التّفسير الكاشف - ج ٤

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٤

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٧٥

كل ما من شأنه ان يواجه الصعاب ، ويحل مشكلات الحياة ، دون ان يبخس الناس أشياءهم. انظر فقرة «الغني وكيل لا أصيل» عند تفسير الآية ١٨٢ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٢١٧.

(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي). تقدم في الآية ٢٨ من هذه السورة.

(وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) بعد أن أمر شعيب (ع) قومه بالكسب الحلال الطيب ونهاهم عن الحرام الخبيث احتج عليهم بما أنعم الله عليه من الرزق الكافي الوافي بجميع حاجاته ، مع انه أبعد الناس عن الحرام .. فأسباب الرزق الحسن ـ اذن ـ لا تنحصر بالحرام ، ومحال ان يحصر الله الرزق بباب من الأبواب ، ثم يحرمه على عباده ، وقول شعيب (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) يومئ الى انه كان في سعة من العيش.

(وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ). ولو فعل لكانت الحجة لهم عليه ، ولا حجة له عليهم ، ومن شروط النبي ان تكون جميع صفاته مبشرة لا منفرة ، والطباع تنفر من الذين يقولون ما لا يفعلون (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ). والمصلح يعظ الناس بأفعاله قبل أقواله ، ويستمر في دعوته متحملا في سبيلها الأذى والمشاق ، ومن أجل هذا كان شعيب وغيره من الأنبياء يأكلون من عمل أيديهم ، ويتحملون الأذى من الكافرين والمعاندين (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) اي انه سيمضي في تأدية رسالته مهما تكن النتائج متوكلا على الله وطالبا منه العون وراجعا اليه في جميع أموره.

(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ). لا يجرمنكم اي لا يكسبنكم ، والمعنى لا يكسبنكم عداؤكم لي نزول العذاب بكم ، فما عادى قوم نبيهم الا ونزل بهم العذاب ، ومن الشواهد على ذلك أقوام الأنبياء المذكورين. فقوله : لا يجرمنكم شقاقي الخ مثل قولك لمن عق أباه : لا يكسبنك عقوقك لأبيك غضب الله عليك (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ). مر نظيره مع التفسير في الآية ٥٢ و ٦١

٢٦١

من هذه السورة (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) يرحم من استغفر واعتذر ، ويتودد الى عباده بالانعام عليهم ، والنصح لهم ، والإمهال لعلهم يرجعون.

ولولا رهطك لرجمناك الآية ٩١ ـ ٩٥ :

(قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (٩١) قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥))

اللغة :

الفقه الفهم. والرهط الجماعة. والرجم الرمي بالحجارة ، والظهري بكسر الظاء المتروك وراء الظهر لا يعتنى به. والمكانة الحالة التي يتمكن بها صاحبها من عمله. وارتقبوا انتظروا. والمراد بالصيحة هنا صيحة العذاب. والجاثم البارك على ركبتيه مكبا على وجهه ، ويطلق على الملازم لمكانه لا يتحول عنه. وغني بالمكان أقام فيه. وبعدا دعاء بالهلاك.

٢٦٢

الإعراب :

وما أنت علينا بعزيز (ما) نافية وانت مبتدأ وعلينا متعلق بعزيز ، وعزيز خبر والباء زائدة اعرابا. وظهريا مفعول ثان لاتخذتموه. ومكانتكم مصدر مكن. ومن استفهام في محل رفع بالابتداء ، وجملة يأتيه عذاب خبر ، وتعلمون معلق عن العمل لمكان الاستفهام. وكأن مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف أي كأنهم لم يغنوا فيها. وبعدا منصوب على المصدرية أي بعد بعدا.

المعنى :

(قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ). لقد فهموا كل ما قاله لهم من الأمر والنهي ، والتهديد والوعيد ، وانما أرادوا بقولهم هذا انهم لا يرون أي مبرر لنزول العذاب الذي هددهم به شعيب ، كيف وهم في زعمهم الأبرياء الأتقياء؟ فعبادة الأوثان يبررها عمل الآباء ، وتطفيف الكيل والميزان يبرره مبدأ الحرية في كسب المال .. فدعوة شعيب ، إذن ، ما هي إلا وسيلة للشغب والتخريب وهذا هو بالذات منطق القراصنة في كل زمان ومكان ، يسلبون ويقتلون ، فإذا اعترض عليهم معترض قالوا له : انت مخرب هدّام تثير المشاكل والحروب ، وتعمل ضد الأمن والسلم ، لأن السلم في مفهومهم أن تركع الناس لطغيانهم ، وتسجد لآثامهم.

(وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) لا يمنعنا من البطش بك مانع ، فالسكوت أسلم لك (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ). قد يسأل سائل : كيف نفوا القوة عنه ، وأثبتوها لقومه؟.أليست قوة الرجل من قوة قومه؟. قلت : لا تلازم بين القوتين ، فربما كانت قوة قرابة الرجل عليه ، لا له ، فقد كانت قريش أعدى أعداء محمد القرشي (ص). وفي بعض التفاسير أن قوم شعيب كانوا على الشرك ، وان قول المشركين : لولا رهطك أرادوا به لولا احترامنا رهطك لرجمناك. ولفظ الآية لا يأبى هذا المعنى.

(قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ)؟. وأي عجب في هذا عند أهل

٢٦٣

الجهل والضلالة؟. (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) ـ ٢٨ فاطر». (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا). وظهريا كناية عن نسيانه وعدم الاهتمام به (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ) على مكانتي. وهذا مثل قوله على لسان الرسول الأعظم : (لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) ـ ٤٠ يونس». وقوله : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)(سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ). هذا تهديد من شعيب لقومه بنزول العذاب ولا شيء أدل على نبوته من هذه الثقة بالغيب.

(وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ). مر نظيره في الآية ٦٦ ـ ٦٨ من هذه السورة.

موسى الآية ٩٦ ـ ٩٩ :

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩))

اللغة :

السلطان المبين الدليل الظاهر. والملأ اشراف القوم. والمراد بأمر فرعون أفعاله وتصرفاته. والورد بلوغ الماء ، والمورود الماء بالذات ، واستعمل هنا في النار مجازا. والرفد بكسر الراء العطاء ، والمرفود المعطى.

٢٦٤

الإعراب :

فأوردهم ماض لفظا ، ومستقبل معنى أي فيوردهم ، وكل مستقبل محقق الوقوع يجوز التعبير عنه بصيغة الماضي. وبئس من أفعال الذم ، والورد فاعل ، والمورود مبتدأ ، وهو المخصوص بالذم. والجملة من الفعل والفاعل خبر مقدم.

المعنى :

لما ذكر سبحانه ما أصاب قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب أشار الى فرعون وقومه ، والغاية هي العبرة والعظة ، ويتلخص معنى هذه الآيات الأربع بأن الله سبحانه أرسل موسى (ع) الى فرعون وقومه بالأدلة والبينات ، ومنها التوراة والعصا واليد ، ولكن فرعون أصر على الكفر والطغيان ، كما أصر قومه على متابعته ، والائتمار بأمره ، فكانت عاقبة التابع والمتبوع اللعنة والهلاك في هذه الدار ، والنار في الدار الآخرة.

ولو لم يجد فرعون أنصارا لما تجرأ وقال : أنا ربكم الأعلى .. ما علمت لكم من إله غيري ، وكل مضل ومفسد لا يجرأ على الظهور الا حيث يجد الأنصار والأتباع .. وطبيعة الإنسان هي هي في كل عصر ، والذي يتغير هو الاسم والأسلوب ، وقد كان الاسم في الماضي فرعون ونمرود ، واسمها في الحاضر أحلاف عسكرية ، وشركة «فاكوم ، وأرامكو» ، وما اليهما .. اما أنصارها فهم الذين يقبضون منها في الظلام ، ويمشون كالأشراف بين الناس.

ذلك من انباء القرى الآية ١٠٠ ـ ١٠٢ :

(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ

٢٦٥

اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١) وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢))

اللغة :

الشيء القائم هو الموجود بنحو من الأنحاء ولو بآثاره ، والحصيد الزرع المحصود من الأصل ، يقال : حصدهم بالسيف إذا قتلهم. والتتبيب التخسير ، ومنه تبّت يدا أبي لهب أي خسرت.

الإعراب :

ذلك مبتدأ ، ومن انباء القرى خبر ، ويجوز ان تكون ذلك مفعول لفعل محذوف اي نقص ذلك. وقائم مبتدأ ومنها خبر مقدم. وحصيد مبتدأ وخبره محذوف اي ومنها حصيد. وواو زادوهم للأصنام على التنزيل منزلة العقلاء ، او على غير الأعم الأغلب. وغير مر إعرابها في الآية ٦٣ من هذه السورة. وكذلك الكاف بمعنى مثل خبر مقدم ، وأخذ ربك مبتدأ مؤخر.

المعنى :

(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ). بعد أن ذكر سبحانه طرفا من قصص الأمم الماضية مع أنبيائهم قال لنبيه الأكرم (ص) : ان بعض تلك الأمم بقي شيء من آثارها ، وشبه الآثار الباقية بالزرع القائم على ساقه ، لأن كلا منهما ظاهر للعيان ، والبعض لم يبق شيء من آثارها ، وشبه هذه بالزرع المحصود الذي تعرت الأرض مما يشير اليه ، وقال بعض المفسرين : ان التي بقي أثرها هي بلاد عاد وثمود ، والتي لا أثر لها هي بلاد نوح ولوط .. أما نحن

٢٦٦

فنترك الكلام في ذلك لعلماء الآثار .. وعلى أية حال فان بيان هذه القصص بلسان محمد (ص) دليل قاطع على نبوته ، وانها من وحي السماء ، لا من نسيج الخيال ، ولا نقلا عمن قال.

(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بتكذيبهم رسل الله وإصرارهم على الشرك والفساد ، وقد تكرر هذا المعنى في القرآن الكريم بحوالى عشرين آية (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ). آلهتهم أصنامهم ، وواو زادوهم تعود اليها ، وأمر ربك عذابه ، والتتبيب التخسير ، وفي الآية ٦٣ من هذه السورة : (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ). ويتلخص المعنى بقوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) ـ ٥٥ الفرقان».

(وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) اي ان الله سبحانه يهلك الكافرين الظالمين بمثل الطوفان والخسف وصيحة العذاب (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) ولكن بعد الانذار والإعذار بلسان رسل الله مشافهة ومجابهة وجها لوجه .. وقلنا مشافهة ومجابهة لأن الكفر والفساد في هذا العصر أكثر منه في أي عصر مضى ، والاعذار والإنذار موجودان فيه بحكم العقل والكتب السماوية والأحاديث النبوية ، ومع ذلك لا طوفان ولا خسف ولا حجارة من سجيل ، ولا نعرف سرا لذلك إلا الظن بأن مشيئة الله تعالى قضت بهلاك الذين يجابهون أنبياءهم بالتكذيب ، دون الذين يعصون الوحي والعقل .. والظن لا يغني عن الحق. والله أعلم.

وذلك يوم مشهود الآية ١٠٣ ـ ١٠٩ :

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا

٢٦٧

فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٠٧) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨) فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩))

اللغة :

يوم مشهود يشهده الخلائق. وأجل معدود معين في علم الله. والزفير في اللغة أول صوت الحمار ، والشهيق آخره ، وقد كنّى بهما سبحانه عن آلام اهل النار وأحزانهم. ومجذوذ مقطوع. والمرية الشك.

الإعراب :

ذلك يوم مبتدأ وخبر ، ومجموع صفة ليوم ، والناس نائب فاعل لمجموع. ويوم يأت يوم متعلق بلا تكلم نفس ، وحذفت الياء من يأتي للتخفيف ، وفيها ضمير مستتر يعود الى يوم مجموع ، ولا يجوز ان يعود الى يوم يأت لأنه مضاف الى الإتيان ، والمضاف اليه بمنزلة الجزء من الكلمة ، وفي النار متعلق بمحذوف أي فيستقرون في النار ، وخالدين حال من ضمير يستقرون. وما دامت (ما) مصدرية ظرفية اي مدة دوام السموات والأرض ، والظرف متعلق بخالدين. وعطاء منصوب على المصدرية ، وغير مجذوذ صفة للعطاء. ونصيبهم مفعول لموفوهم ، وغير منقوص حال من نصيبهم.

٢٦٨

المعنى :

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ). ان في ذلك اشارة الى أخذه تعالى للقرى الظالم أهلها بالعذاب الشديد ، والمعنى ان في هذا الأخذ الأليم عبرة لمن آمن بالله ، وتذكيرا لمن يخاف عذاب يوم تشهده جميع الخلائق حين يجمعهم الله فيه للحساب والجزاء.

وتسأل : ان الطوفان او الزلزال ونحوه كثيرا ما يحدث لأسباب طبيعية ، والطبيعة عمياء لا تميز بين المؤمن والجاحد ، والمجرم والبريء ، فمن الجائز أن يكون الذي حدث لأقوام الأنبياء من هذا الباب؟

الجواب : لقد كان النبي ينذر قومه بحدوث العذاب ، ويحدد نوعه ووقته قبل حدوثه ، فيأتي قوله على وفق الواقع ومن صلبه ، ولا يمكن تفسير ذلك بالتنبؤ العلمي حيث لا مراصد ولا أدوات للعلم في ذاك العهد ، وأيضا لا يمكن تفسيره بالبديهة والحدس لأن النبي كان يخبر عن ثقة وبلسان الجزم ، ويقول : هذه هي الحقيقة وسترون ، ولا بالصدفة لمكان التكرار ، وإذا بطلت جميع هذه الفروض والتفسيرات تعين التفسير بالوحي ومشيئة الله لأنه هو وحده الفرض الصحيح.

(وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ). لكل شيء عند الله مدة وأجل لا يسبقه ولا يتجاوزه ، ومن ذلك فناء الدنيا ومجيء الآخرة (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) فيؤذن لها بالكلام والدفاع في موقف دون موقف ، كما هو الشأن في الكثير من محاكم الدنيا (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) وشقاوة الإنسان غدا أو سعادته انما تكون بعمله في الدنيا ، لا بقضاء الله وقدره ، أما خبر «الشقي شقي في بطن أمه ، والسعيد سعيد في بطن أمه» فمشكوك فيه ، وظاهره يناقض عدل الله ورحمته .. الى جانب انه من اخبار الآحاد ، وهي حجة في الأحكام الشرعية كالحلال والحرام والطاهر والنجس ، لا في أصول العقيدة وما يتصل بها.

ثم حدد أهل الشقاوة بقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ). وبديهة ان الله لا يعذب إلا من تمرد وأفسد ، فالشقاوة ـ اذن ـ تكون بالكسب والعمل ، لا بالقضاء والقدر .. والزفير والشهيق كناية عن أحزان أهل النار

٢٦٩

وآلامهم (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ). وقد أطال المفسرون الكلام حول التعليق على مشيئة الله هنا ، وذكروا وجوها جعلت المعنى من الطلاسم والمتشابهات ، وهو من المحكمات والواضحات ، ويتلخص بأن من يدخل جهنم بأي ذنب من الذنوب فلا يستطيع الخروج منها بنفسه ، ولا بشفيع ومعين ، ولا بفداء ، فهو من هذه الجهة خالد فيها .. ولكن إذا شاء الله أن يخرجه منها خرج ، وانتفى عنه وصف الخلود في النار ، لأن ارادته تعالى لا يحدها شيء (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) ، وكل شيء يرجع في النهاية الى إرادته ولا ترجع إرادته إلا اليه وحده ، فسبب الخلود يؤثر أثره ما دام الخالق مريدا له ذلك ؛ وان لم يشأ لم يكن عملا بمبدإ : «إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون».

وكما حدد أهل الشقاوة بالخالدين في النار حدد أهل السعادة بالخالدين في الجنة (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) أي غير مقطوع. وتسأل : ان من يدخل الجنة فلا يخرج منها ، اذن ، ما هو القصد من التعليق على مشيئة الله تعالى؟.

وقيل في الجواب : ان الله يخرجهم من نعيم الجنة إلى نعيم مثله أو أحسن .. أما الذي نفهمه نحن من هذا التعليق فهو مجرد الاشارة الى قدرة الله وعظمته ، وان الأسباب المعروفة انما تفعل فعلها إذا لم تصطدم بإرادته تعالى ، فالنار تحرق إذا لم يقل لها الخالق : كوني بردا وسلاما.

(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ). الخطاب لمحمد (ص) ، وهؤلاء إشارة الى قومه الذين كذبوه ، وما شك محمد ، ولن يشك أبدا في أنهم على باطل في عبادتهم ، ولكن القصد توبيخهم وتحذيرهم (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ). هذا تعليل لليقين وعدم الريب في بطلان ما يعبد هؤلاء ، لأنه مثل ما عبد الأولون الذين جل بهم العذاب لشركهم وعبادتهم الأصنام. (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) تماما كما وفينا لآبائهم النصيب الذي استحقوه من العذاب ، ولم ننقص منه شيئا.

وتسأل : ان هذا تقنيط من عفو الله ورحمته ، وهو يتنافى مع قوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) ٥٢ الزمر».

٢٧٠

الجواب : ان المراد بقوله : (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) هو الترغيب في التوبة ، وان من تاب تاب الله عليه. والمراد من قوله : (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) ان من أصر على الشرك ، ولم يتب فإن الله يجازيه بما يستحق .. ولسنا نشك في ان الله يعفو ويرحم من يرحم الناس ، ويعمل لصالحهم ، أما الذين يعتدون على حريتهم وحقوقهم فلا يخفف عنهم العذاب ، ولا هم ينصرون.

ولولا كلمة سبقت من ربك الآية ١١٠ ـ ١١٥ :

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣) وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥))

اللغة :

شك مريب مثل عجب عجيب وظل ظليل أي قوي أو دائم ، وقيل : معناه شك أوقع في الريب ، وهو ترجيح الكذب على الصدق. وطرفا النهار الغدوة والعشية

٢٧١

والمراد من الطرف الأول الصبح ، والطرف الثاني الظهر والعصر. والزلف من الليل الساعات الأولى منه ، وواحدها زلفة وسميت بذلك لقربها من النهار ، والمراد بها هنا المغرب والعشاء.

الإعراب :

اختلف النحاة وأهل التفسير في إعراب لمّا في قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ). فقيل : هي بمعنى الا. وقيل : ان اللام داخلة على خبر ان وما بمعنى الذي ، والتقدير ان كلا للذي هو ليوفينهم أعمالهم ، وقال ابن هشام في كتاب «المغني» : الأولى عندي ان لما بمعنى لم ومجزومها محذوف أي لم يوفوا أعمالهم الى الآن ، وسيوفونها ، وقيل غير ذلك ، وأيسر الأوجه ان تكون بمعنى الا. ومن تاب في موضع رفع عطفا على الفاعل في استقم ، ويجوز النصب على ان تكون مفعولا معه. وفتمسكم النار منصوب بأن مضمرة جوابا للنهي ، والمصدر المنسبك مبتدأ ، وخبره محذوف أي فمس النار كائن أو حاصل لكم. وطرفي النهار ظرف منصوب بأقم. وزلفا عطف عليه.

المعنى :

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ). المراد بالكتاب هنا التوراة ، وقد اختلف فيه قوم موسى ، فمنهم من آمن به ، ومنهم من كفر ، وهكذا كل أمة قديما وحديثا لم تتفق كلمتها على نبيها ومرشدها الناصح الأمين ، بل كان بنو إسرائيل يقتلون أنبياءهم ، حتى الذين آمنوا بموسى حرفوا التوراة من بعده ، وأحيوا البدع والضلالات .. اذن ، فلا عجب إن آمن بك يا محمد قوم ، وكفر بك آخرون.

(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ). المراد بكلمة الله قضاؤه بتأخير العذاب ، وضمير بينهم يعود الى المختلفين في كتاب التوراة ، وقد شاءت حكمته تعالى ألا يستأصلهم بعذاب الدنيا (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ). ما زال

٢٧٢

الكلام عن موسى وقومه وكتابه ، وقد أبعد من قال : انتقل الكلام بهذه الجملة من موسى وبني إسرائيل الى محمد (ص) وقريش .. وشك مريب أي قوي ، مثل عجب عجيب ، وقناطير مقنطرة ، والقصد من الآية بمجموعها ان الله سبحانه أخر الى يوم القيامة عذاب من كذّب بالتوراة من قوم موسى ، وبالقرآن من قوم محمد (ص) (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي ان كلا من المكذب والمصدق سيلاقي غدا جزاء عمله كافيا وافيا ان خيرا فخير ، وان شرا فشر.

الاستقامة :

(فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). يختلف معنى الاستقامة باختلاف الذي تنسب اليه ، فمعنى قوله تعالى : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أنه يهدي الى هذا الصراط ، ويأمر به ، وعلى أساسه يثيب ويعاقب ، وان جميع أفعاله تعالى على وفق الحكمة والمصلحة : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) ـ ١١٦ المؤمنون» : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٢٧ ص».

وإذا وصفت بالاستقامة عينا من الأعيان ، وقلت : ان هذا الشيء مستقيم فمعناه أنه قد وضع في الموضع اللائق به ، أما الإنسان المستقيم فأحسن تحديد له قوله تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) ـ ١٨ الزمر». وأحسن القول عند الله ومن آمن به هو هذا القرآن : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً) ـ ٢٣ الزمر». وأحسن القول عند الله والناس أجمعين والجاحدين هو ما يستريح اليه الضمير العالمي ، لا ضمير اللصوص وسفاكي الدماء. وفي الحديث عن رسول الله (ص) انه قال «شيبتني سورة هود». وقيل : انه أراد هذه الآية من سورة هود ، لأن أمته أمرت بالاستقامة ، وهو غير واثق من استجابتها واستقامتها .. ونحن لا نستبعد هذا التفسير على أن يكون المراد من الأمة قادتها ، لأنهم أصل الداء ، ومصدر البلاء .. وفي ج ١ ص ٢٦ من هذا التفسير تحدثنا عن الاستقامة ، وان الإسلام بعقيدته وشريعته وأخلاقه يتلخص بكلمة واحدة ، وهي الاستقامة.

٢٧٣

مسؤولية التضامن ضد الظلم :

(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ). ولا يختص الذين ظلموا بالمعتدين على الناس وحرياتهم ، فقد جاء في الأخبار وفي نهج البلاغة :

«الظلم ثلاثة : ظلم لا يغفر ، وظلم لا يترك ، وظلم مغفور لا يطلب ، فاما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله ، واما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات ـ أي صغار الذنوب ـ واما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم لبعض».

ومعنى الركون الى الشيء الاعتماد عليه ، ولكن المراد بالركون الى الظالمين في الآية ما يعم السكوت عنهم لوجوب النهي عن المنكر ، وفي الحديث : «إذا رأى الناس المنكر بينهم ، فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه». وقال الإمام جعفر الصادق (ع) : «نصرة المؤمن على المؤمن فريضة واجبة». وفي كتاب الوسائل باب «الجهاد عن المعصوم» : ان المسلم يقاتل عن بيضة الإسلام ، أو عند الخوف على ديار المسلمين. واستنادا إلى هذه الأخبار وغيرها قسم الفقهاء الجهاد إلى نوعين :

الأول : جهاد الغزو في سبيل الله ، وانتشار الإسلام. الثاني : الدفاع عن الإسلام وبلاد المسلمين ، والدفاع عن النفس والمال والعرض ، بل الدفاع عن الحق إطلاقا ، سواء أكان له ، أم لغيره ، قال صاحب الجواهر : «إذا داهم عدو من الكفار يخشى منه على بيضة الإسلام ، أو يريد الكافر الاستيلاء على بلاد المسلمين ، وأسرهم وسبيهم وأخذ أموالهم ـ إذا كان كذلك وجب الدفاع على الحر والعبد الذكر والأنثى ، والسليم والمريض ، والأعمى والأعرج ، وغيرهم ان احتيج اليهم. ولا يتوقف الوجوب على حضور الإمام ، ولا اذنه ، ولا يختص بالمعتدى عليهم والمقصودين بالخصوص ، بل يجب النهوض على كل من علم بالحال ، وان لم يكن الاعتداء موجها اليه ، هذا إذا لم يعلم بأن من يراد الاعتداء عليهم قادرين على صد العدو ومقاومته ، ويتأكد الوجوب على الأقرب من مكان الهجوم فالأقرب».

٢٧٤

ثم قال صاحب الجواهر : «ودفاع الإنسان عن نفسه واجب ، وان لم يظن سلامتها ، لأنه معرض للخطر على كل حال ، أما دفاعه عن عرضه وماله فواجب ان غلب على ظنه السلامة بنفسه مخافة ان تذهب النفس مع العرض والمال. وكذا يجب على الإنسان أن يدافع عن حياة الغير وماله وعرضه بشرط أن يغلب على ظنه السلامة بنفسه».

وأفتى الفقهاء بوجوب إنقاذ الغريق ، وإطفاء الحريق إذا شب في مال الغير ، وبأن على المصلي أن يقطع صلاته ليدفع الخطر عن نفس محترمة أو مال يجب حفظه سواء أكان له أم لغيره ، وان من رأى طفلا في فلاة لا يستقل بدفع الأذى عن نفسه وجب عليه التقاطه وحفظه. وروي ان ثلاثة نفر رفعوا الى الإمام علي (ع) : واحدا أمسك رجلا ، والثاني قتله ، والثالث رأى ولم يحرك ساكنا ، فقضى بقتل القاتل ، وسجن الممسك مؤبدا ، وان تسمل عينا الممسك. وقد عمل الفقهاء بهذه الرواية.

ويجد الباحث المتتبع لكتب الفقه الكثير من هذا النوع ، وفيه الدلالة القاطعة على ان نصرة الإنسان لأخيه الإنسان ونجدته تجب شرعا إذا توقف عليها صيانة أمر هام.

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ). والطرف الأول من النهار الصبح ، والثاني الظهر والعصر ، والزلف من الليل المغرب والعشاء. وفي الآية ٧٨ من سورة الاسراء : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) ودلوك الشمس زوالها ، وهو وقت صلاة الظهر وبعدها العصر ، وغسق الليل ظلمته ، وهو وقت صلاة المغرب وبعدها العشاء ، وقرآن الفجر يعني صلاة الصبح يشهدها الناس ، والتفصيل في كتب الفقه ومنها الجزء الأول من فقه الإمام الصادق.

(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). نقل صاحب مجمع البيان عن أكثر المفسرين ان المراد بالحسنات هنا الصلوات الخمس ، وانها تكفّر ما بينها من الذنوب. وقال آخرون : بل المراد بها مجرد قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر. وكل من التفسيرين يرفضه العقل والفطرة ، حيث لا ترابط ولا تلازم بين الأحكام والتكاليف لا شرعا ولا عقلا ولا قانونا ولا عرفا .. فطاعة أي حكم وجوبا كان أو تحريما لا تناط بطاعة غيره أو معصيته. أما حديث كلما صلى صلاة كفّر ما بينهما من الذنوب ، وما اليه فهو كناية عن ان الصلاة كثيرة

٢٧٥

الحسنات ، فإن كان للمصلي سيئات وضعت هذه في كفة ، وتلك في كفة ، وذهبت كل حسنة بسيئة شريطة ألا تكون كبيرة ، ولا حقا من حقوق الناس. وتقدم الكلام عن هذا الموضوع بعنوان : «الإحباط» عند تفسير الآية ٢١٧ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٢٦.

(ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ). ذلك اشارة الى الأمر بالاستقامة ، واقامة الصلاة ، والنهي عن الركون الى الظالمين ، والمراد بالذاكرين المتعظون (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ). وفيه اشارة الى ان من يستقيم على الطريقة المثلى لا بد ان يلاقي الكثير من أهل الضلال والانحراف ، وان الصبر في جهادهم من أفضل الطاعات ، وأعظم الحسنات.

فلولا كان من القرون الآية ١١٦ ـ ١١٩ :

(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩))

اللغة :

القرون جمع قرن ، وهو أهل كل عصر ، وشاع تقديره بمائة سنة. وبقية الشيء ما يبقى منه ، يقال : بقية السلف الصالح أي من بقي منهم بعد ذهاب أكثرهم. والترف النعمة والجدة أي اتبعوا ملذات الدنيا فأبطرتهم وأفسدتهم ، يقال : أترفته النعمة أي أبطرته وأفسدته.

٢٧٦

الإعراب :

لولا حرف يفيد الطلب والحث على الفعل مثل هلا. وكان هنا تامة بمعنى وجد ، وأولو بقية فاعل. وإلا قليلا منصوب على الاستثناء المنقطع ، أي ولكن قليلا. ويهلك منصوب بأن مضمرة بعد اللام ، والمصدر المنسبك مجرور بها ، ومتعلق بخبر كان المحذوف أي وما كان ربك مريدا لهلاك أهل القرى. وأهلها مصلحون الواو للحال. وإلا من رحم (من) في موضع نصب على الاستثناء المتصل من واو لا يزالون. ولذلك خلقهم أي للرحمة. ولاملأن اللام جواب لقسم محذوف أي يمينا لاملأن. وأجمعين حال مؤكدة ، وصاحب الحال الجنة والناس.

المعنى :

(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ). بعد ان ذكر سبحانه ما حل بقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الهلاك والدمار بسبب تمردهم وفسادهم في الأرض قال عز من قائل : ما وجد في تلك الأمم ـ وكان ينبغي ان يوجد ـ أهل خير وصلاح يصدون الظالم عن الظلم ، والمفسد عن الفساد .. ولكن ظلم المترفون : وسكت عنهم آخرون ، فاستحق الجميع عذاب الله وغضبه (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ). المراد بهؤلاء القليل الأنبياء ومن آمن معهم ، ومن الجارة في (ممن) بيان للقليل ، وفي (منهم) للتبعيض ، وضمير الجماعة يعود الى القرون ، والمعنى ان الفئة المؤمنة التي أنجاها الله من الهلاك كانت تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، ولكن لا أمر لمن لا يطاع.

(وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ). المراد بما أترفوا فيه أموالهم وأملاكهم أي ان البقية الصالحة نهت المترفين عن الفساد في الأرض ، ولكن هؤلاء انقادوا الى الترف والنعيم ، وآثروا العاجلة على الآجلة ، وأصروا على الإثم والمعصية ، ولا سر إلا ترفهم ونعيمهم : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) ـ ٣٥ سبأ».

٢٧٧

(وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) وإلا تساوى لديه المحسن والمسيء ، والصالح والطالح حاشا لله : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً) ـ ١٤٦ النساء».

ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة :

منذ ان نزلت هذه الآية ، حتى اليوم ، وأكثر الناس ، أو الكثير منهم يقولون : ولما ذا لم يشأ ، ويا ليته شاء ليريح البلاد والعباد من احن الطائفية وويلاتها؟ ويتضح الجواب مما يلي:

١ ـ ينبغي قبل كل شيء أن نكون على يقين بأن الله سبحانه لا يريد لعباده وعياله ان يتباغضوا ويتناحروا ، كيف ، وهو القائل : «ولا تنازعوا فتفشلوا». وليس من الضروري إذا لم يكرههم على الوئام والوفاق ان يريد لهم النزاع والصراع .. فإذا قلت ـ مثلا ـ لا أحب أن يكون أولادي على رأي واحد في السياسة فليس معنى هذا انك تريدهم متقاتلين متناحرين.

٢ ـ ان للاكراه على الدين ـ بمعنى الاعتقاد ـ طريقين : الأول استعمال القوة. الثاني ان يخلق الله الايمان في القلب كما خلق اللسان في الفم ، والطريق الأول يتناقض مع مبدأ الدين نفسه ، بل ومنطق العقل أيضا ، لأن القوة لا تصنع الإيمان والاعتقاد ، بل العكس هو الصحيح فان الايمان الحق طريقه الأدلة والبراهين ، ومن أجل هذا عرض القرآن هذه الأدلة في أساليب شتى ، وحض الإنسان على النظر اليها وتدبرها ، لينتهي منها مختارا الى الايمان بالله ورسوله واليوم الآخر .. أما الأمر بالقتال من أجل الدين فالمراد منه القتال للعمل بشريعة الحق والعدل ، والحفاظ على سلامة المجتمع وأمنه.

أما الطريق الثاني ، وهو ان يخلق الله الايمان في قلب الإنسان فإنه يخرج الإنسان عن انسانيته ، ويجعل أفعاله بالنسبة اليه ، تماما كالثمرة على الشجرة ، لا ارادة له ولا كسب ولا تفكّر وتدبّر لخلق الكون وما فيه ، ولا استحقاق لمدح أو ذم ، ولا لثواب أو عقاب على شيء. وسبق الكلام عن ذلك عند تفسير الآية ٣٥ من سورة الأنعام ج ٣ ص ١٨٣ و ٣٨٨.

٢٧٨

والخلاصة ان الله سبحانه لم يشأ بطريق من الطرق أن يكره الناس على الايمان لأنه لو شاء لسلب عنهم صفة الانسانية ، وكانوا أشبه بالحيوانات والحشرات ، لا يتحملون أية تبعة ، ولا يحاسبون على شيء ، ولكن شاء الله سبحانه أن يميز الإنسان عن كل مخلوق ، ويرتفع به الى حيث لا شيء فوقه الا خالق الكون والإنسان .. ومحال أن يبلغ هذه العظمة من غير جهد واختيار ، ولذا أمده الله بالقدرة والإدراك والوجدان ، والهداية الى النجدين ، ثم ترك له حرية الاختيار ، ليتحمل وحده تبعة ما يختار ، وتتحقق له بذلك الانسانية الكافية الوافية.

فجاءت النتيجة أن يختلف الناس في عقائدهم وآرائهم. أنظر فقرة «ليس بالإمكان أبدع مما كان» ج ٢ ص ٣٨٤ ، وفقرة «الاختلاف بين الناس» ج ١ ص ٣١٨ (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) أي ان الناس اختلفوا فيما مضى ، وسيستمرون على هذا الاختلاف الى الأبد ، لأنه نتيجة حتمية لجعل الإنسان مخيرا غير مسير ، يتجه الى حيث شاء وأراد (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) والمراد بالمرحومين الذين يتوخون الحقيقة بإخلاص وتجرد ، وهؤلاء لا يتطاحنون ويتناحرون على الحطام ، وإذا اختلفوا فإنما يختلفون في الرأي ووجهة النظر «واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية». وتعدد وجهات النظر شيء مفيد ، لأن القول القوي هو الذي يكون قويا رغم وجود الأقوال الأخرى.

(وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) أي أن الله خلقهم لرحمته وللتراحم فيما بينهم ، وانما تشملهم رحمته تعالى إذا طلبوا الحق وعملوا به لوجه الحق. وقال أبو بكر المعافري الأندلسي في أحكام القرآن : ان الله خلق الناس ليختلفوا فيما بينهم ، لا ليتراحموا ويتعاطفوا ، لأن الله بزعمه يريد الشر والكفر والمعصية ـ على حد تعبيره ـ ولا ينطق بهذا الا شر الناس وأجرأهم على الله ، لأن من يعبد ربا يريد الشر فبالأولى أن يكون هو مريدا له .. وان أراد الله الشر والكفر والمعصية كما يقول هذا المعافري فأي فرق بينه وبين من قال : «لأغوينهم أجمعين»؟ سبحانه وتعالى عما يصفه الظالمون.

(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أي أنه تعالى يملأ جهنم بالعصاة أتباع الشيطان من الجن والإنس ، وفي هذا المعنى قوله تعالى خطابا لإبليس : (فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) ـ ٨٥ ص».

٢٧٩

وكلا نقص عليك الآية ١٧٠ ـ ١٢٣ :

(وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠) وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣))

اللغة :

نثبت نقوي. ومكانة الإنسان حاله التي تمكنه من العمل.

الإعراب :

كلا مفعول به لنقص عليك ، والتنوين عوض المضاف اليه المحذوف ، والتقدير وكل نبأ نقص ، ويجوز ان تكون كل مفعولا مطلقا على تقدير وكل القصص نقص عليك. ومن أنباء الرسل متعلق بمحذوف صفة لكل. وما نثبت به (ما) في موضع نصب بدلا من كل. وبغافل الباء زائدة اعرابا ، وغافل خبر ربك.

المعنى :

(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ). هذه اشارة الى السورة ، والذكرى التذكرة والاعتبار والمراد بتثبيت فؤاد الرسول (ص) أن يصبر ويتحمل الأذى في سبيل رسالته وتبليغها

٢٨٠