تراثنا ـ العددان [ 30 و 31 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 30 و 31 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٩

الشريفة.

٣ ـ الصياغة : حيث كان للشيخ اختيار موفق للكلمة الهادفة بحيث ان الكلمة تؤدي عنده دورها بالقدر المناسب وهو ما يدخل في اهمية دراسة العمارة الفنية للكلمة بحيث تكون سليمة لا تشوبها التأويلات وفي ذلك اداء بارع لمواصفات لغة الاحكام التي تستند الى الدقة والعمق ، وتنتفي عندها الاخيلة والتصورات لانها لغة الواقع التي لا بد منها في عملية التوازن مع رؤى العدالة في الشريعة وفيما يسمو اليه التشريع الاسلامي من صدق التوجه ووعي المسؤولية.

٤٤١
٤٤٢

من ذخائر التراث

٤٤٣
٤٤٤

٤٤٥
٤٤٦

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ موضوع الكتاب :

من الواضح أنّ كلّ فنّ وعلم تبتني مسائله وبحوثه على مصطلحاته الخاصّة ، مضافاً إلى حاجته العامّة إلى اللغة التي يُكْتَبُ ذلك العلمُ ، أو يَتَكَلّم طالبوه بها.

وقد بيّنَ العلماءُ طَرَفاَّ من وَجْه الحاجة إلى «الألفاظ» في مفتتح كتب المنطق ، حيث جعلوه : «زيادة الطالب بصيرةٌ في العلم».

لكنّ الحاجة ـ بنظري ـ أعمقُ من مجرّد زيادة البصيرة ، بل هي ماسّة جدّاً ، إذْ بدون الوقوف على المصطلحات الخاصّة لأيّ علم ، لايمكن أنْ يُفهمَ ذلك العلمُ ، بل تكونُ لغة كتابه عَجْماء بالنسبة إلى الجاهل بتلك المصطلحات ، حتى لو كان عارفاً باللغة التي كُتِبَ بها العلم.

والسرّ في ذلك : أنّ المصطلحات تمَّ التواضع عليها بين أصحاب الفنّ ، متجاوزين المفهوم اللغويّ ، فهي ذات أوضاع جديدة ، وغريبة عن

٤٤٧

المعنى اللغويّ المتعارف فهمُه بين أهل تلك اللغة ، وهي خاصةٌ بأهلِ ذلك الفنّ ، ولا تُعْرَفُ إلاّ من جهتهم ، ولا يَدْخلها القياسُ ، ولا يمكن تأويلُها بأىّ شكل ، فهي كلغة أجنبيّة لمن لم يطلعْ على وضعها ، فالعلم بالوضع من أهم شرائط معرفة اللغة.

والعلمُ بهذه الأوضاع لا يحصلُ إلاّ من جهة أصحاب كلّ فنّ ، والمؤلّفين فيه ، والواقفين على أسراره.

وهذه الحاجةُ ، وتلك الضرورةُ ، عامّتان في كلّ العلوم والفنون ، ولكنّ ، كلّما كان العلمُ أوغَل في النظريّة والعقلانيّة ، كانت الحاجةُ أمسَّ ، والضرورةُ ألحَّ ، لتعقّد المعاني المرادة وصُعوبتها الأكثر.

وعلمُ الكلام الإسْلامي ، هو من العُلوم النظريّة التي احتوتْ على مصطلحات خاصّة ، ودقيقة ، فمن الواضح ـ إذنْ ـ حاجته إلى معرفة مُصطلحاته لطالبي مسائله ومعارفه ، وبالأخصّ للمبتدئين في الطلب.

وقد أوضَحَ الشيخُ الطوسيّ هذه النقطةَ بكلّ جلاء ، فَقالَ :

«... الألفاظ المتداولة بين المتكلّمين ، وبيان أغراضهم منها; فلهم مُواضعات مخصوصةٌ ، ليستْ على مُوجب اللغة ، ومَنْ نظرَ في كتبهم وكلامهم ولا يعرفُ مُواضعاتهم لم يَحْظَ بطائل ، وإذا وقفَ على مرادهم ثمّ نظرَ ـ بعد ذلك ـ في ألفاظهم حصلتْ بُغْيَتُه ، وتمّت مُنْيَتُه ...».

جاء ذلك ـ في افتتاح كتابه الذي شرحَ فيه المصطلحات الكلاميّة ، وسمّاه بـ «المقدّمة ...» كما سيأتي.

والشيخُ المفيدُ سَبَقَ كلّ الكلاميّين في تأليف كتاب يتكفّل شرحَ المصطحات الكلاميّة ، وهو هذا الكتاب الذي نقدّم له ، ونقدّمه محقّقاً.

فسمّاه «النُكَت في مقدَّمات الاُصُول».

٤٤٨

ومع أنّ العوانَ يعبّر عن صِدْق كون الكتاب «مقدّمةً» لعلم اُصول الدين ، إذ هو يتكفّلُ شرحَ المصطلحات المستعملة في ذلك العلم ، وبدون هذا الشرح لا يُمكن تحصيل مسائله ومعارفه ، فهو بحقٍّ «مقدّمة لِلاُصول».

إلاّ أنّ الشيخ لم يقتصر على هذه المقدّمة ، وإنّما أدرجَ في الكتاب بحوثاً عن نفسِ الاُصول أيضاً ، فذكر الأدلّة على كلّ القضايا الأساسيّة في العلم.

وقد هدفَ الشيخُ المفيدُ إلى نفس الهدف الذي ذكره الشيخُ الطوسيّ بأفضل شكل ، مع أنّ كتابه يتميّز باُمور :

فأولاً : قد جعله الشيخُ على أبسط شكل ممكن وأوضحه ، توصّلاّ إلى ما أشار إليه في ديباجته من «إرشاد المبتدئين» فعبارتُه واضحة تناسب مدارك الناشئين الذين يطلبون هذا العلم ، خالياً من التعقيد والغموض.

وثانياً : وضعه الشيخُ على شكل محاورات بين السائل والمجيب ، فيطرح سؤالاً بعنوان : «إن قالَ» ويُجيب عليه بعنوان : «فقلْ» ويتمتّع هذا الاُسْلوب من الفوائد التربويّة للناشئين ما يوحي إليهم بواقعيّة المعلومات المطروحة على ساحة الحوار ، ويتميّز بحيويّة التجاوب ، مالا يخفى أثره.

وثالثاً : إنّ الألفاظ المشروحة مرتّبة على حَسَب ترتيب الأبواب والبحوث المعروضة في المناهج والكتب الكلاميّة ، حيث بَدأَ بتعريف «النظر ، والدليل ، والعقل ، والعلم ...» وهي المستعملة في الأبواب الاُولى ، ثم يتدرّج مع الأبواب والبحوث حتى المعاد.

والمؤلّفات التي وُضِعَتْ لتوضيح المصطلحات ـ ومنها الكلاميّة ـ كثيرة في التراث الاسلامي ، إلاّ أنّ الأعمال الشيعيّةَ القديمة في هذا

٤٤٩

المجال ، والتي خُصِّصت لشرح الألفاظ الكلاميّة ، هي :

١ ـ هذا الكتاب :

ويعتبر أقدمَ جهد في هذا المجال.

٢ ـ الحدود والحقائق أو الطريق في الحدود والحقائق.

للسيد المرتضى طبعه محمد تقي دانش بزوه في ما نشر بمناسبة الذكرى الالفية للشيخ الطوسي في مشهد.

٣ ـ المقدّمة في المدخل إلى صناعة علم الكلام :

للشيخ الطوسيّ ، طبعت بتحقيق الاستاذ محمّد تقي دانش بزوه ، ونشر مع الكتاب السابق وضمن (الرسائل العشر) للشيخ الطوسيّ.

٤ ـ الحدود والحقائق في شرح الألفاظ المصطلحة بين المتكلّمين من الإماميّة :

للقاضي أشرف الدين صاعد بن محمّد ، البريدي الآبي (ق ٦) طبع ضمن ما نشره دانش بزوه بمناسبة الذكرى الالفية للشيخ الطوسي.

وأُعيد بتحقيق الشيخ حسين علي محفوط الكاظمي ، في بغداد ١٩٧٠ م.

وقد نسب بعض العلماء كتاباً باسم «النكت الاعتقادية» إلى الشيخ المفيد.

وبعد وضوح نسبة كتاب «النكت في مقدمات الاصول» إلى الشيخ المفيد كما ذكرنا ، لا يمكن نسبة كتاب «النكت الاعتقادية» إليه ، للبعد المحسوس في أن يؤلف كتابين باسم «النكت ...» في موضوع واحد وعلى منهج واحد ، وهو المعتمد على طريقة الحوار بين السائل والمجيب ، وفي علم الكلام.

مع أن المنسوب اليه في الفهارس كتاب واحد باسم «النكت في

٤٥٠

مقدمات الاصول».

ولم نجد في شيء من النسخ المتوفّرة من «النكت في مقدمات الأصول» نسبته إلى غير المفيد ، بينما بعض نسخ «النكت الاعتقادية» قد نسبه الى الشيخ فخر المحققين ، وهو ابن العلامة الحلي.

مضافاً إلى أن أُسلوب النكت في مقدمات الأُصول ونفسه أنسب بالشيخ المفيد والمعهود في مؤلّفاته وكتبه ومناظراته المتوفّرة ، بخلاف النكت الاعتقادية.

وقد تحدّثنا عن هذه النسبة ـ على الاختصار ـ عند حديثنا عن «النكت الاعتقادية» في ما كتبناه بعنوان «نظريات في تراث الشيخ المفيد».

٢ ـ نسخ الكتاب

لم تختلف المصادر ، ولا المفهرسون ، في نسبة هذا الكتاب ـ وبهذا الاسم ـ إلى الشيخ المفيد ، وهذا ما يؤكّدهُ اُسلوبُ الكتاب ونَفَسه وجَرسُ كلماته وجمله.

ثمّ إنّ الشيخ قد ذكر بعض هذه التعاريف والحدود ، في كتابه «أوائل المقالات» باب «اللطيف من الكلام» ، بعين ما ذكره هنا.

وهذا يدلّ على أنّ مؤلّف الكتابين هو الشيخ المفيد. وقد أشرنا في الهوامش إلى تلك التعاريف ومحلّ وجودها.

كما أنّ النسخَ التي اعتمدناها في تحقيق الكتاب متّفقة على نسبته إلى الشيخ المفيد ، وهي :

١ ـ نسخة مكتبة بادليان في مدينة اُوكسفورد : في مجموعة تضمّنت

٤٥١

عدّة كُتب وأراجيز كلاميّة ، كتبها أحمد بن الحسين بن العوديّ ، الأسديّ الحليّ ، وفرغ من كتابتها في الرابع والعشرين من شهر شعبان سنة (٧٤٠).

وهي نسخة كاملة ، جيّدة ، مضبوطة ، إلاّ أنّ الرطوبة أثّرتْ فيها ، فلم نتمكّن من قراءة بعض الكلمات ـ من المصوّرة التي عندنا ـ لذلك. ونسمّيها بـ «الأصل».

٢ ـ نسخة محفوظة في مكتبة آية الله السيد الحكيم قدس سرّه ، برقم (٣٦٤) ، وعنها فيلم في مكتبة جامعة طهران (دانشكاه).

وهي جميلة الخط ، وعليها علامات التصحيح ، وبلاغ المقابلة في آخرها ، وقد ترك الكاتب فراغات كتبَ فوقها أو إلى جانب الصفحات كلمة «بياض» للدلالة على نقص أصلها المنقولة عنه.

وهي خالية من اسم الكاتب وتاريخ النسخ.

ونرمز إليها بالحرف (ك).

٣ ـ نسخة مكتبة السيّد الروضاتي دام فضله :

ضمن مجموعة كتبها جدّه السيّد محمّد الموسوي الأصفهانيّ.

ونرمز إليها بالحرف (ضا).

٣ ـ عملنا في الكتاب :

١ ـ قُمنا باستخلاص النصّ المضبوط ، من النسخ الثلاث ، متّبعين طريقة التلفيق بينها ، إلاّ أنّا أكّدنا التركيز على ما جاء في «الأصل» لما تتمتّع به نسخته من القِدَم ، والضَبْط ، والكمال.

٤٥٢

٢ ـ وضعنا مكان ما لم نتمكّن من قراءته في النسخ نقاطاً ثلاثاً بَدَلَ كلّ كلمة ، فإنّ بالإمكان معرفة عدد الكلمات المشوّهة في مصوّرة الأصل ، ولعلّ الوقوف على نفس النسخة ، يُساعد على قراءة بعض هذه الكلمات فيكون بالإمكان كتابتها في طبعتنا هذه.

٣ ـ قطّعنا النصَّ ، ونقّطناه ، بمايُساعد على يُسرْ فهمه ، ووضوح عبارته.

٤ ـ رقّمنا الكتابَ على عدد المحاورات الواردة فيه ، فكلّ سؤال وجواب ، يُعتبر فقرةً مستقلّة ، وبذلك تسهل الاستفادة من الكتاب بسرعة ودقّة.

٥ ـ وضعنا للكتاب فهارس متنوّعة ، تزيد في يُسر مراجعته وتقرّب فائدته إلى القارىء الكريم.

وأخيراً :

فنحمد الله على توفيقه ، ونسأله الرضا عنّا بفضله وإحسانه إنّه ذو الجلال والإكرام.

وصلّى الله على محمّد سيّد الأنبياء ، وعلى الأئمّة الكرام من آله الأتقياء. وسلّم تسليماً.

حرّر في يوم الاثنين السادس والعشرين من

شهر محرم الحرام سنة ألف وأربعمائة

وثلاث عشرة هجريّة

وكتبَ

السيّد محمّد رضا الحسينيّ

الجلاليّ

٤٥٣

٤٥٤

٤٥٥

٤٥٦

٤٥٧

٤٥٨

٤٥٩

كـِتاب

النُكـت

في مقدَّمات الاُصُول

[في علم الكلام]

من إملاء

الشيخ الأجلّ المفيد أبي عبد الله

محمّد بن محمّد بن النعمان

الحارثي ، رضي الله عنه ، وأرضاه (١).

__________________

(١) «وأرضاه» لم ترد في «ضا» ومن قوله : «في مقدّمات ...» الى آخره ، غير واضح في مصوّرة «ك».

٤٦٠