التّفسير الكاشف - ج ٦

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٦

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٧٤

(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ). يتعجلون عذاب الدنيا ، وما دروا أنهم في حصار من عذاب أشد وأعظم ، وانه سيطبق عليهم ، وهم في غفلة معرضون (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). هذا اليوم حق لا ريب ، والحق كائن ومتحقق بالفعل ، أو يكون ويتحقق في العاجل أو الآجل والا لم يكن حقا ، أما نيران هذا اليوم فنعوذ بالله من لجبها وكلبها .. تحيط بالمغضوب عليه من جميع جهاته ، وتلتحم بلحمه وعظمه حتى إذا صار هباء عادت اليه الحياة من جديد ، وعادت النيران الى سيرتها الأولى .. وهكذا الى ما شاء الله .. اللهم اني أعوذ برحمتك من غضبك وأستشفع اليك بما انطوى عليه قلبي من النصح وحب الخير لجميع عبادك ، وأنت أعلم بالسرائر.

وكأين من دابة لا تحمل رزقها الآة ٥٦ ـ ٦٣ :

(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١) اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٢) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ

١٢١

الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٦٣))

اللغة :

يؤفكون يصرفون عن الحق. ويقدر يضيق.

الإعراب :

فإياي فاعبدون (اياي) مفعول لفعل محذوف يفسره الفعل الموجود ، وفاعبدون الأصل فاعبدوني. غرفا مفعول ثان لنبوئنهم ، وخالدين حال من المفعول الأول. ونعم أجر العاملين فعل وفاعل ، والمخصوص بالمدح محذوف أي أجرهم ، وهو مبتدأ وخبره جملة نعم أجر العاملين أو أجرهم خبر لمبتدأ محذوف أي هو أجرهم. الذين صبروا صفة للعاملين. وكأين بمعنى كم ومحلها الرفع بالابتداء. وجملة لا تحمل رزقها صفة للدابة ، وجملة الله يرزقها خبر كأين. وأنّى مفعول مطلق أي أيّ إفك يؤفكون.

المعنى :

(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ). اتفق الفقهاء على ان المسلم لا يجوز له أن يقيم في بلد إذا تعذر عليه أن يقيم فيه الواجبات الدينية كالصلاة ونحوها حتى ولو كان هذا البلد وطنه ، وان عليه ان يهاجر منه الى غيره حيث يستطيع ذلك. وتكلمنا عن هذا الموضوع مفصلا عند تفسير الآية ٩٧ من سورة النساء ج ٢ ص ٤١٩ فقرة «الفقهاء ووجوب الهجرة».

(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ). بعد ان أوجب سبحانه الهجرة من البلد المذكور قال : ومن خاف أن يموت في هجرته فان الموت لا ينجو منه

١٢٢

مقيم ولا ظاعن ، وبعد الموت يبعث ويسأل عما ترك من الواجبات ، وفعل من المحرمات ، ومنها الاقامة في بلد يضطر فيه الى ترك العبادات وشرب المسكرات.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها). من يخرج من بيته مهاجرا الى الله عوّضه تعالى خيرا منه غرفا وأشجارا وأنهارا في دار السلام والمقام (نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ، وأي أجر أعظم من الجنة؟ ولأنها عظيمة كان ثمنها غاليا وعظيما ، وهو ان يرفض مبتغيها الاستسلام لأعداء الله ، والخوف إلا من الله ، وان يخلص لله وحده ، ويصبر من أجل ذلك على الخطوب والأحداث أيا كان نوعها.

الرزق والثقة بالمخلوق دون الخالق :

(وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). ان كثيرا من الناس يؤمنون ـ نظريا ـ بالله ، وان أرزاق الخلائق بيده وحده ، وان خزائنه لا نفاد لها ولا نهاية ، وانه كريم لا يخيب من توكل عليه ، ووثق به ، يؤمن بهذا نظريا ، ولكنه يكفر بالله ـ عمليا ـ ويثق بالمخلوق دون الخالق ، ويتقرب اليه بما فيه ذهاب دينه وضميره طامعا بما في يده من جاه ومال ، ويبتعد عن الله يائسا منه ومن جوده وخزائنه .. وهذه الآية تقريع وتهديد لهذا المؤمن الكافر.

ان الله سبحانه هو خالق الكون بما فيه ، وأسباب الرزق بشتى أنواعها تنتهي اليه ، وهي مهيأة لكل طالب وراغب إذا سعى لها سعيها ، وان تعذر منها سبب تهيأ للراغب ما هو خير وأجدى من حيث لا يحتسب بشهادة الحس والعيان ، بل ان كثيرا من الكائنات الحية لا تعمل للرزق ولا تحمله ، ومع هذا يأتيها رغدا عند حاجتها اليه .. وفي هذا عظة للخائنين العملاء ، ولكل من باع دينه للشيطان ، واتخذ من معصية الله ذريعة للرزق ولقمة العيش ، وحاشا لله أن ينهى عن شيء ويحصر سبب الرزق فيه ، كيف ودينه دين الحياة! قال الإمام علي (ع) :

١٢٣

«ان الذي أمرتم به أوسع من الذي نهيتم عنه ، وما أحل لكم أكثر مما حرم عليكم ، فذروا ما قلّ لما كثر ، وما ضاق لما اتسع ـ وقال ـ ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخلقان من خلق الله ، وانهما لا يقربان من أجل ، ولا ينقصان من رزق».

وأوضحنا فيما تقدم الفرق بين الايمان الحق والايمان الموهوم ، وان الايمان الصادق هو الذي يثبت في القلب ، ويتمثل في الخوف من الله والاهتمام بطاعته ومرضاته قولا وعملا ، أما الايمان الموهوم فلا قرار له في القلب ، وانما هو لعق على اللسان ، ويعرض على الوهم والخيال تماما كما تعرض الأطياف والأحلام ، وأصدق شاهد على هذا الايمان المزيف ان يؤمن صاحبه بالله ـ قولا ـ وهو يرجو المخلوق ويخافه ـ عملا ـ من دون الخالق.

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ). ضمير سألتهم يعود إلى المترفين العتاة الذين عاندوا رسالة محمد (ص). وتسأل : إذا اعترفوا صراحة بأن الله هو خالق الكون فأين سبب الخلاف والتضاد بينهم وبين الأنبياء؟

الجواب : انهم يعترفون بالله على أساس انه تعالى قد خصهم بالمال والسلطان ، وانه اختار لغيرهم الفقر والعبودية ، وان من أنكر هذا فهو في ضلال مبين ، هذا هو اعترافهم بالله ، وليس من شك ان من كفر بالله وآمن بأن له ما للناس ، وعليه ما عليهم أفضل عند الله من هذا الظالم الآثم ، أما الدليل على انهم يعترفون بالله على هذا الأساس فقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٤٧ يس. (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) تصرفون عن الحق بافترائكم ان الله خصكم بالمال والسلطان دون الناس أجمعين.

(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). تقدم مثله في الآية ٢٦ من سورة الرعد ج ٤ ص ٤٠١ فقرة «الإنسان والرزق» (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ). إن سئلوا عن خالق الكون أجابوا معترفين بالله ، على شرطهم ، وإن سئلوا عن الذي نزل الماء وأحيا به الأرض ، وهو السبب المباشر لما في أيديهم من

١٢٤

رزق وثراء ، أجابوا أيضا معترفين بأنه الله وحده .. وقد ناقضوا بهذا الاعتراف أنفسهم بأنفسهم ، لأن أسباب الرزق إذا كانت من صنع الله لا من صنعهم فكيف تكون لهم وحدهم من دون الناس أجمعين؟ ان الله للجميع ، فكذلك خيراته وبركاته (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) الذي أظهر الحق حتى على ألسنة أعدائه المفترين (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) انهم كاذبون مفترون يناقضون أنفسهم بأنفسهم.

الدنيا لهو ولعب الآة ٦٤ ـ ٦٩ :

(وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٦٤) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٦٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ (٦٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩))

اللغة :

الحيوان بفتح الياء مصدر كالحياة ، وقيل : الحياة التي لا موت فيها. والمثوى المكان والمقر.

الإعراب :

مخلصين حال من فاعل دعوا. ليكفروا وليتمتعوا : اللام للأمر

١٢٥

ويجوز أن تكون للعاقبة ، مثل لدوا للموت ... وكذبا مفعول مطلق لا فترى.

المعنى :

(وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ). المراد بالدنيا هنا دنيا القصور والفجور والليالي الحمراء ، والبذخ والإسراف على حساب الضعفاء ، ودنيا المستعمرين والصهاينة صانعي الموت والمؤامرات العدوانية والانقلابات الرجعية ، ودنيا شركات الاحتكار والاستغلال والخيانة والعمالة والاتجار بالدين والوطنية ، ودنيا الصحافة المأجورة لتسميم الأفكار وتشويه الحقائق والاشاعات الكاذبة .. هذه هي دنيا العبث والفساد والشر والضلال التي يمقتها الله وأعد لأهلها عذاب الحريق ، أما دنيا الطيبين والأحرار المناضلين والشرفاء الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون فهي دنيا الحق والخير والهدى والفلاح التي يحرز بها رضا الله والفوز بنعيمه وجناته (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ونفسره بقول الإمام علي (ع) : كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، وقوله في وصف الجنة : لا ينقطع نعيمها ، ولا يظعن مقيمها ، ولا يهرم خالدها ، ولا يبأس ساكنها.

(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ). قيل : ان أهل الجاهلية كانوا إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام ، فإذا اشتدت بهم الريح ألقوها فيه ، وقالوا : يا رب يا رب. وليس هذا ببعيد فقد كان بعضهم يصنع صنما من التمر ، فإذا جاع أكله. وتقدم مثله مع التفسير في الآية ٢٢ من سورة يونس ج ٤ ص ١٤٧. ومن المفيد هنا الرجوع الى ما كتبناه في ج ٣ ص ١٨٨ فقرة : «الله والفطرة».

(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) أي ليفكروا بما أنعم الله عليهم من النجاة وغيره وليتمتعوا الآن بكرمه وحلمه ، فسيرون ما يحل بهم غدا من الخزي والعذاب (أوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ). ضمير

١٢٦

يروا يعود الى مشركي مكة المكرمة الذين حاربوا رسول الله (ص) بقرينة قوله تعالى : «حرما آمنا». وقد ذكرهم سبحانه بما خصهم به دون الناس من الإقامة في بلد الأمن والأمان على الأنفس والأموال ، والناس من حولهم في قلق وخوف على حياتهم وأشيائهم. وتقدم مثله في الآية ١٢٥ من سورة البقرة والآية ٩٧ من سورة آل عمران ، والآية ٥٧ من سورة القصص (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ). كل من خضع للباطل ، ورضي بغير الحق طمعا في الدنيا وحطامها فهو من الذين آمنوا بالباطل وكفروا بفضل الله وإحسانه.

(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). للجهاد في الله مظاهر ، منها طلب العلم لله ، وطلب العيش بكد اليمين ، ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأفضلها جميعا الجهاد لتطهير الأرض من الظالمين والمفسدين .. والله سبحانه يهدي الى الحق والرشد كل من أخلص في نيته ، وأحسن في عمله ، ولا يهدي من هو مسرف كذاب.

١٢٧

سورة الرّوم

مكيّة وآياتها ٦٠ ما عدا ١٧ آية فإنها مدنية كما قيل.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

غلبت الروم الآة ١ ـ ٧ :

(الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥) وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧))

اللغة :

المراد بأدنى الأرض هنا أقربها الى العرب. والبضع العدد ما بين الثلاثة والعشرة. وظاهر الحياة الدنيا ما يدرك منها بالحواس كالغنى والفقر وما اليهما.

الإعراب :

من قبل ومن بعد مبنيان على الضم. ويومئذ منصوب بيفرح. وعد الله منصوب على المصدرية أي وعد الله وعدا. وهم الثانية تأكيد للأولى.

١٢٨

المعنى :

(الم) تقدم الكلام عنه في أول سورة البقرة (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ). فيما تقدم ذكرنا وجوها لاعجاز القرآن الكريم ، منها تحدي المنكرين بأن يأتوا بسورة من مثله ، ومنها عقيدته الإلهية ، وهدايته الى بواعث التقدم وأسبابه ، وشريعته الانسانية التي تفي بحاجات الناس في كل زمان ومكان ، وتقر من الشرائع الوضعية كل ما فيه صلاح للناس بجهة من الجهات ، مع العلم بأن الذي بلّغ القرآن لم يختلف الى معلم ، ومنها ان كلام القرآن يحمل وجوها كثيرة دون كلام الناس ، وقد اهتدينا ، ونحن نفسر آياته ، الى ان السر في ذلك يكمن في عظمة المتكلم وعلمه الذي لا يحد بشيء.

انظر ما قلناه عند تفسير الآية ٥٥ من سورة النور ، فقرة : وجه آخر لاعجاز القرآن.

ومن مظاهر إعجاز القرآن إخباره عما لا يطلع عليه إلا علّام الغيوب ، كالإخبار عما كان يضمره المنافقون في قلوبهم ، وعن انتصار النبي على أعدائه ، وظهور الإسلام على الدين كله ، وعن رجوع النبي إلى مكة منتصرا بعد إخراجه منها ، وعما يحدثه أصحابه من بعده ، وعن اليهود وطبيعتهم ، وعن انتصار الروم على الفرس بعد بضع سنين من انتصار الفرس على الروم ، والآيات التي نحن بصددها تشير إلى هذه الحادثة التي أجمع عليها الرواة والمفسرون.

وملخصها ان فارس كانت على دين المجوسية ، لا كتاب لها كالمشركين ، وكانت الروم على دين النصارى ، والنصارى أهل كتاب كالمسلمين ، وفي عهد رسول الله (ص) وقعت الحرب بين فارس والروم بأذرعات وبصرى من أرض الشام ، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم في الشرك سواء ، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأن الطائفتين من أهل الكتاب ، وجاءت الأخبار بانتصار الفرس على الروم ، فشق ذلك على المسلمين ، وفرح المشركون ، وقالوا للمسلمين : ان الفرس الذين لا كتاب لهم غلبوا الروم أصحاب الكتاب ، وأنتم تزعمون انكم ستغلبون بالكتاب الذي انزل على نبيكم ، فنحن لا كتاب لنا ، وسنغلبكم كما غلب الفرس الروم ، فنزلت هذه الآيات ، وما

١٢٩

مضت تسع سنين حتى أظهر الله الروم على الفرس ، ففرح المسلمون ، وحزن المشركون.

وهنا يكمن سر الاعجاز حيث أخبر القرآن الكريم بشكل قاطع جازم عن استئناف الحرب بين الروم وفارس ، وحدد وقتها في بضع سنين ، وانها تنتهي بانتصار الروم على فارس ، فكان كما قال. وهذا الغيب المحجوب لا يعلمه إلا الله وحده.

(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) قبل النصر وبعده ، واليه وحده ترجع الأمور (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ). يفرح المسلمون يوم تظهر الروم على فارس (يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ). إذا تقاتل اثنان ينتصر من يملك أسباب النصر على الذي لا يملكها محقا كان أو مبطلا ، وأسند سبحانه النصر اليه لأن جميع الأسباب الكونية تنتهي اليه تعالى بالنظر إلى انه خالق الكون وما فيه (وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ينتقم من الظالم ، ويرحم المظلوم.

(وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) بعد أن أخبر سبحانه عن الغيب المحجوب ، وهو انتصار الروم على فارس أكد بأن ذلك واقع لا محالة ، ولكن من لا يؤمن بالله كيف يؤمن بوعده؟ وهذا التأكيد القاطع أصدق شاهد على ان القرآن وحي من الذي يتساوى لديه عالم الغيب والشهادة ، ولو حصل الخلف بالوعد لاتخذ منه أعداء الرسول الأعظم (ص) ذريعة للطعن بصدقه ورسالته (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ). الدنيا وأحوالها من عالم الشهادة ، والآخرة وأهوالها من عالم الغيب ، وبداهة ان عالم الشهادة يدرك بالحواس ، أما عالم الغيب فلا يدرك إلا بطريق الوحي ، وهم لا يؤمنون به ، فمن أين يأتيهم العلم بالآخرة؟

أو لم يتفكروا في أنفسهم الآة ٨ ـ ١٦ :

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (٨)

١٣٠

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠) اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦))

اللغة :

أثاروا الأرض حرثوها وأصلحوها للزراعة. وعمروها من العمران. والسوأى الحالة السيئة وهي تأنيث الأسوأ كالحسنى تأنيث الأحسن. والإبلاس اليأس من الخير. والروضة الأرض ذات النبات والماء. ويحبرون يسرون.

الإعراب :

ما خلق (ما) نافية. وأجل معطوف على الحق. وكيف خبر كان وعاقبة اسمها. وقوة تمييز وأكثر صفة لمفعول مطلق محذوف ، والمصدر من ليظلمهم

١٣١

متعلق بمحذوف خبرا لكان أي ما كان الله مريدا لظلمهم. والسوأى اسم كان أي كان السوأى عاقبة الذين أساءوا ، ومن رفع عاقبة فهي الاسم والسوأى الخبر. والمصدر من ان كذبوا مفعول من أجله. ويومئذ بدل من يوم تقوم الساعة.

المعنى :

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى). الله حكيم لا يخلق شيئا إلا بالحق ، والعبث في حقه محال ، وهو قادر على اعادة الإنسان إلى الحياة بعد انتهاء أجله المحدد له. ومن تدبر عظمة الكون يدرك حكمة الله في خلقه ، ويدرك قدرته على إحياء الموتى لأن خلق السموات والأرض أعظم من إعادة الإنسان بعد الموت : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٣٣ الأحقاف. (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) بأنه قادر على الاعادة جهلا منهم بأن القادر على الإبداء قادر أيضا على الاعادة لأن السبب فيهما واحد ، إمكانا وامتناعا.

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً). تقدم مثله في الآية ١٣٧ من سورة آل عمران ج ٢ ص ١٥٩ (وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). كانت الأمم السابقة أكثر حضارة وتقدما من العرب في الزراعة والعمران ، ولما ظلموا أنفسهم بكفرهم وتكذيبهم الرسل أخذهم الله بالعذاب والهلاك .. ألا يخشى الذين كذبوا محمدا أن يصيبهم ما أصاب الذين كانوا أقوى وأرقى.

(ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ). جاءتهم رسلهم بالبينات لينقذوهم من الضلالة والغواية ، فأمعنوا في الإساءة اليهم تكذيبا واستهزاء ، فكان جزاؤهم سوء العذاب وبئس المصير (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) تقدم في الآية ١٩ من سورة العنكبوت وغيرها.

١٣٢

(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ). في هذا اليوم يعلم المجرمون انه لا أمل ولا حيلة لمن أسلف المعصية ، وسوّف التوبة ، فتذهلهم مرارة اليأس لأنهم أمعنوا في الضلالة وأصروا عليها (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ). كان لهم شركاء في الدنيا يتبعونهم في الضلال والفساد جهلا وتقليدا ، ويرجون نفعهم وشفاعتهم يوم القيامة حتى إذا برزوا لله جميعا ورأوا العذاب وأيقنوا ان لا شريك ولا شفيع تبرأ المتبوع من التابع ، والقائد من المقود. وتقدم مثله في الآية ١٦٦ من سورة البقرة ج ١ ص ٢٥٥.

(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) ضمير يتفرقون يعود إلى أهل الجنة وأهل النار ، أي انهم كانوا في الدنيا يلتقون ويجتمعون في الأندية والأسواق والمعاهد والمعابد وغيرها ، أما يوم القيامة فلا اجتماع بينهم ولا لقاء (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ). يخرج الله الخلائق غدا من الأجداث ويجمعهم لما يريد من مسألتهم ، ثم يجعلهم فريقين : أهل الشر وأهل الخير ، فينعم على هؤلاء بمقام كريم وجنة نعيم ، وينتقم من أولئك بنزل من حميم وتصلية جحيم.

من مشاهد الكون وخلق الانسان الآة ١٧ ـ ٢٥ :

(فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً

١٣٣

وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥))

اللغة :

تظهرون تدخلون في وقت الظهيرة تماما مثل تمسون وتصبحون. ومن أنفسكم من جنسكم. لتسكنوا اليها لتطمئنوا اليها ، فسكن اليه من سكون الروح ، وسكن عنده من سكون الجسم.

الإعراب :

فسبحان الله منصوب على المصدرية ، ومعناه الأمر أي سبحوا وحين منصوب به ، وعشيا عطف على حين. وله الحمد مبتدأ وخبر والجملة معترضة. والمصدر من ان خلقكم مبتدأ ومن آياته خبر. وإذا أنتم (إذا) للمفاجأة. والمصدر من لتسكنوا متعلق بخلق لكم وهو بمعنى المفعول من أجله. ومن آياته يريكم البرق (يريكم) فعل مضارع في موضع المصدر وهو مبتدأ وخبره من آياته أي من آياته إراءته إياكم البرق. وخوفا وطمعا مفعول لأجله.

١٣٤

المعنى :

(فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ). بعد أن ذكر سبحانه أهل الجنة وأهل النار أمر بتنزيهه وتمجيده في الإصباح والإمساء والاظهار من أوقات النهار ، وفي الليل أيضا ، فإنه تعالى هو المحمود في السماء والأرض. وفي بعض الروايات ان سليمان بن داود مر بحراث ، فقال : لقد أوتي ابن داود ملكا عظيما. فقال له سليمان : ان تسبيحة واحدة يقبلها الله خير ما أوتي آل داود. وفي نهج البلاغة جعل الله الحمد مفتاحا لذكره ، وسببا للمزيد من فضله ، ودليلا على آلائه وعظمته.

(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها). يقول الماديون : ان المادة هي التي تنشئ الحياة والاسماع والأفئدة .. ولو صح هذا لكانت كل مادة تبصر وتسمع وتعقل ، لأن خصائص الشيء ملازمة له حيث كان ويكون ، ولما رأينا الحياة في بعض الكائنات دون بعض علمنا ان هناك قوة وراء المادة تهب الحياة لمن تشاء وتمنعها عمن تشاء (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) كما أخرج الله النبات الحي من الأرض الميتة يخرج الإنسان حيا من قبره ، وكما أحياه ، ولم يكن شيئا مذكورا يحييه تارة أخرى بعد أن يصبح ترابا وعظاما ، فأين مكان الغرابة؟ انظر ج ٣ ص ٢٣١ فقرة : «من أين جاءت الحياة» ، وج ٤ ص ٣٧٩ ، فقرة «الماديون والحياة بعد الموت».

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ). خلق الله الإنسان الأول من تراب ، وجميع البشر ينتهون اليه ، وأيضا غذاؤهم الذي فيه قوام حياتهم ينتهي الى التراب ـ إذن ـ فالتراب هو سبب كيان الإنسان ووجوده ، وسبب بقائه واستمراره .. كيف صار التراب إنسانا ، له سمع وبصر وعقل وبيان وارادة وطاقات تفعل العجائب ، وتخلق الحضارات؟ هل هذا من فعل الصدفة أو من صنع المادة؟ وليفرض الجاحدون ما شاءت لهم الفروض فإن العقل لا يؤمن إلا بمن ليس كمثله شيء ، وهو العليم الحكيم.

١٣٥

الزواج القرآني :

(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً). من أنفسكم أي من جنسكم وعلى شكلكم تبادلكم عطفا بعطف واطمئنانا باطمئنان ، وقديما قيل : كل شكل إلى شكله ألف ، ولو كانت الزوجة من غير جنس الزوج لتعذر التفاهم والمشاركة ولنظر كل الى الآخر على أنه غريب وبعيد عن طبعه وأخلاقه .. انظر ج ٢ ص ٢٨٣ ، فقرة : «الزواج مبادلة روح بروح» وطريف قول بعض المفسرين : ان المراد بالمودة المجامعة ، وبالرحمة الولد .. وان دل هذا التفسير على شيء فإنما يدل على تغليب الجنس عند المفسر ، وانه ينظر الى المرأة على انها مجرد آلة لإنجاب الأطفال.

ان القرآن الكريم يحدد الغاية من الزواج بالتآلف والتراحم ، والعدل والمساواة ، لا بين الزوجين فقط ، بل بين أفراد الأسرة بكاملها ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) ـ ١ النساء. والغرض من الأمر بالتقوى في هذه الآية أن يؤدي كل فرد من أبناء الأسرة حق الآخر ، ويتعاونوا يدا واحدة على ما فيه خير الجميع لتحيا الأسرة حياة صالحة لا مشاكل فيها ولا تعقيد ، ومعلوم ان الأسرة الصالحة هي أساس المجتمع الصالح.

وبهذه المناسبة نشير إلى أن الخطبة تستحب عند طلب الزواج ، وعند اجراء العقد أيضا تأسيا بالنبي وأهل بيته (ص) ، وهي حمد الله تعالى والشهادتان ، والصلاة على النبي وآله ، والوصية بالتقوى ، والدعاء للزوجين ، وعن الإمام زين العابدين (ع) : من حمد الله فقد خطب .. ويستحب للتيمن والتبرك تلاوة آية من كتاب الله ، وحديث من سنّة نبيه الكريم ، وعلى هذا جرت عادة السلف والكثير من الخلف ، فإنهم يتلون قبل العقد من كتاب الله قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) الخ. ومن السنّة النبوية : تناكحوا تناسلوا تكثروا ، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط.

وقلنا : يتلى هذا الحديث وما إليه للتبرك لأنه من الخطأ أن يظن ان الخلق الكريم

١٣٦

والتهذيب القرآني يتم بتلاوة الأحاديث والآيات .. كلا ، ان هذا التهذيب لا يكون إلا بتربية الأبناء منذ الصغر تربية قرآنية تؤدي بهم الى تفهم الغاية التي أرادها الله من الزواج ، وانها انسانية خالصة من كل شائبة تجارية أو سياسية ، أما ان نربي أولادنا على حب التكاثر والتفاخر والمظاهر الفارغة ، فتقول الأم لبنتها : أسعدك الله بزوج ثري ، وينصح الوالد ولده أن يتزوج بنت الوزير والتاجر الكبير ، أما هذه التربية فلا تغني عنها الآيات والأحاديث.

أما حديث تناكحوا .. تناسلوا فلا شك في صحته ، ولكن سيد الأنبياء (ص) يباهي بالمؤمنين الأتقياء ، والمجاهدين الأحرار .. وأيضا بالسقط .. ويتبرأ من أهل الفسق والفجور ، من الشابات والشباب الذين لا يردعهم من الدين رادع ، ولا يزجرهم من الأخلاق زاجر ، ويتبرأ أيضا من أهل الخيانة والعمالة لأعداء الله والانسانية .. وفي الحديث : «ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا ان يفر من شاهق الى شاهق. قالوا : ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال : إذا لم ينل المعيشة إلا بمعاصي الله ، فعند ذلك تحل العزوبة».

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أن الغرض من الزواج هو السكن والمودة والرحمة ، وان الزواج التجاري والسياسي كثيرا ما يؤدي الى شقاء الأسرة ، ويعرّضها للزوال وتشريد الأطفال.

(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). يكرر سبحانه آية خلق الكون لأنه بما فيه من عجائب وأسرار أظهر الأدلة على وجود الله وعظمته ، وأيضا للتذكير بفضله تعالى وآلائه (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ). اختلاف القوميات باللغة ، وأهل الأقطار بالألوان ، واختلاف الأفراد بالملامح والأصوات وبصمة الإبهام وما اليها ، والحكمة من ذلك ان يتميز الناس بعضهم عن بعض ، فيعرف الوالد ولده ، والرجل زوجته ، والغريم غريمه ، ومحال أن تكون هذه الحكمة البالغة من صنع الطبيعة والصدفة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) أي دلائل واضحة على وجود المقدر والمدبر.

(وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ). وتقدير الكلام منامكم ليلا ونهارا لأن الإنسان قد ينام في النهار ـ القيلولة ـ (وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أيضا

١٣٧

ليلا ونهارا لأن الإنسان قد يسعى لرزقه في الليل ، أما قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) ـ ١١ النبأ فانه محمول على الغالب ، ومهما يكن فان الغرض هو التذكير بحكمته تعالى من تقسيم حياة الإنسان الى الكدح والراحة ، حيث لا تنتظم الحياة إلا بهما (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) دعوة الله فيستجيبون لها ، ومواعظه فيتعظون بها.

(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). تقدم مثله في الآية ١٢ من سورة الرعد ج ٤ ص ٣٨٨ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ). كل موجود يفتقر إلى عناية الله في بقائه واستمراره ، تماما كما يفتقر اليه تعالى في أصل الخلق والإيجاد ، وما تخلت عناية الله عن شيء إلا صار هباء هو وجاذبيته ودعائمه (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ). ان دعوة الله في الدنيا هي دعوة نصح وإرشاد يستجيب لها المتقون ، ويعرض عنها المجرمون ، أما دعوته في الآخرة فإنها دعوة التكوين والتنفيذ لا مفر منها للمدعو إلا الى الداعي عظمت قدرته. وتقدم مثله في الآية ٥٢ من سورة الإسراء ج ٥ ص ٥٣.

كل له قانتون الآة ٢٦ ـ ٢٩ :

(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ

١٣٨

يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩))

اللغة :

قانتون طائعون منقادون. والمثل الأعلى الصفة العليا. ومما ملكت أيمانكم العبيد والمماليك.

الإعراب :

لكم مما ملكت متعلق بمحذوف خبرا مقدما لشركاء ، ومن زائدة إعرابا. ومثله وما لهم من ناصرين.

المعنى :

(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ). الكون بمن فيه وما فيه ملك لله وطوع ارادته وحده حتى الذين يعصون أمره ونهيه يتصرف فيهم بلا معارض ومعاند (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ). خلق سبحانه الكون فأحكم خلقه ، ثم يفنيه ويعيده تارة أخرى ، والمراد بأهون هيّن ، مثل الله أكبر أي كبير لأن الذي ليس كمثله شيء ، وتتساوى في قدرته جميع الأشياء ، لا يصح القول بالنسبة اليه : انه أكبر من غيره ، ولا هذا أيسر عليه من سواه (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). المراد بالمثل الأعلى الصفة العليا التي لا يشاركه فيها أحد ، وهي انه لا إله إلا هو ، والعزيز هو الذي لا يغلب ، والحكيم هو الذي لا يعبث.

(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ). هذا المثل ضربه الله سبحانه للمترفين الطغاة

١٣٩

الذين يملكون العبيد والمال ، ويزعمون ان لله شركاء في خلقه. وتوضيحه : انظروا أيها المشركون المترفون : ان لكم عبيدا ومماليك لا تشاركونهم في أموالكم ، ولا تقبلون أن يتصرفوا فيها إلا بإذنكم ، ولا تهابونهم حين تتصرفون أنتم فيها كما تهابون شركاءكم الأحرار ، مع العلم بأن الذين استعبدتموهم ليسوا مملوكين لكم حقيقة ـ إذن ـ كيف جعلتم المملوكين لله حقيقة وواقعا ، جعلتموهم شركاء لله في ملكه وخلقه؟ كيف نسبتم إلى الله ما لا ترضونه لأنفسكم؟ أتأنفون أنتم من شراكة ما تزعمون أنهم عبيد ، وهم مخلوقون لله مثلكم ، ولا يأنف الله من شراكة مخلوقاته؟. ويلكم كيف تحكمون؟ وهذا تماما كقولهم : لله البنات ولنا البنون : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) ـ ٥٧ النحل. (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). ان هذا المثل واضح تمام الوضوح في أن الله لا شريك له ، ولا يعمى عنه إلا أرباب المنافع والأهواء.

(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) حيث خيل اليهم ان الحق فيما يهوون ، والعدل فيما يشتهون .. وهذا هو الجهل القاتل والضلال المبين (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ). أضلهم الله لأنهم سلكوا طريق الضلال ، وكل من سار على الدرب وصل سواء أكان دربا للخير أم للشر ، للنجاة أم الهلاك (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) كيف وقد سلكوا سبيل الهلاك بسوء اختيارهم ، ولم يرتدعوا عنه برادع ولا زاجر؟

ذلك الدين القيم الآة ٣٠ ـ ٣٢ :

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢))

١٤٠