إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٩

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقبل فاطمة في فيها

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة العالم الفاضل المعاصر الأستاذ توفيق ابو علم في «أهل البيت» (ص ١٢١ ط مطبعة السعادة بالقاهرة) قال :

وروى الحاكم في المستدرك وصححه بسنده عن جميع بن عمير قال : دخلت مع أمي على عائشة فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسألها عن علي ، فقالت : تسأليني عن رجل والله ما أعلم رجلا كان أحب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من علي ولا في الأرض امرأة كانت أحب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من فاطمة ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقبلها في فيها ويمصها بلسانه.

ومنهم العلامة السيد عبد الله بن ابراهيم مير غنى الحسيني الحنفي في كتابه «الدرة اليتيمة في فضائل السيدة العظيمة» (ص ٥ نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) قال :

ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقبلها في فيها ويمصها لسانه وما دخلت

١٠١

عليه قط الا قام إليها وقبلها ورحب بها.

ومنهم العلامة الشيخ محمد بن على الحنفي المصري في «اتحاف اهل الإسلام» (ص ٧١ نسخة المكتبة الظاهرية دمشق)

روى الحديث عن أبي هريرة بعين ما تقدم عن «ضوء الشمس».

١٠٢

ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة

(فداك أبوك)

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج ١٠ ص ١٨٥) وننقله هاهنا عمن لم ننقل عنه هناك :

فمنهم العلامة الشيخ محمد بن علان الصديقى الشافعي في «الفتوحات الربانية» (ج ١ ص ٢٢٢ ط المكتبة الإسلامية في بيروت) قال :

وفي فتح الباري : أخرج ابن أبي عاصم من حديث ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لفاطمة : فداك أبوك.

١٠٣

من سلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى فاطمة

(ثلاثة أيام دخل الجنة)

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة ابن المغازلي في «المناقب» (ص ٣٦٣ ط طهران) قال :

أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا محمد بن زيد بن مروان اذنا ، حدثنا علي بن أحمد العجلى ، حدثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الوراق ، حدثنا محمد بن حسين بن زيد الهمداني ، عن محمد بن اسماعيل القرشي ، عن محمد ابن أيوب ، عن صالح بن عقبة ، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي ، عن أبيه ، عن جده قال : دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قال : فبدأتني بالسلام. قال : وقالت قال أبي وهو ذا حي : من سلم علي وعليك ثلاثة أيام فله الجنة. قلت لها : ذا في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك؟ قالت : في حياتنا وبعد وفاتنا.

١٠٤

إذا خرج النبي الى سفر كانت فاطمة آخر الناس عهدا

وإذا قدم من سفر كانت فاطمة أول الناس عهدا

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج ١٠ ص ٢٣٣ الى ص ٢٣٦) وننقله هاهنا عمن لم ننقل عنهم هناك :

منهم الحافظ احمد بن حنبل في «مسنده» (ج ٥ ص ٢٧٥ ط الميمنية بمصر) قال:

حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عبد الصمد ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن حجارة ، حدثني حميد الشامي ، عن سليمان الميهني ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة ، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة.

قال : فقدم عن غزاة له فأتاها فإذا هو بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضة فرجع ولم يدخل عليها ، فلما رأت فاطمة ظنت أنه لم يدخل عليها من أجل ما رأى ، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما ،

١٠٥

فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهما يبكيان ، فأخذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منهما فقال : يا ثوبان اذهب بهذا الى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فان هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.

ومنهم الحافظ عبد العظيم بن عبد القوى بن عبد الله بن سلام بن سعد المنذرى المولود سنة ٥٨١ والمتوفى سنة ٦٥٦ في كتابه «مختصر سنن أبى داود» (ج ٦ ص ١٠٨ ط المحمدية بالقاهرة)

روى الحديث عن ثوبان بعين ما تقدم عن «المسند» الى قوله : من عاج.

ومنهم العلامة المولوى محمد زمان الهندي في «خير المواعظ» (ص ٦٤٣ ط حيدرآباد الدكن)

روى الحديث بعين ما تقدم عن «مختصر سنن أبي داود».

ومنهم العلامة الشيخ على بن سلطان محمد القاري في «مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح» (ج ١١ ص ٣٧٣ طبع ملتان) قال :

وفي الذخائر عن ثوبان قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة(أخرجه أحمد).

ومنهم العلامة الشيخ عبد الحق في «أشعة اللمعات في شرح المشكاة» (ج ٣ ص ٦٢٣ ط نول كشور في لكهنو)

روى الحديث عن ثوبان بعين ما تقدم عن «مختصر سنن أبي داود».

١٠٦

ومنهم العلامة المولوى محب الله السهالوي في «وسيلة النجاة» (ص ٢٢٦ ط گلشن فيض في لكهنو)

روى الحديث بعين ما تقدم عن «المسند».

ومنهم العلامة المولوى عبد الله بن عبد العلى الحنفي في «تفريح الأحباب» (ص ٤١٠ ط دهلي)

روى الحديث عن ثوبان بعين ما تقدم عن «مختصر سنن أبى داود».

ومنهم العلامة المولوى ولى الله اللكهنوئى في «مرآة المؤمنين في مناقب اهل بيت سيد المرسلين» (ص ١٨٣) قال :

في الاستيعاب كان رسول الله «ص» إذا قدم عن غزو أو سفر بدء بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم يأتي فاطمة ثم يأتي أزواجه.

ومنهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في «أهل البيت» (ص ١٢٠ ط مطبعة السعادة بالقاهرة)

روى عن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما قال : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا سافر كان آخر الناس عهدا به فاطمة ، وإذا قدم من سفر كان أول الناس به عهدا فاطمة رضي الله تعالى عنها.

١٠٧

قالت عائشة

(كانت فاطمة اصدق الناس بعد رسول الله)

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج ١٠ ص ٢٥٩ الى ص ٢٦١) وننقله هاهنا عن لم ننقل عنهم هناك :

منهم الحافظ الشيخ شهاب الدين أبى الفضل احمد بن على بن حجر العسقلاني في «المطالب العالية» (ج ٤ ص ٧٠ ط الكويت)

روى من طريق أبى يعلى عن عمرو بن دينار قال : قالت عائشة : ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيها ، وكان بينهما شيء فقالت : يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب.

ومنهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في «أهل البيت» (١٣٣ ط مطبعة السعادة بالقاهرة)

روي عن عمرو بن دينار قال : قالت عائشة رضي‌الله‌عنها : ما رأيت أحدا

١٠٨

قط أصدق من فاطمة غير أبيها. قال : وكان منها شيء فقالت عائشة : يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب.

وفي الاستيعاب بسنده قالت عائشة : ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة الا أن يكون الذي ولدها.

ومنهم العلامة المولوى ولى الله اللكهنوئى في «مرآة المؤمنين» (ص ١٨٥)

روى عن عائشة بعين ما تقدم ثانيا عن «أهل البيت».

١٠٩

صبرها على مرارة الدنيا

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج ١٠ ص ٢٦٢ الى ص ٢٧١) وننقله هاهنا عمن لم ننقل عنهم هناك :

منهم العلامة الشيخ علاء الدين على المتقى الحنفي الهندي المتوفى ٩٥٧ في «كنز العمال» (ج ١٤ ص ٦٩ ط حيدرآباد الدكن)

روى من طريق ابن لال وابن مردويه وابن النجار والديلمي عن جابر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى على فاطمة كساء من أوبار الإبل وهي تطحن ، فبكى وقال : يا فاطمة اصبري على مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا ونزلت (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى).

ومنهم العلامة الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في «أهل البيت» (ص ٦١ ط مطبعة السعادة بالقاهرة)

روى الحديث عن جابر بعين ما تقدم عن «كنز العمال».

١١٠

ومنهم العلامة المولوى محمد مبين الهندي الفرنگى محلى الحنفي ابن المولوى محب الله السهالوي المتوفى سنة ١٢٢٥ في كتابه «وسيلة النجاة» (طبع مطبعة گلشن فيض الكائنة في لكهنو ص ٢٢٥)

روى الحديث بعين ما تقدم عن «كنز العمال».

ومنهم «حياة الصحابة» (ج ٢ ص ٥٥٥ ط حيدرآباد الدكن) قال :

أخرج أبو نعيم في الحلية (ج ٣ ص ٣١٢) عن عطاء قال : ان كانت فاطمة رضي‌الله‌عنها بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لتعجن وان قصتها لتكاد أن تضرب الجفنة.

١١١

شدة اهتمام فاطمة عليها‌السلام لرضى على

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الشيخ عثمان بن حسن بن احمد الخوبرى في «درة الناصحين» (ص ٤٩ ط بمبئى) روى عن سلمان الفارسي أنه قال : دخلت فاطمة رضي‌الله‌عنها على رسول الله «ص» فلما نظرت اليه دمعت عيناها وتغير لونها ، فقال عليه‌السلام : مالك يا بنتي. قالت : يا رسول الله كان بيني وبين علي البارحة مزاح ونشأ من الكلام أن غضب علي بكلمة خرجت من في ، فلما رأيت أن عليا قد غضب ندمت وغممت فقلت له : يا حبيبي ارض عني وطفت حوله اثنتين وسبعين مرة حتى رضي عني وضحك في وجهى مع الرضا وأنا خائفة من ربى. فقال لها النبي «ص» : يا بنتي والذي بعثني بالحق نبيا انك لو مت قبل أن ترضي عليا لم أصل عليك.

ثم قال : يا بنتي أما علمت أن رضي الزوج هو رضي الله وغضب الزوج هو غضب الله ، يا بنت أيما امرأة عبدت كعبادة مريم بنت عمران ثم لم يرض

١١٢

عنها زوجها الا يقبل الله تعالى منها ، يا بنت أفضل أعمال النساء طاعة الزوج وبعده ليس لها عمل أفضل من الغزل ، يا بنت جلوس ساعة عند الغزل خير لهن من عبادة سنة ويكتب لهن بكل طاعة ... أي بكل نوع من الثياب ـ من غزلهن ثواب شهيد ، يا بنت ان المرأة إذا غزلت حتى تكسو زوجها وصبيانها وجبت لها الجنة وأعطاها الله بكل تسربل من أثوابها مدينة في الجنة.

١١٣

تصدق فاطمة بقميصها ليلة عرسها

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج ١٠ ص ٤٠١) وننقله هاهنا عمن لم ننقل عنهم هناك :

منهم العلامة توفيق أبو علم في «أهل البيت» (ص ١٣٨) قال :

ذكر ابن الجوزي : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صنع لفاطمة رضي‌الله‌عنها قميصا جديدا ليلة عرسها وزفافها ، وكان لها قميص مرقوع وإذا بسائل على الباب يقول : أطلب من بيت النبوة قميصا خلقا ، فأرادت أن تدفع اليه القميص المرقوع فتذكرت قوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) فدفعت اليه القميص الجديد ، فلما قرب الزفاف أتاها جبرئيل عليه‌السلام بقميص من سندس أخضر ، فما رأته نساء يهوديات حضرن الزفاف حتى أسلمن وأسلم بعدهن أزواجهن.

١١٤

إعطاء فاطمة عقدها الى السائل

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في «أهل بيت» (ص ١٣٩ ط مطبعة السعادة بالقاهرة)

من كتاب بشارة المصطفى لابي جعفر الطبري ، عن جابر بن عبد الله الانصاري رضي‌الله‌عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة ، فلما انفتل جلس في قبلته والناس حوله ، فبينما هم كذلك إذ أقبل شيخ من مهاجرة العرب وهو لا يكاد يتمالك ضعفا وكبرا ، فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يستجليه الخبر فقال الشيخ : يا نبى الله أنا جائع الكبد فأطعمني ، وعار الجسد فاكسني ، وفقير فأورثني. فقال : ما أجد لك شيئا ، ولكن الدال على الخير كفاعله ، انطلق الى منزل من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويؤثر الله على نفسه ، انطلق الى حجرة فاطمة. وكان بيتها ملاصقا بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه. يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة.

١١٥

فانطلق الأعرابي مع بلال ، فلما وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته : السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومختلف الملائكة ومهبط جبريل الروح الامين بالتنزيل من عند رب العالمين. فقالت فاطمة : من أنت يا هذا؟ قال : شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيد البشر مهاجرا من شقة بعيدة ، وأنا يا بنت محمد عاري الجسد جائع الكبد فواسني يرحمك الله تعالى.

وكان لفاطمة وعلي رضي‌الله‌عنهما ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على تلك الحال ثلاث ليال ما طعموا فيها طعام ، وقد علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك من شأنهما ، فعمدت فاطمة الى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين ، فقالت : خذ هذا أيها الطارق فعسى الله أن يتيح لك ما هو خير منه. فقال الأعرابي : يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فناولتيني جلد كبش فما ذا أنا صانع به مع ما أجده من سغب؟.

قال : فعمدت فاطمة رضي‌الله‌عنها لما سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدتها إياه فاطمة بنت عمها حمزة بن عبد المطلب رضي‌الله‌عنه ونزعته من عنقها ودفعت به الى الأعرابي العقد وانطلق الى مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله لقد أعطتني فاطمة بنت محمد هذا العقد وقالت : فعسى الله أن يعوضك ما هو خير منه.

فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقام عمار بن ياسر رضي‌الله‌عنهما فقال : يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا العقد؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اشتره يا عمار ، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنار.

فقال عمار للاعرابي : بكم تبيع هذا العقد يا أعرابى؟ قال : بشبعة من الخبز واللحم أذهب بها جوعتي ، وبردة يمانية أستر بها عورتي وأصلي فيها لربي ، ودينار يبلغني الى أهلي.

١١٦

وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يبق منه شيئا فقال : لك عشرون دينارا ومائتا درهم وبردة يمانية وراحلتي تبلغك الى أهلك وشبعة من خبز البر واللحم. فقال الأعرابي : ما أسخاك بالمال ايها الرجل.

وانطلق به عمار رضي‌الله‌عنه فوفاه ما ضمن له ، وعاد الاعرابي الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له رسول الله : أشبعت واكتسيت؟ فقال الأعرابي : نعم يا رسول الله واستغنيت بأبى أنت وأمي. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فأجز فاطمة بصنيعتها. فقال الأعرابي : اللهم انك اله ما استحدثناك ولا اله لنا نعبده سواك وأنت في كل حين ، اللهم أعط فاطمة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.

فأمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على دعائه وأقبل على أصحابه فقال : ان الله قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك ، فأنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي ، وعلي بعلها ولو لا علي ما كان لفاطمة كفؤ أبدا ، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء وسيدا شباب أهل الجنة.

وكان بإزائه المقداد وابن عمر وعمار وسلمان رضي‌الله‌عنهم ، فقال : وأزيدكم؟ فقالوا : نعم يا رسول الله. فقال : أتاني الروح الامين جبريل وقال : انها إذا قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها : من ربك؟ فتقول : الله ربي. فيقولان : من نبيك؟ فتقول : أبي ، ألا وأزيدنكم من فضلها ، ان الله عزوجل وكل بها رعيلا من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها ، وهم معها في حياتها وعند قبرها وبعد موتها يكثران الصلاة عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وبنيها ، فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي ومن زار فاطمة فكأنما زارني ، ومن زار عليا فكأنما زار فاطمة ، ومن زار الحسن والحسين فكأنما زار عليا ، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما.

فعمد عمار الى العقد وطيبه بالمسك ولفه في بردة يمانية ، وكان له عبد اسمه

١١٧

سهم ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر ، فدفع العقد الى المملوك وقال له : خذ هذا العقد فادفعه الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنت له. فأخذ العقد فأتى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخبره بقول عمار ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : انطلق الى فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها.

فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخذت فاطمة رضي‌الله‌عنها العقد وأعتقت المملوك ، فضحك الغلام ، فقالت فاطمة رضي‌الله‌عنها : ما يضحكك يا غلام؟ فقال : أضحكني عظم بركة هذا العقد ، أشبع جائعا ، وكسى عريانا ، وأغنى فقيرا ، وأعتق عبدا ، ورجع إلى ربته.

١١٨

إعطاء فدك لفاطمة عليها‌السلام

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج ٣ ص ٥٤٩) وننقله هاهنا عمن لم ننقل عنهم هناك :

منهم العلامة الكاندهلوي الهندي في «حياة الصحابة» (ج ٢ ص ٥١٩ ط حيدرآباد الدكن) قال :

وأخرج الحاكم في تاريخه وابن النجار عن أبى سعيد قال : لما نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا فاطمة لك فدك. قال الحاكم : تفرد به ابراهيم بن محمد بن ميمون عن علي بن عابس.

ومنهم العلامة الحافظ الشيخ احمد بن على بن حجر العسقلاني في «المطالب العالية» (ج ٣ ص ٣٦٧ ط الكويت)

روى عن طريق أبي يعلى قال : لما نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاطمة فأعطاها فدكا.

١١٩

دخل النبي على فاطمة في مصلاها

(ووجد خلفها رزقا من عند الله)

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج ١٠ ص ٣٢٣ الى ص ٣٢٤) وننقله هاهنا عمن لم ننقل عنهم هناك :

منهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في «أهل البيت» (ص ١٢٢ ط مطبعة السعادة بالقاهرة).

روى عن أبى سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه قال : سأل علي فاطمة ذات يوم : هل عندك شيء تغذينيه؟ قالت : لا والذي أكرم أبى بالنبوة ما أصبح عندي شيء أغذيكه ولا أكلنا بعد شيئا ، ولا كان لنا شيء بعدك منذ يومين الا شيء أوثرك به على بطني ، وعلى ابني هذين. قال : يا فاطمة ألا أعلمتيني حتى أبغيكم شيئا. قالت : اني أستحيي من الله أكلفك ما لا تقدر عليه.

فخرج من عندها واثقا بالله تعالى حسن الظن به ، فاستقرض دينارا ، فبينما الدينار في يده أراد أن يبتاع لهم ما يتيح لهم إذ عرض له المقداد في يوم شديد

١٢٠