فيها بركة وخيرا كثيرا.

٣٥٩

حديث

لو لم يخلق على ما كان لفاطمة كفء

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي في كتاب «فردوس الاخبار» (ج ٣ ص ٣٧٣ ط بيروت) قال :

عن ام سلمة [عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم] : لو لم يخلق علي ما كان لفاطمة كفء (١).

__________________

(١) قال الفاضل المعاصر عبد العزيز الشناوي في كتابه «سيدات نساء اهل الجنة» ص ١٠٢ ط مكتبة التراث الإسلامي ـ القاهرة.

زواجها علي بن أبي طالب :

وعرف ربيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد وقعة بدر فارس الإسلام ، فقد فعل بمشركي قريش الأفاعيل ، وكان يدخل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ويرى فاطمة الزهراء التي بلغت من العمر الثامنة عشر وصارت زهرة متفتحة ولم يخطر لعلي بن أبي طالب الزواج آن ذاك.

٣٦٠