التّفسير الكاشف - ج ٥

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٥

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٣٤

بالفتح ، وفي رأيه عوج بالكسر. والقيم المستقيم المعتدل. والبأس هنا العذاب. ومن لدنه من عنده ، والضمير يعود اليه تعالى. وبخع نفسه انهكها وكاد يهلكها من الغم والغضب. على آثارهم اي بعدهم. والصعيد هنا التراب. والجرز الأرض التي لا نبات فيها.

الاعراب :

الحمد مبتدأ وخبر والجملة مفعول لفعل محذوف اي قولوا الحمد لله. قيما مفعول لفعل محذوف اي بل جعله قيما ، او حال من الكتاب اي انزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا. ولينذر منصوب بان مضمرة بعد اللام ، والمصدر المجرور باللام متعلق بقيم او بأنزل. وماكثين حال ضمير (لهم). وابدا ظرف منصوب بماكثين. ومن علم (من) زائدة اعرابا وعلم مبتدأ مؤخر ، ولهم به خبر. وفاعل كبرت محذوف يدل عليه (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) او كلمة ، والتقدير كبرت المقالة كلمة او كبرت الكلمة كلمة. وكذبا صفة لمفعول مطلق محذوف اي قولا كذبا. وأسفا مفعول من اجله لباخع. وأيهم مبتدأ ؛ واحسن خبر ، وعملا تمييز.

المعنى

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ ـ محمد ـ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً ـ اي بل جعله مستقيما ـ لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) اي خالدين في ذلك الأجر ، وهو الجنة لا ينتقلون عنها بحال ..

ذكر سبحانه القرآن في العديد من آياته ، ووصفه بالحق والهدى والنور ، وهنا وصفه بالاستقامة وعدم الاعوجاج ، وانه يبشر الصالحين والمصلحين بالثواب والنعيم الدائم ، وينذر الفاسدين والمفسدين بالعذاب والجحيم الخالد ، والغرض من ذلك ان يبين سبحانه انه انزل القرآن لنسير على منهجه ، لا لنحفظ آياته وكلماته ،

١٠١

ونحسن تجويدها وتفسيرها فقط ، كما هو شأننا .. قال الرسول الأعظم (ص) ، ونحن المعنيون بما قال : «يأتي على الناس زمان لا يبقى من الايمان الا رسمه ، ولا من القرآن الا درسه». واقسم ما قرأت هذا الوعيد والتهديد من نبي الرحمة الا اقشعر جسمي .. واي تهديد ووعيد أعظم من ان نكون المقصودين بهذا الوصف؟ .. لا شيء فينا من الايمان الا الاسم ، ومن الإسلام الا الرسم ، ومن القرآن الا الدرس. لقد طعن في القرآن من طعن ، وكفروا به من الأساس ، وآمنا به نحن ، ولكن خالفنا أحكامه وتعاليمه جهارا نهارا .. والفرق بيننا وبين من طعن وجحد تماما كالفرق بين يقول : انا لا ارى هذا حقا ، ولو علمته حقا لعملت به ، وبين من قال : اما انا فاعتقد انه الحق الذي لا ريب فيه ، ومع ذلك لا التزم به ولا احترمه.

(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ). وينذر الذين معطوف على لينذر بأسا شديدا ، والانذار الاول عام لكل من عصى واستحق العقاب ، والانذار الثاني خاص بمن نسب الولد الى الله تعالى علوا كبيرا ، وكثيرا ما يعطف الخاص على العام للتنبيه على ان الفرد المعطوف أفضل من بقية الافراد ، مثل الملائكة وجبريل ، او أقبح مثل العاصين والقائلين ان لله ولدا .. لان هذا القول أقبح انواع المعصية. قال الرازي : الذين قالوا هذا ثلاث طوائف «الاولى كفار العرب الذين قالوا : الملائكة بنات الله. والثانية النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله. الثالثة اليهود الذين قالوا : العزير ابن الله». والمراد بقوله : ما لهم به من علم انهم لا يعتمدون في هذا القول على دليل ، بل قام الدليل على العكس ، اما قوله : ولا لآبائهم فهو مبالغة في الذم ، تماما كما تقول : جاهل ابن جاهل ، وملعون ابن ملعون.

(كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً). لا شيء أعظم من الكذب ، وأعظمه الكذب على الله ، ونسبة التحليل والتحريم اليه من غير دليل ، وأعظم الكذب عليه نسبة الولد اليه.

(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً). على آثارهم أي على بعدهم وإعراضهم ، والمراد بالحديث هنا القرآن بالاتفاق ، وفي وصف القرآن بالحديث دليل على فساد قول من قال : ان القرآن قديم .. وما

١٠٢

من شك أن النبي (ص) يريد الخير والهداية لكل انسان بلا استثناء ، تماما كما تريدها انت لولدك ، وأريدها أنا لولدي .. وكان النبي يتألم ويحزن إذا سلك سالك سبيل الهلاك والضلال ، كما يتألم الوالد لهلاك ولده .. وفي هذه الآية عاتب الله سبحانه نبيه الكريم على وجده وحسرته المهلكة من اجل اعراض من أعرض عن الهداية واتباع الحق ، وقال له : لا تحزن عليهم .. ان إلينا إيابهم ثم ان علينا حسابهم.

(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً). الزينة تعم الجاه والمال والأولاد ، وكل ما يتهالك عليه الناس ، ويتطاحنون من اجله .. وهذه المغريات هي المحك الذي يميز الخبيث من الطيب ، فمن قنع منها بنصيبه ، وعاش بكده وجده فهو طيب كريم ، ومن حاول أن يحتكر كل شيء لنفسه ، ويعيش على حساب غيره بكل طريق ، ولو باثارة الحروب والفتن فهو معتد اثيم ، ومعنى ابتلاء الله الناس بزينة الأرض أن تظهر بسببها وتبرز الى الوجود أفعالهم وأعمالهم التي يستحقون بها الثواب والعقاب. وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٩٤ من المائدة ، فقرة معنى الاختبار من الله ج ٣ ص ١٢٦.

(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً). ضمير عليها يعود للأرض ، والصعيد التراب ، والجرز الأرض التي لا تنبت شيئا ، والمعنى كل من عليها فان ، والسعيد من أطاع الله ، والشقي من انخدع لهواه.

أصحاب الكهف والرقيم آة ٩ ـ ١٢ :

(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠) فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢))

١٠٣

اللغة :

المغارة المحفورة في الجبل يقال لها كهف ان كانت كبيرة ، وإلا قيل لها : مغارة وغار. والرقيم بمعنى المرقوم من الرقم ، ومن معانيه الكتابة ، قال تعالى : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) ـ ٩ المطففين أي مكتوب ، والمراد بالرقيم هنا اللوح الذي كتبت فيه اسماء أصحاب الكهف. والفتية جمع الفتى من الفتوة والشباب. وضربنا على آذانهم أي أنمناهم نومة عميقة لا تنبههم معها الأصوات.

الاعراب :

أم حسبت (أم) هذه منقطعة أي بل أحسبت. وسنين ظرف والعامل فيه ضربنا. وعددا صفة لسنين أي معدودة أو ذوات عدد. وقيل : مصدر أي تعدها عددا. وأي الحزبين مبتدأ ، واحصى خبر ، وأمدا مفعول لأحصى مثل أحصيت الأيام وعددت الشهور ، ولا يصح جعله تمييزا لأن التمييز في مثله بمعنى احسن وجها ، واكثر مالا أي حسن وجهه وكثر ماله ، والأمد لا يحصي نفسه.

المعنى :

نفسر المعنى الظاهر من الآيات المتعلقة باصحاب الكهف ، في ضوء ما دلت عليه بالدلالة الصريحة ، أو بدلالة الاقتضاء وطبيعة الحال (١) ونطرح ما عداها من المصادر أو الأساطير ، فلقد ذكرنا اكثر من مرة أن الحوادث التاريخية وأمثالها لا تثبت إلا بنص القرآن أو بحديث متواتر ، وان اخبار الآحاد ليست بشيء وان صحت أسانيدها إلا في الأحكام الشرعية.

(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً). الكهف

__________________

(١). الدلالة الصريحة مثل اسأل أهل القرية ، ودلالة الاقتضاء مثل اسأل القرية ، فان الكلام لا يصح إلا بتقدير اهل القرية.

١٠٤

المغارة الكبيرة ، والرقيم اللوح الذي رقمت فيه اسماء اهل الكهف ، وطريف قول من قال : ان الرقيم اسم كلبهم .. والمعروف عند الرواة ان اسمه قمطير .. ومهما يكن فقد جاء في الكتب القديمة قصة اصحاب الكهف ، وتعجب الذين قرأوها أو سمعوها : كيف ظلوا نائمين السنين الطوال ، وبقوا احياء بلا غذاء!. فقال سبحانه في هذه الآية لكل من تعجب واستغرب : لا تعجب من ذلك ، فكل آيات الله عجب يحير العقول .. ان الذي أوجد اصحاب الكهف والكون بما فيه من لا شيء يهون عليه أن يبقي فتية في النوم أمدا طويلا ، ثم يبعثهم كما كانوا ، ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً). يشير سبحانه في هذه الآية واللتين بعدها الى قصة اهل الكهف على الإجمال ، ثم يشرع بالتفصيل .. تقول هذه الآية : كان فيما مضى فتية تركوا كل شيء في هذه الحياة وآووا الى الكهف ، وطلبوا من الله ان يرحمهم ، ويدبر شئونهم ، وهم في الكهف.

ولم يشر سبحانه في هذه الآية الى السبب الذي دعاهم ان يتركوا كل شيء ، ويلوذوا بالكهف ، ويطلبوا من الله ان يدبر أمورهم .. والذي نفهمه من طبيعة الحال ، وما تشير اليه الآيات الآتية هو ان هؤلاء الفتية اهتدوا بفطرتهم السليمة الى ان مجتمعهم على ضلال في عبادة الأصنام ، وانهم رفضوا ان يعبدوا ما يعبد آباؤهم ، فحاول المترفون ـ كما هو ديدنهم ـ ان يقتلوا الفتية او يفتنوهم عن دينهم ، ولما انسدت على الفتية جميع المسالك ، ولم يجدوا آية وسيلة الا اللجوء الى الكهف آووا اليه ، وقالوا لله : لقد أوذينا فيك حتى بلغ بنا الأمر الى ما ترى ، ونحن في أشد الحاجة الى عونك ورحمتك ، فإياك نسترحم ، وبك نستعين.

(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) أنمناهم نوما لا ينبههم معه شيء. وبقوا كذلك سنين معدودة ، ويأتي الكلام عن عدد هذه السنين في الآية ٢٥ (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) أيقظناهم من نومهم (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً). عرف الناس قصة اهل الكهف ، وهم ما زالوا غارقين في سباتهم ، وتداولت اخبارهم الأجيال ، واختلفوا في مدة لبثهم ، فمن مقل ومن مكثر ، فايقظ الله اهل الكهف ليعرف الفريقان ان اهل الكهف لبثوا في نومهم أمدا غير قصير

١٠٥

فيؤمنوا او يزدادوا ايمانا بقدرة الله على إحياء الموتى ، وقوله تعالى : (لِنَعْلَمَ) معناه ليظهر علمنا للناس بمقدار ما لبث اهل الكهف. تقدم نظيره في تفسير الآية ١٤٠ من آل عمران ج ٢ ص ١٦٢.

وتسأل : من اين علم الناس مدة لبثهم ، والمفروض انهم كانوا نياما وحين استيقظوا تساءلوا وقال بعضهم لبعض لبثنا يوما او بعض يوم؟.

الجواب : لقد عرف الناس مدة مكثهم من الدراهم التي كانت معهم ، فقد ذهب بها أحدهم الى المدينة ليشتري طعاما ، ولما رآها اهل المدينة تبين انها من عهد احد الملوك السابقين ، ويأتي البيان في الآية ١٩.

نبأهم بالحق الآية ١٣ ـ ١٨ :

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣) وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً (١٦) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ

١٠٦

ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (١٨))

اللغة

النبأ الخبر العظيم. وربطنا على قلوبهم قوّينا عزائمهم. والشطط التجاوز عن الحد. والسلطان البين الحجة الظاهرة. والاعتزال التنحّي ، والتعزل مثله. والمراد بالمرفق هنا كل ما ينتفع به مأخوذ من الرفق واللطف .. وتزاور تميل. وتقرضهم تجاوزهم. والفجوة المتسع من الأرض. والأيقاظ جمع يقظ. والرقود جمع راقد. ومن معاني الوصيد عتبة البيت وفناؤه ، وكل من المعنيين جائز هنا.

الاعراب

إذ ظرف بمعنى وقت ، ومحلها النصب بربطنا. وإذا حرف جواب وجزاء. وشططا صفة لمفعول مطلق محذوف أي قولا شططا. وهؤلاء مبتدأ وقومنا عطف بيان وجملة اتخذوا خبر. ولو اداة طلب بمعنى هلا. وكذبا مفعول مطلق لافترى لان الكذب والافتراء بمعنى واحد. وإذ اعتزلتموهم (إذ) متعلقة بمحذوف أي وقال بعضهم لبعض إذ اعتزلتموهم. وما يعبدون عطف على مفعول اعتزلتموهم اي واعتزلتم ما يعبدون. والا الله (الا) بمعنى غير مثل لو كان فيهما إلا الله لفسدتا ، وهي وما بعدها بمنزلة الكلمة الواحدة ، ويعرب الاسم الذي يليها بحسب العامل المتقدم ولذا نصب لفظ الجلالة في قوله : وما يعبدون الا الله. وقيل : إن (لا) هنا اداة استثناء ، ولفظ الجلالة بعدها منصوب على انه مستثنى متصل ان كان القوم يعبدون مع الله إلها آخر ، ومنفصل ان كانوا يعبدون الأصنام فقط. وتزاور أصلها تتزاور. وذات اليمين وذات الشمال ظرفان لان المعنى جهة اليمين وجهة الشمال.

١٠٧

وذراعيه مفعول باسط ، وعمل هنا اسم الفاعل مع انه ماض لأنه حكاية حال. وفرارا مفعول مطلق لان ولىّ وفرّ بمعنى واحد. ورعبا تمييز عند الطبرسي ، ومفعول ثان عند أبي البقاء وأبي الحيان الاندلسي.

المعنى

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ). كان الناس قبل رسول الله (ص) يتداولون قصة اهل الكهف ، وقد دونت في بعض الكتب ، وجاء ذكر اهل الكهف في الشعر ، فمن قصيدة لأمية بن أبي الصلت :

وليس بها الا الرقيم مجاورا

وصيدهم والقوم في الكهف هجد

وبالمناسبة كان رسول الله (ص) يسأل رواة الشعر ان يقرءوا له من شعر ابن أبي الصلت هذا ، فيستمع اليه ويقول : هذا رجل آمن لسانه وكفر قلبه.

وقد انشأ الناس الأساطير حول اصحاب الكهف ، كما انشأوها حول كثير من الغابرين ، ولذا قال تعالى لنبيه الكريم : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) الذي (لا رَيْبَ فِيهِ ..* وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً). وبعد ان أجمل سبحانه قصتهم في الآيات السابقة بدأ بالتفصيل ، وتنقسم قصة اهل الكهف ـ كما جاءت في الآيات ـ الى اربعة فصول : الاول اهتداء اهل الكهف الى الله. الثاني حالهم مع قومهم وفرارهم الى الكهف. الثالث ايقاظهم من النوم الطويل. الرابع موتهم والبناء عليهم .. والآيات التي نحن الآن بصددها تتضمن الفصل الاول والثاني ، والمقطع الآتي من الآيات يتضمن الفصلين الآخرين.

الفصل الاول

(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ). من الشباب من هو تام وكامل في عقله وتفكيره ، تماما كما هو قوي وتام في جسمه ونشاطه ، وهذا النوع وان كان قليلا نادرا ، ولكنه موجود ، ومنه اهل الكهف ، فقد كانوا فتية يعيشون في مجتمع وثني فاسد ، ومع هذا رفضوه ولم يهضموه ، واهتدوا

١٠٨

بصفاء فطرتهم الى ان قومهم على ضلال ، وقالوا : كيف تكون الأحجار آلهة ، وهي لا تغني شيئا؟. وكيف تمنح المترفين القوة والغنى ، وتسلطهم على الضعفاء والمعدمين ـ كما يزعم الأقوياء ـ وهي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا؟ .. وانتهى الفتية من هذا الشك والتساؤل الى عقيدة التوحيد والبعث ، ولما علم الله منهم الصدق في النية ، والإخلاص للحق ثبتهم على ايمانهم ، وزادهم بصيرة في أمرهم.

(إِذْ قامُوا). لم يبين سبحانه اين قاموا ، ولذا اختلف المفسرون ، فمن قائل : انهم قاموا بين يدي ملك زمانهم دقيانوس الجبار ، وهو يحاكمهم على ايمانهم بالله ، ومن قائل : انهم قاموا من النوم .. وغير بعيد ان يكون المراد بقيامهم خروجهم على عادات قومهم ، وتمردهم على ما هم فيه من الشرك والفساد .. وهذا هو شعار ثورتهم وتمردهم على عادات قومهم : (فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً ، هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً).

آمن الفتية بالله الواحد الأحد ، وأعلنوا ايمانهم على الملأ ، وقالوا : ان الطغاة من قومهم يفترون الكذب على الله وعلى عقولهم ايضا ، لأنهم أضافوا على الأصنام صفة الآلهة ، وهم يعلمون انها لا تضر ولا تنفع .. ولكنهم يموهون على البسطاء بأن هذه الآلهة هي التي اختارتهم ، ومنحتهم الامتياز والتفوق على الناس ، وان من خالفها في ذلك فلا جزاء له إلا القتل والتعذيب .. بهذا الزعم أراد الطغاة أن يقتلوا الفتية ، لا لشيء إلا لأنهم آمنوا بالله ، وكفروا بالأصنام أي بامتياز الطغاة وتفوقهم على المستضعفين.

تنبهت ، وانا اكتب هذه الكلمات ، الى تفسير ظاهرة غريبة برزت في أيامنا ، وهي هذا الجيش العرموم من المعممين الذين لا يمتون بسبب قريب أو بعيد الى الدين واهله .. تنبهت الى أن هناك يدا خبيثة تعمل في الخفاء ، وتضع التصاميم ، وتخصص الأموال لتجنيد المزيفين عن طريق المأجورين والعملاء ، وحشدهم أو حشرهم في صفوف اهل العلم ، فيلبسونهم العمائم ، لا لشيء إلا ليحموا مصالح الطغاة والمستعمرين باسم الدين ، تماما كما اضفى عتاة الشرك صفة الآلهة على الأصنام ليقولوا للبسطاء انها هي التي اختارتهم ، وأعطتهم السلطان والأموال ، وحرمت البؤساء والمستضعفين.

١٠٩

الفصل الثاني

(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً). ضاق بالفتية المؤمنين الطغاة من قومهم ، وحاولوا أن يفتنوهم عن دينهم .. فقال بعض الفتية لبعض : لا نجاة لنا من القوم الظالمين إلا بالفرار منهم ومما يعبدون ويفعلون. وبعد التداول والتشاور اتفقوا على اللجوء الى الكهف ، حيث لا يملكون مقرا سواه .. فدخلوه وأوكلوا أمرهم الى الله راضين بما يختاره لهم ، حتى ولو أماتهم جوعا وعطشا .. وهكذا المؤمن الصادق يبقى مع إيمانه وفيا له ، ولا يبالي بما يحدث ويواجه الصعاب بثقة وامل وحماسة ، ومتى بلغ الإنسان من الايمان هذا المبلغ كان الله معه أينما يكون ، وجعل له فرجا عاجلا ، حتى ولو تظاهر عليه أهل السماء والأرض كما فعل مع اصحاب الكهف بعد ان انسدت امامهم جميع المسالك والمذاهب ، فاختار لهم الراحة والأمن والتحرر من هم الحياة وآلامها ، فأنامهم نومة لا ينبههم معها شيء ، ولا يخافون من شيء.

(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ ـ أي تنحرف ـ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ـ أي تعدل عنهم ـ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) أي في مكان واسع من الكهف ، فقد كان كبيرا ، وله كوة ينفذ منها الهواء الطيب ونور الشمس ، وكانت الشمس لا تصل الى أجسامهم ، لا عند طلوعها ، ولا عند غروبها ، لأنهم كانوا في مكان من الكهف لا يصل اليه نور الشمس ، أو لأن الله كان يصرفها عنهم بقدرته (ذلك من آياته) ذلك اشارة الى انحراف الشمس عنهم كأنها متعمدة ، والى وضعهم لا إيقاظ يحسون بمرور الزمن وما فيه ، ولا أموات بغير حراك وأنفاس .. ولا تفسير لهذا إلا قدرة الله وحكمته.

(مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً). المراد بمن يهد الله هنا اهل الكهف ، وبمن يضلل من أراد التنكيل بهم. انظر تفسير ١٧٨ من الأعراف ج ٣ ص ٤٢٣.

(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ). كانت عيونهم مفتوحة كأنها تنظر الى الامام ، وأجسادهم

١١٠

طرية يجري الدم في عروقها ، يتقلبون من جنب الى جنب ، وكلبهم بفناء الكهف أو ببابه باسط ذراعيه يحرسهم كالبواب الأمين (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) لأنهم في وضع عجيب وغريب لا عهد لأحد بمثله.

وكذلك بعثناهم الآة ١٩ ـ ٢٢ :

(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١) سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢))

اللغة :

الورق بفتح الواو وكسر الراء ، وكسر الواو وسكون الراء ايضا ، والمراد

١١١

بها هنا الدراهم المضروبة. ولا يشعرن من الإشعار ، وهو الإعلام. يظهروا عليكم يطلعوا عليكم. وأعثرنا عليهم أطلعنا عليهم. والرجم بالغيب القول بغير علم ، ومنه قول الشاعر : «وما هو عنها بالحديث المرجّم». والمراد بالمراء هنا الجدال. والاستفتاء السؤال.

الاعراب :

كم في موضع نصب مفعول مقدم للبثتم ، والمميز محذوف أي كم يوما لبثتم. ولينظر اللام للطلب وأيها مبتدأ وازكى خبر وطعاما تمييز. إذ يتنازعون (إذ) متعلقة بليعلموا ، وقيل : يجوز تعلقها باعثرنا. وضمير سيقولون عائد الى المتنازعين. وثلاثة خبر لمبتدأ محذوف أي هم ثلاثة اشخاص. ورابعهم كلبهم مبتدأ وخبر الجملة صفة لثلاثة ، ومثله خمسة سادسهم كلبهم. ورجما مفعول مطلق ليقولون لأنه هنا بمعنى يرجمون ، أي هم سبعة اشخاص ، وثامنهم كلبهم مبتدأ وخبر والجملة عطف على ما قبلها ، فان الصفة إذا تعددت يجوز فيها العطف وعدمه ، تقول : هو الرجل العالم العاقل ، وهو الرجل العالم والعاقل.

الفصل الثالث

أشرنا فيما سبق الى أن الآيات المتعلقة بأهل الكهف تنقسم الى اربعة فصول ، وقد تضمن المقطع السابق من الآيات الفصلين الأول والثاني ، وهذا المقطع يتضمن الفصلين الأخيرين الثالث والرابع ، ومن الفصل الثالث قوله تعالى :

(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) استمروا في نومهم ثلاثمائة وتسع سنين ، كما يأتي في الآية ٢٥ ، ثم أيقظهم الله من هذا النوم الطويل العجيب ، ويدل ظاهر الآية أن الله أيقظهم ليتساءلوا عن مدة نومهم ، ومتى انكشفت لهم الحقيقة ازدادوا ايمانا بالله وبالبعث.

وتسأل : قال الله تعالى في الآية ١٦ أن الغرض من بعثهم أن يعلم مدة مكثهم في الكهف الذين تنازعوا في ذلك قبل ايقاظهم ، وقال في هذه الآية : انه

١١٢

أيقظ أهل الكهف ليتساءلوا هم عن أمد مكثهم ، فما هو وجه الجمع بين الآيتين؟.

الجواب : لا تصادم بين الآيتين لنحتاج الى عملية الجمع ، فإن الله أيقظ أهل الكهف للأمرين معا ، أشار الى أحدهما في الآية السابقة ، وإلى ثانيهما في هذه الآية ، وعليه يكون معنى الآيتين ان الله أيقظ أهل الكهف ليعلموا هم وغيرهم ان الله قادر على إحياء الموتى ، مهما طال الزمن.

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ). حين استيقظوا قال بعضهم : أتدرون كم لبثنا في الكهف؟. فأجابه البعض الآخر يوما أو بعض يوم ، وفي هذا القول إيماء إلى أنّه لم يتغير شيء من ثيابهم وأشعارهم واظفارهم ووجوههم وأبدانهم وألوانهم على الرغم من طول الأمد ، ولو تغير شيء من ذلك ـ كما في تفسير الرازي ـ لظهر للعيان ، ولم يقل قائلهم يوما أو بعض يوم .. ثم قالوا : دعونا من هذا التساؤل .. لا يعلم كم لبثنا إلا الله .. وجائز أن يكونوا في الظلام لا يرى أحدهم الآخر.

(فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً). المراد بالورق الدراهم المضروبة ، وكان عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم ، وقيل : اسمه دقيانوس ، واسم المدينة طرسوس .. استيقظوا فأحسوا بالجوع بعد ذاك الأمد الطويل ، فاختاروا واحدا منهم ليشتري لهم طعاما شهيا ، وأوصوه باليقظة والحذر كيلا يشعر أحد بمكانهم ، فيقتلهم الطغاة أو يفتنوهم عن دينهم ، وهم لا يدرون انهم في أمة غير أمتهم ، وعالم غير عالمهم.

الفصل الرابع :

(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً). وكذلك إشارة الى انه كما زدناهم هدى ، وربطنا

١١٣

على قلوبهم وأنمناهم ثم أيقظناهم أيضا ، أعثرنا عليهم ، أي أطلعنا الناس أو اهل المدينة المجاورة على حقيقة أصحاب الكهف ، والضمير في يتنازعون وفي أمرهم يعودان الى أهل المدينة المجاورة للكهف ، لأنهم اختلفوا : هل أهل الكهف نائمون أو ميتون؟. وقع هذا الاختلاف بين أهل المدينة لما رأوا النقود القديمة مع الذي أراد أن يشتري بها الطعام ، وذهبوا الى الكهف ورأوا أجساما على الأرض لا تتحرك ولا تتكلم. أما قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ ..) الخ» فإنه يشير الى أن أهل المدينة انقسموا في شأن أهل الكهف ، فمن قائل : نتركهم كما هم عليه. وقائل : بل نسد الكهف عليهم. وقال فريق ثالث : نبني عليهم مسجدا يصلي فيه الناس. وقد غلب هذا الرأي على بقية الآراء.

وبعد بيان المراد من كلمات الآية نبدأ بالتفصيل .. من عادة القرآن الكريم أن يحذف كل ما يمكن فهمه من سياق الكلام ، أو من اللوازم التي لا تنفك عن طبيعة الحادثة ، وعلى هذا الأساس حذف هنا عددا من الجمل لأنها تعرف من السياق وطبيعة الحال ، وتتلخص الجمل المحذوفة بأن أحدهم ذهب الى المدينة لشراء الطعام ، وكان حذرا كما أوصاه الرفاق ، ولكنه فوجئ بأمر لم يكن في الحسبان وذلك انه حين أعطى الدراهم لصاحب الطعام تأملها هذا ، وقال : هذه النقود قديمة ، وهي من عهد الملك «دقيانوس» كما قيل. ولا أحد يتعامل الآن بها. قال الرجل صاحب النقود : كيف من الأمس الى اليوم؟. وشاع الخبر بين أهل المدينة ، ولما سألوا عن شأنه وشأن النقود أخبرهم انه خرج وأصحابا له هربا بدينهم من الطغاة وآووا الى الكهف ، فقال قائل من الحاضرين : أجل ، سمعت ان جماعة فروا في الزمن القديم بدينهم خوفا من ملكهم دقيانوس المرسوم على هذه النقود ، ولجأوا الى الكهف ، ولعلهم هؤلاء ، فهرع الناس الى الكهف بعد أن سبقهم اليه صاحب النقود ، وأخبر أصحابه بما كان.

وخاتمة القصة انه بعد أن انكشف أمرهم تضرعوا الى الله ، كما تضرعوا اليه حين دخلوا الكهف ، وطلبوا منه أن يشملهم برحمته ، ويختار ما فيه لله رضا ، ولهم فيه صلاح ، وما أتموا دعاءهم هذا حتى وقعوا جميعا أجساما هامدة ، وانتقلت أرواحهم الطاهرة الى ربهم حيث النعيم الخالد ، فاتخذ الناس عليهم مسجدا.

١١٤

والشاهد في هذه القصة دلالتها الحسية على ما أشار اليه سبحانه بقوله : (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها) وان الإنسان خالد بخلود خالقه ، وانما ينتقل من دار الى دار ، والويل كل الويل لمن ترك دار الباقية الى دار الفانية ، وهو يجحد الآخرة ، أو وهو لم يعد العدة لها.

(سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ). اختلف الناس في مكان الكهف : أين كان؟ فقيل : كان في فلسطين بالقرب من بيت المقدس. وقيل : في الموصل. وقيل : في الأندلس من جهة غرناطة ، الى غير ذلك من الأقوال. وأيضا اختلفوا في زمانهم : هل كان قبل السيد المسيح أو بعده؟. بل وفي الطعام الذي أوصى أهل الكهف أحدهم أن يشتريه لهم ، هل هو التمر أو الزبيب أو اللحم. بل وفي لون الكلب : هل كان أسمر أو أنمر أي فيه بقع سوداء وأخرى بيضاء ، الى كثير من هذه الخلافات .. اذن ، فلا غرابة إذا وقع النزاع والاختلاف في عدد أهل الكهف.

وفي تفسير الرازي والطبرسي انه لما وفد نصارى نجران الى النبي (ص) جرى ذكر أهل الكهف ، فقال اليعقوبية منهم : كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وقال النسطورية : كانوا خمسة سادسهم كلبهم. فقال المسلمون : بل سبعة وثامنهم كلبهم .. ثم قال الرازي : وأكثر المفسرين على انهم سبعة وثامنهم كلبهم ، وذكر أربعة أوجه لصحة هذا القول ، ثلاثة منها فيها نظر ، والرابع له وجه ، ويتلخص بأن الله سبحانه وصف كلا من القول بالثلاثة والقول بالخمسة بأنه رجم بالغيب ، دون القول بالسبعة ، فوجب أن يكون هو الحق.

(قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ). بعد أن أشار سبحانه الى اختلاف الناس في عدد أصحاب الكهف ، وان أقوالهم كلها أو بعضها رجم بالغيب ـ قال لنبيه الكريم : ان هذا الاختلاف لم يقع في شيء هام ، وان على الإنسان أن يوكل علمه الى الله تعالى ، وأن يعتبر بما جرى لأصحاب الكهف ، ويتخذ منه دليلا على البعث ، لا أن يجادل في عددهم أو مكانهم أو زمانهم .. فإن الغرض من هذه القصة هو الاعتبار والاتعاظ ، بل ان جميع قصص القرآن

١١٥

تخضع لهذا الغرض الديني ، فهو الأول والأخير : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) ـ ١١١ يوسف.

(فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً). فلا تمار أي لا تجادل ، وضمير فيهم يعود الى أهل الكهف ، وضمير منهم يعود الى أهل الكتاب كما في التفاسير ، ولا تستفت لا تسأل. والمعنى إذا جادلك يا محمد في عدد أهل الكهف أحد من أهل الكتاب فلا تهتم بشأنه ، ولا تسأل العلماء منهم لتحتج بقوله على من جادل ، فإن هذه المسألة ليست بذات بال ، بل قل للمجادل قولا لينا ، مثل الله أعلم ، أو لا جدوى من هذا الجدال ، ونحو ذلك.

ان شاء الله الآية ٢٣ ـ ٢٦ :

(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (٢٤) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥) قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦))

الإعراب :

ذلك مفعول (فاعل). والمصدر من ان يشاء الله مفعول لاسم فاعل محذوف ، وهو حال من ضمير لا تقولن أي لا تقولن .. إلا ذاكرا مشيئة الله. ويهدين الأصل يهديني ، والمصدر من ان يهدين فاعل عسى ، وهي هنا تامة. ورشدا تمييز أي اقرب من الرشد. وثلاثمائة قرئ بتنوين تاء مائة ، وعليه تكون سنين

١١٦

بدلا من ثلاثمائة ، وقرئ بإضافة مائة الى السنين على ان تكون سنين في موضع سنة ، لأن مائة لا تضاف إلا الى مفرد. وتسعا مفعول ازدادوا. أبصر به الضمير في (به) يعود الى الله تعالى ، واسمع وابصر للتعجب أي ما أبصره وما أسمعه!.

المعنى :

(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ). بعد ان قال سبحانه لنبيه الكريم : (فَلا تُمارِ فِيهِمْ) أمره ان يعلق كل شيء بمشيئة الله ، ووجه المناسبة بين النهي عن الجدال وبين الأمر بالتعليق على مشيئة الله ان الإنسان قد يذهل ، فيفعل ما كان قد عزم على تركه ، او يترك ما كان قد عزم على فعله ، ويجوز هذا حتى في حق المعصوم على شريطة ان لا يكون في الفعل أو الترك معصية لله ، لأن المعصية لا تجتمع مع العصمة بحال ، تماما كما لا يجتمع العلم بالشيء والجهل به في آن واحد.

المشيئة العليا

ان للظروف تأثيرها ، ما في ذلك ريب ، ولكنها لا تعاكس الإنسان في كل شيء ولا تسعفه في كل شيء .. وأي انسان حقق كل ما أراد ، مهما بلغت قدرته ، وامتد سلطانه؟. ومن الذي استطاع ان يجعل امرأته أو ولده كما يشاء خلقا وخلقا؟. واعطف على هذا المثال ما شئت من الأمثلة .. وأيضا ما من أحد عاندته الظروف في كل ما طلب وأراد ، حتى في الكلام والنوم ـ مثلا ـ اذن ، فإرادة الإنسان قائمة ، ولها تأثيرها وعملها.

ولكن هذه الارادة محكومة بمشيئة عليا ، وهي تقول للإنسان : إذا أردت شيئا فاطلبه من أسبابه الكونية التي جعلتها طريقا اليه ، وإياك أن تنسى أو تتجاهل ذكري ، وانت تسير على طريقي هذا ، فأنا الذي خلقتك وهيأت لك الأسباب ، وأرشدتك اليها ، وأمرتك باتباعها .. وأيضا لا تنس ان الطريق الذي مهدته لك

١١٧

لا يؤدي بك حتما وعلى كل حال الى ما تطلبه وتبتغيه كلا .. حتى ولو اجتهدت وبالغت لأني خلقت أيضا ظروفا معاكسة تعرقل السير ، وما هي بحسبانك ولا بحسبان سواك ، لأنها في يدي ، وأنا أرسلها وأمسكها ، فلا تجزم بأنك بالغ ما تريد ، وعلق كل شيء على المشيئة العليا .. ما شاء كان ، وان لم يشأ لم يكن. انظر المخبآت والمفاجئات ج ١ ص ٣١٢.

(وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ). كل انسان معرض للنسيان ، وبالخصوص إذا تراكمت عليه الأشغال والأحزان. بل قيل : «سميت إنسانا لأنك ناسيا». وقد أمرنا الله سبحانه ان نذكره عند النسيان ، وعلّمنا كيف نذكره ، حيث قال عز من قائل : (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) أي وان لم يذكّرني الله الذي نسيت فإنه يذكّر ما هو أصلح وأنفع منه ، وفي نسيان بعض الأمور فوائد جمة.

ولهذه الآية قصة طريفة تعكس تحاسد بعض أهل العلم بالدين ، تماما كتحاسد التجار وأرباب المهن .. فقد روي ان المنصور كان يفضل أبا حنيفة على سائر الفقهاء ، فحسده على ذلك محمد بن اسحق ، وفي ذات يوم اجتمعا معا عند المنصور ، فسأل محمد أبا حنيفة بقصد إفحامه وتعجيزه ، قال له : ما تقول في رجل حلف بالله ان يفعل كذا ، وبعد ان سكت الحالف أمدا قال : ان شاء الله؟.

قال أبو حنيفة : تصح اليمين ويلزم بها الحالف لأن قوله : ان شاء الله منفصل عن اليمين ، ولو اتصل بها لم تنعقد.

فقال محمد بن اسحق : كيف وعبد الله بن عباس جد أمير المؤمنين ـ يقصد المنصور ـ كان يقول ، يعمل الاستثناء ، وان كان بعد سنة لقوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ)؟.

فالتفت المنصور الى أبي حنيفة وقال له : أصحيح هكذا قال جدي؟.

قال أبو حنيفة : نعم.

فقال له المنصور : أتخالف جدي يا أبا حنيفة؟.

قال أبو حنيفة : ان لقول جدك تأويلا يخرج على الصحة ، ولكن محمد بن إسحاق وأصحابه لا يرونك أهلا للخلافة ، لأنهم يبايعونك ، ثم يخرجون ويقولون :

١١٨

ان شاء الله ، ومعنى هذا على مذهبهم انه لا بيعة لك في عنقهم على اعتبار ان الله لم يشأ لك الخلافة. فامتلأ المنصور غضبا ، وقال لجلاوزته خذوا هذا مشيرا إلى محمد بن إسحاق ، فجعلوا رداءه في عنقه ، وجروه الى الحبس.

وبهذه المناسبة نشير الى انه إذا قال قائل : بعتك هذا ان شاء الله ، أو امرأتي طالق ان شاء الله ، أو والله لأفعلن كذا ان شاء الله ونحو ذلك ، إذا قال مثل هذا ينظر : فإن أراد مجرد التبرك باسم الله تعالى فعليه أن يلتزم بما قال ، ويكون بيعه أو يمينه أو طلاقه صحيحا ، لأن الكلام وهذه هي الحال ، يكون في حكم المطلق المجرد عن كل قيد ، وان قصد التعليق حقيقة فلا يلزمه شيء ، ويكون كلامه وعدمه سواء من حيث الأثر الشرعي ، لا لأن التعليق من حيث هو يبطل الشيء المعلق. بل لأن المعلق عليه ، وهو مشيئة الله ، من عالم الغيب لا من عالم الشهادة.

وتسأل : بأي شيء نعلم انه أراد التعليق ، أو أراد مجرد التبرك باسم الله تعالى؟.

الجواب : نرجع في معرفة ذلك الى المتكلم نفسه لأن القصد لا يعرف إلا من جهة صاحبه ، وعلى القضاء أن يأخذ بقوله.

(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً). بعد أن استطرد سبحانه بذكر الآيتين عاد الى أهل الكهف ، وبيّن انهم مكثوا في نومهم العميق ٣٠٩ سنوات.

وتسأل : لما ذا قال : وازدادوا تسعا ، ولم يقل ثلاثمائة وتسعا؟.

وأجاب بعض المفسرين بأنه تعالى أشار بقوله : وازدادوا الى أن أهل الكهف مكثوا ٣٠٠ سنة بحساب السنين الشمسية ، و ٣٠٩ بحساب السنين القمرية لان التفاوت بينهما في كل مائة سنة ثلاث سنوات.

(قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). أجل ، هو أعلم لأنه خلقهم وهداهم وأنامهم وأيقظهم وأماتهم ، وقد أخبر انهم مكثوا ٣٠٩ سنوات ، وقوله الحق ، وحكمه الفصل (أبصر به وأسمع) أي ما أبصره تعالى لكل ما يرى ، وما أسمعه لكل ما يسمع ، والغرض ان الله لا يخفى عليه شيء.

(ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً). ضمير لهم يعود الى

١١٩

الخلق ، وضمير من دونه الى الخالق ، والولي الناصر ، والمعنى لا ناصر لمن خذله الله ، ولا خاذل لمن نصر ، ولا مانع لما أعطى ، ولا معط لما منع ، لأنه وحده لا شريك له ، بيده الملك وهو على كل شيء قدير.

واتل ما أوحي اليك الآية ٢٧ ـ ٢٩ :

(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (٢٩))

اللغة :

ملتحدا ملجأ. والغداة والعشي الصباح والمساء. وفرطا مجاوزا للحد. والسرادق الفسطاط «الخيمة». والمهل خثارة الزيت. المرفق المتكأ ، من اتكأ على مرفقه.

الإعراب :

الحق خبر لمبتدأ محذوف أي هذا الحق ، أو مبتدأ والخبر من ربكم. وكالمهل

١٢٠