إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٢

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

__________________

عليه وسلم : مالك تشتم صاحبنا؟ فقال : وما أقول؟ قالوا : تقول انه عبد. قال : أجل ، هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها الى العذراء البتول ، فغضبوا وقالوا : هل رأيت إنسانا قط من غير أب؟ فأنزل الله عزوجل (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ) في كونه خلقا من غير أب (كَمَثَلِ آدَمَ) لأنه خلق من غير أب وأم (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ) يعنى لعيسى (كُنْ فَيَكُونُ) يعنى فكان.

فان قيل : ما معنى قوله (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) خلقا ولا تكوين بعد الخلق.

قيل : معناه خلقه ثم أخبركم أني قلت له : كن ، فكان من غير ترتيب في الخلق كما يكون في الولادة ، وهو مثل قول الرجل : أعطيتك اليوم درهما ، ثم أعطيتك أمس درهما ، أي ثم أخبرك أني أعطيتك أمس درهما ، وفيما سبق من التمثيل على جواز القياس دليل ، لأن القياس هو رد فرع الى أصل بنوع شبه ، وقد رد الله تعالى خلق عيسى الى آدم بنوع شبه.

قوله (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) الخطاب له صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمراد أمته.

ثم قال تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) أي جادلك في عيسى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بأن عيسى عبد الله ورسوله (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) أراد الحسن والحسين وفاطمة وعليا عليهم‌السلام ، والعرب تسمي ابن عم الرجل نفسه ، قيل في قوله نبتهل : نتضرع ، وقيل : نجتهد ونبالغ في الدعاء ، وقيل : نلتعن ، والابتهال : الالتعان. (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) منا ومنكم في أمر عيسى.

فلما قرأها عليهم قالوا : حتى نرجع وننظر في أمرنا ثم نأتيك غدا ، فخلا

٤١

__________________

بعضهم ببعض فقالوا للعاقب وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى؟ قال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبى مرسل ، وو الله ما لا عن قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم ذلك لتهلكن ، فان أبيتم الا الاقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلادكم.

فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ، فلا تبتهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني الى يوم القيامة. فقالوا : يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك وأن نتركك على دينك ونلبث على ديننا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فان أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم ، فأبوا ، فقال : فاني أنابذكم. فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي لك كل عام ألفي حلة ، ألفا في صفر وألفا في رجب ، فصالحهم على ذلك وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : والذي نفسي بيده ان العذاب قد تدلى على أهل نجران ، ولو تلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا.

قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال : أهل نجران عرب من بنى الحارث بن كعب ، وهم أول من أعطى الجزية من النصارى.

قلت : وأخبرني الشيخ أحمد بن حسن بن علي الحرازى أن نجران بادية في مشارق أرض اليمن بينها وبين صعدة مما يلي الشرق مسيرة أربعة أيام ، وهو واد كثير النخل ينسب اليه أهل اليمن القصب النجراني ، أكثرهم مسلمون وبه نصارى من بقية أولئك ، وهم أهل بادية يصنعون ، أكثر مواشيهم المعز ، والحاكم عليهم

٤٢

منهم العلامة الشيخ يسن بن ابراهيم السنهوتى الشافعي في كتابه «الأنوار القدسية» (ص ٢٢ ط السعادة بمصر) قال :

وأخرج مسلم عن سعد بن ابى وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : اللهم هؤلاء أهلي.

ومنهم العلامة الشيخ محمد بن داود بن محمد البازلى الكردي الحموي الشافعي المتوفى سنة ٩٢٥ في كتابه «غاية المرام في رجال البخاري الى سيد الأنام» (ص ٢١١ النسخة مصورة من مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال :

قال سعد بن ابى وقاص : لما نزلت قوله تعالى (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

ومنهم العلامة السيد عبد القادر بن محمد الحسيني في «عيون المسائل» (ص ٨٣) قال :

وعنه أيضا رضي‌الله‌عنه في حديثه الطويل قال في آخره : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

__________________

في وقتنا ـ وهي سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ـ امام الزيدية علي بن محمد الامام ، ثم توفي وخلفه ولده محمد ، يعرف بالسيد صلاح.

٤٣

ومنهم الشريف السيد عبد الله بن محمد الصديق بن احمد الحسنى الادريسى المؤمنى الغمارى الطنجى المعاصر المولود بثغر طنجة سنة ١٣٢٨ في «الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج» (ص ١٩٢ ط عالم الكتب في بيروت سنة ١٤٠٥) قال :

وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص رضي‌الله‌عنه قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي. رواه مسلم والترمذي وقال : حسن صحيح غريب ، ورواه الحاكم وزاد «وأدخلهم تحت ثوبه».

ومنهم العلامة عبد الغنى بن اسماعيل النابلسى الشامي في «زهر الحديقة في رجال الطريقة» (ص ١٧٣ والنسخة مصورة من إحدى مكاتب ايرلندة) قال :

وفي صحيح مسلم عن سعد بن ابى وقاص في حديث طويل قال في آخره : ولما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز بن محمد الرحبي الحنفي البغدادي في «فقه الملوك ومفتاح الرتاج» (ص ٤٧٢ ط بغداد) قال : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) فلما أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الخبر من الله عنه والفصل من القضاء بينه وبينهم

٤٤

وأمر بملاعنتهم ان ردوا ذلك عليه ، دعاهم الى المباهلة ، فقالوا : دعنا يا ابا القاسم نرجع وننظر في أمرنا ثم نأتيك ، فانصرفوا عنه ، ثم خلوا بالعاقب ـ وكان ذا رأيهم ـ فقالوا : يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبى مرسل ، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكن ، فان أبيتم الا ألف دينكم والاقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلادكم.

فأتوا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد غدا محتضنا للحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا ، وكان عليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ثم الحسين ثم فاطمة ثم علي فأدخلهم داخله ، ثم قال (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني الى يوم القيامة.

فقالوا : يا أبا القاسم ، رأينا أن لا نباهلك ، وان نقرك على دينك ، ونثبت على ديننا.

قال : فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا ، فأبوا.

قال : إني أحاربكم.

قالوا : مالنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا ، على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة ، ألف في صفر وألف في رجب.

فصالحهم على ذلك مع شروط له ، وشروط لهم سيأتي بيانهما.

٤٥

ومنهم العلامة الحافظ جمال الدين ابو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة ٧٤٧ في «تحفة الاشراف بمعرفة الأطراف» (ج ٣ ص ٢٩١ ط بيروت) قال:

حديث : لما أنزل الله هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) الحديث ، ت في التفسير (٤ النساء : ٩) عن قتيبة ، عن حاتم بن اسماعيل ، عنه به ، وقال حسن صحيح غريب.

ومنهم العلامة شهاب الدين احمد الشيرازي الشافعي الحسيني في «توضيح الدلائل» (ص ١٥٦ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة الملي بفارس) قال : وروى الامام الخطيب عن أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبارك وسلم حين خرج لمباهلة النصارى بى وبفاطمة والحسن والحسين.

ومنهم العلامة الشيخ ابو القاسم على بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص ١٤ ج ٣ والنسخة مصورة من مخطوطة) قال :

أخبرنا ابو القاسم بن السمرقندي ، أخبرنا عاصم بن الحسن بن محمد ، أخبرنا ابو عمر بن مهدى ، أخبرنا ابو العباس بن عقدة ، أخبرنا ، محمد بن احمد بن الحسن ، أخبرنا ابنا هاشم بن المنذر ، عن الحرث بن حصيرة ، عن ابى صادق ، عن ربيعة بن ناجد ، عن علي قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين خرج

٤٦

لمباهلة النصارى بى وبفاطمة والحسن والحسين.

وروى أيضا عن مجاهد قال : قلت لابن عباس رضي‌الله‌عنه : من الذين أراد النبي أن يباهل بهم؟ قال : علي وفاطمة والحسن والحسين والأنفس النبي وعلي.

وقال أيضا في ص ٣٢٢ :

عن سعد بن وقاص في جواب معاوية لما أمره بسب جامع الفضال والمناقب امير المؤمنين علي بن ابى طالب قال : لما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبارك وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، وقال : اللهم هؤلاء الأربعة أهلي. رواه الطبري وقال : أخرجه مسلم والترمذي.

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور فوزي جعفر في «على ومناوئوه» (ص ٤٠) قال :

ولما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) الآية ، دعا رسول الله «ص» عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

ومنهم العلامة ابو نعيم عبيد الله بن الحسن بن احمد بن الحسن بن احمد الحداد الاصبهانى في «الجامع بين الصحيحين» (ص ٥٣٤ والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتى بايرلندة) قال :

ولما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : هؤلاء أهلي.

٤٧

ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان الذهبي الشافعي الدمشقي في «سير اعلام النبلاء» (ج ٣ ص ٢٨٦ ط بيروت) قال :

قال هوذة : حدثنا عوف ، عن الأزرق بن قيس ، قال : قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسقف نجران والعاقب ، فعرض عليهما الإسلام ، فقالا : كنا مسلمين قبلك. قال : كذبتما انه منع الإسلام منكما ثلاث ، قولكما : اتخذ الله ولدا ، وأكلكما الخنزير ، وسجود كما للصنم. قالا : فمن ابو عيسى؟ فما عرف حتى أنزل الله عليه (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) الى قوله (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) [آل عمران ٥٩ ـ ٦٣] ، فدعاهما الى الملاعنة ، وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين وقال : هؤلاء بني. قال : فخلا أحدهما بالآخر فقال : لا تلاعنه فان كان نبيا فلا بقية. فقالا : لا حاجة لنا في الإسلام ولا في ملاعنتك ، فهل من ثالثة؟ قال : نعم الجزية ، فأقرا بها ورجعا.

وقال أيضا في ص ٣٨٧ :

معمر : عن قتادة ، قال : لما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ان يباهل أهل نجران ، أخذ بيد الحسن والحسين ، وقال لفاطمة : اتبعينا ، فلما رأى ذلك أعداء الله رجعوا.

ومنهم العلامة ابو عبد المعطى محمد بن عمر بن على النووي الجاوى الشاوى في «مراح لبيد» (ص ١٠٢ ط دار الفكر) قال :

(فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا) أي نخرج بأنفسنا «وأنفسكم» أي أخرجوا بأنفسكم «نبتهل» أي نجتهد في الدعاء ونخلصه أو نلاعن بيننا وبينكم (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ) فيما بيننا (عَلَى الْكاذِبِينَ) على الله في حق

٤٨

عيسى ، وهم من يقولون ان عيسى ابن الله أو انه اله.

روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما ذكر الدلائل على نصارى نجران ثم انهم أصروا على جهلهم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ان الله أمرني أن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم فقالوا : يا أبا القاسم حتى نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك غدا. فلما رجعوا الى قومهم قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبى مرسل ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكن ، فان أبيتم الا الاقامة على دينكم والإصرار على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلاكم. فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد خرج من بيته الى المسجد وعليه مرط من شعر أسود محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها رضي‌الله‌عنهم أجمعين ، وهو يقول لهؤلاء الأربعة : إذا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا. ثم قالوا : يا أبا القاسم رأينا أنا لا نباهلك وأن نثبت على ديننا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فان أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين ، فأبوا فقال : فاني أناجزكم القتال. فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة ألفا في صفر وألفا في رجب ، وثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح ، فصالحهم رسول الله على ذلك.

٤٩

ومنهم العلامة الشيخ ابو سعيد الخادمى في «البريقة المحمودية» (ج ١ ص ٢١١ ط القاهرة) قال :

أولها آية المباهلة (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) لأن المراد بالأنفس علي.

ومنهم العلامة الشيخ عبد الجبار بن محمد بن عبد الجبار في «تثبيت دلائل نبوة سيدنا محمد» (ص ١٩٤ والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتى بإيرلندة) قال :

ان نصارى نجران وغيرهم من النصارى دعاهم الى الإسلام فقالوا : أسلمنا قبلك ، فكذبهم في قولهم بأنهم قالوا : لله ولد ، وعظموا الصليب وأكلوا الخنزير ، فقال شيخ منهم كبير فيهم : من ابو عيسى؟ فسكت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان لا يعجل حتى يأمره الله ، فأنزل الله عزوجل (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ* إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) الى قوله (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

فقرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهم ذلك ، ثم دعاهم الى المباهلة ، وأخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة رضوان الله عليهم ، فقال واحد منهم لمن معه من النصارى : أنصفوا الرجل وتشاوروا ، وقال قائل منهم : انه لصادق ولئن باهلتموه ليحرقن. فقالوا له : لا نبارزك ، وكرهوا الإسلام وأقروا بالجزية وسألوه أن يقبلها منهم ، فأجابهم الى ذلك.

٥٠

ومنهم الفاضل الأمير احمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوى الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ١٠٢ ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

أخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن جابر قال رسول الله (ص): والذي بعثني بالحق لو فعلوا لأمطر الوادي عليهم نارا. قال جابر : فيهم نزلت (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).

قال جابر : أنفسنا رسول الله وعلي ، وأبناءنا الحسن والحسين ، ونساءنا فاطمة.

ومنهم العلامة الشيخ قرني طلبة بدوي في «العشرة المبشرون بالجنة» (ص ٢٠٦ ط مطبعة محمد على صبيح بمصر) قال :

وأخرج مسلم عن سعد بن ابى وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) إلخ ، دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

ومنهم العلامة صلاح الدين محمد بن شاكر الشافعي في «عيون التواريخ» (ج ١ ص ١٤٤ والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة جستربيتى في ايرلندة) قال :

وأما نصارى نجران فإنهم أرسلوا العاقب والسيد في نفر منهم الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأرادوا مباهلته ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين رضي‌الله‌عنهم ، فلما رأوهم قالوا : هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها ، ولم يباهلوه وصالحوه على ألفي حلة ثمن كل حلة أربعون درهما ، وعلى أن يضيفوا رسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ،

٥١

وجعل لهم ذمة الله وعهده ، وشرط عليهم أن لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به.

ومنهم العلامة محمد على الانسى في «الدرر واللئال» (ص ٢٠٨ ط بيروت) قال:

ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره حديث دعوة وفد نجران للمباهلة وهو الذي قرأ عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله تعالى (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) الآية. وفيه : وقد غدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم محتضنا للحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم: إذا أنا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا.

ومنهم العلامة الشيخ ابو الجود البترونى الحنفي في «الكوكب المضيء» (ص ٤٣) قال :

أخرج مسلم عن سعد بن ابى وقاص قال : لما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي.

ومنهم العلامة الشيخ ابو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسى المالكي المتوفى بعد سنة ١٢٧٨ في كتابه «الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة» (ص ٩ ط المطبعة الفاسية) قال :

وقال تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ

٥٢

أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) ـ الى ـ (الْكاذِبِينَ) ، قال في الكشاف : لا دليل أقوى من هذا على أن فضل أصحاب الكساء وهم علي وفاطمة والحسنان ، فهذا لما نزلت عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاحتضن الحسن وأخذ بيد الحسين ومشت فاطمة خلفه وعلي خلفها ، فعلم أنهم المراد من الآية.

وان أولاد فاطمة وذريتهم يسمون أبناءه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وينسبون اليه نسبة صحيحة نابعة في الدنيا والآخرة.

٥٣

الآية الرابعة

قوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) (سورة الأحزاب : ٢٥)

قد تقدم ما ورد من الأحاديث في نزولها في شأن سيدنا الأمير عليه‌السلام عن كتب العامة في ج ٣ ص ٣٧٦ وج ١٤ ص ٣٢٧ وج ٢٠ ص ١٣٩ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما مضى :

فمنهم الفاضل الأمير احمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوى الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ٧٠ ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

وفي الدر المنثور : أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه أنه كان يقرأ هذا الحرف (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بعلي ابن أبي طالب.

٥٤

الآية الخامسة

قوله تعالى (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) (سورة الأعراف : ٤٦).

قد تقدم ما ورد في نزولها في شأن سيدنا الأمير علي بن ابى طالب عليه‌السلام في ج ٣ ص ٥٤٣ وج ١٤ ص ٣٩٦ الى ص ٣٩٨ عن جماعة من أعلام العامة في كتبهم ، ونستدرك هاهنا النقل عمن لم نرو عنهم :

فمنهم العلامة المولوى الشيخ ولى الله اللكهنوى في «مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين» (ص ١٩) قال :

قوله تعالى (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) ثعلبى در تفسير آيه از ابن عباس آورده انه قال :

الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.

٥٥

ومنهم العلامة الشيخ ابو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسى المالكي المتوفى بعد سنة ١٢٧٨ في كتابه «الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة» (ص ٣٤ ط المطبعة الفاسية) قال :

وأخرج الثعلبي في تفسير قوله تعالى (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ) الآية.

عن ابن عباس أنه قال : الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي وجعفر يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ، ومبغضيهم بسواد الوجوه.

٥٦

الآية السادسة

قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (سورة الواقعة : ١٠)

قد تقدم ما ورد في شأن نزولها في سيدنا الأمير علي بن ابى طالب صلوات الله عليه في ج ٣ ص ١١٤ وج ١٤ ص ١٩٠ عن كتب العامة ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم ننقل عنها فيما مضى :

فمنهم العلامة الفاضل الأمير احمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوى الهندي في كتابه «تاريخ الأحمدي» (ص ٣٠ ط بيروت سنة ١٤٠٨) قال :

وفي الدر المنثور للسيوطي وفتح القدير للشوكاني : أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ). قال : يوشع بن نون سبق الى موسى ، ومؤمن آل يس سبق الى عيسى ، وعلي بن أبي طالب سبق الى رسول الله «ص».

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) وقال نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار الذي ذكر في يس وعلي بن أبي طالب ، وكل رجل منهم سابق أمته وعلي أفضلهم.

٥٧

الآية السابعة

قوله تعالى (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ)

(سورة الأعراف : ٤٣)

قد تقدم ما ورد من الأخبار في نزولها في شأن سيدنا الأمير علي بن ابى طالب صلوات الله عليه عن كتب أعلام العامة في ج ١٤ ص ٥٧٣ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم الشيخ ابو عبد الرحمن عبد الله بن احمد بن محمد بن حنبل المتوفى سنة ٢٩٠ في كتابه «السنة» (ص ٢٣٥ ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٤٠٥) قال :

حدثني أبي ، حدثنا سفيان ، عن أبي موسى وهو إسرائيل ابو موسى ، عن الحسن ، عن علي قال : فينا والله نزلت (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ).

٥٨

الآية الثامنة

قوله تعالى (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) (سورة الزخرف : ٤٥)

قد تقدم ما ورد من الأخبار في نزولها في شأن سيدنا الأمير علي بن ابى طالب صلوات الله عليه في ج ٣ ص ١٤٤ وج ١٤ ص ٢١٨ ، ونستدرك هاهنا عن كتب أعلام العامة التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم العلامة المفسر الشيخ ابو إسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة ٤٣٧ في «الكشف والبيان في تفسير القرآن» قال :

أخبرنا الحسن بن محمد الدينوري ، حدثنا ابو الفتح محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين الأزدي الموصلي ، حدثنا عبد الله بن محمد بن غزوان البغدادي ، حدثنا علي بن جابر ، حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله ومحمد بن اسماعيل ، قالا حدثنا محمد بن فضيل ، عن محمد بن سوقة ، عن ابراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتاني ملك فقال : يا محمد واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قال : قلت : على ما بعثوا؟ قال : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.

٥٩

الآية التاسعة

قوله تعالى (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)

(سورة الزخرف : ٥٧)

قد مضى ما ورد في نزولها في شأن سيدنا الأمام امير المؤمنين علي بن ابى طالب عليه‌السلام في ج ٣ ص ٣٩٧ وج ١٤ ص ٣٣٧ وج ٢٠ ص ١٤٤ وص ١٤٥ ، ونستدرك النقل هاهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم الفاضلان المعاصران الشريف عباس احمد صقر والشيخ احمد عبد الجواد المدنيان في «جامع الأحاديث» (القسم الثاني ج ٣ ص ٧٢٤ ط دمشق) قالا :

عن علي رضي‌الله‌عنه قال : جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ملأ من قريش ، فنظر الي وقال : يا علي انما مثلك في هذه الأمة كمثل عيسى بن مريم أحبه قومه فأفرطوا فيه فصاح الملأ الذين عنده وقالوا : شبه ابن عمه بعيسى ، فأنزل القرآن (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ).

٦٠