التّفسير الكاشف - ج ٧

التّفسير الكاشف - ج ٧

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٦٣٩

الإسلام الذهبي يوم كان له قوة وسلطان ، وكان المسلمون يؤمنون به قولا وعملا ، ويدافعون عنه بالأرواح والأموال ، وان الآخرين اشارة الى القلة القليلة من المؤمنين في العصور المتأخرة التي يصدق عليها قول الإمام علي (ع) : «يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه من القرآن إلا رسمه ، ومن الإسلام إلا اسمه ، مساجدهم يومئذ عامرة من البنى خراب من الهدى ، سكانها وعمارها شر أهل الأرض ، منهم تخرج الفتنة واليهم تأوي الخطيئة .. يقول الله تعالى : فبي حلفت لأبعثن على أولئك فتنة اترك الحليم فيها حيران». وأية فتنة وبلاء أشد وأعظم من الصهيونية والاستعمار.

(عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) منسوجة بما يتناسب مع أجساد أهل الجنة النواعم ، ووجوههم النواضر (مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ) لا أشغال ولا هموم عيال (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ). أقداح من عسل مصفى ، وكأس من خمر لذة للشاربين ، وأباريق من رحيق مختوم .. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ). لا صداع رأس ، ولا ذهاب عقل من شرابها ، ولا نهاية لها (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ). شراب نقي ، ولحم طري ، والفاكهة ألوان ، والحور عين وحسان ، وخدم وحشم وفراش وأسرّة ، وراحة واطمئنان ، لا تبعات ولا كربات .. كل ذلك (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) للخير والمصلحة العامة بلا رياء ولا تطبيل وتزمير (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً). ومن أين يسمعون الهجر والإثم ، ولا ناطق في الجنة إلا بخير؟. كل هذه النعم هي للسابقين ، أما أصحاب اليمين فقد بيّن سبحانه نصيبهم فيما يلي :

أصحاب اليمين الآية ٢٨ ـ ٤١ :

(وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ

٢٢١

وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠))

اللغة :

السدر شجر معروف. ومخضود لا شوك له. ومن معاني الطلح الموز. ومنضود ونضيد ومنضد بمعنى واحد أي متسق والمراد هنا ان قطوف الموز متسقة بالثمار من أعلاها الى أسفلها. وعربا جمع عروب وهي المرأة المتوددة الى زوجها. وأترابا جمع ترب أي متساويات في السن.

الإعراب :

أصحاب اليمين مبتدأ أول وما أصحاب اليمين «ما» استفهام مبتدأ ثان وأصحاب اليمين خبر والجملة خبر المبتدأ الأول. وفي سدر مخضود خبر لمبتدأ مقدر أي هم كائنون في سدر مخضود وما بعده عطف عليه. وعربا صفة للابكار. ولأصحاب اليمين متعلق بأنشأناهن. وثلة خبر لمبتدأ محذوف أي هم ثلة.

المعنى :

(وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ). بعد ان ذكر سبحانه ما أعده للسابقين من الكرامة والنعم ذكر ما أعده لمن هم أدنى ايمانا من السابقين ، وأسماهم أصحاب اليمين لأنهم يؤتون كتبهم بايمانهم كما قدمنا ، وهذا هو نصيبهم من الجنة (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) لا شوك له. (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) وهو الموز الذي نضد ثمره بتراكب بعضه على بعض (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) الى غير أجل ، فإن العرب تقول

٢٢٢

لطويل الأمد : ممدود (وَماءٍ مَسْكُوبٍ) يجري بلا انقطاع (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ) كما وكيفا (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ). ان شجر الدنيا يثمر في آن دون آن ، وثمره لصاحبه يمنع عنه من شاء ، أما شجر الآخرة فثمره دائم ، وفي متناول كل يد (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) عالية ووثيرة ، وطريف قول بعض المفسرين : ان علو السرير يبلغ مسافة خمسمائة سنة.

(إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً). أعد الله سبحانه لأصحاب اليمين نساء أبكارا يتحببن لأزواجهن ، وكلهن في سن واحدة ، وقدرها أحد المفسرين بثلاث وثلاثين سنة ، أما قامة الواحدة منهن فقدرها بستين ذراعا في سبعة أذرع تماما كقامة آدم على حد قوله .. وغرضنا من هذه الاشارة التنبيه الى ان بعض التفاسير لا يجوز الاعتماد عليها لأنها قول بلا علم (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) متعلق بأنشأناهن ، وكرر سبحانه أصحاب اليمين لمجرد التأكيد بأن ما ذكره هو لأصحاب اليمين (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) الكلام مستأنف ، ومعناه ان أصحاب اليمين بعضهم من عصر سابق ، وآخرون من عصر لاحق ، وهم بطبيعة الحال أقل عددا من أصحاب الشمال الذين يشير اليهم في الآيات التالية ، هم أقل لأن الصالحين قليل : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) ـ ١٣ سبأ.

أصحاب الشمال الآية ٤٢ ـ ٥٧ :

(وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ

٢٢٣

الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ (٥٧))

اللغة :

السموم ريح حارة تنفذ في مسام البدن. والحميم الماء الحار. واليحموم الأسود البهيم. مترفين منعمين. والحنث العظيم نقض العهد المؤكد باليمين أو الذنب العظيم. والهيم الإبل يصيبها داء العطش تشرب ولا تروى.

المعنى :

(وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ). ذكر سبحانه أولا ما أعده للسابقين من الأجر العظيم ، ثم ما أعده لأصحاب اليمين من رحمة وثواب ، ويذكر في الآيات التي نحن بصددها ما يقاسيه أصحاب الشمال من ألوان العذاب ، منها انهم (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ). تلفحهم ريح ساخنة محرقة تنفذ الى داخل الجسم فتسمم اللحم والدم ، ويشربون ماء يغلي في البطون (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ). ويطلق اليحموم على الأسود البهيم من كل شيء ، وعلى الدخان الكثيف ، ويصح المعنى على أحدهما وعليهما معا (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ). اليحموم ظل ، ولكنه لا يجلب بردا ولا يدفع حرا تماما كالمستجير من الرمضاء بالنار.

(إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ). طغوا وبغوا على عباد الله وبلاده ، وسلبوا ويهبوا أقوات الخلائق وأرزاقهم ، وتنعموا بها كما يشتهون من لباس أنيق ، وطعام هني ، وشراب سائغ ، ومسكن فاره ، فكان جزاؤهم عند الله عذاب الحريق ، وشراب الحميم ، وطعام الزقوم ، وريح السموم ، وظل من يحموم (وَكانُوا

٢٢٤

يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ). قيل : المراد بالحنث العظيم الذنب العظيم ، وهو الشرك ، وغير بعيد ان يكون الحنث اشارة الى إصرارهم على الأيمان الكاذبة بأنه لا بعث ولا جزاء كما حكى سبحانه عنهم ذلك في الآية ٣٨ من سورة النحل : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ). وقسمهم هذا نتيجة لشركهم ، وعليه يصح تفسير الحنث العظيم بالشرك.

(وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ). قالوا ساخرين : أينقلب التراب إنسانا؟. ونسوا ان الله خلقهم من تراب ثم من نطفة (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ). قل لهم يا محمد : أجل ، ان الله يجمع غدا الخلائق لنقاش الحساب ، وجزاء الأعمال ، ولو تركهم سدى بلا رادع ولا سائل لكان ظالما وعابثا .. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وتقدم مثله مرارا ، منها في الآية ٥ من سورة الرعد ج ٤ ص ٣٧٨ والآية ٤٩ من سورة الإسراء والآية ٨١ من سورة المؤمنون.

(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ). ضلوا عن طريق الهدى ، فكذبوا بالحق ، ونازعوا بالجهل ، فكان جزاؤهم ومصيرهم (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ). ونعترف بأنّا نجهل حقيقة هذه الشجرة ، وما أكثر ما نجهل .. ولكنا على علم اليقين بأنها تشير الى سوء العذاب ، وقد شبه سبحانه طلعها برءوس الشياطين في الآية ٦٢ من سورة الصافات. انظر ج ٦ ص ٣٠٤ (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ). طعامهم أمرّ من العلقم وأنتن من الجيف ، وشرابهم آجن ساخن (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) وهي الإبل المصابة بالاستسقاء أو داء العطش لا يرويها شيء (هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ). هذا اشارة الى حال أصحاب الشمال ، ويوم الدين يوم القيامة ، والنزل ما يعد للنازل من مأكل ومشرب ، وهو شر نزل طعاما وشرابا ولباسا وفراشا .. وفوق ذلك تغلّ الأيدي الى الأعناق ، وتقترن النواصي بالأقدام .. نعوذ بالله من سوء العاقبة والمصير.

أفرايتم ما ترحثون الآية ٥٨ ـ ٧٥ :

(أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ

٢٢٥

أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤))

اللغة :

تمنون تقذفون المني في الأرحام. بمسبوقين بمغلوبين. نبدل أمثالكم نأتي بخلق مثلكم النشأة الأولى الحلقة الأولى. وحطاما هشيما. وتفكهون تتعجبون. ومغرمون ملزمون بالغرامة. وأجاجا ملحا مرا. تورون تقدحون. وتذكرة موعظة. ومتاعا منفعة. والمقوون هم الذين ينزلون القواء أي القفر ، والأولى ان يراد بالمقوين المستمتعون كما يأتي.

الاعراب :

فلولا تصدقون. فلولا تذكرون «لو لا» طلب بمعنى هلا. والمصدر من ان

٢٢٦

نبدل متعلق بمسبوقين. وجملة إنا لمغرمون مفعول لقول مقدر.

المعنى :

(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ)؟. آمنوا وصدقوا بأن الله خلقهم ، ولكنهم أنكروا وكذبوا انه يعيدهم بعد الموت للحساب والجزاء ، لأن الأول في عقيدتهم ممكن ، أما الثاني فمستحيل .. فرد عليهم سبحانه بأن ابتداء الخلق وإعادته بعد الموت هما من باب واحد بالنسبة الى قدرة الله تعالى ، بل الاعادة أهون لأن الخلق إيجاد من لا شيء ، والاعادة جمع لأجزاء متفرقة ، فيلزمكم ، وهذه هي الحال ، أحد أمرين : إما الاعتراف بهما معا ، وإما إنكارهما معا ، ومن اعترف بأحدهما دون الآخر فقد ناقض نفسه بنفسه ، ويسمى هذا بدليل التلازم بين شيئين لا ينفك أحدهما عن الآخر بحال ، ولذا يستدل بأحدهما على الثاني سلبا وإيجابا ، ثم ضرب سبحانه أمثلة من خلقه يدل وجودها على إمكان المعاد وهي :

١ ـ (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ)؟. من الذي خلق من منيكم بشرا سويا بجميع أعضائه وغرائزه؟ أنتم أم الله؟. لقد قذفتم المني في رحم المرأة وانتهى دوركم ولم تتعهدوه بشيء إطلاقا .. فمن الذي صير المني علقة ، والعلقة مضغة ، والمضغة عظاما ، وكسا العظام لحما الخ؟. فإن قلتم : كل ذلك من عمل الطبيعة وحدها. قلنا : ومن أوجد الطبيعة؟. فإن قلتم : أوجدت نفسها بنفسها. قلنا : من الذي وهبها الحياة والاحساس والإدراك؟ وان قلتم : هي. قلنا : انها صماء عمياء وفاقد الشيء لا يعطيه. وان قلتم : نشأت الحياة في المادة من غير قصد. قلنا : وعليه فإن كلامكم هذا صدر عنكم من غير قصد! .. ان العقل لا يستسيغ أي تفسير للحياة ونظام الكون إلا بعلة فاعلة عاقلة وجدت من غير فاعل ، ولا يمكن الارتقاء في سلسلة العلل الى ما لا نهاية وإلا لم يكن للوجود عين ولا أثر.

(نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) ان مالك الموت هو مالك الحياة ، والمغني هو الموجد (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ). ان الله سبحانه لا يغلبه غالب ، ولا يفوته هارب ، وهو على كل شيء قدير ، وبقدرته تعالى

٢٢٧

نقل الخلق من العدم الى الوجود ، وبها ينقلهم الى عالم لا يعرفون عنه شيئا ، ولو أراد سبحانه أن يستبدل بالعصاة من خلقه قوما مطيعين لفعل ولا راد لما أراد ، وفيه تهديد ووعيد لمن أعرض وتولى عن دعوة الحق : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) ـ ٣٨ محمد. (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ). علمتم بأنّا خلقناكم من لا شيء فهل نعجز عن جمع أجزائكم بعد تفرقها وإعادتها الى ما كانت عليه؟. وأبلغ تفسير لهذه الآية قول الإمام علي (ع) : عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى.

٢ ـ (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)؟. الإنسان يبذر ويغرس ويحرث ويسقي ما في ذلك ريب .. أما البذر والغرس والماء والأرض والنمو ، أما هذه وغيرها كالشمس والهواء فمن أين؟. فإن قالوا : انها من فاعل غير عاقل. قلنا لهم : وعليه فقولكم هذا من قائل غير عاقل (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ). الهاء في جعلناه يعود للزرع المفهوم من قوله تعالى : (ما تَحْرُثُونَ) والحطام الهشيم قال تعالى : (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ) ـ ٤٥ الكهف وتفكهون تتعجبون مما حل بزرعكم من الآفات وتقولون : (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) قد تعبنا كثيرا وأنفقنا كثيرا على هذا الزرع ، ولزمنا من أجله ديون وغرامات ، ولم ننتفع بشيء .. وتقولون أيضا (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) من الخير والرزق ، ولا شيء آلم للنفس من إحساسها بالحرمان.

٣ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ)؟

المزن السحاب ، ويشير به سبحانه الى أنه هو الذي أوجد في الطبيعة أسباب المطر ، والمعنى : وهذا الماء الذي هو أصل الحياة ، ولا غنى عنه بحال ، هذا الماء من الذي أوجد أسبابه في الطبيعة وأحكمها؟ أنتم أم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا؟ وقد نبه سبحانه في كثير من الآيات الى أنه يحيي الموتى تماما كما يحيي الأرض بالمطر : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٣٩ فصلت.

(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ)؟ الأجاج هو الماء الذي بلغت

٢٢٨

ملوحته حدا جعله مرا كالعلقم ، والمعنى : لو أراد الله أن يجعل الماء ملحا أجاجا لا ينتفع به في شرب ولا زرع لفعل ، ولكن جعله عذبا فراتا رفقا بكم ورحمة لكم ، ومع ان هذه النعمة تستوجب الشكر بطبعها فإن الله يجزي الشاكرين.

٤ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ)؟ والنار نعمة تماما كالماء ، ولولاها لما تقدم الإنسان خطوة واحدة في حياته ، وبقي الى يومه الأخير يعيش مع الوحوش في الغابات والمغاور.

(أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ)؟ للنار أسباب شتى ، منها القدح بزناد الخشب أو الصلب أو بالحجر ، ومنها غير ذلك مما يكتشفه العلماء في المستقبل أو لا يكتشفونه .. الله أعلم ، وكذلك الوقود ، منه الشجر والفحم الحجري والبترول والكهرباء والذرة والشمس .. الى ما الله به أعلم .. وجاء ذكر الشجر في الآية على سبيل المثال دون الحصر ، قال المفسرون : ان العرب كانوا يستخرجون النار من الزناد ، وهو عبارة عن عودين يحك أحدهما بالآخر ، ويسمى الأعلى زندا والأسفل زندة .. وقد ضرب الله مثلا لاستخراج النار بما يتفق وحياة العرب آنذاك.

(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) موعظة تذكر بالبعث لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر يحيي الخلق بعد موته (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) والمراد بالمتاع المنفعة. قال الطبري : «اختلف أهل التأويل في معنى المقوين ، فمن قائل : انهم المسافرون. وقائل : انهم المستمتعون». وهذا القول أرجح من الأول لأن النار ينتفع بها المسافر والمقيم (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ). الخطاب للنبي (ص) والمقصود العموم ، والمعنى نزه الخالق الأعظم عن كل ما لا يليق بعظمته. والمسلمون يقرءون هذا التسبيح في ركوعهم ، أما سبّح اسم ربك الأعلى فيقرءونه في سجودهم.

لا يمسه الا المطهرون الآية ٧٦ ـ ٩٦ :

(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ

٢٢٩

كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦))

اللغة :

مواقع النجوم مواضعها وأماكنها. ومكنون مصون. ومدهنون من المداهنة ، تقول : داهنه أي خدعه وأظهر له خلاف ما أضمر. والحلقوم موضع النفس ومجرى الطعام. غير مدينين أي غير محاسبين ولا مجزيين. وروح وريحان كناية عن راحة الروح والجسم. وتصلية الجحيم أي صالي النار ومعذب بها. وحق اليقين واليقين الحق بمعنى واحد ، وهو اليقين المطابق للواقع الذي لا شك فيه.

الإعراب :

قال أكثر المفسرين : ان «لا» في «فلا اقسم» زائدة إعرابا مثل (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ

٢٣٠

الْكِتابِ) ، أي ليعلم ، ومثل (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) أي ان تسجد. لا يمسه نهي بصيغة النفي ، وإنشاء بصيغة الإخبار. فبهذا الحديث متعلق ب «مدهنون». ورزقكم على حذف مضاف أي شكر رزقكم. والمصدر من أنكم تكذّبون مفعول ثان لتجعلون أي تجعلون الشكر تكذيبا. فلولا بمعنى هلا ودخلت على فعل مقدر أي فلولا ترجعونها. والضمير المستتر في بلغت يعود الى النفس التي دل عليها سياق الكلام. وإذا هنا لا تتضمن معنى الشرط ، بل هي بمعنى حين أي فلولا ترجعونها حين بلغت الحلقوم. واما ان كان من المقربين اسم كان مقدر أي ان كان المتوفى من المقربين. فروح مبتدأ والخبر مقدر أي فله روح. فسلام مبتدأ ولك خبر والخطاب لصاحب اليمين. فنزل مبتدأ والخبر محذوف أي فله نزل. وحق اليقين من باب اضافة الشيء الى نفسه او الصفة الى الموصوف مثل مسجد الجامع.

المعنى :

(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ). أشرنا في فقرة الاعراب الى أن أكثر المفسرين قالوا : ان «لا» هنا زائدة ، وقال آخرون : انها أصل ، وان المعنى لا أقسم لأن الأمر أوضح من أن يحتاج الى قسم. والصحيح الأول بدليل قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) اي انه تعالى قد أقسم بالفعل ، وان قسمه عظيم ، وعند تفسير الآية ١ من سورة الصافات ج ٦ ص ٣٣٠ قلنا : ان لله أن يقسم بما شاء من خلقه لأن كل مخلوق يدل على وجود خالقه وعلمه وحكمته ، فكيف إذا كان للمقسم به أثره البالغ في إتقان الكون ونظامه ، وصيانته من الخراب والدمار كوضع النجوم في مواضعها وترتيبها في أماكنها بحيث لو حاد نجم منها عن مكانه قيد شعرة لانهار الكون وذهب كل شيء ، وقوله تعالى : (لَوْ تَعْلَمُونَ) يومئ الى ان أكثر الناس يجهلون هذه الحقيقة بخاصة أهل العصور الأولى.

٢٣١

الإسلام وقادة الفكر الأوروبي :

(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). أجل ، ان القرآن كريم يغني عن كل مرشد ودليل ، ويشفي من داء الجهل والضلال ، ويهدي الى منازل الكرامة والسلامة ، ويحرر من قيود الظلم والعبودية .. أما السر لأوصافه هذه وكثير غيرها فلأن القرآن الكريم يستجيب لكل حاجة من حاجات الحياة ، ويربط الدين بالعمل في الدنيا لحياة طيبة عادلة لا مشاكل فيها ولا عدوان .. حتى سعادة الآخرة لا ينالها إلا من أخلص وعمل صالحا .. أبدا لا طريق الى الله ، ولا الى النجاة من غضبه وعذابه إلا العمل النافع : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) ـ ١٨ الرعد.

ومن هنا أجمع المسلمون قولا واحدا على ان الله سبحانه ما شرع ولن يشرع حكما إلا لخير الإنسان ومصلحته ، وانه من المستحيل أن يشرع حكما فيه ضرر على أحد أيا كان ، وانه إذا نسب الى شريعة القرآن حكم لا يتفق مع هذا المبدأ فهو من جهل الجاهلين أو دسائس الوضاعين ، أما الآيات الدالة على ذلك فتعد بالعشرات ، منها قوله تعالى على لسان نبيه شعيب : (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ) ـ ٨٨ هود وقوله : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) ـ ٧ المائدة وقوله : (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ـ ١٤٣ البقرة وقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ـ ٣٠ الروم.

هذا هو الإسلام في حقيقته وواقعه ، وفي كتاب الله وعلمه ، لا شيء فيه إلا ما يحتاج اليه الإنسان ويطلبه بغريزته وفطرته النقية الصافية التي ولد عليها ، وتميز بها عن جميع الكائنات ، لا ما يتطلبه الطمع والجشع ، والبغي والعدوان .. وقد أدرك هذه الحقيقة الكثير من فلاسفة الغرب وشعرائه وأدبائه ، فأكبروا الإسلام وأشادوا بالرسول الأعظم (ص) لا لشيء إلا بدافع من حب الخير والحق والعدل ، ولو اتسع لنا المقام لذكرنا الكثير من أقوالهم ، ولكن ما لا يدرك كله أو جله فلا يترك كله ، ونختار من بين أولئك الأعلام : «جوته» الألماني و «لامرتين»

٢٣٢

الفرنسي و «تولستوي» الروسي و «برناردشو» الانكليزي ، وهم كما ترى مختلفون في ثقافتهم وقوميتهم واتجاهاتهم.

قرأ «جوته» الشاعر الالماني الكبير ـ القرآن ، وأدرك ما فيه فأكبره واحتفل بليلة القدر التي نزل فيها القرآن ، وقرأ تاريخ الرسول الكريم (ص) فألف النشيد المحمدي ، وكتب مسرحية محمد (ص) ، ومن أقواله : إذا كان الإسلام هو التسليم لله لا للأهواء والأغراض ففي الإسلام نحيا ، وعليه نموت.

وقال «لامرتين» شاعر فرنسا العظيم : «ان كل ما في حياة محمد (ص) يدل على انه لم يكن يضمر خداعا أو يعيش على باطل .. انه هادي الإنسان الى العقل ، ومؤسس دين لا فرية فيه».

وقال «تولستوي» الفيلسوف الروسي الانساني : «مما لا ريب فيه ان محمدا خدم الهيئة الاجتماعية خدمات جليلة ، ويكفيه فخرا أنه هدى مئات الملايين الى نور الحق والسكينة والسلام ، ومنح للانسانية طريقا للحياة ، وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا انسان أوتي قوة وإلهاما وعونا من السماء».

وقال برنارد شو الأديب الانكليزي العالمي : «يجب أن يدعى محمد منقذ الانسانية .. انني أعتقد انه لو تولى رجل مثله زعامة العالم الحديث لنجح في حل مشاكله بطريقة تجلب الى العالم السلام والسعادة .. ان محمدا هو أكمل البشر من الغابرين والحاضرين ، ولا يتصور وجود مثله في الآتين».

وقول برنارد شو : «محمد أكمل البشر من الغابرين والحاضرين» معناه ان رسالة محمد (ص) لا تغني عنها أية رسالة من رسائل الأنبياء السابقين .. حتى عيسى وابراهيم. أما قول برنادشو : «ولا يتصور وجود مثل محمد في الآتين» فمعناه لا أحد يستطيع بعد محمد أن يأتي الانسانية بجديد يفيدها وينفعها أكثر مما أتى به محمد ، ومعناه أيضا ان دعوة محمد ودين محمد يغني عن كل دين وكل دعوة وشريعة ونظام ، ولا يغني عنه شيء.

وكلنا يعلم ان برنارد شو في طليعة قادة الفكر الأوروبي في القرن العشرين ، عصر الذرة والفضاء ، وان شهادته هذه هي نتاج البحث الطويل ، والتفكير العميق ، والتحليل الدقيق .. وهذه الشهادة من برناردشو هي تعبير ثان أو تفسير لقوله تعالى :

٢٣٣

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ـ ١٠٧ الأنبياء أي كل العالمين في كل زمان وكل مكان. وأيضا هي تفسير لقوله سبحانه : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) ـ ٤٠ الأحزاب وأيضا هي أي شهادة برناردشو دليل قاطع على صدق المسلمين في عقيدتهم بأن محمدا هو أكمل البشر من الغابرين والحاضرين ، ولا يتصور وجود مثله في الآتين على حد قول برناردشو.

وبعد ، فما هو رأي الشباب المتنكرين لدين آبائهم وأجدادهم؟ ما رأيهم في قول برنادشو؟ وهل هم أعلم وأحرص منه على الانسانية ، ام انهم يتكلمون بوحي من أعداء الإسلام والانسانية من حيث لا يشعرون؟

(فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) أي مصون. واختلفوا : من أي شيء مصون؟ فقال بعضهم : مصون من التراب والغبار! .. كما في تفسير الطبري. وقال آخرون : انه مصون في اللوح المحفوظ .. وفي رأينا انه لا موجب لهذا النزاع والخلاف لأن الله سبحانه بيّن معنى الصيانة بقوله : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) اي ان القرآن وحي من الله لا من الشياطين ، وما هو بالسحر ولا أساطير الأولين كما يزعم الجاحدون.

واتفق فقهاء المذاهب على تحريم مس كتابة القرآن إلا للمتطهر المتوضئ ، واختلفوا في كتابته وتلاوته لغير الطاهر. فقال الحنفية : لا تجوز كتابته وتجوز تلاوته له عن ظهر قلب. وقال الشافعية : لا تجوز كتابته ولا تلاوته إلا بقصد الذكر كالتسمية على الأكل. وقال المالكية : لا تجوز الكتابة وتجوز التلاوة عن حاضر وظهر قلب. وقال الحنابلة : لا تجوز كتابته ويجوز حمله حرزا بحائل. وقال الإمامية : لا تحرم التلاوة على الجنب إلا سور العزائم الأربع : وهي اقرأ ، والنجم ، وحم السجدة ، وألم تنزيل. وتجوز الكتابة.

(أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ). المراد بالحديث القرآن ، وأنتم خطاب للمنافقين الذين داهنوا ، فأظهروا الاعتراف بالقرآن ، وأضمروا الجحود والإنكار (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ). المراد بالرزق النعمة ، وبالتكذيب كفرانها ، والمعنى ان القرآن نعمة من الله عليكم أيها المداهنون ، فكيف قابلتموها بالجحود والكفران؟. وقال جماعة من المفسرين : انهم كانوا إذا أمطروا قالوا : هذا من

٢٣٤

صنع الطبيعة ، فكان ذلك كفرا منهم بأنعم الله ، وفيهم نزلت هذه الآية .. وهذا بعيد لأن الحديث عن القرآن لا عن الأمطار.

(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ). في بلغت ضمير مستتر يعود الى النفس التي دل عليها سياق الكلام ، وأنتم خطاب لمن شاهد الميت وهو يحتضر ، سواء أكان من أهله أم من غيرهم ، والمعنى كيف بكم أيها المداهنون إذا نزلت غمرات الموت بواحد منكم ، وبلغت روحه التراقي ، وأنتم تنظرون الى ما به ، وتتمنون له الحياة والبقاء ، فهل تملكون شيئا من أمره وتردون عليه حياته وعافيته؟. (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ). ضمير اليه يعود الى المحتضر ، والمعنى ان الله سبحانه يعلم بما حل بالمحتضر ، وبعجزكم عن نجدته وألمكم لفقده ، ولكنكم تجهلون ان الله موجود في كل مكان بعلمه وقدرته (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إذا كنتم أحرارا ـ كما تزعمون ـ وغير مسؤولين عن شيء ، ولا أحد يستطيع ان يقهركم على شيء ، إذا كان الأمر كذلك فلما ذا لا تدفعون الموت عن أنفسكم وترجعون أرواحكم الى أجسادكم لأن المفروض في منطقكم ان الله لا يملك لكم موتا ولا حياة ولا بعثا ولا حسابا.

(فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ). في أول هذه السورة قسم سبحانه أهل القيامة الى ثلاثة أصناف : السابقين المقربين ، وأصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال ، وذكر في هذه الآية ان المحتضر إذا كان من السابقين فهو في أمان قائم ونعيم دائم ، وتقدم في الآية ١٢ وما بعدها من هذه السورة ـ ما أعده الله للسابقين (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ). وإذا كان المحتضر من الصنف الثاني وهم أصحاب اليمين فتبشره الملائكة بالسلام والراحة .. ومن هنا بيانية ، وليست للتبعيض أي أنت ايها المؤمن الذي هو من أصحاب اليمين لك سلام وأمان. وتقدم في الآية ٢٧ وما بعدها من هذه السورة ما أعده سبحانه لأصحاب اليمين.

(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ). وإذا كان المحتضر من الصنف الثالث وهم أصحاب الشمال فمأواه جهنم وساءت مصيرا ،

٢٣٥

وذكر سبحانه ما أعده لأصحاب الشمال في الآية ٤١ وما بعدها من هذه السورة (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) الذي لا شك فيه. وفي بعض كتب الصوفية. ان الشيء المدرك على ثلاثة أقسام : مدرك بعلم اليقين كمن يدرك وجود النار من وجود الدخان ، ومدرك بعين اليقين كمن يرى النار بالذات ، ومدرك بحق اليقين كمن يكتوي بحرها (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ). تقدم بالحرف مع التفسير في الآية ٧٥ من هذه السورة.

٢٣٦

سورة الحديد

٢٩ آية مدنية.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هو الأول والآخر الآية ١ ـ ٦ :

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦))

اللغة :

استوى هنا بمعنى استولى ولذا تعدى الفعل بعلى. والعرش كناية عن الملك والسلطان.

٢٣٧

الإعراب :

سبّح لله «لله» اللام زائدة إعرابا مثل شكرت له ونصحت له أي شكرته ونصحته. ويجوز أن تكون اللام أصلا على معنى سبّح تسبيحا خالصا لوجه الله. وقد استعملت «ما» هنا في جميع الكائنات العاقلة وغير العاقلة.

المعنى :

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). وفي الآية ٤٩ من سورة النحل : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). وكل من التسبيح والسجود لله اعتراف بقدرته تعالى وحكمته ، ولهذا الاعتراف مظهران : أحدهما بلسان المقال ، وثانيهما بلسان الحال ، والإنسان يسبّح الله باللسانين معا ، أما الكائنات التي لا تنطق بلسان المقال فإنها تسجد وتسبّح بلسان الحال لأن ما من كائن إلا وهو يدل على وجود المكون والمصور. أنظر تفسير الآية ٤٤ من سورة الإسراء ج ٥ ص ٤٧ فقرة «كل شيء يسبح بحمده».

وجاء في كتب السير والحديث والتفاسير : ان فاطمة بنت رسول الله (ص) كانت تقوم بجميع شئون بيتها وخدمة زوجها وأولادها ، وفي ذات يوم شكت الى أبيها ما هي فيه ، ورأى هو (ص) عليها وعلى يديها آثار الجهد ، فطلبت منه أن يمنحها جارية من سبايا الحرب لتساعدها فيما تقوم به ، فقال : لا أعطيك جارية ، وغيرك يطوي بطنه من الجوع ، ثم قال لها : ألا أدلك على خير من الجارية أن تسبحي الله ٣٣ وتحمديه ٣٣ وتكبريه ٣٤. قالت فاطمة (ع) : رضيت يا رسول الله. وتعرف هذه التسبيحات بتسبيح الزهراء.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ). كأنّ سائلا يسأل: لما ذا سبّح لله ما في السموات والأرض؟ فجاء الجواب لأن ما في السموات والأرض ملك لله وحده لا شريك له ، ولأنه العزيز بقدرته ، والحكيم بتدبيره. ولأن الموت والحياة بيده (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ما شاء كان وان لم يشأ لم يكن.

٢٣٨

(هُوَ الْأَوَّلُ) بلا ابتداء كان قبله ، ومنه ابتداء كل شيء (وَالْآخِرُ) بلا انتهاء يكون بعده ، واليه ينتهي كل شيء (وَالظَّاهِرُ) بالآثار والأفعال لا برؤية الحواس (وَالْباطِنُ) لا تحيط العقول والأوهام بكنهه وحقيقته ، وإنما يتجلى لها بآثاره. وفي نهج البلاغة : الحمد لله الذي أظهر من آثار سلطانه وجلال كبريائه ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، وردع هماهم النفوس عن عرفان كنه صفته .. قرب فنأى ، وعلا فدنا .. سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) هو عالم بكل شيء لأنه خالق كل شيء.

(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ). المراد بالأيام الدفعات أو الأطوار ، وبالاستواء الاستيلاء ، وبالعرش الملك. وتقدم مثله في الآية ٥٤ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٣٨ والآية ٣ من سورة يونس والآية ٧ من سورة هود والآية ٥٩ من سورة الفرقان والآية ٤ من سورة السجدة.

(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) من كنوز وبذور ومياه .. حتى التفجيرات الذرية في جوف الأرض التي يقوم بها أعداء الله والانسانية فان الله يعلم حقيقتها وآثارها المهلكة ، ويعلم ان الهدف منها السيطرة على عباد الله وإخضاعهم لسياسة الاستعمار ، ونمو صناعته الحربية .. وأيضا يعلم الله (ما يَخْرُجُ مِنْها) من نبات وحشرات ومياه .. حتى البترول فإن الله يعلم الأرض التي ينبع منها ، والأيدي التي تستخرجه وتعمل فيه والشركات التي تسلبه وتنهبه والحروب التي تثيرها من أجله (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من ماء وثلوج وأنوار ، وما الى ذلك من خيرات .. وقد علم بالذين صعدوا الى القمر لعلهم يهتدون الى وسيلة يحتكرون بها بركات السماء ، ويحبسونها عن عباد الله وعياله تماما كما فعلوا في الأرض وخيرات الأرض ، ولكن الله ، جلت حكمته ، ردهم ـ في المحاولة الثالثة ـ على أعقابهم خاسئين (وَما يَعْرُجُ فِيها) وأيضا يعلم سبحانه كل ما يدور ويجول في الفضاء .. حتى طائرات التجسس وحاملات القنابل الذرية والأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض لأغراض شيطانية كالتجسس وإرهاب المستضعفين واغتصاب أرزاقهم ومقدراتهم.

(وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). هذا تهديد ووعيد لكل طاغ وباغ بان أعماله محفوظة عند الله ، وانه مرتهن بها ومحاسب عليها حسابا دقيقا

٢٣٩

وعسيرا ، ومعاقب بعذاب وبيل وأليم (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ). تتحرك الأفلاك ، وتتعدد الفصول ، ويأخذ الليل من النهار في فصل ، والنهار من الليل في فصل ، ويتساويان في بعض الأيام ، أما ذات الصدور فهي السرائر والضمائر. وتقدم في الآية ٢٧ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٣٧ والآية ٦١ من سورة الحج و ٢٩ من سورة لقمان و ١٣ من سورة فاطر.

وانفقوا مما جعلكم خلفاء فيه الآية ٧ ـ ١١ :

(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩) وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١))

اللغة :

مستخلفين خلفاء ووكلاء بالتصرف في الأموال ضمن حدود وقيود. والمراد بالفتح هنا فتح مكة ، وبالقرض الإنفاق.

٢٤٠