منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام - ج ٢

لطف الله الصافي الگلپايگاني

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام - ج ٢

المؤلف:

لطف الله الصافي الگلپايگاني


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتب المؤلّف دام ظلّه
المطبعة: سلمان الفارسي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧

قال سعد : فصدرت عنه مزورّا ، قد انتفخت أحشائي من الغضب ، وتقطّع كبدي من الكرب ، وكنت قد اتّخذت طومارا (١) ، وأثبتّ فيه نيّفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمّد عليه‌السلام ، فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسرّمن رأى فلحقته في بعض المنازل ، فلمّا تصافحنا قال : بخير لحاقك بي ، قلت : الشوق ثمّ العادة في الأسئلة ، قال : قد تكافينا على هذه الخطّة الواحدة ، فقد برّح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمّد عليه‌السلام وأنا اريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ، ومشاكل في التنزيل ، فدونكها الصحبة المباركة فإنّها تقف بك على ضفّة بحر لا تنقضي عجائبه ، ولا تفنى غرائبه ، وهو إمامنا.

فوردنا سرّ من رأى ، فانتهينا منها إلى باب سيّدنا ، فاستأذنّا فخرج علينا الإذن بالدخول عليه ، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساء طبري فيه مائة وستّون صرّة من الدنانير والدراهم ، على كلّ صرّة منها ختم صاحبها ، قال سعد : فما شبّهت وجه مولانا أبي محمّد عليه‌السلام حين غشينا نور وجهه إلّا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر ، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرتين كأنّه ألف بين واوين ، وبين يدي مولانا رمّانة ذهبيّة تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها ، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة ، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه ، فكان مولانا يدحرج الرمّانة بين يديه ويشغله بردّها كيلا يصدّه عن كتابة ما أراد ، فسلّمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ

__________________

(١) الطومار : الصحيفة.

٤٢١

إلينا بالجلوس ، فلمّا فرغ من كتبة البياض الّذي كان بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طيّ كسائه فوضعه بين يديه ، فنظر الهادي عليه‌السلام إلى الغلام وقال له : يا بنيّ! فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك ، فقال : يا مولاي! أيجوز أن أمدّ يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة ، قد شيب أحلّها بأحرمها؟ فقال مولاي : يا ابن إسحاق! استخرج ما في الجراب ليميّز ما بين الحلال والحرام منها ، فأوّل صرّة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام : هذه لفلان بن فلان ، من محلة كذا بقمّ ، يشتمل على اثنين وستّين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثا له عن أبيه خمسة وأربعون دينارا ، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا ، وفيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير ، فقال مولانا : صدقت يا بنيّ! دلّ الرجل على الحرام منها. فقال عليه‌السلام : فتّش عن دينار رازي السكّة ، تاريخه سنة كذا ، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه ، وقراضة آمليّة وزنها ربع دينار ، والعلّة في تحريمها أنّ صاحب هذه الصرّة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منّا وربع منّ فأتت على ذلك مدّة وفي انتهائها قيّض لذلك الغزل سارق ، فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه واستردّ منه بدل ذلك منّا ونصف منّ غزلا أدقّ ممّا كان دفعه إليه واتّخذ من ذلك ثوبا ، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه ، فلمّا فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة.

ثمّ أخرج صرّة اخرى ، فقال الغلام : هذه لفلان بن فلان ، من محلّة كذا بقم ، تشتمل على خمسين دينارا لا يحلّ لنا لمسها ، قال : وكيف ذاك؟ قال : لأنّها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكّاره في المقاسمة ، وذلك أنّه

٤٢٢

قبض حصّته منها بكيل واف وكان [كال] ما خصّ الأكّار بكيل بخس ، فقال مولانا : صدقت يا بنيّ! ثمّ قال : يا أحمد بن إسحاق ، احملها بأجمعها لتردّها أو توصي بردّها على أربابها ، فلا حاجة لنا في شيء منها ، وائتنا بثوب العجوز ، قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته.

فلمّا انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إليّ مولانا أبو محمّد عليه‌السلام فقال : ما جاء بك يا سعد؟ فقلت : شوّقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا ، قال : والمسائل الّتي أردت أن تسأله عنها؟ قلت : على حالها يا مولاي! قال : فسل قرّة عيني ـ وأومأ إلى الغلام ـ فقال لي الغلام : سل عمّا بدا لك منها ، فقلت له : مولانا وابن مولانا إنّا روينا عنكم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه‌السلام حتّى أرسل يوم الجمل إلى عائشة : إنّك قد أرهجت على الإسلام وأهله بفتنتك ، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك ، فإن كففت عنّي غربك وإلّا طلّقتك ، ونساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد كان طلاقهنّ وفاته. قال : ما الطلاق؟ قلت : تخلية السبيل ، قال : فإذا كان طلاقهنّ وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد خلّيت لهنّ السبيل فلم لا يحلّ لهنّ الأزواج؟ قلت : لأنّ الله تبارك وتعالى حرّم الأزواج عليهنّ ، قال : كيف وقد خلّى الموت سبيلهنّ؟ قلت : فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الّذي فوّض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكمه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : إنّ الله تقدّس اسمه عظّم شأن نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخصّهنّ بشرف الامّهات ، فقال رسول الله : يا أبا الحسن! إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دمن لله على الطاعة ، فأيّتهنّ عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين.

٤٢٣

قلت : فأخبرني عن الفاحشة المبيّنة الّتي إذا أتت المرأة بها في عدّتها حلّ للزوج أن يخرجها من بيته؟ قال : الفاحشة المبيّنة هي السحق دون الزنا ، فإنّ المرأة إذا زنت واقيم عليها الحدّ ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوّج بها لأجل الحدّ ، وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرّجم خزي ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه ، ومن أخزاه فقد أبعده ، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه.

قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى عليه‌السلام (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة ، فقال عليه‌السلام : من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوّته ؛ لأنّه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين : إمّا أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة ، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة ، وإن كانت مقدّسة مطهّرة فليس بأقدس وأطهر من الصلاة ، وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنّه لم يعرف الحلال من الحرام ، وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز ، وهذا كفر.

قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما ، قال : إنّ موسى ناجى ربّه بالواد المقدّس فقال : يا ربّ إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي ، وغسلت قلبي عمّن سواك ـ وكان شديد الحبّ لأهله ـ فقال الله تعالى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا.

قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل «كهيعص» ، قال : هذه الحروف من أنباء الغيب ، أطلع الله عليها عبده زكريّا ، ثمّ قصّها على محمّد

٤٢٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك أنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إيّاها ، فكان زكريّا إذا ذكر محمّدا وعليّا وفاطمة والحسن [والحسين] سري عنه همّه ، وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة ، ووقعت عليه البهرة ، فقال ذات يوم : يا إلهي! ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تعالى عن قصّته ، وقال : «كهيعص» «فالكاف» اسم كربلاء ، و «الهاء» هلاك العترة ، و «الياء» يزيد ، وهو ظالم الحسين عليه‌السلام ، و «العين» عطشه ، و «الصاد» صبره ، فلمّا سمع ذلك زكريّا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام ، ومنع فيها النّاس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب ، وكانت ندبته : إلهي أتفجّع خير خلقك بولده؟ إلهي أتنزل بلوى هذه الرزيّة بفنائه؟ إلهي أتلبس عليّا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟! ثمّ كان يقول : اللهمّ ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر ، واجعله وارثا وصيّا ، واجعل محلّه منّي محلّ الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ، ثمّ فجّعني به كما تفجّع محمّدا حبيبك بولده ؛ فرزقه الله يحيى وفجّعه به. وكان حمل يحيى ستّة أشهر ، وحمل الحسين عليه‌السلام كذلك ، وله قصّة طويلة.

قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم ، قال : مصلح أو مفسد؟ قلت : مصلح ، قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت : بلى ، قال : فهي العلّة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك ، أخبرني عن الرسل الّذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيّدهم بالوحي والعصمة ، إذ هم أعلام الامم وأهدى إلى الاختيار منهم ؛ مثل

٤٢٥

موسى وعيسى عليهما‌السلام ، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا همّا بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنّان أنّه مؤمن؟ قلت : لا ، فقال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله تعالى : «وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا ـ إلى قوله ـ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ» فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد ، علمنا أن لا اختيار إلّا لمن يعلم ما تخفي الصدور ، وما تكنّ الضمائر وتتصرّف عليه السرائر ، وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل الصلاح.

ثمّ قال مولانا : يا سعد! وحين ادّعى خصمك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أخرج مع نفسه مختار هذه الامّة إلى الغار إلّا علما منه أنّ الخلافة له من بعده ، وأنّه هو المقلّد امور التأويل ، والملقى إليه أزمّة الامّة ، وعليه المعوّل في لمّ الشعث ، وسدّ الخلل ، وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته ، إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه ، وإنّما أبات عليّا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إيّاه ، وعلمه أنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها! فهلا نقضت عليه دعواه بقولك : أليس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة» ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الّذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ،

٤٢٦

فكان لا يجد بدّا من قوله لك : بلى ، قلت : فكيف تقول حينئذ؟ أليس كما علم رسول الله أنّ الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنّها من بعد أبي بكر لعمر ، ومن بعد عمر لعثمان ، ومن بعد عثمان لعليّ؟ فكان أيضا لا يجد بدّا من قوله لك : نعم ، ثمّ كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يخرجهم جميعا [على الترتيب] إلى الغار ، ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ، ولا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم.

ولمّا قال : أخبرني عن الصدّيق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ لم لم تقل له : بل أسلما طمعا ، وذلك بأنّهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عمّا كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن عواقب أمره ، فكانت اليهود تذكر أنّ محمّدا يسلّط على العرب كما كان بخت نصّر سلّط على بني إسرائيل ، ولا بدّ له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصّر ببني إسرائيل غير أنّه كاذب في دعواه أنّه نبيّ ، فأتيا محمّدا فساعداه على شهادة أن لا إله إلّا الله وبايعاه طمعا في أن ينال كلّ واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت اموره واستتبّت أحواله ، فلمّا أيسا من ذلك تلثّما وصعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه ، فدفع الله تعالى كيدهم وردّهم بغيظهم لم ينالوا خيرا ، كما أتى طلحة والزبير عليّا عليه‌السلام فبايعاه وطمع كلّ واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد ، فلمّا أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه فصرع الله كلّ واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين.

قال سعد : ثمّ قام مولانا الحسن بن عليّ الهادي عليه‌السلام للصلاة مع

٤٢٧

الغلام ، فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق ، فاستقبلني باكيا ، فقلت : ما أبطأك وأبكاك؟ قال : قد فقدت الثوب الّذي سألني مولاي إحضاره ، قلت : لا عليك فأخبره ، فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسّما وهو يصلّي على محمّد وآل محمّد ، فقلت : ما الخبر؟ قال : وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلّي عليه.

قال سعد : فحمدنا الله تعالى على ذلك ، وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أيّاما ، فلا نرى الغلام بين يديه ، فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا ، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال : يا ابن رسول الله! قد دنت الرحلة ، واشتدّت المحنة ، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلّي على المصطفى جدّك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيّدة النساء امّك وعلى سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك وأبيك وعلى الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلّي عليك وعلى ولدك ، ونرغب إلى الله أن يعلي كعبك ، ويكبت عدوّك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال : فلمّا قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتّى استهلّت دموعه ، وتقاطرت عبراته ، ثمّ قال : يا ابن إسحاق! لا تكلّف في دعائك شططا ، فإنّك ملاق الله تعالى في صدرك هذا ، فخرّ أحمد مغشيّا عليه ، فلمّا أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة جدّك إلّا شرّفتني بخرقة أجعلها كفنا ، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما ، فقال : خذها ولا تنفق على نفسك غيرها ، فإنّك لن تعدم ما سألت ، وإنّ الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملا.

قال سعد : فلمّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حمّ أحمد بن إسحاق ، وثارت به علّة صعبة أيس من

٤٢٨

حياته فيها ، فلمّا وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها ، ثمّ قال : تفرّقوا عنّي هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه ورجع كلّ واحد منّا إلى مرقده.

قال سعد : فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم ، خادم مولانا أبي محمّد عليه‌السلام وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاكم ، وجبر بالمحبوب رزيّتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه ، فقوموا لدفنه فإنّه من أكرمكم محلا عند سيّدكم ، ثمّ غاب عن أعيننا ، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتّى قضينا حقّه ، وفرغنا من أمره ، رحمه‌الله.

٨١٠ ـ (٣) ـ غيبة الفضل بن شاذان : حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري ، قال : لمّا همّ الوالي عمرو بن عوف بقتلي وهو رجل شديد النصب ، وكان مولعا بقتل الشيعة ، فاخبرت بذلك ، وغلب عليّ خوف عظيم ، فودّعت أهلي وأحبّائي وتوجّهت إلى دار أبي محمّد عليه‌السلام لاودّعه وكنت أردت الهرب ، فلمّا دخلت عليه رأيت غلاما جالسا في جنبه وكان وجهه مضيئا كالقمر ليلة البدر ، فتحيّرت من نوره وضيائه ، وكاد أن ينسيني ما كنت فيه من الخوف والهرب ، فقال : يا إبراهيم! لا تهرب فإنّ الله تبارك وتعالى سيكفيك شرّه ، فازداد بحيرتي ، فقلت لأبي محمّد عليه‌السلام : يا سيّدي! جعلني الله فداك ، من هو فقد أخبرني عمّا كان في ضميري؟ فقال : هو ابني وخليفتي من بعدي ، وهو الّذي يغيب غيبة طويلة ، ويظهر بعد امتلاء الأرض جورا وظلما فيملأها عدلا وقسطا ، فسألته عن اسمه ، قال : هو سميّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنيّه ، ولا يحلّ

__________________

(٣) ـ كفاية المهتدي (الأربعين) : ذيل ح ٣٢ ص ١٢٢ ؛ كشف الحقّ (الأربعين) : ص ٣٢ ح ٧.

٤٢٩

لأحد أن يسمّيه باسمه أو يكنّيه بكنيته إلى أن يظهر الله دولته وسلطنته ، فاكتم يا إبراهيم ما رأيت وسمعت منّا اليوم إلّا عن أهله ، فصلّيت عليهما وآبائهما وخرجت مستظهرا بفضل الله تعالى ، واثقا بما سمعته من الصاحب عليه‌السلام ، فبشّرني عمّي علي بن فارس بأنّ المعتمد قد أرسل أبا أحمد أخاه وأمره بقتل عمرو بن عوف ، فأخذه أبو أحمد في ذلك اليوم وقطّعه عضوا عضوا ، والحمد لله ربّ العالمين.

ويدلّ عليه أيضا من الأحاديث : ٧٨٧ ، ٧٨٨ ، ٧٩٣ ، ٧٩٧ ، ٨٠٢ ، ٨٠٤ ، ٨١٤.

٤٣٠

الفصل الثالث

في من رآه في أيّام والده عليهما‌السلام

وفيه ٢٠ حديثا

٨١١ ـ (١) ـ كمال الدين : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، حدّثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري ، قال : حدّثني معاوية بن حكيم ، ومحمّد بن أيّوب بن نوح ، ومحمّد بن عثمان العمري ـ رضي‌الله‌عنه ـ قالوا : عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي عليهما‌السلام ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلا ، فقال : هذا إمامكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا ، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا ، قالوا : فخرجنا من عنده ، فما مضت إلّا أيّام قلائل حتّى مضى أبو محمّد عليه‌السلام.

٨١٢ ـ (٢) ـ غيبة الشيخ : قال (يعني هبة الله بن محمّد الّذي روى عنه أحمد بن علي بن نوح أبي العبّاس السيرافي) : وقال جعفر بن محمّد بن مالك

__________________

(١) ـ كمال الدين : ج ٢ ص ٤٣٥ ب ٤٣ ح ٢ ؛ ينابيع المودّة : ص ٤٦٠ ب ٨٢ إلى قوله : «فخرجنا» ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٢٥ و ٢٦ ب ١٨ ح ١٩ وفيه : «عرض علينا أبو محمّد الحسن بن علي عليهما‌السلام ابنه» ؛ إعلام الورى : الركن الرابع ق ٢ ب ٢ ف ٣ ؛ تبصرة الولي : ص ٤٨ ـ ٤٩ ح ١٦.

(٢) ـ غيبة الشيخ : السفراء الممدوحون ص ٣٥٧ ح ٣١٩ ؛ البحار : ج ٥١ ص ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ب ١٦ ح ١ ؛ تبصرة الولي : ص ١٨٣ ـ ١٨٥ ح ٧٦ ؛ إثبات الهداة : ج ٣ ص ٤١٥ ـ ٤١٦ ب ٣١ ح ٥٦ صدره ، وذيله في ص ٥١١ ب ٣٢ ح ٣٣٧.

٤٣١

الفزاري البزّاز ، عن جماعة من الشيعة ، منهم : علي بن بلال ، وأحمد بن هلال ، ومحمّد بن معاوية بن حكيم ، والحسن بن أيّوب بن نوح (في خبر طويل مشهور) قالوا جميعا : اجتمعنا إلى أبي محمّد الحسن بن علي عليهما‌السلام نسأله عن الحجّة من بعده ، وفي مجلسه عليه‌السلام أربعون رجلا ، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري ، فقال له : يا ابن رسول الله! اريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به منّي ، فقال له : اجلس يا عثمان! فقام مغضبا ليخرج فقال : لا يخرجنّ أحد ، فلم يخرج منّا أحد ، إلى أن كان بعد ساعة ، فصاح عليه‌السلام بعثمان ، فقام على قدميه ، فقال : اخبركم بما جئتم؟ قالوا : نعم يا ابن رسول الله! قال : جئتم تسألوني عن الحجّة بعدي ، قالوا : نعم ، فإذا غلام كأنّه قطع قمر ، أشبه الناس بأبي محمّد عليه‌السلام ، فقال : هذا إمامكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم ؛ ألا وإنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتّى يتمّ له عمر ، فاقبلوا من عثمان ما يقوله ، وانتهوا إلى أمره ، واقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم والأمر إليه ... والحديث طويل.

٨١٣ ـ (٣) ـ كمال الدين : حدّثنا علي بن الحسن بن الفرج المؤذّن ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الكرخي ، قال : سمعت أبا هارون ـ رجلا من أصحابنا ـ يقول : رأيت صاحب الزمان ووجهه يضيء كأنّه القمر ليلة البدر ... الحديث.

٨١٤ ـ (٤) ـ كمال الدين : حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر

__________________

(٣) ـ كمال الدين : ج ٢ ص ٤٣٤ ب ٤٤ ح ١ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٢٥ ب ١٨ ح ١٨ ؛ اعلام الورى : الركن الرابع ق ٢ ب ١ ف ٣.

(٤) ـ كمال الدين : ج ٢ ص ٤٣٦ و ٤٣٧ ب ٤٤ ح ٥ ؛ ينابيع المودّة : ص ٤٦١ ب ٨٢ عن يعقوب نحوه ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٢٥ ب ١٨ ح ١٧ ؛ إعلام الورى : الركن الرابع ق ٢ ب ٢ ف ٢.

٤٣٢

العلوي السمرقندي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه محمّد بن مسعود العيّاشي ، قال : حدّثنا آدم بن محمّد البلخي ، قال : حدّثني علي بن الحسن [الحسين] بن هارون الدقّاق ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم بن الأشتر ، قال : حدّثنا يعقوب بن منقوش [منفوس] ، قال : دخلت على أبي محمّد الحسن بن علي عليهما‌السلام وهو جالس على دكّان في الدار ، وعن يمينه بيت وعليه ستر مسبل ، فقلت له : يا سيّدي! من صاحب هذا الأمر؟ فقال : ارفع الستر ، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي ، له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين ، أبيض الوجه ، درّيّ المقلتين ، شثن الكفّين ، معطوف الركبتين ، في خدّه الأيمن خال ، وفي رأسه ذؤابة ، فجلس على فخذ أبي محمّد عليه‌السلام ، ثمّ قال لي : هذا هو صاحبكم ، ثمّ وثب فقال له : يا بنيّ! ادخل إلى الوقت المعلوم ، فدخل البيت وأنا أنظر إليه ، ثمّ قال لي : يا يعقوب! انظر إلى من في البيت ، فدخلت فما رأيت أحدا.

٨١٥ ـ (٥) ـ الكافي : علي بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد الكوفي ، عن جعفر بن محمّد المكفوف ، عن عمرو الأهوازي ، قال : أراني أبو محمّد عليه‌السلام ابنه ، وقال : هذا صاحبكم من بعدي.

٨١٦ ـ (٦) ـ الكافي : علي بن محمّد ، عن الحسين ومحمد ابني علي بن

__________________

(٥) ـ الكافي : ج ١ ص ٣٢٨ ب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار عليه‌السلام ح ٣ ، وج ١ ص ٣٣٢ ب في تسمية من رآه عليه‌السلام ح ١٢ ؛ إعلام الورى : الركن الرابع ق ٢ ب ٢ ف ٣ ؛ الإرشاد : ص ٣٤٩ ؛ غيبة الشيخ : ص ٢٣٤ ح ٢٠٣ ؛ ينابيع المودّة : ص ٤٦١ ب ٨٢ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٦٠ ب ١٨ ح ٤٨ ؛ تبصرة الولي : ص ٥٠ ـ ٥١ ح ١٩ وص ٢٧٥ ح ١١١.

(٦) ـ الكافي : ج ١ ص ٣٢٩ ح ٦ باب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار عليه‌السلام ، ومختصرا ص ٣٣٢ ح ١٤ باب في تسمية من رآه عليه‌السلام ، وأطول من ذلك في باب مولد الصاحب عليه‌السلام ص ٥١٤ ـ ٥١٥ ح ٢ ؛ كمال الدين : ج ٢ ص ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ب ٤٤

٤٣٣

إبراهيم ، عن محمّد بن علي بن عبد الرحمن العبدي ـ من عبد قيس ـ ، عن ضوء بن علي العجلي ، عن رجل من أهل فارس سمّاه ، قال : أتيت سامراء ولزمت باب أبي محمّد عليه‌السلام ، فدعاني فدخلت عليه وسلّمت ، فقال : ما الّذي أقدمك؟ قال : قلت : رغبة في خدمتك ، قال : فقال لي : فالزم الباب ، قال : فكنت في الدار مع الخدم ، ثمّ صرت أشتري لهم الحوائج من السوق ، وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال ، قال : فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت ، فناداني : مكانك لا تبرح ، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج ، فخرجت عليّ جارية معها شيء مغطّى ، ثمّ ناداني : ادخل ، فدخلت ، ونادى الجارية فرجعت إليه ، فقال لها : اكشفي عمّا معك ، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه ، وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبّته إلى سرّته أخضر ليس بأسود ، فقال : هذا صاحبكم ، ثمّ أمرها فحملته ، فما رأيته بعد ذلك حتّى مضى أبو محمّد عليه‌السلام.

٨١٧ ـ (٧) ـ الكافي : علي بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن

__________________

ح ٤ ؛ غيبة الشيخ : ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ح ٢٠٢ ؛ ينابيع المودّة : مختصرا ص ٤٦١ ب ٨٢ ؛ تبصرة الولي : ص ٥١ ـ ٥٢ ح ٢٠ وص ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ح ١١٥ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٢٦ ـ ٢٧ ب ١٨ ح ٢١ ؛ تقريب المعارف : ص ١٨٤ ـ ١٨٥.

(٧) ـ الكافي : ب في تسمية من رآه عليه‌السلام ج ١ ص ٣٣٠ ح ٢ ، الإرشاد : ب ذكر من رأى الإمام ص ٣٥٠ إلّا أنّه قال : «رأيت ابن الحسن بن علي بن محمد عليهم‌السلام بين المسجدين وهو غلام» ؛ ينابيع المودّة : ص ٤٦١ ب ٨٢ ؛ غيبة الشيخ : ص ٢٦٨ ح ٢٣٠ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ١٣ ب ١٨ ح ٨ ؛ كشف الغمّة : ج ٢ ص ٤٤٩ ؛ إعلام الورى : الركن الرابع ق ٢ ب ١ ف ٢ ؛ تبصرة الولي : ص ٥٥ ح ٢٢ ؛ الصراط المستقيم : ج ٢ ص ٢٤٠ ب ١١ ف ٤.

أقول : لعلّ المراد بالمسجدين في الحديث مسجدا مكّة المكرمة والمدينة المنورة.

٤٣٤

موسى بن جعفر ، وكان أسنّ شيخ من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعراق ، فقال : رأيته بين المسجدين وهو غلام عليه‌السلام.

٨١٨ ـ (٨) ـ الكافي : محمّد بن يحيى ، عن الحسين بن رزق الله أبو عبد الله ، قال : حدّثني موسى بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر ، قال : حدّثتني حكيمة ابنة محمّد بن علي ـ وهي عمّة أبيه ـ أنّها رأته ليلة مولده وبعد ذلك.

٨١٩ ـ (٩) ـ الكافي : محمّد بن يحيى ، عن الحسن بن علي النيسابوري ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر ، عن أبي نصر ظريف الخادم أنّه رآه عليه‌السلام.

٨٢٠ ـ (١٠) ـ الكافي : علي بن محمّد عن فتح مولى الرازي [الزراري] قال : سمعت أبا علي بن مطهّر يذكر أنّه قد رآه ، ووصف له قدّه.

ويدلّ عليه الأحاديث ٧٨٦ ، ٧٨٧ ، ٧٨٨ ، ٧٩٦ ، ٧٩٧ ، ٨٠٢ ، ٨٠٤ ، ٨٠٨ ، ٨٠٩ ، ٨١٠.

__________________

(٨) ـ الكافي : ب تسمية من رآه عليه‌السلام ج ١ ص ٣٣٠ و ٣٣١ ح ٣ ، وقوله : «عمّة أبيه» يعني عمّة الإمام أبي محمّد والد الحجّة عليه‌السلام ، الإرشاد : ب ذكر من رأى الإمام ص ٣٧٦ إلّا أنّه قال : «... وهي عمّة الحسن ، أنّها رأت القائم ...» ، وفيه : «الحسن بن رزق الله».

(٩) ـ الكافي : ب في تسمية من رآه عليه‌السلام ج ١ ص ٣٣٢ ح ١٣ ؛ الإرشاد : ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر عليه‌السلام ص ٣٥١ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٦٠ و ٦١ ب ١٨ ح ٤٩ ؛ الصراط المستقيم : ج ٢ ص ٢٤١ ب ١١ ف ٤.

(١٠) ـ الكافي : ب في تسمية من رآه عليه‌السلام ج ١ ص ٣٣١ ح ٥ ؛ الإرشاد : ب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر ص ٣٥٠ ؛ ينابيع المودّة : ص ٤٦١ ب ٨٢ ، ولفظه : «عن أبي علي بن مطهّر قال : رأيت ولد أبي محمّد وله قدر جليل» ؛ تبصرة الولي فيمن رأي القائم المهدي عليه‌السلام : ص ٥٥ ح ٢٣ وص ٢٧٣ ح ١٠٣ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ١٤ ب ١٨ ح ١١ ؛ غيبة الشيخ : ص ٢٦٩ ح ٢٣٣ ؛ كشف الغمّة : ج ٢ ص ٤٥٠ ؛ الصراط المستقيم : ج ٢ ص ٢٤٠ ب ١١ ف ٤.

٤٣٥
٤٣٦

الباب الخامس

في حالاته ومعجزاته في الغيبة الصغرى بعد وفاة أبيه ،

وذكر من تشرّف بمقام السفارة في الغيبة الصغرى

ومن فاز برؤيته فيها

وفيه ثلاثة فصول

٤٣٧
٤٣٨

الفصل الأوّل

في من فاز برؤيته عليه‌السلام في الغيبة الصغرى (١) وفيه ٢٧ حديثا

__________________

(١) اعلم أنّه قد دلّت الروايات الكثيرة ـ كما قرأت بعضها في الفصل السابع والعشرين من ب ٣ ـ على أن له غيبتين ؛ إحداهما أطول من الاخرى ، وامتدّت الغيبة الصغرى إلى سنة ٣٢٩ ه‍ ، سنة موت أبي الحسن علي بن محمّد السمري الّذي ختم به النيابة الخاصّة ، وانقطعت بموته السفارة ، فكانت مدّتها ٧٤ سنة ، على أن يكون أوّلها سنة ولادة الحجّة عليه‌السلام ، و ٦٩ سنة على أن يكون أوّلها سنة وفاة أبيه سنة ستين ومائتين ، وفي هذه المدّة كان السفراء ـ رضوان الله عليهم ـ هم الوسائط بينه وبين شيعته ، ويصل إليه وكلاؤه وبعض الخواصّ من الشيعة ، ويصدر منه التوقيعات إلى بعض الخواصّ ، ويجيء من ناحيته المقدّسة بتوسّط السفراء أجوبة المسائل والأحكام الشرعيّة وغيرها ، والخواصّ من الشيعة يعرفون خطّه الشريف.

ويمكن أن يكون السرّ في وقوع الغيبة الصغرى عدم انس الشيعة بالغيبة التامّة ، فوقعت الغيبة الصغرى قبل الغيبة الكبرى لئلا يستوحشوا منها إذا وقعت ، بل الناظر في التواريخ يرى أنّهم عليهم‌السلام كانوا يعوّدون الشيعة باختفاء الإمام عن نظر الرعيّة في الجملة من زمان الإمام أبي الحسن علي بن محمّد الهادي عليهما‌السلام. ذكر ذلك المسعودي ـ المؤرّخ الكبير ـ في إثبات الوصيّة ، قال : «وروي أنّ أبا الحسن صاحب العسكر احتجب عن كثير من الشيعة إلّا عن عدد يسير من خواصّه ، فلمّا افضي الأمر إلى أبي محمّد كان يكلّم شيعته الخواصّ وغيرهم من وراء الستر إلّا في الأوقات الّتي يركب فيها إلى دار السلطان ، وإنّ ذلك إنّما كان منه ومن أبيه قبله مقدّمة لغيبة صاحب الزمان ، لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة ، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار ، انتهى».

وبعد انقضاء الغيبة القصرى وقعت الغيبة الطولى ، فلا ظهور إلى أن يأذن الله تعالى ،

٤٣٩

__________________

ولا يتّفق درك خدمته إلّا لأوحدي من الناس ، وانسدّت فيها باب السفارة والنيابة الخاصّة ، وفوّض الأمر إلى الفقهاء العالمين بالأحكام ، وحملة الآثار والأخبار وعلوم الأئمّة الطاهرين ، فقد روى الصدوق في «كمال الدين» عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق بن يعقوب ، قال : سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل شكلت عليّ ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام : «أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك ... إلى أن قال بعد ذكر أجوبة مسائله : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم». ورواه الشيخ في كتاب «الغيبة» عن جماعة عن جعفر بن محمّد بن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما كلّهم عن محمّد بن يعقوب ، ورواه في الاحتجاج عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق ، وقال أبو عبد الله عليه‌السلام في الحديث المشهور الّذي رواه الكليني بسنده عن عمر بن حنظلة ، والشيخ أيضا بإسناده عنه (كما في الوسائل : ج ١٨ كتاب القضاء ب ١١ من أبواب صفات القاضي ح ١) : «من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا كالراد على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله».

وروى في الاحتجاج عن الإمام أبي محمّد العسكري في حديث عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه» ، وروى أيضا في الاحتجاج بسنده عن الإمام أبي محمّد الحسن عن أبيه علي بن محمّد الهادي عليهم‌السلام قال : «لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه‌السلام من العلماء الداعين إليه ، والدالّين عليه ، والذابّين عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته وفخاخ النواصب لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين الله ، ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها ، اولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل» وروى الشهيد الثاني في «منية المريد» عن الإمام الهادي عليه‌السلام نحوه ، وتدلّ على ذلك غير هذه الأحاديث روايات اخرى ذكرها الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ في كتبهم.

تنبيه فيه تأكيد : اعلم أنّه ـ كما أشرنا إليه ـ قد انقضى بانقضاء عصر الغيبة القصرى

٤٤٠