إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٩

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

عبد المطلب ـ : يا رسول الله رأيت رؤيا أعظمك أن أذكرها لك. قال : اذكريها. قالت : رأيت كأن بضعة منك قطعت فوضعت في حجري. فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ان فاطمة حبلى تلد غلاما أسميه حسينا وتضعه في حجرك. قالت : فولدت فاطمة حسينا فكان في حجري أربيه ، فدخل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما وحسين معي فأخذه بلاعبه ساعة ثم ذرفت عيناه. فقلت : يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال : هذا جبرئيل يخبرني أن أمتي تقتل ابني هذا.

«الحديث الخامس والعشرون»

رواه في (ص ١٨٤):

بسنده عن سعيد بن جمهان أن جبرئيل أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بتراب من تربة القرية التي قتل فيها الحسين وقيل : اسمها كربلاء. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كرب وبلاء.

«الحديث السادس والعشرون»

رواه في (ص ١٨٥):

بسنده عن محمد بن صالح أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين أخبره جبرئيل أن أمته ستقتل حسين بن علي ، فقال : يا جبرئيل أفلا أراجع فيه؟ قال : لا لأنه أمر قد كتبه الله.

«الحديث السابع والعشرون»

رواه في (ص ٢٣٩):

٤٠١

بسنده عن أنس بن الحرث قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : ان ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يقتل بأرض يقال لها كربلاء ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره.

«الحديث الثامن والعشرون»

رواه في (ص ٢٤١):

بسنده عن ابن عباس قال : أوحى الله تعالى الى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وأنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا.

«الحديث التاسع والعشرون»

رواه في (ص ٢٤١):

عن ابن سيرين قال : لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا الا على الحسين بن علي.

«الحديث الثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٢):

بسنده عن خليفة قال : لما قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهارا حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر.

٤٠٢

«الحديث الحادي والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٣):

بسندين عن ابن مسهر ، حدثتني جدتي قالت : كنت أيام الحسين جارية شابة فكانت السماء أياما علقة.

«الحديث الثاني والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٣):

بسنده عن خلاد صاحب السمسم ـ وكان ينزل بني جحدر ـ قال : قالت : كنا زمانا بعد مقتل الحسين وان الشمس تطلع محمرة على الحيطان والجدران بالغداة والعشي ، قالت : وكانوا لا يرفعون حجرا الا وجدوا تحتها دما.

بسنده عن عيسى بن الحارث الكندي قال : لما قتل الحسين مكثنا سبعة أيام إذا صلينا العصر نظرنا الى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا الى الكواكب يضرب بعضها بعضا.

«الحديث الثالث والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٣):

بسنده عن الربيع بن منذر الثوري عن أبيه قال : جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين فرأيته أعمى يقاد.

٤٠٣

«الحديث الرابع والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٤):

بسنده عن نصرة الازدية ، قالت : لما أن قتل الحسين بن علي مطرت السماء دما فأصبحت وكل شيء لنا ملآن دما.

«الحديث الخامس والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٤):

بسنده عن أبي قبيل قال : لما قتل الحسين بن علي كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي.

«الحديث السادس والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٥):

بسنده عن محمد ، قال : تعلم هذه الحمرة في الأفق مم هو؟ فقال : من يوم قتل الحسين بن علي.

«الحديث السابع والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٥):

بسنده عن محمد بن سيرين ، قال : لم تكن ترى هذه الحمرة في السماء حتى قتل الحسين بن علي.

٤٠٤

«الحديث الثامن والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٦):

بسنده عن جعفر بن سليمان ، قال : حدثتني خالتي أم سالم قالت : لما قتل الحسين بن علي مطرنا مطرا كالدم على البيوت والجدر.

«الحديث التاسع والثلاثون»

رواه في (ص ٢٤٦):

روى بسنده عن بواب عبيد الله بن زياد أنه لما جيء برأس الحسين فوضع بين يديه ، رأيت حيطان دار الامارة تتساير دما.

«الحديث الأربعون»

رواه في (ص ٢٤٧):

بسنده عن ام حيان قالت : يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثا ، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئا فجعله على وجهه الا احترق ، ولم يقلب حجر بيت المقدس الا أصبح تحته دم عبيط.

«الحديث الحادي والأربعون»

رواه في (ص ٢٤٧):

٤٠٥

بسنده عن معمر قال : أول ما عرف الزهري أنه تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك ، فقال الوليد : أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري ـ زاد عبد الكريم وابن السمرقندي : بلغني. وقالوا : ـ انه لم يقلب حجر الا ـ زاد ابن السمرقندي. وجد تحته. وقال البيهقي الا ـ وتحته دم عبيط.

«الحديث الثاني والأربعون»

رواه في (ص ٢٤٨):

بسنده عن عمر بن علي عن أبيه ، قال : أرسل عبد الملك الى ابن رأس الجالوت فقال : هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت : ما كشف يومئذ حجر الا وجد تحته دم عبيط.

«الحديث الثالث والأربعون»

رواه في (ص ٢٤٨):

بسنده عن يزيد بن أبي زياد ، قال : قتل الحسين ولي أربعة عشر سنة. وقال : وصار الورس الذي كان في عسكرهم رمادا ، واحمرت آفاق السماء ، ونحروا ناقة له في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.

«الحديث الرابع والأربعون»

رواه في (ص ٢٤٩):

٤٠٦

بسنده عن ابن أبي حفصة السلولي قال : ان كان الورس من ورس الحسين يقال به هكذا فيصير رمادا.

«الحديث الخامس والأربعون»

رواه في (ص ٢٤٩):

بسنده عن أم عيينة : أن حمالا كان يحمل ورسا فهوى قتل الحسين بن علي فصار ورسه رمادا.

«الحديث السادس والأربعون»

رواه في (ص ٢٤٩):

رواه بسنده عن أبي حميد الطحان ، قال : كنت في خزاعة فجاءوا بشيء من تركة الحسين ، فقيل لهم : ننحر أو نبيع فنقسم؟ قالوا : انحروا. قال : فنحر فجعل على جفنة فلما وضع صارت نارا.

«الحديث السابع والأربعون»

رواه في (ص ٢٥٠):

بسنده عن جميل بن مرة ، قال : أصابوا إبلا في عسكر الحسين يوم قتل فنحروها وطبخوها ، قال : فصارت مثل العلقم فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئا.

٤٠٧

«الحديث الثامن والأربعون»

رواه في (ص ٢٥٠):

بسنده عن شيخ من النخع قال : قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم. فقام قوم فذكروا بلاءهم ، وقام سنان بن أنس فقال : أنا قاتل الحسين ، فقال الحجاج : بلاء حسن ، ورجع سنان الى منزله فاعتقل لسانه وذهب عقله ، فكان يأكل ويحدث في مكانه.

«الحديث التاسع والأربعون»

رواه في (ص ٢٥١):

بسندين عن أبي رجاء قال : لا تسبوا عليا ، يا لهفتا على أسهم رميتهم بهن يوم الجمل مع ذاك لقد قصرن ـ والحمد لله ـ عنه. ثم قال : ان جارا لنا من بلهجيم جاءنا من الكوفة ، فقال : ألم تروا الى الفاسق ابن الفاسق قتله الله يعني الحسين بن علي. قال : فرماه الله بكوكبين في عينيه فذهب بصره لعنه الله.

«الحديث الخمسون»

رواه في (ص ٢٥٢):

روى بسنده عن أبي زحر بن حصين ، انبأنا اسماعيل بن داود بن اسد ، حدثني أبي ، عن مولى لبني سلامة قال : كنا في ضيعتنا بالنهرين ونحن نتحدث بالليل ، ما أحد ممن أعان على قتل الحسين خرج من الدنيا حتى يصيبه بلية قال :

٤٠٨

وكان معنا رجل من طيء فقال الطائي : أنا ممن أعان على قتل الحسين فما أصابني الأخير. قال : وغشى السراج ، فقام الطائي يصلحه فعلقت النار في سباحته ، فمر يعدو نحو الفرات فرمى بنفسه في الماء ، فتبعناه فجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار على الماء فإذا ظهر أخذته حتى قتلته.

«الحديث الحادي والخمسون»

رواه في (ص ٢٥٤):

بسنده عن ابن السدي عن أبيه قال : كنا غلمة نبيع البز في رستاق كربلاء ، قال : فنزلنا برجل من طيء ، قال : فقرب إلينا العشاء قال : فتذاكرنا قتلة الحسين ، قال : فقلنا ما بقي أحد ممن شهد كربلاء من قتلة الحسين الا وقد أماته الله ميتة سوء ـ أو بقتلة سوء ـ قال : فقال : ما أكذبكم يا أهل الكوفة تزعمون أنه ما بقي أحد ممن شهد قتلة الحسين الا وقد أماته الله ميتة سوء ـ أو قتلة سوء ـ واني لممن شهد قتلة الحسين وما بها أكثر ما لا مني. قال : فنزعنا أيدينا عن الطعام ، قال : وكان السراج يوقد ، قال : فذهب ليطفئ السراج. قال : فذهب ليخرج الفتيلة بإصبعه ، قال : فأخذت النار بإصبعه ، قال : ومدها الى فيه فأخذت بلحيته ، قال : فحضر ـ أو قال : فأحضر ـ الى الماء حتى ألقى نفسه فيه قال : فرأيته يتوقد فيه النار حتى صار حممة.

«الحديث الثاني والخمسون»

رواه في (ص ٢٥٦):

٤٠٩

بسندين عن سفيان قال : حدثتني امرأتي قالت : أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين ، فأما أحدهما فطال ذكره حتى كان يلفه ، وأما الآخر فكان يستقبل الراوية فيشربها حتى يأتي على آخرها. قال سفيان : أدركت ابن أحدهما به خبل أو نحو هذا.

بسنده عن علقمة بن وائل ـ أو وائل بن علقمة ـ أنه شهد ما هناك قال : قام رجل فقال : أفيكم الحسين؟ قالوا : نعم. قال : أبشر بالنار. قال : بل أبشر برب رحيم وشفيع مطاع من أنت؟ قال : أنا جويزة. قال : اللهم جزه الى النار. فنفرت به الدابة فتعلقت به رجله في الركاب ، فوالله ما بقي عليها منه الا رجله.

«الحديث الثالث والخمسون»

رواه في (ص ٢٥٧):

بسندين عن أنس بن مالك ، قال : لما أتي برأس الحسين ـ يعني الى عبيد الله ابن زيا ـ قال : فجعل ينكت بقضيب في يده ويقول : ان كان لحسن الثغر ، فقلت : والله لأسوأنك ، لقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه.

«الحديث الرابع والخمسون»

رواه في (ص ٢٥٩):

بسنده عن السبيعي ، أنبأنا زيد بن أرقم ، قال : كنت عند عبيد الله بن زياد لعنه الله ، إذ أتي برأس الحسين بن علي فوضع في طست بين يديه ، فأخذ

٤١٠

قضيبا فجعل يفتر به عن شفتيه وعن أسنانه ، فلم أر ثغرا قط كان أحسن منه كأنه الدر ، فلم أتمالك أن رفعت صوتي بالبكاء ، فقال : ما يبكيك أيها الشيخ؟ قال قلت : يبكيني ما رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبل بعض موضع هذا القضيب ويلثمه ويقول : اللهم اني أحبه.

«الحديث الخامس والخمسون»

رواه في (ص ٢٦٠):

بسنده أن زيد بن أرقم خرج من عنده ـ يعني ابن زياد ـ يومئذ وهو يقول : أما والله لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : اللهم اني أستودعكه وصالح المؤمنين ، فكيف حفظكم لوديعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

«الحديث السادس والخمسون»

رواه في (ص ٢٦١):

بسنده عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار أغبر أشعث وبيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل منذ اليوم النقطة.

«الحديث السابع والخمسون»

رواه في (ص ٢٦٣) :

بسنده عن سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت : ما يبكيك؟

٤١١

قالت : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت : مالك يا رسول الله؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفا.

«الحديث الثامن والخمسون»

رواه في (ص ٢٦٦):

بخمسة أسانيد أخبرني عمار ، قال : سمعت أم سلمة قالت : سمعت الجن يبكين على الحسين. قال : وقالت أم سلمة : سمعت الجن تنوح على الحسين.

«الحديث التاسع والخمسون»

رواه في (ص ٢٧١):

بثلاثة أسانيد أخبرني امام مسجد بني سليم قال : غزا أشياخ لنا الروم فوجدوا في كنيسة من كنائسهم : كيف ترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب.

«الحديث الستون»

رواه في (ص ٢٧٣):

بسنده عن أبي قبيل قال : لما قتل الحسين بن علي احتزوا رأسه وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ ويتحيون بالرأس فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب بسطر دم :

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب.

فهربوا وتركوا الرأس ثم رجعوا.

٤١٢

«الحديث الحادي والستون»

رواه في (ص ٢٩٨):

بسنده عن الفضل بن الزبير ، قال : كنت جالسا عند شخص ، فأقبل رجل فجلس اليه ورائحته رائحة القطران فقال له : يا هذا أتبيع القطران؟ قال : ما بعته قط. قال : فما هذه الرائحة؟ قال : كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد ، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد ، فلما جن علي الليل رقدت فرأيت في نومي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه علي وعلي يسقي [ظ] القتلى من أصحاب الحسين ، فقلت له : اسقني فأبى. فقلت يا رسول الله مره يسقيني. فقال : ألست ممن عاون علينا؟ فقلت : يا رسول الله والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم ولكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد. فقال : يا علي اسقه. فناولني قعبا مملوءا قطرانا فشربت منه قطرانا ، ولم أزل أبول القطران أياما ثم انقطع ذلك البول مني وبقيت الرائحة في جسمي.

«الحديث الثاني والستون»

رواه في (ص ٢٩٩):

بسنده عن أبي النظر الجرمي قال : رأيت رجلا سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال : كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد ، فلما جاء الليل رقدت فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام [و] بين يديه طست فيها

٤١٣

دم وريشة في الدم ، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد ، فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم فأتي بي فقلت : يا رسول الله والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم. قال : أفلم تكثر عدونا؟ وأدخل إصبعيه في الدم ـ السبابة والوسطى ـ وأهوى بهما الى عيني فأصبحت وقد ذهب بصري.

٤١٤

نبذة من كلمات الامام الحسين عليه‌السلام

(فمن دعائه عليه‌السلام)

اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ، فأنزلته بك وشكوته اليه رغبة فيه إليك عمن سواك ، ففرجته وكشفته وكفيته ، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل غاية.

رواه في «ترجمة الامام الحسين بن علي من تاريخ دمشق» (ص ٢١٤ ط بيروت) وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم في (ج ١١ ص ٦١٣)

(ومن خطبة له عليه‌السلام)

قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : قد نزل بنا ما ترون من الأمر ، وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت حتى لم يبق منها الا صبابة كصبابة الإناء والا خسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون [أن] الحق

٤١٥

لا يعمل به ، وأن الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله ، واني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما.

رواها في «ترجمة الامام الحسين بن علي ع من تاريخ دمشق ص ٢١٤» وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم في (ج ١١ ص ٦٠٥ الى ص ٦٠٧).

(ومن خطبة له عليه‌السلام)

(في غداة اليوم الذي استشهد فيه)

عباد الله اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر ، فان الدنيا لو بقيت لاحد أو بقي عليها احد ، كانت الأنبياء أحق بالبقاء ، وأولى بالرضا ، وأرضى بالقضاء ، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء ، فجديدها بال ونعيمها مضمحل وسرورها مكفهر ، والمنزل بلغة والدار قلعة ، فتزودوا فان خير الزاد التقوى فاتقوا الله لعلكم تفلحون.

رواها في «ترجمة الامام الحسين بن على «ع» من تاريخ دمشق» (ص ٢١ ط بيروت) وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم في (ج ١١ ص ٦١٤).

(ومن خطبة له عليه‌السلام)

لما استكف الناس بالحسين ركب فرسه ثم استنصت الناس فأنصتوا له فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال :

تبا لكم أيتها الجماعة وترحا ، أحين استصرختمونا ولهين ، فأصرخناكم موجفين ، شحذتم علينا سيفا كان في أيماننا ، وحششتم علينا نارا قد حناها على عدوكم وعدونا ، فأصبحتم إلبا على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم بغير عدل

٤١٦

رأيتموه بثوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم ومن غير حدث كان منا ولا رأي بفيل فينا فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم يستخف ، ولكن استصرعتم إلينا طيرة الدبا وتداعيتم إلينا كتداعي الفراش قيحا وحكة وهلوعا وذلة لطواغيت الامة ، وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب وعصبة الآثام ، وبقية الشيطان ، ومحرفي الكلام ومطفئي السنن وملحقي العهرة بالنسب ، وأسف المؤمنين ، ومزاح المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين ، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون.

أفهؤلاء تعضدون؟ وعنا تتخاذلون؟ أجل والله الخذل فيكم معروف ، وشجت عليه عروقكم واستأزرت عليه أصولكم فأفرعكم فكنتم أخبث ثمرة شجرة للناظر (و) وأكلة للغاصب [ظ] ألا فلعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلا.

ألا وان البغي ابن البغي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الدنية أبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وبطون طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية [أن] تؤثر مصارع الكرام على ظئار اللثام.

ألا واني زاحف بهذه الاسرة على قل العدد وكثرة العدو ، وخذلة الناصر [ثم تمثل عليه‌السلام بقول الشاعر] :

فان نهزم فهزامون قدما

وان نهزم فغير مهزمينا

وما ان طبنا جبن ولكن

منايانا وطعمة آخرينا

ألا ثم لا تلبثون إلا ريث ما يركب فرس حتى تدار بكم دور الرحا ويفلق بكم فلق المحور عهدا عهده النبي الى أبي (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) [(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)].

٤١٧

رواها في «ترجمة الامام الحسين بن علي «ع» ص ٢١٥ ط بيروت وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم (ج ١١ ص ٦٢٤ الى ص ٦٢٧).

(ومن كلام له عليه‌السلام)

يا نافع من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس ، مائلا إذا كبا عن المنهاج ظاعنا بالاعوجاج ، ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل.

يا ابن الأزرق أصف الهي بما وصف به نفسه ، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ، قريب غير ملتصق وبعيد غير مستقصى ، يوحد ولا يبغض ، معروف بالآيات موصوف بالعلامات ، لا اله الا هو الكبير المتعال.

رواه في «أهل البيت» (ص ٤٣٦) قال :

لما قال له نافع بن الأزرق رأس الخوارجة الازارقة : صف إلهك ، فذكره ثم قال : فبكى ابن الأزرق وقال : ما أحسن كلامك. فقال له الامام الحسين : بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي. قال ابن الأزرق : أما والله يا حسين لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام ونجوم الاحكام. فقال الحسين : اني سائلك عن مسألة. فقال : سل ، فسأله عن قوله تعالى (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) ، فقال يا ابن الأزرق : من حفظ في الغلامين. فقال : أبوهما. فقال الامام الحسين : أبوهما خير أم رسول الله؟ فقال ابن الأزرق : قد أنبأنا الله تعالى عنكم أنكم قوم خصمون.

(ومن كلام له عليه‌السلام)

(لما عرض عبيد الله بن عمر له الخلافة لو خالف أباه عليه‌السلام)

كلا والله ، لا اكفر بالله وبرسوله وبوصي رسول الله ، اخسأ ويلك من

٤١٨

شيطان مارد ، فلقد زين لك الشيطان سوء عملك فخدعك حتى أخرجك من دينك باتباع القاسطين نصرة هذا المارق من الدين ، لم يزل هو وأبوه حربيين وعدوين لله ولرسوله وللمؤمنين ، فوالله ما أسلما ولكنهما استسلما خوفا وطمعا ، فأنت اليوم تقاتل عن غير متذمم.

رواه في «الفتوح» (ج ٣ ص ٥٦ ط حيدرآباد).

ثم قال : فضحك عبيد الله بن عمر ثم رجع الى معاوية فقال : اني أردت خديعة الحسين وقلت له كذا وكذا فلم أطمع في خديعته. فقال معاوية : ان الحسين بن علي لا يخدع وهو ابن أبيه.

(ومن كلامه عليه‌السلام)

أيها الناس نافسوا في المكارم ، وسارعوا في المغانم ، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوه ، واكتسبوا الحمد بالنجح ، ولا تكتسبوا بالمطل ذما ، فمهما يكن لاحد صنيعة له رأي أنه لا يقوم بشكرها فالله مكاف له ، فأنه أجزل عطاء وأعظم أجرا.

اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم ، ولا تملوا النعم فتحور نقما ، واعلموا أن المعروف مكسب حمدا ومعقب أجرا ، فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين ويفوق العالمين ، ولو رأيتم اللؤم رجلا رأيتموه سمجا مشوها تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار.

أيها الناس من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، وان أجود الناس من أعطى من لا يرجوه ، وان أعفى الناس من عفا من قدرة ، وان أوصل الناس من وصل من قطعه ، والأصول على مغارسها بفروعها تسمو. من تعجل لأخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا ، ومن أراد الله تعالى بالصنيعة الى أخيه كافأه بها في وقت حاجته ، وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه ، ومن نفس كربة مؤمن فرج الله عنه

٤١٩

كرب الدنيا والآخرة ، ومن أحسن أحسن الله اليه والله يحب المحسنين.

رواه في «التذكرة الحمدونية» (ص ١٠١ ط بيروت).

(ومن كلامه عليه‌السلام لجعيد)

يا جعيد ان الناس أربعة : فمنهم من له خلاق وليس له خلق ، ومنهم من له خلق وليس له خلاق ، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق ، ومنهم من له خلق وخلاق ، فذاك أفضل الناس.

رواه في «العقل وفضله» (ص ٢٦ ط السيد عزت العطار) قال :

حدثنا ابو بكر ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا ابو عثمان ، عن سهل ابن شعيب ، عن قنان النهمي ، عن جعيد بن عبد الله الهمداني : أن الحسين بن علي رضي‌الله‌عنهما قاله.

(ومن كلامه عليه‌السلام)

من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، ومن تعجل لأخيه خيرا وجده إذا قدم على ربه غدا.

رواه في «الحدائق الوردية في حقائق اجلاء النقشبندية» (ص ٣٣ ط المطبعة الدرويشية في دمشق).

(ومن كلامه «ع» حين التزم الركن الأسود)

الهي نعمتني فلم تجدني شاكرا ، وأبليتني فلم تجدني صابرا ، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر ، ولا أدمت الشدة بترك الصبر. الهي لا يكون من

٤٢٠