منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام - ج ٢

لطف الله الصافي الگلپايگاني

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام - ج ٢

المؤلف:

لطف الله الصافي الگلپايگاني


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتب المؤلّف دام ظلّه
المطبعة: سلمان الفارسي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧

الفصل الخمسون

فيما يدلّ على رايته عليه‌السلام ، وصاحبها ، وما كتب فيها

وفيه ٩ أحاديث

٧٧٢ ـ (١) ـ الفتن : حدّثنا رشدين ، عن ابن لهيعة ، قال : أخبرني أبو زرعة ، عن ابن زرير ، عن عمّار بن ياسر ، قال : المهدي على لوائه شعيب بن صالح.

وفيه أيضا : حدّثنا الوليد ورشدين ، عن ابن لهيعة الكوفي ، قال : حدّثني أبو زرعة ، عن ابن زرير ، عن عمّار بن ياسر ، قال : إذا بلغ السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمّد خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح.

٧٧٣ ـ (٢) ـ الفتن : حدّثنا الوليد ورشدين ، عن ابن لهيعة ، عن كعب بن علقمة ، عن سفيان الكلبي ، قال : يخرج على لواء المهدي غلام حديث السنّ ، خفيف اللحية أصفر (ولم يذكر الوليد : أصفر) لو قاتل الجبال لهزّها وقال الوليد : لهدّها ـ حتّى ينزل إيليا.

__________________

(١) ـ الفتن : ج ٤ ص ١٦٦ و ١٦٨ ؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ص ١٥١ ب ٧ ح ١٩ وص ١٥٢ ح ٢٣ ب ٧ ، وزاد في آخره : «فيهزم أصحابه» ؛ الملاحم والفتن : ب ٩٦ ص ٥٣ وب ١٠٣ ص ٥٥.

(٢) ـ الفتن : ج ٤ ص ١٦٧ ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس ، وج ٥ ص ١٩٦ في ب صفة المهدي ونعته ، الملاحم والفتن : ب ٩٨ ص ٥٣ و ٥٤ ؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ص ١٥١ و ١٥٢ ب ٧ ح ٢١.

٣٦١

٧٧٤ ـ (٣) ـ الفتن : حدّثنا يحيى بن اليمان ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن نوف البكالي ، قال : في راية المهدي مكتوب : البيعة لله.

٧٧٥ ـ (٤) ـ البرهان : أخرج الطبراني في الأوسط ، عن ابن عمر أنّ النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أخذ بيد علي [عليه‌السلام] فقال : سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض قسطا وعدلا ، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي ، فإنّه يقبل من قبل المشرق ، وهو صاحب راية المهدي.

__________________

(٣) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٩١ ، ينابيع المودّة : ص ٤٣٥ ؛ الملاحم والفتن : ب ١٤١ ف ١ ص ٦٨.

(٤) ـ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ص ١٥٠ و ١٥١ ب ٧ ح ١٦ ؛ العرف الوردي (الحاوي للفتاوي) ج ٢ : ص ١٣٠ عن الطبراني في الأوسط ؛ مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٣١٨ مع زيادة في أوّله.

ولا يخفى عليك أنّ المراد من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فتى» ليس أنّه في سنّ الفتيان ، وذلك بدلالة روايات اخرى متواترة ، بل المراد إمّا أنّه فتى المنظر ، كما ورد في بعض الروايات أنّه شاب المنظر ، لا يهرم بمرور الأيّام ، وأنّه إذا خرج يخرج في منظر الشبّان وهم يظنّون أنّه كهل وفي منظر الكهول ، أو أنّه إشارة إلى فتوّته وكرمه وسخائه ، وربّما يفسر «الفتية» في قوله تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ) ، و (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) على ذلك.

قال في لسان العرب : «قال القتيبي : ليس الفتى بمعنى الشاب والحدث ، إنّما هو بمعنى الكامل الجزل من الرجال ، يدلّ على ذلك قول الشاعر :

إنّ الفتى حمّال كلّ ملمّة

ليس الفتى بمنعم الشبّان

قال ابن هرمة :

قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه

خلق وجيب قميصه مرقوع

وقال الأسود بن يعفر : (ثمّ ذكر أشعاره ... إلى أن قال :) (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) جائز أن يكونا حدثين أو شيخين ؛ لأنّهم كانوا يسمّون المملوك فتى.

الجوهري : الفتى : السخيّ الكريم ، يقال : هو فتى بين الفتوّة» (لسان العرب : ج ١٥ ص ١٤٦ مادّة : فتا).

٣٦٢

٧٧٦ ـ (٥) ـ كمال الدين : روي انه يكون في راية المهدي عليه‌السلام : الرفعة لله عزوجل.

٧٧٧ ـ (٦) ـ بحار الأنوار : عن السيّد علي بن عبد الحميد بإسناده إلى كتاب الفضل بن شاذان ، قال : روي أنّه يكون في راية المهدي عليه‌السلام : اسمعوا وأطيعوا.

٧٧٨ ـ (٧) ـ العرف الوردي : أخرج أيضا (يعني نعيما) عن ابن سيرين ، قال : على راية المهدي مكتوب : البيعة لله.

٧٧٩ ـ (٨) ـ الفتن : حدّثنا رشدين ، عن ابن لهيعة ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي رومان وأبي ثابت ، عن علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ : قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : يخرج رجل من أهل بيتي في تسع رايات ، يعني بمكّة.

٧٨٠ ـ (٩) ـ الفتن : حدّثنا يحيى بن اليمان ، عن قيس ، عن عبد الله بن شريك ، قال : مع المهدي راية رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم المغلبة ، ليتني كنت أدركته وأنا أجدع.

__________________

(٥) ـ كمال الدين : ج ٢ ص ٦٥٤ ب ٥٧ ذيل ح ٢٢ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٣٢٤ ب ٢٧ ح ٣٥.

(٦) ـ بحار الأنوار : ج ٥٢ ص ٣٠٥ ب ٢٦ ح ٧٧.

(٧) ـ العرف الوردي (الحاوي للفتاوي) : ج ٢ ص ١٥٠ ؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ص ١٥٢ ب ٧ ح ٢٥ ؛ كمال الدين : ج ٢ ص ٦٥٤ ح ٢٢.

أقول : لا منافاة بين الأحاديث من جهة عدم اتّفاقها على ما كتب في رايته ؛ لتعدّدها كما في الرواية الثامنة من هذا الباب.

(٨) ـ الفتن : ج ٤ ص ١٦٦ ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.

(٩) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٩١ ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه ؛ البرهان : ص ١٥٢ ب ٧ ح ٢٤ إلّا أنّه قال : «المخملة» وفي العرف الوردي (الحاوي للفتاوي) : ج ٢ ص ١٥٠ «المعلمة».

٣٦٣

الفصل الحادي والخمسون

في الرايات السود الثانية التي هي غير الرايات السود الاولى

وفيه ٥ أحاديث

٧٨١ ـ (١) ـ الفتن : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن ربذة ، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، أخبرنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي بمصر سنة ثمانين ومائتين ، حدّثنا نعيم بن حمّاد ، عن الوليد ورشدين ، عن ابن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن أبي رومان ، عن عليّ ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : يلتقي السفياني والرايات السود ، فيهم شابّ من بني هاشم ، في كفّه اليسرى خال ، وعلى مقدّمته رجل من بني تميم يقال له : شعيب بن صالح بباب اصطخر ، فيكون بينهم ملحمة عظيمة ، فتظهر الرايات السود ويهرب خيل السفياني ، فعند ذلك يتمنّى الناس المهدي ويطلبونه.

٧٨٢ ـ (٢) ـ الفتن : حدّثنا سعيد أبو عثمان ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، قال : تنزل الرايات السود الّتي تقبل من خراسان الكوفة ، فإذا ظهر المهدي بمكة بعث بالبيعة إلى المهدي.

__________________

(١) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٧٢ ؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ص ١٥١ ح ٢٠ ب ٧ مختصرا.

(٢) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٧٣ ؛ البرهان في علامات مهدي آخر الزمان : ص ١٥٠ ب ٧ ح ١٢ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ٢١٧ ح ٧٧.

٣٦٤

٧٨٣ ـ (٣) ـ الفتن : حدّثنا الوليد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ، عن عبد الكريم (أي اميّة) ، عن محمّد بن الحنفية ، قال : تخرج راية سوداء لبني العبّاس ، ثمّ تخرج من خراسان اخرى سوداء ، قلانستهم سود ، وثيابهم بيض ، على مقدّمتهم رجل يقال له : شعيب بن صالح ، أو صالح بن شعيب من تميم ، يهزمون أصحاب السفياني حتّى ينزل بيت المقدس ، يوطئ للمهدي سلطانه ، ويمدّ إليه ثلاثمائة من الشام ، يكون بين خروجه وبين أن يسلّم الأمر للمهديّ اثنان وسبعون شهرا.

٧٨٤ ـ (٤) ـ الفتن : حدّثنا عبد الله بن مروان ، عن العلاء بن عتبة ، عن الحسن : أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتّى يبعث الله راية من المشرق سوداء ، من نصرها نصره الله ، ومن خذلها خذله الله ، حتّى يأتوا رجلا اسمه كاسمي فيولّيه أمرهم ، فيؤيّده الله وينصره.

٧٨٥ ـ (٥) ـ الفتن : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن عبد الله التيهرتي ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن مسلم بن يسار ، عن سعيد بن المسيّب ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : تخرج من المشرق رايات سود لبني العبّاس ، ثمّ يمكثون ما شاء الله ، ثم تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلا من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق ، يؤدّون الطاعة إلى المهدي.

__________________

(٣) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٦٥ ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.

(٤) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٦٧ ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.

(٥) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٦٨ ب الرايات السود للمهدي بعد رايات بني العبّاس.

٣٦٥
٣٦٦

الباب الرابع

في ولادة المهديّ عليه‌السلام ، وكيفيّتها ، وتاريخها ،

وبعض حالات امّه واسمها ، ومعجزاته

في حياة أبيه ، ومن رآه في أيّامه

وفيه ثلاثة فصول

٣٦٧
٣٦٨

الفصل الأوّل

في ثبوت ولادته ، وكيفيّتها ، وتاريخها ،

وبعض حالات امّه واسمها عليهما‌السلام

وفيه ٤٢٦ حديثا

٧٨٦ ـ (١) ـ كتاب فضل بن شاذان : حدّثنا محمّد بن علي بن حمزة بن

__________________

(١) ـ كفاية المهتدي (الأربعين) : ص ١١٦ ح ٣٠ ؛ كشف الحقّ (الأربعين) : ص ٢٤ ح ٢ وفيه : «صقيل» بدل «صيقل» ، وفيه : «حمزة بن الحسن» بدل «حمزة بن الحسين» ، وفي كتب الرجال أيضا «الحسن» ؛ إثبات الهداة : ج ٣ ص ٥٧٠ ب ٣٢ ح ٦٨٣.

أقول : قال المحدّث النوري ـ رحمه‌الله ـ في «النجم الثاقب» بالفارسيّة ما هذه ترجمته : «ومن هذا الخبر يظهر وجه الاختلاف في اسم امّه المعظّمة ، وأنّها تسمّى بكلّ واحد من هذه الأسماء الخمسة ، انتهى».

والفضل بن شاذان توفّي بعد ولادة المهديّ عليه‌السلام وقبل وفاة والده أبي محمّد الحسن العسكري عليه‌السلام (بين سنة ٢٥٥ ه‍ إلى ٢٦٠ ه‍) ، وقال النجاشي : «كان ثقة ، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين ، وله جلالة في هذه الطائفة ، وهو في قدره أشهر من أن نصفه».

وذكر الكشي أنّه صنّف مائة وثمانين كتابا ، وذكر أسماء ما وقع إليه من كتبه ، ممّا يدلّ على تبحّره في العلوم الإسلاميّة وما اختلف فيه أهل المذاهب ، سيّما علوم العقائد والتوحيد والإمامة والفرائض وغيرها. وعدّه الشيخ في رجاله تارة في أصحاب الهادي ، واخرى في أصحاب العسكري عليهما‌السلام ، وقال : الفضل بن شاذان النيشابوري فقيه ، متكلّم ، جليل القدر ، له كتب ومصنّفات منها ... الخ ، ومن كتبه : كتاب الملاحم ، وكتاب القائم عليه‌السلام ، وكتاب الإمامة.

وأمّا محمّد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال النجاشي : أبو عبد الله ، ثقة ، عين في الحديث ، صحيح الاعتقاد ،

٣٦٩

__________________

له رواية عن أبي الحسن وأبي محمّد عليهما‌السلام ، وأيضا له مكاتبة ، وفي داره حصلت أمّ صاحب الأمر عليه‌السلام بعد وفاة الحسن عليه‌السلام.

ثمّ اعلم أنّ الأشهر ، بل المشهور أنّ ولادته عليه‌السلام اتّفقت كما في هذا الحديث الشريف الصحيح في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة (٨٦٩ م).

قال المفيد في الإرشاد : «كان الإمام بعد أبي محمّد عليه‌السلام ابنه المسمّى باسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، المكنّى بكنيته ، ولم يخلف أبوه ولدا ظاهرا ولا باطنا غيره ، وخلفه غائبا مستترا على ما قدّمنا ذكره ، وكان مولده عليه‌السلام ليلة النصف من شعبان سنة (٢٥٥ ه‍) ، وامّه أمّ ولد يقال لها : نرجس ، وكان سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين ، آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى صبيّا ، وجعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيّا ، وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من نبيّ الهدى عليه‌السلام ، ثمّ من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ونصّ عليه الأئمّة واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن عليه‌السلام ، ونصّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصّة شيعته ، وكان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده ، وبدولته مستفيضا قبل غيبته ، وهو صاحب السيف من أئمّة الهدى عليه‌السلام ، والقائم بالحقّ المنتظر لدولة الإيمان ، وله قبل قيامه غيبتان ، إحداهما أطول من الاخرى كما جاءت بذلك الأخبار ، فأمّا القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته ، وعدم السفراء بالوفاة ، وأمّا الطولى فهي بعد الاولى ، وفي آخرها يقوم بالسيف ... الخ».

وقال الكليني في الكافي : «ولد عليه‌السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين» ، وروي ذلك عن الكراجكي في كنز الفوائد ، والشهيد في «الدروس» ، وقال الشيخ في «مصباح المتهجّد» : «في هذه الليلة ولد الخلف [الحجّة ـ خ] صاحب الأمر عليه‌السلام ، ويستحبّ أن يدعى فيها بهذا الدعاء ، ثمّ ذكر دعاء : اللهم بحقّ ليلتنا هذه ومولودها ... إلى آخره» ، وقال الشيخ البهائي في توضيح المقاصد : «فيه ـ يعني في اليوم الخامس عشر ـ ولد الإمام أبو القاسم محمّد المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين ، وذلك بسرّمن رأى سنة (٢٥٥ ه‍)» ، وقال الطبرسي في إعلام الورى : «ولد عليه‌السلام بسرّمن رأى ليلة النصف من شعبان سنة (٢٥٥ ه‍)» ، وعيّن الشيخ في المصباحين ، والسيّد في الإقبال وسائر مؤلّفي كتب الدعوات على ما في البحار ، والمفيد في مسارّ الشيعة ،

٣٧٠

__________________

ولادته عليه‌السلام في النصف من شعبان.

وصرّح بذلك جماعة من أعلام العامّة ، قال ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة : «ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بسرّمن رأى ، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة ... إلى أن قال : وأما امّه فام ولد يقال لها : نرجس خير أمة ، وقيل : اسمها غير ذلك» ، وقال ابن خلكان في وفيات الاعيان : «كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ولمّا توفّي أبوه ـ وقد سبق ذكره ـ كان عمره خمس سنين ، واسم امّه خمط ، وقيل : نرجس» ، وفي روضة الصفا نقل عن ترجمة المستقصى بالفارسيّة ما هذا حاصله : «كانت ولادة الإمام المهدي المسمّى باسم الرسول ، والمكنّى بكنيته بسرّمن رأى ، في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وكان عمره وقت وفاة أبيه خمس سنين ، آتاه الله الحكمة كما آتاها يحيى صبيّا ، وجعله في الطفوليّة إماما كما جعل عيسى نبيّا» ، وصرّح به أيضا السيّد محمّد خواجه پارسا صاحب «روضة الأحباب» وغيرهم.

ولا بأس بذكر تصريحات جماعة من أعيان العامّة بولادته عليه‌السلام ، والتعرّض لذكر أساميهم ، وقد وافقنا كثير منهم في حياته الآن ، وبقائه عليه‌السلام إلى أن يأذن الله تعالى له في الظهور :

١ ـ الشيخ ابن حجر الهيثمي المكّي الشافعي المتوفّى سنة (٩٧٤ ه‍) ، قال في الصواعق بعد ذكر بعض حالات الإمام أبي محمد عليه‌السلام : «ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة ، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، لكن اتاه الله فيها الحكمة».

٢ ـ صاحب «روضة الأحباب» وهو كتاب فارسيّ للسيّد جمال الدين عطاء الله بن السيّد غياث الدين فضل الله بن السيّد عبد الرحمن المحدّث المعروف ، وعن القاضي حسين الدياربكري أنّه عدّه في أوّل كتابه تاريخ الخميس من الكتب المعتمدة ، وصنّفه كما في كشف الظنون بالتماس الوزير مير علي شير بعد الاستشارة مع استاذه وابن عمّه السيد أصيل الدين عبد الله ، وهو على ثلاثة مقاصد ، وتوفّي كما في هذا الكتاب سنة ١٠٠٠ (ألف) ، قال في «روضة الأحباب» على ما حكى عنه في «كشف الأستار» ، و «النجم الثاقب» بالفارسيّة : «كلام در بيان امام دوازدهم محمّد بن الحسن عليهما‌السلام تولّد همايون آن در درج ولايت وجوهر معدن هدايت بقول اكثر أهل

٣٧١

__________________

روايت در منتصف شعبان سنه دويست وپنجاه وپنج در سامره اتفاق افتاد (إلى أن قال :) ومادر آن عالى گهر أمّ ولد بود ، مسمّاة بصيقل يا سوسن ، وقيل : نرجس ، وقيل : حكيمة ، وآن امام ذوي العزّ والاحترام در كنيت ونام با حضرت خير الأنام موافقت دارد ، ومهدى منتظر والخلف الصالح وصاحب الزمان در ألقاب او منتظم است ، ودر وقت فوت پدر بزرگوار خود بروايت كه بصحّت أقرب است پنج سأله بود ، وبقول ثاني دو سأله ، وحضرت واهب العطايا آن شكوفه گلزار را مانند يحيى بن زكريا سلام الله عليهما در حال طفوليت حكمت كرامت فرمود ، ودر وقت صبا بمرتبه بلند امامت رسانيده (وساق الكلام إلى أن قال :) راقم حروف گويد كه چون سخن بدينجا رسيد ، جواد خوشخرام خامه طى بساط انبساط واجب ديد ، رجاء واثق ووثوق صادق كه ليالى مهاجرت محبان خاندان مصطفوى ، وأيام مصابرت مخلصان دودمان مرتضوى بنهايت رسيده ، وآفتاب طلعت با بهجت صاحب الزمان على أسرع الحال از مطلع نصرت واقبال طلوع نمايد ، تا رايت هدايت اينان مظهر انوار فضل واحسان از مشرق مراد برآمده ، غمام حجاب از چهره عالمتاب بگشايد ، به يمن اهتمام آن سرور عاليمقام اركان مبانى ملّت بيضا مانند ايوان سپهر خضرا سمت ارتفاع واستحكام گيرد ، وبحسن اجتهاد آن سيّد ذوى الاحترام قواعد بنيان ظلام نشان در بسيط غبرا صفت انخفاض وانعدام پذيرد ، واهل اسلام در ظلال اعلام ظفر اعلامش از تاب آفتاب حوادث امان ، وخوارج شقاوت فرجام از اصابت حسام خون آشامش ، جزاى اعمال خويش يافته به قعر جهنم شتابند ، ولله درّ من قال أبيات :

بيا اى امام هدايت شعار

كه بگذشت از حدّ غم انتظار

ز روى همايون برافكن نقاب

عيان ساز رخسار چون آفتاب

برون آى از منزل اختفا

نمايان كن آثار مهر ووفا»

٣ ـ علي بن محمّد بن أحمد بن عبد الله المالكي المكّي ، الّذي يعرف بابن الصبّاغ ، المتولّد سنة (٧٣٤ ه‍) والمتوفّى سنة (٨٥٥ ه‍) على ما نقل عن كتاب الضوء اللامع لشمس الدين محمّد بن عبد الرحمن المصري ، تلميذ ابن حجر ، فإنّه صرّح في كتابه

٣٧٢

__________________

«الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة» بولادته عليه‌السلام وتاريخها ، وأنّ امّه نرجس خير أمة كما ذكرنا لفظه ، وصرّح أيضا بنسبه ، وذكر أسماء آبائه ، وجملة من حالاتهم وكلماتهم ومعجزاتهم ، وصرّح بأنّه الإمام الثاني عشر ، وذكر جملة من الأحاديث الواردة في حقّه عليه‌السلام.

٤ ـ الشيخ شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قز أوغلي بن عبد الله ، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ، ابن الجوزي ، المتوفّى سنة (٦٥٤ ه‍) صاحب التاريخ الكبير الّذي قال ابن خلّكان على ما حكي عنه : «رأيته بخطّه في أربعين مجلدا ، سمّاه مرآة الزمان» ، وصاحب كتاب تذكرة الخواصّ قال في كتابه تذكرة الخواص : «فصل : هو محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن عليّ الرضا بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وكنيته : أبو عبد الله ، وأبو القاسم ، وهو الخلف ، الحجّة ، صاحب الزمان ، القائم ، والمنتظر ، والتالي ، وآخر الأئمّة ، أنبأنا عبد العزيز بن محمود بن البزّاز عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي ، اسمه كاسمي ، وكنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، فذلك هو المهدي. وهذا حديث مشهور ، وقد أخرج أبو داود والزهري عن عليّ بمعناه ، وفيه : لو لم يبق من الدهر إلّا يوم واحد لبعث الله من أهل بيتي من يملأ الأرض عدلا ، وذكره في روايات كثيرة ، ويقال له : ذو الاسمين : محمّد وأبو القاسم ، قالوا : امّه أمّ ولد يقال لها : صقيل. وقال السدي : يجتمع المهدي وعيسى بن مريم ، فيجيء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى : تقدّم ، فيقول عيسى : أنت أولى بالصلاة ، فيصلّي عيسى وراءه مأموما ... إلى آخر كلامه».

٥ ـ نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي ، الجامي ، الحنفي ، الشاعر ، العارف ، صاحب شرح الكافية ، فقد جعل في كتابه «شواهد النبوّة» على ما حكى عنه في كشف الأستار الحجّة بن الحسن الإمام الثاني عشر ، وذكر غرائب حالات ولادته ، وبعض معاجزه ، وأنّه الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا ، ثمّ روى خبر حكيمة في الولادة ، وخبر غيرها في أنّه عليه‌السلام لمّا ولد جثا على ركبتيه ، ورفع سبابته إلى السماء ، وعطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين ، وخبر من دخل على أبي محمّد عليه‌السلام وسأله عن الخلف والإمام بعده ، فدخل الدار ثمّ خرج وقد حمل طفلا كأنّه البدر في ليلة تمامه في سنّ ثلاث سنين ، قال : يا فلان! لو لا كرامتك على الله لما أريتك هذا الولد ، اسمه اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

٣٧٣

__________________

وسلّم ، وكنيته كنيته ، هو الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، وخبر من دخل على أبي محمّد عليه‌السلام وعلى طرف البيت ستر مسبل على بيت فسأله من صاحب هذا الأمر بعد هذا؟ فقال : ارفع الستر ، وخبر من بعثه المعتضد ... الخ.

٦ ـ الشيخ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي ، المتوفّى سنة (٦٥٨ ه‍) ، صاحب كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان ، وكتاب كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال في الباب الثامن من الابواب التي ألحقها بأبواب الفضائل من كتاب كفاية الطالب بعد ذكر الأئمّة من ولد أمير المؤمنين عليه‌السلام : «وخلّف ـ يعني عليّا الهادي عليه‌السلام ـ من الولد أبا محمّد الحسن ابنه ، مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر من سنة اثنين وثلاثين ومائتين ، وقبض يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومأتين ، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ، ودفن في داره بسرّمن رأى في البيت الّذي دفن فيه أبوه ، وخلّف ابنه وهو الإمام المنتظر صلوات الله عليه ، ونختم الكتاب بذكره مفردا».

وقال في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان : الباب الخامس والعشرون : في الدلالة على جواز بقاء المهدي عليه‌السلام مذ غيبته إلى الآن ، ولا امتناع في بقائه ، بدليل بقاء عيسى وإلياس والخضر من أولياء الله تعالى ، وبقاء الدجّال وإبليس الملعونين أعداء الله تعالى ... إلى آخر كلامه الطويل الذّيل ، في هذا الباب.

٧ ـ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الخسروجردي النيسابوري ، الفقيه الشافعي ، المتوفّى سنة (٤٥٨ ه‍) قال في وفيات الأعيان : «الحافظ الكبير المشهور ، واحد زمانه ، وفرد أقرانه في الفنون ، من كبار أصحاب الحاكم ... إلى أن قال : وكان قانعا من الدنيا بالقليل». وقال إمام الحرمين في حقّه : «ما من شافعي المذهب إلّا وللشافعي عليه منّة ، إلّا أحمد البيهقي ، فإنّ له على الشافعي منّة ، انتهى».

قال البيهقي في كتابه «شعب الإيمان» ، المعدود من مؤلّفاته في كلام ابن خلّكان على ما حكي عنه في «كشف الأستار» : «اختلف الناس في أمر المهديّ ، فتوقّف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه ، واعتقدوا أنّه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يخلقه الله متى شاء ، يبعثه نصرة لدينه ، وطائفة يقولون : إنّ المهديّ الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو الإمام الملقب بالحجّة القائم المنتظر محمّد بن الحسن العسكري ، وأنّه دخل السرداب

٣٧٤

__________________

بسرّمن رأى ، وهو حي مختف عن أعين الناس ، منتظر خروجه ، وسيظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيّامه كعيسى بن مريم والخضر عليهما‌السلام ، وهؤلاء الشيعة ، خصوصا الإماميّة ، ووافقهم عليه جماعة من أهل الكشف ، انتهى».

ومراده من جماعة من أهل الكشف كما صرّح به بعض الأعلام غير الشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي ممّن يأتي ذكرهم ان شاء الله تعالى ، لتقدّمه عليهم بسنين كثيرة ، فإنّ البيهقي توفّي سنة (٤٥٨ ه‍) ، والشيخ محي الدين توفّي سنة (٦٣٨ ه‍) ، كما صرّح به العراقي في أوائل الفصل الأوّل من اليواقيت على ما حكي عنه ، وهكذا الشعراني كان بعد عصر البيهقي ، فإنّه فرغ من تصنيف اليواقيت سنة (٩٥٥ ه‍) ، والعراقي والخوّاص كانا معاصرين للشعراني.

وكيف كان ، فيظهر من كلام البيهقي الميل إلى هذا القول ، بل اختياره ، وإلّا لأنكره.

٨ ـ الشيخ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة الشافعي القرشي النصيبي ، المتولّد سنة (٥٨٢ ه‍) ، صاحب كتاب العقد الفريد ، قال في طبقات الشافعيّة على ما حكي عنها : «تفقّه وبرع في المذهب ، وسمع الحديث بنيسابور من المؤيّد الطوسي وزينب الشعريّة ، وحدّث بحلب ودمشق ، وروى عنه الحافظ الدمياطي ومجد الدين بن العديم ، وكان من صدور الناس ، ولي الوزارة بدمشق يومين وتركها وخرج عمّا يملك من ملبوس ومملوك وغيره تزهّدا ، وتوفّي ابن طلحة في سابع رجب سنة (٦٥٢ ه‍).

قال ابن طلحة في كتاب «الدرّ المنظّم» على ما نقل عنه في ينابيع المودّة ص ٤١٠ : «وإنّ لله تبارك وتعالى خليفة ، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا ... إلى أن قال : وهذا الإمام المهدي القائم بأمر الله يرفع المذاهب ، فلا يبقى إلّا الدين الخالص ... الخ».

وقال في «مطالب السئول في مناقب آل الرسول» ، وهو كتاب ذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر عليهما‌السلام وبعض أحوالهم : «الباب الحادي عشر : في أبي محمّد الحسن بن علي ، الخالص مولده سنة إحدى وثلاثين ومائتين للهجرة ، وأمّا نسبه أبا وامّا ، فأبوه أبو الحسن علي المتوكل بن محمّد القانع بن علي الرضا ، وقد تقدّم القول في ذلك ، وامّه أمّ ولد يقال لها : سوسن ، وأمّا اسمه : الحسن ، وكنيته : أبو محمّد ، ولقبه : الخالص ، وأمّا مناقبه : فاعلم أنّ المنقبة العليا والمزيّة الكبرى الّتي خصّه الله عزوجل بها ، وقلّده فريدها ، ومنحه تقليدها ، وجعلها صفة دائمة لا يبلي الدهر

٣٧٥

__________________

جديدها ، ولا تنسى الألسنة تلاوتها وترديدها ، أنّ المهدي محمّدا نسله المخلوق منه ، وولده المنتسب إليه ، وبضعته المنفصلة عنه ، وسيأتي في الباب الّذي يتلو هذا الباب شرح مناقبه ، وتفصيل أحواله إن شاء الله.

الباب الثاني عشر : في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين الزكيّ بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب ، المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر عليهم‌السلام ورحمة الله وبركاته.

فهذا الخلف الحجّة قد أيّده الله

هدانا منهج الحقّ وآتاه سجاياه

وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه

وآتاه حلي فضل عظيم فتحلّاه

وقد قال رسول الله قولا قد رويناه

وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه

يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسمّاه

وقد أبداه بالنسبة والوصف وسمّاه

ويكفي قوله مني لإشراق محيّاه

ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه

ولن يبلغ ما أوتيه أمثال وأشباه

فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما فاهوا

ثمّ مدحه مدحا بليغا ، وذكر تاريخ ولادته ونسبه عليه‌السلام أبا وامّا ، وأورد بعض الأخبار الواردة في المهدي عليه‌السلام من طريق أبي داود ، والترمذي ، والبغوي ، ومسلم ، والبخاري ، والثعلبي ، وذكر بعض الشبهات وأجاب عنها».

٩ ـ الحافظ أبو محمّد أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري ، من أهل طوس ، وفي «كشف الأستار» عن السمعاني : أنّه كان حافظا فهيما عارفا بالحديث ... إلى أن قال : كان واحد عصره في الحفظ والوعظ ، ومن أحسن الناس عشرة ، وأكثرهم فائدة ، وكان يكثر المقام بنيسابور ، يكون له في كلّ اسبوع مجلسان عند شيخي البلد : أبي الحسين المحمي ، وأبي نصر العبدي ، وكان أبو علي الحافظ ومشايخنا يحضرون مجالسه ، ويفرحون بما يذكره على الملأ من الأسانيد ، ولم أرهم غمزوه قط في إسناد أو اسم أو حديث ، وكتب بمكّة عن إمام أهل البيت عليهما‌السلام أبي محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا عليهم‌السلام.

وذكر أبو الوليد الفقيه ، قال : «كان أبو محمّد البلاذري وسمع كتاب الجهاد من محمّد بن إسحاق ، وامّه عليلة بطوس ... إلى أن قال : قال الحاكم : استشهد بالطاهران سنة (٣٣٩ ه‍) ، فقال علامة عصره ، الشاه وليّ الله الدهلوي ـ والد عبد العزيز المعروف بشاه صاحب ، صاحب «التحفة الاثنا عشريّة في الردّ على الاماميّة» الذي وصفه ولده بقوله : خاتم العارفين ، وقاصم المخالفين ، سيّد المحدّثين ، سند المتكلّمين ، حجّة الله على

٣٧٦

__________________

العالمين ... الخ ـ في كتاب النزهة : إنّ الوالد روى في كتاب المسلسلات المشهور بالفضل المبين : قلت : شافهني ابن عقلة باجازة جميع ما يجوز له روايته ، ووجدت في مسلسلاته حديثا مسلسلا بانفراد كلّ راو من رواته بصفة عظيمة تفرّد بها ، قال ـ رحمه‌الله ـ : أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي ، أنا حافظ عصره جمال الدين الباهلي ، أنا مسند وقته محمّد الحجازي الواعظ ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراني ، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي ، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي ، أنا مقرئ زمانه الشمس محمّد بن الجزري ، أنا الإمام جمال الدين محمّد بن محمّد الجمال زاهد عصره ، أنا الإمام محمّد بن مسعود محدث بلاد فارس في زمانه ، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفّر الشيرازي عالم وقته ، أنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدث زمانه ، أنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره ، أنا عبد العزيز ، ثنا محمّد الآدمي إمام أوانه ، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن سليمان نادرة عصره ، ثنا أحمد بن محمد بن هاشم البلاذري حافظ زمانه ، ثنا م ح م د بن الحسن بن علي المحجوب إمام عصره ، ثنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن موسى الرضا عليهم‌السلام ، ثنا موسى الكاظم ، قال : ثنا أبي جعفر الصادق ، ثنا أبي محمّد الباقر بن علي ، ثنا أبي علي بن الحسين زين العابدين السجّاد ، ثنا أبي الحسين سيّد الشهداء ، ثنا أبي علي بن أبي طالب عليهم‌السلام سيّد الأولياء ، قال : أخبرنا سيّد الأنبياء محمّد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أخبرني جبرئيل سيّد الملائكة قال : قال الله تعالى سيّد السادات : إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا ، من أقرّ لي بالتوحيد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي. قال الشمس ابن الجزري : كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة ، والعهدة فيه على البلاذري وقال الشاه ولي الله المذكور أيضا في رسالته : «النوادر من حديث سيّد الأوائل والأواخر» ما لفظه : «حديث م ح م د بن الحسن الّذي يعتقد الشيعة أنّه المهديّ عن آبائه الكرام : وجدت في مسلسلات الشيخ ابن عقلة المكّي ، عن الحسن العجمي ح ، أخبرنا أبو طاهر أقوى أهل عصره سندا إجازة لجميع ما تصحّ له روايته ، قال : أخبرنا فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي ... إلى آخر ما تقدّم ، باختلاف جزئيّ في تقديم بعض الألقاب وتأخيره عن الأسامي ، انتهى كلام «كشف الأستار».

وقال في كتاب «البرهان على وجود صاحب الزمان» بعد ذكر ما ذكرنا من «كشف الأستار» : «وفي عجائب الآثار للشيخ عبد الرحمن الجبرتي الحنفي ، المطبوع بمصر على هامش كامل ابن الأثير سنة (١٣٠١ ه‍) ، في حوادث شهر ذي الحجّة سنة (١٢١٥ ه‍) :

٣٧٧

__________________

«وأمّا من مات في هذه السنّة ممّن له ذكر : مات الإمام الفاضل الصالح العلامة الشيخ عبد العليم بن محمّد بن محمّد بن عثمان المالكي الأزهري الضرير ، حضر درس الشيخ علي الصعيدي رواية ودراية ، فسمع عليه جملة من الصحيح والموطأ والشمائل والجامع الصغير ومسلسلات ابن عقلة ، وروى عن كلّ من : الملوي والجوهري والبليدي ... الى أن قال : وكان من البكّائين عند ذكر الله ، سريع الدمعة ، كثير الخشية ، وعن السيوطي في «رسالة التدريب» أنّه قال : وذكر في «شرح النخبة» أنّ المسلسل بالحفّاظ ممّا يفيد العلم القطعيّ ، انتهى. فلا وجه لقول ابن الجزري كما تقدّم : «والعهدة فيه على البلاذري» ، هذا مع ما سمعت عن السمعاني في حقّ البلاذري ، سيّما قوله : ولم أرهم غمزوه قطّ ، انتهى ما في كتاب «البرهان».

وذكر أيضا المحدّث النوري هذا الحديث في النجم الثاقب.

١٠ ـ القاضي فضل بن روزبهان ، شارح «الشمائل» للترمذي ، وصاحب كتاب «إبطال نهج الباطل في ردّ كتاب كشف الحقّ ونهج الصدق والصواب» ، تصنيف آية الله العلامة الحلّي الّذي ردّ عليه نصرة للعلامة ـ قدس‌سره ـ القاضي الشريف الشهيد السعيد نور الله بن شريف المرعشي الحسيني ـ ألبسه الله من حلل رحمته ـ في كتابه المعروف ب «إحقاق الحق وإزهاق الباطل» ، وردّ على هذا الكتاب «إبطال نهج الباطل» أيضا بعض الأعلام من المعاصرين ـ جزاه الله عن الحق وأهله ـ في كتابه «دلائل الصدق».

قال القاضي فضل بن روزبهان في المسألة الخامسة في القسم الثالث في شرح قول العلامة (المطلب الثاني : في زوجته وأولاده ... الخ) ما هذا لفظه : «أقول : ما ذكر من فضائل فاطمة ـ صلوات الله على أبيها وعليها وعلى سائر آل محمّد والسلام ـ أمر لا ينكر ، فإنّ الإنكار على البحر برحمته ، وعلى البرّ بسعته ، وعلى الشمس بنورها ، وعلى الأنوار بظهورها ، وعلى السحاب بجوده ، وعلى الملك بسجوده ، إنكار لا يزيد المنكر إلّا الاستهزاء به ، ومن هو قادر على أن ينكر على جماعة هم أهل السداد ، وخزّان معدن النبوّة ، وحفّاظ آداب الفتوة ، صلوات الله وسلامه عليهم ، ونعم ما قلت فيهم منظوما :

سلام على المصطفى المجتبى

سلام على السيّد المرتضى

سلام على ستّنا فاطمة

من اختارها الله خير النساء

سلام من المسك أنفاسه

على الحسن الألمعي الرضا

سلام على الأروعي الحسين

شهيد برى جسمه كربلا

سلام على سيّد العابدين

علي بن الحسين المجتبى

٣٧٨

__________________

سلام على الباقر المهتدي

سلام على الصادق المقتدى

سلام على الكاظم الممتحن

رضيّ السجايا إمام التقى

سلام على الثامن المؤتمن

علي الرضا سيّد الأصفياء

سلام على المتّقي التقي

محمّد الطيّب المرتجى

سلام على الأريحي النقي

علي المكرّم هادي الورى

سلام على السيّد العسكريّ

إمام يجهّز جيش الصفا

سلام على القائم المنتظر

أبي القاسم القرم نور الهدى

سيطلع كالشمس في غاسق

ينجّيه من سيفه المنتضى

ترى يملأ الأرض من عدله

كما ملئت جور أهل الهوى

سلام عليه وآبائه

وأنصاره ما تدوم السماء

١١ ـ العالم المشهور أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن الخشّاب ، المتوفّى سنة (٥٦٧ ه‍) ، روى في كتابه تاريخ مواليد الأئمّة ووفياتهم على ما حكى عنه في «كشف الأستار» و «النجم الثاقب» و «أعيان الشيعة» : «بإسناده عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح الدرّاع النهرواني ، حدّثنا صدقة بن موسى ، حدّثنا أبي ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن علي ، وهو صاحب الزمان ، وهو المهديّ.

وحدّثني الجرّاح بن سفيان ، قال : حدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي ، عن أبيه هارون ، عن أبيه موسى ، قال : قال سيّدي جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : الخلف الصالح من ولدي ، وهو المهديّ ، اسمه : م ح م د ، وكنيته : أبو القاسم ، يخرج في آخر الزمان ، يقال لامّه صيقل ... الخ».

أقول : كتابه مواليد الأئمّة مطبوع موجود.

١٢ ـ الشيخ محيي الدين أبو عبد الله محمّد بن علي ، المعروف بابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي ، المتوفى كما في كشف الظنون سنة (٦٣٨ ه‍) ، المدفون بصالحيّة الشام ، وقبره بها معروف مزور ، فقد نقل ذلك عنه الشيخ عبد الوهاب الشعراني في المبحث الخامس والستّين من كتاب «اليواقيت والجواهر» (ص ١٤٥ ج ٢ ط المطبعة الازهرية المصرية سنة ١٣٠٧ ه‍) ، قال الشعراني : «وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب ٣٦٦ من الفتوحات : واعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدي عليه‌السلام ، لكن لا يخرج حتّى تمتلأ الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا ، ولو لم يكن من الدنيا إلّا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة ، وهو من عترة رسول الله صلّى الله عليه

٣٧٩

__________________

وسلّم ، من ولد فاطمة رضي‌الله‌عنها ، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب ، ووالده الحسن العسكري ابن الإمام عليّ النقي ـ بالنون ـ ابن محمّد التقي ـ بالتاء ـ ابن الإمام عليّ الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، يواطئ اسمه اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخلق ـ بفتح الخاء ـ وينزّل عنه في الخلق ـ بضمّها ـ اذ لا يكون أحد مثل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أخلاقه. والله تعالى يقول : «وانّك لعلى خلق عظيم» ، هو أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، أسعد الناس به أهل الكوفة ، يقسم المال بالسويّة ، ويعدل في الرعيّة ، يأتيه الرجل فيقول : يا مهدي أعطني وبين يديه المال ، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله ... الخ» وذكر صفاته ، وأوصافه ، وأفعاله. ونقل هذه الألفاظ بعينها عن الفتوحات الشيخ الاستاذ محمّد الصبّان في «اسعاف الراغبين» (ب ٢ ص ١٤٢ ط المطبعة الميمنيّة بمصر سنة ١٣١٢ ه‍).

هذا ولم أجد هذا التصريح فيما رأيت من النسخ كالنسخة المطبوعة بدار الكتب العربيّة بمصر فإنّها تخالف عباراتها مع ما في اليواقيت ، وظنّي أنّه قد عملت فيها أيدي الّذين يحرّفون الكلم عن مواضعه ، فاسقطت عنها ذكر نسبه الشريف ، وكم لهذه التصرّفات والتحريفات من نظير في الكتب المطبوعة بمصر ، ولعمر الحقّ إنّها لجناية كبيرة على العلم والدين ، وعلى الامّة الإسلاميّة ، وعلى روّاد الحقائق ، وكأنّهم يرون من الواجبات هذه التصرّفات والتحريفات إذا كان في كتاب منقبة وفضيلة لأهل بيت النبيّ والوصيّ ، وما لا يوافق أهواءهم وآراءهم ، أعاذنا الله وإيّاهم من التعصّب والعناد.

ومن شعر الشيخ محيي الدين كما في الفتوحات ب ٣٦٦ :

هو السيّد المهديّ من آل أحمد

هو الصارم الهنديّ حين يبيد

هو الشمس يجلو كلّ غمّ وظلمة

هو الوابل الوسميّ حين يجود

ونقل عنه في «ينابيع المودّة» ص ٤٦٧ عن كتابه «عنقاء المغرب» في بيان المهدي الموعود ووزرائه أبياتا ، أوّلها : وعند فناء خاء الزمان ودالها ....

١٣ ـ الشيخ سعد الدين محمّد بن المؤيّد بن أبي الحسين بن محمّد بن حمويه ، المعروف بالشيخ سعد الدين الحموي ، وقد صنّف كتابا مفردا في أحوال صاحب الزمان وافق فيه الاماميّة ، كما نقل عن عبد الرحمن الجامي في «مرآة الأسرار» عن صاحب المقصد الأقصى ونقل عن صاحب العقائد النسفيّة أنّ سعد الدين هذا صرّح بإمامة المهديّ ، وأنّه صاحب الزمان عليه‌السلام ، وأنّه آخر الأولياء الاثني عشر ، وأنّه ليس أزيد من هؤلاء

٣٨٠