التّفسير الكاشف - ج ٧

التّفسير الكاشف - ج ٧

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦٣٩

اعتقد الكافرون من قبل بني الله نوح : (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) ـ ٢٤ المؤمنون. فأقسم النبي ان دعوته دعوة الحق ، ومعنى هذا انه لا يريد إلا الحق. ومثله قول شعيب لقومه حين ظنوا به ظن السوء : (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) ٨٨ هود.

(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا). ما دام البعث حقا ، والحساب والجزاء حقا فعلى كل انسان أن يؤمن بالله ورسوله والنور أي القرآن ، وانما وصفه سبحانه بالنور لأنه يخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر الى نور العلم والايمان ، ويهديهم الى سبيل السلام : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ـ ١٦ المائدة. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ). يحصي الله سبحانه على عباده أقوالهم وأفعالهم وأهدافهم ومقاصدهم في الحياة الدنيا ، ويعاملهم يوم القيامة بحسبها ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشرّ. وسمي اليوم الآخر بيوم الجمع حيث يجمع الله فيه الخلائق للحساب والجزاء ، وبيوم التغابن أيضا حيث يربح المحق نفسه ، ويخسرها المبطل.

(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). بعد أن ذكر سبحانه أنه جامع الناس ليوم لا ريب فيه ـ قال : ان الناس في هذا اليوم نوعان : الأول آمن بالله ورسله وكتبه ، وتزود الأعمال الصالحة من دنياه لآخرته ، وهذا النوع من الناس يفوز غدا بمغفرة الله ورضوانه ، وبنعيم لا ينتهي أمده. ولا ينقص مدده. والنوع الثاني ضالتّه الدنيا يطلبها انّى كانت وتكون غير مكترث بدين أو ضمير ، ولا بحلال أو حرام ، وهذا النوع في الآخرة من الخاسرين ، مأواه جهنم وساءت مصيرا.

(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ). يدل ظاهر الآية ان كل شر في الدنيا هو بقضاء الله وقدره .. وهذا يتنافي مع قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ـ ٣٠ الشورى. وأجبنا عن هذا مفصلا عند تفسير

٣٤١

الآية ٧٨ من سورة النساء ، ويتلخص الجواب بأن أية كارثة يكون مصدرها الطبيعة كالزلزال والقحط فإنها تنسب الى الطبيعة مباشرة ، واليه تعالى بواسطة إيجاده للطبيعة ، وهذه هي المعنية بقوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) وأية مصيبة يكون مصدرها الإهمال وفساد الأوضاع فإنها تنسب الى سوء اختيار المهمل والمفسد ، وهي التي عناها سبحانه بقوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ).

(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ). ان الله سبحانه يعامل الإنسان بما يختاره لنفسه ، فإن اختار لها الهدى والخير ، وسلك صراطه القويم ـ أخذ الله بيده وشمله بعنايته ، وله عنده ثواب المهتدين ، وان اختار الضلال ، وسلك اليه سبيله خذله الله وأو كله الى نفسه ، ثم يرده الى عذاب السعير (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). يعلم من يرحم نفسه فيرحمه ، ومن يعرضها للهلاك عامدا فيهلكه (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ). على الرسول البلاغ ، وعلينا السمع والطاعة. وتقدم مثله في العديد من الآيات ، منها الآية ٩٢ من سورة المائدة ج ٣ ص ١٢٣ (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). وهو كافي المتوكلين عليه ، وولي المخلصين له.

عداوة الأزواج والأولاد الآية ١٤ ـ ١٨ :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨))

٣٤٢

اللغة :

فتنة محنة توقع في المهالك. ما استطعتم غاية جهدكم. ومن يوق من يحفظ ويحترز. وان تقرضوا أي وإن تنفقوا. وشكور أي يثيب الطائعين والشاكرين.

الإعراب :

من أزواجكم وأولادكم «من» للتبعيض. ما استطعتم «ما» مصدرية ظرفية أي مدة استطاعتكم. وخيرا خبر يكن مقدرة أي أنفقوا يكن الإنفاق خيرا ، أو نعت لمصدر محذوف أي إنفاقا خيرا.

المعنى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ). جاء في كتب التفسير والحديث ان قوما من مكة أسلموا ، وأرادوا الهجرة الى رسول الله (ص) فمنعهم أزواجهم وأولادهم ، فنزلت هذه الآية تحذر المؤمنين من طاعة بعض الأزواج والأولاد. وقلنا أكثر من مرة : ان سبب النزول لا يخصص دلالة العام ، وانما هو فرد من أفراده ، وعليه فكل زوجة لا تتعاون مع زوجها على ما فيه صلاح الطرفين دينا ودنيا فهي عدوة له ، وأيضا هو عدو لها إذا استنكف عن هذا التعاون معها ، ونفس الشيء يقال في حق الوالد والولد ، بل والأم والأخ ، وكل من يفعل ما يفعله العدو فهو عدو كائنا من كان.

وبهذه المناسبة نسجل ان انتقال الإنسان من العزوبة إلى الحياة الزوجية أشبه بانتقاله من الدنيا إلى الآخرة ، إما إلى جنة وإما إلى نار ، وفي الأغلب إلى الجحيم لا إلى النعيم .. فإن الحياة في العصر الحاضر مع كثير من الزوجات والأولاد ـ عذاب وجحيم .. فلا الولد يرضى من والده إلا بالخضوع والطاعة ، ولا الزوجة ترضى من زوجها إلا أن تكون هي الرجل ، وهو المرأة.

(وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). لا فرق بين العفو والصفح والمغفرة إلا باللفظ ، والقصد من الجمع بينها مجرد التأكيد والترغيب ..

٣٤٣

بعد أن حذر سبحانه من بعض الأزواج والأولاد لأنهم يفعلون ما يفعله العدو ـ قال : ان تعفوا عنهم رحمة بهم وطمعا في إصلاحهم فإن الله تعالى يعاملكم بالمثل لأنه يرحم من يرحم ، ويغفر للذين يغفرون حيث تحسن الرحمة والمغفرة بلا ريب ، وإلا فان بعض الذنوب لا يجوز تجاهلها بحال. وتومئ الآية الى ان حياة الأسرة لا تستقيم إلا بالصبر والعفو عن كثير ، وانه لو حاسب كل واحد من أبنائها الآخر على كلمة يقولها أو حركة تبدر منه لساد بينهم التنازع والتخاصم وعاشوا في جحيم.

(إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ). كل ما شغفت به وضدك عما انت مسؤول عنه دنيا وآخرة فهو فتنة ، مالا كان أو ولدا أو زوجة أو جاها أو فنا وما اليه ، وانما خص سبحانه بالذكر الأموال والأولاد لأنها أعظم فتنة من غيرها ، ومهما عظمت ملذات الدنيا فإن الذي عند الله خير وأبقى. وتقدم مثله بالحرف في الآية ٢٨ من سورة الأنفال ج ٣ ص ٤٦٩.

وفي تفسير الطبري وغيره : ان رسول الله (ص) كان يخطب فجاء الحسن والحسين ، وعليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان ، فنزل الرسول وأخذهما ورفعهما في حجره ، ثم قال : صدق الله العظيم : انما أموالكم وأولادكم فتنة ، رأيت هذين فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما. ثم أخذ يخطب.

(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). ابذلوا جهد المستطاع في صيانة أنفسكم عن الفتنة والابتعاد عن محارم الله ، ولا ترتكبوا شيئا منها حرصا على الأموال أو إيثارا للأولاد .. وذهب البعض إلى ان قوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) ـ ١٠٢ آل عمران فيه تشديد ، وان قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فيه تخفيف ، ثم رتب على ذلك ان قوله : (مَا اسْتَطَعْتُمْ) ناسخ لقوله : (حَقَّ تُقاتِهِ) أما نحن فلا نرى أي فرق بين الآيتين لأن على الإنسان أن يتقي غضب الله ما استطاع ، ولا شيء عليه فيما لا يستطيع. أنظر ج ٢ ص ١٢٢.

(وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا). اسمعوا دعوة الله ورسوله ، وراعوها بالطاعة والتقوى ، وأنفقوا الفضل من أموالكم في سبيل الله يكن ذلك (خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) أي (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ـ ٧ الإسراء. (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). إن بذل المال والنفس طريق الى الفلاح والنجاح ،

٣٤٤

والشح بهما سبيل الخذلان والخسران ، لأن الشح والحرص من أقوى البواعث على التقحم في القبائح والجرائم. وتقدم مثله بالحرف في الآية ٩ من سورة الحشر.

(إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ). يستقرض سبحانه عباده وعنده خزائن السموات والأرض ، ويضاعف الأجر للمطيعين تفضلا منه ، ويغفر للتائبين رحمة بهم ، ويشكر للمحسنين بإعطاء الكثير على القليل ، ويمهل العاصين حتى كأنه قد غفر عنهم. وتقدم مثله في الآية ٢٤٥ من سورة البقرة ٢ ١٢ من سورة المائدة و ١١ من سورة الحديد (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) لا يخفى عليه شيء (الْعَزِيزُ) الذي لا يقهر (الْحَكِيمُ) فيما خلق ودبر.

٣٤٥

سورة الطّارق

١٢ آية مدنية.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فطلقوهن لعدتهن الآية ١ ـ ٥ :

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (١) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣) وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥))

٣٤٦

اللغة :

إذا طلقتم أي إذا أردتم الطلاق. والعدة بكسر العين ، والمراد بها هنا الزمان الذي تتربص فيه المرأة عقيب الطلاق. وفاحشة مبيّنة معصية ظاهرة كالزنا الثابت بأربعة شهود. وبلغن أجلهن أشرفن على إتمام العدة. فهو حسبه كافيه. وبالغ أمره لا يفوته ما أراد. وقدرا أي تقديرا. وأولات الأحمال الحبليات. وأجلهن انقضاء عدتهن.

الإعراب :

لعدتهن على حذف مضاف أي لزمن عدتهن ، ومعناه ان الطلاق مقيد بزمان معين ويأتي التفصيل ، وعليه تكون اللام للتوقيت مثل كتبته لخمس ليال بقيت من شهر كذا والمجرور متعلق بطلقوهن. والمصدر من أن يأتين متعلق بباب السببية المقدرة أي بسبب إتيان الفاحشة. واللائي يئسن مبتدأ أول ، فعدتهن مبتدأ ثان وثلاثة أشهر خبره ، والجملة خبر الأول. وان ارتبتم اعتراض. واللائي لم يحضن مبتدأ والخبر محذوف أي فعدتهن كذلك. وأولات الأحمال مثل واللائي يئسن. وأجرا مفعول يعظم على معنى يعطيه أجرا عظيما.

المعنى :

ذكر سبحانه في هذه الآيات جملة من أحكام الطلاق ، وهي :

١ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ). الخطاب للنبي (ص) والمراد به جميع المكلفين لأن التشريع يشمل الجميع ، والمعنى إذا أراد المسلم أن يطلق زوجته فعليه أن ينتظر الوقت المناسب للدخول في العدة ، بحيث يكون الوقت الذي تطلق فيه جزءا من العدة ، وقد أجمعت المذاهب الاسلامية على ذلك ، ولكن قال السنة : ان هذا التحريم لا يفسد الطلاق الفاقد لهذه الشروط ، بل يقع صحيحا ولكن يأثم المطلق. وقال الشيعة الإمامية : بل يقع لغوا من الأساس ،

٣٤٧

لأن النهي عنه هو نهي عن ترتيب الآثار عليه تماما كالنهي عن بيع الخمر فإن القصد منه عدم الأثر لهذا البيع لا تحريم التلفظ بصيغته.

واستدل الإمامية على ذلك بما جاء في صحيحي البخاري ومسلم : ان ابن عمر طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر الرسول (ص) عن ذلك؟. فقال له : مره فليراجعها ، ثم يتركها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم ان شاء أمسك بعد ، وان شاء طلّق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل ان يطلق لها.

فقوله (ص) : ان شاء أمسك وان شاء طلّق قبل أن يمس هو تفسير وبيان لقوله : «فليراجعها» وان المراد به ان المرأة ما زالت في عصمته ، وعليه أن يمسكها على كل حال ، ولا خيار له بين الإمساك والطلاق إلا إذا طلّق مع الشرط .. هذا هو معنى فليراجعها ، وليس صحيحا انه أمر بالرجوع عن الطلاق كما قال فقهاء المذاهب الأخرى ، لأن الرجوع عن الطلاق إمساك للزوجة الذي جعله الرسول نتيجة لقوله : «فليراجعها» وبديهة ان الشيء لا يكون نتيجة لنفسه .. هذا ، الى ان الرجوع عن الطلاق لا يرفع الإثم السابق كي يأمر به النبي (ص).

واتفقت المذاهب قولا واحدا على ان الزوجة غير المدخول بها تطلق على كل حال حتى ولو كانت في الحيض لأنه جل وعز قال : «لعدتهن» وغير المدخول بها لا عدة لها لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) ـ ٤٩ الأحزاب ج ٦ ص ٢٢٩.

٢ ـ (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ). اعرفوا ابتداء العدة وانتهاءها لأن لها أحكاما تخصها كالنفقة للمعتدة ، وحق الرجوع عن الطلاق للمطلق إذا كان رجعيا ، وحقها بالرجوع عن البذل إذا كان خلعيا ، وتحريمها على الأزواج حتى تخرج من العدة ، وما إلى ذلك مما ذكره الفقهاء في كتبهم (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) فيما فرضه عليكم من أحكام العدة.

٣ ـ (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ). المراد ببيوتهن بيوت السكن لا بيوت الملك تماما مثل قوله تعالى : وقرن في بيوتكن وقوله : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله ـ ٣٤ الأحزاب ... واتفق الفقهاء على ان المطلقة

٣٤٨

الرجعية تستحق النفقة بما فيها السكنى ما دامت في العدة ، واختلفوا في نفقة المعتدة من الطلاق البائن. فقال الحنفية : لها النفقة حائلا كانت أم حاملا. وقال المالكية : ان كانت حائلا فلا شيء لها من النفقة إلا السكنى ، وان تكن حاملا فلها كل النفقة. وقال الشافعية والامامية والحنابلة : لا نفقة لها ان كانت حائلا ، ولها النفقة ان كانت حاملا.

ومن أوجب النفقة للمعتدة بشتى أنواعها أوجب بقاءها في بيت الزوج الذي طلقت فيه الى أن تنتهي عدتها ، ويحرم عليها أن تخرج منه كما يحرم عليه إخراجها لقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ .. وَلا يَخْرُجْنَ (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي تثبت الفاحشة عليها شرعا ، واتفقوا على ان الزنا فاحشة تستدعي إخراجها من البيت ، واختلفوا في غيره. والذي نراه ان المراد بالفاحشة هنا الزنا فقط لأنه هو وحده المتبادر الى الافهام من كلمة الفاحشة حين تنسب الى النساء (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ). تلك إشارة الى شروط الطلاق وأحكام العدة ، وهي أحكام الله وحدوده التي بينها في كتابه وعلى لسان نبيه (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) لأنه عرضها لغضب الله وعذابه ، وفي آية ثانية : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) ـ ١٤ النساء.

(لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً). ما يدريك أيها المطلق ان يؤلف الله بين القلبين بعد تنافرهما ، وترجع المياه الى مجاريها؟. وفيه إيماء الى ان للقلوب تارات وساعات ، وان على الإنسان أن لا يقول لشيء : اني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله. ومن هنا قال الإمام علي (ع) : «عرفت الله بفسخ العزائم» أي ان هذا الفسخ دليل ظاهر على ان فوق تدبير الإنسان تدبيرا أقوى وأعظم.

٤ ـ (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ). إذا أو شكت العدة على الانتهاء فالمطلّق بالخيار ان شاء عدل عن عزمه وأرجع المطلقة الى عصمته ، وان شاء بقي على حكم الفراق ، فتنقطع العصمة بينه وبينها ، وفي الحالين عليه أن لا يضارها في شيء ويؤدي حقها كاملا ، وهذا هو المراد من الإمساك بمعروف والفراق بمعروف. وتقدم مثله في الآية ٢٣١ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٥١ .. ثم ان المطلقة لا تخلو من أن تكون آيسة أو حاملا أو

٣٤٩

حائلا ، ويأتي الكلام عن الأوليين ، أما عدة الحائل فثلاثة اطهار بما فيها الطهر الذي طلقت فيه ، هذا عند الإمامية والمالكية والشافعية ، أما عند الحنفية والحنابلة فعدتها ثلاث حيضات. أنظر تفسير الآية ٢٢٨ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٤٠.

٥ ـ (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ). اتفق فقهاء المذاهب على اعتبار شهادة العدلين بموجب هذه الآية ، واختلفوا في أي شيء تعتبر هذه الشهادة ، هل تعتبر في الرجوع عن الطلاق ، أو في إيقاع الطلاق؟ قال فقهاء السنة : تعتبر في الرجوع عن الطلاق ، ولكن بعضهم أوجب هذا الاشهاد على الرجعة كالشافعية ، وبعضهم قال : انه مندوب كالحنفية.

وقال الشيعة الإمامية : لا يجب الاشهاد على الرجعة ، ويجب على الطلاق. وقال الدكتور محمد يوسف موسى أستاذ ورئيس قسم الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق بجامعة عين شمس بالقاهرة في كتابه «الأحوال الشخصية» ص ٢٧١ طبعة ١٩٥٨ ، قال :

«يرى الشيعة الامامية ان من أهم شروط الطلاق حضور شاهدين عدلين لقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) .. وفي ذلك يقول أحد علمائهم : وهذا أنفع وسيلة الى الوئام بين الزوجين لأن لأهل الصلاح تأثيرا في النفوس وإعادة مياه الصفاء الى مجاريها ، وإذا لم تنجح نصائحهم فلا أقل من تخفيف الطلاق وتقليله بسبب اشتراط العدلين».

وقال الدكتور محمد يوسف موسى معلقا على ذلك : «وهذه وجهة نظر يجب عدم التغاضي عنها ، فإن الأخذ بهذا الرأي يمهد السبيل للصلح في كثير من الحالات حقا».

(وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ). الخطاب للشهود ، ومعناه لا تغيروا شيئا من الشهادة وأدوها على وجهها بقصد إحقاق الحق ، لا طلبا لمرضاة المشهود له ، ولا نكاية للمشهود عليه. وتقدم مثله في الآية ٢٨٣ من سورة البقرة ج ١ ص ٤٥١.

(ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). انما ينتفع ببيان الله ويعمل بأحكامه المتقون حقا ، أما الذين لا يؤمنون إلا بأنفسهم ومصالحهم فأولئك كالانعام همهم بطونهم ، والنار مثوى لهم (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) من

٣٥٠

حرام الله الى حلاله ، ومن معصيته الى طاعته ، ويغنيه بفضله عمن سواه (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ). والذي نفهمه من هذه الآية ان الرزق لا ضابط دقيق له ولا قياس محكم ، فقد يأتي من غير احتساب ، وقد يذهب أيضا من غير احتساب .. وكم من حادث سعيد يفاجأ به الإنسان دون أن يترقبه .. وكم من حوادث سيئة ومؤلمة يصاب بها لم تكن لتخطر له على بال .. وما من شك ان بعضها من إهماله وتهاونه ، وبعضها من تدبير مدبر الكائنات.

(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي كافيه ، والتوكل على الله هو الأخذ بسنته في العمل والسعي وراء الأسباب : (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) ـ ١٥ الملك. وفي الحديث : «اعقلها وتوكل». (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) فلا عبث ولا فوضى ولا صدفة. وفي آية ثانية : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) ـ ٢ الفرقان. وفي ثالثة : (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) ـ ٨ الرعدج ٤ ص ٣٨٤.

٦ ـ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ). اختلف فقهاء السنة في سن الآيسة اختلافا بلغ حد التشويش والاضطراب ، فمن قائل : هي خمسون. وقائل خمس وخمسون. وقال ثالث : ستون. ورابع اثنتان وستون. وفرّق خامس بين نساء العرب والعجم ، وقال : ان نساء العرب أقوى طبيعة. وقال سادس : تأخذ كل امرأة بعادة عشيرتها. وكثير منهم سكتوا ولم يحددوا سن الآيسة بشيء .. وأيضا اختلفوا في معنى قوله تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) فمنهم من قال : ان المراد به ان شككتم في حكم العدة لا في حال المرأة وبلوغها سن اليأس. وقال آخرون : بل المراد الشك في حال المرأة ويأسها.

أما الشيعة الإمامية فقالوا : سن القرشية ستون ، وغيرها خمسون مستندين في ذلك الى روايات عن أهل البيت. وأيضا قال الشيعة : أقل سن تحيض معها الأنثى تسع سنين. ويتفق هذا مع ما جاء في كتاب المغني لابن قدامة ـ من السنة ـ : «ان أقل سن تحيض معها المرأة تسع سنين لأن المرجع في ذلك الى الوجود ، وقد وجد من تحيض لتسع ، وروي عن الشافعي انه رأى امرأة لها أولاد أولاد ، وعمرها احدى وعشرون سنة».

٣٥١

وقرأت في بعض الصحف ان بنتا في هذا العصر حملت قبل أن تبلغ التاسعة من عمرها. وبعد ، فقد اختلف السنة والشيعة في تفسير هذه الآية ، قال فقهاء السنة : المراد باللائي يئسن من الحيض من انقطع حيضها لكبر سنها ، والمراد باللائي لم يحضن من لم تر دم الحيض بعد لصغر سنها ، وكل من هاتين عدتها ثلاثة أشهر إذا طلقت بعد الدخول.

ويتفق هذا مع قول بعض الكبار من فقهاء الإمامية كالسيد المرتضى وابن زهرة وابن سماعة وابن شهرآشوب. وذهب أكثر الإمامية الى ان المراد باللائي يئسن من الحيض المرأة التي يشك في يأسها بعد أن انقطع عنها الدم ، ولا يعلم هل انقطع لبلوغها سن اليأس أو لعارض آخر؟. وفسّروا قوله تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) بالشك في حالها ، وانها هل بلغت سن اليأس؟ أما المراد باللائي لم يحضن عندهم فالشابات اللائي علم انهن تجاوزن سن الصغر ولم يبلغن سن اليأس ، ولكن انقطع عنهن الحيض لسبب آخر غير اليأس والصغر ، وكل من هاتين عدتها ثلاثة أشهر ، وقد استندوا في ذلك الى روايات عن أهل البيت ، وعلى هذا فالآية لم تتعرض لعدة الآيسة إيجابا ولا سلبا.

٧ ـ (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ). اتفق فقهاء السنة والشيعة على ان عدة المطلقة الحامل هي وضع الحمل ، واختلفوا في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها. قال السنة : هي تماما كالمطلقة كل منهما تعتد بوضع الحمل. وقال الشيعة : بل الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بأبعد الأجلين من وضع الحمل والأربعة أشهر وعشرة أيام جمعا بين هذه الآية وبين قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ـ ٢٣٤ البقرة. وبسطنا الكلام عن هاتين الآيتين وجمعنا بينهما في ج ١ ص ٣٦٢.

(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً). هذا مثل قوله تعالى في الآية ٢ والآية ٣ من هذه السورة : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً). (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) ولا نعرف غرضا لهذا التكرار إلا المزيد من الحث على التقوى والترغيب فيها .. على ان الترغيب هناك جاء بعد الأمر بإقامة الشهادة على وجهها ، وجاء هنا بعد بيان عدة الآيسة وأولات الأحمال (ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ)

٣٥٢

لتعملوا به مخلصين ، وتفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة .. ومرة أخرى يواصل سبحانه الحث على التقوى ويقول عز من قائل : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً). لا حصر لمنافع التقوى وفوائدها ، ومنها ، على سبيل المثال ، ما ذكره سبحانه في هذه الآيات : المخرج من الضيق دنيا وآخرة ، والرزق بلا احتساب ، والنصرة والكفاءة من الله ، وتيسير الأمور ، وتكفير السيئات ، وفوق ذلك كله زيادة الأجر ومضاعفته ، ولكن : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٤٠ الزخرف.

لينفق ذوسعة الآية ٦ ـ ٧ :

(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧))

اللغة :

الوجد بضم الواو وسكون الجيم القدرة في المال. ولا تضاروهن لا تعملوا على الإضرار بهن. وأتمروا تشاوروا. تعاسرتم اختلفتم ، يقال : تعاسر البيّعان إذا لم يتفقا. ومن قدر بضم القاف وكسر الدال من ضيق عليه في الرزق.

٣٥٣

الإعراب :

من وجدكم بدل من حيث. ولتضيقوا منصوب بأن مضمرة بعد اللام. ولينفق اللام للأمر.

المعنى :

(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ). قال تعالى في أول هذه السورة : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ). وقلنا في تفسير ذلك : ان الله سبحانه أوجب على المطلق سكنى المعتدة ، وأشرنا الى أقوال المذاهب التي فرّقت بين المعتدة الرجعية والبائنة .. والآية التي نحن بصددها تتصل بقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) لأنها تحدد البيت الذي يجب أن تسكنه المطلقة ما دامت في العدة ، تحدده بقدرة الزوج وطاقته ، فيسكنها مثل ما يسكن ، فإن كان موسعا وسع ، وان كان مضيقا ضيق (وَلا تُضآرُّوهُنَ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ). لا تتعمدوا اضرارهن بالتضييق عليهن في النفقة والمسكن لتلجئوهن الى تركه والخروج منه .. والإضرار بالآخرين من أكبر الكبائر بخاصة الإضرار بالزوجة والجار.

(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ). إذا طلقها وهي حامل وجبت لها النفقة بما فيها السكنى حتى تنتهي العدة بوضع الحمل ، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا ، والفرق في وجوب نفقة العدة وعدمها انما هو بين الرجعية والبائنة غير الحامل حيث تجب للأولى دون الثانية.

وقال جماعة من الفقهاء : حين قال سبحانه : «أسكنوهن» أطلق ولم يقيد بالحمل ، وحين قال : (فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ) قيد بالحمل ، واستنتجوا من ذلك ان السكنى تجب لكل مطلقة حاملا كانت أم حائلا ، رجعية كانت أم بائنة ، أما النفقة فإنها تجب للحامل حتى ولو كانت بائنا.

ونقول في الجواب : لو أخذنا بهذا الاستنتاج لوجب أن تختص نفقة العدة بالحامل فقط التي هي محل الإجماع ، أما غير الحامل فلا نفقة لها حتى ولو كانت رجعية .. ولا قائل بذلك على الإطلاق ، حيث انعقد اجماع المذاهب على وجوب

٣٥٤

النفقة للمعتدة الرجعية ، والمصدر السنة النبوية التي هي بيان وتفسير لكتاب الله بخاصة فيما يعود الى حلال الله وحرامه ، ولا شيء في السنة يدل على ان البائنة تجب لها السكنى وان كانت حائلا.

(فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ). قال الامامية : ان الأم لا تجبر على إرضاع وليدها إلا إذا انحصر الإرضاع بها ، وان أرضعته في هذه الحال أو في غيرها فلها أن تطالب بأجرة الرضاع ، سواء أكانت في عصمة الزوج أم لم تكن ، فإن كان للطفل مال فأجرتها من ماله وإلا فمن مال الأب الموسر وان علا ، وان كان معسرا وجب عليها أن ترضعه مجانا .. وهذا قريب جدا مما نقله ابن قدامة في كتاب المغني عن المذاهب الأربعة سوى ان مالكا قال: تجبر الزوجة على الإرضاع ان كان أمثالها يرضعن أولادهن عادة ، وان كان مقامها أرفع من ذلك فلا تجبر.

(وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ). الخطاب للآباء والأمهات ، والمعنى تشاوروا فيما بينكم وتدارسوا بإخلاص وروية فيما تستدعيه مصلحة الولد وفي أجرة الرضاع ، وتساهلوا وتسامحوا إذا كان في نفس أحدكم شيء على الآخر رحمة بالطفل ورغبة في مصلحته فإنه أمانة الله عندكم (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى). ان اختلف الأب والأم في اجرة الرضاع وطلبت الأم أكثر من غيرها فللأب أن ينتزع الطفل منها ، ويعطيه الى أجنبية ترضعه ، وكذا إذا وجدت من ترضعه مجانا ، وأبت الأم إلا الأجرة ، أما إذا رضيت الأم بما ترضى به غيرها فهي به أولى لأنها أبرّ وأرحم.

(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ). هذه الآية صريحة الدلالة في أن الوضع المادي للزوج شرط أساسي في تقدير نفقة الزوجة ، فالموسر يفرض عليه نفقة الموسر ، والمعسر يفرض عليه نفقة المعسر ، من كل حسب طاقته ، وهذا الحكم لا يقبل التعديل لأن الله سبحانه علله ببديهة العقل والفطرة ، وهو قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) وتعليل الحكم الشرعي بالعقل الفطري يجعله مبرما وقطعيا لا يقبل التأويل ولا التخصيص ولا النسخ. وتقدم الكلام عن إرضاع الزوجة لولدها وعن تقدير نفقتها ، تقدم ذلك

٣٥٥

عند تفسير الآية ٢٣٣ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٥٦ (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً). لا شيء يدوم على حال واحدة إلا وجهه الكريم ، فكم من ضيق أعقبته فسحة ، وعند تناهي الشدة يكون الرخاء ، وصدق الله العظيم (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) حتى ولو أخذ العسر بالخناق.

وكأين من قرية الآية ٨ ـ ١٢ :

(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (١٢))

اللغة :

عتت أعرضت استكبارا. ونكرا منكرا شديدا. وبال أمرها عاقبة أمرها. والمراد بالذكر القرآن وبالرسول محمد (ص).

٣٥٦

الإعراب :

كأين بمعنى كم الخبرية وتفيد الكثرة. والذين آمنوا صفة لأولي الألباب. ورسولا مفعول لفعل مقدر أي وأرسل رسولا. خالدين حال من هاء يدخله لأنها تعود الى من التي هي بمعنى الجماعة. وأحسن هنا تتضمن معنى أعطى. رزقا مفعول لأحسن أي أعطاه رزقا حسنا. ومثلهن مفعول لفعل محذوف أي وخلق من الأرض مثلهن.

وعلما تمييز.

المعنى :

تقدم مضمون هذه الآيات مرات ومرات ، لذا نفسرها بإيجاز (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ). أرسل سبحانه رسله الى كثير من الأمم الماضية يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر ، فأعرضوا عنادا واستكبارا (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً). أخذهم الله بسوء العذاب بعد أن أعذر اليهم بحجج ظاهرة وبينات واضحة (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً). الوبال والعاقبة بمعنى واحد ، ومن أجل هذا قد يتوهم بأن الجملة الثانية بمعنى الأولى. ولدى التأمل يتبين ان هذا مثل قول القائل لمن لاقى جزاء الشر .. جوزيت بالشر لأن فاعل الشر لا يجزى إلا به (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً). يكون هذا العذاب في الآخرة ، ودلت عليه كلمة (أعد). وذاك الحساب والعذاب كان في الدنيا ، ودلت عليه كلمة «عذبناها» ويتلخص معنى الآيتين بقوله عز من قائل : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ـ ١١٤ البقرة.

(فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا). ان كنتم تعقلون معنى الايمان حقا وتزعمون انكم من أهله فاقرنوا القول بالفعل والعلم بالعمل ، وإلا فما أنتم بمؤمنين (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ). أرسل رسوله محمدا بالقرآن ليتلوه على الناس ويهتدي به أهل العقول ويخرجوا من ظلمات الكفر والآثام الى نور الحق والايمان (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ

٣٥٧

خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً). للمؤمنين الصالحين عند ربهم أجر عظيم ، ورزق كريم. وتكرر هذا المعنى مجملا ومفصلا في العديد من الآيات ، والقصد هو الترغيب في الصالحات وعمل الخيرات.

سبع سموات ومن الأرض مثلهن :

(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ). تعددت الأقوال حول السموات السبع والأرضين السبع ، والمعقول منها ما يلي :

القول الأول : يجب أن نؤمن ـ على سبيل الإجمال ـ بوجود سبع سموات وسبع أرضين ؛ وندع التفصيل لعلم الله.

القول الثاني : ان الكون الأكبر يضم سبعة أكوان ، ولكل كون منها كواكب لا يحصى عددها ، ومن جملتها كوكب أرضي ، وبين كل كون وآخر ملايين الملايين من السنين الضوئية .. وقد عبّر سبحانه عن هذه الأكوان السبعة بالسماوات السبع ، أما قوله تعالى : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) فهو يشير الى ان في كل كون من السبعة كوكبا أرضيا .. وقد أشرنا الى هذا القول عند تفسير الآية ١٧ من سورة المؤمنون ج ٥ ص ٣٦٢.

القول الثالث : ان ذكر السبع لا يفيد الحصر بها ، وانما خصها الوحي بالذكر لأن الذين خوطبوا بالقرآن آنذاك كانوا يسمعون عن الأفلاك السبعة وكواكبها دون غيرها. قال المؤرخون : ان الكلدانيين اشتهروا بعلم الهيئة ، وتوصلوا الى معرفة الكواكب السبعة السيارة ، وتوارثت الأمم هذه المعرفة عن الكلدانيين جيلا بعد جيل حتى زمن العرب الذين نزل القرآن بلسانهم ، فخاطبهم عن السماء بما اعتادوا أن يتخاطبوا به فيما بينهم .. وقد أشرنا الى هذا القول عند تفسير الآية ٢٩ من سورة البقرة ج ١ ص ٧٨. ويظهر لنا الآن ان هذا أرجح الأقوال ، فقد أطلعنا ـ ونحن ننقب في المصادر لتفسير الآية التي نحن بصددها ـ على حديث نبوي وقول لابن عباس يرجحان ان ذكر السبع لا يراد به الحصر ، أما الحديث فقد نقله الشيخ المراغي عن الصحابي ابن مسعود ، وهو «ما السماوات السبع وما فيهن وما بينهن ، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة».

٣٥٨

وقد أثبت العلم الحديث هذه الحقيقة ، انظر تفسير الآية ٤٧ من سورة الذاريات .. فمن أين أخذ هذا العلم محمد الذي نشأ في أمة أمية لا تكتب ولا تحسب؟ كما قال : هل أخذه من بحيرة الراهب أم من رهبان الأديرة الآخرين؟ وهل يفتري محمد على الله ، وهو يدعو الى كتاب يقول بلسان صريح فصيح : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) ـ ٩٣ الأنعام ويقول : (وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) ـ ٦١ طه؟.

وفي تفسير الطبري ان ابن عباس تلميذ الإمام علي سئل عن قوله تعالى : (سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)؟. فقال : «لو حدثتكم عن تفسيرها لكفرتم بتكذيبكم بها» لأن عقولهم لا تحتمل ، فيشكّون في صدق القرآن.

(يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ) يدبر السموات والأرضين وما فيهن وبينهن بحكمته ، ويمسكهن بقدرته ، ويتقنهن بعلمه (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً). من الحكم البالغة في خلق السموات والأرض أن تعلموا ان الله قادر على كل شيء حتى البعث بعد الموت ، وانه عالم بكل شيء حتى مقاصدكم وأفعالكم ، فتطيعوه وتخافوا من غضبه وعذابه.

٣٥٩

سورة التّحريم

١٢ آية مدنية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لم تحرم ما أحل الله الك الآية ١ ـ ٥ :

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥))

اللغة :

تحرم تمتنع عن. فرض شرع. أظهره الله عليه أطلعه عليه. عرّف بعضه أخبر

٣٦٠