رحلة الهولندي الدكتور ليونهارت راوولف

رحلة الهولندي الدكتور ليونهارت راوولف

المؤلف:


المترجم: د. سليم أحمد خالد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٦٢

١

٢

٣
٤

كلمة الناشر

منذ الحملات الصليبية على الشرق العربي انتبه الأوروبيون إلى أهمية الشرق عامة والوطن العربي خاصة باعتبار هذه المناطق مفاتيح كنوز كبيرة معدنية وغذائية وبشرية واقتصادية وأسواق رائجة لبضائعها. لذا فقد وصل هذه البقاع العديد من الباحثين والمختصين يدرسون ويبحثون وينقبون عمّا ضمته هذه الأقطار من ثروات هائلة. ومن أقدم تلك الرحلات العلمية الأوروبية إلى الشرق بل وأهمها رحلة العالم والطبيب الهولندي الدكتور ليونهارت راوولف إلى الشرق التي وقعت في النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي. ومع أن الغاية الأساسية من هذه الرحلة كانت ـ كما هو معروف جمع النباتات والأعشاب التي لها علاقة بالطبّ والعلاج والتي تنمو في بلدان الشرق ، والشرق الأوسط بالذات فإن الجوهر الأصلي لها هو حثّ أوروبا على استعمار هذه البقاع وامتصاص خيراتها بكل الطرق والوسائل وهي بداية السيطرة والأطماع الأوروبية للشرق بأكمله.

طبعت هذه الرحلة باللغة الألمانية سنة ١٥٨١ م في ليدن ، ثم طبعت باللغة الإنكليزية سنة ١٦٩٣ م في لندن.

٥

أهداف الرحلة :

الهدف المعلن لهذه الرحلة التي قام بها الدكتور راوولف الهولندي إلى هذه المنطقة من شرقنا العربي هو التعرّف وجمع أنواع كثيرة من النباتات والأشجار التي تنبت في أراضي هذه البلدان والتحقق من فوائدها الغذائية وبالأخص الطبيّة.

وقد حفظت بشكل جيد النباتات التي جمعها راوولف خلال رحلته في أربعة مجلدات ضخمة حيث اعتبرت من أعظم الأشياء النادرة الغالية. وأصبحت ملك جامعة ليدن الهولندية.

وحاول راوولف أن يعود لبلده ومعه نماذج كثيرة من نباتات وأعشاب بلاد المشرق التي جاءها ، وركز جلّ اهتمامه على فوائد هذه النباتات الطبية بصورة أساسية للاستفادة منها في صناعة الأدوية. وفعلا تهيأت له بعض المقومات الناجحة لجمع العديد من نماذج نباتات الوطن العربي واعتبرت مصدرا هامّا من مصادر دراسة النباتات العربية. ومع أن رحلة ليونهارت راوولف كانت علمية بحتة فإنها رحلة قيّمة تخللها الصدق والأمانة في أكثر الأحيان في الوصف لكل شيء شاهده ، وبذلك فإنها تشكّل أساسا لدراسة الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للأقطار التي حلّ فيها ، ووصف ما شاهدته عيناه من أمور عجيبة وما صادفه من معوقات ومشاكل محزنة أحيانا. وهي بحق رحلة جامعة وشاملة ومفيدة. ووثيقة موضوعية عن الوضع العام للبلدان العربية إبان حكم الدولة العثمانية. ومن فوائد رحلة المشرق بشكل خاص وصفه لما حلّ ببغداد من كوارث ووباء الطاعون المميت والجوع المرعب والفيضان المدمر الذي أغرق هذه المدينة الجميلة بطغيانه.

بداية الرحلة :

عند ما خرج الرحالة راوولف في الثامن عشر من أيار سنة ١٥٧٣ م

٦

من مدينة او غسبرغ الهولندية كانت محطته الأولى في الشرق العربي مدينة طرابلس في لبنان. ومن بين ما وصفه عن المصنوعات صناعة الحرير وأشار إلى توفر كميات كبيرة من الحرير في مدينة دمشق وذلك لكثرة أشجار التوت أو التكي. قال إن هناك «.. كثرة فائقة من أشجار التوت الضخمة الشامخة ذات الأوراق الكثيرة التي تتغذى عليها دودة القز. علما أن ثمار التوت هذه تكون بيضاء اللون وتنقل في سلال وتباع للعامة».

التوت أو الفرصاد :

(الاسم العلمي Morus ، والإنكليزي Mulberry ـ tree) أشجار برية وزراعية من فصيلة التوتيات ، تنتشر في المناطق الحارة والمعتدلة.

وأنواعها المعروفة أكثر من ثلاثين نوعا وأشهرها التوت الأبيض Morus alba الذي يربى على أوراقه دود القز وهو الذي وصفه راوولف في رحلته. وفي العراق يسمى التكي وهذا النوع صيني الأصل ونقله العرب إلى أنحاء العالم الإسلامي خلال الفتوحات العربية الإسلامية.

ووصف أعشابا يستخرج منها مادة بوتاسية تستخدم في صناعة الصابون سماها شوان (Shvan) وهي غير ذلك قال : «ويستخرج هذا البوتاس أو القلى من أعشاب يطلق عليها العرب اسم شنان ، وهو على نوعين.

وأحد هذين النوعين لا يختلف عن نبات القلى المعروف إذ يتألف من نبتة سميكة كثيرة العقد ذات أغصان صغيرة تتفرع منها ولها في رؤوسها عدة عقد ومن تحتها أوراق مدببة.

أما النوع الثاني فتكون سيقانه كثيرة مليئة بالعقد وجذور ملونة.

وينمو هذان النوعان من الأعشاب بكميات هائلة حيث يتم حرقها وتحويلها إلى رماد فوق الجبال. وعند حرقها تسيل مادة زيتية تلتصق بالرماد فتصبح صلبة أشبه بالحجارة بعد أن تفقد حرارتها ويجلب المسلمون هذا الرماد من الجبال على ظهور الإبل فيبيعونه لبعض التجار

٧

الذين يتاجرون به فيصدرون قسما منه إلى البلاد الأجنبية بينما يصنعون من القسم الآخر مادة الصابون».

والأشنان أو الأشنان :

(الاسم العلمي Salicomia) والإنكليزي (Saltwort) نبات عشبي من فصيلة السرمقيات له ثمانية أنواع مواطنها حوض البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي سيقانها مفصلية دقيقة فروعها متقابلة ، عديمة الورق أزهارها سنبلية التجميع. ثمارها خفية الشكل صغيرة يستخرج منها ملح القلى بعد الحرق.

والنوع الذي قصده راوولف هو اشنان القلى (أبو قابس ، خريس (Salicomia herbacea.

وخلال وجوده في منطقة حلب السورية وصف أهم نباتاتها وأشجارها الغذائية والصناعية قائلا : «حلب محاطة بتلال صخرية وأوديتها ذات تربة طباشيرية ومع ذلك فلا تعوزها الحنطة ولا الشعير وغيرهما من الحبوب لأن أرضها خصبة ، ويبدأ الحصاد فيها عادة في شهري نيسان وأيار. ولا يوجد في هذه الأودية سوى القليل من أشجار البلوط ، والأعشاب الجافة ، ذلك لأن الجفاف فيها شديد وأرضها رملية في حين ترى التلال وعرة ملأى بالأدغال ليس فيها سوى القليل من العشب الجاف ، ولذلك وجدنا السكان يعلفون مواشيهم الشعير والتبن الذي تدوسه أدوات الدراسة التي تجرها الثيران. وكذلك وجدنا الأودية مليئة بأشجار الزيتون وهذا هو الذي جعل الأهلين هنا ينتجون في كل سنة مئات الألوف من أطنان زيت الزيتون الذي يستعمل في صناعة الصابون. وإلى جانب ذلك توجد بساتين كثيرة لأشجار اللوز والتين والسفرجل والتوت الأبيض والفستق الذي يجمعه المسلمون في فصل الربيع بكميات كبيرة فيملحونه ويقشرونه ويأكلونه مثلما نفعل نحن بنبات الجنجل ، جنجل : أعشاب عارشة من فصيلة القراصيات لها نوعان : الجنجل الشائع

٨

والجنجل الياباني تصل إلى ارتفاع ٨ أمتار. وهي من النباتات الزراعية الصناعية اسمها العلمي (Humulus) والإنكليزي ـ Hop.

وتكثر بساتين البرتقال والليمون والرمان والخوخ وغيرها غير أن ثمار التفاح والكمثرى تعد قليلة بالنسبة إلى الثمار الأخرى ، وتكون صغيرة الحجم وغير ملونة بالشكل المعروف في بلادنا. ويعقب ذلك وجود كثرة من حاصلات الرقي والبطيخ والخيار وما شاكلها فضلا عن وفرة أنواع الخضار. ولقد شاهدت ثلاثة أنواع من الباذنجان تختلف ألوانه بين الأسود والبني ، والفاصولية وغيرها من الخضار التي تباع بكثرة في الأسواق وتطبخ لتهيئة الطعام اليومي ، كما أنهم كثيرا ما يتناولون بعض هذه الخضروات وهي فجة أي دون طبخ.

وهناك نوع من اللوبياء أو الكستناء تطبخ أو تحمص ثم تنزع قشورها وهم يتناولونها عند ما يجلسون في المقاهي ، كما يقدمونها على مائدة الطعام بعد انتهاء الوجبات عوضا عن الحلويات أو الفواكه مثل الزبيب والجوز وغيرهما.

ويستمر راوولف في وصف النباتات التي شاهدها قائلا : «وهناك عدة نباتات تستعمل طعاما بالطبخ منها العدس. وهذا ذكرني بنبتة مماثلة يسميها العرب «ماش» وهي في شكلها وأوراقها تشبه نبتة الفاصوليا عندنا. ولقد أشار «سيرابيو» إلى هذه النبتة باسم «مليس» في الفصل ١١٦ من كتابه ، كما أشار إليها ابن سينا أيضا باسم «ميس» في الفصل ٤٨٨ من كتابه. غير أن العالم النباتي الشهير «كارلوسي كلوفيوس» سماها في كتابه «موجز النباتات الهندية» باسم «مونغو» وقد وجدت الأتراك يحبون تناول الماش (اسمه العلمي Phaseolus aureus» ـ P.mungo «) وبالإنكليزية (Mung bean) كثيرا ولا سيما مع الرز. والماش نبات عشبي زراعي حولي من فصيلة القرنيات الفراشية. تنتشر زراعة هذا النبات في أنحاء أقطار الشرق. الساق فرعاء قائمة ، أوراقه معنقة مركبة ثلاثية. وريقاتها بيضية

٩

النصل. الأزهار صفر خضر المواج. الثمار قرون أسطوانية ضيقة مستطيلة ، بزوره كروية الشكل سمراء اللون أو خضراء بالأسود. تحوي البذور على العناصر الغذائية التالية ٨٠ ، ٢٣% من المواد الأزوتية ، ٤٦ ، ١% من المواد الدهنية ، ١٥ ، ٦٢% من المواد النشوية.

وبعد ذلك تناول راوولف في وصف رحلته الشرقية هذه نباتا آخر يجلب من بلاد فارس (إيران) إلى مدينة حلب ، قال : «وهم يجلبون من بلاد فارس في أكياس من الجلد كميات كبيرة من (المن) يسمونه (طرنجبيل ـ (Trunschibill ويجمعونه من نبتة يسميها العرب «عاقول» و «الحاجي». ـ عاقول ، حاج ، زنجبيل العجم ، اشترغار ، الاسم العلمي (Alhagi mannifera ,Al ـ maurorum) والإنكليزي (Comel thom ,Hebrew (manna plant نبات عشبي ليفي معشوشب معمر من فصيلة القرنيات ، الساق شائكة فرعاء تصل إلى نحو ١٠٠ سم ، فروعه نحيلة الشوك ، أوراقه بسيطة كاملة مستطيلة ، وهو من النباتات التي تفرز المن ويقال إن منّ بني اسرائيل كان من فرزه لأنه كثير الوجود في صحراء سينا وهذا هو السبب الذي يجعله يمتزج مع أشواك صغيرة وقش أحمر اللون. ولهذا المن شيء من الحبوب أحيانا على غرار حبات (الكزبرة) عندنا. ولذلك فهو في كل مظاهره يشبه (المن) الموجود في بلادنا والذي نجنيه من شجر «اللاركس» كما أن هذا المن يشبه المن الذي تناوله الإسرائيليون الذي وفره الله فكان على شكل معجزة خارقة للطبيعة. اللاركس ـ (Larix Deciduamill) ومعنى اللاركس باللاتيني المتساقطة الأوراق أو المنفضة. واللاركس شجرة مخروطية ارتفاعها بين ٢٥ ـ ٣٠ مترا ، سمراء القلف راتنجية. وبزوره بيضوية الشكل سمراء اللون. وموطن هذه الأشجار جبال الألب ووسط وجنوب أوروبا. وتعرف شجرة اللاركس بالاسم العربي (الأرزيّة) وهذا الاسم من وضع الأمير مصطفى الشهابي رحمه‌الله.

أما المن الذي يسقط على الأشواك فقد أكده كل من (سيرابيو)

١٠

و (ابن سينا) في الفصول التي تناولا فيها هذه المادة من مؤلفاتهم وكانوا يسمونها (تسريابين) و (طرنجيين). كذلك عرفه العالم النباتي الشهير (كارلوس كلوفيوس) وأكده في كتابه (موجز النباتات الهندية) ولقد عثرت في أطراف حلب على بعض هذه الشجيرات التي يبلغ ارتفاعها حوالي ذراع وتتفرع منها عدة سيقان مدورة تنقسم بدورها إلى عدة أقسام كالزهرة ـ ويستخدم الأهلون هذه الشجيرات للتنظيف والتعقيم ، إذ إنهم يأخذون كمية منها يغلونها بالماء. طرنجيين ـ ترنجبين ـ منّ (manna) مادة من مزيج من السكر والمسنيت والدكسترين تفرزه بعض النباتات أو بواسطة حز اللحاء أو بتأثير وخز بعض الحشرات كقرمزية المن وغيرها. والطرنجبين أنواع عديدة تختلف باختلاف مصادرها وطرق جمعها. وما خلا ذلك فإن لديهم نوعا آخر من المن شبيه بالنوع السابق. وهذا النوع يرسل إلى بلادنا (كالبرية) عن طريق البندقية.

وقد جاء في الدراسات العلمية الحديثة أن المن أنواع كثيرة منها : ـ المن الذي يعرف باسم (ترنجبين) وهو عسل الندى وهو عبارة عن مادة سكرية تفرزها بعض النباتات إفرازا طبيعيّا أو بتأثير حشرة قرمزية المن القشرية (الاسم العلمي ـ (manna Scale in Sect coccus manni ferus ومن أهم هذه النباتات :

١ ـ الطرفاء النيلية (تكثر في صحراء سيناء) الاسم العلمي Variety , (Tamarix nilotica)) Mannifera ـ من الفصيلة الطرفاوية.

٢ ـ الشيح (الاسم العلمي ـ (Artemisia herba ـ alba) ـ من الفصيلة المركبة (الأنبوبية الزهر).

٣ ـ الحاج (نوع من العاقول أو شوك الجمل)(alhagi) (تكثر في أفغانستان وإيران) (الاسم العلمي ـ (Alhagi manniferum) من فصيلة القرنيات. وجاء ذكر هذا النبات في النصوص البابلية والنصوص الآشورية (عثر على نص في كركميش قرب حلب).

١١

٤ ـ شجر الخلاف (الاسم العلمي ـ (Salix Viminalis الاسم الإنكليزي (Osier) (نوع من الصفصاف القصير الورق) وينبت في الأماكن الرطبة. ويقع عليه الشير خشك وهو نوع من المن.

٥ ـ شجرة الميليز (Melissa) (حبق ترنجاني بادر نجوية) أو الترنجان (إغريقية) كما عرفه ابن البيطار ، يتبع الفصيلة الشفوية والمستعمل منه الأوراق له رائحة ليمونية ويسيل منه ما يسمى (بمن بربانسون).

٦ ـ الحزاز (نوع من الطحالب) وهي الأشنة أو شيبة العجوز كما سماها ابن البيطار. وهذه الأشنات تؤكل وتحتوي نشا كثيرا ويسمى هذا النوع (المن السماوي أو المن الساقط من السماء ويكثر (في إيران وحول جبال أرارات في تركيا).

٧ ـ الدردار (الاسم العلمي ـ (Fraxinus omus وهي أهم مصادر المن في الوقت الحاضر. (تكثر في جنوب أوروبا وبالأخص في إيطاليا). وقد سمى ابن البيطار هذا النبات (لسان العصفور) ولهذه النباتات أنواع كثيرة لكن الذي يهمنا هنا النوع الذي يسمى (لسان العصفور المزهرة أو الدردار المزهرة) وهي الشجرة التي تنتج المن وتسمى (ديش) كذلك. ويعتبر المن الجيد الذي يجلب من منطقة (كالابريا ـ في جزيرة صقلية الإيطالية) وهذا النوع نفسه الذي ذكره راوولف أنه شاهده في حلب. وهذا يؤكد أن هذه الأشجار قد نقلت إلى أوروبا عن طريق صقلية وهذا المن يتصف باللون الأصفر الجاف إلى البياض وله طعم حلو تتخلله مرارة خفيفة.

ويشير الدكتور جابر الشكري حول تكوّن المن بقوله : «والمن الذي يؤخذ من بعض أنواع أشجار الطرفاء أو الأثل أو غيرها يسيل من شقوق تحدثها بعض الحشرات التي تعيش على هذه الشجيرات ولا يستبعد أن

١٢

يكون لهذه الحشرات دخل في تكوين المن. وهذا النوع من المن هو المأخوذ من طور سيناء ، وورد ذكره في القرآن الكريم.

ويظن بعض العلماء أن المن الذي نزل على بني اسرائيل هو نوع من الأشنات تنبت على الحجر أو الشجر ، غنية بالنشا ، حلو الطعم يؤكل ، وليس هذا المن الذي نعرفه الآن.

إن المن من نوع الراتنجات أو الصموغ التي تنضح من النباتات ويحصل عليه من إحداث شقوق في لحاء الأشجار التي عمرها بحدود ثماني سنوات ، حيث يسيل النضح من هذه الشقوق ، ويجمع في أوعية خاصة أو يترك على اللحاء حيث يجف ثم يجمع». وأثناء وصفه مدينة حلب ذكر الدكتور راوولف أن هناك الكثير من نباتات التوابل تجلب لهذه المدينة من بلدان أخرى. قال : «وهم يجلبون إلى هنا كثيرا من الأفاويه من أمثال (الدار صيني) والدار صيني قرفة سرنديب ، قرفة سيلان ، دارسين (العراق) الاسم العلمي (Cinnamomum Zeylanicum) والإنكليزي (Common Cinnamom tree ,Cinnamon.

شجرة زراعية من الأفاوية ، موطنها سيلان وبعض مناطق الصين المتاخمة للهند. ساقها فرعاء تصل إلى عشرة أمتار في الارتفاع أزهارها صغيرة الحجم غبراء اللون. ازهرارها عنقودي التجميع. الثمار عنبية جميع أعضاء الشجرة عطرية تستخرج منها الأدهان والطيوب. ويستخرج من لحاء الساق والفروع صنف جيد من الأفاويه المسماة بالدارسين عندنا في العراق.

الفلفل والفلفل ـ لهذا النبات حوالي ٦٠٠ نوع ولكن يبدو أن الذي ذكره راوولف في رحلته هو الفلفل المسمى بالحلو أو فلفل إفرنجي اسمه العلمي (Pimenta) والإنكليزي (Allspice ,pimento وهي شجرة برية وزراعية من فصيلة الآسيات تكثر في البلاد الحارة ثمارها بقدر حبة

١٣

الحمص ، قرمزية اللون ، عطرة ، يستخرج منها عطر ويستعمل مسحوقها في الأكل كتابل ممتاز.

الهيل والهيل ـ يسمى أيضا هال ، هيلبوا ، قاقلة ، شوشمة ، شوشمير الاسم العلمي (Amomum) نباتات جذمورية طبية عطرية برية وزراعية من فصيلة الزنجيبليات من نباتات المناطق الحارة أنواعه عديدة ، تنتشر في الهند والهند الصينية وجزيرة جاوة والصين وسيلان. المستعمل منها بذورها المسماة (حب الهال أو الهيل). وهي بذورها ضمة ومنبهة للقلب وللقوة الجنسية طاردة للرياح ، مسكنة للمغص ومدرة للطمث وكذلك ادهانها. واعتقد أن الهيل الذي ذكره راوولف هو النوع المستورد من سيلان.

جوز الطيب وجوز الطيب ـ جوزبوا ، بسباسة ، الطيب ، الاسم العلمي (Myristica Fragrans) والإنكليزي (Nutmeg tree) من نباتات البلاد الاستوائية المستعمل من هذا النبات ثمارها شبه الكروية الشكل ، لحمية القشور أصفر اللون كالمشمش ، قطرها ٥ سم قشرة الثمرة تنفلق عند النضج عن جوزة خشبية الغلاف ، سمراء اللون. وجوز الطيب من التوابل العطرية المستحبة دهنها منبه شديد الفاعلية وهاضم وطارد للرياح وهذه النباتات أشجار هرمية الشكل تعلو إلى حوالي ١٠ أمتار. وقشر جوز الطيب وغيرها من الجذور الصينية التي يستعملها العرب بوفرة جذور ثمينة يسمونها «الراوند» والراوند ـ الاسم العلمي (Rheum) والإنكليزي (Rhubarb). نباتات عشبية جذمورية طبية معمرة من فصيلة البطباطيات ، أنواعه كثيرة ، كبيرة الحجم. ضمية الأوراق أزهارها عثكولية الثمار عنبية.

ونتابع وصف الدكتور راوولف للنباتات من خلال رحلته المشرقية هذه فيقول :

«من بين المواد التي يجلبها التجار من الهند بعض القصب الطويل

١٤

الصلب الممتلىء بمادة لزجة ذات لون أصفر. ويكون هذا القصب على نوعين قصير وطويل. فأما الطويل فهو أصلب ويستعمله الشيوخ والعرج بدلا من العكاكيز أما النوع الآخر فيصنعون منه القسي والسهام حيث تجد الأتراك يغلفونها بأغلفة حريرية مختلفة الألوان ويتباهون بها كثيرا.

كذلك توجد في الحوانيت أنواع أخرى من القصب القصير المجوف الصقيل ذي الألوان البنية والحمر. وهذه الأنواع يستعملها الأتراك والمسلمون وغيرهم من أبناء الأقطار الشرقية لغرض الكتابة بها ، ذلك أنهم لا يستعملون ريش الإوز لهذا الغرض. وفضلا عن ذلك يوجد نوع من العصي يجلبها الحجاج معهم من «مكة» حين يذهبون لزيارة قبر نبيهم (محمد) صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وأهل تلك البلاد ولا سيما العرب يحملونها معهم على ظهور الخيل بدلا من الرماح لأنها قوية وطويلة وخفيفة ...».

ربما قصد هنا الدكتور راوولف القصب الهندي (Canneguin ghan) الذي يصل طوله في النمو إلى أربعة أمتار ، في داخل التجويف مادة سكرية صفراء اللون. وعني بوصفه هذا القصب الصيني Canne) (dechine وهو أصفر اللون متوسط الارتفاع ينتشر في الصين والهند والهند الصينية كان التجار العرب يجلبونه من الهند على متن السفن.

وهناك أنواع عديدة يجلبها التجار العرب المسلمون من الهند والصين من القصب الذي كان يستعمل فعلا لأغراض الكتابة وكسهام ورؤوس للحراب المستعملة في الحروب ومن أشهر هذه الأنواع القصب الفارسي (Arundo isiaca).

ويستغرب الدكتور راوولف من وجود شراب غريب عرفه بالقهوة كان في وقته غير معروف في أوروبا. ولنستمع لوصفه : من بين الأشربة التي يتعاطونها في هذه البلاد ، شراب حسن جدّا يسمونه «قهوة» أسود اللون كالجير تماما ، وهو مفيد جدّا للمرض ولا سيما أمراض المعدة ... وهم يصبّونه في أقداح صينية وهو جدّا ساخن فيرفعون القدح

١٥

إلى شفاههم لكنهم لا يتناولون منه سوى شفة واحدة بين آونة وأخرى.

وتدار عليهم هذه الأقداح حين يجلسون وهم يصنعون في هذا الماء ثمرة يدعونها (بنرو ـ (Bunru) ، هي في حجمها وشكلها ولونها تشبه ثمرة التوت ، ولها قشرتان رقيقتان تحيطان بها. وقد انبأوني عنها بأنهم يجلبونها من الهند».

القهوة أو البن التي ذكرها راوولف هي شجيرات برية وزراعية (الاسم العلمي  Coffea) والإنكليزي (Coffee tree). موطنها الأصلي الحبشة وقد انتقلت بواسطة العرب إلى اليمن والهند وأمريكا الجنوبية ، وهي من نباتات المناطق الحارة الاستوائية. أوراقها دائمة الخضار. وأزهارها بيض عطرية. المستعمل منها حبوبها المنبسطة أخدودية من الداخل ، لونها أخضر باهت. والقهوة هي نقيع البن المحمص المسحوق المغلي في الماء.

عندما وصل راوولف مدينة الفلوجة الحالية في محافظة الأنبار عن طريق نهر الفرات قادما من حلب قال : «لم أر هنا أية نباتات تستحق الاهتمام سوى الخلجان الذي يسمى عندنا في هولندا باسم (السذاب) وهو ينمو بكثرة في الوديان الجافة. كما شاهدنا على مقربة من الطريق أول نوع من شجرة نسميها نحن (سم الكلب) وهي بأوراقها وعذوقها تشبه (شجرة الخالندين) شبها كبيرا. كما شاهدنا مساحات شاسعة من الأراضي مزروعة بنوع من القمح التركي ندعوه «جلجان» بالإضافة إلى مساحات أخرى زرعت بالقطن وبأشجار (الأيسولا) المليئة بالحليب وهي تغطي مساحات واسعة من الأراضي الخالية التي يمكن زرعها بالقمح.

ولقد وجدنا هنا نبتة (السمقونيا) التي يؤتى بها إلى حلب والتي يمكن مزجها مع حبات الأيسولا. وعلى مقربة من المدينة كانت أشجار (الأكاسيا) تنمو بكميات وفيرة وهم يسمونها هنا باسم (الشوك) والشاموك وثماره أكبر حجما وأكثر وفرة مما رأيت من أمثاله في أي مكان آخر».

١٦

والخالنجان أو الخولنجان (الاسم العلمي ـ (Alpinia galanga والإنكليزي (galingale) عشب أملس ريزومي معمر طبي ، له رائحة عطرية طعمه شديد الحرافة ، والجزء المستعمل طيبا هو الريزومات. وهو ليس السذاب كما أشار بذلك راوولف وأوراقه تشابه أوراق السذاب وبالإضافة إلى استعماله الطبي يعتبر قابلا حسنا ذا نكهة طيبة.

وكان العرب يشربونه مغليّا في اللبن ضد السعال والبرد وكمقو للباه ، ونقل العقار إلى أوروبا وظل يستعمل كمنبه عطري معوي إلى عهد قريب.

ونبات (سم الكلب أو قاتل الكلب) الذي ذكره راوولف يسمى أيضا (خوشان ، خانق الكلب) اسمه العلمي (Apocynum) والإنكليزي (Indianhemp ,Dogsbanc) شجيرات طبية معمرة من فصيلة الدفليات ، ساقها وفروعها ليفية منتصبة ، أزهارها صغيرة جريسية ، ثمارها نحيلة مستطيلة ، بزورها دقيقة. يستفاد من البزور والأوراق في عدة مستحضرات طبية مسهلة ومقيئة. ويستخرج من الألياف خيوط كالقنب.

وذكر راوولف عن قمح سماه الجلجلان وهو ليس بقمح إنما هو السمسم أو السمسق (الاسم العلمي Sesamum oleifrum والإنكليزي (Sesame ,Gingelly ,Gingili). نبات عشبي حولي زراعي دهني من السمسقيات ، جذوره وتدية يستفاد من بزوره الزيتية التي يستخرج منها بالعصر. والبزور الصغيرة الحجم مفلطحة إهليلجية ، لونها يختلف بألوانها ما بين الأبيض والتبني والأصفر والأسمر والأسود. يكثر في الهند وبلاد الشرق العربي. وذكر راوولف نباتا سماه الأيسولا (Esula) ، وهو عشب يسمى في العراق باسم (الزريقة) بتشديد الراء.

يجمع البدو بزورها السمراء اللون وهي بحجم حبة العدس حيث يحمصونها ومن ثم يأكلونها وتضم أوراق هذه النباتات مادة حليبية.

١٧

وذكر راوولف نبات السمقونيا (المحمودة) (الاسم العلمي (Convolvulus Scammonia ,C.Syriacus. والإنكليزي Scammony Plant). نبات عشبي طبي ليفي عارش من فصيلة اللبلابيات. أزهاره بوقية الشكل ، صفراء اللون مشربة البياض. يستخرج من جذوره عصارة راتنجية صمغية لها استعمالات كثيرة في الطب.

ونوع أشجار الأكاسيا أو الأقاقيا التي ذكرها الدكتور راوولف الأكاسيا العربية أو سنط عربي أو قرظ أو شوكية قبطية ، الاسم العلمي (Acacia arabica) والإنكليزي (Gum ـ Arabic tree).

شجرة برية وزراعية مبذولة تكثر في الشرق العربي. ويستخرج منها الصمغ الأحمر. وأغصانها مشوكة مما حدا بأكثر الناس أن يعتبروها أحد أنواع الشوك وأزهارها ذات عطر حسن. ووصف راوولف نباتا يصطاد بواسطة بذوره الأسماك في نهر دجلة عند مكوثه في بغداد قائلا : «وحين أراد ملاحو قاربنا اصطياد السمك شرعوا يرمون في النهر بحبات ممزوجة بمادة (الكوكولوس ـ (Cocculos وهو ثمر يسمونه (دم السمك) فبعد أن يطفو السمك على سطح الماء تماما يقفز الملاحون من القارب ويمسكون بأعداد منه». والكوكولوس التي ذكرها راوولف في رحلته نبات يسمى سم السمك أو قاتل الحوت (سمي كذلك لأنه يقتل السمك إذا خلط بالماء) ـ سيكران الحوت ويسمى بالفارسية (ماهيزهره ـ ماهيز هرج أي سم السمك) من العائلة (Menispermaceae) واسمه العلمي Anamirta) (Cocculus ,Anamirta paniculata والإنكليزي (Cocculus indicus plant).

وعندنا في العراق يعرف باسم (الزهر) لثمر هذه العشبة البرية ، وهذا الثمر عبارة عن بذور مثل بزور الفلفل أسمر اللون يحتوي على مادة سامة يستعملها صيادو السمك بعد أن تسحق وتخلط بالعجين أو أي مادة أخرى وتلقى في النهر وعند ما تتناولها الأسماك تتسمم وتطفو على الماء وهو صيد سهل لكن القانون العراقي يحرم العمل به بشكل صارم.

١٨

وجاء في الموسوعة في علوم الطبيعة الجزء الأول ، ص ٥٧٠ : (سنديل «الاسم العلمي» Anamirta paniculata والإنكليزي» Cocklesplant ,Cocculusindicus «نبات بري وزراعي معمر وحيد الجنس والنوع من فصيلة القمريات. موطنه البلاد الحارة أخصها الآسيوية. ثماره طيبة مخدرة ، مسهلة ومقيئة شائعة الاستعمال تدعى سم السمك).

وذكر راوولف نبات الزرنب وقال إن جذور هذا النبات تستعمل في معالجة أوجاع الظهر. وهذا النبات المسمى أيضا (زرنباد ، زرنبة اسمه العلمي (Zingiber Zerumbet ,Amomum Zerumbet والإنكليزي Wild) (ginger ,Broad ـ leaved ginger.

هو نبات بري طبي جذموري من فصيلة الزنجبيليات. له عطر نافع للفم ويزيل روائح البصل والثوم منه. وهو كذلك منبه معوي يحلل الرياح ويقوي القلب ، الساق منتصبة حولي يصل من ١٠٠ ـ ١٢٠ سم بالارتفاع ، أزهاره هامية كبيرة الحجم ذات لون كبريتي محمر.

وله أيضا فوائد طبية أخرى لمعالجة أوجاع المفاصل والظهر وغيرها. وأشار الدكتور راوولف أثناء سفره في نهر الفرات في إحدى السفن الصغيرة متوجها إلى العراق قادما من سوريا إلى مجموعة من النباتات قائلا : «وكنت اغتنم الفرصة حين نزولنا إلى اليابسة فأروح أفتش عن النباتات القريبة في المكان. وقد عثرت على أنواع خاصة من نبتة «الأزهار المحززة» وهي تشبه النوع المعروف منه في بلادنا لكن ليس لها ذات ميزته ، ونوع من شجر (العجرم) من فصيلة ذكرها المؤرخ «كلوفيوس» وهو ذو أوراق سميكة تشبه شجرة (الودنة) فضلا عن السذاب ونوع غريب من الصفصاف يسميه السكان باسمه القديم هو (الغرب) ، بالإضافة إلى الطرفاء وهي من أنواع كبيرة وعالية تشبه أشجار التوت والنخيل مما يمكن مشاهدتها من بعيد بسبب ضخامتها وارتفاعها وهي

١٩

تشبه الطرفاء في بلادنا لكنها أكثر ضخامة وارتفاعا ، وأوراقها طرية ذات رؤوس وردية الألوان».

والعجرم ـ (باقل ـ ثغام «الجزائر» ـ بلبل «بربرية» ـ شعران «العراق» ـ نشمة. (الاسم العلمي Anabasis articulata ,Anabasis (prostrata أشجار شائكة من أنواع العفص من الفصيلة (Salsolaceae) ونبات الودنة (House leek) شجيرة صغيرة لها سوق سميكة وأزهارها وردية اللون.

وجاء ذكر السذاب في وصف راوولف وهو سذاب البر وهو عشب طبي بري (اسمه العلمي (Ruta montana) والإنكليزي Mountain rue ,wild) (rue. يرتفع إلى حوالي ٨٠ سم. ساقه ليفية خميلة اللحاء. الأزهار ، صفر باهتة.

واندهش راوولف من أحد أنواع أشجار الصفاف الذي اعتبره نباتا غريبا. والذي ذكره الدكتور راوولف هو الصفصاف مستح أو الصفصاف الرومي وهو غرب (واحدته غربة) وهي (الخلاف أيضا) ، صفصاف رومي (مصر) ، إطا (يونانية (Itea (الاسم العلمي (Salix babylonica والإنكليزي (Weeping Willow ,Mourning Willow) شجرة متوسطة الحجم تصل إلى ارتفاع عشرة أمتار ، فروعها منبسطة ، أوراقها سنانية ضيقة ، يحب الأراضي الكثيرة الماء ، يستفاد من سيقانها في بعض الصناعات الخشبية.

والطرفة التي ذكرها راوولف من خلال رحلته هو (الأثل العراقي المسمى طرفة أو أثل دجلة ـ (Tamarixtigrensis). وهي أشجار وشجيرات من فصيلة الأثليات أو الطرفيات أوراقها حرشفية ، أزهارها سنبلية التجميع صغيرة بيض أو وردية اللون. ينمو في جميع الأتربة من الرملية الصحراوية إلى الطينية ومن الجافة إلى المائية وهو يصلح للسياجات الحية قرب الشواطئ فهو لا يتأثر بالأملاح البحرية ، يستفاد من أخشابه في عدة صناعات زراعية وصناعة السفن الصغيرة والمتوسطة. ويوجد نوع

٢٠