التّفسير الكاشف - ج ٥

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٥

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٣٤

الكاف بمعنى مثل صفة للماء ، وجملة يشوي صفة ثانية. والمخصوص بالذم محذوف أي بئس الشراب هو. ومرتفقا تمييز.

المعنى :

(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ). يقول المولى لنبيه الكريم: بلغ ما أنزلناه اليك فيما يتعلق بأصحاب الكهف وغيرهم مما جاء في القرآن الكريم ، وكن على يقين بما أخبرناك به .. وصدق الله العظيم ، ونبيه الكريم ، فقد أثبتت الأيام والأحداث أن محمدا (ص) رحمة مهداة من السماء لأهل الأرض ، وكلما تقدم الزمان وطال قدّم الشواهد والدلائل على هذه الحقيقة (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) أي ملجأ يمنعك من الله. والخطاب لمحمد (ص) ، ومعناه الظاهر انك مسؤول يا محمد أمام الله ، ولا ينجيك منه شيء ان شككت في حقيقة من حقائق القرآن ، أو قصرت في تبليغها .. وحاشا نبي الرحمة أن يشك أو يقصر ، كيف والله أعلم حيث يجعل رسالته!. وإنما القصد هو التعريض بمن شك في نبوة محمد (ص) ، أو خالفه فيما جاء به من عند الله.

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً). يقال اصبر نفسك مع فلان أي كن معه. والمراد بالذين يدعون ربهم المؤمنون المخلصون. والغداة والعشي كناية عن مداومتهم على طاعة الله. والمراد بوجهه تعالى مرضاته. ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا معناه لا تحوّل اهتمامك عن أهل الدين الى أهل الدنيا. ومن أغفلنا قلبه هم الكافرون والمجرمون. وكان أمره فرطا أي تجاوز في أقواله وأفعاله حدود الحق والعدل.

روي ان عيينة الفزاري ـ أحد رؤوس المشركين ـ أتى النبي (ص) فرأى عنده جماعة من فقراء أصحابه ، فيهم سلمان الفارسي ، وعليه شملة قد عرق فيها ، وبيده خوص ـ ورقة النخل ـ فقال عيينة لرسول الله (ص) : أما يؤذيك ريح هؤلاء ، ونحن سادات مضر وأشرافها ، فإن أسلمنا أسلم الناس ، وما يمنعنا من

١٢١

اتباعك إلا هؤلاء ، فنحّهم عنك حتى نتبعك ، أو اجعل لهم مجلسا ، ولنا مجلسا .. فنزلت الآية.

ونحن لا نعلم مكان هذه الرواية من الصحة سندا ، ومع هذا نرجحها لأنها مطابقة لمقتضى الحال ، ونعني به طبيعة المترفين ، وخلقهم الذميم ، والاستعلاء على الضعفاء والبؤساء ، وقد نص القرآن على ذلك في الآية ٢٧ من سورة هود : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا).

وقبل أن يجيب الرسول (ص) عيينة وأمثاله بلا أو بنعم قال له العلي الأعلى : كن مع المؤمنين المخلصين ، لأنهم معي وأنا معهم ، واصبر نفسك على ما فيهم مما ينفر المترفين لأن صبرك عليهم صبر في الله وعلى طاعة الله .. ألا ترى الى ايمانهم وإخلاصهم لي ولك في كل شيء طلبا لثوابي ومرضاتي؟. أما الكفرة الفجرة الذين أعمت الأهواء قلوبهم ، ولا يعملون إلا بوحي منها ومن مصالحهم ، ويرفضون العيش مع غيرهم بالحق والعدل ، ويأبون إلا الكبرياء والاستعلاء متجاوزين كل حدود الله والانسانية ، أما هؤلاء فلا تصغ الى قولهم ، فإنه الجهل والغرور والكذب والضلال ، بل عليك أن تجاهدهم ، وتغلظ عليهم بالقول والفعل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) ـ ١٢٣ التوبة.

(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ). قل خطاب لرسول الله (ص). وربكم خطاب للذين أغفل الله قلوبهم ، أو للناس أجمعين ، والمعنى المراد تأكيد لما جاء في الآية السابقة ، وهو قوله تعالى : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ). (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) هذا كقوله تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) ـ ٣ الدهر. وتدل هذه الآية على ان الإنسان مخير ، لا مسير ، وردّ الرازي على من استدل بها بأن مشيئة الإنسان ليست من صنعه ، بل من صنع الله ، وعليه فالإنسان مسير ، لا مخير.

ونقول في جوابه : ان مشيئة الإنسان وليدة الظروف والأسباب المغرية ـ مثلا ـ يرى الرجل المرأة الجميلة فتميل اليها نفسه ، وقد أوجب الدين على الإنسان في مثل هذه الحال أن يكبح شهوته ولا يندفع وراءها ، وليس من شك ان هذا في

١٢٢

مقدوره ، وقد عبّر الرسول (ص) عن ذلك بالجهاد الأكبر ، فقد روي انه بعث سرية ، فلما رجعوا قال : مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر ، وبقي عليهم الجهاد الأكبر. فقيل له : وما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال : جهاد النفس ، ان أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه.

(إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً). هذا تهديد وإنذار لمن آثر الكفر على الايمان والباطل على الحق .. والسرادق الخيمة ، والقصد ان العذاب محيط بهم من جميع الجهات ، تماما كما تظلل الخيمة من فيها من كل جهاته. والمهل خثارة الزيت ، وهو شديد الاشتعال ، والمرفق المتكأ ، والمعنى ان للطاغين شر العذاب ، وبئس المآب.

لا نضيع أجر من أحسن الآية ٣٠ ـ ٣١ :

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (٣١))

اللغة :

العدن الاقامة ، يقال : عدن في المكان إذا أقام فيه. والأساور جمع أسوار وسوار ، وأصل الجمع أساوير وحذفت الياء للتخفيف. والسندس ضرب من الحرير الرقيق. والإستبرق الغليظ منه. والأرائك جمع أريكة السرير.

١٢٣

الإعراب :

ان الذين آمنوا خبر ان الجملة من انّا لا نضيع والعائد محذوف أي منهم. وعملا مفعول أحسن أي من عمل الحسن. ومن ذهب متعلق بمحذوف صفة لأساور ، ومن سندس صفة ثانية للثياب. ومتكئين حال من ضمير يلبسون.

المعنى :

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً). بعد ان ذكر سبحانه الظالمين وعقابهم ذكر الصالحين وثوابهم ، وبيّن نوع هذا الثواب بقوله : (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً). يحلون من حليت المرأة إذا لبست حليها ، وضمير فيها للجنة ، والأساور والثياب والأرائك وما اليها تندرج في قوله تعالى : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) ـ ٧١ الزخرف ، وقال الامام علي (ع) : كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، وتقدم نظيره مرات ، منها الآية ٨٢ من سورة البقرة و ٥٧ من سورة النساء و ١٧١ من سورة آل عمران.

وطريف قول بعض الصوفية : ان المراد بالحلي التوحيد ، وبالثياب الخضر الصفات الموجبة للسرور ، وبالسندس المواهب الذاتية ، وبالاستبرق الأخلاق المكتسبة ، وبالأرائك أسماء الله .. ولا جرأة على الله أعظم من تفسير مقاصده بالوهم والخيال ، أو بالهوى والغرض.

بين غني كافر وفقير مؤمن الآية ٣٢ ـ ٤٤ :

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما

١٢٤

بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (٣٣) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (٣٦) قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (٣٨) وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣) هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (٤٤))

اللغة :

الجنة البستان. واحف به أطاف به ، والمراد هنا بحففناهما ان الله جعل النخل

١٢٥

محيطا بالبساتين. والمحاورة مراجعة الكلام قال وقلت. والنفر الأنصار والأعوان. وتبيد تفنى. وقائمة كائنة. والمنقلب المرجع. والحسبان السهام والحساب والمراد به هنا الآفة المهلكة. والصعيد وجه الأرض. والزلق ما تزلق فيه الأقدام ولا تثبت عليه. وغورا ذهب وغار في الأرض. وأحيط بثمره كناية عن الهلاك. ويقلب كفيه كناية عن الندم. وخاوية خالية أو هاوية. والعروش جمع عرش ، وهو السقف والمراد هنا ان الكروم سقطت على الأرض. والعقبى العاقبة.

الإعراب :

رجلين على حذف مضاف أي قصة رجلين ، والقصة مفعول أول لاضرب ومثلا مفعول ثان. وضمير لهم يعود الى المشركين. وكلتا مبتدأ ، وجملة آتت خبر ، وأفرد الضمير في آتت مراعاة للفظ كل ، ويجوز كلتا بالتثنية حملا على المعنى. ومثل آتت لم تظلم في إفراد الضمير ، وشيئا مفعول تظلم. وخلالهما ظرف لأنه بمعنى وسط أو بين ، وهو منصوب بفجرنا. ومالا تمييز ، ومثله نفرا ومنقلبا. ولكنّا هو الله ربي الأصل لكن انا هو الله ربي وانا مبتدأ أول ، وهو مبتدأ ثان ، والله مبتدأ ثالث ، وربي خبر للثالث وهو وخبره خبر للثاني وهو وخبره خبر للأول. ولو لا بمعنى هلا. وما شاء الله (ما) اسم موصول بمعنى الذي خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر ما شاء الله ، أو مبتدأ والخبر محذوف أي ما شاء الله كائن. وان ترن الأصل ترني والياء مفعول أول ، وانا تأكيد لها ، وأقل مفعول ثان. ومالا تمييز. وهنالك ظرف مكان للبعيد خبر مقدم ، والولاية مبتدأ مؤخر ، ولله متعلق بمحذوف حالا من الولاية ، والحق صفة لله. وثوابا تمييز ، ومثله عقبى.

خلاصة القصة :

عند تفسير الآية ٢٧ من هذه السورة ذكرنا ان عتاة المشركين اشترطوا لايمانهم برسول الله (ص) أن يطرد المؤمنين الفقراء ، أو يعين لكل منهما مجلسا ، بحيث

١٢٦

لا يجمعان عند النبي (ص) في مكان واحد ، لأنهم سادة وأمراء ، والناس عبيد لهم وإماء .. وتأتي الآيات التي نحن بصددها لترسم صورة للأغنياء المتكبرين في شخص غني يملك المال والعقار ، وصورة للفقراء المؤمنين في شخص فقير لا يملك شيئا ، ولكنه يعتز بخالقه ، والغني يعتز بماله .. ويدور حوار بينهما يعكس الصراع بين الحق والباطل ، وفي النهاية ينتصر الحق ، ويزهق الباطل ، ويصدق الحكيم القائل : من صارع الحق صرعه.

ويتلخص معنى الآيات بأن الذي يعتز بماله من دون الله يملك بستانين عظيمين ، فيهما زرع كالحنطة وغيرها من الحبوب ، وفيهما أيضا أشجار كثيرة من نخيل وأعناب ، وكل بستان تتفجر في أرضه المياه ، ويخلب الألباب بهجة وجمالا ، ويؤتي ثمره ونتاجه في أوانه كاملا حبوبا وفاكهة ، لا ينقص منها شيء ، أما الذي يعتز بخالقه فلا يملك شيئا .. فقال الكافر للمؤمن في زهو وغرور : أنا أكثر منك مالا وجاها .. أنظر إلى ما أملك من زرع وأشجار ، وثمار وأنهار .. هذا هو الملك الدائم الذي يبقى للأولاد والأحفاد ، لا الجنة التي تزعمون أيها المساكين ، وهل بعد الموت جنان ونيران؟. وان صح الخبر فان حظي في الآخرة سيكون أوفى منه في الدنيا ، لأن المترف هنا مترف هناك أيضا.

فقال المؤمن للكافر مقرعا وموبخا : أتقول هذا بغيا وكفرا بالذي سواك رجلا؟ أتجهل أصلك وفرعك؟ ألست من آدم ، وآدم من تراب؟. ألم تك نطفة من مني يمنى؟ .. أما أنا فأؤمن بالله وأوحّده وأحمده على الهداية إلى صراطه ومرضاته .. ولو كنت من ذوي الرشد والبصيرة لتواضعت لله وشكرته على آلائه ، ولم تأخذك العزة بالإثم .. وما الذي جعلك تأمن المفاجئات والمخبآت؟. وإذا أملى الله للعاصين بحلمه ورحمته فقد يعاجلهم بغضبه ونقمته.

وما أتم المؤمن كلامه حتى سقطت الأشجار ، وغارت الأنهار ، وهلك الزرع وباد كل شيء في جنة الكافر التي نظر اليها وقال مغترا : ما أظن ان تبيد هذه أبدا .. وبعد أن رأى صنع الله ، وانقطع أمله من زرعه وأشجاره قال في حسرة وانكسار : يا ليتني لم أشرك بربي أحدا .. الآن وقد عصيت من قبل وكنت من المفسدين .. هذا ملخص ما جاء في الآيات ، والقصد منها ان يؤمن الإنسان

١٢٧

قولا وعملا بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله الواحد القهار ، وانه ، جلت حكمته ، يحوّل ساعة يشاء العز الى ذل ، والغنى الى فقر ، والعافية الى أسقام وآلام وبالعكس ، وان ملك المخلوق مهما بلغ من العظمة فما هو بشيء إلا إذا تحول عملا من أعمال الخير. وبعد هذا التلخيص نشرع بالتفصيل وتفسير الآيات ، مع العلم بأن أكثرها واضح لا يحتاج الى تفسير.

المعنى :

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً). الخطاب في اضرب للنبي (ص) ، وضمير لهم للمشركين الذين قالوا لرسول الله (ص) : اطرد المؤمنين ، أو يعود الضمير لكل مترف متكبر ، والمراد بالرجلين الغني والفقير اللذان وقع بينهما الحوار الآني ، والمعروف من طريقة القرآن انه كثيرا ما يضرب الأمثال للأفكار المجردة والمبادئ العامة ، ويشبهها بالأشياء المحسوسة ، كتشبيه الايمان بالنور ، والكفر بالظلمات .. وقد يشبه المحسوس بمحسوس آخر أوضح منه وأبين ، كتشبيه المرتد عن الدين بالكلب اللاهث ، والغاية من ذلك الجلاء والتوضيح بالاضافة الى العبرة والعظة : (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً. وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) ـ ٣٩ الفرقان.

وقد شبه سبحانه هنا حال الطغاة المترفين بمتكبر كافر جهول يملك بستانين ، فيهما نهر وزرع من الحبوب ، وأشجار تحمل الفاكهة المفضلة آنذاك وهما الرطب والعنب ، وكل من الزرع والشجر يؤتي نتاجه في أوانه كافيا وافيا لا ينقص منه شيء .. وشبه سبحانه المؤمنين بمتواضع مؤمن عارف ، ولكنه فقير لا يملك شيئا ، وقد وقع بين الاثنين الحوار التالي :

(فَقالَ لِصاحِبِهِ). القائل هو الغني الجاحد المتكبر ، وصاحبه المؤمن العارف المتواضع (وَهُوَ يُحاوِرُهُ) يراجعه في الكلام : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً). وإذا كان أكثر مالا ورجالا فهو أعظم وأكمل ، لأن المال والجاه هو مقياس العظمة والكمال ، أما الايمان والإخلاص فكلام بلا معنى .. هذا هو منطق الفسقة

١٢٨

الفجرة قديما وحديثا .. فقيمة كل امرئ ـ عندهم ـ ما يملك ، لا ما يحسن علما وعملا .. هذا هو بالذات المنطق الذي جر على الانسانية الويلات ، وهو الدافع الأول على التفنن بأسلحة الخراب والدمار ، وصرف الملايين على صنعها من أقوات الجائعين .. يسلب الاستعمار مقدرات الشعوب ، ويحولها إلى قنابل وصواريخ لا لشيء إلا ليلقيها على تلك الشعوب بالذات ، الشعوب التي يدمرها المستعمرون بقنابل من أرزاقها وخيراتها.

(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) لأنه استجاب لاهوائها وشهواتها ، وعرّضها للتهلكة ، تماما كمن يستجيب لطفله فيما يضره ويهلكه (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً). قال الرازي : «كيف قال : ما أظن ان تبيد هذه أبدا مع ان الحس يدل على ان الدنيا بأسرها ذاهبة غير باقية؟. قلنا ، ان المراد انها لا تبيد مدة حياة صاحبها ووجوده».

والجواب الصحيح : ان الجهل والغرور أعميا صاحب الجنة عن كل شيء حتى عن المحسوسات والمرئيات ، قال عز من قائل : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) ـ ١٧٩ الاعراف. (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً). ولا يستند هذا الظن إلا الى بطره وغروره ، ووهمه وخياله بأن نعمته خالدة لا يفنيها شيء ، وبهذا نجد تفسير انكار من أنكر يوم الحساب من الطغاة والمترفين (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً). لأن المترف هنا مترف هناك وفي كل مكان في منطقه ومفهومه قياسا للغائب على الشاهد .. وما درى ان النجاة يومئذ للمتقين ، لا للطغاة والمترفين : (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) ـ ٢٨ الحاقة.

(قال صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سوّاك رجلا). قال المؤمن للكافر مقرعا وموبخا : أتجحد خالقك ، ودلائله ظاهرة فيك؟. من أين جاءتك الحياة بعقلها وسمعها وبصرها ، ولم تك من قبل شيئا مذكورا؟. (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً). أما أنا فقد اهتديت بفطرتي وعقلي الى خالقي وخالق كل شيء وآمنت بأنه هو وحده الخالق الرازق.

١٢٩

ثم قال المؤمن مذكّرا الكافر بنعمة الله عليه ، وبوجوب شكرها وحمد الله عليها : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ). لو كنت من ذوي الرشد والبصيرة لأدركت ان الخير والفضل أن يكثر علمك ، لا مالك ، وان تباهي الناس بأخلاقك لا بجاهك ، وان تعلم انه لا حول ولا قوة إلا بالله الواحد القهار ، فهو وحده الذي يهب العز والجاه ، ويحوّل الغنى الى فقر ، والفقر الى غنى. ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن.

(إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً). استطال الكافر على المؤمن ، وتعالى عليه بماله ، فقال له المؤمن : ان الغنى والفقر بعد العرض على الله ، وما يدريك اني لديه أغنى منك وأكرم ، وانه قد ادخر لي في دار البقاء ما هو خير من جنتك هذه التي تفخر بها وتتعاظم ، بل ما يدريك أن يجعلني غنيا ، ويجعلك فقيرا بين عشية وضحاها؟. انك تزهو وتفخر بمالك لأن الناس يغبطونك عليه ، ولكن هل تدفع عنك غبطتهم هذه ما يخبئه الدهر لك من العواقب؟. وهل أنت في مأمن من الله وغضبه؟ ألا تخشى أن ينزل عليك وعلى جنتك صاعقة من السماء فتصبح أنت وما تملك أثرا بعد عين؟.

(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها). هلك الزرع ، وهوت الأشجار من كل جانب ، وغار الماء حتى آخر نقطة منه ، وأصبحت الأرض زلقا لا تثبت عليها قدم .. كأن لم يكن شيء ، وحل الفقر محل الغنى ، والكآبة محل الفرح ، والذل والانكسار محل التعاظم والكبرياء .. وهذه هي ثمرة الكفر والبغي والفساد ، بل وثمرة الغفلة والغرور .. حسرة وندامة على الجهود والأموال ، والتفريط والإهمال.

(وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً). كأنه أراد بهذا القول أن تعود جنته الى روائها وعطائها ، ولكن هيهات .. (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) ـ ١٥٨ الأنعام.

(وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً). أبدا لا صاحب

١٣٠

ولا عشيرة ولا جاه ولا مال .. لا شيء على الإطلاق إلا الله : (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) ـ ٢٢ الجن أي ملجأ (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً). هنالك اشارة الى يوم القيامة ، والولاية بفتح الواو النصرة ، وضمير هو يعود الى الله ، والعقبى العاقبة ، والمعنى ان الإنسان إذا وجد في حياته هذه من يناصره ويدفع عنه ، أو يعينه بشيء فإنه يوم القيامة لا يجد حيلة ولا وسيلة ولا ناصر إلا الله وحده ، والله سبحانه مع المتقين ، وقد أعد لهم أجرا كريما ، وحسن مآب.

زينة الحياة الدنيا الآة ٤٥ ـ ٤٦ :

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (٤٥) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (٤٦))

اللغة :

الهشيم النبت اليابس المتكسر. وتذروه تنثره وتفرقه.

الإعراب :

قال أبو البقاء في كتاب الاملاء : يجوز ان تجعل اضرب بمعنى اذكر ، فتتعدى اضرب الى مفعول واحد ، وهو مثل الحياة ، وكماء متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ

١٣١

محذوف أي هو كائن كماء ، ويجوز ان تجعل اضرب بمعنى صيّر وعليه يكون كماء مفعولا ثانيا.

المعنى :

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ). الدنيا حلوة خضرة في منظرها ، وغرّارة ضرارة في مخبرها ، لا خير في شيء من أزوادها إلا التقوى ، كما قال الإمام علي (ع) ، وهذا هو معنى الآية ، حيث شبه سبحانه الدنيا في نضرتها بمطر نزل على الأرض ، فأخصبت وأنبتت من كل زوج بهيج ، ولكن ما أسرع أن ذوى وجف يابسا وهشيما تنثره الرياح ، وهكذا زينة الحياة الخاصة : منظر جميل ، ومخبر عليل (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً). يقدر على إزالة الكون وإفنائه ، تماما كما قدر على خلقه وإيجاده .. قال ابن عربي في الفتوحات المكية : «ان الله قادر من حيث الأمر ، ومقتدر من حيث الخلق يريد ان الله يتصف بالقدرة من حيث انه يقول للشيء «كن فيكون» سواء أقال له ذلك ، أم لم يقل ، ويتصف بالاقتدار من حيث انه قال بالفعل ووجد الشيء كذلك.

المال والبنون زينة الحياة

(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا). زينة الحياة على نوعين ، عامة وخاصة ، والعامة كتيسير المواصلات وبناء السدود ، وما اليه من مشاريع الري ، وكإنشاء الجامعات للعلوم ، والروضات للأطفال ، والمصانع لسد الحاجات ، ونحوها مما ينفع الناس بجهة من الجهات. أما الزينة الخاصة فهي كالدار والسيارة الفارهة ، والولد الناجح المطيع ، والمكانة الاجتماعية وما الى ذلك من المنافع الشخصية ، وهذه الزينة ليست محرمة ، كيف وهو القائل جلت حكمته : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) ـ ٣٢ الأعراف ج ٣ ص ٣٢٠.

١٣٢

ولكن الزينة الخاصة لا تستأهل أن يعتز بها الإنسان ويفخر ، لأن عظمته لا تقاس بها ، وانما تقاس بالزينة العامة ، بما ينفع الناس ، ويبقى جيلا بعد جيل ، وهذه هي التي عناها الله بقوله : (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) لأن فاعلها ينال في الآخرة ما يأمل ، الى جانب الاحترام وخلود الذكر في هذه الحياة.

والخلاصة ان المال وسيلة ، لا غاية ، فيوزن ويقدر بنتائجه وآثاره ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر ، فإذا صرف في وجوه الشر والفساد كسباق التسلح فهو شر ، وان صرف في سد الحاجات فهو خير ، والخير على نوعين : فإن دفع عن صاحبه ضرا أو جلب له نفعا وكفى فهو خير خاص يزول بزوال وقته ، وان عاد بالنفع على الجميع فهو خير عام ، ومن الباقيات الصالحات.

وحشرناهم فلم تغادر منهم أحداً الآية ٤٧ ـ ٤٩ :

(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩))

اللغة :

غادر الشيء تركه. والمراد بالكتاب هنا صحيفة العمل التي تعطى للإنسان غدا بيمينه أو بشماله. ومشفقين خائفين. والويل الهلاك.

١٣٣

الإعراب :

يوم منصوب بفعل محذوف أي واذكر يوم نسير الجبال. وبارزة حال من الأرض لأنّ ترى هنا بصرية. وصفّا حال أي وحشرناهم مصفوفين. وكما خلقناكم الكاف بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف ، وما مصدرية أي جئتمونا مجيئا مثل مجيء أول مرة ، وأول ظرف منصوب بخلقناكم. وبل للانتقال من شيء الى شيء ، وليست لإبطال ما قبلها. وان لن نجعل (ان) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي انه وما بعدها خبر. ومشفقين حال من المجرمين لأن ترى هنا بصرية. وويلتنا منادى أي يا هلاكنا احضر. وما لهذا الكتاب (ما) استفهامية في محل رفع بالابتداء ، ولهذا الكتاب خبر.

المعنى :

(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً). لهذه الأرض التي نعيش عليها يوم ، ذكره الله سبحانه في العديد من الآيات ؛ منها هذه الآية ، وقد وصفه تعالى فيها بوصفين : الأول ان الله يقتلع الجبال من أماكنها ، ويسيرها في الجو كما يسير السحاب. الوصف الثاني : ان جميع أطراف الأرض وأجزائها تكون ظاهرة بارزة لا يحجبها شيء ، وعندئذ يكون المحشر الذي أشار اليه بقوله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) يجمع الله سبحانه في ذلك الأولين والآخرين لنقاش الحساب وجزاء الأعمال.

(وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا). ذكرنا فيما سبق ان البعث والحساب والجزاء حق لا ريب فيه ، وأثبتنا ذلك بالأدلة القاطعة ، وبأساليب شتى عند تفسير الآيات التي تعرضت الى اليوم الآخر ، ومنها الآية ٤ من سورة يونس ، فقرة الحساب والجزاء حتم ج ٤ ص ١٣٢. وتقول الآية التي نحن بصددها : ان الخلائق يعرضون غدا على الله صفا ، والمراد بالعرض الوقوف بين يدي الله للحساب ، أما المراد بالصف فقد اختلف المفسرون فيه على أقوال ، فبعضهم أبقى الظاهر على دلالته ، وبعضهم تصرف وحمّل اللفظ ما لا يحتمل.

١٣٤

والذي نراه نحن ان الصف هنا كناية عن الترتيب والنظام ، وان الخلائق يعرضون على خالقهم بوضع محكم ودقيق.

(لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) بهذا يبدأ الله سبحانه محاكمة الذين ينكرون البعث : لقد أخرجناكم من بطون أمهاتكم عراة حفاة عزلا من كل شيء ، وكذلك أخرجناكم من قبوركم ، ولا فرق إلا في انكم خرجتم أولا غير مسؤولين عن شيء ، وثانية لتسألوا عما كنتم تعملون وتعتقدون وتقولون .. ومن ذلك قولكم : البعث خرافة وأساطير .. فما ترون الآن؟.

(وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ). بعد أن قال الله لمنكري البعث : (فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أعطى كل واحد منهم صحيفة أعماله ، وقال له : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) ـ ١٤ الاسراء. اقرأ صحيفة أعمالك ، وحاسب نفسك بنفسك .. فيقرأها ، وهو يرتجف من الخوف الذي لا رجاء معه ولا أمل بالنجاة ، ولو خاف عذاب الحريق من قبل ، وابتعد عن طريقه لكان اليوم في أمن وأمان ، ولكنه أمن هناك فخاف هنا.

(وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها). ومن قبل هذا قالوا : لا كتاب ولا حساب ، ولم يستجيبوا لعقل ولا دين (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) من غير زيادة أو نقصان ، كيف (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) لا في ثواب ولا في عقاب بل يضاعف الثواب لمن أحسن ، وقد يعفو عمن أساء.

سجدو لابليس الآة ٥٠ ـ ٥٣ :

(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ

١٣٥

عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣))

اللغة :

الفسق الخروج. والعضد ما بين المرفق الى الكتف ، والمراد به هنا النصير والمعين ، كما يراد ذلك من اليد كثيرا. والوبق الهلاك والموبق المهلك والموبقة المهلكة. ومواقعوها أي واقعون فيها أو داخلوها. ومصرفا محولا ، ومكانا ينصرفون اليه.

الإعراب :

كان من الجن الخبر محذوف أي كان أصله من الجن. بئس للظالمين بدلا فاعل بئس ضمير مستتر وبدلا تمييز أي بئس البدل بدلا ، والمخصوص بالذم محذوف ، وهو إبليس وذريته. ويوم منصوب بفعل محذوف أي واذكر يوم يقول.

المعنى :

(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) تقدم في الآية ٣٤ من سورة البقرة و ١١ من سورة الأعراف و ٦١ من سورة الاسراء (كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) أي خرج عن طاعة الله ، وقلنا أكثر من مرة : اننا نؤمن بوجود الجن لأن الوحي يثبته ، والعقل لا ينفيه ، واننا ندع التفاصيل

١٣٦

لعلام الغيوب (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي). القرآن ينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض : وقد عبّر عن الذين يلبسون الحق بالباطل بأنهم جنود إبليس وأولياؤه في العديد من الآيات. وقال هنا عز من قائل : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ) فجاز لنا ـ وهذه هي الحال ـ ان نفسر ذرية إبليس بجنوده وأعوانه ، وان ذرية إبليس وجنوده وأولياءه هم الذين يلتمسون الباطل بالكذب والافتراء على الحق .. وليس ببعيد أن يكون التعبير عن هؤلاء بذرية إبليس للاشارة الى قوة الشبه بين أعمالهم وأعماله.

ومن الطريف قول من قال : ان لإبليس ذكرا في فخذه الأيمن ، وفرجا في فخذه الأيسر ، فيدخل ذاك بهذا فيأتي النسل والذرية.

(قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ). وكل من يموه عليك ، ويغريك بالباطل ، أو يثني عليك بما ليس فيك فهو عدو لك ، شعر بذلك أم لم يشعر ، أما من يبتدع الأساطير حول إبليس وغيره فهو عدو الله ورسوله والانسانية (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً). والظالمون هم الذين يستبدلون طاعة الشيطان بطاعة الرحمن ، ومنهم الذين يختارون المفسدين لمنصب من المناصب ، ويفضلونهم على الصالحين.

(ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً). ضمير أشهدتهم راجع الى إبليس وذريته. وما أشهدتهم أي ما أحضرتهم حين خلقت الكون وخلقتهم ، والعضد النصير والمعين ، والمقصود بالكلام العاصون الذين فسقوا عن أمر الله ، والمعنى ان الله سبحانه إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون ، لا يستشير أحدا ، ولا يستعين بأحد لأنه غني عن العالمين ، وحين خلق الكائنات لم يحضر واحدا منها ، حتى ولو كان أتقى الأتقياء ، فكيف إذا كان ضالا مضلا كإبليس وجنوده ، وما دام الأمر كذلك فكيف يعصى خالق السموات والأرض ، ويطاع من لا يملك لنفسه نفعا ، ولا يدفع عنها ضرا؟.

(وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) أي مهلكا ، والمعنى ان الله يقول غدا لمن يشرك في طاعته : أين الذي أطعته وزعمت انه يجديك نفعا في هذا اليوم العصيب؟. ادعه وانظر هل يستجيب لك؟. كلا ، انه في شغل شاغل عنك وعن غيرك .. انه في عذاب

١٣٧

الحريق .. وقوله تعالى : نادوا شركائي .. فدعوهم فلم يستجيبوا هو كناية عن يأس المجرمين وانقطاع آمالهم ممن كانوا يرجون ويأملون (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً). المراد بالظن هنا العلم واليقين ، وبالمصرف المكان الذي ينصرفون ويهربون اليه من النار .. والهروب غدا من عذاب الله تماما كالهروب من الموت في هذه الحياة.

وكان الانسان أكثر شيء جدلا الآة ٥٤ ـ ٥٦ :

(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (٥٤) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦))

اللغة :

المراد بصرّفنا هنا ترديد المعنى وتوضيحه بأساليب مختلفة. والمراد بالجدل هنا الخصومة بالباطل بدليل قوله تعالى في الآية التالية : (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ). وقبلا بضم القاف والباء المواجهة والمعاينة. والمراد بالدحض الزلق.

الإعراب :

جدلا تمييز. والمصدر من ان يؤمنوا مجرور بمن محذوفة. والمصدر من ان

١٣٨

تأتيهم فاعل منع. وقبلا حال من العذاب. وما أنذروا (ما) اسم موصول في محل نصب عطفا على آياتي. وهزوا مفعول ثان لاتخذوا.

المعنى :

(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً). المراد بالإنسان هنا أكثر الناس لقوله تعالى في العديد من الآيات : أكثر الناس لا يعقلون .. أكثر الناس لا يعلمون .. أكثر الناس لا يؤمنون. أما القرآن الكريم فهو كتاب الله الى عباده يهديهم بدلائله ومواعظه ، ويحثهم على التمسك بأحكامه وتعاليمه. وقد أوضح سبحانه هذه المواعظ والدلائل بشتى الأساليب ، وضرب عليها من أجل ذلك الكثير من الأمثال ، منها الرجلان المذكوران في الآية ٣٢ ، وتشبيه الحياة بالماء في الآية ٤٥ من هذه السورة ، ولكن أكثر الناس لا يعقلون ويخاصمون في أوضح الواضحات ، ويحاولون إبطال الحق ودحضه بالمماراة والأكاذيب.

(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً). المراد بالهدى القرآن وبيناته الواضحة ، وبالاستغفار التوبة ، وبسنة الأولين الإهلاك كما حدث لقوم نوح ولوط وعاد وثمود ، والمعنى ان المشركين لا يحاولون ان يؤمنوا بالله أو يفكروا بالايمان إلا عند ما يوجد احد أمرين ، الأول أن ينزل بهم عذاب الاستئصال كما نزل بمن كان قبلهم ، فيؤمنوا حيث لا يغني الايمان عنهم شيئا ، كفرعون الذي آمن بالله لما أيقن بالهلاك والغرق. الأمر الثاني أن يروا العذاب عيانا وجها لوجه.

وبكلام آخر ان الله سبحانه بعد أن بيّن في الآية السابقة انه قدّم الدلائل الواضحة ، وأبى أكثر الناس الا الكفر والجدال بالباطل ، بعد هذا قال في هذه الآية : وما تغني الآيات والنذر عند قوم لا يؤمنون الا عند سكرات الموت ، أو حين يهدّدون بالعذاب الذي يرونه بأعينهم ويعتقدون انه نازل بهم لا محالة إذا خالفوا الرسل.

(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ). هذه هي مهمة الرسل تبشير من أطاع بالنعيم ، وإنذار من عصى بالجحيم. وتكرر هذا المعنى أكثر من مرة.

١٣٩

أنظر تفسير الآية ١٦٥ من سورة النساء ج ٢ ص ٤٩٢ (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً). أوضح الله الحق ، وأثبته بالبينات والدلائل ، ولكن الذين كفروا خاصموه وجادلوا فيه ، وحاولوا إبطاله ودحضه بالمماراة والأكاذيب ، وبالهزء والسخرية ، وليس المراد من الهزء بآيات الله من يسخر بها بلسانه فقط ، بل كل من عرف حكما من أحكام الله ولم يعمل به فهو من الذين اتخذوا القرآن ودين الله لعبا وهزوا ، قال الإمام علي (ع) : «من قرأ القرآن فمات فدخل النار ـ لأنه لم يعمل بالقرآن ـ فهو ممن اتخذ آيات الله هزوا».

ذكر بآات ربه فأعرض الآة ٥٧ ـ ٥٩ :

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩))

اللغة :

أكنة أغطية. والفقه الفهم. والوقر الثقل في السمع. والموئل الملجأ.

الإعراب :

المصدر من ان يفقهوه مفعول من أجله لجعلنا أي مخافة ان يفقهوه. ووقرا

١٤٠