شرح كتاب سيبويه - ج ٢

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان

شرح كتاب سيبويه - ج ٢

المؤلف:

أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان


المحقق: أحمد حسن مهدلي و علي سيّد علي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-5251-0

الصفحات: ٥٠٤

في معنى ورب بلد.

ثم قال سيبويه محتجّا لإجازة ما أجازه يونس على قبحه : (ولكنهم لما ذكروه في أول كلامهم شبّهوه بغيره من الفعل وكان هذا عندهم أقوى إذا أضمر رب ونحوها في قوله :

وبلدة ليس بها أنيس

) يعني أنّ الباء الجارّة لمّا ذكروها في أول كلامهم حين قال القائل : " مررت برجل" كان إضمارها بعد ذكرها أقوى من إضمار ربّ ولم يجز لها ذكر.

قال : (ومن ثمّ قال يونس : " امرر على أيّهم أفضل إن زيد وإن عمرو").

يعني إن مررت على زيد أو على عمرو على الوجه الأوّل الذي احتجّ له سيبويه بما ذكرنا. قوله على أيّهم أفضل تقديره على الذي هو أفضل.

قال سيبويه : (وأعلم أنه لا ينتصب شيء بعد" إن" ولا يرتفع إلّا بفعل لأنّ" إن" من الحروف التي يبنى عليها الفعل).

يعني أنّ" إن" التي للمجازاة إنما تدخل على الأفعال ؛ لأن الأفعال التي بعدها هي شروط والشروط لا تكون بالأسماء ، وذلك أنها بحدوثها توجب المعاني التي ضمّنها الشرط كقولك : " إن تأتني أكرمك" فالإكرام معنى قد ضمّنه الشارط بحدوث الإتيان ، فإذا رأيت الاسم بعد" إن" مرفوعا أو منصوبا قضيت على إضمار فعل رافع أو ناصب كما ذكرناه في قوله : " إن خيرا فخير" على تقدير إن يكن فعله خيرا أو إن يكن في فعله خير ، وكذلك قال البصريون في قوله عزوجل : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ)(١). تقديره : وإن استجارك أحد من المشركين استجارك ، فأحد مرفوع باستجارك المضمر ، والثاني تفسير له.

وزعم الفرّاء أنّ" أحد" مرفوع بالعائد الذي عاد إليه وهو ضمير الفاعل الذي في استجارك ، وهذا لا يصحّ ؛ لأنّا إذا رفعناه بما ذكر فقد جعلنا استجارك خبرا لأحد وصار الكلام كالمبتدأ والخبر ، ولا يجوز أن يكون بعد" إن" مبتدأ وخبر. ألا ترى أنه لا يجوز أن يقال : " إن زيد قائم أكرمك" ، ولا" إن زيد عندك آتك".

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية : ٦.

١٦١

فإن قال قائل : فقد رأيناكم تزعمون أنّ" لو" التي لها جواب لا يليها إلا الفعل لأن فيها معنى الشرط ، ثم يقولون" لو أن زيدا أتاني لأكرمته" ولا يقولون" أنّ زيدا قائم لأكرمته" ففصلهم بين الخبر إذا كان اسما ، وإذا كان فعلا فجعلهم الخبر إذا كان فعلا بمنزلة فعل الشرط فكذلك تقول : إن زيد قام أكرمناه" ويكون زيد مبتدأ وقام خبره ، وناب قام عن فعل الشرط فكأنا قلنا" إن قام زيد أكرمناه" في المعنى.

قيل له إنما جاز" لو أنّ زيدا قام" لأنّ" أنّ" قد وقع عليها فعل مضمر بعد" لو" على الأصل الذي قدّمناه والفعل الذي هو خبر" أنّ" تفسير له ، كأنا قلنا لو صح أنّ زيدا قام أو لو عرف.

فإن قال قائل : فكيف يكون قام دلالة على صحّ وعرف وليس هو منه.

قيل له : لا فرق بين قام زيد ، وبين صحّ قيام زيد ، ووقع قيام زيد ، فغير مستنكر أن يدل قام على صحّ لأنّ الصحة للقيام ، وقد يجوز أيضا أن يكون دلالة عليه من حيث كانا فعلين ماضيين أحدهما ملابس للآخر ؛ وأنّ وما اتصل بها بمنزلة المصدر.

فإن قال قائل : فقد رأينا الجواب بالمبتدإ والخبر ، فكيف لا يكون الشرط كذلك والجواب مضمون وقوعه لوقوع الشرط؟

قيل له وقوع المبتدإ والخبر في الجواب من أدلّ الأشياء على ما قلنا ، وذلك أنك ترى الجواب إذا كان بالفعل مجزوما لم تدخل عليه الفاء كقولك : " إن تأتني أكرمك" فإذا أدخلت الفاء قلت : إن تأتني فأنت مكرم محبوب ؛ فصار الموضع الذي ينجزم فيه الفعل لا يقع فيه الاسم ، فلمّا كانت" إن" جازمة بطل أن يقع بعدها الاسم البتّة.

ووجه آخر : لو كان الاسم يقع بعد" إن" بلا ضمير فعل لكان متى وقع هذا الموقع يكون مرفوعا ، لأن الفعل يرتفع بحلوله محل الاسم ، كقولك : " كان زيد يقوم" ، و" مررت برجل يقوم".

وأمّا قوله : فإن تأتني فأنت مكرم محبّ فهو محمول على المعنى كأنه قال تصادف كرامة وحبّا ، ومثله قوله عزوجل : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١).

وليس ذلك معنى يحدث عند عزمهم الطلاق ؛ لأن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٧.

١٦٢

عليما وإنما معناه تجدوا الله سميعا عليما ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)(١).

وإن كان غفورا رحيما قبل استغفار هذا المستغفر له.

قال سيبويه : (ولو قلت : عندنا أيّهم أفضل ، أو عندنا رجل ، ثم قلت : إن زيدا وإن عمرا ، كان نصبه على كان ، وإن رفعته كان رفعه على كان ، ولا يكون رفعه على عندنا).

يعني أنك إذا قلت : إن زيد وإن عمرو فتقديره : إن كان عندنا زيد ؛ فيرتفع زيد بكان المضمرة ، ولا يجوز أن يكون تقديره : إن عندنا زيد ، لأنك إذا قلت : عندنا زيد أو في الدار زيد فإنما يرتفع زيد عند سيبويه بالابتداء ، وعندنا خبر مقدّم ، و" إن" لا بدّ لها من فعل يليها على ما بيّناه فأضمرت" كان" لذلك.

قال : (فلا يجوز بعد" إن" أن تبنى عندنا على الأسماء ولا الأسماء تبنى على عند كما لم يجز أن تبنى بعد" إن" الأسماء على الأسماء).

يعني لا تجعل عندنا خبرا للاسم إذا جئت" بإن" لأنّ" إن" لا يليها إلّا الفعل ، ولا يجعل الاسم مرفوعا بعند لأنه ليس بفعل.

قال : (ولا يجوز أن تقول" عبد الله المقتول" وأنت تريد كن عبد الله المقتول).

لأنه ليس قبله ، ولا في الحال دلالة عليه إذ كان يجوز أن يكون على معنى : " تولّ عبد الله المقتول وأجبه" وما أشبه ذلك وإنما يضمرون ما عليه الدلالة من الكلام أو شاهد من الحال.

قال : (ومن ذلك قوله :

من لد شولا فإلى إتلائها (٢)

نصب لأنّه أراد زمانا ، والشول لا يكون زمانا ولا مكانا).

والمعنى : أنّ لد إنما يضاف إلى ما بعده من زمان تتصل به أو مكان إذا اقترنت بها إلى ؛ كقولك : جلست من لد صلاة العصر إلى وقت المغرب ، وزرعت من لد الحائط إلى

__________________

(١) سورة النساء ، الآية : ١١٠.

(٢) رواه أحمد والحاكم عن خالد بن عرفطة في مسلم عن حذيفة : الرافعي ٤ : ٨٤.

١٦٣

الأسطوانة ، فلمّا كان الشول جمعا للناقة الشائل لم تصلح أن تكون زمانا ولا مكانا.

والإتلاء : أن تلد فيتبعها ولدها ويتلوها ، ولم يجز أن تقول من لد زيد إلى دخول الدار لأنه ليس بزمان ولا مكان ؛ فأضمر ما يصلح أن يقدّر زمانا ، فكأنه من لد أن كانت شولا ومن لد كونها شولا إلى إتلائها ، وإن كانت بمعنى كونها وهو مصدر والمصادر تستعمل في معنى الأزمنة ، كقولك : جئتك مقدم الحاجّ ، وخلافة المقتدر ، وصلاة العصر ، على معنى أوقات هذه الأشياء.

قال : (وقد جرّه قوم على سعة الكلام ، وجعلوه بمنزلة المصدر).

يعني من لد شول إلى إتلائها.

قال أبو سعيد : والجر يحتمل وجهين :

أحدهما : أن تجعل شولا مصدرا صحيحا ، كقولك : شالت الناقة شولا إذا ارتفع لبنها ، فإذا جعلته مصدرا صحيحا جاز أن يجعل وقتا ، ويجوز أن يكون قد حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فيكون التقدير : من لد كون شول ، ثمّ يحذف كون ، كما قال عزوجل : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) ، أراد أهل القرية.

قال : (واعلم أنه ليس كل حرف يظهر بعده الفعل يحذف منه الفعل ، ولكنك تضمر فيما أضمروا وتظهر فيما أظهروا ، كما تحذف ما حذفوا وتبقي ما أبقوا ، نحو : لم يكن ويك ، ولم أتل وأتال).

ولا يجوز أن تقول : لم أصن في معنى : لم أصن ، وقالوا : خذ وكل فاستعملوا بالحذف ، ولا يجوز في الكلام أوكل وأوخذ ، وإن كانا هما الأصل ، ولا يقولون : جد ومر ، وقالوا في الأمر : أومر ومر ، فاستعملوا فيه الوجهين جميعا ، وليس ذلك في غيره ، وقد بيّنا ما يقتضيه هذا الفصل من الشرح التامّ فيما مضى.

قال : (وأما قول الشاعر :

لقد كذبتك نفسك فاكذبنها

فإن جزعا وإن إجمال صبر (٢)

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية : ٨٢.

(٢) البيت لدريد بن الصمة :

خزانة الأدب ٤ : ٤٤٢ ؛ المقتضب ٣ : ٢٨ ؛ شرح المفصل ٨ : ١٠١ ، ١٠٤.

١٦٤

فهذا على معنى" إمّا" ولا يكون على إن الجزاء) كما مرّ في الباب.

قال أبو سعيد : وذلك من قبل أنّا لو جعلنا" إن" ههنا للجزاء لاحتجنا إلى جواب ، وذلك أنّ جواب" إن" في ما بعدها ، وقد يكون ما قبلها مغنيا عن الجواب إذا لم يدخل عليها شيء من حروف العطف ، كقولك : " أكرمك إن جئتني" فإن أدخلت عليها فاء أو ثمّ بطل أن يكون ما قبلها مغنيا عن الجواب ، لا يجوز أن تقول : " أكرمك فإن جئتني" ولا" أكرمك ثم إن جئتني" حتى تأتي بالجواب فتقول : " أكرمك فإن جئتني زدت في الإكرام" فلذلك بطل أن يكون" فإن جزعا" على معنى المجازاة وصارت بمعنى" ألّا" لأنّها تحسن في هذا الموضع ، وحذف" ما" للضرورة قال الله عزوجل : (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(١). فلم يأت بجواب بعد" إما".

(ولو قال : " فإن جزع وإن إجمال صبر" كان جائزا كأنك قلت : أمري جزع وإما إجمال صبر ولا يجوز طرح" ما" من" إمّا" إلّا في الشعر قال النمر بن تولب : (٢)

سقته الرّواعد من صيّف

وإن من خريف فلن يعدما (٣)

فإنما يريد : وإمّا من خريف).

وقد أنكر الأصمعيّ (٤) هذا ، وزعم أنّ" إن" في بيت النمر بن تولب هي للجزاء ، وإنما أراد وإن سقته من خريف فلن يعدم الرّيّ ، ولم يحتج إلى ذكر سقته لذكره في أول البيت وإنّما يصف وعلا ، وابتداؤه :

فلو كان من حتفه ناجيا

لكان هو الصدع الأعصما (٥)

يصف أنه وإن كان في الجبل لا يعدم معاشا به.

والوجه قول سيبويه في بيت النمر ، وذلك أنه لا ذكر للرّيّ ، وإنما المعنى : سقته

__________________

(١) سورة محمد ، الآية : ٤.

(٢) سبق تخريجه.

(٣) شرح المفصل ٨ : ١٠٢ ؛ خزانة الأدب ٩ : ٢٥ ؛ الخصائص ٢ : ٤٤٣ ؛ المنصف ٣ : ١١٥ ؛ منتهى الطلب ١ : ١٤٦.

(٤) هو عبد الملك بن قريب بن أصمع بن مظهر أبو سعيد الباهلي الأصمعي إمام في النحو واللغة ولد ١٢٥ ه‍. توفي ٢١٠ ه‍ ، الفهرست : ٥٥ ، تاريخ الأدب العربي لبروكلمان ٢ : ١٤٧.

(٥) خزانة الأدب ٤ : ٤٣٤ ؛ الخصائص ٢ : ٤٤٣ (هامش ٤) ؛ منتهى الطلب ١ : ١٤٥.

١٦٥

الرواعد في الصيف وأمّا في الخريف فلن يعدم السّقي ـ أيضا ـ أي : هو يسقى من الصيف ومن الخريف ، والبيت الأول قد دلّ دلالة واضحة على أن معنى" إن" معنى" أمّا" وأنه لا يجوز أن تكون معنى التي للجزاء ، ومع ذلك فلا تحذف" ما" من إمّا إلّا في الشعر.

قال سيبويه : (ومما ينتصب على إضمار الفعل المستعمل إظهاره قولك : هلّا خيرا من ذلك ، وإلّا خيرا من ذلك ، أو غير ذلك ، كأنك قلت : " ألّا تفعل خيرا من ذلك" ، أو" ألّا تفعل غير ذلك" و" هلّا تأتي خيرا من ذلك").

قال : (وربما عرضت هذا على نفسك وكنت فيه كالمخاطب).

قال أبو سعيد اعلم أنّ هلّا ، وألّا ، ولو لا ، ولو ما ، يجرين مجرى واحدا ، ويقعن على الفعل الماضي والمستقبل ، فإذا وقعن للماضي فهو لتنديم المخاطب على ما فاته ، أو لومه على ما فرّط فيه.

وإن كان للمستقبل فهو للحضّ على إتيانه.

وأهل البصرة يسمونها حروف التحضيض ، ومن الناس من يقول إنها استفهام فإذا قلت هلّا فعلت كذا وكذا فكأنك قلت : لم لم تفعل؟ وإذا قلت : هلّا تفعل كذا فمعناه : لم لا تفعل كذا ، وهذا الذي ذكروا غير خارج عمّا ذكرنا ، لأنّا متى جعلنا هذه الحروف استفهاما على ما ذكره هذا القائل فإن جعلناها بمعنى لم فهي خارجة عن معنى الاستفهام ، وذلك أنّ" لم" وقعت هنا لمّا كان معناها الاستفهام على الحقيقة ؛ ولأن القائل لم يرد أن يستفهم ، إنما استبطأ المخاطب الفاعل على فعل فرّط فيه فحثه عليه في المستقبل ، أو فعل كان ينبغي أن يفعله فقصر فيه حتى فاته.

فإن قال قائل : قد نرى" هل" دخلت على" لا" وهي من حروف الاستفهام فصار قولك هلّا بمنزلة قولك لم لا.

قيل له : هذا الذي ذكرته لا يدلّ على ما أردته ؛ وذلك أن الحروف قد تركّب فيزول معناها الأول ، نحو قولنا : لو جئتني أكرمتك ، ومعناه : أنّ الإكرام لم يقع لعدم المجيء ، فإذا قلت : لو لا عبد الله لأكرمتك لزال ذلك المعنى بضمّ" لا" إلى" لو" ، وكذلك يزول معنى هل لضمّ لا إليها.

ومن الدليل على ما قلناه أن" لوما" و" لو لا" و" إلّا" ليست من حروف الاستفهام ،

١٦٦

وقد جعلن في معنى" هلّا" فصحّ ما ذكرناه من موضوع هذه الحروف.

فإن قال قائل : هذه حروف وضعن للأفعال لما فيها من معنى التحضيض فكيف حسن أن تخزل أفعالها ويليها الاسم ، ولا يجوز ذلك في قد وسوف وسائر الحروف الموضوعة للفعل ، لأنك لا تقول قد زيدا ، ولا سوف زيدا بمعنى : قد ضربت زيدا وسوف أضرب زيدا.

قيل له : هذه الحروف الأربعة لما كانت في معنى التحضيض نابت عمّا بعدها من الفعل واستغني عنه ، وأمّا قد وسوف فإنهما يغيّر ان معنى الفعل المطلق ويقصرانه على معنى بعينه ، لأنّ سوف تقصر الفعل على المستقبل وتخرجه عن الحال ، و" قد" لما يتوقع من الفعل فصار بمنزلة الألف واللام للتعريف ، فكما أنّ الألف واللام لا يفارقان ما دخلتا عليه ولا يحذف ما بعدهما ، كذلك قد وسوف وسائر الحروف الداخلة على الفعل من عوامله فهي تضعف عن حذف ما بعدها ، لأن الحذف دلالة على قوة العامل ، وقد مضى نحوه.

قال سيبويه : (وإن شئت رفعت فقد سمعنا رفع بعضه).

يعني أنه" يجوز هلّا خير من ذلك" على إضمار شيء يرفع ، كأنك قلت : " هلا كان منك خير من ذلك" أو" هلّا فعل خير من ذلك".

قال : ومن ذلك قولك : (" أو فرقا خيرا من حبّ" وإنما حمله على الفعل لأنه سئل عن فعله فأجابه على الفعل الذي هو عليه ، ولو رفع جاز كأنه قال : أو أمري فرق خير من حب ، وإنما انتصب نحو هذا على أنه يكون الرجل في فعل فيريد أن ينقله أو ينتقل إلى فعل آخر ، فمن ثمّ نصب" أو فرقا" لأنه أجاب على أفرق وترك الحبّ).

وإنما هذا كلام تكلم به رجل عند الحجّاج ، وذلك أنه كان قد فعل له فعلا فاستجاده فقال الحجاج : " أكلّ هذا حبا" أي فعلت كلّ هذا حبّا لي؟ فقال الرجل مجيبا له : " أو فرقا خيرا من حبّ" أي : أو فعلت هذا فرقا ؛ فهو أنبل لك وأجلّ.

ثم ذكر أشياء منصوبة بأفعال مضمرة ، وقد يجوز رفعها بإضمار ما يرفع ، وبعضه مجرور بإضمار ما يجرّ على ما تقدّم تفسيره من هذا الباب ، فمن ذلك : أن يقدم رجل من سفر فتقول : خير مقدم ؛ على معنى : قدمت خير مقدم ، ويجوز أن تقول : خير مقدم ؛ على معنى : قدومك خير مقدم.

١٦٧

وإذا خرج قلت : مصاحب معان ، ومثله : مبرور مأجور ، فإذا رفعت هذه الأشياء فالذي في نفسك ما أظهرت ، وإذا نصبتها فالذي في نفسك غير ما أظهرت.

يعني : أنك إذا رفعت فالذي أضمرت مبتدأ ، والذي ظهر هو خبره ، والمبتدأ هو الخبر.

وإذا نصبت فالذي أضمرت فعلا ، والفعل غير الاسم ؛ لأنك إذا قلت : مصاحبا معانا فتقديره : اذهب مصاحبا معانا.

قال : (ومن ذلك أن ترى رجلا قد أوقع أمرا أو تعرّض له فتقول : " متعرضا لعنن لم يعنه") كأنه قال : فعل هذا متعرضا ، والعنن : ما عنّ لك ، أي عرض لك ، أي دخل في شيء لا يعنيه ولا ينبغي له التشاغل به.

(ومثله : " مواعيد عرقوب أخاه بيثرب" (١) كأنه قال وعدتني مواعيد عرقوب) وهو رجل وعد وعدا فأخلف وله قصة طويلة.

وقال أبو عبيدة : (٢) " مواعيد عرقوب أخاه بيثرب" لأنّ عرقوبا رجل من العماليق ، وكانوا بالبعد من يثرب ، ويثرب بالثاء وفتح الراء : موضع عندهم.

قال : (ومن العرب من يقول : " متعرّض" على معنى : هو متعرض ، ومثله" غضب الخيل على اللّجم" ، وذلك إذا رأيت رجلا غضب غضبا لا يضير ، أي غضبت كغضب الخيل على اللّجم).

قال : (ومن العرب من يرفع فيقول غضب الخيل على اللّجم كما رفع بعضهم" الظباء على البقر") إذا قال غضب الخيل على اللّجم.

فإذا قال الظباء على البقر فتقديره : الظباء متروكة على البقر ، وإذا نصب فقال : " الظباء على البقر" فكأنّه قال : اترك الظباء على البقر ، وإنما يعني بقر الوحش لأنها ترعى مع الظباء في موضع ، وبعضها أولى ببعض قال :

__________________

(١) هو عجز بيت لجبيهاء الأشجعي صدره :

وعدت وكان الخلف منك سجية

جمهرة الأمثال ١ : ٤٣٣.

(٢) هو معمر بن المثنى ، أبو عبيدة التميمي البصري النحوي اللغوي توفي ٢٠٨ ه‍ وفيات الأعيان ٢ : ١٠٥ ، الفهرست : ٥٣ ، المعارف : ٢٣٦.

١٦٨

ولقد ذعرت بنات عم

م المرشقات لها بصابص (١)

أراد البقر وجعلها بنات عمّ الظباء وهي المرشقات ، وإنما يقول القائل هذا إذا نهى صاحبه عن الدخول بين أقوام بعضهم أولى ببعض.

هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره استغناء عنه

(سأمثله لك مظهرا لتعلم ما أرادوا إن شاء الله تعالى).

قال أبو سعيد رحمه‌الله : قد تقدم من كلام سيبويه أن ما ينتصب بالفعل على ثلاثة أضرب :

ضرب منها : لا يجوز إضمار الفعل الناصب له.

وضرب منها : يجوز إضماره ويحسن إظهاره.

وضرب : يضمر ويترك إظهاره.

وهذا الباب ترجمته لأبواب تأتي بعده مفصلة إن شاء الله تعالى.

هذا باب ما جرى على الأمر والتحذير

(وذلك قولك : إذا كنت تحذّر : إيّاك ، كأنك قلت : إياك نحّ وإياك باعد ، ومثله أن تقول : نفسك يا فلان ، أي اتق نفسك).

هذا الذي ذكره سيبويه من إضمار الفعل صحيح ، وبعض النحويين يأباه ، ويزعم أنه لا مضمر ينصبه ، وكذلك يزعم في قولنا : خلفك زيد ، أنّ خلفك ينتصب لا بإضمار فعل ولكن بمخالفته ما بعده.

وهذا كلام فاسد ، لأنّ المنصوب لا بد له من ناصب مضمرا كان أو مظهرا ، وليست مخالفة أحدهما للآخر بموجبة نصبا من قبل أن كلّ واحد منهما قد خالف صاحبه ؛ فلو كانت المخالفة توجب النصب انتصبا جميعا ؛ لأن كلّ واحد منهما قد خالف الآخر ، ففي كل واحد منهما مخالفة توجب له النصب ، فعلم أن المخالفة لا تنصب.

وهذا الفعل الناصب لإيّاك لا يحسن إظهاره ، وذلك أن العرب اكتفت بإياك وكان موضعها غير مشكل.

__________________

(١) قائله : أبو دؤاد ، ديوانه : ٣٢٢ ، وهو ضمن كتاب (دراسات في الأدب العربي) للمستشرق (جوستاف جرونباوم) ترجمة : إحسان عباس ، بيروت ١٩٥٩ ؛ تاج العروس (رشق).

١٦٩

قال : (ومن ذلك قولك : إيّاك والأسد ، وإياك والشرّ).

وأما قوله : إيّاك والأسد فإنه يضمر فعلا ينصب به إياك ، كما قدّمنا ، ويعطف الأسد على إياك كأنه قال : زيدا فاضرب وعمرا.

فإن قال قائل : إذا جعلت الأسد عطفا على إياك بالواو فقد شاركه في معناه. لأن المعطوف بالواو يشارك المعطوف عليه. ألا ترى أنّك تقول : ضربت زيدا وعمرا ؛ فالضرب واقع عليهما جميعا ، فينبغي أن يكون الأسد مشاركا لإياك ؛ فيكون الأسد مشاركا مخوفا كما كان المخاطب ، أو يكون المخاطب محذورا مخوفا كما أن الأسد محذور مخوف.

قيل له : لا يستنكر أن يكون التخويف واقعا بهما وإن كان طريق التخويف مختلفا ؛ ألا ترى أنك تقول : خوّفت زيدا الأسد ؛ فزيد مخوّف والأسد مخوّف وليس معناهما واحدا إلّا أن الأسد مخوّف منه وزيد مخوّف ، على معنى أنه يجب أن يحذر منه ، ولفظ خوّفت قد تناولهما جميعا ، وكذلك إياك والأسد المعنى الناصب لهما معنى واحد وإن كان طريق التخويف مختلفا فيهما.

وأمّا إياك والشر فليس يخاطب نفسه ولا يأمرها ، وإنما يخاطب رجلا يقول له :

إيّاك باعد عن الشرّ فينتصب إيّاك بباعد وما أشبهه ، وتحذف حرف الجر من الشرّ وتوقع الفعل المقدّر عليه فيعطفه على الأوّل لأنّ الفعل قد وقع على الأول.

ومثله : إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب ، يعني : يرميه بسيف أو ما أشبهه ، وأن في موضع نصب كأنّه قال : إيّاي وحذف أحدكم.

وزعم الزجّاج (١) أنّ معناه : " إيّاي وإيّاكم وأن يحذف أحدكم الأرنب" والذي قاله لا يحتاج إليه ؛ لأن قوله وأن يحذف أحدكم قد دلّ على أنهم حذّروا من فعلهم أن يأتوه إلى المتكلم.

(وزعم أن بعضهم يقال له : إياك ، فيقول : إيّاي) كأنّه أعاد لفظ المتكلم لما قيل له منه واستجاب له ، كأنّه قال : إياي احذر احفظ ، وحذفهم الفعل الناصب لإيّاك لما كثر

__________________

(١) هو إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج له معاني القرآن توفي ٣١١ ه‍ معجم الأدباء ١ : ١٣٠ ، الفهرست ٦٠ ، مراتب النحويين ١٣٦.

١٧٠

استعمالهم له وصيروا لفظه نائبا عن المضمر كحذفهم" حينئذ الآن".

قولهم : حينئذ الآن كلام جرى للعرب محذوفا من حينئذ ومن الآن ، ومعنى ذلك : أن ذاكرا ذكر شيئا فيما مضى يستدعي مثله في الحال فقال له المخاطب : حينئذ الآن معناه : كان هذا الذي ذكرت حينئذ في الوقت الذي ذكرت واسمع الآن غير ذلك أو نحوه من التقدير ، ولا يستعملون الفعل الذي حذف ، وكذلك لا يستعملون الفعل الناصب لإيّاك.

قال : وإذا قلت : إياك والأسد فلا بدّ من الواو لأنه اسم مضموم إلى آخر. يعني معطوف عليه.

فإن قال قائل : فقد تقول : إياك من الأسد وإيّاك من الشرّ فلم لا يجوز حذف حرف الجر وإيصال الفعل إلى الأسد وإلى الشرّ؟ فيقال : إيّاك الأسد وإياك الشرّ.

قيل له : لأن حروف الجر لا تحذف إلّا في المواضع التي حذفتها العرب فيها ، ألا ترى أنك تقول : أخذت من زيد درهما ، ولا يجوز أخذت زيدا درهما ، وتقول : اخترت من الرجال زيدا وتحذف" من" فتقول اخترت الرجال زيدا ، لأن العرب قد استعملت ذلك ، قال الله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)(١).

وكان ابن أبي إسحاق يجيز حذف من فيقول : إياك الشرّ في الشعر وأنشد :

فإيّاك إياك المراء فإنّه

إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب (٢)

قال سيبويه : (المراء منصوب بفعل غير الفعل الذي نصب إياك ، كأنه لما قال : إياك اكتفى ثم أضمر فعلا آخر نصب به المراء كأنه قال : اتق المراء ، وإذا قال : إياك وأن تكلم زيدا جاز أن تقول : إياك أن تكلم زيدا بغير واو ولا حرف جر ، وإنّما جاز هذا في" أنّ" لأنّ" أن" الخفيفة والمشددة إذا اتصلت بهما حروف الجر جاز حذفها كقولك : أنا راغب في أن ألقاك وحريص على أن أحسن إليك ، ولو قلت : أنا راغب أن ألقاك وحريص أن أحسن إليك جاز ، ولو جعلت مكان أن المصدر فقلت أنا راغب في لقائك حريص على الإحسان إليك لم يجز حذف حرف الجر ، لا يجوز : أنا راغب

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية : ١٥٥.

(٢) ينسب للفضل بن عبد الرحمن بن عباس القرشي : الخصائص ٣ : ١٠٤ ؛ شرح المفصل ٢ : ٢٥ ؛ إنباه الرواة ٤ : ٧٠ ؛ ومعجم الشعراء ١٦٠.

١٧١

لقاءك وحريص الإحسان إليك ، وإنما لم يجز في المصدر المحض ما جاز في" أن" لأن" أن" ؛ وما بعدها من الفعل وما يتعلق بالفعل من فاعل أو مفعول بمعنى المصدر وطال فجوزوا حذف حرف الجر منها لطول الكلام.

ومن ذلك قولهم : رأسه والحائط ، كأنه قال : خلّ رأسه مع الحائط ، وقولهم : شأنك والحجّ ، كأنه قال : شأنك مع الحج ، ومن ذلك امرأ ونفسه ، كأنك قلت : دع امرءا مع نفسه ، فصارت الواو في معنى مع كما صارت في معنى مع : في قوله ما صنعت وأخاك).

لأنه إذا حذف" مع" وهي منصوبة قام ما بعد الواو مقامها في النصب.

وقد ذكرنا نحو هذا في غير هذا الموضع.

قال سيبويه : (وإن شئت لم يكن فيه ذلك المعنى وهو عربيّ جيد).

يريد إن شئت لا تقدر" مع" وجعلت كل واحد منهما منصوبا بالفعل ، وعطفت أحدهما على الآخر أدّى معنى" مع" وإن لم يكن مقدرا بلفظه ، كأنه قال : عليك رأسك وعليك الحائط ، وكأنه قال : دع امرأ ودع نفسه ، وليس ينقض هذا ما أردت في معنى" مع" من الحديث ، ومثل ذلك" أهلك والليل" كأنه قال بادر أهلك قبل الليل". وتحقيق المعنى في ذلك أنه عطف الليل على الأهل وجعلهما مبادرين ، ومعنى المبادرة : مسابقتك الشيء إلى الشيء كقولك : بادرت زيدا المنزل ، كأني سابقته إليه ، فكأن الليل والرجل المخاطب يتسابقان إلى أهل الرجل ، فأمره الآمر أن يسابق الليل إليهم ليكون عندهم قبل الليل.

وقال : (قال بعض العرب : " ماز رأسك والسيف" كما تقول : رأسك والحائط وهو يحذّره كأنه قال : اتق رأسك والحائط).

وقولهم : " ماز رأسك والسيف" كثير من النحويين يقولون : إنه أراد ترخيم مازن فلم يكن اسم الرجل الذي خوطب بهذا مازنا ، ولكنه كان من بني مازن بن العنبر بن عمرو بن تميم وكان اسمه كدلما أسر بجيرا القشيريّ ، فجاءه قعنب اليربوعيّ ليقتله ، فمنع المازني منه ، فقال للمازنيّ : ماز رأسك والسيف ، وترخيمه على أحد وجهين : إمّا أن يكون سمّاه بمازن ؛ إذ كان من مازن ، وقد تفعل العرب مثل هذا في بعض المواضع ، كقولهم : " الأشعرون" يريدون الأشعريون ، جعلوا كل واحد منهما مسمّى بالأشعر الذي هو اسم جد ، ثم ترخّمه على ذلك.

١٧٢

وإمّا أن يكون ترخيما بعد ترخيم ؛ كأنه رخم مازنيا فصار مازنا ، ثم رخّم مازنا فصار ماز ، ونحوه مذكور في الترخيم. وتقديرهم : اتق رأسك والحائط على تقديرين في الانتصاب ، ومعناه : اتق رأسك أن يدقه الحائط أو يكسره أو نحو ذلك ، واتق الحائط أن يصيب رأسك بسوء ، وإذا ثنّيت هذه الأشياء لم تذكر الفعل معها ، ولو قلت : الليل الليل لم يحسن أن تقول بادر الليل الليل ، وإذا قلت الليل منفردا حسن أن تقول : بادر الليل ، وكذلك لو قال قائل : الله الله في أمري لم يحسن أن تقول : اتق الله الله في أمري.

وإذا قال : الطريق الطريق ، لم يحسن أن تقول : خلّ الطريق الطريق ، وإذا قال : الطريق حسن أن تقول : خلّ الطريق ؛ كما قال جرير :

خلّ الطريق لمن يبني المنار به

وابرز ببرزة حيث اضطرّك القدر (١)

والاسمان المعطوف أحدهما على الآخر لا يذكر الفعل فيهما ـ أيضا ـ كقولك : رأسك والحائط و" امرأ ونفسه" ولو أفردت أحدهما حسن لو قلت : اتق رأسك ، أو احفظ نفسك ، واتق الجدار ، كان جائزا حسنا وقبح في التكرير ؛ لأنك لما كررت شبّه الأول من اللفظين بالفعل فأغنى عنه وصار بمنزلة" إياك" النائب عن الفعل ، كما كانت المصادر كذلك ، كقولهم : الحذر الحذر ، والنجاء النجاء ، وضربا ضربا ، كأنهم جعلوا الأول بمنزلة الزم وعليك ونحوه من تقدير الفعل ، ودخول فعل على فعل محال.

قال سيبويه : (ومن ثم قال عمرو بن معدي كرب :

أريد حباءه ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد (٢)

وقال الكميت :

نعاء جذاما غير موت ولا قتل

ولكن فراقا للدّعائم والأصل (٣)

__________________

(١) البيت لجرير :

ديوانه ١ : ٢١١ ؛ المقاصد النحوية ٤ : ٣٠٧ ؛ شرح الأشموني ٢ : ٤٨١ ؛ شرح المفصل ٢ : ٣٠ ؛ لسان العرب (برز).

(٢) البيت لعمرو بن معدي كرب :

شرح المفصل ٢ : ٢٦ ؛ الأغاني ١٠ : ٢٧ ؛ خزانة الأدب ٦ : ٣٦١ ، ١٠ : ٢١٠ ؛ تاج العروس (عذر) ، الشطرة الأولى من البيت مثل تمثل به أمير المؤمنين علي ـ كرّم الله وجهه ـ حين ضربه ابن ملجم لعنه الله ، الميداني ٢ : ٥٧.

(٣) ينسب للكميت البيت غير موجود في ديوانه :

١٧٣

وكقول ذي الإصبع :

عذير الحيّ من عدوا

ن كانوا حيّة الأرض (١)

ولا يظهر الفعل الذي نصب عذير ، ولا الفعل الواقع على نعاء ، لأن ذلك أقيم مقام الفعل ، ودخول فعل على فعل محال).

قال أبو سعيد : أنا أذكر أصل عذيرك وما يراد به لينكشف معناه والفعل الناصب له :

تقول العرب : من يعذرني من فلان ، ويفسّر على وجهين :

أحدهما : من يعذرني في احتمالي إياه.

والآخر : من يذكر لي عذرا فيما يأتيه وقوله : عذيرك من خليلك يخرّج على وجهين :

أحدهما : من يعذرني في احتمالي إياه وإن لم يذكر لي عذره فيما يأتيه.

والآخر : من يذكر عذره فيما أتاه أو نحوه من الألفاظ ، واختلفوا في عذير ؛ فقال بعضهم : هو بمنزلة عاذر يقال : عاذر وعذير كشاهد وشهيد ، وقادر وقدير ، وعالم وعليم.

وضعّف المفضّل بن سلمة اللغوي (٢) هذا أن يكون بمعنى العذر مصدرا قال :

" لأن المصادر على فعيل لا تأتي إلّا في الأصوات ، نحو : الصرير والصهيل والصليل والزئير ، وأجاز أن يكون مصدرا بمعنى العذر غير أنه اختار الأول ، وسيبويه يقدر عذير تقدير عاذر ، وقد أفصح به في غير هذا الموضع".

فإذا قال : عذيرك على معنى عاذرك كأنه قال : هات عاذرك أو أحضر عاذرك ،

__________________

الإنصاف ٢ : ٥٣٩ ؛ سيبويه ١ : ١٣٩ ؛ شرح المفصل ٤ : ٥١ ؛ تاج العروس (جذم) ؛ اللسان (نعا).

(١) ديوانه : ٤٦ ، الأغاني ٣ : ٨٩ ؛ الشعر والشعراء ٢ : ٧٠٨ ؛ خزانة الأدب ٢ : ٤٠٨.

(٢) هو المفضل بن سلمة بن عاصم أبو طالب اللغوي أخذ عن ابن السكيت وثعلب له تصانيف كثيرة : البارع ، معاني القرآن ، المقصور والممدود.

تاريخ بغداد ١٣ : ١٢٤ ، معجم الأدباء ١٩ : ١٦٢ مراتب النحويين ١٥٧.

١٧٤

وكذلك أحضر عاذر الحيّ من عدوان ، ونعاء في معنى أنع من النعي وهو اسم واقع موقع فعل مثل نزال وحذار ، ولا يحسن ذكر الفعل معه.

هذا باب ما يكون معطوفا في هذا الباب على

الفاعل المضمر في النية

(ويكون معطوفا على المفعول وما يكون صفة المرفوع المضمر في النية ويكون معطوفا على المفعول.

وذلك قولك :

إياك أنت نفسك أن تفعل ، وإياك نفسك أن تفعل ، فإن عنيت الفاعل المضمر في النية قلت : إياك أنت نفسك ، كأنك قلت : إياك نحّ أنت نفسك ، وحملته على الاسم المضمر في نحّ ، فإن قلت : إياك نفسك تريد الاسم المضمر الفاعل فهو قبيح ، وهو على قبحه رفع ، ويدلك على قبحه أنك لو قلت : اذهب نفسك كان قبيحا حتى تقول أنت نفسك فمن ثمّ كان نصبا لأنك إذا وصفت بنفسك المضمر المنصوب بغير أنت كان حسنا تقول : رأيتك نفسك ولا تقول : انطلقت نفسك).

قال أبو سعيد : قد تقدم في الباب الذي قبله أن قولنا : إياك وما جرى مجراه منصوب بفعل مضمر ، وذلك الفعل فعل المخاطب ، وله فيه ضمير مرفوع وهو فاعل ذلك الفعل وإياك ضميره ـ أيضا ـ وهو منصوب فصار بمنزلة قولك للمخاطب : إياك ضربت ، وإياك نفعت ، فما صلح أن يكون توكيدا للتاء الفاعلة صلح أن يكون توكيدا للضمير في الفعل المحذوف ، وما صلح أن يكون عطفا على التاء صلح أن يكون عطفا على ذلك الضمير المقدر ، وكذلك التوكيد المنصوب ، فلما لم يحسن أن تقول : قمت نفسك ، حتى تقول : قمت أنت نفسك ، لم يصلح أن تقول : إياك نفسك فتجعل نفسك توكيدا حتى تقدم قبله أنت.

ولو قلت : رأيتك نفسك ، لحسن من غير توكيد ، وكذلك لو قلت : إياك نفسك لحسن.

وإنما لم يحسن في المرفوع ألا يتقدمه توكيد قبل النفس ؛ لأن المرفوع يكون في النية بغير علامة ، والمنصوب لا يكون إلا بعلامة ، وقد يقع في المرفوع اللبس في بعض

١٧٥

الأحوال ، وذلك أنك لو قلت : هند خرجت نفسها ، فجعلت في خرجت ضميرها ، ثم جعلت النفس توكيدا لضميرها في خرجت لجاز أن يتوهّم أن الفعل للنفس فيصير كقولك : هند خرجت جاريتها ، فإذا قلت : خرجت هي نفسها ، علم أنها توكيد ، والعطف بهذه بمنزلة إذا قلت : إياك وزيدا والأسد ، فهو مستحسن لأنك عطفت زيدا على المنصوب وهو : إياك ولو قلت : إياك وزيد لم يحسن حتى تقول : أنت وزيد ، كما لم يحسن : اذهب وزيد ، حتى تقول : اذهب أنت وزيد ، وإن قلت : رأيتك ، قلت : ذاك وزيدا بالنصب أحسن في زيد لأنك تعطفه على الكاف في : رأيتك ، ولو رفعته لكنت عاطفا على تاء قلت ، وهو ضمير مرفوع فلا يحسن ، وأنشد سيبويه لجرير :

وإيّاك أنت وعبد المسي

ح أن تقربا قبلة المسجد (١)

فنصب عبد المسيح بالعطف على إياك ، وأنشده يونس منصوبا ، ولو رفع كان حسنا أيضا ؛ لأن أنت تجعل توكيدا للضمير المرفوع المقدر ، فيحسن حينئذ العطف عليه ، ولا يجوز أن تقول : إياك زيدا ، لأن زيدا لا يخلو من أن تجعله عطفا على إياك ، فلا يجوز حذف حرف العطف منه ، كما لا يجوز أن تقول : رأيت زيدا عمرا ، على معنى رأيت زيدا وعمرا ، أو على معنى إياك من زيد ، أي اتق نفسك من زيد ، واحذر نفسك من زيد ، فلا يجوز حذف حرف الجر في هذا الموضع ، وكذلك لا تقول : رأسك الجدار ، حتى تقول : من الجدار ولو جئت بأن ، فقلت : إياك من أن تكلم زيدا ، لجاز أن تقول : إياك أن تكلم زيدا ، وذلك أن" أن" الخفيفة والمشددة يجوز طرح حروف الجر منها إذا كانت في صلة فعل ؛ لأنها وما بعدها بمنزلة المصدر فطالت فحسن حذف حروف الجر لطولها تخفيفا ، كما حسن في الذي حذف العائد مع الفعل ، ولو جئت بالمصدر لم يحسن حذف حرف الجر ، لا تقول : إياك ضرب زيد كما تقول : إياك أن تضرب زيدا ، لأنه لم يطل كطول" أن" وأما قوله :

إيّاك إيّاك المراء فإنّه

إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب (٢)

فإن سيبويه ذهب إلى أن المراء منصوب بفعل غير الفعل المقدر لإياك ، كأنه أضمر

__________________

(١) البيت لجرير ديوانه ٢ : ١٠٢٧.

(٢) البيت سبق تخريجه.

١٧٦

بعد إياك : اتق المراء ، وقد يجوز أن يكون حمل المراء على أنه تمادى في إسقاط حروف الجر.

وقال الخليل (١) رحمه‌الله : لو أن رجلا قال : إياك نفسك لم أعنّفه لأن هذه الكاف مجرورة.

قال سيبويه : (وحدّثني من لا أتهم عن الخليل أنه سمع أعرابيا يقول : " إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيّا الشوابّ").

قال أبو سعيد : اختلف الناس في إياك وإياه وإياي وتثنية ذلك وجمعه في تأنيثه وتذكيره ، فقال الخليل رحمه‌الله : ولم يذكر سيبويه خلافا له أن إيا : اسم مضاف إلى ما بعده ، وأن ما بعده في موضع خفض.

وجماعة من النحويين يخالفون هذا ، وقالوا : لا يجوز أن يكون إيا مضافا لأنه ضمير ، والضمير لا يضاف ، وما حكاه الخليل شاذ لا يعمل عليه ولا يعرف ، وجعلوا الكاف في إياك وسائر ما يقع بعدها من الضمائر لا موضع لها مثل الكاف في ذاك وذاكما ، والصحيح عندي ما قاله الخليل رحمه‌الله ، وذلك إني رأيت ما يقع بعد أي من الضمير هو الضمير الذي كان يقع للمنصوب لو كان متصلا بالفعل ؛ لأنك تقول : ضربتك ، ثم تقول : إياك ضربت ، وضربتكما ، وإياكما ضربت وضربتكم ، وإياكم ضربت ، وضربتكن وإياكن ضربت ، وضربته وإياه ضربت ، وضربتهما وإياهما ضربت ، وكان حق هذا الضمير أن يكون متصلا بفعل ، فلما قدموه لما يستحقه المفعول به من التقديم والتأخير ، أتوا ب" إيا" فتوصلوا بها إلى الضمير المتصل ، وإيا : هو اسم ظاهر واتصال الأسماء بالأسماء يوجب للثاني منهما الخفض ، وجعلوا إيا هو الذي يقع عليه الفعل ، وقد رأيناهم فعلوا شبيها بهذا حيث قالوا : يا أيها الرجل ، لأنهم أرادوا نداء الرجل ، فلم يمكن نداؤه من أجل الألف واللام ، فأتوا بأي فجعلوه وصلة إلى الألف واللام ، وأوقفوا حرف النداء عليه وأعطوه حقه من لفظ المنادى ، وجعلوا المقصود بالنداء نعتا له ، كما قالوا : يا زيد العاقل ، ولا أبعد أن يكون لفظ" إيا" هو فعلى من أي ، وأخذ أحدهما من الآخر

__________________

(١) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري أبو عبد الرحمن صاحب العربية والعروض وحصر أشعار العرب بها عمل كتاب العين توفي ١٥٧ ه‍.

الفهرست ٤٢ ـ معجم الأدباء ١ : ٣٤١ وفيات الأعيان ١ : ١٧٢.

١٧٧

لاشتراكهما في الوصلة.

وما حكاه الخليل شاذ في الظاهر ، لأن الظاهر في التقديم والتأخير على حال واحدة.

فإن قال قائل فأنت تقول : إياي ضربت ، ولا يجوز أن تقول : ضربتني ، والفعل لا يقع على المتكلم من نفسه ، ولو وقع عليه لكان : بنون وياء كقولك : ظننتني فلم يغير حكمه في إيا ، وأنت تزعم أنها وصلة إلى اللفظ كما كان يتصل بالفعل.

قيل له : لما توصلوا بإيا وصار في حكم الظاهر المضاف ، وجعلوا ما بعد" إيا" في موضع خفض بطلت النون التي قبل الياء كما بطلت من عصاي وهداي ، وصار تعدي الفعل إليه من نفسه كتعديه إلى النفس في قولك : نفس ضربت ، فاعرفه إن شاء الله تعالى.

ثم ذكر سيبويه أشياء من كلام العرب وأشعارها حذفوا فيها الفعل ، فمن ذلك قول : العرب : " هذا ولا زعماتك" معناه : أن المخاطب كان يزعم زعمات ، فلما ظهر خلاف قوله ، قال : هذا الحق ولا زعماتك ، ولا أتوهم ما زعمته ، ومنه قول ذي الرمة :

ديار ميّة إذ ميّ تساعفنا

ولا يرى مثلها عجم ولا عرب (١)

كأنه قال : اذكر ديار مية ، ولكنه لا يذكر" اذكر" لكثرته في كلامهم ، ولم يذكر : ولا أتوهم زعماتك لكثرة استعمالهم إياه ، ولاستدلاله بما ينبئ من حاله ومن أنه ينهاه عن زعمه ، وقد يدخل هذا المثل في أن يقال للإنسان إذا زعم شيئا في رأي يراه ومشورة يشير بها أن يقول هذا لرأي آخر أصح من ذاك" هذا ولا زعماتك" ، أي : هذا حق صحيح دون ما زعمته.

(ومن ذلك قول العرب : " كليهما وتمرا" (٢) وكثر هذا في كلامهم).

وجرى مثلا ، والتقدير : اعطني" كليهما وتمرا ، كأن إنسانا خيّر آخر بين شيئين فطلبهما جميعا المخيّر وزيادة عليهما ، فقال : أعطنيهما وتمرا ، ومنهم من يرفع كليهما وينصب التمر فيقول : كلاهما وتمرا ، كأنه قال : كلاهما لي ثابتان وزدني تمرا.

ويقول بعضهم : " كل شيء ولا هذا ، وكل شيء ولا شتيمة حر" أي : ائت كل

__________________

(١) البيت سبق تخريجه.

(٢) مجمع الأمثال ٣ : ٣٨ ، جمهرة الأمثال ٢ : ١٣٧ ، خزانة الأدب ٢ : ٣٦٥ ديوان عمرو بن حمران الجعدي.

١٧٨

هذا ، ومنهم من يقول : كل شيء ولا شتيمة حر ؛ فيرفع الأول وينصب الثاني ، كأنه قال : كل شيء أمم ولا تشتمنّ حرّا ، أي : كل شيء قصد يحتمل : ولا تشتمنّ حرّا.

وقد ذكر في هذا الباب أشياء فيها حذف لأنها أمثال ، واعتمد على أنّ ترك الفعل فيها لأنها أمثال.

فإن قال قائل : ما السبب الذي سوغ الحذف في الأمثال؟

قيل له : أصل الأمثال أن يتكلم الإنسان بحضرة قوم ، وفي كلامه من الألفاظ ما يستطرفه بعضهم من الألفاظ فيعيد اللفظ المستطرف ، فربما أعاد جملة الكلام ، وربما كان على سبب لا يعيده ولا يذكره ولا يتم إلا بذلك السبب ، ويقع فيه ضمير ليس في الكلام ما يعود إليه ، لأنه المتمثّل استطرفه وتمثّله فلا حاجة به إلى ذكر ما حذف من الكلام لأن المتبقي هو المثل ، فمن ذلك قول العرب : " كلاهما وتمرا" ، أو" كليهما وتمرا" ، وذلك في كلامهم أكثر من أن يحصى ، ومما لم يذكره قولهم : " أسعد أم سعيد" (١) ، وهو مبتدأ لم يذكر خبره ، والمتمثل يذكره في غير سعد وسعيد في الشيء الذي يبدو ولا يدرى ما هو ، فيقال : أسعد أم سعيد معناه : أخير أم شر ، وكذلك قولهم : " لكن الأثلاث لحم لا يظلّل" (٢) ، وقد علمنا أن لكن لا يبتدأ به ولكن ابتدأه قائل هذا على كلام يجري فترك ذكر الكلام ، وكذلك" ثكل أرأمها ولدا" في المثل ضمير ليس فيه ما يعود إليه ، ومن العرب من يقول : ديار مية وسائر ما يجيء من ذكر الديار في هذا الموضع ، كأنه يقول :

تلك ديار مية ، وقال الشاعر :

اعتاد قلبك من سلمى عوائده

وهاج أهواءك المكنونة الطّلل

ربع قواء أذاع المعصرات به

وكلّ حيران سار ماؤه خضل (٣)

كأنه أراد : ذاك ربع.

قال أبو سعيد : ويجوز أن يكون جعل" ربع قواء" بدلا من الطلل ، كأنه قال : أهواك ربع قواء ، قال ومثله :

__________________

(١) يقرب في العناية بذي الرحمة جمهرة الأمثال ١ : ١٥٥.

(٢) قاله بيهس في قصة إخوته المقتولين الميداني ١ : ٢٦٨ ، ٣ : ١٤٦.

(٣) شرح شواهد المغني ٢ : ٣٨٥ ، نسبهما ل (عمر بن أبي ربيعة) ؛ الخصائص ١ : ٢٩٧ ، ٣ : ٢٢٩.

١٧٩

هل تعرف اليوم رسم الدار والطّللا

كما عرفت بجفن الصّيقل الخللا

دار لمروة إذ أهلي وأهلهم

بالكانسيّة نرعى اللهو والغزلا (١)

ويروى بالكامسية ، كأنه قال : " تلك دار لمروة" وهو يقوّي التفسير في" ربع قواء" لأنه يحتمل البدل.

(قال : فإذا رفعت فالذي في نفسك ما أظهرت ، وإذا نصبت فالذي في نفسك غير ما أظهرت ، يعني : أنك إذا رفعت فالذي حذفت هو الذي ظهر ، لأن المحذوف مبتدأ وهذا خبره ، والمبتدأ هو الخبر ، وإذا نصبت فالذي أضمرت هو الفعل ، وهو غير الاسم الظاهر).

قال : (ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل المتروك إظهاره : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)(٢) و" وراءك أوسع لك" ، و" حسبك خيرا لك" ، إذا كنت تأمره).

قال أبو سعيد"(انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)(٣). وما جرى مجراه فيه ثلاثة أقاويل للنحويين ، ونظيره في القرآن : (فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ)(٤).

قال سيبويه : (إنما نصبت خيرا وأوسع لك ، لأنك إذا قلت : انته ، فأنت تريد أن تخرجه من أمر وتدخله في آخر).

وقال الخليل : كأنك تحمله على ذلك المعنى ، كأنك حين قلت : انته وادخل فيما هو خير لك فنصبته لأنك قد عرفت أنك إذا قلت : " انته" أنك تحمله على أمر آخر ، فلذلك انتصب ، وحذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إياه في الكلام ، ولعلم المخاطب أنه محمول على أمر حين قال : انته ، فصار بدلا من قوله : ائت خيرا.

ويقوي قوله الخليل وسيبويه أنك إذا أمرته بالانتهاء ، فإنما تأمره بترك شيء ، وتارك الشيء آت ضده ، فكأنه أمره أن يكفّ عن الشر والباطل ويأتي الخير.

__________________

(١) البيتان لعمر بن أبي ربيعة ، الديوان : ٣٢٠.

(٢) سورة النساء ، الآية : ١٧١.

(٣) سورة النساء ، الآية : ١٧١.

(٤) وليست بنصها في الكتاب الكريم ، وتوجد لفظه : (خيرا) في آيتين من سورة آل عمران وهما (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ.)(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ.) (الآيتان ١١٠ ، ١٨٠ من سورة آل عمران).

١٨٠