التّفسير الكاشف - ج ٣

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٣

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

اللغة :

النبأ الخبر الذي له شأن. فانسلخ منها تجرد منها. وأخلد إلى الأرض لصق بها ، والمراد به هنا الركون الى الدنيا. واللهث بفتح اللام ، واللهاث بضمها ، ومعناهما واحد ، وهو التنفس الشديد مع إخراج اللسان عطشا أو اعياء. والمراد بالمثل هنا الصفة.

الإعراب :

ساء بمعنى بئس ، والفاعل مستتر يفسره مثلا المنصوب على التمييز ، والقوم مجرور بإضافة اسم محذوف أي مثل القوم ، وهذا المحذوف هو المخصوص بالذم ، وهو مبتدأ ، وجملة ساء خبر.

المعنى :

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ). اتل الخطاب موجه لمحمد (ص) ، وضمير عليهم يعود الى اليهود. أما الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها فلا نعرف من هو ولا ندخل في شيء ليس في القرآن والسنة المتواترة نص عليه ، ولكن القصاصين وأكثر المفسرين أو الكثير منهم قالوا : ان اسم الرجل بلعام بن باعور ، وانه كان على دين موسى وعالما بأحكامه ، ثم ارتد ، ونحن ننظر الى هذا النقل والى غيره أيضا بحذر ، ولا نطمئن إلا للنص القرآني ، وقد دل هذا النص على ان الله سبحانه أمر رسوله أن يخبر اليهود بقصة الرجل الذي كان عالما بدين الله وآياته ، وبطبيعة الحال كان علماء اليهود على علم من هذا الرجل ، ثم أغواه الشيطان ، فترك علمه ودينه ، ولزم الغواية فكان من الغاوين الهالكين.

(وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) أي بما آتاه الله من العلم بآياته ، ولكن الله لم يشأ أن يلجئه إلى العمل بآياته قهرا ، لأنه جل ثناؤه لا يعامل الناس بمشيئته الخالقة

٤٢١

التي تقول للشيء كن فيكون ، وانما يعاملهم بمشيئة النصح والإرشاد التي يعبر عنها بأمره ونهيه ، ولهذا ترك للذي انسلخ من آيات الله ، ترك له الحرية والاختيار ، فاختار العاجلة على الآجلة (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ). معنى الإخلاد اللزوم ، والمراد بالأرض هنا متاع الحياة الدنيا ، لأن الأرض مصدرها ، ومنها الطيبات والملذات ، والمعنى ان هذا المنسلخ المتجرد قد عصى مولاه ، وأطاع هواه ملازما له لا يفارقه أبدا ، قال الرازي : هذه الآية أشد الآيات على أصحاب العلم ، قال رسول الله (ص) : من ازداد علما ، ولم يزدد هدى لم يزدد من الله الا بعدا.

(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ). الكلب الذي يلهث من العطش أو الاعياء يستمر في اللهاث زجرته أو تركته ، فانه لاهث على كل حال .. وكذلك من لزم هواه يستمر في ضلاله وعظته أو أغفلته فهو ضال على كل حال ذلك مثل الذين كذبوا بآياتنا. أي هذه هي صفة كل من أصر على المعصية .. أبدا ، لا ينتفع بآية ، ولا يصغي لموعظة ، وضرب الله مثلا للعاصي المصر بالكلب اللاهث اشارة إلى خسته وضعته.

(فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ). أي حدث يا محمد اليهود عن المكذبين من أسلافهم ، وما آل اليه أمرهم كأهل القرية التي كانت حاضرة البحر ، وهذا المنسلخ ليكون ذلك عبرة لهم ، ورادعا عن التكذيب بنبوتك.

(ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ). الكذب على الله ، والتكذيب بآيات الله كلاهما بدعة ، لأن الأول يثبت في الدين ما ليس منه ، والثاني ينفي عنه ما هو منه ، وهذه هي البدعة بالذات ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ـ اذن ـ من ابتدع نقد ظلم نفسه ، حيث عرضها للعذاب والهلاك.

وتسأل : من يحرف الحق خوفا على نفسه من ظالم : هل يعد مبتدعا؟.

الجواب : أجل ، انه مبتدع يستحق الذم والعقاب ، ما في ذلك ريب ، لأن عليه أن يخاف من غضب الله لتحريف الحق ، لا من غضب الظالم للثبات على الحق .. أجل ، قد يسوغ للإنسان ترك العمل بالحق دفعا للضرر عن نفسه ، أما

٤٢٢

تحريف الدين بالكذب على الله فلا مبرر له على الإطلاق ، مهما تكن النتائج.

من يهدي الله فهو المهتدي الآة ١٧٨ ـ ١٨١ :

(مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٧٨) وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩) وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠) وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١))

اللغة :

الذرأ الإنشاء والخلق. والإلحاد الانحراف عن الطريق القويم.

الاعراب :

اللام في لجهنم للعاقبة مثل فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا. وجملة لهم قلوب صفة لكثير. وجملة لا يفقهون صفة للقلوب. وممن خلقنا خبر مقدم ، وأمة مبتدأ مؤخر.

المعنى :

(مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). ليس المراد

٤٢٣

ان من يخلق الله فيه الهداية فهو المهتدي ، ومن يخلق فيه الضلال فهو الضال .. كلا ، ان هذا المعنى تأباه الفطرة والبديهة .. لأن الله ليس بظلّام للعبيد ، وأيضا يأباه النص القرآني : (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) ـ ١٠٨ يونس. وكيف يجمع الله تعالى بين وصفي العدالة والإضلال؟. ان الشيطان هو المضل : (قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) ـ ١٥ القصص. (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ).

والذي نراه ان المعنى المقصود من الآية ان المهتدي حقا هو من كان عند الله مهتديا ، ولو كان عند الناس ضالا .. وليس من شك ان الإنسان لا يكون من المهتدين في الميزان الإلهي إلا إذا آمن وعمل صالحا : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) ـ ٩ يونس. (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ـ ٦٩ العنكبوت. وكذلك الضال فإنه من كان ضالا في حساب الله ، لا في حساب الناس. وبكلمة ان الآية تحدد معنى كل من المهتدي والضال بأنه من كان كذلك عند الله ، تماما كما قال الإمام علي (ع) : الغنى والفقر بعد العرض على الله.

(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ). ذرأنا خلقنا .. والله سبحانه لم يخلق ولن يخلق أحدا بقصد تعذيبه ، كيف؟. وهل يلتذ جلت عظمته بتعذيب المستضعفين الذين لا يستطيعون حيلة ، ولا يهتدون سبيلا؟. في بعض ما قرأت ان الامريكيين كانوا إذا أرادوا الترويح عن النفس جاءوا بأحد الملونين ، وتحلقوا حوله ، وأمطروه بوابل من رصاص مسدساتهم ، فيسقط على الأرض متخبطا بدمائه ، وهم يرسلون القهقهات عاليا .. والله لن يشوي البشر بناره إلا إذا تجنس بالجنسية الأمريكية أو الصهيونية .. تعالى الله عما يصفون.

ان الله سبحانه خلق الإنسان للعلم النافع ، والعمل الصالح ، وزوده بجميع المؤهلات لذلك ، وأعطاه العقل المميز بين الهدى والضلال ، وأرسل الرسل لايقاظه وإرشاده ، وترك له الخيار في سلوك الطريق الذي يشاء منهما ، لأن الحرية هي قوام حقيقة الإنسان ، ولو سلبها منه لكان هو والجماد سواء ، فان اختار طريق الهدى أدى به الى مرضاة الله وثوابه ، وان سلك طريق الضلال فمآله جهنم

٤٢٤

وساءت مصيرا .. وعلى هذا تكون اللام في لجهنم لام العاقبة مثل اللام في ليكون من قوله تعالى : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا ، ومثل : لدوا للموت وابنوا للخراب.

وتسأل : ان الله سبحانه قال : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وأنت تقول : خلق الله الإنسان للعلم النافع ، والعمل الصالح.

الجواب ان العلم النافع والعمل الصالح من أفضل الطاعات ، فقد جاءت الرواية : عالم واحد أفضل من ألف عابد ، وألف زاهد ، وفي رواية ثانية : عالم ينتفع بعلمه أفضل من عبادة سبعين ألف عابد.

(لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها). كل شيء لا يؤدي الغاية المطلوبة منه فوجوده وعدمه سواء من هذه الحيثية. ومن أهم الغايات المقصودة من القلب أن ينفتح لدلائل الحق ، ومن العين أن تبصر هذه الدلالة ، ومن الأذن أن تسمعها ، فإذا أعرضت هذه الأجهزة الثلاثة عن ذلك ، ولم تنتفع بشيء من دلائل الحق كان وجودها كعدمه ، قال تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ٣٧ ق. فالقلب والسمع موجودان ، ومع ذلك يصح سلب الوجود عنهما إذا غفلا عن آيات الحق ودلائله (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ) لهم قلوب وأعين وآذان ، ولكن قلوبهم لا تنفتح للحق ، وأعينهم لا تبصر دلائله ، وآذانهم لا تسمعها فكانوا كالأنعام بل تنفتح للحق ، وأعينهم لا تبصر دلائله ، وآذانهم لا تسمعها فكانوا كالأنعام (بَلْ هُمْ أَضَلُ) لأن الأنعام تؤدي الغرض المطلوب منها على أكمل وجه ، ولأنها تعجز عن تحصيل الكمال ، ولا تحاسب وتعاقب ، وبالتالي هي تعرف خالقها بالفطرة ، والكافرون لا يؤدون المطلوب منهم ، وقادرون على الكمال ، ولا يفعلونه ، وهم محاسبون ومعاقبون (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) عن دلائل الله في أنفسهم وفي الآفاق ، وعن مصيرهم وما سيحل بهم في الآخرة من الخزي والعذاب.

هل اسماء الله توقيفية او قياسية؟

(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى). كل أسماء الله حسنة ، لأنها تعبر عن أحسن المعاني

٤٢٥

وأكملها ، وكلها على مستوى واحد في الحسن ، إذ ليس لله حالات متعددة ، ولا صفات متغايرة ، حتى عند القائلين بأن صفاته غير ذاته ، ولا أفعال متفاوتة ، فخلق جناح بعوضة وخلق الكون بأسره سواء لديه ، يوجد كلا بكلمة (كُنْ فَيَكُونُ) .. ومتى تساوت المعاني تساوت الألفاظ لأنها فرع ، والفرع يتبع الأصل.

(فَادْعُوهُ بِها). أي اذكروا الله ، وادعوه بأي اسم شئتم من أسمائه ، فكلها ألفاظ تعبر عن تنزيهه وتعظيمه على مستوى واحد ، وليس لله اسم أعظم ، واسم غير أعظم ، فكل ما دل عليه هو أعظم الدلالات ، لأن المدلول أعظم الموجودات .. ومن أجل هذا لا نقول مع القائل : ان لله اسما خاصا هو الاسم الأعظم ، وان من عرفه فاضت عليه الخيرات ، وظهرت على يده المعجزات .. وقيل «ان لله تسعا وتسعين اسما ، وان من أحصاها دخل الجنة». حتى كأنّ الله خلق جنته لمؤلفي قواميس اللغة ، لا للمتقين!.

(وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) .. اللحد والإلحاد الميل عن القصد ، ومعنى الجملة النهي عن اطلاق أية كلمة تشعر بالربوبية على غيره ، سواء أكان ذلك الغير نبيا أو كوكبا أو صنما أو أي شيء ، وأيضا لا يجوز اطلاق أية كلمة عليه تشعر بغير الربوبية كالأب والابن.

واختلف علماء الكلام في أسماء الله تعالى : هل هي توقيفية أو قياسية؟. ومعنى توقيفية الوقوف في أسمائه على ما جاء في الكتاب والسنة ، بحيث لا يجوز اطلاق أي اسم عليه إلا إذا نصت عليه آية أو رواية ، ومعنى قياسية ان أي لفظ كان معناه ثابتا في حق الله فيجوز اطلاق هذا اللفظ عليه ، سواء أورد في كتاب الله ، أم لم يرد.

وذهب أكثر العلماء الى أن أسماء الله توقيفية. أما نحن فنجيز مخاطبة الله ومناجاته بكل ما يدل على التنزيه والتعظيم ، سواء أورد له ذكر في القرآن والحديث أم لم يرد ، ولا نمنع إلا عما منع الله عنه ، عملا بالمبدأ القائل : كل شيء مباح ، حتى يرد فيه نهي على شرط التعظيم .. هذا ما تقتضيه الأصول والقواعد العلمية الدينية ، بالإضافة إلى اجماع الأمة قديما وحديثا في كل زمان ومكان على ان لغير العرب أن يعبروا عن ذات الله وصفاته وأفعاله بلغتهم الخاصة بهم.

٤٢٦

(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ). كل الناس منهم مؤمن وكافر ، وطيب وخبيث ، وما من أحد إلا ويعرف هذه الحقيقة ، فما هو القصد من بيانها؟.

الجواب : قال سبحانه في الآية السابقة : ان كثيرا من الجن والإنس مصيرهم الى جهنم (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) فناسب ان يقول هنا : وان أمة منهم مصيرها إلى الجنة ، وان تكن هذه أقل من تلك كما تشعر لفظة من. وعبّر عن أهل الجنة بالذين يهدون بالحق وبه يعدلون اشارة إلى ان السبب الموجب لدخولهم الجنة هو الهدي والعدل.

والذين كذبوا بآتنا الآة ١٨٢ ـ ١٨٦ :

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦))

اللغة :

الاستدراج من الدرجة ، أي ان الله يسوقهم إلى الهلاك شيئا فشيئا ، تماما كمن يرتقي درج السلم. والإملاء الإمهال والتأخير. والكيد المكر ، والمراد به

٤٢٧

هنا التدبير الخفي ، بحيث لا يشعر المكيد له إلا بعد خسرانه وخذلانه. والجنة بكسر الجيم ، وأصله الستر. والملكوت المالك غير المملوك. والعمه للقلب ، والعمى للعين.

الإعراب :

إن كيدي متين جملة مستأنفة ولهذا كسرت همزة إن. وما استفهامية انكارية في محل رفع بالابتداء ، وبصاحبهم متعلق بمحذوف خبرا ، والجملة مفعول ليتفكروا لأن التفكر من أفعال القلوب التي يجوز تعليقها عن العمل. وان عسى ان مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن محذوف أي انه عسى ، والمصدر المنسبك من أن يكون فاعل عسى ، وقد استغنت عسى بالفاعل هنا عن الخبر ، كما استغنت عنه في قولك عسى ان تقوم كأنك قلت : قرب قيامك ، ومثله عسى أن تكرهوا شيئا. واسم يكون ضمير مستتر يعود الى الشأن ، وجملة قد اقترب أجلهم خبر كان ، والجملة من عسى وفاعلها خبر ان.

المعنى :

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ). قد تتابع النعم على الإنسان ، فيتمادى في طغيانه اغترارا بكثرته وثروته ذاهلا عن المخبآت والمفاجئات ، حتى إذا قال الناس طوبى له فاجأته ساعة السوء .. وقد اغتر أبو سفيان بيوم أحد ، وقال : يوم بيوم بدر ، حتى إذا جاء نصر الله والفتح استسلم صاغرا. قال الإمام علي (ع) : كم من مستدرج بالإحسان اليه ، ومغرور بالستر عليه ، ومفتون بحسن القول فيه ، وما ابتلى الله أحدا بمثل الاملاء له (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ). الاملاء الامهال وعدم الاستعجال ، والمراد بكيد الله انه تركهم يغترون بإحسانه الظاهر ، حتى إذا ركنوا اليه أخذهم من حيث لا يشعرون : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) ـ ٥٧ المؤمنون.

٤٢٨

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ). هكذا يبث اللصوص والسفاحون دعاياتهم المضللة ضد كل مخلص في كل زمان ومكان .. محمد مجنون وساحر وكذاب ، ولمه؟ لأنه يأبى الكذب والضلال ، ويحارب اللصوصية والاستغلال .. افترت قريش على محمد .. وهي تعرف من هو محمد منذ نشأته ، حتى تجاوز الأربعين من عمره الشريف ، وتعرف فيه العقل والصدق والأمانة ، ولكنها تعرف أيضا ان رسالة محمد هي الخطر الأكبر على سلطان قريش وطغيانها ، ومن أجل هذا وحده قالت : انه مجنون عسى أن يخدع بهذا الافتراء من استغلوه واستعبدوه .. فدعاهم القرآن إلى التفكر والتدبر في أمر محمد (ص) ، وهو صاحبهم ، وعشيرهم الذي سبروه وخبروه ، دعاهم القرآن أن يتفكروا : هل أخذوا عليه مأخذا ، أو وجدوا في عقله وخلقه مغمزا؟ (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) يبين الحق ، وينذر من خالفه ، وهذا هو ذنبه الوحيد عندهم.

(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ). ملكوت مبالغة في الملك ، والمعنى ان السموات والأرض وكل ما فيهما من شيء يخضع لسلطانه ، ويدل على وحدانيته ، وان ما من عاقل ينظر الى أي شيء في هذا الوجود مجردا عن كل غاية إلا آمن بالله وكتبه ورسله ، أما الذي لا يفكر إلا في مصلحته فلا يهتدي ولن يهتدي إلى الله ولا لشيء من الخير (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ). بعد أن طلب الله اليهم التفكر والتدبر في خلق الكون وأشيائه نبههم إلى الموت هادم اللذات ، ومفرق الجماعات ، وانه ربما فوجئوا به عما قريب ، وهم في ضلالهم سادرون. نبههم الى هذا عسى أن يتوبوا ويثوبوا الى الرشد.

(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)؟ الضمير في بعده يعود الى القرآن ، وليس بعد القرآن بيان أوفى ، ولا دليل أقوى ، فمن لا تقنعه دلائل الله فلا يقنعه شيء. (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ) ذكرنا معناه قريبا عند تفسير الآية ١٧٨ من هذه السورة (وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ). أي ان الله يتركهم يترددون في الضلال ويمهلهم إلى أجل ، ثم يجازيهم بما أسلفوا ، وليس في هذا الإهمال ظلم ، لأنه جاء بعد البيان والتحذير ، وبعد اليأس من ارعوائهم وهدايتهم.

٤٢٩

يسألونك عن الساعة الآية ١٨٧ ـ ١٨٨ :

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١٨٧) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨))

اللغة :

الساعة لغة جزء قليل غير معين من الزمان ، وعرفا جزء من أربعة وعشرين جزءا من مجموع الليل والنهار ، والمراد بالساعة هنا الوقت الذي يفنى فيه العالم ويموت جميع الخلق. ومرساها إثباتها وحصولها من رسا الشيء إذا ثبت وحصل. والحفي المستقصي في السؤال.

الإعراب :

أيان اسم مبني لتضمنه حرف الاستفهام ، وهو سؤال عن الزمان ، ومحله الرفع خبرا مقدما ومرساها مبتدأ مؤخر. وبغتة حال من الضمير في تأتيكم العائد إلى الساعة.

٤٣٠

المعنى :

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ). المراد بالساعة خراب الكون وموت الخلائق ، ويجليها يكشفها ويظهرها ، واللام في لوقتها للتوقيت ، مثل أقم الصلاة لدلوك الشمس .. ويدل ظاهر الآية على ان قوما سألوا رسول الله (ص) : متى تقوم الساعة؟ فأمره الله أن يقول لهم : انها من الأمور التي ليس في طاقة البشر معرفتها ، وان علمها مختص بالله وحده ، وهو الذي يكشفها في وقتها المحدود (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ثقل وقعها على أهل السموات والأرض لعظمتها وشدتها (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) من غير اعلام سابق.

(يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) أي كأنك مهتم بالسؤال عنها مثل اهتمامهم. لم يكن النبي (ص) يهتم بعلم الساعة ومتى تقوم؟ وانما كان يهتم بالعمل لأجلها والانذار بها ، ويربط بين النجاة من هولها وبين العمل الصالح ، ومن أجل هذا لم يسأل ربه عنها. وقيل : ان أعرابيا سأله : متى تقوم الساعة؟. فقال له النبي (ص) : وما ذا أعددت لها؟. يريد بجوابه هذا أن يفهمه ان الأولى بك أن تسأل عما ينجيك منها ، لا عن وقتها وشكلها. فالعاقل إذا أصيب بداء لا يسأل : كيف يموت به؟ وانما يسأل : ما الذي يشفيه منه؟. وأعاد سبحانه (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) لتأكيد حصر العلم بالساعة وحده ، وتمهيدا لقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) بأن علم الساعة عند خالقها ولا يطلع عليه أحدا.

النبي وعلم الغيب :

(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ). هذه عقيدة المسلمين بنبيهم محمد أشرف خلق الله أجمعين ، لا يملك لنفسه شيئا فضلا عن أن يملكه لغيره ، وهذا الاعتقاد بمحمد (ص) هو نتيجة حتمية لعقيدة التوحيد.

(وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ). ان كلمة الغيب لا تدل على معناها فحسب ، بل تدل أيضا على ان الغيب لله وحده ،

٤٣١

وبالإضافة الى هذه الدلالة فان أقرب الناس الى ربه يعلن للأجيال بأنه أمام الغيب بشر لا فرق بينه وبين غيره من الناس ، ثم لا يكتفي بهذا الإعلان بل يستدل على ذلك بالحس والوجدان وهو انه لو علم الغيب لعرف عواقب الأمور ، فأقدم على ما تكون عاقبته خيرا ، وأحجم عما تكون عاقبته شرا ، وما أصابه في هذه الحياة ما يسوؤه ويكرهه.

وكيلا يقول قائل : كيف لا يعلم محمد الغيب ، وهو الرسول المقرب من الله؟. قال محمد (ص) بأمر من الله : إن أنا إلا بشير ونذير لقوم يؤمنون. انه رسول الله ، ما في ذلك ريب .. ولكن مهمة الرسول تنحصر بتبليغ الناس رسالات ربهم ، وإنذار من عصى بالعقاب ، وبشارة من أطاع بالثواب ، أما علم الغيب ، والنفع والضر فبيد الله وحده .. وخص المؤمنين بالبشارة والانذار ، مع انهما يعمان جميع الناس اشارة إلى أن البشارة والانذار إنما ينتفع بهما من يريد الإيمان الحق ، أما المكابر فلا يجدي معه شيئا.

وتسأل : لقد جاء في سيرة النبي (ص) وكتب الأحاديث : ان محمدا (ص) أخبر عن كثير من المغيبات .. من ذلك اخباره بأن المسلمين من بعده يتغلبون على الروم والفرس ، وان سلمان الفارسي سيوضع على رأسه تاج كسرى ، فوضع .. وأيضا أخبر عن موت النجاشي وعن شهادة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وعن نباح كلاب حوأب على عائشة وعن قتال علي بن أبي طالب الناكثين والقاسطين والمارقين ، وعن استشهاد سبطه الحسين بن علي .. إلى غير ذلك كثير .. فكيف تجمع بين إخباره عن المغيبات ، وبين قوله : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ).

الجواب : ان غيب الله لا حد له ولا حصر ، وحده ان لا حد له ، وهذا الغيب على أنواع : نوع يحجبه الله عن عباده ، ولا يطلع عليه أحدا كائنا من كان كقيام الساعة. ونوع يطلع عليه من ارتضى من عباده ، وإليه أشارت الآية ٢٦ من الجن : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ). والآية ١٧٩ من آل عمران : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ). ونوع يطلع عليه كل الناس كالبعث والنشر ، والجنة والنار.

٤٣٢

فالمراد بأن الغيب لله وعند الله انه لا طريق الى معرفته بالتجربة ، ولا بالعقل ولا بأي شيء إلا بالوحي منه تعالى ، وهو يوحي بشيء من غيبه إلى من ارتضى من رسول حسبما تستدعيه الحكمة وحاجة الناس ، والرسول بدوره يخبرهم بهذا الغيب كما تلقاه من الله .. وعلى هذا فلا يكون إخبار الرسول به علما بالغيب ، بل نقلا عمن يعلم الغيب ، والفرق بعيد بين مصدر العلم ، وبين النقل عن مصدره ، لأن الأول أصل ، والثاني فرع ، وأيضا فرق بين من ينقل عمن نقل عن الأصل مباشرة ، وبين من ينقل عن هذا الناقل .. (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ـ ٣٢ البقرة.

وهذه الآيات دليل قاطع على فساد ما تقوله الصوفية من ان نفس الإنسان بنحو من الرياضة تنعكس فيها المغيبات .. وقد أسموا هذا الانعكاس علما لدنّيا .. ولست أدري كيف جمع الصوفية بين الإيمان بالله ورسالة محمد (ص) ، وبين الاعتقاد بهذا العلم الدنّي؟.

وأعجب من هذا ما قاله ابن العربي في الجزء الثالث من الفتوحات المكية الباب ال ٣١١ : ان من أحب الله حبا خالصا يستطيع أن يحول نفسه الى أية حقيقة شاء من حيوان أو شجر أو حجر أو ماء .. وقد حدث هذا بالفعل ، ذلك ان بعض المحبين من أهل هذه الطريقة ـ أي الصوفية ـ دخل على شيخ وحوّل نفسه بين يديه الى كف من ماء .. ولما قيل للشيخ : دخل عليك فلان ولم يخرج ، فأين هو؟. قال لهم : هذا الماء هو.

هوالذي خلقكم من نفس واحدة الآية ١٨٩ ـ ١٩٠ :

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً

٤٣٣

جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠))

المعنى :

ليست الآيتان حكاية عن حادثة خاصة حصلت بين زوج وزوجته كما يوهم ظاهر اللفظ ، كلا ، وانما هما حكاية عن حال الإنسان بما هو مع صرف النظر عن أفراد معينين ، وتتلخص حكاية هذه الحال أو هذا التمثيل بأن الإنسان إذا نزل به ما يكره ، أو أراد الحصول على ما يحب التجأ الى الله يدعو ويتضرع ويقطع على نفسه العهود والمواثيق ان الله إذا حقق له ما يريد شكره وأطاعه ، فإذا آتاه الله ما أراد تولى معرضا عن عهوده ومواثيقه ، وبعد هذا التمهيد الذي ينبغي أن تفهم الآيتان على أساسه نشرع بايضاحهما :

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها). الخطاب في خلقكم لجميع الناس ، والمعنى انكم جميعا أيها الناس من شيء واحد جنسا وطبيعة وعنصرا ، لا فرق إطلاقا بين شرقي وغربي ، ولا عربي وعجمي ، ولا بين اسود وأبيض ، ولا ذكر وأنثى .. ومسألة الذكر والأنثى تعم جميع الأجناس ، ولا تختص بجنس دون جنس ، قال عز من قائل : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ـ ٤٩ الذاريات ، والغرض من ذلك معروف هو حفظ النوع ، وبالاضافة الى هذا الغرض فان الله سبحانه قد خلق للإنسان زوجا من جنسه ليسكن كل منهما للآخر ويطمئن اليه ، وليكون بين الاثنين مودة ورحمة.

(فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ). تغشّاها قاربها ، وفي الفعل ضمير مستتر يعود الى الزوج وضمير ها الى الزوجة ، ومرت به أي استمرت بالحمل ، ولم تسقطه ، وأثقلت حان وقت الولادة ، وفي هذا الحين اتجه كل من الأب والأم الى الله سبحانه ، وتضرعا اليه ان يرزقهما ذكرا صالحا أي تام الخليقة والخلق ،

٤٣٤

وان الله ان استجاب وفعل أديا شكر هذه النعمة على أكمل الوجوه (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) كما طلبا (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) ضمير جعلا يعود الى الزوج والزوجة ، وضمير له يعود الى الله ، والمراد بما آتاهما الولد الذي طلباه ، والمعنى ان الله لما رزقهما الولد قالا : الفضل فيه للأصنام وبركاتها ، ونسيا الله وما عاهداه عليه (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي يشرك جميع الكافرين ومن جملتهم هذان الزوجان. ومرة ثانية نقول : ان الغرض الحكاية عن حال الإنسان بما هو ، وليس الحكاية عن حادثة خاصة.

أيشركون ما لا يخلق شيئاً الآية ١٩١ ـ ١٩٨ :

(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (١٩٨))

٤٣٥

المعنى :

(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ). ان الخلق والأمر لله ، وهو وحده الذي يقول للشيء كن فيكون ، وكل من عداه وما عداه بما فيه الأصنام مفتقر اليه تعالى في أصل وجوده وفي استمراره في الوجود. (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) ان النصر والغلبة والاعزاز والاذلال بيد الله ، والأصنام أحجار تبول عليها القطط والكلاب ، فلا تنصر ولا تنتصر (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ). هذه الأصنام لا تخلق ، ولا تنصر ولا تنتصر ، ولا تهدي ولا تهتدي ، ولا تدعو أحدا ، ولا تستجيب لدعوة أحد ، ومع كل هذا تعبد!.

(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). لقد زعمتم أيها المشركون ان الأصنام آلهة ، والإله ينفع ويضر ، ويعطي ويمنع فاطلبوا منهم لنرى هل يستجيبون لطلبكم؟ (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها). هذا إيقاظ وتنبيه للمشركين الى أنهم خير وأفضل من الأصنام التي يعبدون ، لأن لهم عقولا تدرك ، وأعينا تبصر وآذانا تسمع ، وأرجلا تمشي ، وأكفا تبطش ، وألسنة تنطق ، وليس للأصنام شيء من ذلك ، فكيف صار الأدون معبودا ، والأكمل عبدا له؟.

وتسأل : ان الواو ضمير للعاقل ، فكيف استعملها القرآن في الأصنام ، وهي لا تعقل ، مثل يخلقون ويبصرون الخ؟.

الجواب : انها تستعمل في العاقل وغيره ، ومن ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ). وقوله : وكل في فلك يسبحون. ولكن الأكثر استعمالها في العاقل.

(قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ). قل الخطاب لمحمد (ص) ، وواو ادعوا للمشركين ، والأمر فيه للتعجيز ، وشركاءكم أي أصنامكم ، وأصل كيدون كيدوني ، ومثلها فلا تنظرون ، ومحصل المعنى ان الله سبحانه أمر نبيه

٤٣٦

أن يقول للمشركين : إن كان لأصنامكم شأن كما تزعمون فاني احتقرها وإياكم ، فاستنجدوا بها لكيدي والاقتصاص مني ، ولا تمهلوني لحظة ، فهذا أوان مقدرتها وسلطانها.

(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ). بعد أن تحدى النبي (ص) المشركين وآلهتهم قال لهم : أنتم تتولون هذه الأصنام ، وأنا أتولى الله الذي نزل عليّ القرآن ، وفيه تبيان كل شيء ، وهو أيضا يتولى حفظي وحراستي ، فهل لأصنامكم كتاب؟. وهل تتولى هي حفظكم وحراستكم؟. وكانت النتيجة ، كما يعرفها الجميع ، إذلال الشرك والمشركين ، وإعزاز الإسلام والمسلمين.

(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ). تقدم هذا في الآية ١٩٢ ، وجاء التكرار لأن النبي (ص) تحدى الأصنام ان تناله بأذى فناسب أن يشير الى أنها أعجز من أن تنصر أو تنتصر.

(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا). أيضا تقدم في الآية ١٩٣ والتكرار للغاية نفسها.

(وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ). يدل هذا النص على ان الأصنام كانت تماما كهذه التماثيل في الكنائس ، وان عرب الجاهلية كان لهم شأن في فن النحت لأنهم جعلوا أصنامهم بحيث يتخيل الرائي للوهلة الأولى أنها تنظر وتبصر.

وتسأل : لما ذا كرر الله وأعاد في آيات متلاحقة متلاصقة ان الأصنام لا تضر ولا تنفع ، ولا تنصر ولا تنتصر ، وانه ليس لها أيد ولا أرجل ولا أعين الخ حتى بلغت الآيات تسعا ، مع العلم بأنه يغني عن كل ذلك القول : انها أحجار وكفى.

الجواب : لقد سيطرت الوثنية على تفكير العرب وعقولهم ، وامتزجت بأرواحهم ودمائهم ، لأنهم ورثوها عن الآباء أجيالا وقرونا ، وكان ايمانهم بها أقوى من ايمانهم بالله الذي جعلوها شريكة له .. فلم يكن تغيير شيء من عقيدتهم هذه سهلا يسيرا ، وكانوا يضحون بالنفس والنفيس إذا ذكرها ذاكر بسوء ، فاقتضى ذلك التكرار والتأكيد والإيضاح .. ولنفترض ان واحدا من رجال الكنيسة حاول

٤٣٧

أن يزيل منها هذه الصور والتماثيل فهل يكتفي بقوله : انها أوراق وأحجار ، أو يلقي الخطب الطوال العراض؟.

خذ العفو وامر بالمعروف الآة ١٩٩ ـ ٢٠٣ :

(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))

اللغة :

العفو هو الذي يأتي من غير كلفة ومشقة ، والعرف المعروف ، وهو فعل الخير. والنزغ في اللغة النغز والوكز ، ونزغ الشيطان اغراؤه بالشر والفساد. والاستعاذة بالله الالتجاء اليه. والمس الاصابة. والطائف ما يدور حول الشيء ويأتيه من جميع نواحيه. ومعنى اجتبيتها اصطفيتها ، والمراد بها هنا افتعلتها.

الاعراب :

إذا هم مبصرون إذا هنا للمفاجأة لا تحتاج الى جواب. ولو لا أداة طلب بمعنى هلا.

٤٣٨

المعنى :

(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ). أدب الله نبيه محمدا (ص) فأحسن تأديبه ، وكان يقول في دعائه : اللهم حسن خلقي وخلقي ، وجنبني منكرات الأخلاق ، وقد استجاب الله دعاءه ، وأتم له مكارم الأخلاق ، ثم أرسله كافة للناس ليتمم لهم مكارم الأخلاق. ومن الآيات التي أدب الله بها رسوله الأكرم (ص) هذه الآية ، وقد تضمنت أسسا ثلاثة في الشريعة والآداب ، وهي :

١ ـ العفو ، وهو السهل اليسير الذي لا مشقة فيه ولا عسر ، ويكون في الأفعال وفي الأخلاق ، وهو في الأموال ما زاد عن الحاجة ، وقد امر الله نبيه أن لا يشق على الناس فيما يأمرهم به ، وينهاهم عنه ، وان يأخذ زكاة أموالهم فيما زاد عن حاجاتهم ، وهذا أصل من أصول الشريعة : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ـ ٧٨ الحج ، وان لا يكلفهم الشاق من الأخلاق ، كأن يلزم أحدهم أن يتنازل لغريمه عن حقه ، ولا يقتص منه لنفسه.

٢ ـ الأمر بالعرف ، وهو الخير المعروف الواضح يدركه الإنسان بفطرته.

٣ ـ وأعرض عن الجاهلين ، وهم الذين لا ترجى هدايتهم بالحجة والدليل ، ولا بالموعظة والإرشاد .. وقد يكون إهمالهم والإعراض عنهم أجدى في هدايتهم.

وقال الشيخ المراغي في تفسير هذه الآية : روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه انه قال : ليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق منها.

(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). النبي يغضب ما في ذلك ريب .. ولكنه يغضب لله ، حتى غضبه لنفسه هو غضب لله .. وربما غضب على جهالة جاهل من الذين أمرهم الله بالإعراض عنهم ، فتحركه نفسه لمجابهته بكلمة يستحقها ، فقال له مؤدبه الأعظم جل ثناؤه : إن صادف وعرضت لك مثل هذه الحال فلا يذهبن الغضب بحلمك فاصبر واستعذ بالله ، فانه يسمع لك ويستجيب ، ويعلم ما تلاقيه من أهل السفاهة والجهالة ، ويثيبك عليه.

٤٣٩

ولا بد من الاشارة الى ان قوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) هو مجرد فرض لمكان ان الشرطية ، تماما كقوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ). وبديهة ان فرض المحال ليس بمحال ، وفي المجلد الثاني صفحة ٧٥ فقرة الأنبياء والمعصية بيّنا ان لله سبحانه أن ينهى أنبياءه المعصومين عن المعصية ، لأن نهيه من الأعلى الى من هو دونه ، وليس لأحد غير الله أن يأمرهم أو ينهاهم.

(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا). ما من انسان إلا وتنازعه اندفاعات نفسية ، بعضها عاطفي ، وبعضها عقلي ، وبعضها ديني ، وفي الأغلب ينهزم الدين والعقل أمام العاطفة ، لأنها تنبع من ذات الإنسان ، وتلازمه منذ تكوينه في بطن أمه ، والعقل متأخر عن العاطفة في الوجود ، وهو ينمو بالدرس والتجربة ، أما الدين فنزل لترويض العاطفة وكبح جماحها. فهو أضعف العوامل والانفعالات .. اللهم إلا إذا اقتنع الإنسان به اقتناعه بنفسه وكيانه ، بحيث لا يرى لنفسه وجودا سعيدا إلا بالدين والعمل بأحكامه ، وهذا النوع من المتدينين هم الذين يتغلب دينهم على ميولهم ، وهم المعنيون بقوله تعالى : (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا). أي إذا أغراهم

الشيطان بمعصية الله ، أو وسوست لهم النفس الامارة بذلك تذكروا ما أمرهم الله به ، وما نهاهم عنه (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) مكائد الشيطان ووسوسة النفس ، فيحجمون عن المعصية ، ويتغلب دينهم على أهوائهم.

(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ). المراد بالإخوان هنا الشياطين ، والضمير في إخوانهم يعود الى المشركين الذين تقدم ذكرهم ، والضمير المرفوع في يمدونهم يعود الى الشياطين ، والضمير المنصوب يعود الى المشركين ، والمراد بلا يقصرون لا يكف الشياطين عن أمداد المشركين بالإغواء والإفساد ، وملخص المعنى ان الشياطين هم اخوان المشركين لا يكفون عن غوايتهم وتضليلهم.

(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها). كان المشركون يطلبون من النبي آيات ومعجزات معينة على سبيل التعنّت ، فإذا لم يأتهم بها قالوا له : هلا تأتي بها انت من نفس؟.ألست نبيا؟. (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي).

٤٤٠