تراثنا ـ العددان [ 30 و 31 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 30 و 31 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٩

١٦ ـ البدء والتاريخ ـ للمقدسي ـ ط سنة ١٩٨٨ م.

١٧ ـ البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ط سنة ١٩٦٦ م.

١٨ ـ البرهان ـ للزركشي ـ ط سنة ١٣٩١ هـ. ق ـ نشر دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

١٩ ـ البصائر والذخائر ـ لأبي حيان التوحيدي ـ ط سنة ١٣٧٣ هـ. ق ـ القاهرة ـ مصر.

٢٠ ـ بهجة المحافل ـ للعامري ـ نشر المكتبة العلمية بالمدينة المنوّرة ـ الحجاز.

ـ ت ـ

٢١ ـ تاريخ الإسلام ـ للذهبي ـ دار الكتاب العربي سنة ١٤٠٧ هـ. ق ـ بيروت ـ لبنان.

٢٢ ـ تاريخ أهل البيت ـ لم تتّضح نسبته إلى مؤلّف بعينه ـ ط مؤسسة آل البيت سنة ١٤١٠ هـ. ق ـ إيران.

٢٣ ـ تاريخ بغداد ـ للخطيب الغدادي ـ نشر دار الكتب العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٢٤ ـ تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ ط سنة ١٣٧١ هـ. ق ـ مطبعة السعادة بمصر.

٢٥ ـ تاريخ الخميس ـ للدياربكري ـ ط سنة ١٣٨٢ هـ. ق مصر.

٢٦ ـ تاريخ اليعقوبي ـ لابن واضح ـ ط دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.

٢٧ ـ التبيان ـ للشيخ الطوسي ـ ط النجف الأشرف ـ العراق.

٢٨ ـ التبيين في أنساب القرشيّين ـ لابن قدامة المقدسي ـ ط سنة ١٤٠٨ هـ. ق. ـ مكتبة النهضة العربية ـ بيروت ـ لبنان.

٢٩ ـ تذكرة الخواصّ ـ لسبط ابن الجوزي ـ ط سنة ١٣٨٣ ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٣٠ ـ تفسير القرآن الكريم ـ لابن كثير ـ منشورات دار الفكر.

٣١ ـ التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ منشورات دار الكتب العلمية ـ طهران ـ إيران.

٣٢ ـ تلخيص مستدرك الحاكم ـ للذهبي ـ مطبوع بهامش المستدرك سنة ١٣٤٢ هـ. ق ـ الهند.

٣٣ ـ تنقيح المقال ـ للمامقاني ـ ط سنة ١٣٥٢ هـ. ق ـ المطبعة المرتضوية ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٣٤ ـ تهذيب تاريخ دمشق ـ لبدران ـ ط دار المسيرة سنة ١٣٩٩ هـ. ق ـ بيروت ـ لبنان.

٣٥ ـ تهذيب التهذيب ـ للعسقلاني ـ ط دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.

٣٤١

ـ ث ـ

٣٦ ـ الثقات ـ لابن حبّان ـ ط سنة ١٣٩٧ هـ. ق ـ الهند.

ـ ج ـ

٣٧ ـ الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت لبنان.

٣٨ ـ الجمل ـ للشيخ المفيد ـ ط سنة ١٣٨١ هـ ـ الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٣٩ ـ جمهرة أنساب العرب ـ لابن حزم ـ ط سنة ١٣٩١ هـ. ق ـ دار المعارف بمصر.

ـ خ ـ

٤٠ ـ خصائص الإمام عليّ بن أبي طالب ـ للنسائي ـ ط سنة ١٣٨٨ هـ. ق ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٤١ ـ الخصال ـ للشيخ الصدوق ـ ط سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ نشر جماعة المدرّسين ـ قم ـ إيران.

ـ د ـ

٤٢ ـ الدرّ المنثور ـ للسيوطي ـ ط سنة ١٣٧٧ هـ. ق.

٤٣ ـ دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ط سنة ١٤٠٥ هـ. في دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ذ ـ

٤٤ ـ ذخائر العقبى ـ لأحمد بن عبد الله الطبري ـ ط سنة ١٩٧٤ م ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ر ـ

٤٥ ـ رسالة حول بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مطبوعة مع مكارم الأَخلاق الطبعة الحجرية.

٣٤٢

٤٦ ـ الروض الأُنف ـ للسهيلي ـ شركة الطباعة الفنّية المتّحدة.

ـ ز ـ

٤٧ ـ زاد المعاد ـ لابن القيّم ـ المؤسسة العربية للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان.

ـ س ـ

٤٨ ـ سنن النسائي ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٤٩ ـ سير أعلام النبلاء ـ للذهبي ـ ط سنة ١٤٠٦ هـ. ق ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ لبنان. ٥٠ ـ السيرة الحلبية ـ للحلبي الشافعي ـ ط سنة ١٣٢٠ هـ. ق ـ.

٥١ ـ سيرة المصطفى ـ للسيد هاشم معروف الحسني ـ ط سنة ١٣٧٥ هـ. ق ـ دار القلم ـ بيروت ـ لبنان.

٥٢ ـ سيرة مغلطاي ـ ط سنة ١٣٢٦ هـ. ق ـ مصر.

ـ ص ـ

٥٣ ـ الصحيح من سيرة النبيّ الأَعظم ـ للعاملي ـ ط سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ قم ـ جماعة المدرّسين ـ إيران.

ـ ط ـ

٥٤ ـ الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ط سنة ١٣٨٨ هـ. ق ـ دار صادر ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ع ـ

٥٥ ـ عدّة رسائل للشيخ المفيد ـ منشورات مكتبة المفيد ـ قم ـ إيران.

٥٦ ـ العقد الفريد ـ لابن عبد ربّه ـ ط الاستقامة ـ وط دار الكتاب العربي ـ سنة ١٣٨٤ هـ. ق ـ بيروت ـ لبنان.

٥٧ ـ علل الشرائع ـ للصدوق ـ ط سنة ١٣٨٥ هـ. ق ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف الأَشرف العراق.

٣٤٣

ـ غ ـ

٥٨ ـ الغدير ـ للعلامة الأَميني ـ ط سنة ١٣٩٧ هـ. ق ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ف ـ

٥٩ ـ فتح القدير ـ للشوكاني ـ نشر دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ق ـ

٦٠ ـ قاموس الرجال ـ للمحقّق التستري ـ ط سنة ١٣٧٩ هـ. ق ـ مركز نشر الكتاب طهران ـ إيران.

ـ ك ـ

٦١ ـ كشف الغمّة ـ للأربلي ـ ط سنة ١٣٨١ هـ. ق. ـ المطبعة العلمية ـ قم ـ إيران.

ـ ل ـ

٦٢ ـ اللآلي المصنوعة ـ للسيوطي ـ ط سنة ١٣٩٥ هـ. ق ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

٦٣ ـ لباب التأويل ـ للخازن ـ ط سنة ١٣١٧ هـ. ق. مصر ـ ثمّ نشر دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

٦٤ ـ لسان الميزان ـ للعسقلاني ـ ط الأعلمي ـ بيروت ـ لبنان.

ـ م ـ

٦٥ ـ المجدي في أنساب الطالبيّين ـ لنجم الدين العمري ـ ط سنة ١٤٠٩ هـ ـ مطبعة سيد الشهداء ـ قم ـ إيران.

٦٦ ـ مجمع الزوائد ـ للهيثمي ـ ط سنة ١٩٦٧ م.

٦٧ ـ محاضرة الأوائل ـ للسكتواري ـ ط سنة ١٣٠٠ هـ. ق ـ بولاق ـ مصر ـ ثمّ نشر دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٣٤٤

٦٨ ـ مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ـ ط سنة ١٤٠٤ هـ. ق. ـ دار الفكر ـ دمشق ـ سوريا.

٦٩ ـ مدارك التنزيل ـ للنسفي (مطبوع بهامش لباب التأويل) نشر دار المعرفة ـ لبنان.

٧٠ ـ مروج الذهب ـ للمسعودي ـ ط سنة ١٩٦٥ م ـ دار الأندلس ـ بيروت ـ لبنان.

٧١ ـ المسائل الحاجية ـ للشيخ المفيد ـ تحقيق مارتن ماكدرمت اليسوعي.

٧٢ ـ المصنّف ـ لعبد الرزّاق الصنعاني ـ ط سنة ١٣٩٠ هـ. ق.

٧٤ ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي ـ ط النجف الأشرف ـ العراق.

٧٥ ـ مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب ـ ط مصطفوي ـ إيران.

٧٦ ـ مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب ـ لابن المغازلي ـ ط سنة ١٣٩٤ هـ. ق ـ المطبعة الإسلامية ـ طهران ـ إيران.

٧٧ ـ المواهب اللدنّيّة ـ للقسطلاني ـ ط دار الكتب العلمية.

٧٨ ـ ميزان الاعتدال ـ للذهبي ـ ط دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان.

ـ ن ـ

٧٩ ـ النبوّة ـ لمحمد حسن آل يسّ ـ ط سنة ١٣٩٢ هـ. ق ـ دار مكتبة الحياة ـ بيروت ـ لبنان.

٨٠ ـ نزل الأبرار ـ للبدخشاني الحارثي ـ ط سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ مطابع نقش جهان ـ طهران ـ إيران.

٨١ ـ نزهة المجالس ـ للصفوري الشافعي ـ ط سنة ١٣١٤ هـ. ق ـ مصر.

٨٢ ـ نسب قريش ـ لمصعب الزبيري ـ ط دار المعارف ـ مصر.

٨٣ ـ نظم درر السمطين ـ للزرندي الحنفي ـ إصدار مكتبة نينوى ـ طهران ـ إيران.

٨٤ ـ نهاية الأَرب ـ للنويري ـ ط سنة ١٩٨٠ م ـ الهيئة المصرية العامّة للكتاب.

٨٥ ـ النهاية في اللغة ـ لابن الأَثير ـ ط سنة ١٣٨٣ هـ. ق ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.

٨٦ ـ نهج البلاغة ـ جمع الشريف الرضي ـ بشرح محمد عبده ـ ط الاستقامة.

٣٤٥

٨٧ ـ النهر المادّ من البحر ـ لأبي حيّان الأندلسي ـ مطبوع مع البحر المحيط ـ سنة ١٤٠٣ هـ. ق ـ دار الفكر.

٨٨ ـ نور الأَبصار ـ للشبلنجي الشافعي ـ المطبعة اليوسفية بمصر.

٨٩ ـ نور الثقلين ـ للحويزي ـ مطبعة الحكمة ـ قم ـ إيران.

ـ و ـ

٩٠ ـ الوفا بأخبار المصطفى ـ لابن الجوزي ـ ط سنة ١٣٨٦ هـ. ق ـ مطبعة السعادة بمصر.

٩١ ـ وقعة صفين للمنقري ـ ط سنة ١٣٨٢ هـ. ق.

ـ ي ـ

٩٢ ـ ينابيع المودّة ـ للقندوزي الحنفي ـ ط سنة ١٣٠١ هـ. ق ـ إسلامبول ـ تركيا.

* * *

٣٤٦

حكم المناظرة

من كتاب اللّه وحديث العترة الطاهرة (*)

السـيّد محمّد جواد الشبيري

إنّ التأمّل في آيات القرآن الكريم يبين بوضوح مدى الاهمية البالغة التي تضطلع بها مسألة المناظرة والمجادلة في تثبيت وايضاح الكثير من الحقائق الفكرية والعقائدية بالتوسل بالادلة العلمية المرتكزة على اسس شرعية قويمة وراسخة.

وفي الدين الاسلامي ـ كما في جميع ما سبقه من الاديان السماوية الماضية ـ احتلت المجادلة جانباً حيوياً ووسيلة مؤثرة في ابطال ودفع الشبهات التي يثيرها ارباب ومتكلمي الافكار المنحرفة الاخرى ، كما كان لهذهِ المجادلة الاثر الكبير في اقناع جمهور الناس ومفكريهم بحقّانية الشريعة المحمدية ووجوب الانقياد لها.

وهكذا فإنّ مجرد الاستعراض المختصر لبعض تلك الآيات المباركة يبين هذهِ الحقائق المهمة ، والتي تدل بوضوح ان المجادلة ليست امراً دخيلاً على مجمل العقائد الاسلامية المختلفة ، بل تعد من صلب اسس الدين الاسلامي الحنيف ، حيث ان كتاب الله تعالى تناولها في اكثر من موضع مبيناً ابعادها

__________________

(*) هذا فصل من دراسة موسّعة اعددناها للحديث عن المناظرة عند الشيخ المفيد قدّس سره ، نسأل الله التوفيق لاكماله.

٣٤٧

واشكالها المتعددة.

قال تعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) (١) وفي هذه الآية الكريمة اشارة واضحة الى نوع المجادلة التي يأمر بها الله تعالى عباده المؤمنين من خلال رسوله الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهي المجادلة بالتي هي احسن.

وورد في التفسير المنسوب الى الإِمام العسكرى عليه السلام ـ بعد كلام مبسوط بشأن المناظرة وعدم النهي عنها مطلقاً ، بل النهي عن الجدال بغير التي هي احسن ـ : وامّا الجدال بغير التي هي احسن فان تجحد حقاً لا يمكنك ان تفرّق بينه وبين باطل من تجادله ، وانّما تدفعه عن باطله بان تجحد الحق ، فهذا هو المحرّم لأنّك مثله ، جحد هو حقّاً ، وجحدت انت حقاً آخر (٢).

وتُؤكّد الآيات الشريفة على المنع من الجدال بعد تبيّن الحق للعناد والاستعلاء ، والآيات الناهية عن هذا النوع من الجدال كثيرة ، نذكر منها :

١ ـ (ها انتم هؤلاء حاججتم في مالكم به علم فلم تحاجّون في ماليس لكم به علم) (٣).

٢ ـ (يجادلونك في الحقّ بعدما تبيّن) (٤).

٣ ـ (ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحقّ) (٥).

٤ ـ (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتّبع كلّ شيطان مريد) (٦).

__________________

(١) النحل : ١٢٥.

(٢) التفسير المنسوب الى الامام العسكري عليه السلام ، مدرسة الامام المهدي ، قم ، ١٤٠٩ ، ص ٥٢٩.

(٣) آل عمران : ٦٦.

(٤) الانفال : ٦.

(٥) الكهف : ٥٦.

(٦) الحج : ٣.

٣٤٨

٥ ـ (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) (٧).

٦ ـ (وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقّ) (٨).

٧ ـ (ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قوم خصمون) (٩).

والآيات الكريمة تطلب من الكفار البرهان والدليل :

٨ ـ (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) (١٠).

ولكن ينهي عن المجادلة مع الظالمين وللغلبة على الخصم لا لاحقاق الحقّ :

١ ـ (ولا تجادلوا اهل الكتاب الاّ بالتي هي احسن الاّ الذين ظلموا منهم) (١١).

٢ ـ (وان جادلوك فقل الله اعلم بما تعملون) (١٢).

بل قد ذمّ كتاب الاستعلاء والخصومة المودعتين في جبلّة الانسان :

(وكان الانسان اكثر شيء جدلاً) (١٣).

قال الشيخ المفيد في كتاب تصحيح الاعتقاد : الجدال على ضربين : احدهما بالحق ، والاخر بالباطل ، فالحقَّ منه مأمور به ومرغبّ فيه ، والباطل منه منهي عنه ومزجور من استعماله ثم اورد جملة من الآيات الكريمة :

منها قوله تعالى لنبيّه : (وجادلهم بالتي هي احسن) (١٤).

__________________

(٧) الحج : ٨.

(٨) المؤمن : ٥.

(٩) الزخرف : ٥٨.

(١٠) النمل : ٦٤.

(١١) العنكبوت : ٤٦.

(١٢) الحج : ٦٨.

(١٣) الكهف : ٥٤.

(١٤) النحل : ١٢٥.

٣٤٩

قال : فامر بجدال المخالفين وهو الحجاج لهم اذ كان جدال النبي حقاً.

ومنها قوله تعالى لكافة المسلمين : (ولا تجادلوا أهل الكتاب الاّ بالتي هي احسن) (١٥) فاطلق لهم جدال اهل الكتاب بالحسن ونهاهم عن جدالهم بالقبيح.

ومنها حكايته لقول اصحاب نوح عليه السلام بالاشارة الى مجادلته عليه السلام لهم ، حيث قال تعالى سبحانه (قالوا يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا) (١٦).

فلو كان الجدال كلّه باطلاً لما أمر الله تعالى نبيه به ، ولا استعمله الانبياء من قبله ، ولا اذن للمسلمين فيه.

واما الجدال بالباطل فقد بينه الله تبارك وتعالى في مواضع من كتابه منها :

(الم تر الى الذين يجادلون في آيات الله انّى يصرفون) (١٧).

فذمّ المجادلين في آيات الله لدفعها او قدحها وايقاع الشبهة في حقّها ، وهذا النوع من المجادلة هو المنهي عنه في الشريعة الاسلامية.

كما ان القرآن الكريم ـ اورد عند ذكره للانبياء والرسل السابقين عليهم السلام ـ اشكالاً مختلفة من المحجات والمناظرات التي دارت بين اولئك الانبياء عليهم السلام وبين اُممهم ، ومن ذلك قوله تعالى :

١ ـ (الم تر الى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه) (١٨).

٢ ـ وقال عز اسمه : (وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء) (١٩).

__________________

(١٥) العنكبوت : ٤٩.

(١٦) هود : ٣٢.

(١٧) المؤمن : ٦٩.

(١٨) البقرة : ٢٥٨.

(١٩) الانعام : ٨٣.

٣٥٠

٣ ـ وقال سبحانه آمراً نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم بمحاجّة مخالفيه : (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) (٢٠).

٤ ـ وقال تعالى بعد قوله : (كل الطعام كان حلاً لبني اسرائيل) ـ (فأتوا يالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين) (٢١).

٥ ـ وقال لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلّم : (فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا ...) (٢٢) الآية.

إذا عرفنا ذلك فلننظر إلى روايات العترة الطاهرة عليهم السلام لنرى ما موقفنا من مسألة المناظرة.

وقبل ذلك ينبغي الاشارة الى الفرق بين الكتاب والسنة في هذه المسألة ، وهو انّ الآيات الشريفة تنظر غالباً الى مناظرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مع الكفّار في التوحيد والنبوة ، بخلاف الروايات فانّها ناظرة الى المناظرة مع المخالفين في مسألة الإمامة في الاكثر وان تتضمن احياناً ابحاثاً حول صفات الله وسائر البحوث الكلامية.

وعلى أيّة حال فنحن في مواجهة طائفتين من الروايات : طائفة تأمر المسلمين بالذبّ عن دين الله باللسان ، وعلى جهود المدافعين عن حريم الولاية بنحو عام او مع ذكر اسمائهم ، وطائفة اخرى : تنهي عن المناظرة.

ومن الطائفة الاولى نذكر روايتين كنموذج لها :

الـرواية الاولى : ما عن امالي المفيد بسنده عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال : «من اعاننا بلسانه على عدوّنا انطقه الله بحجّته يوم موقفه بين يديه عزّ وجلّ (٢٣).

__________________

(٢٠) الانعام : ١٤٨.

(٢١) آل عمران : ١٩٣.

(٢٢) آل عمران : ٦١.

(٢٣) امالي المفيد ، تصحيح حسين استاد ولي وعلي اكبر غفاري ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم ، ١٤٠٣ ، ص ٣٣ ح ٧.

٣٥١

الرواية الثانية : عن أبي جعفر الاحول ـ المعروف باسم مؤمن الطاق ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما فعل ابن الطيّار».

فقلت : توفّي ، فقال : «رحمه الله ، ادخل الله عليه الرحمة والنضرة ، فانّه كان يخاصم عنّا اهل البيت» (٢٤).

وهنـاك رواية اخـرى تشـابهها عن هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام اوردها المفيد في تصحيح الاعتقاد (٢٥).

ومن جانب اخر كان للنبي والائمة المعصومين مناظرات كثيرة مع مخالفيهم جمعها الشيخ الطبرسي في كتابه القيّم «الاحتجاج» ، وقد ناظر اصحاب الائمة بحضرتهم ، بل يأمرهم ، فقد كان أبو عبد الله عليه السلام يقول لعبد الرحمن بن الحجّاج : «يا عبد الرحمن كلّم اهل المدينة ، فانّي احبّ ان يُرى في رجال الشيعة مثلك» (٢٦).

وكان أبو الحسن الكاظم عليه السلام يأمر محمد بن حكيم ان يجالس اهل المدينة في مسجد رسول الله وان يكلّمهم ويخاصمهم ، حتى كلّمهم في صاحب القبر ، فكان اذا انصرف اليه ، قال له : «ما قلت لهم؟ وما قالوا لك؟» ويرضى بذلك منه (٢٧).

وروى الكليني في الكافي بسنده عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من اجلّة اصحابه في الكلام ، منهم : حمران بن اعين ، ومحمد بن النعمان ، وهشام بن سالم ، والطيار وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «يا هشام! الا تخبرني كيف صنعت بعمرو

__________________

(٢٤) اختيار معرفة الرجال ، تصحيح حسن مصطفوي ، كلية الالهيات والمعارف ، جامعة مشهد ، ١٣٤٨ هـ ش ، برقم ٦٥٢.

(٢٥) تصحيح الاعتقاد ٢٧ ، رجال الكشي برقم ٦٥١.

(٢٦) رجال الكشي برقم ٨٣٠.

(٢٧) رجال الكشي برقم ٨٤٤.

٣٥٢

ابن عبيد وكيف سألته؟».

فقال هشام يا ابن رسول الله : انّي اجلّك واستحييك ولا يعمل لساني بين يديك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «اذا امرتكم بشيء فافعلوا».

فاخذ هشام يحدث عن مناظرته مع عمرو بن عبيد في مسجد البصرة وافحامه ايّاه.

وبعد نقل المناظرة ضحك أبو عبد الله عليه السلام : وقال : «يا هشام ، من علّمك هذا؟».

قال : شيء اخذته منك وألفته.

فقال : «هذا والله مكتوب في صحف ابراهيم وموسى» (٢٨).

ومع هذا كله فقد تخيل المخالفون انّ المناظرة كانت ممنوعة في مكتب اهل البيت وانّ ما يفعله الشيعة يخالف امر ائمتهم.

قال السيد المرتضى في الفصول المختارة : قلت للشيخ أبي عبدالله [المفيد] ادام الله عزّه : إنّ المعتزلة والحشوية يزعمون انّ الذي نستعمله من المناظرة شيء يخالف اصول الإمامية ويخرج عن اجماعهم ، لانّ القوم لا يرون المناظرة ديناً وينهون عنها ، ويروون عن ائمتهم تبديع فاعلها وذمّ مستعملها ، فهل معك رواية عن اهل البيت عليهم السلام في صحّتها ، ام تعتمد على حجج العقو ولا نلتفت الى من خالفها وان كان عليه اجماع العصابة؟

فقال : اخطأت المعتزلة والحشوية في ما ادّعوه علينا من خلاف جماعة اهل مذهبنا في استعمال المناظرة ، واخطأ من ادّعى ذلك من الإمامية ايضاً وتجاهل ، لانّ فقهاء الإمامية ورؤسائهم في علم الدين كانوا يستعملون المناظرة

__________________

(٢٨) الكافي ، للكليني ، تصحيح علي اكبر الغفاري ، دار الكتب الاسلامية ، طهران ، ١٣٧٥ هـ ش ، ج ١ / ١٦٩ ج ٣.

٣٥٣

ويدينون بصحّتها وتلّقي ذلك عنهم الخلف ودانوا به ، وقد اشبعت القول في هذا الباب وذكرت اسماء المعروفين بالنظر وكتبهم ومدائح الأئمة لهم في كتابي الكامل في علوم الدين وكتاب الاركان في دعائم الدين وانا اروي لك في هذا الوقت حديثاً من جملة ما اوردت في ذلك ان شاء الله.

اخبرني أبو الحسن احمد ن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمان ـ مولى آل يقطين ـ عن أبي جعفر محمد بن النعمان ، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمدعليه السلام قال : قال لي :

«خاصموهم وبيّنوا لهم الهدى الذي انتم عليه ، وبيّنوا لهم ضلالهم وباهلوهم في علي عليه السلام» (٢٩).

ولعل المقصود من ذكر السند هنا انّ الاكابر من علماء الشيعة يروون صحّة المناظرة كابن الوليد وسعد بن عبد الله واحمد بن محمد بن عيسى ويونس بن عبد الرحمان ، ومعه كيف يتخيّل انّ علماء الإمامية يخالفون المناظرة وينكرونها.

وقد نقل المفيد ما سأله يحيى بن خالد البرمكي بحضرة الرشيد هشام بن الحكم رحمه الله ، وهذه المناظرة مفيدة من جهة التعرُّف على منهج المناظرة ومن جهة المدح الذي قاله الصادق عليه السلام بشأن هشام ، فلنقرأ المناظرة من الفصول المختارة :

قال يحيى لهشام : اخبرني يا هشام عن الحقّ هل يكون في جهتين مختلفتين؟

قال هشام : لا.

قال : فخبّرني عن نفسين اختصما في حكم في الدين وتنازعا واختلفا هل

__________________

(٢٩) الفصول المختارة ، دار الاضواء ، بيروت ، ١٤٠٥ «من طبعة النجف» ، ص ٢٨٤.

٣٥٤

يخلوان من ان يكونا محقّين او مبطلين او يكون احدهما مبطلاً والآخر محقاً؟

فقال هشام : لا يخلوان من ذلك ، وليس يجوز ان يكونا محقّين على ما قدّمت من الجواب.

قال له يحيى بن خالد : فخبّرني عن عليٍّ عليه السلام والعبّاس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث ، أيهما كان المحقّ من المبطل اذ كنت لا تقول انّهما كانا محقّين ولا مبطلين؟

قال هشام : فنظرت فاذا أنني ان قلت بانّ علياً عليه السلام كان مبطلاً كفرت وخرجت عن مذهبي ، وان قلت : إنّ العباس كان مبطلاً. ضرب الرشيد عنقي ووردت عليّ مسألة لم اكن سألت عنها قبل ذلك ولا اعددت لها جواباً ، فذكرت قول أبي عبد الله عليه السلام وهو يقول لي : «يا هشام لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك» فعلمت أنّي لا اخذل وعنّ لي الجواب في الحال ، فقلت له : لم يكن من احدهما خطأ وكانا جميعاً محقّين ، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصّة داود عليه السلام حيث يقول الله جلّ اسمه : (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب ـ إلى قوله : ـ خصمان بغى بعضنا على بعض) (٣٠) فأيّ الملكين كان مخطئاً وايهما كان مصيباً؟ ام تقول إنّهما كانا مخطئين؟ فجوابك في ذلك جوابي بعينه.

فقال يحيى : لست أقول : إنّ الملكين اخطئا ، بل اقول إنّهما أصابا ، وذلك أنّهما لم يختصما في الحقيقة ولا اختلفا في الحكم ، وانّما اظهرا ذلك لينبّها داودعليه السلام على الخطيئة ويعرِّفاه الحكم ويوقفاه عليه.

فقال : فقلت له : كذلك عليّ عليه السلام والعباس لم يختلفا في الحكم ولا اختصما في الحقيقة ، وانّما أظهرا الاختلاف والخصومة لينبها أبا بكر على غلطه ويقفاه على خطأه ويدلاّه على ظلمه لهما في الميراث ، ولم يكونا في ريب

__________________

(٣٠) سورة ص ٣٨ : ٢١ و ٢٢.

٣٥٥

من امرهما ، وانّما كان ذلك منهما على حد ما كان الملكين.

فلم يحر جواباً واستحسن ذلك الرشيد (٣١).

اذا عرفت هذا فلنتأمل في كتاب تصحيح الاعتقاد ونرى كلام المفيد حول المناظرة ، فنقول : إنّه بعدما اورد الآيات الامرة بالجدال بالتي هي احسن ، والآيات الاخرى الناهية عن الجدال بغير التي هي احسن ، استدلّ بدليلين على صحّة المناظرة :

الاول : مازال الائمة عليهم السلام يناظرون في دين الله سبحانه ويحتجّون على اعداء الله تعالى.

الثاني : كان شيوخ اصحابهم ـ في كل عصر يستعملون النظر ويعتمدون الحجاج ـ وكان الأئمة يحمدونهم على ذلك ويثنون عليهم.

ثم اورد عدّة روايات لمدح الائمة للمتكلمين المناظرين.

منها ما ذكره الكليني في كتاب الكافي ـ وهو من اجلّ كتب الشيعة واكثرها فائدة ـ من حديث يونس بن يعقوب مع أبي عبد الله عليه السلام : «وددت انّك يا يونس تحسن الكلام».

فقال له يونس : جعلت فداك ، سمعتك تنهى عن الكلام. وقد اجاب الإمام عن سؤاله بما سنذكره ان شاء الله ، ثم دعا حمران بن اعين ومحمد بن الطيّار وهشام بن سالم وقيس الماصر فتكلّموا بحضرته وتكلّم هشام بعدهم فاثنى عليه ومدحه وقال له : مثلك من يكلّم الناس» (٣٢)؟!

ثم روى المفيد عدّة احاديث نذكر جملة منها :

١ ـ قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام لمحمد بن حكيم : «كلّم الناس وبين لهم الحقّ الذي انت عليه ، وبيّن لهم الضلالة التي هم

__________________

(٣١) الفصول المختارة : ٢٦.

(٣٢) الكافي ١ : ١٧١ ح ٤ ، تصحيح الاعتقاد : ٢٧.

٣٥٦

عليها» (٣٣).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه السلام لبعض اصحابنا : «حاجّوا النّاس بكلامي فإنْ حجّوكم فأنا المحجوج» (٣٤).

٣ ـ وقال لهشام بن الحكم وقد سأله عن اسماء الله تعالى واشتقاقها فاجابه عن ذلك ثم قال له بعد الجواب : «افهمت ياهشام فهماً تدفع به اعداءنا الملحدين في دين الله وتبطل شبهاتهم»؟

فقال هشام : «نعم».

فقال له : «وفّقك الله» (٣٥).

ومن الطريف انّ بعض المتكلمين من اصحاب الصادق عليه السلام نقلوا ما جرى لهم من المناظرة للصادق عليه السلام فارشدهم الى النهج الصواب ، فقد روى الكشي عن اسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال لمؤمن الطاق : «بما تخاصم الناس»؟

قال فاخبره بما يخاصم الناس ، ولم احفظ منه ذلك.

فقال أبو عبدالله عليه السلام : «خاصمهم بكذا وكذا» (٣٦).

ومن طريف ما يرى في اصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام ايضاً : المناظرات التخصصيّة ، فقد حكى لنا عن ذلك الكشي في رجاله حيث اورد الرواية التالية :

عن يونس بن يعقوب ، عن هشام بن سالم قال : كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام ـ جماعة من اصحابه ـ فورد رجل من اهل الشام فاستأذن فأذن له ، فلمّا دخل سلّم فامره أبو عبدالله عليه السلام بالجلوس ، ثم قال له : «حاجتك ايها

__________________

(٣٣) تصحيح الاعتقاد : ٢٧.

(٣٤) تصحيح الاعتقاد : ٢٧.

(٣٥) تصحيح الاعتقاد : ٢٧ ومع تفاوت يسير في الكافي ١ / ٨٧ ح ٢.

(٣٦) رجال الكشي رقم ٣٢٨.

٣٥٧

الرجل»؟

قال : بلغني انّك عالم بكلّ ما تسأل عنه ، فصرت اليك لا ناظرك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «في ماذا»؟

قال : في القرآن وقطعه واسكانه وخفضه ونصبه ورفعه.

فقال : أبو عبد الله عليه السلام : «يا حمران دونك الرجل».

فقال الرجل : انّما اريدك انت لا حمران.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «ان غلبت حمران فقد غلبتني».

فاقبل الشامي يسأل حمران حتى غرض (٣٧) وحمران يجيبه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «كيف رأيت يا شامي»؟

قال : رأيته حاذقاً ، ما سألته عن شيء الاّ اجابني فيه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «يا حمران سل الشامي» فما تركه يكشر (٣٨).

فقال الشامي : اريد يا أباعبد الله اناظرك في العربية.

فالتفت أبو عبدالله عليه السلام فقال : «يا أبان بن تغلب ناظره».

فناظره فما ترك الشامي يكشر.

فقال : اريد ان اناظرك في الفقه!

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «يا زرارة ناظره».

فناظره فما ترك الشامي يكشر.

قال : اريد ان اناظرك في الكلام.

قال : «يا مؤمن الطاق ناظره».

فناظره فسجل (٣٩) الكلام بينهما ، ثم تكلّم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به.

__________________

(٣٧) غرض منه : أي ضجر وملّ.

(٣٨) يكشر : أي يهرب.

(٣٩) السجل والتسجيل : الرمي والتقرير والجريان.

٣٥٨

فقال : اريد ان اناظرك في الاستطاعة.

فقال للطيّار : «كلّمه فيها!».

قال : فكلّمه فما تركه يكشر.

ثم قال : اريد اكلّمك في التوحيد.

فقال لهشام بن سالم : «كلّمه» ، فسجل الكلام بينهما ، ثم خصمه هشام.

فقال : اريد ان اتكلّم في الإمامة.

فقال لهشام بن الحكم : «كلّمه يا أبا الحكم».

فكلّمه فما تركه يرتم (٤٠) ولا يحلي ولا يمري.

قال فبقي يضحك أبو عبدالله عليه السلام حتى بدت نواجذه.

فقال الشامي : كانّك اردت ان تخبرني انّ شيعتك مثل هؤلاء الرجال.

قال : «هو ذاك».

ثم قال : «يا اخا اهل الشام ، اما حمران : فحرّفك فحرت له ، فغلبك بلسانه وسألك عن حرف من الحق فلم تعرفه.

وامّا أبان بن تغلب : فمغث (٤١) حقاً بباطل فغلبك.

وأما الطيّار (٤٢) ، فكان كالطير يقع ويقوم وانت كالطير المقصوص لا نهوض لك.

__________________

(٤٠) رتم يرتم أي : تكلّم وفي بعض النسخ يريم بفتح حرف المضارعة من الريم.

قال في المغرب : رام مكانه يريمه : زال منه وفارقه.

وفي القاموس : ما رمت المكان ما برحت منه ، ومنه ريم به اذا قطع.

(٤١) مغث : أي خلط.

(٤٢) لم يحدّث الإمام عليه السلام في تقييمه عن مؤمن الطاق فلا يبعد وقوع سقط في الخبر ولعلّ التشبيه بالطير كان له فانّه سجل الكلام بينه وبين الشامي لا الطيار الّذي ما تركه يكشر ، كما في متن الحديث ، وان كانت المناسبة بين لفظ الطيّار والطير ربّما تؤيد كون التشبيه للطيّار لكنّ الانسب رعاية متن الخبر.

٣٥٩

واما هشام بن سالم : فاحسن ان يقع ويطير.

وامّا هشام بن الحكم : فتكلّم بالحقّ فما سوّغك بريقك.

يا اخا اهل الشام إنّ الله اخذ ضغثاً من الحقّ وضغثاً من الباطل فمغثهما ثم اخرجهما الى الناس ، ثم بعث الانبياء يفرقون بينهما ، ففرّقها الانبياء والاوصياء ، وبعث الله الانبياء ليعرفوا ذلك ، وجعل الانبياء قبل الاوصياء ليعلم الناس من يفضّل الله ومن يختصّ ، ولو كان الحقّ على حدة والباطل على حدة ، كل واحد منهما قائم بشأنه ، ما احتاج الناس الى نبي ولا وصيّ ، ولكنّ الله خلطهما وجعل تفريقهما الى الانبياء والأئمة من عباده».

فقال الشامي : قد افلح من جالسك.

فقال أبو عبد الله عليه السلام : «انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم كان يجالسه جبرائيل وميكائيل واسرافيل يصعد الى السماء فيأتيه بالخبر من عند الجبّار ، فان كان ذلك كذلك فهو كذلك».

فقال الشامي : اجعلني من شيعتك وعلّمني.

فقال أبو عبدالله عليه السلام : «يا هشام (٤٣) علّمه فانّي احبّ ان يكون تلماذاً لك».

قال علي بن منصور وأبو مالك الحضري : رأينا الشامي عند هشام بعد موت أبي عبد الله عليه السلام ، ويأتي الشاميّ بهدايا اهل الشام وهشام يزوّده هدايا اهل العراق.

قال علي بن منصور : وكان الشاميّ ذكيّ القلب (٤٤).

وتترتب على هذه الرواية جملة من الملاحظات الهامة يمكن تثبيتها بما يلي :

__________________

(٤٣) المراد هو هشام بن الحكم.

(٤٤) رجال الكشي رقم ٤٩٤ ، وفي نسختنا : يرده ، واثبتنا ما في طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم.

٣٦٠