مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٤٨
الحديث الثامن
أخرج الطبراني عن معاذ بن جبل ، قال :
« قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أُريت أنّي وُضعت في كفّةٍ وأُمّتي في كفّةٍ فعدلتها ، ثم وضع أبو بكر في كفّةٍ وأُمّتي في كفّةٍ فعدلها ، ثم وُضع عثمان في كفّةٍ وأُمّتي في كفّةٍ فعدلها ، ثم رفع الميزان » .
رواه الهيثمي (٤٨) والمتّقي (٤٩) عن الطبراني . وقال الأوّل : « وفيه عمرو بن واقد وهو متروك ، ضعّفه الجمهور » .
أقول :
ترجمة عمرو بن واقد :
وهذه نبذة من كلماتهم في الرجل المذكور :
كان مروان الطاطري يقول : عمرو بن واقد كذّاب .
وقال يزيد بن محمد بن عبد الصمد : قال أبو مسهر : كان يكذب من غير أنْ يتعمّد .
وقال يعقوب بن سفيان عن دحيم : لم يكن شيوخنا يحدّثون عنه . قال : وكأنّه لم يشكّ أنّه كان يكذب .
وقال أبو حاتم والبخاري والترمذي : منكَر الحديث .
وقال النسائي والدارقطني والبرقاني : متروك الحديث (٥٠) .
وأورده الذهبي في ميزانه ـ بعد أن أشار إلى كونه من رجال الترمذي وابن
__________________
(٤٨) مجمع الزوائد ٩ / ٥٩ .
(٤٩) كنز العمّال ١١ / ٦٤١ .
(٥٠) تهذيب التهذيب ٨ / ١٠١ .
ماجة ـ فذكر بعض الكلمات في جرحه وذمّه : ثم روى بعض الأحاديث التي وقع الرجل في طريقها ، منها هذا الحديث . . . ثم قال : « وهذه الأحاديث لا تعرف إلّا من رواية عمرو بن واقد . وهو هالك » (٥١) .
õ õ õ
__________________
(٥١) ميزان الاعتدال ٣ / ٢٩١ .
الحديث التاسع
روى ابن عساكر ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم :
« إنّ الله أمرني بحبّ أربعةٍ من أصحابي ؛ وقال : أُحبّهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ » .
رواه المتّقي عن ابن عساكر . وعن ابن عديّ ثم قال :
« فيه : سليمان بن عيسى السجزي . قال ابن عديّ : يضع » (٢) .
أقول :
ترجمة سليمان بن عيسى السجزي :
قال الذهبي : « سليمان بن عيسى بن نجيح السجزي . عن ابن عون وغيره . هالك .
قال الجوزجاني : كذّاب مصرّح .
وقال أبو حاتم : كذّاب .
وقال ابن عديّ : يضع الحديث . له كتاب : تفضيل العقل . جزءان .
ومن بلاياه : حدّثنا الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : إنّ الله أمرني بحبّ أربعة : أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ . . . » (٥٣) .
وكذا قال ابن حجر العسقلاني (٥٤) .
__________________
(٥٢) كنز العمّال ١١ / ٦٣٧ .
(٥٣) ميزان الاعتدال ٢ / ٢١٨ .
(٥٤) تهذيب التهذيب ٣ / ٩٩ .
الحديث العاشر
أخرج ابن أبي خيثمة وأبو يعلى والبزّار وأبو نعيم ، عن أنس ، قال :
« كنت مع النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في حائطٍ ، فجاء آتٍ فدقّ الباب . فقال : يا أنس ، قم فافتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعدي ؛ فإذا أبو بكر . ثم جاء رجل فدقّ الباب فقال : يا أنس ، قم فافتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعد أبي بكر ؛ فإذا عمر . ثم جاء رجل فدقّ الباب فقال : افتح له وبشّره بالجنّة وبالخلافة من بعد عمر وأنّه مقتول ؛ فإذا عثمان » .
رواه عنهم السيوطي (٥٥) .
وقال الخطيب : « الصقر بن عبد الرحمن بن بنت مالك بن مغول ، يكنّى أبا بهز ، وهو كوفي ، نزل بغداد وحدّث بها . . . أخبرني عليّ بن محمد بن الحسن المالكي ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفّار ، أخبرنا محمد بن عمران بن موسى الصيرفي ، حدّثنا عبد الله بن علي بن المديني ، قال : قلتُ لأبي في حديث أبي بهز عن ابن إدريس عن المختار بن فلفل عن أنس : كان في حائطٍ فقال : إئذن له وبشّره بالجنّة ، مثل حديث أبي موسى ؟ فقال : كذب ، هذا موضوع » .
ثم روى بإسناده عن طريق أبي يعلى : حدّثنا أبو بهز صقر بن عبد الرحمن ابن بنت مالك بن مغول ، حدّثنا عبد الله بن إدريس ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك ، قال : جاء النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فدخل إلى بستانٍ فأتى آتٍ فدقَّ الباب فقال : قم يا أنس . . .
قال عبد المؤمن : سألت أبا عليّ عن الصقر فقال : كان شيخاً مغفّلاً مطروحاً ببغداد . . . وأبو الصقر عبد الرحمٰن بن مالك بن مغول كان ـ يعني
__________________
(٥٥) الخصائص الكبرى ١ / ١٢٢ .
الصقر ـ يضع الحديث .
قال أبو عليّ صالح بن محمد : عبد الرحمن بن مالك من أكذب الناس ، وأبو بهز ابنه كان أكذب من أبيه » (٥٦) .
وروى العيني هذا الحديث في شرح البخاري فقال :
« رواه أبو يعلى الموصلي من حديث المختار بن فلفل عن أنس وقال : هذا حديث حسن » (٥٧) .
أقول :
قد عرفت تنصيص غير واحدٍ من حفّاظ القوم على كون الرجل من أكذب الناس ، وأنّ الحديث موضوع . . . على أنّ ابن عديّ يحكي عن أبي يعلى أنّه كان إذا حدّثنا عنه ضعّفه . . .
وممّن نصّ على أنّ هذا الحديث كذب هو : الذهبي ، فإنّه ذكر « الصقر » في ( ميزانه ) فقال : « الصقر بن عبد الرحمن ، أبو بهز ، سبط مالك بن مغول ، حدّث عن عبد الله بن إدريس عن مختار بن فلفل عن أنس بحديث كذب : قم يا أنس فافتح لأبي بكر وبشّره بالخلافة من بعدي ؛ وكذا في عمر وعثمان .
قال ابن عديّ : كان أبو يعلى إذا حدّثنا عنه ضعّفه . وقال أبو بكر بن أبي شيبة : كان يضع الحديث . وقال أبو علي جزرة : كذّاب . . . » (٥٨) .
وتبعه ابن حجر في ( لسانه ) فذكر عبارة الذهبي ثم روى الحديث بإسناده عن أبي يعلى عن صقر عن عبد الله بن إدريس عن المختار بن فلفل عن أنس . . . ثم قال :
« لو صحّ هذا لَما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى ، وكان يعهد إلى عثمان
__________________
(٥٦) تاريخ بغداد ٩ / ٣٣٩ ـ ٣٤١ .
(٥٧) عمدة القاري ١٦ / ١٧٦ .
(٥٨) ميزان الاعتدال ٢ / ٣١٧ .
بلا نزاع » (٥٩)
õ õ õ
__________________
(٥٩) لسان الميزان ٣ / ١٩٣ .
الحديث الحادي عشر
ما رواه عبد الوهّاب الكلابي ، المعروف بابن أخي تبوك ، المتوفّى في سنة ٣٩٦ وكان مسند دمشق في مسنده .
وابن عساكر في تاريخ دمشق .
والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد . . .
قال الخطيب :
« حدّثت عن عبد الوهّاب بن الحسن الدمشقي ، حدّثنا أبو القاسم عبد الله ابن أحمد بن محمد التميمي المعروف بالغباغبي ، قال : حدّثني ضرار بن سهل ، حدّثنا الحسن بن عرفة ، حدّثنا أبو حفص الأبّار ، عن حميد عن أنس ، قال :
قال لي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : يا عليّ ، إنّ الله أمرني أن أتّخذ أبا بكر والداً ، وعمر مشيراً ، وعثمان سنداً ، وأنت ـ يا عليّ ـ ظهيراً .
هذا الحديث منكَر جدّاً . لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلّا ضرار بن سهل ، وعنه الغباغبي . وهما جميعاً مجهولان » (٦٠) .
وقال ابن الجوزي :
« باب في فضائل الأربعة ، وفيه أحاديث : الحديث الأوّل :
أنبأنا أبو منصور القزّاز ، قال أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب ، قال : حدّثت عن عبد الوهّاب بن الحسن الدمشقي ، حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد التميمي المعروف بالغباغبي ، قال : حدّثني ضرار بن سهل ، حدّثنا الحسن ابن عرفة ، حدّثنا أبو حفص الأبّار ، عن حميد ، عن أنس ، قال :
__________________
(٦٠) تاريخ بغداد ٩ / ٣٤٥ .
قال لي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : يا عليّ ، إنّ الله أمرني أنْ أتّخذ أبا بكر والداً . . . وأنت يا عليّ ظهيراً » .
قال ابن الجوزي بعد أن رواه عن الخطيب كذلك :
« قال الخطيب : هذا حديث منكَر جدّاً ، لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلّا ضرار بن سهل ، وعنه الغباغبي ، وهما مجهولان » (٦١) .
وقال الذهبي :
« ضراء بن سهل عن الحسن بن عرفة ، بخبر باطل ، ولا يُدرىٰ مَنْ ذا الحيوان . والحديث عن ابن عرفة :
حدّثنا الأبّار ، عن حميد ، عن أنس ، قال عليّ : قال لي النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم :
يا عليّ ، إنّ الله أمرني أن أتّخذ أبا بكرٍ والداً . . .
رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي ، عن عبد الله بن أحمد الغباغبي ـ أحد المجهولين ـ عن ضرار » (٦٢) .
وقال ابن حجر :
« ضرار بن سهل ، عن الحسن بن عرفة ، بخبر باطل ، ولا يُدرىٰ مَن ذا الحيوان !!
والحديث عن ابن عرفة : حدّثنا الأبار ، عن حميد ، عن أنس ، قال عليٌّ رضي الله عنه : قال لي النبي صلّی الله عليه وآله وسلّم : يا عليّ ، إنّ الله أمرني أنْ أتّخذ أبا بكر . . . رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي ، عن عبد الله بن أحمد الغباغبي ـ أحد المجهولين ـ عن ضرار » (٦٣) .
__________________
(٦١) الموضوعات ١ / ٤٠٢ .
(٦٢) ميزان الاعتدال ٢ / ٣٢٧ .
(٦٣) لسان الميزان ٣ / ٢٠٢ .
أقول : إلى هنا وقد عرفت أنّ هذا الحديث من الموضوعات . . .
ثم إنّ ابن حجر بعد أن ذكر الحديث ، وقال ـ تبعاً للذهبي ـ : « رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي عن عبد الله بن أحمد الغباغبي » وحكم تبعاً له بأنّه « أحد المجهولين » . . . عنون :
« عبد الله بن أحمد بن محمّد التميمي ، المعرف بالعباعبي » .
قال : « روى عن : ضرار بن سهل عن الحسن بن عرفة في فضل الخلفاء الأربعة . روى عنه : عبد الوهّاب العلائي » .
فهناك : « الغباغبي » وهنا « العباعبي » !
والراوي عنه هناك : « عبد الوهّاب الكلابي » وهنا « عبد الوهّاب العلائي » !
ثم قال :
« قال الخطيب : منكَر جدّاً ، لا أعلم رواه بهذا الإِسناد غير ضرار ، وهو والعباعبي مجهولان . وذكر له ابن عساكر نسباً إلى فراس بن حابس التميمي أخي الأقرع بن حابس . . .
مات سنة ٤٢٥ .
وكان معلّماً على باب الجابية .
قلت : فهو معروف ، والتصق الوهم بضرار » (٦٤) .
أقول : لقد حاول ابن حجر أنْ يُخرج الرجلَ عن الجهالة ، مع وهمه في لقبه وفي لقب الراوي عنه ، لكنّه لم يفلح ، إذ لم يأتِ له بتوثيقٍ ولا مدح ، إذ لا يُخرج الرجلَ عن المجهوليّة العلمُ بكونه معلّماً في مكان كذا ، وبأنّه مات في سنة كذا ، وإلّا لم يحكم عليه بالجهالة الخطيب البغدادي الراوي عنه بواسطةٍ واحدةٍ ، ولا ابن الجوزي الراوي عن الخطيب بواسطة واحدة ، ولا الذهبي . . !!
__________________
(٦٤) لسان الميزان ٣ / ٢٥٠ .
الحديث الثاني عشر
ما أخرجه الترمذي وعنه السيوطي وصحّحه ، وهو :
« رحم الله أبا بكر زوّجني ابنته ، وحملني إلى دار الهجرة ، وأعتق بلالاً من ماله ، وما نفعني مال في الإِسلام ما نفعني مال أبي بكر . رحم الله عمر يقول الحقّ وإنْ كان مرّاً ، لقد تركه الحقّ وماله من صديق . رحم الله عثمان تستحه الملائكة ، وجهّز جيش العسرة ، وزاد في مسجدنا حتى وسعنا . رحم الله عليّاً ، اللّهمّ أدر الحقّ معه حيث دار .
ت عن عليّ . صح » (٦٥) .
أقول :
في سنده : مختار بن نافع :
قال أبو زرعة : واهي الحديث .
وقال البخاري والنسائي وأبو حاتم والساجي : منكَر الحديث .
وقال النسائي أيضاً : ليس بثقة .
وقال ابن حبّان : كان يأتي بالمناكير عن المشاهير حتى يسبق إلى القلب أنّه كان المتعمِّد لذلك (٦٦) .
ولِما ذكرنا أورده الحفّاظ في الأحاديث الباطلة المكذوبة :
قال ابن الجوزي : « روى مختار بن نافع التميمي ، عن أبي حيّان ، عن أبيه ، عن عليّ ، عن النبيّ . . .
__________________
(٦٥) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٤ / ١٨ ـ ١٩ .
(٦٦) تهذيب التهذيب ١٠ / ٦٢ .
قال المؤلّف : هذا الحديث يعرف بمختار . قال البخاري : هو منكَر الحديث . وقال ابن حبّان : كان يأتي بالمناكير عن المشاهير حتى يسبق إلى القلب أنّه كان المتعمِّد لذلك » (٦٧) .
وقال الذهبي : « مختار بن نافع [ ت ] عن أبي حيّان التميمي .
قال النسائي وغيره : ليس بثقة .
وقال ابن حبّان : منكَر الحديث جدّاً .
أحمد بن عبد الرحمٰن الكزبراني ، حدّثنا مختار بن نافع ، عن أبي حيّان ، عن أبيه ، عن عليّ ، مرفوعاً : رحم الله . . . وذكر الحديث .
قال البخاري : منكَر الحديث ، كنيته أبو إسحاق » (٦٨) .
ومن هنا قال المنّاوي في شرحه :
« رمز المصنّف لصحّته ، وليس كما زعم ، فقد أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال : هذا الحديث يعرف بمختار ، قال البخاري : منكَر الحديث ، وقال ابن حبّان : يأتي بالمناكير عن المشاهير حتى يسبق إلى القلب أنّه يتعمّدها . . . وفي الميزان : مختار بن نافع منكَر الحديث جدّاً ، ثم أورد من مناكيره هذا الخبر » .
õ õ õ
__________________
(٦٧) العلل المتناهية ١ / ٢٥٥ .
(٦٨) ميزان الاعتدال ٤ / ٨٠ .
الحديث الثالث عشر
ما أخرجه الطبراني وأبو نعيم وابن عديّ والخطيب وغيرهم بأسانيدهم عن ابن عبّاس . . .
قال الخطيب :
« قال رسول الله صلّی الله عليه [ وآله ] وسلّم : ما في الجنّة شجرة إلّا مكتوب على كلّ ورقة منها : لا إلٰه إلّا الله ، محمّد رسول الله ، أبو بكر الصدّيق ، وعمر الفاروق ، وعثمان ذي النورين » (٦٩) .
وقال ابن الجوزي :
« أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزّاز ، قال : أنبأنا أحمد بن عليّ بن ثابت ، قال : أنبأنا القاضي أبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن الشافعي . . . عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله . . .
اسم الاحتياطي : الحسن بن عبد الرحمن بن عبّاد أبو عليّ .
قال أبو حاتم ابن حبّان : هذا باطل موضوع ، وعليّ بن جميل كان يضع الحديث ، لا تحلّ الرواية عنه بحال . وقال أبو أحمد ابن عديّ : لم يأت بهذا الحديث عن جرير غير عليّ ، وعليّ يحدّث بالبواطيل عن ثقات الناس فيسرق السرق » (٧٠) .
وقال الذهبي :
« عليّ بن جميل الرقّي . روى عن جرير بن عبد الحميد وعيسى بن يونس . كذّبه ابن حبّان . . . وروى عليّ بن جميل ، عن جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ،
__________________
(٦٩) تاريخ بغداد ٤ / ٥ و ٥ / ١٠٨ .
(٧٠) الموضوعات ١ / ٣٣٦ .
عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، قال . . . » (٧١) .
وقال السيوطي :
« الطبراني : حدّثنا سعيد بن عبد ربّه الصفّار البغدادي ، حدّثنا عليّ بن جميل الرقّي ، حدّثنا جرير بن عبد الحميد ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس . . .
قال ابن حبّان : موضوع ، وعليّ بن جميل وضّاع . . .
أبو نعيم في الحلية : حدّثنا القاضي أبو أحمد ، حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك ، حدّثنا عليّ بن جميل به .
وقال الختلي في الديباج : حدّثني القاسم بن أبي علي الكوفي ، حدّثنا عبد العزيز بن عمرو الخراساني ، عن جرير الرازي ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس . . .
قال الذهبي في الميزان : عبد العزيز فيه جهالة ، والخبر باطل ، فهو الآفة فيه .
ابن عديّ : حدّثنا أحمد بن عامر البرقعيدي ، حدّثني معروف البلخي بدمشق ، حدّثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس . . .
قال الذهبي : هذا موضوع . . . » (٧٢) .
õ õ õ
__________________
(٧٩) ميزان الاعتدال ٣ / ١١٧ .
(٧٢) اللآلي المصنوعة ١ / ٣١٩ .
الحديث الرابع عشر
ما رواه جماعة من الحفّاظ :
قال ابن الجوزي : « أنبأنا هبة الله بن محمد بن الحصين ، أنبأنا أبو طالب ابن غيلان ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدّثنا الحسن بن صالح ، حدّثنا الحسن بن الحسن النرسي ، حدّثنا أصبغ بن الفرج ، عن البيع بن محمد ، عن أبي سليمان الأيلي ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عبّاس ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ تحت العرش : أين أصحاب محمّد ؟ فيؤتى بأبي بكر وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعليّ ـ رضي الله عنهم ـ فيقال لأبي بكر : قف على باب الجنّة فأدخل من شئت برحمة الله وردّ من شئت بعلم الله عزّ وجلّ . ويقال لعمر : قف على الميزان فثقِّل من شئت برحمة الله وخفِّف من شئت بعلم الله . قال : ويكسى عثمان بن عفّان حلّتين فيقال له : إلبسهما فإنّي خلقتهما وادّخرتهما حين أنشأت السماوات والأرض . ويعطى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عصى عوسج من الشجرة التي خلقها الله تعالى بيده في الجنّة فيقال له : ذُدِ الناس عن الحوض .
وقد رواه أصبغ ، عن سليمان بن عبد الأعلى ، عن ابن جريج .
ورواه أصبغ ، عن السري بن محمد ، عن أبي سليمان الأيلي ، عن ابن جريج .
وهذا يدل على تخليطٍ من أصبغ أو ممّن روى عنه .
وفي إسناده جماعة مجهولون .
وقد رواه أحمد بن الحسن الكوفي عن وكيع ؛ قال الدارقطني : هو متروك . وقال ابن حبّان : يضع الحديث على الثقات .
ورواه إبراهيم بن عبد الله المصيصي ، عن حجّاج بن محمد ، عن ابن جريج .
قال ابن حبّان : إبراهيم يسرق الحديث ويسوّيه ، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، فيستحقّ أن يكون من المتروكين » (٧٣) .
وأورد الذهبي إبراهيم بن عبد الله في (ميزانه) ثم ذكر بترجمته حديثين هذا أحدهما ، ثم قال : « هذا رجل كذّاب ، قال الحاكم : أحاديثه موضوعة .
قال :
وهو الذي يروي عن وكيع ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عبّاس ، مرفوعاً : إذا كان يوم القيامة يكون أبو بكر على أحد أركان الحوض ، وعمر على الركن الثاني ، وعثمان على الركن الثالث ، وعليّ على الرابع ، فمن أبغض واحداً منهم لم يسقه الآخرون .
وقد روى عن حجّاج ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عبّاس ، مرفوعاً : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ تحت العرش : هاتوا أصحاب محمّد ، فيؤتى بأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ . . . » (٧٤) .
وابن حجر تبع الذهبي في عنوان الرجل وذكر الحديثين والحكم بأنّه كذّاب . . . (٧٥) .
õ õ õ
__________________
(٧٣) الموضوعات ١ / ٤٠٣ .
(٧٤) ميزان الاعتدال ١ / ٤٠ .
(٧٥) لسان الميزان ١ / ٧١ .
كلمة الختام
هذه طائفة من الأحاديث الموضوعة في هذا الباب . . . وهي قليل من كثير . . . وقد ذكر المحقّقون منهم بعضاً منها في الكتب المصنّفة في الأخبار الموضوعة ، كـ « الموضوعات » لابن الجوزي ، و « الكامل » لابن عديّ ، و « ميزان الاعتدال » للذهبي ، و « اللآلي المصنوعة » للسيوطي ، و « لسان الميزان » لابن حجر العسقلاني ، و « تنزيه الشريعة » لابن عرّاق . . .
لكنّهم يتجنّبون الحكم بالوضع على ما أُخرج منها في الصحاح وفي الصحيحين خاصةً ، لِما لهذَين الكتابين من الشأن الرفيع والعظمة البالغة عندهم . . . إلّا أنّا تعمّدنا التحقيق في بعض ما أُخرج في الكتابَين تأكيداً منّا على أنّهما كغيرهما من الكتب في الاشتمال على الحديث الصحيح وغيره . . . وقد بحثنا عن هذا الموضوع ببعض التفصيل في كتابنا : التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف . . .
وعلى كلّ حالٍ . . . فهذه الأحاديث باطلة موضوعة ، سواء المخرّج منها في كتابَي البخاري ومسلم والمخرّج منها في غيرهما . . .
ولا يخفى على النبيه الغرض من وضع هذه الأحاديث ، فإنّ القوم كانوا وما زالوا يشعرون بضرورة توجيه الخلافة التي أسّسوها ، والمراتب التي ابتدعوها . . . لعلمهم التفصيلي بما كان . . . وبأنّ أقاويلهم ما أنزل الله بها من سلطان . . . ولكنْ . . . لن يصلح العطّار ما أفسده الدهر . . .
وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين . . .
õ õ õ
النحو لغةً واصطلاحاً
|
السيّد عليّ حسن مطر |
بسم الله الرحمٰن الرحيم
سأتناول في هذا البحث كلمة ( النحو ) فأُبيّن معناها في اللغة ، ثمّ أنتقل لبيان معناها الاصطلاحي لدىٰ النحاة ، فأعرضُ له من الناحيتين التاريخية والمضمونية ، أي أنّني سأُحاول أوّلاً تحديد التاريخ الدقيق لاستعمال كلمة ( النحو ) بمعناها الاصطلاحي مع الإشارة إلى الاصطلاحات المرادفة لها ، ثم أُعرّج ثانياً على بيان المضمون الاصطلاحي للكلمة ، أي المعنىٰ الخاصّ الذي أراده النحاة منها ، وما طرأ عليه من تغييرات على مرّ الزمن . فالبحث ـ إذن ـ يقع في ثلاث فقرات .
õ õ õ
الفقرة الْأُولى : معنىٰ ( النحو ) لغة .
ذكرت للنحو لغةً المعاني التالية (١) :
١ ـ القصد . يقال : نحوتُ نحوَك ، أي : قصدت قصدك . . . ونحوتُ الشيء ، إذا أَمَمْتُه .
٢ ـ التحريف . يقال : نحا الشيءَ ينحاه وينحوه إذا حَرَّفَه .
٣ ـ الصرف . يقال : نحوتُ بصري إليه ، أي : صرفتُ .
٤ ـ المِثل . تقول : مررتُ برجل نحوِك ، أي : مثلك .
٥ ـ المقدار . تقول : له عندي نحو أَلْف ، أي : مقدار أَلْف .
٦ ـ الجهة أو الناحية . تقول : سرتُ نحوَ البيت ، أي : جهتَه .
٧ ـ النوع أو القسم . تقول : هذا على سبعة أنحاء ، أي : أنواع .
٨ ـ البعض . تقول : أكلتُ نحوَ السمكةِ ، أي : بعضها .
ويلاحظ أنّ النحاة لم يذكروا المعنىٰ الثالث ، ولذا عدّوا المعاني اللغوية سبعةً نظمها الداودي شعراً بقوله :
للنحو سبعُ معانٍ قد أَتتْ لغةً |
|
جمعتُها ضمنَ بيتٍ مفردٍ كَمُلا |
قصدٌ ومِثْلٌ ومقدارٌ وناحيةٌ |
|
نوعٌ وبعضٌ وحرفٌ فاحفظِ المَثَلا (٢) |
وأظهر معاني النحو لغة وأكثرها تداولاً هو (القصد) ، وهو أوفق المعاني اللغوية بالمعنىٰ الاصطلاحي في رأي جماعة من العلماء كٱبن دريد ( ت ٣٢١ هـ )
__________________
(١) لسان العرب لابن منظور ، مادّة ( نحا ) ، حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ١ / ١٠ .
(٢) حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ١ / ١٠ .
إذ قال : « ومنه اشتقاق النحو في الكلام ، كأنّه قصد الصواب » (٣) ، وابن فارس ( ت ٣٩٥ هـ ) إذ قال : « ومنه سمّي نحو الكلام ؛ لأنّه يقصد أُصول الكلام فيتكلّم على حسبِ ما كانت العرب تتكلّم به » (٤) ، وابن منظور إذ قال : « والنحو : القصد . . . ونحو العربيّة منه . . . وهو في الأصل مصدر شائع ، أي : نحوتُ نحواً ، كقولك : قصدتُ قصداً ، ثم خُصّ به انتحاءُ هذا القبيل من العلم ، كما أنّ الفقه في الأصلِ مصدر فقهتُ الشيءَ إذا عرفته ، ثم خُصَّ به علم الشريعة من التحليل والتحريم » (٥) .
وذهب ابن السكّيت ( ت ٢٤٤ هـ ) إلى أنّ النحو مشتقٌّ من معنىٰ التحريف . قال : « ومنه سُمّي النحوي نحويّاً ، لأنّه يحرفُ الكلام إلى وجوه الإِعراب » (٦) .
« وفي هذا التوجيه شيء من التكلّف والغرابة ، تعارضه أكثر الروايات الواردة في أوّلية النحو ، من مثل أنّ أبا الأسود وضع كتاباً فيه جمل العربية ، ثم قال لهم : أُنحوا هذا النحو ، أي : اقصدوه . . . فسمّيَ لذلك نحواً » (٧) .
õ õ õ
__________________
(٣) جمهرة اللغة ، تحقيق رمزي البعلبكي ١ / ٥٧٥ .
(٤) مقاييس اللغة ، تحقيق عبد السلام هارون ، ج ١ مادّة ( نحا ) .
(٥) لسان العرب ، مادّة ( نحا ) .
(٦) لسان العرب ، مادّة ( نحا ) .
(٧) البحث النحوي عند الْأُصوليّين ، السيد مصطفىٰ جمال الدين ، ص ٢٤ .
الفقرة الثانية : مصطلح ( النحو ) تاريخيّاً .
يذهب بعضُ الباحثين إلى أنّ مصطلح النحو مسبوق بثلاثة مصطلحات ، هي : العربية والكلام والإِعراب (٨) . ويدّعي بعض آخر أَنّه مسبوق بخمسة مصطلحات مضيفاً إلى ما تقدّم مصطلحَي اللحن والمجاز (٩) .
وقد استدلّ كلّ من الدكتور الدجني والقوزي على تقدّم مصطلح ( الكلام ) بما روي من قولِ أبي الأسود الدؤلي وقد سمع اللحن في كلام الموالي : « هؤلاء الموالي قد رغبوا في الإِسلام فدخلوا فيه ، فصاروا لنا إخوة ، فلو علّمناهم الكلام » (١٠) .
لكنّ الدكتور الحلواني يرىٰ أنّ الحق أنّ المراد بالكلام في الرواية هو المعنىٰ اللغوي دون غيره (١١) .
ويلاحظ عليه أَنّه جزم بإرادة المعنىٰ اللغوي دون أن يقدّم دليلاً إثباتياً ، وكان يكفيه مجرّد احتمال إرادة المعنىٰ اللغوي لإِبطال التمسّك بالرواية لإِثبات إرادة المعنى الاصطلاحي .
وأمّا مصطلح ( الإِعراب ) فقد استدلّ لتقدّمه كلٌّ من الدجني والقوزي (١٢) برواية عن عمر بن الخطّاب استعمل فيها كلمة الإِعراب بمعنىٰ النحو إذ قال : « وليعلّم أبو الأسود أهلَ البصرة الإِعراب » (١٣) . لكنّ الدجني عاد فشكّك في
__________________
(٨) أبو الأسود الدؤلي ونشأة النحو العربي ، فتحي الدجني ، ص ١٣ ـ ١٤ .
(٩) مصطلح النحو ، نشأته وتطوّره حتىٰ أواخر القرن الثالث الهجري ، عوض حمد القوزي ، ص ٨ ـ ١٥ .
(١٠) أخبار النحويّين البصريّين ، السيرافي ، ص ١٣ .
(١١) المفصّل في تاريخ النحو العربي ، محمد خير الحلواني ، ١ / ١٥ ( الحاشية ) .
(١٢) أبو الأسود الدؤلي ، الدجني ، ص ١٤ . المصطلح النحوي ، القوزي ، ص ١٤ .
(١٣) إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ١ / ١٥ .