إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٨

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

له يا رسول الله. فقال : انه عمرو. فقال : وان كان عمرا ، فأذن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمشى اليه علي وهو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك

مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة

والصدق منجي كل فائز

اني لأرجو أن أقيم

عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى

ذكرها عند الهزائز

فقال عمرو : من أنت؟ قال : أنا علي. قال : ابن عبد مناف. قال : أنا علي ابن أبي طالب. قال : غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك ، فاني أكره أن أهريق دمك. فقال علي : لكني والله ما أكره أن أهريق دمك ، فغضب ونزل وسل سيفه كأنه شعلة نار ثم أقبل نحو علي مغضبا. ويقال انه كان على فرسه ، فقال له علي : كيف أقاتلك وأنت على فرسك ولكن انزل معي ، فنزل عن فرسه ثم أقبل نحوه ، فاستقبله علي رضي‌الله‌عنه بدرقته ، فضربه عمرو فيها ، فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه ، فشجه وضربه علي على حبل العاتق ، فسقط وثار العجاج وسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم التكبير ، فعرف أن عليا قتله (١).

__________________

(١) ثم قال في القاموس : وكان علي ذا شجتين في قرني رأسه إحداهما من عمرو بن ود والثانية من ابن ملجم ، ولذا يقال له : ذو القرنين.

وفي رواية : لما أذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعلي أعطاه سيفه ذا الفقار وألبسه درعه الحديد وعممه عمامته وقال : أعنه عليه.

١٠١

ومنهم العلامة أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن ابراهيم السمرقندي الحنفي المتوفى سنة ٣٨٣ في «تفسير القرآن» (ج ٣ ص ٤١٠ النسخة المخطوطة) قال :

فلما رجع النبي عليه‌السلام من الخندق دخل المدينة ودخل على فاطمة وأراد أن يغسل رأسه جاء جبرئيل. الى أن قال : وخرج المسلمون معه واللواء في يد علي بن أبي طالب.

ومنهم العلامة محمد بن عبد الله الإسكافي في «المعيار والموازنة» (ص ٩١) قال:

فلما كان يوم الخندق فعل بعلي ما رأيتم بكفه عن المبادرة الى عمرو ، فلما بان إمساك الناس عنه وتخلفهم عن الاقدام عليه ، قام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في المرة الثالثة ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا علي انه عمرو ابن عبد ود ـ تأكيدا لما قلناه وتنبيها لمن كان له قلب أنه أراد بذلك الدلالة على تقدم علي وتفضيله ـ فقال له علي : وأنا علي بن أبي طالب يا رسول الله.

فعممه بيده ، وقلده سيفه ذا الفقار ، فخرج اليه والمسلمون مشفقون ، قد اقشعرت جلودهم ، وزاغت أبصارهم ، وبلغت الحناجر قلوبهم وظن قوم بالله الظنون والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعو له بالنصر ، ملح في ذلك مستغيث بربه ففرج الله به تلك الكرب ، وأزال الظنون ، وثبت اليقين بعلي بن أبي طالب ، وقتل عمرو بن عبد ود ، وقبل ذلك ما زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ، وظن بالله الظنون ، وزلزل المؤمنون زلزالا شديدا ، وقال المنافقون : ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا.

١٠٢

ومنهم الحافظ ابن عساكر في «ترجمة الامام على من تاريخ دمشق» (ج ١ ص ١٥٠ ط بيروت)

روى بسنده عن ابن عباس قال : سمعت عمر يقول : جاء عمرو بن عبد ود فجعل يجول على فرسه حتى جاز الخندق وجعل يقول هل من مبارز؟ وسكت أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هل يبارزه أحد؟ فقام علي فقال : أنا يا رسول الله. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اجلس. فقال رسول الله في الثانية : هل يبارزه أحد؟ فقام علي فقال : دعني يا رسول الله فإنما أنا بين حسنتين اما أن أقتله فيدخل النار ، واما أن يقتلني فأدخل الجنة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أخرج يا علي. فخرج علي فقال عمرو : من أنت يا ابن أخي؟ فقال : أنا علي. فقال عمرو : ان أباك كان نديما لابي لا أحب قتالك. فقال علي : انك أقسمت لا يسألك أحد ثلاثا الا أعطيته فاقبل مني واحدة. فقال عمرو : وما ذلك؟ قال علي : أدعوك الى أن تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله. قال عمرو : ليس الى ذلك سبيل. قال : فترجع فلا تكون علينا ولا معنا ثلاثا. قال : اني نذرت أن أقتل حمزة فسبقني اليه وحشي ثم اني نذرت أن أقتل محمدا. قال علي رضي‌الله‌عنه فانزل. فنزل فاختلفا في الضربة فضربه علي فقتله.

وروى بسند آخر في حديث قال له علي : يا عمرو قد كنت تعاهد الله لقريش ألا يدعوك رجل الى خلتين الا قبلت منه إحداهما. فقال عمرو : أجل. فقال له علي : فاني أدعوك الى الله والى رسول الله والى الإسلام. قال عمرو : لا حاجة لي في ذلك. فقال : فاني أدعوك الى النزال. فقال له : يا ابن أخي لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك. فقال علي : لكني والله أحب أن أقتلك. فحمى عمرو فاقتحم

١٠٣

عن فرسه فعقره ، ثم أقبل فجاء الى علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي وخرجت خيلهم منهزمة هاربة حتى اقتحمت من الخندق.

ومنهم العلامة حسن بن محمد المشاط في «انارة الدجى» (ج ١ ص ٢٤١ ط بمطبعة المدني شارع العباسية بالقاهرة)

روى عن ابن إسحاق من غير رواية البكائي ، أن عمرا لما نادى يطلب من يبارزه ، قام علي رضي‌الله‌عنه وهو مقنع في الحديد ، فقال : أنا له يا نبي الله ، فقال له : اجلس انه عمرو ، ثم كرر عمرو النداء ، وجعل يؤنبهم ويقول : أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون لي رجلا؟ فقام علي فقال : أنا يا رسول الله. فقال له : اجلس انه عمرو ، ثم نادى الثالثة ، وقال :

ولقد بححت من النداء

لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن المشجع

وقفة الرجل المناجز

وكذاك أني لم أزل

متسرعا قبل الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى

والجود من خير الغرائز

فقال علي رضي‌الله‌عنه : أنا له يا رسول الله ، فقال : انه عمرو. فقال : وان كان عمرا ، فإذن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمشى اليه علي وهو يقول :

لا تعجلن فقد أتاك

مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة

والصدق ينجي كل فائز

اني لأرجو أن أقيم

عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى

ذكرها عند الهزاهز

فذكر ما تقدم عن «تاريخ الخمس» من قوله : فقال من أنت ـ إلخ الى أن قال : وقال اليعمري في «العيون» : كان عمرو بن عبد ود قاتل يوم بدر حتى

١٠٤

أثبتته الجراحة ، فلم يشهد يوم أحد ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه فلما وقف هو وخيله قال : من يبارز؟ فبرز له علي بن أبى طالب رضي‌الله‌عنه.

وذكر ابن سعد في هذا الخبر : أن عمرا كان ابن تسعين سنة ، فقال علي : أنا أبارزه. فأعطاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيفه وعممه ، وقال : اللهم أعنه عليه.

ومنهم العلامة السيد عباس بن على الموسوي المكي في «نزهة الجليس» (ج ١ ص ١٦٦ ط القديمة بمصر) قال :

ومن ضرباته عليه‌السلام ضربته عمرو بن عبد ود العامري ، وكان جبارا غليظا عتلا من الرجال قطع فخذه من أصلها وترك عمرا ، فأخذ فخذ نفسه فضرب بها عليا فتوارى عنها فوقعت في قوائم بعير فكسرتها ، وما أحسن قول عمر بن الفارض :

ذوا الفقار اللحظ منها أبدا

والحشا منى عمرو ووحي

ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ١٤٨ نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) قال :

نقل أهل السير والاخبار أن فوارس من قريش شاعت شجاعتهم في سائر الأقطار ، منهم عمرو بن ود الذي كان يضرب به المثل في البسالة ، وعكرمة بن أبي جهل الذي كانت تكرم فوارس الحرب نزاله ، اقتحموا بخيولهم الخندق الذي حفره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحالوا بينه وبين المسلمين ، فلما رأى ذلك علي كرم الله وجهه خرج ومعه نفر من المؤمنين وبادروا الثغرة التي دخلوا منها وسدوا عليهم الطريق ومنعوهم محل الفرار إذا ضاق الخناق وأرادوا التخلص من ذلك المضيق ، فرجع عمرو بن ود وولده حسل ، وكان حسل له عامة يشهر بها

١٠٥

ليعرف مكانه ويظهر شانه الى علي كرم الله وجهه ومن تبعه من النفر ، فقال : هل من مبارز. فذكر ما تقدم عن «انارة الدجى» من قوله : اين جنتكم ـ الى آخر رجز علي ثم قال :

يا عمرو انك كنت أخذت على نفسك عهدا أن لا يدعوك رجل من قريش الى إحدى خلتين الا أجبته الى واحدة منهما. قال له : أجل. فقال له علي : اني أدعوك الى الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والى الإسلام. فقال : أما هذه فلا لي حاجة فيها. فقال له علي : إذا كرهت هذه فاني أدعوك الى النزال. فقال : لم يا ابن أخي فما أحب أن أقتلك ولقد كان أبوك خلالي. فقال علي : ولكني والله أحب أن أقتلك. فحمى عمرو وغضب من كلامه فاقتحم عن فرسه الى الأرض وضرب وجهها ، فنزل علي رضي‌الله‌عنه عن فرسه وأقبل كل واحد على الآخر فتصاولا وتجاولا ساعة ، ثم ضربه علي على عاتقه بالسيف ورمى جنبه الى الأرض وتركه قتيلا. ثم ركب على فرسه وكر عليه ولده حسل بن عمرو فقتله علي أيضا فخرجت خيولهم منهزمة ورمى عكرمة بن أبي جهل رمحه وفر منهزما مع انهزام أصحابه ، فرجع علي رضي‌الله‌عنه وهو يقول :

أعلي تفتخر الفوارس هكذا

عنى وعنهم سائلوا أصحابى

اليوم يمنعني الفرار حفيظتي

ومصمم في الراس ليس بنابي

أديت عمرا إذ طغى بمهند

صافى الحديد مجرب قطابى

وغدوت التمس القراع بصارم

عضب كلون الملح في اقرابى

الا ابن عبد حين شد اليه

وحلفت فاستمعوا من الكذابى

الا يفر ولا يهلل فالتقى

رجلان يضطربان كل ضرابى

نصر الحجارة من سفاهة رأيه

ونصرت دين محمد بصوابى

وغدوت حين تركته متجدلا

كالعير بين دكادك وروابي

١٠٦

وعففت عن أثوابه ولو اننى

كنت المجدل بزنى أثوابي

لا تحسبن الله خاذل دينه

ونبيه يا معشر الأحزاب

ومنهم العلامة توفيق أبو علم في «أهل البيت» (ص ٢١٢ ط القاهرة سنة ١٣٩٠ ه‍) قال :

وكانت وقعة الخندق فخرج عمرو مقنعا في الحديد ينادي جيش المسلمين: من يبارز؟ فصاح علي : أنا له يا نبى الله ، قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبه اشفاق عليه : انه عمرو اجلس. ثم عاد عمرو ينادي : ألا رجل يبرز؟ وجعل يؤنبهم قائلا : أين جنتكم التي زعمتم أنكم داخلوها ان قتلتم؟ أفلا تبرزون الي رجلا؟ فقام علي مرة بعد مرة وهو يقول : أنا له يا رسول الله ورسول الله يقول له مرة بعد مرة : اجلس انه عمرو ، وهو يجيبه : وان كان عمرا حتى أذن له فمشى اليه فرحا بهذا الاذن الممنوع كأنه الاذن بالخلاص. ثم نظر اليه عمرو فاستصغره وأنف أن يناجزه وأقبل يسأله من أنت؟.

فذكر ما تقدم عن «تاريخ الخمس» ثم قال : واستمع الى أخت عمرو بن ود تقول على سبيل التأسي بعد موته :

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

بكيته أبدا ما دمت في الأبد

لكن قاتله من لا نظير له

وكان يدعى أبوه بيضة البلد

ومنهم العلامة المولوى ولى الله اللكهنوئى في «مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين» (ص ٥٠ مخطوط) قال :

وفي حياة الحيوان الكبير قال الشافعي : وبارز يوم الخندق عمرو بن عبد ود لأنه خرج ونادى من يبارز ، فقام علي «رض» وهو مقنع بالحديد فقال : أنا له

١٠٧

يا نبى الله. فقال : انه عمرو فاجلس. فنادى عمرو : ألا رجل يبارز ، ثم جعل يؤنبهم ويقول : أين جنتكم الذي تزعمون أن من قتل منكم يدخلها أفلا يبرز الي رجل؟ فقام على «رض» فقال : أنا يا رسول الله. فقال : انه عمرو اجلس. ثم نادى الثالثة وذكر شعرا فقال : أنا له. قال : انه عمرو. قال : وان كان عمرا ، فأذن رسول الله فمشى اليه حتى أتاه فقال له عمرو : من أنت. قال : أنا علي بن أبي طالب قال : غيرك يا ابن أخي أريد من أعمامك من هو أسن منك فاني أكره أن أهريق دمك. فقال له علي : لكني والله لا أكره أن أهريق دمك. فغضب فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي «رض» بدرقه فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف واصلا برأس علي فشجه ، فضربه علي على حبل عاتقه فسقط قتيلا ، فطار العجاج وسمع رسول الله «ص» التكبير فعرف أن عليا قد قتل عمرا. انتهى.

وجاء في بعض الروايات أن عليا لما بارز عمرا قال رسول الله «ص» : اليوم برز الايمان كله للشرك كله.

ومنهم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الحنبلي الوهابى المتوفى سنة ١٢٤٢ في كتابه «مختصر سيرة الرسول» (ص ٢٨٥ ط المطبعة السلفية في القاهرة) قال:

وخرج علي بن ابى طالب في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي اقتمحوا منها وأقبلت الفرسان تعنق نحوهم ، وكان عمرو بن عبد ود قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه ، فلما وقف هو وخيله قال : من يبارز؟ فقال له علي : انا فبرز اليه علي ابن ابى طالب ، فقال له : يا عمرو انك كنت قد عاهدت الله أن لا يدعوك أحد من

١٠٨

قريش الى إحدى خلتين الا أخذتها منه. فقال له : أجل. قال له علي : فاني أدعوك الى الله والى رسوله والى الإسلام. قال : لا حاجة لي بذلك. قال : فاني أدعوك الى البراز. فقال له : يا ابن أخي ما أحب أن أقتلك. قال له علي : ولكني والله أحب أن أقتلك ، فحمى عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم أقبل على علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة.

ومما برز من شجاعته في غزوة الجمل

ما رواه القوم :

منهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ١٥١ مخطوط) قال :

ومن ذلك واقعة يوم الجمل الذي أجمل الناس فيه أمورهم وأذهب عنهم فكرهم وتدبيرهم ، اباد فيه الرجال وأيتم الأطفال وفرق شمل العيال وجدل الابطال واستطرمت في ذلك اليوم الصفوف ، وكان القتلى فيه بالألوف وهو في ذلك المعرك على بغلة يجول وقد ذهلت من شدة الجلاد العقول يشق الصفوف مبتسما وعليه قميص وعمامة ورداء ويد المنون تدير على كماة الحرب كاسفات الرداء (١).

__________________

(١) روى الحافظ الحسين بن الحكم الحيري الكوفي من أعلام العامة في «تنزيل الآيات» (ص ٢١٢).

قالت عائشة رضي‌الله‌عنها يوم منصرفها من البصرة : انه والله ما كان بيني

١٠٩

........................

__________________

وبين علي في القديم الا ما يكون بين المرأة واحمائها ، وانه عندي على معتبتي لمن الأخيار.

وروى العلامة الشيخ طه بن مهنا بن محمد الجبريتي شارح صحيح البخاري المتوفى سنة ١١٧٨ على رسالة الحلبي أسماء أهل بدر تأليف العلامة الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ أحمد البقاعي المصري الحمصي طبع بولاق ص ٢٨ : شهد الزبير الجمل فقاتل ساعة فناداه علي وانفرد ، فذكره أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما الى بعض : أما انك ستقاتل عليا وأنت له ظالم. فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال نادما مفارقا للجماعة التي خرج فيها منصرفا الى المدينة ، فرآه ابن جرموز عبد الله وقيل عمير ويقال عمرو وقيل عميرة السعدي فقال : أتى يورش. وتقدم نقله عن غيره في (ج ٨ ص ٤٧١ وص ٤٧٢).

وقال العلامة ابن حجر العسقلاني في «المطالب العالية» (ج ٤ ط الكويت ص ٣٠١) قال :

عبد السّلام رجل من حية قال : خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال : أنشدك الله كيف سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول وأنت لاوي يدي في سقيفة بني فلان «لتقاتلنه وأنت ظالم له ، ثم قال لينصرن عليك» فقال : قد سمعت لا جرم لا أقاتلنك (لإسحاق). وروى مثله عن الحكم وأبي جرو المازني.

وقال العلامة الشيخ نجم الدين الشافعي في «منال الطالب في مناقب الامام علي بن أبي طالب» ص ١٧٦ :

قال علي للزبير يوم الجمل : أنشدك الله الذي لا اله الا هو الذي أنزل

١١٠

نزر مما برز من شجاعته في صفين

قد تقدم النقل عن جماعة من القوم في (ج ٨ ص ٣٩٧ الى ٤١٦) وننقل هاهنا عمن لم نرو عنهم هناك :

منهم الحافظ ابو القاسم على بن الحسن بن هبة الله الشافعي الشهير بابن عساكر المتوفى سنة ٥٧٣ في «ترجمة الامام على من تاريخ دمشق» (ج ٣ ص ١٤٥ ط دار التعارف في بيروت) قال :

أخبرنا ابو القاسم اسماعيل ، انبأنا احمد بن الحسن بن خيرون ، انبأنا ابو علي

__________________

الفرقان على نبيه محمد صلّى الله عليه أما تذكر يوما قال لك رسول الله : يا زبير أتحب عليا ، فقلت وما يمنعني من حبه وهو ابن خالي ، فقال لك أما أنت فستخرج عليه يوما وأنت ظالم. فقال الزبير : اللهم بلى قد كان ذلك. فقال علي : فأنشدك بالله الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد صلّى الله عليه أما تذكر يوما جاء رسول الله «ص» من عند ابن عوف وأنت معه وهو آخذ بيدك فاستقبلته أنا فسلمت عليه فضحك في وجهي وضحكت أنا اليه ، فقلت أنت : لا يدع ابن أبى طالب زهوه أبدا. فقال لك النبي «ص» : مهلا يا زبير فليس به زهو ولتخرجن عليه يوما وأنت ظالم له. فقال الزبير : اللهم ولكن أنسيت ، فأما إذ ذكرتني ذلك لانصرفن عنك ولو ذكرت هذا لما خرجت عليك.

وقال العلامة الشيخ زين الدين عمر بن مظفر الحنفي الشهير بابن الوردي في «تاريخه» ج ١ ص ٢٠٩ ط الحيدرية في الغري الشريف :

روى الموضع الثاني مما رواه في «منال الطالب» وفي آخره فقال لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : انه ليس بنزه ولتقاتلنه وأنت ظالم له.

١١١

ابن شاذان ، انبأنا ابو جعفر احمد بن يعقوب الاصبهاني ، انبأنا محمد بن علي بن دعبل بن علي الخزاعي ، عن ابن هشام الكلبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : عقم النساء أن يأتين بمثل امير المؤمنين علي بن ابى طالب ، والله ما رأيت ولا سمعت رئيسا يوزن به ، لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة قد أرخى طرفيها وكأن عينيه سراجا سليط ، وهو يقف على شرذمة [شرذمة] يخصهم حتى انتهى الي وانا في كثف من الناس ، فقال : معاشر المسلمين استشعروا الخشية وعنوا الأصوات وتجلببوا السكينة ، واعلموا الاسنة وأفلقوا السيوف قبل السلة واطعنوا لرجل ونافحوا بالظبا وصلوا السيوف بالخطا والنبال بالرماح فإنكم بعين الله ومع ابن عم نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عاودوا الكر واستحيوا من الفر فانه عار باق في الأعقاب والأعناق ونار يوم الحساب ، وطيبوا عن أنفسكم أنفسا وامشوا الى الموت سجحا وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطنب فاضربوا ثبجه فان الشيطان راكب صعبه ومفترش ذراعيه قد قدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا فصمدا صمدا حتى يتجلى لكم عمود الدين وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

قال : وأخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، أنبأنا إبراهيم بن عمر (حيلولة) وأخبرنا أبو المعمر المبارك بن أحمد الانصاري ، أنبأنا المبارك ابن عبد الجبار ، أنبأنا ابراهيم بن عمر البرمكي. وعلي بن عمر بن الحسن ، قال : أنبأنا أبو عمر بن حيويه ، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري. قال :قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في حديث علي ان ابن عباس قال : ما رأيت رئيسا مجربا يزن به لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة بيضاء وكأن عينيه سراجا سليط وهو يحمس أصحابه الى أن انتهى الي وأنا في كثف فقال ـ إلخ.

١١٢

ومنهم الحافظ ابن قتيبة الدينوري في «غريب الحديث» (ج ٢ ص ١٢٥ ط بغداد) قال :

وقال ابو محمد في حديث علي عليه‌السلام ان ابن عباس رحمه‌الله قال : ما رأيت رئيسا مجربا يزن به لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة بيضاء وكأن عينيه سراجا سليط وهو يحمس أصحابه الى أن انتهى الي وأنا في كثف فقال : معشر المسلمين استشعروا الخشية وعنوا الأصوات وتجلببوا السكينة واكملوا اللؤم وأخفوا الجنن وأقلقوا السيوف في الغمد قبل السلة وألحظوا الشزر واطعنوا الشزر أو النتر أو اليسر كلا قد سمعت ونافحوا بالظبا وصلوا السيوف بالخطا والرماح بالنبل وامشوا الى الموت مشية سجحا أو سحجا وعليكم الرواق المطنب فاضربوا ثبجه فان الشيطان راكد في كسره نافج حضنيه مفترش ذراعيه قد قدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا.

ومنهم العلامة القاضي ابو بكر بن الطيب الباقلاني في «مناقب الأئمة» (نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) قال :

ولقد روى ابن عباس انه قال : عقمت النساء أن يأتين بمثل علي بن أبي طالب لقد رأيته وعلى رأسه عمامة سوداء وكأن عينيه سراج سليط وهو يقف على شرذمة يحضهم ويحرضهم.

ومنهم الشيخ محمد على الانسى اللبناني في «الدرر واللئال» (ص ١٩٥ ط الاتحاد في بيروت) قال :

في حديث ابن عباس : رأيت عليا وكأن عينيه سراجا سليط ، وفي رواية

١١٣

كضوء سراج السليط (١).

__________________

(١) وممن قتل في صفين من أصحابه عليه‌السلام عمار وهو الذي قال رسول الله «ص» في حقه : عمار تقتله الفئة الباغية. رواه القوم في كثير من كتبهم تقدم النقل عنهم في (ج ٨ ص ٤٢٢ ، الى ص ٤٦٨) وننقل هاهنا عمن لم ننقل عنهم سابقا :

منهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في «المناقب» (ص ١٦٢ مخطوط) قال :

حدثنا أبو الطيب محمد بن حميد الحوراني ، قال حدثنا أحمد بن ابراهيم ابن بكار بن أبي ارطاة ، قال حدثنا أبو مصعب أحد بن أبي بكر الزهري ، قال حدثني عبد العزيز الدراوردي ، عن العلا ، عن أبيه ، عن أبى هريرة أن رسول الله «ص» قال : ابشر عمار تقتلك الفئة الباغية.

ومنهم العلامة محمد بن عبد الله الإسكافي في «المعيار والموازنة» (ص ٩٦) قال :

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية.

ومنهم العلامة أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفي في «الفتوح» (ج ٣ ص ١٩ ط حيدرآباد) قال :

قال عمرو ـ هو عمرو بن العاص ـ : سمعت رسول الله «ص» وهو يقول لعمار : تقتلك الفئة الباغية ، وانه ليس ينبغي لعمار بن ياسر أن يفارق الحق ولا تأكل النار منه شيئا.

١١٤

.............

__________________

ومنهم العلامة زكريا بن محمد بن محمود القزويني في «آثار البلاد واخبار العباد» (ص ٢١٤ ط دار صادر بيروت سنة ١٣٨٠) قال :

وكانت الصحابة متوقفين في هذا الأمر لأنهم كانوا يرون عليا وعلو شأنه ، ويرون قميص عثمان على الرمح ومعاوية يقول : أريد دم ابن عمي ، الى أن قتل عمار بن ياسر والصحابة سمعوا أن النبي قال له : تقتلك الفئة الباغية ، فعند ذلك ظهر للناس بغي معاوية ، فبذل قوم علي جهدهم في القتال حتى ضيقوا على قوم معاوية ، فعند ذلك رفعوا المصاحف وقالوا : رضينا بكتاب الله. فامتنع قوم علي عن القتال ، فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل ، فما وافقوا ، فقال علي عند ذلك : لا رأي لغير مطاع ، فآل الأمر الى الحكمين ، والقصة مشهورة.

ومنهم العلامة الشيخ صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي في «الوافي بالوفيات» (ج ١ ص ٧٤ ط قيسبلان سنة ١٣٨١ ه‍) قال :

وأخبر (أي النبي ص) بأن عمارا تقتله الفئة الباغية ، فكان مع علي بن أبي طالب وقتله جماعة معاوية.

ومنهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن احمد أخطب خوارزم المتوفى سنة ٥٦٨ في «المناقب» (ص ٩٠ ط تبريز)

روى حديثا مسندا ينتهي الى زيد بن أبى أوفى وفيه قال النبي «ص» لعمار : يا عمار تقتلك الفئة الباغية وأنت مع الحق والحق معك.

١١٥

..........

__________________

ومنهم العلامة المولى على المتقى الهندي في «كنز العمال» (ج ١٢ ص ٢ ط حيدرآباد الدكن)

روى من طريق الترمذي عن أبي هريرة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعمار : أبشر يا عمار تقتلك الفئة الباغية.

ومنهم الحافظ ابو بكر احمد بن الحسين الشافعي البيهقي في «الاعتقاد على مذهب السلف» (ص ١٩٦ دار العهد الجديد بالقاهرة)

روى بسنده عن أمه عن أم سلمة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعمار تقتلك الفئة الباغية.

ومنهم العلامة الشيخ زين الدين عمر بن مظفر الحنفي الشهير بابن الوردي في «تاريخ ابن الوردي» (ج ١ ص ٢١٣ ط الحيدرية في الغرى) قال :

وفي الصحيح : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : تقتل عمارا الفئة الباغية.

ومنهم الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن احمد بن رجب الحنبلي في «شرح علل الترمذي» (ص ٤١٤)

روى عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تقتل عمار الفئة الباغية.

١١٦

..........

__________________

ومنهم العلامة المعاصر الشيخ محمد الخضرى بك ابن الشيخ عفيفى المصري في «إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء» (ص ١٨٠ ط التجارية بمصر) قال :

قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تقتلك الفئة الباغية.

ومنهم الحافظ ابن قتيبة الدينوري في «غريب الحديث» (ص ٣٢١ ط العاني في بغداد)

روى قوله «ص» لعمار : تقتلك الفئة الباغية.

ومنهم الحافظ محمد بن حبان بن أحمد بن حاتم التميمي البستي في «الثقات» (ج ١ ص ١٤١ و ٢٩١ ط دائرة المعارف العثمانية في حيدرآباد)

روى قوله «ص» : يا عمار تقتلك الفئة الباغية.

ومنهم العلامة محمد بن عبد الله الإسكافي في «المعيار والموازنة» (ص ١٦٠)

روى عن النبي «ص» قال : قاتل عمار في النار.

ومنهم العلامة الشيخ شمس الدين ابو عبد الله محمد بن [...]

الحنبلي الشهير بابن قيم في «بعض كتبه» (ص ١٠ ط القاهرة)

روى قوله «ص» لعمار : تقتله الفئة الباغية.

١١٧

ومنهم المؤرخ الجليل ابو محمد احمد بن اعثم الكوفي في «الفتوح» (ج ٣ ص ١٩١ ط حيدرآباد) قال :

وأقبل معاوية على هؤلاء الأربعة الرهط : مروان بن الحكم ، والوليد بن عقبة بن أبى معيط ، وعبد الله بن عامر بن كريز ، وطلحة الطلحات ، فقال : ان أمرنا وأمر علي لعجيب ليس منا الا موتور ، أما أنا فانه قتل أخي وخالي يوما وشارك في قتل جدي ، وأما أنت يا وليد فانه قتل أباك بيده صبرا يوم بدر ، وأما أنت يا طلحة فانه قتل أخاك يوم أحد وقتل أباك يوم الجمل وأيتم أخوالك ، وأما أنت يا عبد الله بن عامر فانه أسر أباك وأخذ مالك ، وأما أنت يا مروان فانه قتل ابن عمك عثمان بن عفان ثم انني أراكم قعودا عنه ما فيكم يغير ولا يأخذه بثاره. فقال مروان : فما الذي تحب أن نصنع يا معاوية. فقال : أريد والله منكم أن تشجروه

__________________

ومنهم العلامة ابن حجر العسقلاني في «المطالب العالية» (ج ٤ ص ٣٠٤ ط الكويت)

روى في (ص ٣٠٥ و ٣٠٦) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله «ص» لعمار : تقتلك الفئة الباغية.

وفي (ص ٣٠٨) روى عن عثمان قال رسول الله لعمار : تقتله الفئة الباغية.

وفي (ص ٢٩٧) روى عن عمار قال : أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

ومنهم المؤرخ الفاضل المعاصر خالد محمد خالد المصري في «رجال حول الرسول» (ص ٦٧٥ وص ٦٧٦ ط دار الكتب في بيروت)

روى قوله «ص» لعمار : تقتلك الفئة الباغية.

١١٨

بالرماح فتريحوا العباد والبلاد منه ، فقال مروان : الآن والله قد ثقلنا عليك يا معاوية إذ كنت تأمرنا بالخروج الى حية الوادي والأسد العادي.

قال : ثم نهض مروان مغضبا ، وأنشأ الوليد بن عقبة في ذلك يقول :

يقول لنا معاوية بن حرب

أما فيكم لواتركم طليب

يشد على أبي حسن علي

بأسمر لا يهجنه الكعوب

الى آخر الأبيات.

قال : فغضب عمرو من قول الوليد ثم قال : والله ما ظننت أن أحدا من الناس يعيرني بفراري من علي وطعنه إياي ، ثم أقبل على الوليد بن عقبة فقال : ان كنت صادقا فاخرج الى علي وقف له في موضع يسمع كلامك حتى ترى ما الذي ينزل بك من صولته ، ثم أنشأ عمرو (وجعل) يقول :

يذكرني الوليد لقا علي

وصدر المرء محلاه الوعيد

متى يذكر مشاهده قريش

يطر من خوفه القلب الشديد

الى آخر الأبيات.

وفي (ص ١٩٤) :

قال (في وقعة صفين) ثم حمل علي «رض» في هؤلاء العشرة آلاف حملة رجل واحد ، فما بقي لأهل الشام صف الا انتقض وهمدت واحمرت حوافر الخيل بالدماء.

قال : وألتفت معاوية الى عمرو بن العاص فقال : أبا عبد الله اليوم صبرا وغدا فخرا. فقال عمرو بن العاص : صدقت يا معاوية ، ولكن اليوم حق والحياة باطل ، وان حمل علي في أصحابه حملة أخرى فهو البراز.

وقال في (ص ٢٢٩):

قال أبو العز التميمي : فقال له علي بن أبى طالب : يا أبا العز من المبارز

١١٩

لعدونا. فقلت : أين شيخكم العباس بن ربيعة. قال : فصاح به علي : يا عباس يا عباس. قال العباس : لبيك يا أمير المؤمنين. فقال : الم آمرك وآمر عبيد الله ابن عباس أن لا تخلوا بمراكز كما في وقت من الأوقات الا باذني. فقال العباس : يا أمير المؤمنين أفيدعوني عدوي الى البراز فلا أخرج اليه. فقال علي : نعم ان طاعة امامك أوجب عليك من مبارزة عدوك. قال : ثم حول وجهه الى ناحية القبلة ورفع كفيه وقال : اللهم لا تنس هذا اليوم للعباس.

وفي (ص ٢٤٠):

فقال معاوية : أيها الناس من خرج الى العباس فقتله فله عندي من المال كذا وكذا. قال : فوثب رجلان لخميان من بنى لخم من اليمن فقالا : نحن نخرج اليه. فقال : أخرجا اليه فأيكما سبق الى قتله فله من المال ما قد بذلت له وللآخر مثل ذلك. قال : فخرجا جميعا حتى وقفا في ميدان الحرب ، ثم صاحا بالعباس ودعاه الى البراز.

فقال العباس : ان لي سيدا حتى استأذنه. قال : ثم جاء الى علي رضي‌الله‌عنه فقال : يا أمير المؤمنين هذان رجلان من أصحاب معاوية قد خرجا ليدعواني الى البراز. فقال له علي : ود معاوية أنه لا يبقى من بنى هاشم نافخ ضرمة. ثم قال : الى هاهنا فتقدم اليه العباس ، فقال له علي : أنزل عن فرسك واركب فرسي وهات سلاحك وخذ سلاحي. قال : ثم نزل علي رضي‌الله‌عنه عن فرسه ورمى سلاحه الى العباس وأخذ سلاح العباس فلبسه واستوى على فرسه ثم خرج حتى وقف بين الجمعين كأنه العباس في زيه وسلاحه وفرسه. قال : فقال له اللخميان : أذن لك سيدك. فقال علي ليخرج عن الكذب : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ). قال : فتقدم اليه أحد الرجلين فالتقيا بضربتين ضربه علي رضي‌الله‌عنه ـ الحديث.

١٢٠