منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام - ج ٢

لطف الله الصافي الگلپايگاني

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر عليه السلام - ج ٢

المؤلف:

لطف الله الصافي الگلپايگاني


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتب المؤلّف دام ظلّه
المطبعة: سلمان الفارسي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٧

رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أبو القاسم ، قال : كتبت من كتاب أحمد الدهّان ، عن القاسم بن حمزة ، عن ابن أبي عمير قال : أخبرني أبو اسماعيل السرّاج ، عن خيثمة الجعفي ، قال : حدّثني أبو أيّوب المخزومي [أبو لبيد المخزومي ـ خ] قال : ذكر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما‌السلام سير الخلفاء الاثني عشر الراشدين صلوات الله عليهم ، فلمّا بلغ آخرهم قال : الثاني عشر الّذي يصلّي عيسى بن مريم عليه‌السلام خلفه ، [عليك] بسنّته والقرآن الكريم.

ويدلّ عليه أيضا الروايات : ٨١ ، ١١٣ ، ١١٨ ، ١٥٣ إلى ١٦٥ ، ١٨١ ، ١٩٦ ، ٢٠٥ إلى ٣٠٩ ، ٥٥٣ إلى ٥٤١ ، ٥٤٣ إلى ٥٤٥ ، ٥٤٧ ، ٥٤٩ إلى ٥٥٦ ، ٥٧٤ ، ٦٦٨ ، ١١٦٨ ، ١٢٣٠.

٢٢١

الفصل السادس والعشرون

في أنّه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما

وفيه ١٤٨ حديثا

٥٨٣ ـ (١) ـ الفتن : حدّثنا الوليد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، عن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : يحثي المال حثيا ، لا يعدّه عدّا ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما.

٥٨٤ ـ (٢) ـ الفتن : قال : قال الوليد عن أبي رافع إسماعيل بن رافع ، عمّن حدّثه ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال : تأوي إليه امّته كما تأوي النحلة يعسوبها ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، حتّى يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل ، لا يوقظ نائما ، ولا يهريق دما.

٥٨٥ ـ (٣) ـ الفتن : حدّثنا ابن وهب ، عن الحرث ، عن منهال بن عمرو بن زياد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلّى

__________________

(١) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٩٢ ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه.

(٢) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٩٢ و ١٩٣ ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه.

(٣) ـ الفتن : ج ٥ ص ١٩٣ ب سيرة المهدي وعدله وخصب زمانه ، كشف الغمّة : ج ٢ ص ٤٦٨ مختصرا.

٢٢٢

الله عليه [وآله] وسلّم ، قال : يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما وجورا ، يملك سبع سنين.

٥٨٦ ـ (٤) ـ المسند : حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا عوف ، عن أبي الصدّيق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا ، ثمّ يخرج رجل من عترتي ، أو من أهل بيتي ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا.

٥٨٧ ـ (٥) ـ كنز العمّال : عن علي قال : تملأ الأرض ظلما وجورا حتّى يدخل كلّ بيت خوف وحزن ، يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه ، فيكون قتال بقتال ، ويسار بيسار ، حتّى يحيط الله بهم في مصره ، ثمّ تملأ الأرض عدلا وقسطا.

٥٨٨ ـ (٦) ـ كمال الدين : حدّثنا علي بن محمّد بن الحسن القزويني ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى الأحول ، قال : حدّثنا خلّاد المقرئ ، عن قيس بن أبي حصين ، عن يحيى بن وثّاب ، عن عبد الله بن عمر ، قال : سمعت الحسين بن علي عليهما‌السلام يقول : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله عزوجل ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، كذلك سمعت رسول الله صلّى الله

__________________

(٤) ـ المسند : ج ٣ ص ٣٦ ، كنز العمّال : ج ١٤ ص ٢٧١ ح ٣٨٦٩١ ، عقد الدرر : ص ١٦ ب ١ وص ٣٦ و ٣٧ ب ٣ ، دلائل الإمامة : ب معرفة وجوب القائم ص ٢٤٩ ح ٤٠ ، البحار : ج ٥١ ص ٨٢ ب ١ ح ٢٢ ممّا جمعه الحافظ أبو نعيم.

(٥) ـ كنز العمّال : ج ١٤ ص ٥٨٦ ح ٣٩٦٥٩.

(٦) ـ كمال الدين : ج ١ ص ٣١٧ و ٣١٨ ب ٣٠ ح ٤ ، البحار : ج ٥١ ص ١٣٣ ب ٣ ح ٥ ، إعلام الورى : ص ٤٠١ و ٤٠٢ ف ٢ ب ١.

٢٢٣

عليه وآله وسلّم يقول.

٥٨٩ ـ (٧) ـ كمال الدّين : حدّثنا أبي ، ومحمّد بن الحسن ـ رضي

__________________

(٧) ـ كمال الدين : ج ١ ص ٢٨٨ و ٢٨٩ ب ٢٦ ح ١.

أقول : ولا يخفى وضوح المراد من قوله عليه‌السلام : «الحادي عشر من ولدي» ، وأنّ المراد منه الإمام الحادي عشر من ولده عليه‌السلام ، وهو المهدي ـ روحي لمقدمه الفداء ـ وسنده الأوّل صحيح جدّا.

غيبة النعماني : ص ٦٠ و ٦١ ب ٤ ح ٤ نحوه ، وفيه : «ولكنّ فكري في مولود يكون من ظهري ، هو المهديّ الّذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، تكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، فكم تكون تلك الحيرة والغيبة؟ فقال : سبت من الدهر ... الحديث». وليس فيه : «الحادي عشر من ولدي». نعم ، نقل عن بعض النسخ : «من ظهر الحادي عشر من ولدي» ولم يعلم أنّه من اختلاف نسخ الكتاب أو اختلاف متون الكتب. وكيف كان ، فالنسخة الّتي جعلها الأصل الفاضل الخبير القمّي لطبعته الاولى ، وصحّحها وطابقها مع النسخ المتعدّدة ، القديمة ليست فيها هذه الزيادة ، لا باللفظ الأوّل ولا باللفظ الثاني.

هذا ولا يخفى عليك أنّ ما يستفاد من البحار من موافقة متن «غيبة النعماني» لمتن «الكافي» في الجواب عن سؤال مدّة الحيرة والغيبة لا يوافق النسخ الموجودة عندنا من «غيبة النعماني» ؛ لأنّه قال : «فقال : سبت من الدهر» ، وما في الكافي غير ذلك ، وسيأتي متنه بلفظه. والسبت من الدهر : برهة منه ، يجوز أن تكون طويلة أو قصيرة.

وكذا لا يطابق متن «الاختصاص» حسب نسخته المطبوعة من النسخ المخطوطة القديمة لمتن الكافي أيضا ، وليس فيه السؤال عن مدّة الحيرة والغيبة.

الاختصاص : ص ٢٠٩ ف إثبات الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام نحوه ، إلّا أنّه قال : «ولكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي ، هو المهديّ الّذي ...». وهذا المتن بظاهره غير مستقيم ، فإنّ الإمام الحسن العسكري والد مولانا المهدي عليهما‌السلام هو التاسع من ولد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ولذا قال العلامة المجلسي ـ قدس‌سره ـ في «مرآة العقول» : فالمعنى من ظهر الإمام الحادي عشر و «من ولدي» نعت مولود ... الخ.

دلائل الإمامة : ص ٢٨٩ ف معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة نحو ما في الاختصاص ، إلّا أنّه قال في آخره : «فقلت : يا أمير المؤمنين ، فكم تكون تلك الحيرة ، وتلك الغيبة؟ قال عليه‌السلام : وأنّى بذلك؟ فكيف لك العلم بهذا الأمر يا أصبغ ،

٢٢٤

الله عنهما ـ قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري ،

__________________

أولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة».

كفاية الأثر : ح ٢ ب ٢٩ ص ٢١٩ و ٢٢٠ نحوه ، وفيه : «ولكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي ، هو المهدي ، يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما ، ويكون له حيرة وغيبة ، يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون ... الحديث بتمامه» فلم يذكر تمام الحديث.

الكافي : ج ١ ص ٣٣٨ ح ٧ نحوه ، إلّا أنّه قال : «فقلت : يا أمير المؤمنين ، وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال : ستّة أيّام ، أو ستّة أشهر ، أو ستّ سنين» ، وقال في آخره : «فإنّ له بداءات وإرادات وغايات ونهايات». واختلفت النسخ في قوله : «من ظهري الحادي عشر من ولدي» ، ففي النسخة المطبوعة الجديدة من «مرآة العقول» ذكره «من ظهري» ، ولكن يعلم من شرح العلامة المجلسي ـ قدس‌سره ـ أنّ ما جعله الأصل لشرحه كان : «من ظهر» ، ولكن صرّح بأنّ في بعض نسخ الكتاب : «من ظهري» ، وفي النسخة المطبوعة الجديدة من الكافي ذكره : «من ظهر» ، وفي البحار عن الكافي ذكره : «من ظهري».

غيبة الشيخ : ص ١٠٣ و ١٠٤ نحو الكافي ، إثبات الوصيّة أيضا نحو الكافي ، وفيه : «من ظهري» ، ورواه عن الكافي في إثبات الهداة : ج ٦ ص ٣٥٧ و ٣٥٨ ب النصوص على إمامة صاحب الزمان ح ٢٠ مقطّعا ، وفيه : «من ظهري» ، وأسقط السؤال والجواب عن مدّة الحيرة والغيبة ، كما أسقط ذيل الحديث ، ولعلّه صنع هكذا لأنّه لم ير الاعتماد بما أسقط لمخالفته مع سائر متون الحديث وغيره من الأحاديث.

ولا يخفى عليك أنّ ما في الكافي من الجواب عن مدّة الحيرة والغيبة بظاهره لا يستقيم مع ما يدلّ عليه قوله عليه‌السلام : «تكون له غيبة وحيرة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون» ، من تعظيم أمر الغيبة ، وامتحان الناس بها ، واستقرار من يضلّ على الضّلالة ومن يهتدي على الهداية ، والغيبة والحيرة في ستّة أيّام لا توجب الحيرة وضلالة الأقوام ، وكذا ستّة أشهر وستّ سنين ، وترتفع بانقضاء هذه المدّة ، دون ما إذا امتدّت مدّتها وطالت ، فإنّه يضلّ فيها أقوام ويستمرّ ضلالتهم.

وخلاصة الكلام أنّ متن الحديث في الكافي مضطرب جدّا ، ولا حاجة إلى تأويله بالتكلّف بعد ضعف سنده ، وبعد ما روي بسند صحيح ، وبلفظ مستقيم خال عن الاضطراب ، موافق لسائر الروايات ، وهو ما أخرجه الصدوق ـ قدس‌سره ـ في كمال الدّين في أحد سنديه لهذا الحديث : عن أبيه ومحمّد بن الحسن ـ رضي‌الله‌عنهما

٢٢٥

ومحمّد بن يحيى العطّار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمّد بن

__________________

قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ... إلى آخر ما ذكرنا عنه في المتن ، وهذا الطريق صحيح ، فالاعتماد عليه ولا اعتماد على غيره بعد ما فيه من الاضطراب ، واختلاف النسخ ، وضعف السند ، لعلّه جهالة بعض رجاله.

نعم ، يجوز الاعتماد بلفظ مثل غيبة النعماني وكفاية الأثر ، لعدم اضطراب متنهما ، وجبر ضعف سندهما بموافقة متنهما لسائر الروايات.

إن قلت : إنّ الشيخ روى الحديث في غيبته بسند صحيح ، وفيه السؤال عن مدّة الحيرة والغيبة ، والجواب عنه كما في الكافي.

قلت : بعد ما أخرج في «الكافي» بسند فيه بعض المجاهيل ، وأخرج الشيخ الحديث بلفظ «الكافي» بسندين ، أحدهما : سند الكافي الضعيف ، والثاني : غيره وهو الصحيح ، والظاهر أنّه اختصار سند الصدوق في «كمال الدين» ، وهو الّذي اعتمدنا عليه ، يعرف الحاذق في الرواية أنّ لفظ الحديث في غيبة الشيخ لفظ سند الكافي ، ولو تنزلنا عن ذلك فلا أقل لا يثبت به رواية هذا المتن المضطرب المعلوم إخراجه بالطريق الضعيف من الطريق الصحيح أيضا.

هذا تمام كلامنا في سند الحديث في «الكافي» ومتنه ، ويضاف على كلّ ذلك استقامة متن «غيبة النعماني» الّذي كان كاتب شيخنا الكليني ـ قدس‌سرهما ـ وإنّما أطنبنا الكلام في الحديث لا لمسيس الحاجة في إثبات أمر الغيبة وما يرتبط إليها به ـ لغنائنا عنه بفضل الأحاديث الكثيرة المتواترة ـ بل للإشارة إلى عدم لزوم ارتكاب بعض التكلّفات والتأويلات الّذي لا يقع موقع القبول ، وربّما يصير سببا لإثارة بعض الشبهات في بعض النفوس ، والله هو الهادي الى الصواب.

ويشبه متن «الكافي» لهذا الحديث متن حديث أخرجه الصدوق في «كمال الدين» : ج ١ ص ٣٢٣ و ٣٢٤ ح ٨ ب ٣١ ، بسند فيه أيضا بعض من لم نظفر به في كتب الرجال عن مولانا زين العابدين عليه‌السلام ، وهذا المتن أيضا مشتمل على بيان مدّة الغيبة القصرى ، فقال : «إنّ للقائم منّا غيبتين ، احداهما أطول من الاخرى ، أمّا الاولى فستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين ، وأمّا الاخرى فيطول أمدها ، حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به ، فلا يثبت عليه إلّا من قوي يقينه ، وصحّت معرفته ، ولم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا ، وسلّم لنا أهل البيت» ، والكلام فيه أيضا يظهر ممّا ذكرنا في حديث الكافي ، ونضيف إليه : أنّ الغيبة بالمعنى الّذي يراد منها في مثل هذه المقامات لا يصحّ إطلاقها على ستّة أيّام أو ستّة أشهر ، وأنّ هذا الخبر بظاهره معارض لما في

٢٢٦

الحسين بن أبي الخطّاب ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن

__________________

الكافي ، ولا يصحّ الجمع بينهما بالإطلاق والتقييد ، فلا يؤيّد هذا الخبر بحديث الأصبغ كما صنع شيخنا العلامة المجلسي ـ قدس‌سره ـ ، كما لا يؤيّد حديث الأصبغ أيضا به ، والأولى ردّ علم مثل هذه الأحاديث إلى أهله.

ثمّ لا يخفى عليك أنّه لا يصحّ توجيه ما في هذه الرواية مع سندها الضعيف ومتنها المضطرب من تحديد مدّة الغيبة بستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين ، بالقول بالبداء الّذي هو من أهمّ ما ابتنى عليه تحقّق مصالح النبوّات وفوائد بعث الرسل وإنزال الكتب ، بل نظام الدين والدنيا والتشريع والتكوين ، لأنّا إنّما نقول به في الموارد الّتي ثبت بالعقل والشرع جواز وقوعه فيها ، كالآجال والأمراض والأرزاق والمنايا والبلايا بالدعاء والصدقة وصلة الرحم ، بل بالعلاج بالأدوية ، وكل عمل يؤثّر فعله أو تركه في تقديم الأجل أو تأخيره ، وفي دفع البلاء وتغيير النعم وزوالها وزيادتها ، كما حقّقناه في محله ، قال الله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) ، وقال : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) ، وقال : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) ، وقال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) ، وفي الحديث : «سوسوا إيمانكم بالصدقة ، وحصّنوا أموالكم بالزكاة ، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء» ، وروي : «صلة الرحم تزيد في العمر ، وتدفع ميتة السوء ، وتنفي الفقر».

وأمّا في غير هذه الموارد ممّا دلّ الدليل العقليّ أو النقليّ على عدم وقوع البداء فيه ، كإخبار الأنبياء بنبوّة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإخبار كلّ واحد منهم بنبوّة من يأتي بعده ، وإخبار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ومواضعه وما يقع بينه وبين المنافقين والناكثين والقاسطين ، وإخباره بإمامة الأئمّة من ولده الى الإمام الثاني عشر عليهم‌السلام ، وإخبار كلّ إمام بإمامة من يلي بعده وبصفاتهم وعلائمهم ، وإخبار الله تعالى بظهور هذا الدين على الدين كلّه ، وخروج دابّة الأرض ، وغير ذلك ممّا جاء في الكتاب ، أو ثبت الإخبار به بالسنّة من البشارات والإنذارات وما يعدّ من أمارات النبوّة والإمامة ، والإخبار بالملاحم والفتن وأحوال البرزخ والقيامة فلا يقع البداء فيها ؛ لاستلزامه نقض الغرض الكامن في النبوّات وقاعدة اللطف ، وتكذيب الرسل والأولياء ، ألا ترى أنّه لا يصحّ دعوى وقوع البداء بل وإبداء احتمال ذلك في أخبار الأنبياء السالفة وتنصيصاتهم برسالة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبسماته وصفاته ، وأنّ مولده مكّة المكرّمة ومهجره المدينة المنوّرة ، فكما لا يقبل من أحد لم يكن

٢٢٧

محمّد بن خالد البرقي وإبراهيم بن هاشم جميعا ، عن الحسن بن علي بن

__________________

مولده مكّة ومهجره مدينة دعوى النبوّة بدعوى وقوع البداء في ذلك ، كذلك لا يسمع من أحد إنكار نبوّة من تحقّق له ذلك بوقوع البداء في ذلك أو احتمال وقوعه فيه ؛ فالضرورة قاضية على عدم جواز وقوع البداء في هذه الامور ، وإلّا لبطلت النصوص ، ولم يصحّ الاحتجاج بها بمثل قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) ، والدلائل والعلائم المذكورة في الأحاديث لمولانا المهدي ـ بأبي هو وامّي ـ التي عرف عليه‌السلام بها حكمها حكم النصوص الّتي تلوناها عليك ، ومن ذلك الأخبار بغيبته القصرى والطولى ، وأنّ علم مدّتها كعلم الساعة عند الله تعالى ، وعلى هذا لا يجوز تصحيح ما جاء في بعض ألفاظ خبر واحد عرفت حاله سندا ومتنا بأنّ مدّة الغيبة والحيرة في رأس ستّ سنين لم تنقض لوقوع البداء في ذلك فامتدّت إلى وقت لا يعلمه إلّا الله تعالى ، فلو كان هذا الخبر بهذا اللفظ على ظاهره صحيح السند ومستقيم المتن لكان عدم انقضاء مدّة الغيبة في تلك المدّة أقوى شاهد على عدم اعتباره ووقوع سهو أو اشتباه فيه لعدم جواز وقوع البداء فيه ، فضلا عمّا فيه من ضعف السند والمتن ، ومخالفته لمتنه المستقيم المروي بالسند الصحيح ، وكونه معارضا للأخبار المتواترة.

وقد ظهر لك ممّا تلونا عليك أنّ أوصاف مولانا المهدي ـ بأبي هو وامّي ـ وخصائصه وعلائم ظهوره ـ كامتلاء الأرض جورا وظلما وامتلائها به قسطا وعدلا ، وحكومته العالميّة ، وفتح مشارق الأرض ومغاربها على يده ، وظهور الإسلام به على جميع الأديان ، وغير ذلك ممّا هو مصرّح في الكتاب أو السنّة ـ لا يجوز أن يقع فيها البداء ، اللهمّ إلّا ما صرّح في الأحاديث الصحيحة بعدم حتميّتها. نعم يجوز وقوع البداء في وقت ظهوره الّذي لم نعلم وقته المعلوم ، ولذا ندعو الله لتعجيل الفرج كما امرنا به ، فالله تعالى إن شاء يعجّل ذلك ويهيّئ أسبابه ، فإنّه على ما يشاء قدير.

فإن قلت : إذا كان وقته معلوما عند الله تعالى فما فائدة الدعاء لتعجيل فرجه ، وكيف يؤثّر الدعاء فيه؟

قلت : هذا الإشكال هو الإشكال على تأثير الدعاء في قضاء الحوائج ، وعلى طلب المطالب من الله تعالى ، واستجابته للدعاء وكفاية مهمّات عباده ، وعلى تأثير الصدقة وصلة الرحم في تأخير الأجل ، وتأثير قطع الرحم في تقديمه ، وتأثير الأعمال الصالحة والشكر في بقاء النعم وتزييدها من الله تعالى ، مع أنّ كلّ ذلك معلوم له تعالى ، وهو عالم بجميع الأشياء من الأزل قبل وجودها ، لا يتغيّر علمه ولا يزيد في علمه شيء ولا

٢٢٨

فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ؛ وحدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، وسعد بن عبد الله ، عن عبد الله بن محمّد الطيالسي ، عن منذر بن محمّد بن قابوس ، عن النصر بن أبي السري ، عن أبي داود سليمان بن سفيان المسترقّ ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن مالك الجهني ، عن الحارث بن المغيرة النصري ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فوجدته متفكّرا ينكت في الأرض ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، مالي أراك متفكّرا تنكت في الأرض ، أرغبت فيها؟ فقال : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط ، ولكن فكّرت في مولود يكون من ظهري ، الحادي عشر من ولدي ، هو المهدي ، يملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما ، تكون له حيرة وغيبة ، يضلّ فيها أقوام

__________________

يزاد في علمه ، منزّه عن كلّ ما فيه وصمة الجهل والنقص ، ومقدّس من أن يظهر له أمر على خلاف ما علم أو بعد خفائه عنه. وقد أجبنا عن هذا الإشكال مفصّلا في رسالتنا في البداء ، واجماله : أنّ هذه الشبهة وشبهة المجبّرة ترتضعان من ثدي واحد ، وجوابها : أوّلا : أنّ علمه تعالى قد تعلّق بوقوع الفرج في الوقت المعلوم بتأثير دعاء المؤمنين لتعجيله فيه ، فلو كان تعلّقه به موجبا لعدم تأثير الدعاء فيه لزم الخلف ، وتخلّف العلم عن المعلوم.

وثانيا : انّ العلم بالشيء لا يكون علّة لوجوب وجوده ؛ لأنّ المعلوم مع غضّ النظر عن تعلّق العلم به إن كان وجب وجوده بواسطة وجود علّته ، ولذا صار وجوده متعلّقا للعلم ، فلا معنى لتأثير العلم في وجوب وجوده ، وإن لم يجب وجوده بحيث كان تعلّق العلم به علّة لوجوده أو من أجزاء علّته يلزم الدور المحال ؛ لتوقّف العلم به على وجوده في ظرفه ، وتوقّف وجوده على وجوبه تحقّق علّته ، وتحقق علّته متوقّف على العلم به.

وتمام الكلام يطلب من رسالتنا ، ومن كتب الأصحاب في البداء.

إعلام الورى : ر ٤ ق ٢ ب ٢ ف ٢ ، وجاء فيه «يكون عن ظهري الحادي عشر من ولدي».

٢٢٩

ويهتدي فيها آخرون ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، وإنّ هذا لكائن؟ فقال : نعم ، كما أنّه مخلوق ، وأنّى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ ، اولئك خيار هذه الامّة مع أبرار هذه العترة ، قلت : وما يكون بعد ذلك؟ قال : ثمّ يفعل الله ما يشاء ، فإنّ له إرادات وغايات ونهايات.

٥٩٠ ـ (٨) ـ كفاية الأثر : أخبرنا أبو المفضّل ، قال : [حدّثنا] أبو عبد الله جعفر بن محمّد العلوي ، قال : حدّثنا علي بن الحسين [الحسن ـ خ] بن علي بن عمر ، عن أبيه علي بن الحسين ، قال : كان يقول صلوات الله عليه : ادعوا لي ابني الباقر ، وقلت لابني الباقر ـ يعني محمّدا ـ فقلت له : يا أبه ، ولم [فلم ـ خ] سمّيته الباقر؟ قال : فتبسّم ، وما رأيته تبسّم [يتبسّم ـ خ] قبل ذلك ، ثمّ سجد لله تعالى طويلا ، فسمعته يقول في سجوده : اللهمّ لك الحمد سيّدي على ما أنعمت به علينا أهل البيت ، يعيد ذلك مرارا ، ثمّ قال : يا بني ، إنّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا عليه‌السلام فيملأها قسطا وعدلا ، وإنّه الإمام أبو الأئمّة ، معدن الحلم ، وموضع العلم ، يبقره بقرا ، والله لهو أشبه الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلت [فقلت ـ خ] : فكم الأئمّة بعده؟ قال : سبعة ، ومنهم المهدي الّذي يقوم بالدين في آخر الزمان.

٥٩١ ـ (٩) ـ دلائل الإمامة : وباسناده (أي أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى ، عن أبيه) عن أبي علي النهاوندي ، قال : حدّثنا أبو القاسم بن أبي حيّة ، قال : حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : حدّثنا

__________________

(٨) ـ كفاية الأثر : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ب ٣٢ ح ٢ ، البحار : ج ٣٦ ص ٣٨٨ ـ ٣٨٩ ب ٤٤ ح ٣ عن الكفاية ، وفي سنده : «علي بن الحسين بن علي بن عمر بن الحسين ، عن حسين بن زيد ، عن عمّه عمر بن عليّ ، عن أبيه».

(٩) ـ دلائل الإمامة : ص ٢٤٩ ح ٤٠.

٢٣٠

أبو عبيدة الحدّاد ، قال : حدّثنا عبد الواحد بن واصل السدوسي ، قال : حدّثنا عوف ، عن أبي الصدّيق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تقوم الساعة حتّى تملأ الأرض ظلما وعدوانا ، ثمّ يخرج رجل من عترتي ، أو قال : من أهل بيتي ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا.

٥٩٢ ـ (١٠) ـ غيبة الشيخ : وبهذا الإسناد (أي إبراهيم بن سلمة ، عن أحمد بن مالك الفزاري ، عن حيدر بن محمّد الفزاري ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن نصر بن مزاحم ، عن محمّد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح) ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) يعني : يصلح الأرض بقائم آل محمّد من (بَعْدَ مَوْتِها) يعني : من بعد جور أهل مملكتها ، (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) بقائم آل محمّد (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

٥٩٣ ـ (١١) ـ دلائل الإمامة : أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أبو عليّ الحسن بن محمّد النهاوندي ، قال : حدّثنا العبّاس بن مطر الهمداني ، قال : حدّثنا إسماعيل بن علي المقري ، قال : حدّثنا محمّد بن سليمان ، قال : حدّثني أبو جعفر العرجي ، عن محمّد بن يزيد ، عن سعيد بن عباية ، عن سلمان الفارسي ، قال : خطبنا أمير المؤمنين بالمدينة ، وقد ذكر الفتنة وقربها ، ثمّ ذكر قيام القائم من ولده ، وأنّه يملأها عدلا كما ملئت جورا ... الحديث بطوله.

__________________

(١٠) ـ غيبة الشيخ : ص ١٧٥ ح ١٣١ ، البحار : ج ٥١ ص ٥٣ ب ٥ ح ٣٢ ، إثبات الهداة : ج ٣ ص ٥٠١ ب ٣٢ ف ١٢ ح ٢٨٧ وص ٥٨١ ف ٥٩ ح ٧٦٢ ، منتخب الأنوار المضيئة : ص ١٨ ، المحجّة : ص ٢٢١ و ٢٢٢.

(١١) ـ دلائل الإمامة : ص ٢٥٣.

٢٣١

٥٩٤ ـ (١٢) ـ الكافي : أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن جعفر بن القاسم ، عن محمّد بن الوليد الخزّاز ، عن الوليد بن عقبة ، عن الحارث بن زياد ، عن شعيب ، عن أبي حمزة ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له : أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال : لا ، فقلت : فولدك؟ فقال : لا ، فقلت : فولد ولدك هو؟ قال : لا ، فقلت : فولد ولد ولدك؟ فقال : لا ، قلت : من هو؟ قال : الّذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، على فترة من الأئمّة ، كما أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث على فترة من الرسل.

٥٩٥ ـ (١٣) ـ فرائد السمطين : حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار النيسابوري ، [قال : حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري ، قال : حدّثنا حمدان بن سليمان النيسابوري] ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ، عن أبيه سيّد العابدين علي بن الحسين ، عن أبيه سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين ، قال : قال

__________________

(١٢) ـ الكافي : ج ١ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ ب ١٣٨ ح ٢١ ، غيبة النعماني : ١٨٦ ـ ١٨٧ ب ١٠ ح ٣٨ ، مرآة العقول : ج ٤ ص ٥٤ ح ٢١ ، قال المجلسي ـ قدس‌سره ـ : «الفترة بين الرسولين هي الزمان الّذي انقطعت فيه الرسالة ، واختفى فيه الأوصياء ، والمراد بفترة من الأئمّة خفاؤهم وعدم ظهورهم في مدّة طويلة ، أو عدم إمام قادر قاهر ، فتشمل أزمنة سائر الأئمّة سوى أمير المؤمنين ، والأوّل أظهر».

(١٣) ـ فرائد السمطين : ج ٢ ص ٣٣٥ ح ٥٨٧ ، ينابيع المودّة : ص ٤٤٨ ب ٩٤ ، كمال الدين : ج ١ ص ٢٨٧ ب ٢٥ ح ٥ ، إعلام الورى : ر ٤ ق ٢ ب ٢ ف ٢ ، البحار : ج ٥١ ص ٧٢ ب ١ من أبواب النصوص ح ١٧ ، غاية المرام : ص ٦٩٥ ب ١٤١ ح ٣٠ وص ٦٩٥ ب ١٤٢ ح ٢٣ ، إثبات الهداة : ج ٣ ص ٤٦١ ب ٣٢ ف ٥ ح ١٠٥.

٢٣٢

رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : المهدي من ولدي ، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الامم ، يأتي بذخيرة الأنبياء عليهم‌السلام ، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.

٥٩٦ ـ (١٤) ـ تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثني علي بن محمّد بن عمر الزهري معنعنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : قال : قال الحارث الأعور للحسين عليه‌السلام : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعلت فداك ، أخبرني عن قول الله في كتابه : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) قال : ويحك يا حارث ، ذلك محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلت : جعلت فداك ، قوله : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) قال : ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يتلو محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قلت : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) قال : ذلك القائم من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا.

٥٩٧ ـ (١٥) ـ النكت الاعتقاديّة : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لم يبق من الدنيا إلّا ساعة واحدة لطوّل الله تلك الساعة حتّى يخرج رجل من ذرّيّتي ، اسمه كاسمي ، وكنيته ككنيتي ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، يجب على كلّ مخلوق متابعته.

٥٩٨ ـ (١٦) ـ المحكم والمتشابه : في قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ

__________________

(١٤) ـ تفسير فرات الكوفي : ص ٢١٢ ، راجع في ذلك «تأويل الآيات الظاهرة» تجد فيه أحاديث اخرى ، عن الحلبي ، وعن الفضل أبي العبّاس ، وعن سليمان الديلمي في كلّها تأوّل قوله تعالى : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) بالقائم عليه‌السلام وقيامه.

(١٥) ـ النكت الاعتقاديّة : ص ٣٥.

(١٦) ـ المحكم والمتشابه : ص ٢٧ ، إثبات الهداة : ج ٢ ص ٥٠٦ ب ٩ ف ٢٦ ح ٤٦٨.

وممّا يناسب ذكره هنا ما في الكنى والألقاب في الجزء الثالث ص ٦٨ و ٦٩ في «قفطان» عن أعيان الشيعة : أنّ الشيخ محمّد طه نجف روى عن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن بن

٢٣٣

وَالْأَرْضِ) الآية ، عن تفسير النعماني ، بسنده عن الصادق عليه‌السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : فالمشكاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمصباح الوصيّ والأوصياء عليهم‌السلام ، والزجاجة فاطمة عليها‌السلام ، والشجرة المباركة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والكوكب الدرّي القائم المنتظر الّذي يملأ الأرض عدلا.

ويدلّ عليه أيضا الأحاديث ٧٢ ، ٨٠ ، ٩١ ، ٩٥ ، ١٤٩ ، ١٥٣ ، ١٦٠ ، ١٦١ ، ١٦٥ ، ١٨١ ، ١٩٤ ، ٢٠٥ ، ٢١٦ ، ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٢٢١ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ (وفيه : يملأ الله عزوجل به الأرض نورا بعد ظلمتها وعدلا بعد جورها وعلما بعد جهلها) ، ٢٣٥ ، ٢٤١ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٢٤٩ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٥٧ ، ٢٥٩ ، ٢٦٣ ، ٢٧٢ ، ٢٧٥ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٩١ ، ٢٩٥ ، ٣٢١ ، ٣٣٩ ، ٣٤٦ ، ٣٥٣ ، ٣٦٠ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٧٠ ، ٣٧١ (وفيه : ظلما وجورا وعدوانا) ، ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٨ ، ٣٨٢ ، ٣٩٠ ، ٣٩٦ ، ٤٠٠ ، ٤٠٤ ، ٤٠٦ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣١ ، ٤٥١ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٨ ، ٤٦٠ ، ٤٦١ ، ٤٦٣ ، ٤٨٤ ، ٤٨٥ ، ٤٩٢ (وفيه : يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا) ، ٤٩٤ ، ٤٩٧ ، ٤٩٨ ، ٥٠٠ ، ٥٠٢ ، ٥٠٥ ، ٥٠٧ ، ٥٠٨ ، ٥١١ ، ٥١٣ ، ٥٢٤ ، ٥٢٧ ، ٥٢٨ ، ٥٣٢ ، ٥٣٥ ، ٥٤١ ، ٥٤٣ ، ٥٤٤ ، ٥٤٧ ، ٥٤٨ ، ٥٥١ ، ٥٥٥ ، ٥٥٦ ، ٥٥٧ ، ٥٦٣ ، ٥٦٤ ، ٥٦٧ ، ٥٧٠ ، ٥٨١ ، ٦١٢ ، ٦٥٣ ، ٦٧٠ ، ٧٠١ ، ٧٢٦ ، ٧٤٨ ، ٧٦٤ ، ٧٧٥ ، ٧٩١ ، ٧٩٦ ، ٨٠٦ ، ٨٠٧ ، ٨١٠ ، ٨٢٨ ، ٨٥٩ ، ٩١٠ ، ٩٥٠ ، ٩٨٣

__________________

الشيخ عليّ النجفي الفاضل الأديب الشاعر المتوفّى (١٢٩٣ ه‍) أنّه رأى الإمام المنتظر عليه‌السلام فيما يرى النائم وعاتبه ، فأجابه بهذين البيتين :

لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى

فنملؤها عدلا كما ملئت ظلما

سينجز وعدي قل لمن يكفرون لي

لقد كان ذا حقّا على ربّنا حتما

٢٣٤

(وفيه : يملأ الأرض حقا وعدلا) ، ١٠٢٨ ، ١٠٩٤ ، ١٠٩٥ ، ١٠٩٧ ، ١١٠١ ، ١١١٣ ، ١١٢٩ ، ١١٣٠ ، ١١٣٦ ، ١١٥٥ إلى ١١٦٠ ، ١١٩٥ (وفيه : قسطا وعدلا ونورا وبرهانا) ، ١١٩٨ ، ١٢٠٤.

٢٣٥

الفصل السابع والعشرون

في أنّ له غيبتين إحداهما أقصر من الاخرى

وفيه ١٠ أحاديث

٥٩٩ ـ (١) ـ الكافي : محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : للقائم غيبتان : إحداهما قصيرة ، والاخرى طويلة ، الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة شيعته ، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه.

٦٠٠ ـ (٢) ـ ينابيع المودّة : عن كتاب المحجّة فيما نزل في القائم

__________________

(١) ـ الكافي : ج ١ ص ٣٤٠ ك الحجّة ب في الغيبة ح ١٩ ، مرآة العقول : ج ٤ ص ٥٢ ح ١٩ ، غيبة النعماني : ص ١٧٠ ب ١٠ فصل ح ٢ ، إلّا أنّه قال : «إلّا خاصّة مواليه في دينه» ، وروى هذا الحديث أيضا النعماني : «عن ابن عقدة قال : حدّثنا علي بن الحسن التيملي عن عمر بن عثمان عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمّار الصيرفي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : للقائم غيبتان : إحداهما طويلة ، والاخرى قصيرة ، فالاولى يعلم بمكانه فيها خاصّة من شيعته ، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه في دينه» ص ١٧٠ ح ١. وما وقع في الحديث الثاني من تقديم الغيبة الطويلة في الذكر على القصيرة الّتي هي الاولى لا يضرّ بالمقصود واستفادة المراد من الحديث.

(٢) ـ ينابيع المودّة : ص ٤٢٧ ب ٧١ ، المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة : ص ٢٠٠ الثامن والعشرون من سورة الزخرف.

٢٣٦

الحجّة في قوله تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ، عن ثابت الثمالي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن أبي طالب ـ رضي‌الله‌عنهم ـ قال : فينا نزلت هذه الآية ، وجعل الله الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة ، وإنّ للقائم منّا غيبتين : إحداهما أطول من الاخرى ، فلا يثبت على إمامته إلّا من قوي يقينه ، وصحّت معرفته.

٦٠١ ـ (٣) ـ غيبة النعماني : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا علي بن الحسن ، قال : حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن علي بن مهزيار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين ، وسمعته يقول : لا يقوم القائم ولأحد في عنقه بيعة.

٦٠٢ ـ (٤) ـ غيبة النعماني : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم من كتابه ، قال : حدّثنا عبيس بن هشام ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إبراهيم بن المستنير ، عن المفضّل بن عمر الجعفي ، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام ، قال : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين : إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم يقول : قتل ، وبعضهم يقول : ذهب ، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلّا نفر يسير ، لا يطّلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلّا المولى الّذي يلي أمره.

٦٠٣ ـ (٥) ـ غيبة النعماني : أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ،

__________________

(٣) ـ غيبة النعماني : ص ١٧١ ح ٣.

(٤) ـ غيبة النعماني : ص ١٧١ و ١٧٢ ح ٥.

(٥) ـ غيبة النعماني : ص ١٧٢ و ١٧٣ ح ٧ ، دلائل الإمامة في فصل معرفة ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة ص ٢٩٣ إلى قوله : «قال : نعم».

٢٣٧

قال : حدّثنا محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس ، وسعدان [سعد ـ خ] بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين [الحسن ـ خ] بن عبد الملك ، ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطواني ، قالوا جميعا : حدّثنا الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم [بن زياد] الخارقي ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كان أبو جعفر عليه‌السلام يقول : لقائم آل محمّد غيبتان : إحداهما أطول من الاخرى ، فقال : نعم ، ولا يكون ذلك حتّى يختلف سيف بني فلان ، وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتدّ البلاء ، ويشمل الناس موت وقتل ، يلجئون فيه الى حرم الله وحرم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٦٠٤ ـ (٦) ـ غيبة النعماني : عبد الواحد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن رباح ، قال : حدّثنا أحمد بن علي الحميري ، قال : حدّثنا الحسن بن أيّوب عن عبد الكريم بن عمرو ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم الثقفي ، عن الباقر أبي جعفر عليه‌السلام أنّه سمعه يقول : إن للقائم غيبتين ، يقال له في إحداهما : هلك ، ولا يدري في أيّ واد سلك.

٦٠٥ ـ (٧) ـ الكافي : محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن

__________________

(٦) ـ غيبة النعماني : ص ١٧٣ ح ٨.

(٧) ـ الكافي : ج ١ ص ٣٤٠ ب ١٣٨ ح ١٢ ، غيبة النعماني : ص ١٧٥ ـ ١٧٦ ب ١٠ ح ٩ وفيه : «يرجع في إحداهما» ، و «فاسألوه عن تلك العظائم الّتي يجيب فيها مثله» ، مرآة العقول : ج ٤ ص ٥٤ ح ٢٠.

أقول : ولعلّ مراده عليه‌السلام من رجوعه من إحداهما إلى أهله : عدم انقطاع خبر مكانه عن خواصّه ، واتّصالهم به ـ بأبي هو وامّي ـ بالمكاتبة والتشرّف بزيارته ، ووجود الأبواب والوكلاء والسفراء بينه وبين شيعته. قال المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : «يرجع منها إلى أهله» أي عيال أبيه عليه‌السلام ، أو إلى نوابه وسفرائه ، وقال : «يجيب فيها مثله»

٢٣٨

الحسن بن علي الكوفي ، عن علي بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن المفضّل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لصاحب هذا الأمر غيبتان : إحداهما يرجع منها إلى أهله ، والاخرى يقال : هلك ، في أيّ واد سلك؟ قلت : كيف نصنع إذا كان ذلك؟ قال : إذا ادّعاها مدّع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله.

٦٠٦ ـ (٨) ـ الكافي : الحسين بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري ، عن يحيى بن المثنّى ، عن عبد الله بن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : للقائم غيبتان ، يشهد في إحداهما المواسم ، يرى الناس ولا يرونه.

٦٠٧ ـ (٩) ـ عقد الدرر : عن أبي عبد الله الحسين بن علي

__________________

أي مثل القائم عليه‌السلام عن مسائل لا يعلمها إلّا الإمام ؛ كالإخبار بالمغيبات لعامّة الخلق ، والسؤال عن غوامض المسائل والعلوم المختصّة بهم عليهم‌السلام ، فإن أجاب بالحقّ فيها وموافقا لما وصل إليكم من آبائهم عليهم‌السلام فاعلموا أنّه الإمام ، وهذا مختص بالعلماء.

(٨) ـ الكافي : ج ١ ص ٣٣٩ ب ١٣٨ ح ١٢ ، غيبة النعماني : ص ١٧٥ ـ ١٧٦ ب ١٠ ح ١٦ وفيه : «ولا يرونه فيه» ، مرآة العقول : ج ٤ ص ٤٧ ح ١٢.

(٩) ـ عقد الدرر : ص ١٣٤ ب ٥ ، البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان : ص ١٧١ و ١٧٢ ب ١٢ ح ٤ نحوه ، بشارة الإسلام : ص ٨١ ب ٤ ح ٤.

قال الشيخ الأجلّ الأقدم ابن أبي زينب الكاتب النعماني : «هذه الأحاديث الّتي يذكر فيها أنّ للقائم عليه‌السلام غيبتين أحاديث قد صحّت عندنا بحمد الله ، وأوضح الله قول الأئمّة عليهم‌السلام وأظهر برهان صدقهم فيها. فأمّا الغيبة الاولى فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام عليه‌السلام وبين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان ، يخرج على أيديهم غوامض العلم [الشفاء من العلم ـ خ ، السهاء العلم ـ خ] وعويص الحكم ، والأجوبة عن كلّ ما كان يسأل عنه من المعضلات والمشكلات ، وهي الغيبة القصيرة الّتي انقضت أيّامها وتصرّمت مدّتها ، والغيبة الثانية هي الّتي ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للأمر الّذي يريده الله تعالى ، والتدبير

٢٣٩

عليهما‌السلام أنّه قال : لصاحب هذا الأمر ـ يعني المهدي عليه‌السلام ـ

__________________

الّذي يمضيه في الخلق ، ولوقوع التمحيص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفية على من يدّعي هذا الأمر ، كما قال الله عزوجل : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) وهذا زمان ذلك قد حضر ـ جعلنا الله فيه من الثابتين على الحقّ ، وممّن لا يخرج في غربال الفتنة ـ فهذا معنى قولنا : «له غيبتان» ، ونحن في الأخيرة نسأل الله أن يقرّب فرج أوليائه منها ، ويجعلنا في حيّز خيرته ، وجملة التابعين لصفوته ، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليّه وخليفته ، فإنّه وليّ الإحسان ، جواد منّان». (غيبة النعماني : ص ١٧٣ ـ ١٧٤)

وقال في «إعلام الورى» في الفصل الأوّل من الباب الثالث من القسم الثاني من الركن الرابع ـ بعد ذكر أنّ أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجّة عليه‌السلام بل زمان أبيه وجدّه ، وأنّ المحدّثين من الشيعة خلّدوها في اصولهم المؤلّفة في أيّام السيّدين الباقر والصادق عليهما‌السلام وأثروها عن النبيّ والأئمّة عليهم‌السلام واحدا بعد واحد ، وأنّ هذا دليل صحّة القول في إمامة صاحب الزمان لوجود هذه الصفة له ، والغيبة المذكورة في دلائله وأعلام امامته ، وأنّه لا يمكن لأحد دفع ذلك ـ ما هذا لفظه : «ومن جملة ثقات المحدّثين والمصنّفين من الشيعة : الحسن بن محبوب الزرّاد ، وقد صنّف كتاب «المشيخة» الّذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة ، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق الخبر الخبر ، وحصل كلّ ما تضمّنه الخبر بلا اختلاف ، ومن جملة ذلك ما رواه عن إبراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ثمّ ذكر الحديث الخامس من هذا الباب) وقال : فانظر كيف قد حصل الغيبتان لصاحب الأمر عليه‌السلام على حسب ما تضمّنه الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده ، انتهى» (غيبة النعماني : ص ١٧٣ ـ ١٧٤).

وقال الشيخ المفيد في «الفصول العشرة» : «الأخبار عمّن تقدم من أئمّة آل محمّد عليهم‌السلام متناصرة بأنّه لا بدّ للقائم المنتظر من غيبتين : إحداهما أطول من الاخرى ، يعرف خبره الخاصّ في القصرى ، ولا يعرف العامّ له مستقرّا في الطولى ، إلّا من تولّى خدمته من ثقات أوليائه ، ولم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره ، والأخبار بذلك موجودة في مصنّفات الشيعة الإماميّة قبل مولد أبي محمّد وأبيه وجدّه عليهم‌السلام ، وظهر حقّها عند مضي الوكلاء والسفراء الّذين سمّيناهم رحمهم‌الله ، وبان صدق رواتها بالغيبة الطولى ، وكان ذلك من الآيات الباهرات في صحّة ما ذهبت إليه الإماميّة انتهى».

٢٤٠